لم تقدم وزارة المرأة والطفولة توضيحات كافية في خصوص إعلانها عن عودة 51 طفلا من مناطق النزاع، حيث كشفت الوزارة في الندوة الصحفية التي عقدتها مؤخرا في الغرض أن هؤلاء الأطفال يتوزعون بين 16 طفلة و35 طفلا وأن أعمارهم تتراوح بين 5 و17 سنة وأنه تم ادماجهم في عائلاتهم الموسعة بمقتضى تدابير صادرة عن قضاة الاسرة وبالتنسيق مع مندوبي حماية الطفول وانها تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي وتوفير الخدمات الصحية والنفسية اللازمتين لهؤلاء الأطفال.
ولكن الوزارة لم تقدم توضيحات بشأن مناطق النزاع التي كان فيها هؤلاء الأطفال وهل أن بينهم من كان في المخيمات السورية التي تضم نساء وأطفال مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي، كما لم تقدم الوزارة توضيحات بشأن طريقة تسلمها لهؤلاء الأطفال وهل تم ذلك في اطار تعاون قضائي دولي أم بمبادرة تونسية لاستجلاب هؤلاء الأطفال وهل أن هؤلاء الأطفال العائدين عندما عادوا كانوا برفقة أمهاتهم أم أنهم من أولئك الأطفال الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم في معارك التنظيم الإرهابي وبقوا دون سند عائلي وهنا يطرح السؤال كيف تأكدت الدولة التونسية من هويتهم؟، خاصة وأن الرقم الذي تحدثت عنه الوزارة يعد رقما مهما ومناقضا تماما لتقديرات الجمعيات الحقوقية المهتمة بمتابعة أخبار هؤلاء الأطفال عندما كانوا في بؤر التوتر..
ولسنوات بقي ملف الأطفال في مناطق النزاع من الملفات "التابوه" والذي تتحرّج الدولة في طرحه أو الخوض فيه وأول مرة تم طرحه على المستوى الرسمي كان في بداية عهدة الرئيس قيس سعيد حيث استقبل وقتها مجموعة من الأطفال اليتامى العائدين من ليبيا والتي تورط ذويهم في القتال لصالح تنظيم داعش الإرهابي.
ورغم أن الوزارة لم تقدم توضيحات بشأن من أي بؤر نزاع عاد هؤلاء الأطفال ووضعيتهم الاجتماعية وطريقة تسلمهم؟، إلا أن وزيرة المرأة د.آمال موسى بينت أن من بين الـ 51 طفلا عائدا تمّ ترسيم 41 طفلا بالمسار الدراسي العادي بالمرحلة الابتدائية و3 أطفال ببرنامج الروضة العمومية وإلحاق 7 أطفال ببرنامج التأهيل التربوي والتكوين المهني كما اعتبرت أنّ إلحاق كل الأطفال العائدين بعائلاتهم الموسعة دون اللجوء إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية يعكس رغبة عائلات الأطفال في حماية أطفالهم وتأمين نجاح عودتهم وإدماجهم في محيطهم..، ورغم أن موسى أشارت إلى أن ذلك يتم تحت اشراف هياكل الطفولة المختصة ولكن دون توضيح اذا كانت هناك خطط متابعة لهؤلاء الأطفال حالة بحالة خاصة وان اغلبهم عاش وقائع قاسية في سنّ حساس ومهم في تكوين شخصية الطفل وتلك الاحداث لا يمكن التخلّص من آثارها النفسية بسهولة وتتطلب مرافقة نفسية لصيقة واحاطة على جميع المستويات.
أطفال لم يعودوا رغم أحكام البراءة
أكدت وزارة المرأة أن مصالحها سجلت مطالب عودة واردة بالأساس من الأجداد لأم أو أب الأطفال المقيمين بمختلف ولايات الجمهورية لقرابة 120 طفلا تم التنسيق في شأنهم مع مصالح وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج مؤكّدة الحرص على الإسراع والإعداد الجيّد لعودتهم والعمل بهذه الوثيقة المرجعية وذلك خلال الندوة التي قامت بها الوزارة في الغرض لإطلاق الوثيقة المرجعية لمسارات التعهد وإعادة إدماج الأطفال العائدين من مناطق النزاع والوثيقة المرجعية ستصدر في صياغتها النهائية في الأيام القليلة القادمة.
