إثر الاستماع إلى وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، ناقش أعضاء لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب بمعية أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة مشتركة بقصر باردو مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026. وطالبوا بتعويض نظام التراخيص بكراسات شروط، وتحسين مناخ الأعمال والنهوض بالاستثمار في المجالات الواعدة خاصة في الطاقات المتجددة، والحد من الفوارق التنموية بين الجهات، ومراجعة الأمر المتعلق بالصفقات العمومية والتسريع في إنجاز برنامج رقمنة الإدارة لتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين التونسيين والأجانب.
واستفسروا عن مآل المشاريع التي اقترحتها المجالس المحلية والمجالس الجهوية في إطار إعداد مشروع المخطط. في حين تحدث آخرون عن عدم انعكاس تحسن نسبة النمو خلال العام الجاري على واقع التونسيين ومقدرتهم الشرائية، مشيرين إلى أن الأسعار مرتفعة وليست في متناول المواطن.
أما رئيس لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب، عبد الجليل الهاني، فأشار إلى أنه لم يقع تحقيق تقدم على مستوى مراجعة منظومة التراخيص وتعويضها بكراسات شروط. وبين أن المؤسسات التي تعرضت إلى أزمات لم تتمتع بالتمويل اللازم والآليات الكفيلة بإنعاشها من أجل إعادة إدماجها في الدورة الاقتصادية.
وفسر الهاني أن إجراءات مشروع قانون المالية لسنة 2026 هي ترجمة لتوجهات مشروع الميزان الاقتصادي، لكنه لاحظ أنه لم تُذكر في مشروع الميزان الاقتصادي وضعية المؤسسات العمومية والخسائر التي تسجلها هذه المؤسسات كل سنة رغم ما تم ضخه من أموال من ميزانية الدولة لفائدتها.
وخلص رئيس اللجنة إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المتبعة حيال المؤسسات العمومية ومراجعة طريقة تسييرها، ووضع خطة تساهم في تحويلها من مؤسسات محتاجة إلى دعم الدولة إلى مؤسسات منتجة ومساهمة في تمويل ميزانية الدولة. وقال إنه من المفارقات العجيبة أن يتم اقتراح دعم شركة فسفاط قفصة من المالية العمومية، وأضاف أنه كان من المفروض أن شركة الفسفاط هي التي تدعم الميزانية. كما نبه الهاني من جديد إلى تبعات تواصل التداين الداخلي على الاقتصاد ومن إمكانية تأثير ذلك على التضخم. وبخصوص فرضية الخروج إلى السوق المالية العالمية للاقتراض، قال إنه يأمل في أن يكون ذلك بنسبة فائدة معقولة.
ويرى رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سليم سالم أن وزارة الاقتصاد والتخطيط هي العقل الذي يفكر ويبرمج. وأضاف أنه في علاقة بتواصل معضلة العجز الطاقي، كان يأمل لو تم وضع خطة واضحة وتواريخ مضبوطة لتنفيذ برنامج الطاقات المتجددة من أجل تلافي الهوة الكبيرة الموجودة حاليًا بين ما هو مبرمج وما وقع إنجازه فعليًا. وثمن رئيس اللجنة توجه الدولة نحو دعم التشغيل.
وفي علاقة بتحسن العائدات من العملة الصعبة المتأتية من تحويلات التونسيين بالخارج، دعا سالم إلى توضيح رؤية الدولة لهجرة الأدمغة: هل تريد منهم الهجرة لكي يساهموا في تحسين التحويلات من العملة الصعبة أم أنها تريد الاستفادة من هذه الكفاءات داخل البلاد؟ وتساءل عن الآليات التي تم اعتمادها لاختيار المشاريع المقررة إنجازها في إطار ميزانية الدولة لسنة 2026. وبين أنه لن يصادق على أي مهمة لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب المواطنين في الجهات.
