إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد استقالته من "التيار".. شكري الجلاصي لـ"الصباح": التحاقنا بجبهة الخلاص غير مطروح.. وقريبا نقدم مبادرة سياسية

* جميع الأحزاب مطالبة بالقيام بمراجعات عميقة وتقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي

تونس-الصباح

بمجرد إعلان الاستقالات من التيار الديمقراطي والتي شملت أساسا ابرز الشخصيات المناضلة والمؤسسة لهذا الحزب حتى فتحت بوابات الجدل والإشاعات.

إشاعات أكدت أن خطوة الاستقالات هي ردة فعل طبيعية بعد أن تدخل خط "آل عبو" في ضرب مسيرة 10 ديسمبر الماضي وتعديلها الى موعد لاحق نتيجة تواجد حركة النهضة في نفس اليوم وفي نفس المكان الذي كان من المقرر أن تلتقي فيه الأحزاب الخمسة (التيار وحزب العمال والحزب الجمهوري والتكتل والقطب).

امتدادات الحديث السياسي عن استقالات غازي الشواشي ومحمد الحامدي ومجدي الكرباعي وشكري الجلاصي جاءت لتؤكد التحاق المستقيلين بجبهة الخلاص بعد أن فشلت النقاشات الداخلية في إقناع المكتب السياسي باتخاذ هذه الخطوة وهو ما اغضب المستقيلين.

وحتى يدرك عموم المتابعين حقيقة الأوضاع داخل التيار الديمقراطي اتصلت الصباح عبر تطبيقة "الميسنجر" بالمناضل السياسي المقيم بفرنسا شكري الجلاصي وكان الحوار التالي.

*كيف تقيمون أداء حزب "التيار" بعد 25 جويلية؟

أداء متوسط عموما وكان بالإمكان أفضل بكثير ممّا كان لولا الموقف من انقلاب 25 جويلية الذي كان مناسبة لنقاش واسع وحادّ داخل الحزب، برز على إثره اختلاف عميق بين وجهتي نظر، أولى رافضة للانقلاب على الدستور وعبّر عنها بيان المكتب السياسي الصادر صباح 26 جويلية وثانية متفهمة لما حصل وعبّر عنها لاحقا المجلس الوطني.

ذلك الاختلاف أحدث شرخا ظلّ الحزب يعاني رواسبه لاحقا ومثّل عائقا أمام إمكانية التقدم بأكثر نجاعة وفاعلية.

حاولنا التدارك لاحقا خاصة بعد صدور المرسوم 117 ودفعنا في اتجاه تكوين تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية ثم تنسيقية الخماسي وقمنا بما يمليه علينا ضميرنا في التصدي لمسار الانقلاب على الدستور وتدمير المؤسسات وإجهاض الانتقال الديمقراطي، سواء بالتحرّكات الميدانية والنزول للشارع أو عبر المواقف الموحدة و البيانات المشتركة.

نجحنا في محطات وفشلنا في أخرى.

*ماهي الأسباب الحقيقية للاستقالات الوازنة داخل التيار الديمقراطي؟

سأتحدث عن شخصي وما أقوله يلزمني، الأسباب قديمة منذ ما قبل الانقلاب وتعود الى ما بعد مؤتمر 2019، وتتعلّق باختلاف المقاربة السياسية للمرحلة بين مقاربة عقلانية تريد التركيز على البرامج والإصلاحات ومقاربة تعتمد أساسا التشنج والخطاب الشعبوي.

دخل الحزب مشاورات تشكيل الحكومة ولم يول اهتماما بالبرامج والإصلاحات، ثم اتسّم أداء بعض النواب بعدم الانضباط لقرارات المكتب السياسي.

تعمق ذلك الاختلاف بعد الانقلاب و السائد أصبح خانقا تغلب عليه الهرسلة والشكّ والريبة وتجريم التفكير الحرّ.

في التيار كنا اغلب ما نفعله هو التعليق على الشأن الجاري وردة الفعل على ما يقع في حين أنّ بلادنا تحتاج الى جهد غير اعتيادي في استنباط حلول كبرى لمشاكل عويصة.

