أبرزت نتائج دراسة حول مناخ الأعمال في سنة 2022 التراجع الكبير لـ"الموارد البشرية" والتي شهد مُؤشرها، لأوّل مرّة، مستوى أقل من 74/100، إلى 68,7/100، وفق مذكرة نشرها مؤخرا المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، بعنوان "الموارد البشرية في تونس: ميزة تَفْقِدُ مَكَانتها".. في ظل غياب الموارد الطبيعية، جعلت تونس من "الموارد البشرية" أحد أهّم عوامل الإنتاج وغاية العمل التنموي والمجال الذي تستثمره، لكن يبدو أن النتائج الواردة في المذكرة كانت ملفتة وتدعو إلى عديد المراجعات على مستويات مختلفة، لعل أبرزها مراجعة المنظومة التربوية والبحثية. فقد أبرز معهد القدرة التنافسية والدراسات الكمية، من خلال مؤشر الابتكار العالمي 2023، أنّ الحاصل المتعلق "بأصحاب شهادات العلوم والهندسة" عَرف منحى تنازليا ليمر من 43,3 % سنة 2021 إلى 38,3 % سنة 2022، ليستقر عند مستوى 37,9 بالمائة، وينزل بتونس من المركز الثاني إلى الخامس في الترتيب العالمي، خلال الفترة 2021 – 2023 مما يعني أن منظومة التعليم والتكوين قد تراجعت وهو ما يفرض تشريح الواقع وإيجاد العلاج المناسب لإصلاح التعليم والتكوين .
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، كشف تراجع مكتسبات التعلم في تونس، مشيرا إلى افتقاد تلاميذ المدارس والإعداديات إلى مهارات القراءة والمهارات الأساسية المتعلقة بالرياضيات، مما عمق أزمة التعليم، حيث يسجل التسرب المدرسي أعلى الأرقام (120 ألف منقطع عن التعليم في سن مبكرة سنويا) كما أنه ووفق التقارير لا ينخرط نصف المنقطعين عن الدراسة في أيّ منظومة للتكوين المهني.. كما أن التعليم لم يعد مصعدا اجتماعيا، مقابل ارتفاع نسب الهجرة غير النظامية في الوسط التربوي وأصبحت تسجل في صفوف التلاميذ والمدرسين والخريجين، وهذا كله نتاج تدني جودة منظومتيْ التعليم والتكوين ونقص تلاؤُمِهما مع الحاجيات من الكفاءات، رغم أن الكفاءات التونسية حققت عديد الإنجازات سواء في تونس أو في الخارج وهي مطلوبة في جل البلدان المتقدمة ونتيجة لارتفاع نسب البطالة في صفوف الخريجين وأصحاب الشهائد العليا فنحن نتحدث اليوم عن دكاترة معطلين عن العمل.
ولإعادة الاعتبار للمنظومة التربوية، وجب إصلاحها ومراجعة البرامج وخاصة المناهج المدرسية، خاصة أننا على أبواب العودة المدرسية والتكوينية والجامعية، التي لم تتغير منذ سنوات عديدة والنهوض بالمدرسة العمومية على جميع المستويات في إطار تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين مع مراجعة إستراتيجية التنمية من أجل التحول إلى اقتصاد أكثر تنافسية، ودعم أفكار التجديد والبحث والتطوير للمُحَافَظة على المواهب والكفاءات ووضع استراتيجيات، تهدف إلى دعمها ومرافقتها.
ولا شك أن تونس تراهن على الاستثمار في الرأسمال البشري لتحقيق النمو والتنمية وهو ما يستدعي ضبط إستراتيجية عمل قابلة للتنفيذ من أجل النهوض بالمناهج التربوية وتحسين أداء التعليم والتكوين في إطار تحقيق الجودة بما ينعكس إيجابيا على إستراتيجية التنمية وذلك بتحسين تأهيل الموارد البشرية للاستجابة لحاجيات سوق الشغل الوطنية والدولية.