وترى بعض الأطراف المهتمة بمصير الأطفال في بؤر النزاع وخاصة العائلات والجمعيات الحقوقية المدافعة عن حقهم في العودة وفي اعتبار هؤلاء الأطفال ضحايا باعتبار ان لا ذنب لهم في كل ما حصل وانهم ضحية آباء وامهات اختاروا الالتحاق بالتنظيم الإرهابي دون إرادة من هؤلاء الأطفال.
منصف العبيدي هو خال الطفل براء المتواجد في ليبيا مع أمه منذ سنوات متنقلا بين سجن معيتقة والجديدة،قال في تصريح لـ»الصباح «حول ملف عودة الأطفال التونسيين من بؤر التوتر والنزاع : »في البداية أود أن أسأل اذا كانت الدولة جادة في معالجة هذا الملف وإيجاد حلول نهائية له كما تقتضي ذلك حقوق الطفل ومنظومة حقوق الإنسان، لماذا لم تسمح تونس الى اليوم بعودة شقيقتي وابنها من ليبيا رغم حصولها على حكم براءة بات من القضاء الليبي في ديسمبر الماضي يؤكد ان شقيقتي وحيدة الرابحي لم تتورط في أي أعمال إرهابية وأنها أمضت سنوات من حياتها في السجون الليبية دون جرم حقيقي وفي كل ذلك كان معها طفلها براء الذي مرّ بتجربة قاسية عندما أصيب في الغارة الأمريكية على مصراته وبقي يتعالج لأشهر وهو اليوم يحتاج إلى رعاية طبية ونفسية فقد عاش سنواته السبع في سجن معيتقة مع أمه وفي ظروف غير إنسانية بالمرة، وفي بيئة غير مناسبة للأطفال، فلماذا اليوم وبعد أن حكم القضاء ببراءة أربع نساء مع أطفالهن تتلكأ الدولة التونسية في إعادتهم رغم مطالبنا المتعددة إلى وزارة الخارجية والى رئاسة الجمهورية« .
ويضيف منصف العبيدي : »براء ابن شقيقتي طفل يتيم توفي والده في الغارة الامريكية على مصراتة وأمه لم يدنها القضاء الليبي ولم يجد ما يفيد تورطها في اعمال إرهابية فلماذا لم تسمح تونس بعودته رغم أن قنصلية تونس بطرابلس تابعت الموضوع ووعدتهم بالترحيل في اقرب وقت ولكن مرت الأشهر ولم يتم الترحيل ونحن ننتظر الى اليوم عودتهما".
ويذكر ان عائلات الأطفال المتواجدين في ليبيا من اجداد للأم والأب، استبشروا بعودة أبنائهم بعد استقبال رئيس الجمهورية لستة أطفال يتامى من ليبيا في بداية عهدته الرئاسية وقبلها عاد الطفل محمد الجندوبي وطفلين آخرين، وقد مثل الأطفال الذين تم اعتقالهم مع امهاتهم بعد الغارة الامريكية على مصراتة ووضعهم في سجن معيتيقة وكان عددهم قرابة 22 طفلا محل جدال طويل في تونس ومفاوضات تدخل فيها بعض النواب وبعض الأطراف السياسية في تونس، واليوم هناك أحكام براءة في حق الأمهات بما يفترض ان عودة هؤلاء الأطفال وامهاتهم لا يشكل أي خطر .
أطفال المخيمات السورية..
يعيش أطفال المخيمات السورية التي تضم عوائل تنظيم داعش الإرهابي من أطفال ونساء والذين تم القبض عليهم او فروّا من الرقة ظروف غير إنسانية بالإضافة الى الوصم الذي يلاحقهم والأفكار المتطرفة التي ما زالت تسيطر على هذه المخيمات ويمكن ان تحولهم الى متطرفين وتبرمجهم على أفكار دموية ويصعب اصلاح الامر كلما تقدم بهم العمر..