إن المقاربة الكلاسيكية الحزبية في مواجهة الوضع أصبحت غير فعالة ومجدية لان محدودية الآلة الحزبية الحالية لم تقدر على إيقاف التدهور والانفراد بالحكم وبقيت في مستوى الاحتجاج.

*ألا تعتبرون أن الاستقالات يمكن أن تمس من مصداقية الحزب؟

الحياة السياسية الديمقراطية عمودها الفقري وحجر أساسها هي الأحزاب ولكن يجب أن تكون أحزابا فاعلة قادرة على تقديم مقترحات وحلول للمشاكل المطروحة في المجتمع.

شخصيا استقالتي هي مساهمة منّي لإحداث رجّة وتحريك المياه الراكدة والقيام بالنقد الذاتي.

وجميع الأحزاب مطالبة بالقيام بمراجعات عميقة وتقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي ما قبل الانقلاب.

 نحتاج الى تقييم ونقد موضوعيين يتحمل فيها كل الفاعلين المسؤولية التاريخية بقدر مساهمتهم فيها، علينا أن تكون لنا الشجاعة لنقيم التجارب الحزبية منذ الثورة الى الآن كي نقف على نواقصها وايجابياتها من اجل التأسيس الى فعل سياسي وحزبي مستقبلي أكثر نضجا وأكثر تطورا وفهما للواقع.

*ماهي الوجهة القادمة وما صحة الالتحاق بجبهة الخلاص ومبادرة الأستاذ نجيب الشابي؟

الأستاذ نجيب الشابي رجل مناضل وشريف ونكنّ له كل الاحترام والتقدير ولكن انفي تماما ما يروّج من إشاعات حول التحاقنا بجبهة الخلاص وهذا غير مطروح بتاتا.

ومن ناحية أخرى أجزم  لك أن موضوع التقارب أو الالتحاق بجبهة الخلاص لم يطرح البتة في التيار وليس موضوع خلاف أبدا عكس ما يحاول البعض الترويج له..

واستغل هذه المناسبة لأوضّح أنّ معضلتنا في تونس منذ الثورة أننا ننظر دائما الى الفعل السياسي من ثقب ضيق هو العلاقة مع فلان أو علان أو هذا الطرف أو ذاك. نحن نبحث عن مقاربة عقلانية تعيد تأسيس المشترك بين التونسيين على قاعدة صلبة وشفافة والى حوار صريح بين جميع الفاعلين لصالح شعبنا وبلدنا وليس التموقع في جبهات أو البحث عن خصومات أو تحالفات.. يجب أن نفكر في إنقاذ بلادنا لا في التقارب مع هذا أو إقصاء ذلك..

*هل من الممكن أن تنجح المعارضة في لم الشمل وبناء قوة سياسية في مواجهة مشروع قيس سعيد؟

نتائج انقلاب قيس سعيد قادتنا الى أن كل مشترك ممكن بين جميع التونسيين مهما كانوا متحزبين أو مجتمعا مدنيا أو فاعلين في أي مجال قد تدحرج الى أدنى مستوياته.

إنّ نسبة المشاركة في انتخابات قيس سعيد ليوم 17 ديسمبر والتي لم تتعد 11.22 بالمائة تدل أننا ذاهبون الى الانهيار والإفلاس التام وانعدام ثقة المانحين الدوليين، هذا الوضع لا يمكن إصلاحه فقط بالاحتجاج وخطاب شعبوي أو انفعالي أو مبني فقط على ردة الفعل.

نحن الآن نحتاج الى إعادة بناء المشترك بين جميع التونسيين مهما كانت اختلافاتهم أو مقارباتهم وإلى حلول عاجلة تعتمد أساسا على اتفاق بين جميع الفاعلين من أحزاب ومنظمات وطنية وقوى مجتمع مدني وشخصيات وطني على قواعد مشتركة تسمح بإعادة بناء البلاد وإنقاذها من أزمتها.

لذلك نحن الآن وبعد استقالتنا قد شرعنا في اتصالات حثيثة مع عديد الشخصيات السياسية والاعتبارية من اجل اقتراح خارطة طريق تؤسس للمشترك وتسمح بإيجاد حل عملي وسلمي للازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عمقها الانقلاب.

