تصعيد غير مسبوق في لهجة الخطاب السياسي للاتحاد العام التونسي للشغل وذلك بعد أن أعلن الأمين العام للمنظمة نورالدين الطبوبي عن مواقف حادة تجاه السلطة الحاكمة.
واعتبر الطبوبي أن الاتحاد لم يعد يقبل بالمسار السياسي الحالي في تونس؛ بسبب التفرد بالحكم والغموض والخوف على مستقبل الديمقراطية، معلناً بذلك مقاطعته للمسار الذي دعمه العام الماضي حين أعلن الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.
وقال الطبوبي في آخر خطاب له "لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرد ولما يخفيه من مفاجآت غير سارة على مصير البلاد والديمقراطية".
وتابع بالقول "نحن اليوم إزاء حكومة بلا رؤية ولا برنامج، تتحرك بآليات الحكومات السابقة نفسها عبر غياب الشفافية وازدواجية الخطاب واللجوء إلى الحلول السهلة والمخططات الفاشلة واتباع الاقتراض كسبيل وحيد للخروج من الأزمة وآن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقى، ويعيد إلى بعض الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود".
ولم يكن الموقف الجديد للاتحاد إلا نتيجة التحولات العميقة داخل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد ترجمته حالة الفراغ الواضح لحكومة نجلاء بودن التي تواصل سياسة إنكار الأزمة في ظل صمت رئيسة الحكومة، في وقت كان لزاما عليها التوجه للمواطنين لإيضاح حقيقة الأوضاع.
وفي واقع الأمر لم تنجح الحكومة منذ أدائها اليمين الدستوري يوم 11اكنوبر 2021 في إقناع عموم التونسيين لا بسبب الغياب المتكرر لرئيسة الحكومة عن المشهد العام بل ايضا بصمتها غير المفهوم خلال كل الأزمات.
ولم تكن تعليقات ضعف أداء الحكومة عنوان أحزاب المعارضة فحسب بل تجاوزت ذلك الى أحزاب الموالاة التي ساندت ترشيح قيس سعيد لبودن لتعود الموالاة على اعقابها وتعلن عن خيبة املها من اداء رئيسة الحكومة لترفع احزاب الرئيس سقف مطالبها بالدعوة الى إقالتها وابعادها عن قصر الحكومة بالقصبة.
وبتعافي موقف الاتحاد يكون بذلك قد أنهى حالة التردد بعد صمت لم يكن في الواقع سوى هدنة مؤقتة في انتظار ان "ينقشع الضباب" وعلى ان يعود الرئيس الى طاولة الحوار.
بيد أن ذلك لم يحصل حيث واصل سعيد فرض سلطته المطلقة على الجميع بما فيها الاتحاد، حين رفض دعوته لحوار وطني وإقراره بحوار خاص انطلاقا من مخرجات الاستشارة الالكترونية وإيداع دستور 25جويلية رغم المعارضة الواسعة.
فقد أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 ليعتبر ان التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.
كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة الاستشارة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبد بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.
كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.
ومع محطة الانتخابات التشريعية عاد الاتحاد ليعلن رفضه لها دون ان يتخذ موقفا بمقاطعتها وصرح الطبوبي بمناسبة ذكرى اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد "إننا قادمون على انتخابات بلا لون وبلا طعم، والتي جاءت وليدة دستور لم يكن تشاركيا ولا محل إجماع أو موافقة الأغلبية وصِيغَت على قانون مُسقَطٍ أثبت يوما بعد يوم ما تضمنه من ثغرات وخلل.
ولم يكن تحرك الاتحاد المتواتر بمعزل عن نقد الرئيس لعل آخرها ما صرح به الأمين العام نورالدين الطبوبي لدى إشرافه على افتتاح أشغال المؤتمر العادي للمكتب الوطني للمرأة العاملة حين قال ''لو أرادوها معركة تقدم وازدهار وبناء ستكون المنظمة الشغيلة في المقدمة وإذا أرادوها معركة كسر عظام نحن جاهزون لها ولا خيار آخر لنا وكفى غوغائية".
وأقر نورالدين الطبوبي، أن حوار البعض وخطاباتهم مازالت متواصلا بنفس التكلس ونفس التفكير المقيت ."
هكذا "مناوشة" سياسية رد عليه سعيد بالقول'لا أريد أن أتحدث عن كسر عظم أي كان...لكن لينظروا في القواميس بين العظمة والعِظام''.
يحصل كل هذا السجال دون ان تصل سلطات الإشراف الى موقف تلتقي فيه مع بقية تشكيلات الحزبية والمدنية وفي وقت بدأت فيه أوصال البلاد في التمزق في ظل أزمات معقدة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا فهل يستفيق الرئيس؟.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
تصعيد غير مسبوق في لهجة الخطاب السياسي للاتحاد العام التونسي للشغل وذلك بعد أن أعلن الأمين العام للمنظمة نورالدين الطبوبي عن مواقف حادة تجاه السلطة الحاكمة.
واعتبر الطبوبي أن الاتحاد لم يعد يقبل بالمسار السياسي الحالي في تونس؛ بسبب التفرد بالحكم والغموض والخوف على مستقبل الديمقراطية، معلناً بذلك مقاطعته للمسار الذي دعمه العام الماضي حين أعلن الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.
وقال الطبوبي في آخر خطاب له "لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرد ولما يخفيه من مفاجآت غير سارة على مصير البلاد والديمقراطية".
وتابع بالقول "نحن اليوم إزاء حكومة بلا رؤية ولا برنامج، تتحرك بآليات الحكومات السابقة نفسها عبر غياب الشفافية وازدواجية الخطاب واللجوء إلى الحلول السهلة والمخططات الفاشلة واتباع الاقتراض كسبيل وحيد للخروج من الأزمة وآن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقى، ويعيد إلى بعض الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود".
ولم يكن الموقف الجديد للاتحاد إلا نتيجة التحولات العميقة داخل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد ترجمته حالة الفراغ الواضح لحكومة نجلاء بودن التي تواصل سياسة إنكار الأزمة في ظل صمت رئيسة الحكومة، في وقت كان لزاما عليها التوجه للمواطنين لإيضاح حقيقة الأوضاع.
وفي واقع الأمر لم تنجح الحكومة منذ أدائها اليمين الدستوري يوم 11اكنوبر 2021 في إقناع عموم التونسيين لا بسبب الغياب المتكرر لرئيسة الحكومة عن المشهد العام بل ايضا بصمتها غير المفهوم خلال كل الأزمات.
ولم تكن تعليقات ضعف أداء الحكومة عنوان أحزاب المعارضة فحسب بل تجاوزت ذلك الى أحزاب الموالاة التي ساندت ترشيح قيس سعيد لبودن لتعود الموالاة على اعقابها وتعلن عن خيبة املها من اداء رئيسة الحكومة لترفع احزاب الرئيس سقف مطالبها بالدعوة الى إقالتها وابعادها عن قصر الحكومة بالقصبة.
وبتعافي موقف الاتحاد يكون بذلك قد أنهى حالة التردد بعد صمت لم يكن في الواقع سوى هدنة مؤقتة في انتظار ان "ينقشع الضباب" وعلى ان يعود الرئيس الى طاولة الحوار.
بيد أن ذلك لم يحصل حيث واصل سعيد فرض سلطته المطلقة على الجميع بما فيها الاتحاد، حين رفض دعوته لحوار وطني وإقراره بحوار خاص انطلاقا من مخرجات الاستشارة الالكترونية وإيداع دستور 25جويلية رغم المعارضة الواسعة.
فقد أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 ليعتبر ان التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.
كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة الاستشارة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبد بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.
كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.
ومع محطة الانتخابات التشريعية عاد الاتحاد ليعلن رفضه لها دون ان يتخذ موقفا بمقاطعتها وصرح الطبوبي بمناسبة ذكرى اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد "إننا قادمون على انتخابات بلا لون وبلا طعم، والتي جاءت وليدة دستور لم يكن تشاركيا ولا محل إجماع أو موافقة الأغلبية وصِيغَت على قانون مُسقَطٍ أثبت يوما بعد يوم ما تضمنه من ثغرات وخلل.
ولم يكن تحرك الاتحاد المتواتر بمعزل عن نقد الرئيس لعل آخرها ما صرح به الأمين العام نورالدين الطبوبي لدى إشرافه على افتتاح أشغال المؤتمر العادي للمكتب الوطني للمرأة العاملة حين قال ''لو أرادوها معركة تقدم وازدهار وبناء ستكون المنظمة الشغيلة في المقدمة وإذا أرادوها معركة كسر عظام نحن جاهزون لها ولا خيار آخر لنا وكفى غوغائية".
وأقر نورالدين الطبوبي، أن حوار البعض وخطاباتهم مازالت متواصلا بنفس التكلس ونفس التفكير المقيت ."
هكذا "مناوشة" سياسية رد عليه سعيد بالقول'لا أريد أن أتحدث عن كسر عظم أي كان...لكن لينظروا في القواميس بين العظمة والعِظام''.
يحصل كل هذا السجال دون ان تصل سلطات الإشراف الى موقف تلتقي فيه مع بقية تشكيلات الحزبية والمدنية وفي وقت بدأت فيه أوصال البلاد في التمزق في ظل أزمات معقدة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا فهل يستفيق الرئيس؟.