ورغم أن وزارة المرأة لم توضح ما اذا تمت إعادة أطفال من هذه المخيمات الا ان اغلب المصادر الحقوقية المهتمة في تونس بهذا الملف تؤكد أنه من الصعب أن تكون تونس استعادت أطفالا من تلك المخيمات التي لا يسيطر عليها النظام السوري بل قوات سوريا الديمقراطية»قسد «وهي طرف انفصالي في سوريا لا تعترف به تونس وبالتالي من الصعب ان تكون تسلمت الدولة أطفالا من هذه المخيمات .
ومن بين الجمعيات التي تتابع منذ سنوات وضع الأطفال بالمخيمات السورية نجد مرصد الحقوق والحريات والذي يملك قائمة تضم أكثر من 120 طفلا تونسيا عالقون في سوريا قال المدير التنفيذي للمرصد مروان جدة في تصريح سابق لـ»الصباح «أن أغلبهم دون سن التمييز (دون 13 سنة) وأنّ الدولة التونسية لم تتدخل من أجل إنقاذ أي منهم، بل إنها لم تتدخل حتى لإرجاع الحالات الإنسانية العاجلة، كحالات أيتام الأب والأم أو الحالات التي تتطلب تدخلا جراحيا عاجلا.
كما أكد المرصد في وقت سابق بأنه ثبت لديه وفاة أكثر من 4 أطفال دون سن الثلاث سنوات ماتوا إما بردا أو جوعا أو نتيجة للإهمال الطبي وأنّ الحصيلة مرشحة للارتفاع نظرا للظروف المأساوية داخل المخيمات ولسوء الأحوال الجوية هناك، كما أكد المرصد في بيان سابق أن عددا من الأطفال التونسيين قد تم إبعادهم عن أمهاتهم ونقلهم من المخيمات إلى السجون أو إلى جهات غير معلومة فقط لأنهم تجاوزوا سن 13 سنة .
كما أكد المرصد أن الدولة التونسية التي كانت تبرر رفضها إعادة الأطفال العالقين في مخيمات شمال شرق سوريا، بأنها لا تتفاوض مع التنظيمات الانفصالية أو الميليشيات المسلحة،كقوات سوريا الديمقراطية التي تشرف على المخيمات، أعادت في وقت سابق ما لا يقل عن 10 مقاتلين كانوا سجناء وأنهم موقوفون حاليا، لدى قوات سوريا الديمقراطية التي ترفض الدولة التعامل معها في ملف الأطفال.
وفي ملف أطفال المخيمات السورية مثل مخيم عين عيسى في الشمال السوري، طالما طالب الأجداد في وقفات احتجاجية أمام وزارة الشؤون الخارجية بعودة الأطفال وانقاذهم من مصير مخيف ومن بينهم، حمدة العويني، الذي أكد أن ابنته غادرت تونس مع زوجها وأطفالها في 2014 وابنه غادر وهو يبلغ عشرين سنة في 2013 للمشاركة في مهمّة إغاثة في سوريا دون ان يخبره وكان يدرس باكالوريا كما توفي ابنه الاخر في سوريا في 2014 والذي كان طالبا في تونس، وكلّهم غادروا برّا وبجوازات السفر. وبعد هذه الهجرة العائلية المتفرقة الى سوريا فقدت ابنته زوجها في المعارك هناك وترك لها أربعة أبناء كبر جميعهم في المخيم، كما ترك ابنه الذي توفي في المعارك زوجة وابنة، وجميعهم في مخيم عين عيسى التي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية وترفض الدولة التونسية من خلال وزارة الخارجية التواصل مع هذه القوات الانفصالية لان أي تواصل يعني الاعتراف بها .
ولئن يرى البعض اليوم ان عودة العلاقات الديبلوماسية مع النظام السوري وفي اعلى مستوى يمكن أن تساعد على حل ملف هؤلاء الأطفال العالقين ببؤر التوتر، الا انه عمليا لا يمكن لعودة العلاقات الديبلوماسية ان تفيد كثيرا في ملف استعادة الأطفال، لأن اغلب هؤلاء الأطفال هم اليوم في المخيمات التي تسيطر عليها قوات قسد الانفصالية والمعادية لنظام بشار الأسد.
ملف يحرج الدول
رغم ما تطرحه المخيمات السورية أو العراقية التي تستقبل نساء وأطفال تنظيم داعش من مخاطر وما يعيشه الأطفال هناك من فظاعات هم في الأصل غير مسؤولين عنها، الا أنه والى اليوم لم يتوصل المجتمع الدولي الى اتفاق واضح حول طريقة الإحاطة والتعامل مع متساكني هذه المخيمات من أطفال ونساء، خاصة في مخيمات سيئة السمعة والصيت مثل مخيم الهول التي قالت عنه منظمةSave the Children- انقذوا الأطفال أنه يقيم فيه الآن حوالي 7300 طفل في المخيم وبحسب المنظمة، فإن هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي خطأ ويحتاجون إلى الحماية. ومنذ شهر دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،كلّ الدول المعنية إلى استعادة رعاياها من مخيّم الهول الواقع في شرق سورية، وقال عنه غوتيريش أنه زار عندما كان مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيمات في كل أنحاء العالم وأن مخيّم الهول اليوم هو أسوأ مخيم بالعالم وبه أسوأ الظروف .
ويضمّ المخيّم الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة أكثر من 50 ألف شخص من عائلات مقاتلي تنظيم داعش بمن فيهم أجانب من نحو 60 دولة بالإضافة إلى نازحين سوريين ولاجئين عراقيين يبلغ عددهم نحو 25 ألفا.
وتعمل اليوم الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية على اقناع الدول بالسماح بعودة مواطنيها من نساء وخاصة الأطفال وانقاذهم من مخاطر شتى أولها الإرهاب والتطرف .
منية العرفاوي
تونس -الصباح
لم تقدم وزارة المرأة والطفولة توضيحات كافية في خصوص إعلانها عن عودة 51 طفلا من مناطق النزاع، حيث كشفت الوزارة في الندوة الصحفية التي عقدتها مؤخرا في الغرض أن هؤلاء الأطفال يتوزعون بين 16 طفلة و35 طفلا وأن أعمارهم تتراوح بين 5 و17 سنة وأنه تم ادماجهم في عائلاتهم الموسعة بمقتضى تدابير صادرة عن قضاة الاسرة وبالتنسيق مع مندوبي حماية الطفول وانها تعمل على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي وتوفير الخدمات الصحية والنفسية اللازمتين لهؤلاء الأطفال.
ولكن الوزارة لم تقدم توضيحات بشأن مناطق النزاع التي كان فيها هؤلاء الأطفال وهل أن بينهم من كان في المخيمات السورية التي تضم نساء وأطفال مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي، كما لم تقدم الوزارة توضيحات بشأن طريقة تسلمها لهؤلاء الأطفال وهل تم ذلك في اطار تعاون قضائي دولي أم بمبادرة تونسية لاستجلاب هؤلاء الأطفال وهل أن هؤلاء الأطفال العائدين عندما عادوا كانوا برفقة أمهاتهم أم أنهم من أولئك الأطفال الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم في معارك التنظيم الإرهابي وبقوا دون سند عائلي وهنا يطرح السؤال كيف تأكدت الدولة التونسية من هويتهم؟، خاصة وأن الرقم الذي تحدثت عنه الوزارة يعد رقما مهما ومناقضا تماما لتقديرات الجمعيات الحقوقية المهتمة بمتابعة أخبار هؤلاء الأطفال عندما كانوا في بؤر التوتر..
ولسنوات بقي ملف الأطفال في مناطق النزاع من الملفات "التابوه" والذي تتحرّج الدولة في طرحه أو الخوض فيه وأول مرة تم طرحه على المستوى الرسمي كان في بداية عهدة الرئيس قيس سعيد حيث استقبل وقتها مجموعة من الأطفال اليتامى العائدين من ليبيا والتي تورط ذويهم في القتال لصالح تنظيم داعش الإرهابي.