حوار: خليل الحناشي

بعد استقالته من "التيار".. شكري الجلاصي لـ"الصباح": التحاقنا بجبهة الخلاص غير مطروح.. وقريبا نقدم مبادرة سياسية

* جميع الأحزاب مطالبة بالقيام بمراجعات عميقة وتقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي

تونس-الصباح

بمجرد إعلان الاستقالات من التيار الديمقراطي والتي شملت أساسا ابرز الشخصيات المناضلة والمؤسسة لهذا الحزب حتى فتحت بوابات الجدل والإشاعات.

إشاعات أكدت أن خطوة الاستقالات هي ردة فعل طبيعية بعد أن تدخل خط "آل عبو" في ضرب مسيرة 10 ديسمبر الماضي وتعديلها الى موعد لاحق نتيجة تواجد حركة النهضة في نفس اليوم وفي نفس المكان الذي كان من المقرر أن تلتقي فيه الأحزاب الخمسة (التيار وحزب العمال والحزب الجمهوري والتكتل والقطب).

امتدادات الحديث السياسي عن استقالات غازي الشواشي ومحمد الحامدي ومجدي الكرباعي وشكري الجلاصي جاءت لتؤكد التحاق المستقيلين بجبهة الخلاص بعد أن فشلت النقاشات الداخلية في إقناع المكتب السياسي باتخاذ هذه الخطوة وهو ما اغضب المستقيلين.

وحتى يدرك عموم المتابعين حقيقة الأوضاع داخل التيار الديمقراطي اتصلت الصباح عبر تطبيقة "الميسنجر" بالمناضل السياسي المقيم بفرنسا شكري الجلاصي وكان الحوار التالي.

*كيف تقيمون أداء حزب "التيار" بعد 25 جويلية؟

أداء متوسط عموما وكان بالإمكان أفضل بكثير ممّا كان لولا الموقف من انقلاب 25 جويلية الذي كان مناسبة لنقاش واسع وحادّ داخل الحزب، برز على إثره اختلاف عميق بين وجهتي نظر، أولى رافضة للانقلاب على الدستور وعبّر عنها بيان المكتب السياسي الصادر صباح 26 جويلية وثانية متفهمة لما حصل وعبّر عنها لاحقا المجلس الوطني.

ذلك الاختلاف أحدث شرخا ظلّ الحزب يعاني رواسبه لاحقا ومثّل عائقا أمام إمكانية التقدم بأكثر نجاعة وفاعلية.

حاولنا التدارك لاحقا خاصة بعد صدور المرسوم 117 ودفعنا في اتجاه تكوين تنسيقية الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية ثم تنسيقية الخماسي وقمنا بما يمليه علينا ضميرنا في التصدي لمسار الانقلاب على الدستور وتدمير المؤسسات وإجهاض الانتقال الديمقراطي، سواء بالتحرّكات الميدانية والنزول للشارع أو عبر المواقف الموحدة و البيانات المشتركة.

نجحنا في محطات وفشلنا في أخرى.

*ماهي الأسباب الحقيقية للاستقالات الوازنة داخل التيار الديمقراطي؟

سأتحدث عن شخصي وما أقوله يلزمني، الأسباب قديمة منذ ما قبل الانقلاب وتعود الى ما بعد مؤتمر 2019، وتتعلّق باختلاف المقاربة السياسية للمرحلة بين مقاربة عقلانية تريد التركيز على البرامج والإصلاحات ومقاربة تعتمد أساسا التشنج والخطاب الشعبوي.

دخل الحزب مشاورات تشكيل الحكومة ولم يول اهتماما بالبرامج والإصلاحات، ثم اتسّم أداء بعض النواب بعدم الانضباط لقرارات المكتب السياسي.

تعمق ذلك الاختلاف بعد الانقلاب و السائد أصبح خانقا تغلب عليه الهرسلة والشكّ والريبة وتجريم التفكير الحرّ.

في التيار كنا اغلب ما نفعله هو التعليق على الشأن الجاري وردة الفعل على ما يقع في حين أنّ بلادنا تحتاج الى جهد غير اعتيادي في استنباط حلول كبرى لمشاكل عويصة.

