حققت بلادنا نتائج مزدوجة، من خلال انتهاجها في العامين الأخيرين لسياسة تقلل قدر الإمكان من اللجوء إلى الدين الخارجي بالتوازي مع العمل على سداد نسب هامة من إجمالي ديونها الخارجية.
فقد أكدت تونس من جهة، قدرتها على الوفاء بتعهداتها الخارجية ومقدرتها على سداد ديونها السيادية رغم مراهنة الخبراء وهياكل الترقيم السيادي- وهو أمر معلوم- على العكس.
وقد قدمت من جهة ثانية الدليل على أن الدول يمكنها أن تتحرر من الإملاءات الخارجية وأن تجد حلولا خارج منطق الصناديق الدولية المانحة وخاصة صندوق النقد الدولي، وشروطه المجحفة وتدخلاته في الشؤون الداخلية للبلدان، من خلال برامجه الإصلاحية التي كثيرا ما تتخذ كتعلّة لتوجيه السياسات العامة للبلدان.
ولنا أن نذكر بأن تونس لم تذعن مؤخرا للإملاءات، واختارت أن تصرف النظر عن قروض صندوق النقد الدولي وأن تعول على الموارد الداخلية، وما كان لها طبعا أن تحقق شيئا يذكر لو لم تكن هناك إرادة حقيقية للتحرر من قيود المؤسسات المالية الدولية والمانحين عموما، جعلتها تضع خطوطا حمراء، بما في ذلك أمام المانحين الدوليين، أي كانت الحاجة للقروض والتمويلات.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أعلن بوضوح وفي عدة مناسبات أن بلادنا ليست مستعدة للاذعان إلى مشيئة الخارج وهو في هذه النقطة بالذات، قد أصر على الذهاب إلى أقصى الحدود بما في ذلك التخلي عن قروض صندوق النقد الدولي.
ولنا أن نشير في هذا السياق إلى أن أخطر ما يواجه الدول، خاصة إذا كانت تواجه أزمات وتعيش فترات انتقالية صعبة على غرار التجربة التونسية، هو السقوط في لعبة الدين الخارجي، لأن خدمة الدين في حد ذاتها وقبل أن نصل إلى أصل الدين تستنزف ثروات البلدان المستدينة وتحكم عليها بأن تظل في حلقة مفرغة وتجعل مستقبلها، مرتهنا للدائنين، وذلك جيلا بعد جيل، الأمر الذي رفضته تونس ويبدو أنها ماضية في نفس السياسة.
فالمعطيات الأولية حول أبرز توجهات ميزانية الدولة للعام القادم، تشير إلى أن الدولة تواصل في الضغط على المصاريف، بهدف التقليص من العجز في الميزانية إلى جانب مواصلة جهودها من أجل الوفاء بتعهداتها الخارجية والتقليص في حجم التداين الخارجي. وكل ذلك جيد بطبيعة الحال، لكن قد يكون من المهم تقديم بعض الملاحظات في هذا السياق خاصة فيما يتعلق بانتظارات المواطن في المستقبل.
أولا، ما كان لتونس أن تنجح في رهانها المذكور دون مساندة من المواطنين وكلنا يعلم حجم التضحيات التي قدمها التونسيون في السنوات الأخيرة وما أظهروه من صبر على ظروف الحياة الصعبة وغلاء المعيشة بالخصوص، وهو ما يعني أن الآمال معقودة على تحقيق تغييرات إيجابية يلمسها المواطن قريبا في واقعه اليومي.
ثانيا، إن التونسيين ينظرون بايجابية جدا إلى كل مبادرة تهدف إلى تكريس سيادة البلاد وتعزز استقلاليتها، لكن في نفس الوقت هناك توق إلى أن تكون الرهانات الخارجية مشفوعة بإجراءات في الداخل تخفف حدة المعاناة وتترجم كل ما يقال حول الدور الاجتماعي للدولة في الواقع.
ثالثا، إن كان التزام الدولة بالتحكم في المصاريف، والضغط على النفقات العمومية، أمرا محمودا في المطلق، فإنه يطرح تساؤلات حول نسب التشغيل في المستقبل في الوظيفة العمومية، التي مازالت تعتبر أهم مصدر للتشغيل في البلاد، وأي بدائل لها في باب التشغيل عموما، الذي يبقى أبرز الملفات الحارقة في البلاد.