وبين أنه كان بإمكان الوزارة في مرحلة إعداد مشروع المخطط صلب المجالس المحلية وضع سقف لقيمة المشاريع المقترحة وفق إمكانيات المالية العمومية، لكنها لم تفعل، وهي بهذه الكيفية حركت في المجالس المحلية النزعة المطلبية.
تقديم المشروع
وقدّم وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ خلال الجلسة المشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بالغرفتين النيابيتين المنعقدة أمس بقصر باردو، مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026، وتحدث عن الوضع العام في تونس وعن الظرف الاقتصادي الدولي والوطني الراهن، وعن توقعات النمو الاقتصادي في تونس، والفرضيات التي تم اعتمادها لتحديد هذه التوقعات، وعن الخيارات الوطنية.
ففي ما يتعلق بالوضع العام، أشار إلى أن تونس تقدمت في تجسيد المبادئ الدستورية الرامية إلى التعويل على الذات وتكريس العدالة الاجتماعية وإنصاف مختلف الفئات، وبين أن سنة 2026 ستكون السنة الأولى في تنفيذ المخطط التنموي 2026ـ 2030 الذي استند إعداده إلى منهجية تصاعدية انطلاقًا من المحلي فالجهوي فالإقليمي، وبين أنه سيتم العمل على تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية واستحقاقات النمو الاقتصادي.
وبالنسبة إلى الظرف الاقتصادي على المستوى الدولي، فقد تميز حسب وصفه بتراكم الصدمات في سياق معقد مع تواصل كبير لحالة عدم اليقين. واستعرض الوزير في هذا السياق معطيات حول توقعات النمو في العديد من البلدان وحول تطور التضخم في أمريكا وألمانيا وفرنسا، مؤكدًا على المنحى التنازلي للأسعار العالمية للمواد الغذائية والمواد الأساسية والنفط، وهو ما انعكس على نسبة التضخم في تونس.
وفسر أنه توجد منطلقات إيجابية للاقتصاد الوطني؛ فهناك تطور في نسبة النمو مع انخفاض في نسبة التضخم، وهو ما يدل على بوادر انتعاشة يجب حسن استغلالها خلال الفترة القادمة. كما تحسنت نسبة النمو خلال الثلاثي الثاني إلى 3.2 %، وكانت هذه النسبة خلال سنة 2024 في حدود 1.5 % فقط. وحتى معدل البطالة فقد تراجع إلى 15.3 % خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري، مع تسجيل تحكم نسبي في نسبة التضخم في حدود 5 % خلال شهر سبتمبر 2025، مقابل 6.7 % تم تسجيلها في سبتمبر 2024.
وأفاد عبد الحفيظ النواب بأن المعهد الوطني للإحصاء سيصدر بعد غد نسبة التضخم خلال شهر أكتوبر. ولاحظ أنه تمت المحافظة على مستويات مقبولة من مدخرات العملة الصعبة التي بلغت يوم 29 أكتوبر من العام الجاري 106 أيام توريد، مع تسجيل تحسن على مستوى متابعة المشاريع المعطلة وتسريع الإنجاز سواء تعلق الأمر بمشاريع جهوية أو مشاريع وطنية.
وأضاف أنه تمت المحافظة على المقدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود جراء الترفيع في مقدار التحويلات المالية الشهرية، وتحسن جراية التقاعد، ومراجعة جدول الضريبة على الدخل التي ترتب عنها الترفيع آليًا في دخل هذه الفئات، وخاصة جرايات التقاعد في القطاع الخاص. وأكد أنه تم تحسين ظروف العمل من خلال مراجعة مجلة الشغل، وتجسيم برنامج إدماج الأساتذة والمعلمين النواب، واستكمال تسوية وضعية الدفعة الثالثة من عملة الحضائر، وتحسين وضعية النقل العمومي من خلال اقتناء حافلات. كما أعلن الوزير خلال الجلسة عن برمجة اقتناء 118 حافلة جديدة وشراء 14 عربة مترو لخط «تي جي آم».
ولاحظ تحسن الميزان الغذائي، وأكد أن هناك مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي.