ورغم أن الوزارة لم تقدم توضيحات بشأن من أي بؤر نزاع عاد هؤلاء الأطفال ووضعيتهم الاجتماعية وطريقة تسلمهم؟، إلا أن وزيرة المرأة د.آمال موسى بينت أن من بين الـ 51 طفلا عائدا تمّ ترسيم 41 طفلا بالمسار الدراسي العادي بالمرحلة الابتدائية و3 أطفال ببرنامج الروضة العمومية وإلحاق 7 أطفال ببرنامج التأهيل التربوي والتكوين المهني كما اعتبرت أنّ إلحاق كل الأطفال العائدين بعائلاتهم الموسعة دون اللجوء إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية يعكس رغبة عائلات الأطفال في حماية أطفالهم وتأمين نجاح عودتهم وإدماجهم في محيطهم..، ورغم أن موسى أشارت إلى أن ذلك يتم تحت اشراف هياكل الطفولة المختصة ولكن دون توضيح اذا كانت هناك خطط متابعة لهؤلاء الأطفال حالة بحالة خاصة وان اغلبهم عاش وقائع قاسية في سنّ حساس ومهم في تكوين شخصية الطفل وتلك الاحداث لا يمكن التخلّص من آثارها النفسية بسهولة وتتطلب مرافقة نفسية لصيقة واحاطة على جميع المستويات.
أطفال لم يعودوا رغم أحكام البراءة
أكدت وزارة المرأة أن مصالحها سجلت مطالب عودة واردة بالأساس من الأجداد لأم أو أب الأطفال المقيمين بمختلف ولايات الجمهورية لقرابة 120 طفلا تم التنسيق في شأنهم مع مصالح وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج مؤكّدة الحرص على الإسراع والإعداد الجيّد لعودتهم والعمل بهذه الوثيقة المرجعية وذلك خلال الندوة التي قامت بها الوزارة في الغرض لإطلاق الوثيقة المرجعية لمسارات التعهد وإعادة إدماج الأطفال العائدين من مناطق النزاع والوثيقة المرجعية ستصدر في صياغتها النهائية في الأيام القليلة القادمة.
وترى بعض الأطراف المهتمة بمصير الأطفال في بؤر النزاع وخاصة العائلات والجمعيات الحقوقية المدافعة عن حقهم في العودة وفي اعتبار هؤلاء الأطفال ضحايا باعتبار ان لا ذنب لهم في كل ما حصل وانهم ضحية آباء وامهات اختاروا الالتحاق بالتنظيم الإرهابي دون إرادة من هؤلاء الأطفال.
منصف العبيدي هو خال الطفل براء المتواجد في ليبيا مع أمه منذ سنوات متنقلا بين سجن معيتقة والجديدة،قال في تصريح لـ»الصباح «حول ملف عودة الأطفال التونسيين من بؤر التوتر والنزاع : »في البداية أود أن أسأل اذا كانت الدولة جادة في معالجة هذا الملف وإيجاد حلول نهائية له كما تقتضي ذلك حقوق الطفل ومنظومة حقوق الإنسان، لماذا لم تسمح تونس الى اليوم بعودة شقيقتي وابنها من ليبيا رغم حصولها على حكم براءة بات من القضاء الليبي في ديسمبر الماضي يؤكد ان شقيقتي وحيدة الرابحي لم تتورط في أي أعمال إرهابية وأنها أمضت سنوات من حياتها في السجون الليبية دون جرم حقيقي وفي كل ذلك كان معها طفلها براء الذي مرّ بتجربة قاسية عندما أصيب في الغارة الأمريكية على مصراته وبقي يتعالج لأشهر وهو اليوم يحتاج إلى رعاية طبية ونفسية فقد عاش سنواته السبع في سجن معيتقة مع أمه وفي ظروف غير إنسانية بالمرة، وفي بيئة غير مناسبة للأطفال، فلماذا اليوم وبعد أن حكم القضاء ببراءة أربع نساء مع أطفالهن تتلكأ الدولة التونسية في إعادتهم رغم مطالبنا المتعددة إلى وزارة الخارجية والى رئاسة الجمهورية« .