حياة السايب
حققت بلادنا نتائج مزدوجة، من خلال انتهاجها في العامين الأخيرين لسياسة تقلل قدر الإمكان من اللجوء إلى الدين الخارجي بالتوازي مع العمل على سداد نسب هامة من إجمالي ديونها الخارجية.
فقد أكدت تونس من جهة، قدرتها على الوفاء بتعهداتها الخارجية ومقدرتها على سداد ديونها السيادية رغم مراهنة الخبراء وهياكل الترقيم السيادي- وهو أمر معلوم- على العكس.
وقد قدمت من جهة ثانية الدليل على أن الدول يمكنها أن تتحرر من الإملاءات الخارجية وأن تجد حلولا خارج منطق الصناديق الدولية المانحة وخاصة صندوق النقد الدولي، وشروطه المجحفة وتدخلاته في الشؤون الداخلية للبلدان، من خلال برامجه الإصلاحية التي كثيرا ما تتخذ كتعلّة لتوجيه السياسات العامة للبلدان.
ولنا أن نذكر بأن تونس لم تذعن مؤخرا للإملاءات، واختارت أن تصرف النظر عن قروض صندوق النقد الدولي وأن تعول على الموارد الداخلية، وما كان لها طبعا أن تحقق شيئا يذكر لو لم تكن هناك إرادة حقيقية للتحرر من قيود المؤسسات المالية الدولية والمانحين عموما، جعلتها تضع خطوطا حمراء، بما في ذلك أمام المانحين الدوليين، أي كانت الحاجة للقروض والتمويلات.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أعلن بوضوح وفي عدة مناسبات أن بلادنا ليست مستعدة للاذعان إلى مشيئة الخارج وهو في هذه النقطة بالذات، قد أصر على الذهاب إلى أقصى الحدود بما في ذلك التخلي عن قروض صندوق النقد الدولي.
ولنا أن نشير في هذا السياق إلى أن أخطر ما يواجه الدول، خاصة إذا كانت تواجه أزمات وتعيش فترات انتقالية صعبة على غرار التجربة التونسية، هو السقوط في لعبة الدين الخارجي، لأن خدمة الدين في حد ذاتها وقبل أن نصل إلى أصل الدين تستنزف ثروات البلدان المستدينة وتحكم عليها بأن تظل في حلقة مفرغة وتجعل مستقبلها، مرتهنا للدائنين، وذلك جيلا بعد جيل، الأمر الذي رفضته تونس ويبدو أنها ماضية في نفس السياسة.
فالمعطيات الأولية حول أبرز توجهات ميزانية الدولة للعام القادم، تشير إلى أن الدولة تواصل في الضغط على المصاريف، بهدف التقليص من العجز في الميزانية إلى جانب مواصلة جهودها من أجل الوفاء بتعهداتها الخارجية والتقليص في حجم التداين الخارجي. وكل ذلك جيد بطبيعة الحال، لكن قد يكون من المهم تقديم بعض الملاحظات في هذا السياق خاصة فيما يتعلق بانتظارات المواطن في المستقبل.
أولا، ما كان لتونس أن تنجح في رهانها المذكور دون مساندة من المواطنين وكلنا يعلم حجم التضحيات التي قدمها التونسيون في السنوات الأخيرة وما أظهروه من صبر على ظروف الحياة الصعبة وغلاء المعيشة بالخصوص، وهو ما يعني أن الآمال معقودة على تحقيق تغييرات إيجابية يلمسها المواطن قريبا في واقعه اليومي.
ثانيا، إن التونسيين ينظرون بايجابية جدا إلى كل مبادرة تهدف إلى تكريس سيادة البلاد وتعزز استقلاليتها، لكن في نفس الوقت هناك توق إلى أن تكون الرهانات الخارجية مشفوعة بإجراءات في الداخل تخفف حدة المعاناة وتترجم كل ما يقال حول الدور الاجتماعي للدولة في الواقع.
ثالثا، إن كان التزام الدولة بالتحكم في المصاريف، والضغط على النفقات العمومية، أمرا محمودا في المطلق، فإنه يطرح تساؤلات حول نسب التشغيل في المستقبل في الوظيفة العمومية، التي مازالت تعتبر أهم مصدر للتشغيل في البلاد، وأي بدائل لها في باب التشغيل عموما، الذي يبقى أبرز الملفات الحارقة في البلاد.