إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: على أهميّة الدستور الجديد الدستور الحقيقي لم يكتب بعد !!

بقلم- ريم بالخذيري(*)

انهت لجنة صياغة مشروع الدستور الجديد أشغالها وأحالت نسخة منه الى رئيس الجمهورية للتعديل وعرضه على الشعب التونسي في استفتاء 25جويلية 2022.

ورغم أن مشروع النسخة النهائية لم ينشر بعد للعموم إلا أن التسريبات والتخمينات والتخوّفات والتفاؤلات نشطت بقوة هذا الأسبوع والكل يدّعي امتلاك الحقيقة.

الدستور الجديد لن يكون خارقا لنواميس الدساتير الكونية وربما يكون أفضل أو أسوأ من دستوري 1956 و2014.

ولكن الدستور الحقيقي لم يكتب بعد ولن يكتب في القريب العاجل.فهو أكبر من أن تصوغه لجنة أو يحتويه كتاب اذ هو أقرب للعقد الجماعي والذهني. وقد كتب البعض منه في الحركة الوطنية وترجمت بعض شعاراته في دستور 1956 .وكتب البعض الأخر من هذا العقد على جدران مدن الحوض المنجمي في 2008 وعلى جدران جلّ المدن التونسية بين 17ديسمبر2010 و14جانفي 2011 منها "شغل.حرّية.كرامة وطنية." وتضمنها دستور 2014.

ولكن مع الأسف فان كل هذه الشعارات عجز الدستوران الأوّلان للجمهورية الأولى و الجمهورية الثانية عن استيعابها .وما ورد فيهما مترجما لهذه الشعارات بقي حبرا على ورق لأسباب عديدة أهمهّا الافتقاد لمؤسسات صارمة تهدف الى تطبيق ما جاء به الدستور حيث يعدّ كل دستور مهما علا شأنه أبترا وعاجزا عن تغيير حياة الناس مالم تكن مؤسسات تحميه وتفرضه على الجميع .

أمّا ما سرّب لنا من دستور 2022 فهي شعارات جميلة وبرّاقة وتلبّي في أغلبها طموحات الشعب لكنها لن تكون كافية وان حازت ثقة المستفتين. فالأهم من كتابتها هو تنزيلها في الواقع وايجاد القوانين والهيئات والمؤسسات الضامنة لتطبيقها. ومن المهمّ أيضا أن يكون الدستور مراعيا للولاء والتجديد والتفاهم مع كل جيل وإلا فلن يستمر.مثلما يقول الفقيه في القانون الدستوريو السياسي الامريكي المعروف" أنتوني كينيدي".

الدستور عقلية...

 من المتعارف عليه أن الدساتير هي عصارة ثقافة وسلوك مجتمعي والشعب هو الذي يخط دستوره الموضوع قبل المكتوب وبالتالي فلا قيمة لأي أحكام في أي دستور طالما لم يصاحبها وعي بأهمية العيش المشترك ووعي كامل بالمواطنة .

ومهما كانت قيمة العقد الاجتماعي المضمّن في الدستور فلن يكون بإمكانه الرقيّ بشعب يفتقد للأخلاق الكونية ولروح التقدّم انمّا العكس هو الصحيح حيث لا تحتاج الشعوب المتطورة والمتمرّسة على الديمقراطية والحرّية لدستور ينظّم حياتها. ولنا خير دليل في الدستور الأمريكي مثلا وهو الأقدم في الدساتير الحالية حيث لا يقع الاستنجاد به واستعمال نصوصه الا نادرا فهو قد ولد في النفوس قبل النصوص.

بالنسبة لنا في تونس لابدّ من أن يتمّ التعامل مع الدستور الجديد في حالة نيله ثقة الشعب خلال الاستفتاء المزمع تنظيمه على أنهّ نص وليس عصا سحرية ستحلّ مشاكل الشعب في الاقتصاد والسياسة والمجتمع .ولابدّ أن يصاحب اعتماده ندوات وملتقيات وحملات تحسيسية وتفسيرية حتى يرسخ في النفوس ويصبح المحرّك للسلوك المواطني وهذا يتطلّب مؤسسات وهيئات قوية تضمن تطبيق أحكامه .

وعلينا تجنّب تقديس الدستور قبل تقديس القيم الانسانية و الاخلاقية التي صنعته فهو بدونها سيكون أجوفا وأعرجا كسابقيه مثلما أشرنا لذلك .

الدستور الحقيقي لم يكتب بعد وكل التونسيين مدعوين لكتابته في المؤسسات التعليمية و في المؤسسات العمومية و في المصانع و في الحقول وفي الشوارع .

وحتى أن لم نقدر على كتابته فلنلقّنه ونلقّن مبادئه لأبنائنا لبناء تونس الغد وخلال الأربعين أو الخمسين سنة القادمة وأكثر.