ويضيف منصف العبيدي : »براء ابن شقيقتي طفل يتيم توفي والده في الغارة الامريكية على مصراتة وأمه لم يدنها القضاء الليبي ولم يجد ما يفيد تورطها في اعمال إرهابية فلماذا لم تسمح تونس بعودته رغم أن قنصلية تونس بطرابلس تابعت الموضوع ووعدتهم بالترحيل في اقرب وقت ولكن مرت الأشهر ولم يتم الترحيل ونحن ننتظر الى اليوم عودتهما".
ويذكر ان عائلات الأطفال المتواجدين في ليبيا من اجداد للأم والأب، استبشروا بعودة أبنائهم بعد استقبال رئيس الجمهورية لستة أطفال يتامى من ليبيا في بداية عهدته الرئاسية وقبلها عاد الطفل محمد الجندوبي وطفلين آخرين، وقد مثل الأطفال الذين تم اعتقالهم مع امهاتهم بعد الغارة الامريكية على مصراتة ووضعهم في سجن معيتيقة وكان عددهم قرابة 22 طفلا محل جدال طويل في تونس ومفاوضات تدخل فيها بعض النواب وبعض الأطراف السياسية في تونس، واليوم هناك أحكام براءة في حق الأمهات بما يفترض ان عودة هؤلاء الأطفال وامهاتهم لا يشكل أي خطر .
أطفال المخيمات السورية..
يعيش أطفال المخيمات السورية التي تضم عوائل تنظيم داعش الإرهابي من أطفال ونساء والذين تم القبض عليهم او فروّا من الرقة ظروف غير إنسانية بالإضافة الى الوصم الذي يلاحقهم والأفكار المتطرفة التي ما زالت تسيطر على هذه المخيمات ويمكن ان تحولهم الى متطرفين وتبرمجهم على أفكار دموية ويصعب اصلاح الامر كلما تقدم بهم العمر..
ورغم أن وزارة المرأة لم توضح ما اذا تمت إعادة أطفال من هذه المخيمات الا ان اغلب المصادر الحقوقية المهتمة في تونس بهذا الملف تؤكد أنه من الصعب أن تكون تونس استعادت أطفالا من تلك المخيمات التي لا يسيطر عليها النظام السوري بل قوات سوريا الديمقراطية»قسد «وهي طرف انفصالي في سوريا لا تعترف به تونس وبالتالي من الصعب ان تكون تسلمت الدولة أطفالا من هذه المخيمات .
ومن بين الجمعيات التي تتابع منذ سنوات وضع الأطفال بالمخيمات السورية نجد مرصد الحقوق والحريات والذي يملك قائمة تضم أكثر من 120 طفلا تونسيا عالقون في سوريا قال المدير التنفيذي للمرصد مروان جدة في تصريح سابق لـ»الصباح «أن أغلبهم دون سن التمييز (دون 13 سنة) وأنّ الدولة التونسية لم تتدخل من أجل إنقاذ أي منهم، بل إنها لم تتدخل حتى لإرجاع الحالات الإنسانية العاجلة، كحالات أيتام الأب والأم أو الحالات التي تتطلب تدخلا جراحيا عاجلا.
كما أكد المرصد في وقت سابق بأنه ثبت لديه وفاة أكثر من 4 أطفال دون سن الثلاث سنوات ماتوا إما بردا أو جوعا أو نتيجة للإهمال الطبي وأنّ الحصيلة مرشحة للارتفاع نظرا للظروف المأساوية داخل المخيمات ولسوء الأحوال الجوية هناك، كما أكد المرصد في بيان سابق أن عددا من الأطفال التونسيين قد تم إبعادهم عن أمهاتهم ونقلهم من المخيمات إلى السجون أو إلى جهات غير معلومة فقط لأنهم تجاوزوا سن 13 سنة .