العجز التجاري
وفي المقابل، بين الوزير سمير عبد الحفيظ أن نسبة العجز التجاري ارتفعت، وأكد أنه من المهم جدًا مراقبة نسق هذا الارتفاع، الذي يعود في نسبة كبيرة منه إلى توريد مواد التجهيز. وبين أن توريد مواد التجهيز دليل على أن الشركات بصدد اقتناء تجهيزات جديدة ومتطورة سواء في إطار مشاريع التوسعة أو في إطار استثمارات جديدة، وهو ما سينعكس في المستقبل إيجابيًا على النمو الاقتصادي.
وتطرق الوزير في مداخلته إلى المؤشرات الإيجابية التي تم تحقيقها على مستوى تحويلات التونسيين بالخارج، وبين أن هذه التحويلات مع العائدات السياحية تغطي قرابة 27 بالمائة من العجز التجاري. وذكر أنه من المهم جدا مزيد تشجيع التونسيين بالخارج على تحويل أكبر قدر ممكن من مداخيلهم إلى تونس.
وفسر عبد الحفيظ سبب تراجع نسبة التضخم بالجهود المبذولة من أجل دعم الرقابة على مسالك التوزيع، فضلاً عما قام به البنك المركزي، إذ تم اعتماد سياسة نقدية ساهمت في دعم المسار التنازلي للتضخم. وذكر أنه بتخفيض الفائدة المديرية، تنخفض كلفة التمويل بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية، وهو ما يشجعها على الاستثمار.
أما المؤشرات التي تستدعي المتابعة الدورية، فهي تهم حسب قوله قطاع الفسفاط. وبين أنه تم تسجيل تحسن نسبي في إنتاج الفسفاط، ويعود الأمر إلى حل مشكلة النقل. وذكر أنه تم تمرير قرضين لتمويل مشروع نقل الفسفاط، وسيتم لاحقًا تقديم قرض آخر للبرلمان. وذكر أن الهدف المبرمج على مستوى إنتاج الفسفاط لسنة 2025 كان في حدود 5 مليون طن، لكن تم تحيين فرضية إنتاج الفسفاط ليبلغ مستوى الإنتاج المنتظر بلوغه خلال العام الجاري 4.5 مليون طن.
كما أشار إلى تراجع إنتاج المحروقات بسبب الانخفاض الطبيعي لأهم الحقول، وغياب استكشافات جديدة، وانخفاض الرخص وتعطل التجديد، وانخفاض معدل الإنتاج اليومي ليبلغ في شهر أوت الماضي 26.2 ألف برميل، بعد أن كان 29.5 ألف برميل في أوت 2024. وخلص الوزير إلى أنه من الضروري العمل على التقليص في العجز الطاقي ودعم التوجه نحو الطاقات المتجددة، وبحث فرص جديدة للاستثمار في هذا المجال.
وأقر بصريح العبارة بأن نسبة الاستثمار عمومًا تبقى غير كافية، وذكر أنه يجب العمل على تحسين هذه النسبة، خاصة في ظل وجود عدة عوامل إيجابية منها تطور الاستثمارات المصرح بها لتبلغ في شهر أوت 39 مليار دينار مقابل 34 مليار دينار سنة 2024، كما لاحظ تحسن الترقيم السيادي في علاقة بالتطورات المسجلة خاصة على مستوى التحكم في التوازنات المالية الداخلية والخارجية، واستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية. وقال إن هذه المعطيات تدعو إلى التفكير في الخروج إلى السوق المالية العالمية، وفسر أنه توجد إمكانية لكي تخرج تونس للسوق المالية العالمية، ويعود ذلك لتحسن الترقيم السيادي.
نقاط ضعف
لم يخفِ وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ انشغاله بنقاط الضعف التي لاحظها في الاقتصاد الوطني، لكنه أكد في المقابل وجود العديد من الفرص المتاحة لتحسين الوضع، يجب استغلالها، وهناك مخاطر يجب الحذر منها.
ولخص نقاط قوة الاقتصاد الوطني بالاستقرار الاجتماعي، وتراجع العجز الجاري، وتراجع نسبة التضخم، وتحسن المقدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود، ومردودية قطاعي الفلاحة والسياحة، وتحسن المدخرات من العملة الصعبة، وتحسن الترقيم السيادي. أما نقاط الضعف فتتمثل في ضعف إحداث مواطن الشغل، وبين أن القطاع العام لا يمكنه أن يشغل الجميع، لذلك من المهم جدًا العمل على الترفيع في استثمارات القطاع الخاص ودعم تشغيليته. ومن نقاط الضعف الأخرى، حسب قوله، ارتباط الإنتاج الفلاحي بالعوامل المناخية، وهو ما يتطلب تحسين الموارد المائية من خلال معالجة المياه المستعملة وتنفيذ البرامج التي تقوم بها وزارتي الفلاحة والبيئة لتحسين نوعية المياه المعالجة ثلاثيًا.
ولا حظ أن العجز التجاري يبقى نقطة ضعف كبيرة في الاقتصاد، ولا بد من الاشتغال على هذه المسألة للتقليص في نسبة هذا العجز، كما يجب العمل على الحد من التفاوت التنموي بين الجهات.
الفرص المتاحة
وبخصوص الفرص المتاحة لتحسين الاقتصاد، أكد الوزير وجود إمكانيات هامة لتحسين صادرات زيت الزيتون، ومشاريع واعدة في مجال الطاقات المتجددة، وهناك مشاريع الأروقة الاقتصادية التي سبق أن تم نقاشها من قبل مجلس نواب الشعب بمناسبة تمرير اتفاقية قرض لتمويل أحد هذه المشاريع.
أما المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار، فتتمثل حسب قوله في تواصل التوترات الخارجية، وتنامي السياسات الحمائية، وبطء النمو العالمي خاصة في منطقة الأورو. كما تتمثل في تواصل إشكاليات قطاع المحروقات، والتأخير في إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة، وهذا التأخير يفوت على تونس فرصة هامة لتنمية اقتصادها، كما تتمثل في عدم اتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ الإصلاحات.
منوال النمو لسنة 2026
وتطرق وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ في مداخلته إلى منوال النمو لسنة 2026، وذكر أنه سيتم خلال العام المقبل الانطلاق في تنفيذ مخطط التنمية 2026ـ 2023. وبين أن المخطط سيتم المصادقة عليه بقانون من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وذكر أنه ستتم مواصلة إنجاز المشاريع القديمة، كما سيقع الأخذ بعين الاعتبار طلبات المواطنين والمشاريع التي توصلت بها الوزارة من المجالس المحلية والجهوية والإقليمية.
وذكر أنه في سنة 2026 هناك إطار عالمي متقلب وآفاق غير مستقرة، سواء تعلق الأمر بالجانب السياسي في علاقة بما يجري من توترات في أوكرانيا والشرق الأوسط، وهناك تغير في الخارطة السياسية العالمية، واحتداد التنافس الدولي للتموقع في الفضاء الإفريقي. أما على المستوى الاقتصادي، فهناك تباطؤ النمو العالمي، وما زالت نسب التضخم مرتفعة مع تذبذب في أسعار النفط والغاز والمعادن. وفي المجال الاجتماعي، هناك تبيان للخصائص الديموغرافية والنمو السكاني بين مختلف الدول، وهو ما يؤثر على سوق العمل الدولي. كما يوجد حسب قوله اتساع الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وبين الشرائح ذات الدخل المنخفض والشرائح ذات الدخل المرتفع، مع تفاقم الهجرة الدولية. أما على المستوى التكنولوجي، فهناك تحولات كبيرة. وبين أنه في المجال القانوني، هناك تطور للتشريعات العالمية في علاقة بالذكاء الاصطناعي. وذكر أنه على مستوى البيئة، هناك احتدام التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، وتوسيع مجالات الاقتصاد الأخضر.
وفي علاقة بنسب النمو في البلدان الشريكة لتونس، وخاصة فرنسا وألمانيا وإيطاليا، هناك حسب قول الوزير توقعات بارتفاع هذه النسب. أما على المستوى العالمي، فهناك توقعات بانخفاض نسبة النمو مع انخفاض في التجارة الخارجية، وفي أسعار المواد الأساسية والنفط، مع تسجيل ارتفاع طفيف لسعر الغاز الطبيعي. وبالنسبة إلى الحبوب، فهناك ارتفاع طفيف في أسعار القمح اللين، وانخفاض في سعر القمح الصلب، وانخفاض في سعر الذرة.
وأشار إلى أنه من المتوقع تطور الطلب الخارجي الموجه لتونس ليرتفع إلى 1.4 بالمائة سنة 2026. وذكر أن البنك الدولي توقع ارتفاع سعر الطن من الفسفاط، كما توقع انخفاض سعر سماد الـ»دي بي بي». وبخصوص سعر زيت الزيتون، عبر الوزير عن أمله في ارتفاع السعر العالمي لهذه المادة.
وخلص إلى تقديم جملة من الفرضيات حول الإنتاج المنتظر تحقيقه خلال العام المقبل:
-الحبوب: 18 مليون قنطار
-زيت الزيتون: 1700 ألف طن
-التمور: 380 مليون طن
-الفسفاط: 5.5 مليون طن
وبخصوص عدد السياح، بين أن هناك فرضية ارتفاع عددهم من 11 مليون سائح هذا العام إلى 11.5 مليون سائح العام القادم. وانطلاقًا من هذه الفرضيات، من المتوقع حسب قوله بلوغ نسبة نمو خلال سنة 2026 قدرها 3.3 بالمائة، وهي النسبة التي قام عليها مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وعبر الوزير عن أمله في تحقيق هذه النسبة التي تم تحديدها انطلاقًا مما يلي:
- توقع نمو القطاع الفلاحي بـ2.9 بالمائة
- نمو القطاع الصناعي بـ4.8 بالمائة
- نمو قطاع الخدمات بـ2.9 بالمائة
وذكر أنه من المتوقع أن يتم في نهاية العام الجاري بلوغ نسبة نمو قدرها 2.6 بالمائة. وأضاف أن معهد الإحصاء سينشر نسبة النمو للثلاثي الثالث من العام الجاري في 15 نوفمبر 2025.
وذكر أنه بالنسبة إلى الاستثمار، من المنتظر تحقيق نسبة نمو بـ 16 بالمائة، وهي نسبة ضعيفة مقارنة بما تصبو إليه الحكومة. أما بالنسبة إلى التجارة الخارجية،
فبين أنه من المتوقع تطور صادرات السلع والخدمات بنسبة 4.6 بالمائة، مقابل تطور الواردات بنسبة 4.5 بالمائة. وبخصوص نسبة التضخم، بين أنه سيتم العمل على التحكم فيها، وذكر أن الزيادات في الأجور المقترحة في مشروع قانون المالية من المنتظر أن يكون لها أثر على القدرة الشرائية، كما سيتم العمل على مزيد التحكم في الأسعار.