(*) رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط

 

 

 

 

 

منتدى الصباح: على أهميّة الدستور الجديد الدستور الحقيقي لم يكتب بعد !!

بقلم- ريم بالخذيري(*)

انهت لجنة صياغة مشروع الدستور الجديد أشغالها وأحالت نسخة منه الى رئيس الجمهورية للتعديل وعرضه على الشعب التونسي في استفتاء 25جويلية 2022.

ورغم أن مشروع النسخة النهائية لم ينشر بعد للعموم إلا أن التسريبات والتخمينات والتخوّفات والتفاؤلات نشطت بقوة هذا الأسبوع والكل يدّعي امتلاك الحقيقة.

الدستور الجديد لن يكون خارقا لنواميس الدساتير الكونية وربما يكون أفضل أو أسوأ من دستوري 1956 و2014.

ولكن الدستور الحقيقي لم يكتب بعد ولن يكتب في القريب العاجل.فهو أكبر من أن تصوغه لجنة أو يحتويه كتاب اذ هو أقرب للعقد الجماعي والذهني. وقد كتب البعض منه في الحركة الوطنية وترجمت بعض شعاراته في دستور 1956 .وكتب البعض الأخر من هذا العقد على جدران مدن الحوض المنجمي في 2008 وعلى جدران جلّ المدن التونسية بين 17ديسمبر2010 و14جانفي 2011 منها "شغل.حرّية.كرامة وطنية." وتضمنها دستور 2014.

ولكن مع الأسف فان كل هذه الشعارات عجز الدستوران الأوّلان للجمهورية الأولى و الجمهورية الثانية عن استيعابها .وما ورد فيهما مترجما لهذه الشعارات بقي حبرا على ورق لأسباب عديدة أهمهّا الافتقاد لمؤسسات صارمة تهدف الى تطبيق ما جاء به الدستور حيث يعدّ كل دستور مهما علا شأنه أبترا وعاجزا عن تغيير حياة الناس مالم تكن مؤسسات تحميه وتفرضه على الجميع .

أمّا ما سرّب لنا من دستور 2022 فهي شعارات جميلة وبرّاقة وتلبّي في أغلبها طموحات الشعب لكنها لن تكون كافية وان حازت ثقة المستفتين. فالأهم من كتابتها هو تنزيلها في الواقع وايجاد القوانين والهيئات والمؤسسات الضامنة لتطبيقها. ومن المهمّ أيضا أن يكون الدستور مراعيا للولاء والتجديد والتفاهم مع كل جيل وإلا فلن يستمر.مثلما يقول الفقيه في القانون الدستوريو السياسي الامريكي المعروف" أنتوني كينيدي".

الدستور عقلية...

 من المتعارف عليه أن الدساتير هي عصارة ثقافة وسلوك مجتمعي والشعب هو الذي يخط دستوره الموضوع قبل المكتوب وبالتالي فلا قيمة لأي أحكام في أي دستور طالما لم يصاحبها وعي بأهمية العيش المشترك ووعي كامل بالمواطنة .

ومهما كانت قيمة العقد الاجتماعي المضمّن في الدستور فلن يكون بإمكانه الرقيّ بشعب يفتقد للأخلاق الكونية ولروح التقدّم انمّا العكس هو الصحيح حيث لا تحتاج الشعوب المتطورة والمتمرّسة على الديمقراطية والحرّية لدستور ينظّم حياتها. ولنا خير دليل في الدستور الأمريكي مثلا وهو الأقدم في الدساتير الحالية حيث لا يقع الاستنجاد به واستعمال نصوصه الا نادرا فهو قد ولد في النفوس قبل النصوص.

بالنسبة لنا في تونس لابدّ من أن يتمّ التعامل مع الدستور الجديد في حالة نيله ثقة الشعب خلال الاستفتاء المزمع تنظيمه على أنهّ نص وليس عصا سحرية ستحلّ مشاكل الشعب في الاقتصاد والسياسة والمجتمع .ولابدّ أن يصاحب اعتماده ندوات وملتقيات وحملات تحسيسية وتفسيرية حتى يرسخ في النفوس ويصبح المحرّك للسلوك المواطني وهذا يتطلّب مؤسسات وهيئات قوية تضمن تطبيق أحكامه .

وعلينا تجنّب تقديس الدستور قبل تقديس القيم الانسانية و الاخلاقية التي صنعته فهو بدونها سيكون أجوفا وأعرجا كسابقيه مثلما أشرنا لذلك .

الدستور الحقيقي لم يكتب بعد وكل التونسيين مدعوين لكتابته في المؤسسات التعليمية و في المؤسسات العمومية و في المصانع و في الحقول وفي الشوارع .

وحتى أن لم نقدر على كتابته فلنلقّنه ونلقّن مبادئه لأبنائنا لبناء تونس الغد وخلال الأربعين أو الخمسين سنة القادمة وأكثر.

(*) رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews