بعد غياب طويل عن الساحة، عقد الاتحاد العام التونسي للشغل مجلسه الوطني نهاية الأسبوع في أجواء غير عادية، تميزت بالتوتر ولاحت فيها بشكل واضح الخلافات والانشقاقات، ليتم في ختام المجلس إقرار مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية، دون تحديد موعد تنفيذه، احتجاجا على ما تم اعتباره "ضرب السلطات حق التفاوض والحوار الاجتماعي وعدم احترام الحق النقابي وعدم تطبيق الاتفاقيات".
فمنذ توقيع اتفاق الزيادة في الأجور في سبتمبر 2022، والذي بمقتضاه تمت الزيادة في أجور القطاع العام بواقع 3.5 % يغطي سنوات 2023 و2024 و2025، انقطعت تقريبا العلاقة بين السلطة والمنظمة الشغيلة وحتى بعض القرارات أو مشاريع القوانين ذات الصبغة الاجتماعية والمهنية، تم اتخاذها بصفة منفردة دون تشريك النقابات، من ذلك مشروع قانون يتعلق بتنقيح قانون الوظيفة العمومية وقانون الدواوين وقانون عطلة الامومة والابوة وقانون التشغيل عبر عقود المناولة والترفيع في الأجر الأدنى المضمون..
ما حصل من توتر كبير وتشنج وتبادل للعنف اللفظي وانسحاب جل المشاركين من القطاعات والجهات وحتى بعض أعضاء المكتب التنفيذي الوطني والشد والجذب بين من تم وصفهم بـ"البيروقراطية النقابية"-في إشارة الى الماسكين اليوم بزمام الاتحاد- و"المعارضة النقابية" الرافضة منذ مدة للأمين العام نور الدين الطبوبي وجماعته والذين حرم جلهم حتى من دخول النزل الذي يحتضن اجتماعات المجلس، يؤكد مرة أخرى الانهيار الذي أصاب منظمة حشاد خاصة منذ أزمة الفصل الـ20 من القانون الأساسي الذي فسح المجال لعدد من أعضاء المكتب التنفيذي لتمديد بقائهم في قيادة الاتحاد، ومن بينهم الطبوبي وهو ما أسهم في خلق معارضة نقابية لقيادة الاتحاد قبل وبعد انعقاد مؤتمر صفاقس الـ25 في فيفري 2022.
الفصل 20 وتوجهات الأمين العام ضربا وحدة الاتحاد وأساءا إلى صورته، مما أدى إلى تراجع منسوب الثقة في المنظمة بصورة لافتة، بعد أن كان الاتحاد ولعشرات السنين خيمة كل المناضلين والنقابيين والسياسيين ومثّل الدرع الواقي من أي أذى يهدد البلاد، ولا نعتقد أن تلويحه بالإضراب العام يمكن أن ينجح، هذا إذا ما نُفذ أصلا، خاصة في مثل هذا الظرف والبلاد مقبلة على موعد انتخابي هام جدا، وكل خطوة ستعتبر تحركا سياسيا وتصعيدا مباشرا وتجييشا للشارع من أجل إثبات الوجود لا غير.
حقيقة، مؤسف ما وصل إليه وضع المنظمة العريقة، منظمة حشاد والحامي وعاشور، التي فقدت البوصلة مؤخرا وتقاذفتها الأمواج ولم تعد اتجاهاتها واضحة وثابتة حتى انها فقدت السيطرة على البعض من قياداتها الذين "استأسدوا" في وقت ما وعمدوا الى ارتهان البلاد.. ومؤسف ما وصل إليه بيت العمّال بالفكر والساعد بل بيت كل التونسيين الذي طالما احتموا به وكان ملاذهم من أجل حقوق اجتماعية أو حتى من أجل الدفاع عن الوطن والدولة.. فالمنظمة الوطنية العريقة التي نحب ونحترم وسنظل، باتت اليوم في حاجة إلى مراجعات وفي حاجة إلى فكر جديد بعيد عن التهديدات والعنتريات وتعطيل العمل وضرب مصالح البلاد.. في حاجة الى فكر يحترم ثقافة العمل وهيبة الدولة وسلطة القانون وحسن إدارة الأزمات من أجل مصلحة الجميع.. مصلحة الدولة أولا والمنظورين ثانيا.
