إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. سرًي مطلق !!..

 

يرويها: ابو بكر الصغير

  في كل مكان الروح سر، وروح السرية موجودة في كل مكان، سر النفس، سر العلاقات، السر الطبي، السر المهني، أسرار الدولة وهي أخطرها .

  من السرية باعتبارها امتيازا للسلطة إلى أسرار العائلة عبر أسرار التقاليد الغامضة، تتقدم المسارات في ظل هذه الحدائق السرية.

  كانت السرية والسلطة مرتبطتين دائمًا، وهذا يرجع إلى نسبهما المقدس، على وجه الخصوص، لكن كل استراتيجية تخفي نصيبها من السرية، وفي ذلك مورد أساسي لتأثير المفاجأة .

 إن النظام التمثيلي هو نظام السرية بقدر ما هو نظام الدعاية.

   يؤدي هذا التفويض وهذا الطلب على السرية إلى تشكيل سوق سرية موازية لسوق التعبئة .

  كما أن نشر السر، أي إلغائه، سواء تم بواسطة مسؤولين أنفسهم ، أو عبر وسائل الإعلام، أو حتى عبر نظام رفع السرية عن الوثائق، يكشف أن الحدود بين السر والواقع تكمن في مفترق طرق عملية متواصلة للتخزين والكشف، للبناء وإلغاء السرية، للتنقل المستمر من مكان إلى آخر ، لانقلاب أحيانا في تقدير الموقف .

  انّ كلّ دولة تحتاج الى حماية المعلومات اللازمة لعملها.

 رغم ان السرية تتعارض مع رغبتنا في الشفافية من خلال العائق المحكم المتمثل في الكتلة المتراصة حولها ، لكن استراتيجيات الإخفاء تؤلف مع التواصل السياسي جدلية خفية باعتبارها “ فن الحكمة ”.

لا يختلف اثنان ولا يتناطح عنزان ، كون مبروك كورشيد شخصية وطنية ، ناشط سياسي ومحام ، كان وزيرا عضوا في حكومة يوسف الشاهد .

  مبروك كورشيد محل تتبعات قضائية في رفع التجميد عن أموال مروان المبروك المصادرة .

 بعد إثارة المسالة ، عاد كورشيد بقوة ليظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مفنّدا أخبارا و موضّحا أخرى و مدافعا عن نفسه .

 في هذا السياق بادر او تمّ تسريب وثيقة حكومية مؤشّرة بعنوان " سرّي مطلق " !!.

    عبارة عن محضر جلسة مجلس الوزراء برئاسة يوسف الشاهد وحضور 12 وزيرا ، حملت نفس الوثيقة أسماءهم و توقيعاتهم .

    وثيقة بالفعل تكشف الكثير ، لكن هناك جانبا خطيرا فيها ، يتعلّق بهذا السّؤال الحارق : هل أصاب ام أخطا مبروك كورشيد او جهة اخرى بالكشف عنها و نشرها .

 تونس ابتليت قبل سنوات بتفشي ظاهرة إفشاء أسرار الدولة ، في معارك سياسية وتصفية حسابات .

      اخطر الجرائم المرتكبة في هذا الجانب ما بادر به الرئيس الأسبق منصف المرزوقي عندما انتصب على رأس السلطة في ظروف سيقال حولها الكثير ، بنشر ما اسماه " الكتاب الأسود " انطلاقا من الوثائق السرية التي تمّ العثور عليها في بعض المؤسسات السيادية .

   اذكر حادثة أخرى مهمّة جدّا في عهد وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي عندما سعت سهام بن سدرين وفي سياق هوسها بتصفية الحسابات التمكّن من الأرشيف السرّي لجهاز امن الدولة ، بل ممّا يُعرف بالبطاقة عدد 2 للإرشادات خاصة ذات الصبغة السياسية للمواطنين باعتبار انّ شهادة الميلاد هي البطاقة عدد 1 والبطاقة 3 تتعلّق بالسوابق والأحكام .

  من المفارقة انّ من تصدّى لسهام بن سدرين ورفض تمكينها ولو من نسخة وثيقة واحدة من هذا الارشيف هم كبار المسؤولين بوزارة الداخلية الذين يدركون معنى كلمة " سرية " .

  هنالك حادثة أخرى حصلت زمن حكم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ،عندما تولّى محمد مزالي الوزارة الأولى طلب من الدًاخلية تمكينه من بعض الملفات السرية المتعلقة بأسماء شخصيات سياسية معينة ، تمّ رفع الأمر الى قصر قرطاج ليبلغ الأمر بورقيبة الذي لم يخف صدمته من هذا الطلب الذي تمّ رفضه .

قيل سابقا ، انّ قلوب الأحرار.. هي قبور الأسرار.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

حكاياتهم  .. سرًي مطلق !!..

 

يرويها: ابو بكر الصغير

  في كل مكان الروح سر، وروح السرية موجودة في كل مكان، سر النفس، سر العلاقات، السر الطبي، السر المهني، أسرار الدولة وهي أخطرها .

  من السرية باعتبارها امتيازا للسلطة إلى أسرار العائلة عبر أسرار التقاليد الغامضة، تتقدم المسارات في ظل هذه الحدائق السرية.

  كانت السرية والسلطة مرتبطتين دائمًا، وهذا يرجع إلى نسبهما المقدس، على وجه الخصوص، لكن كل استراتيجية تخفي نصيبها من السرية، وفي ذلك مورد أساسي لتأثير المفاجأة .

 إن النظام التمثيلي هو نظام السرية بقدر ما هو نظام الدعاية.

   يؤدي هذا التفويض وهذا الطلب على السرية إلى تشكيل سوق سرية موازية لسوق التعبئة .

  كما أن نشر السر، أي إلغائه، سواء تم بواسطة مسؤولين أنفسهم ، أو عبر وسائل الإعلام، أو حتى عبر نظام رفع السرية عن الوثائق، يكشف أن الحدود بين السر والواقع تكمن في مفترق طرق عملية متواصلة للتخزين والكشف، للبناء وإلغاء السرية، للتنقل المستمر من مكان إلى آخر ، لانقلاب أحيانا في تقدير الموقف .

  انّ كلّ دولة تحتاج الى حماية المعلومات اللازمة لعملها.

 رغم ان السرية تتعارض مع رغبتنا في الشفافية من خلال العائق المحكم المتمثل في الكتلة المتراصة حولها ، لكن استراتيجيات الإخفاء تؤلف مع التواصل السياسي جدلية خفية باعتبارها “ فن الحكمة ”.

لا يختلف اثنان ولا يتناطح عنزان ، كون مبروك كورشيد شخصية وطنية ، ناشط سياسي ومحام ، كان وزيرا عضوا في حكومة يوسف الشاهد .

  مبروك كورشيد محل تتبعات قضائية في رفع التجميد عن أموال مروان المبروك المصادرة .

 بعد إثارة المسالة ، عاد كورشيد بقوة ليظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مفنّدا أخبارا و موضّحا أخرى و مدافعا عن نفسه .

 في هذا السياق بادر او تمّ تسريب وثيقة حكومية مؤشّرة بعنوان " سرّي مطلق " !!.

    عبارة عن محضر جلسة مجلس الوزراء برئاسة يوسف الشاهد وحضور 12 وزيرا ، حملت نفس الوثيقة أسماءهم و توقيعاتهم .

    وثيقة بالفعل تكشف الكثير ، لكن هناك جانبا خطيرا فيها ، يتعلّق بهذا السّؤال الحارق : هل أصاب ام أخطا مبروك كورشيد او جهة اخرى بالكشف عنها و نشرها .

 تونس ابتليت قبل سنوات بتفشي ظاهرة إفشاء أسرار الدولة ، في معارك سياسية وتصفية حسابات .

      اخطر الجرائم المرتكبة في هذا الجانب ما بادر به الرئيس الأسبق منصف المرزوقي عندما انتصب على رأس السلطة في ظروف سيقال حولها الكثير ، بنشر ما اسماه " الكتاب الأسود " انطلاقا من الوثائق السرية التي تمّ العثور عليها في بعض المؤسسات السيادية .

   اذكر حادثة أخرى مهمّة جدّا في عهد وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي عندما سعت سهام بن سدرين وفي سياق هوسها بتصفية الحسابات التمكّن من الأرشيف السرّي لجهاز امن الدولة ، بل ممّا يُعرف بالبطاقة عدد 2 للإرشادات خاصة ذات الصبغة السياسية للمواطنين باعتبار انّ شهادة الميلاد هي البطاقة عدد 1 والبطاقة 3 تتعلّق بالسوابق والأحكام .

  من المفارقة انّ من تصدّى لسهام بن سدرين ورفض تمكينها ولو من نسخة وثيقة واحدة من هذا الارشيف هم كبار المسؤولين بوزارة الداخلية الذين يدركون معنى كلمة " سرية " .

  هنالك حادثة أخرى حصلت زمن حكم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ،عندما تولّى محمد مزالي الوزارة الأولى طلب من الدًاخلية تمكينه من بعض الملفات السرية المتعلقة بأسماء شخصيات سياسية معينة ، تمّ رفع الأمر الى قصر قرطاج ليبلغ الأمر بورقيبة الذي لم يخف صدمته من هذا الطلب الذي تمّ رفضه .

قيل سابقا ، انّ قلوب الأحرار.. هي قبور الأسرار.