إن المقاربة الكلاسيكية الحزبية في مواجهة الوضع أصبحت غير فعالة ومجدية لان محدودية الآلة الحزبية الحالية لم تقدر على إيقاف التدهور والانفراد بالحكم وبقيت في مستوى الاحتجاج.

*ألا تعتبرون أن الاستقالات يمكن أن تمس من مصداقية الحزب؟

الحياة السياسية الديمقراطية عمودها الفقري وحجر أساسها هي الأحزاب ولكن يجب أن تكون أحزابا فاعلة قادرة على تقديم مقترحات وحلول للمشاكل المطروحة في المجتمع.

شخصيا استقالتي هي مساهمة منّي لإحداث رجّة وتحريك المياه الراكدة والقيام بالنقد الذاتي.

وجميع الأحزاب مطالبة بالقيام بمراجعات عميقة وتقييم مرحلة الانتقال الديمقراطي ما قبل الانقلاب.

 نحتاج الى تقييم ونقد موضوعيين يتحمل فيها كل الفاعلين المسؤولية التاريخية بقدر مساهمتهم فيها، علينا أن تكون لنا الشجاعة لنقيم التجارب الحزبية منذ الثورة الى الآن كي نقف على نواقصها وايجابياتها من اجل التأسيس الى فعل سياسي وحزبي مستقبلي أكثر نضجا وأكثر تطورا وفهما للواقع.

*ماهي الوجهة القادمة وما صحة الالتحاق بجبهة الخلاص ومبادرة الأستاذ نجيب الشابي؟

الأستاذ نجيب الشابي رجل مناضل وشريف ونكنّ له كل الاحترام والتقدير ولكن انفي تماما ما يروّج من إشاعات حول التحاقنا بجبهة الخلاص وهذا غير مطروح بتاتا.

ومن ناحية أخرى أجزم  لك أن موضوع التقارب أو الالتحاق بجبهة الخلاص لم يطرح البتة في التيار وليس موضوع خلاف أبدا عكس ما يحاول البعض الترويج له..

واستغل هذه المناسبة لأوضّح أنّ معضلتنا في تونس منذ الثورة أننا ننظر دائما الى الفعل السياسي من ثقب ضيق هو العلاقة مع فلان أو علان أو هذا الطرف أو ذاك. نحن نبحث عن مقاربة عقلانية تعيد تأسيس المشترك بين التونسيين على قاعدة صلبة وشفافة والى حوار صريح بين جميع الفاعلين لصالح شعبنا وبلدنا وليس التموقع في جبهات أو البحث عن خصومات أو تحالفات.. يجب أن نفكر في إنقاذ بلادنا لا في التقارب مع هذا أو إقصاء ذلك..

*هل من الممكن أن تنجح المعارضة في لم الشمل وبناء قوة سياسية في مواجهة مشروع قيس سعيد؟

نتائج انقلاب قيس سعيد قادتنا الى أن كل مشترك ممكن بين جميع التونسيين مهما كانوا متحزبين أو مجتمعا مدنيا أو فاعلين في أي مجال قد تدحرج الى أدنى مستوياته.

إنّ نسبة المشاركة في انتخابات قيس سعيد ليوم 17 ديسمبر والتي لم تتعد 11.22 بالمائة تدل أننا ذاهبون الى الانهيار والإفلاس التام وانعدام ثقة المانحين الدوليين، هذا الوضع لا يمكن إصلاحه فقط بالاحتجاج وخطاب شعبوي أو انفعالي أو مبني فقط على ردة الفعل.

نحن الآن نحتاج الى إعادة بناء المشترك بين جميع التونسيين مهما كانت اختلافاتهم أو مقارباتهم وإلى حلول عاجلة تعتمد أساسا على اتفاق بين جميع الفاعلين من أحزاب ومنظمات وطنية وقوى مجتمع مدني وشخصيات وطني على قواعد مشتركة تسمح بإعادة بناء البلاد وإنقاذها من أزمتها.

لذلك نحن الآن وبعد استقالتنا قد شرعنا في اتصالات حثيثة مع عديد الشخصيات السياسية والاعتبارية من اجل اقتراح خارطة طريق تؤسس للمشترك وتسمح بإيجاد حل عملي وسلمي للازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عمقها الانقلاب.

حوار: خليل الحناشي