سفيان رجب
بعد غياب طويل عن الساحة، عقد الاتحاد العام التونسي للشغل مجلسه الوطني نهاية الأسبوع في أجواء غير عادية، تميزت بالتوتر ولاحت فيها بشكل واضح الخلافات والانشقاقات، ليتم في ختام المجلس إقرار مبدأ الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية، دون تحديد موعد تنفيذه، احتجاجا على ما تم اعتباره "ضرب السلطات حق التفاوض والحوار الاجتماعي وعدم احترام الحق النقابي وعدم تطبيق الاتفاقيات".
فمنذ توقيع اتفاق الزيادة في الأجور في سبتمبر 2022، والذي بمقتضاه تمت الزيادة في أجور القطاع العام بواقع 3.5 % يغطي سنوات 2023 و2024 و2025، انقطعت تقريبا العلاقة بين السلطة والمنظمة الشغيلة وحتى بعض القرارات أو مشاريع القوانين ذات الصبغة الاجتماعية والمهنية، تم اتخاذها بصفة منفردة دون تشريك النقابات، من ذلك مشروع قانون يتعلق بتنقيح قانون الوظيفة العمومية وقانون الدواوين وقانون عطلة الامومة والابوة وقانون التشغيل عبر عقود المناولة والترفيع في الأجر الأدنى المضمون..
ما حصل من توتر كبير وتشنج وتبادل للعنف اللفظي وانسحاب جل المشاركين من القطاعات والجهات وحتى بعض أعضاء المكتب التنفيذي الوطني والشد والجذب بين من تم وصفهم بـ"البيروقراطية النقابية"-في إشارة الى الماسكين اليوم بزمام الاتحاد- و"المعارضة النقابية" الرافضة منذ مدة للأمين العام نور الدين الطبوبي وجماعته والذين حرم جلهم حتى من دخول النزل الذي يحتضن اجتماعات المجلس، يؤكد مرة أخرى الانهيار الذي أصاب منظمة حشاد خاصة منذ أزمة الفصل الـ20 من القانون الأساسي الذي فسح المجال لعدد من أعضاء المكتب التنفيذي لتمديد بقائهم في قيادة الاتحاد، ومن بينهم الطبوبي وهو ما أسهم في خلق معارضة نقابية لقيادة الاتحاد قبل وبعد انعقاد مؤتمر صفاقس الـ25 في فيفري 2022.
الفصل 20 وتوجهات الأمين العام ضربا وحدة الاتحاد وأساءا إلى صورته، مما أدى إلى تراجع منسوب الثقة في المنظمة بصورة لافتة، بعد أن كان الاتحاد ولعشرات السنين خيمة كل المناضلين والنقابيين والسياسيين ومثّل الدرع الواقي من أي أذى يهدد البلاد، ولا نعتقد أن تلويحه بالإضراب العام يمكن أن ينجح، هذا إذا ما نُفذ أصلا، خاصة في مثل هذا الظرف والبلاد مقبلة على موعد انتخابي هام جدا، وكل خطوة ستعتبر تحركا سياسيا وتصعيدا مباشرا وتجييشا للشارع من أجل إثبات الوجود لا غير.
حقيقة، مؤسف ما وصل إليه وضع المنظمة العريقة، منظمة حشاد والحامي وعاشور، التي فقدت البوصلة مؤخرا وتقاذفتها الأمواج ولم تعد اتجاهاتها واضحة وثابتة حتى انها فقدت السيطرة على البعض من قياداتها الذين "استأسدوا" في وقت ما وعمدوا الى ارتهان البلاد.. ومؤسف ما وصل إليه بيت العمّال بالفكر والساعد بل بيت كل التونسيين الذي طالما احتموا به وكان ملاذهم من أجل حقوق اجتماعية أو حتى من أجل الدفاع عن الوطن والدولة.. فالمنظمة الوطنية العريقة التي نحب ونحترم وسنظل، باتت اليوم في حاجة إلى مراجعات وفي حاجة إلى فكر جديد بعيد عن التهديدات والعنتريات وتعطيل العمل وضرب مصالح البلاد.. في حاجة الى فكر يحترم ثقافة العمل وهيبة الدولة وسلطة القانون وحسن إدارة الأزمات من أجل مصلحة الجميع.. مصلحة الدولة أولا والمنظورين ثانيا.