عبد الوهاب الحاج علي
أبرزت نتائج دراسة حول مناخ الأعمال في سنة 2022 التراجع الكبير لـ"الموارد البشرية" والتي شهد مُؤشرها، لأوّل مرّة، مستوى أقل من 74/100، إلى 68,7/100، وفق مذكرة نشرها مؤخرا المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، بعنوان "الموارد البشرية في تونس: ميزة تَفْقِدُ مَكَانتها".. في ظل غياب الموارد الطبيعية، جعلت تونس من "الموارد البشرية" أحد أهّم عوامل الإنتاج وغاية العمل التنموي والمجال الذي تستثمره، لكن يبدو أن النتائج الواردة في المذكرة كانت ملفتة وتدعو إلى عديد المراجعات على مستويات مختلفة، لعل أبرزها مراجعة المنظومة التربوية والبحثية. فقد أبرز معهد القدرة التنافسية والدراسات الكمية، من خلال مؤشر الابتكار العالمي 2023، أنّ الحاصل المتعلق "بأصحاب شهادات العلوم والهندسة" عَرف منحى تنازليا ليمر من 43,3 % سنة 2021 إلى 38,3 % سنة 2022، ليستقر عند مستوى 37,9 بالمائة، وينزل بتونس من المركز الثاني إلى الخامس في الترتيب العالمي، خلال الفترة 2021 – 2023 مما يعني أن منظومة التعليم والتكوين قد تراجعت وهو ما يفرض تشريح الواقع وإيجاد العلاج المناسب لإصلاح التعليم والتكوين .
وكان تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، كشف تراجع مكتسبات التعلم في تونس، مشيرا إلى افتقاد تلاميذ المدارس والإعداديات إلى مهارات القراءة والمهارات الأساسية المتعلقة بالرياضيات، مما عمق أزمة التعليم، حيث يسجل التسرب المدرسي أعلى الأرقام (120 ألف منقطع عن التعليم في سن مبكرة سنويا) كما أنه ووفق التقارير لا ينخرط نصف المنقطعين عن الدراسة في أيّ منظومة للتكوين المهني.. كما أن التعليم لم يعد مصعدا اجتماعيا، مقابل ارتفاع نسب الهجرة غير النظامية في الوسط التربوي وأصبحت تسجل في صفوف التلاميذ والمدرسين والخريجين، وهذا كله نتاج تدني جودة منظومتيْ التعليم والتكوين ونقص تلاؤُمِهما مع الحاجيات من الكفاءات، رغم أن الكفاءات التونسية حققت عديد الإنجازات سواء في تونس أو في الخارج وهي مطلوبة في جل البلدان المتقدمة ونتيجة لارتفاع نسب البطالة في صفوف الخريجين وأصحاب الشهائد العليا فنحن نتحدث اليوم عن دكاترة معطلين عن العمل.
ولإعادة الاعتبار للمنظومة التربوية، وجب إصلاحها ومراجعة البرامج وخاصة المناهج المدرسية، خاصة أننا على أبواب العودة المدرسية والتكوينية والجامعية، التي لم تتغير منذ سنوات عديدة والنهوض بالمدرسة العمومية على جميع المستويات في إطار تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين مع مراجعة إستراتيجية التنمية من أجل التحول إلى اقتصاد أكثر تنافسية، ودعم أفكار التجديد والبحث والتطوير للمُحَافَظة على المواهب والكفاءات ووضع استراتيجيات، تهدف إلى دعمها ومرافقتها.
ولا شك أن تونس تراهن على الاستثمار في الرأسمال البشري لتحقيق النمو والتنمية وهو ما يستدعي ضبط إستراتيجية عمل قابلة للتنفيذ من أجل النهوض بالمناهج التربوية وتحسين أداء التعليم والتكوين في إطار تحقيق الجودة بما ينعكس إيجابيا على إستراتيجية التنمية وذلك بتحسين تأهيل الموارد البشرية للاستجابة لحاجيات سوق الشغل الوطنية والدولية.