كما أكد المرصد أن الدولة التونسية التي كانت تبرر رفضها إعادة الأطفال العالقين في مخيمات شمال شرق سوريا، بأنها لا تتفاوض مع التنظيمات الانفصالية أو الميليشيات المسلحة،كقوات سوريا الديمقراطية التي تشرف على المخيمات، أعادت في وقت سابق ما لا يقل عن 10 مقاتلين كانوا سجناء وأنهم موقوفون حاليا، لدى قوات سوريا الديمقراطية التي ترفض الدولة التعامل معها في ملف الأطفال.
وفي ملف أطفال المخيمات السورية مثل مخيم عين عيسى في الشمال السوري، طالما طالب الأجداد في وقفات احتجاجية أمام وزارة الشؤون الخارجية بعودة الأطفال وانقاذهم من مصير مخيف ومن بينهم، حمدة العويني، الذي أكد أن ابنته غادرت تونس مع زوجها وأطفالها في 2014 وابنه غادر وهو يبلغ عشرين سنة في 2013 للمشاركة في مهمّة إغاثة في سوريا دون ان يخبره وكان يدرس باكالوريا كما توفي ابنه الاخر في سوريا في 2014 والذي كان طالبا في تونس، وكلّهم غادروا برّا وبجوازات السفر. وبعد هذه الهجرة العائلية المتفرقة الى سوريا فقدت ابنته زوجها في المعارك هناك وترك لها أربعة أبناء كبر جميعهم في المخيم، كما ترك ابنه الذي توفي في المعارك زوجة وابنة، وجميعهم في مخيم عين عيسى التي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية وترفض الدولة التونسية من خلال وزارة الخارجية التواصل مع هذه القوات الانفصالية لان أي تواصل يعني الاعتراف بها .
ولئن يرى البعض اليوم ان عودة العلاقات الديبلوماسية مع النظام السوري وفي اعلى مستوى يمكن أن تساعد على حل ملف هؤلاء الأطفال العالقين ببؤر التوتر، الا انه عمليا لا يمكن لعودة العلاقات الديبلوماسية ان تفيد كثيرا في ملف استعادة الأطفال، لأن اغلب هؤلاء الأطفال هم اليوم في المخيمات التي تسيطر عليها قوات قسد الانفصالية والمعادية لنظام بشار الأسد.
ملف يحرج الدول
رغم ما تطرحه المخيمات السورية أو العراقية التي تستقبل نساء وأطفال تنظيم داعش من مخاطر وما يعيشه الأطفال هناك من فظاعات هم في الأصل غير مسؤولين عنها، الا أنه والى اليوم لم يتوصل المجتمع الدولي الى اتفاق واضح حول طريقة الإحاطة والتعامل مع متساكني هذه المخيمات من أطفال ونساء، خاصة في مخيمات سيئة السمعة والصيت مثل مخيم الهول التي قالت عنه منظمةSave the Children- انقذوا الأطفال أنه يقيم فيه الآن حوالي 7300 طفل في المخيم وبحسب المنظمة، فإن هؤلاء الأطفال لم يرتكبوا أي خطأ ويحتاجون إلى الحماية. ومنذ شهر دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش،كلّ الدول المعنية إلى استعادة رعاياها من مخيّم الهول الواقع في شرق سورية، وقال عنه غوتيريش أنه زار عندما كان مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيمات في كل أنحاء العالم وأن مخيّم الهول اليوم هو أسوأ مخيم بالعالم وبه أسوأ الظروف .
ويضمّ المخيّم الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق مدينة الحسكة أكثر من 50 ألف شخص من عائلات مقاتلي تنظيم داعش بمن فيهم أجانب من نحو 60 دولة بالإضافة إلى نازحين سوريين ولاجئين عراقيين يبلغ عددهم نحو 25 ألفا.
وتعمل اليوم الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية على اقناع الدول بالسماح بعودة مواطنيها من نساء وخاصة الأطفال وانقاذهم من مخاطر شتى أولها الإرهاب والتطرف .