وتطرق وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ خلال الجلسة البرلمانية إلى الخيارات الوطنية وعددها خمسة، وهي الآتي ذكرها:
1. التشغيل والنهوض بالشركات الأهلية والإدماج الاجتماعي
2. تنمية رأس المال البشري
3. دعم الاستثمار وتحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية
4. دفع التنمية الجهوية
5. تكريس شمولية التنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية
التشغيل والشركات الأهلية
فيما يتعلق بالتشغيل والشركات الأهلية، أشار الوزير سمير عبد الحفيظ إلى أن الخيارات تتمثل في المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والانطلاق في إعداد المخططات الجهوية للتشغيل في عدد من الولايات، والمصادقة على قانون التوظيف بالخارج والنصوص الترتيبية لهذا القانون، ومزيد تطوير آليات مرافقة الشركات الأهلية وتنويع مصادر تمويل هذه الشركات مع التمديد في خط تمويلها بسنتين إضافيتين وذلك إلى غاية موفى ديسمبر 2027. كما سيتم تخصيص اعتماد إضافي قدره 35 مليارًا لتمويل الشركات الأهلية عبر منحها قروضًا بشروط تفاضلية والعمل على تفعيل الإجراءات الواردة في المرسوم الأخير المتعلق بهذه الشركات. كما سيتم، حسب قوله، العمل على تطوير التشريع الوطني في مجال حقوق ذوي الإعاقة، ومراجعة أنظمة الضمان الاجتماعي ونظام التأمين على المرض، وإصدار مجلة الإجراءات الخاصة بالاستخلاص والمراقبة، ومراجعة النظام التكميلي للقطاع الخاص، وتطوير المنظومة القانونية والتشريعية، وخاصة المصادقة على مشروع قانون يتعلق بنظام النفقة وجراية الطلاق، والمصادقة على مشروع قانون يتعلق بوضع نظام خاص بالتوفيق الأسري. وتدعيم تدخلات البرامج الوطنية للسكن وتعزيز آليات السكن الاجتماعي مثل إدراج آلية الكراء المملوك وآلية البيع بالتقسيط مع مواصلة إنجاز برامج المساكن الاجتماعية.
رأس المال البشري
أما على مستوى تنمية رأس المال البشري، فمن بين ما أشار إليه الوزير سمير عبد الحفيظ استكمال إرساء المجلس الأعلى للتربية والتعليم من خلال إعداد ونشر النظام الداخلي لهذا المجلس وتهيئة مقره، ومواصلة ربط المؤسسات التربوية بشبكات ذات تدفق عالي ومستقر وتجهيزها، ومراجعة الخارطة المدرسية وتعصيرها، وإعداد تصور جديد للتكوين المهني وتطوير الإطار القانوني للأقطاب التكنولوجية، وإنجاز منصة رقمية تفاعلية يتم من خلالها تشبيك هياكل البحث. كما سيتم، حسب قوله، تعزيز البنية الأساسية الصحية ومواصلة بناء وتجهيز المستشفى الجامعي الملك سلمان بالقيروان مع مواصلة بناء مستشفيات بعدد من المعتمديات، وانطلاق عمل الوكالة الوطنية للأدوية ومواد الصحة، ومراجعة الإطار التنظيمي لمؤسسات تصدير الخدمات الصحية. وأضاف أنه سيتم إعداد البرنامج التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للشباب، وإحداث 20 فضاء دامجًا متعدد الخدمات للشباب بالمناطق الداخلية، واستكمال إصدار قانون الهياكل الرياضية، وقانون مكافحة العنف وأعمال الشغب في القطاع الرياضي، وتأهيل شبكة الملاعب الرياضية الكبرى وغيرها. أما على مستوى الثقافة، فمن بين ما أشار إليه الوزير صياغة خارطة وطنية للمهرجانات والعمل على إنجاز قافلة الفنون لتستهدف المناطق الحدودية والمهمشة مع مراجعة شاملة لكل النصوص القانونية المنظمة للنشاط الثقافي والإبداعي، ومراجعة النصوص المتعلقة بالتراث، واستكمال إنجاز الخارطة الوطنية للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية.
دعم الاستثمار
ولدى حديثه عن دعم الاستثمار وتحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية، قال وزير الاقتصاد والتخطيط إنه سيتم مراجعة الإطار التشريعي للاستثمار. وأوضح أن مراجعة النصوص القانونية ليست هي العامل الوحيد الذي من شأنه أن يحسن الاستثمار نظرًا لوجود هنات يجب العمل على معالجتها. وأضاف أنه ستتم مراجعة قائمة القطاعات ذات الأولوية وإصلاح منظومة الخدمات اللوجستية والتجارة عبر الحدود، خاصة بفضل تفعيل منظومة التحكم الآلي بميناء رادس. وسيتم تطوير المنصة الوطنية للمستثمر كمخاطب رقمي وحيد، وتسهيل النفاذ للتمويل وتنويع آلياته، وتيسير النفاذ إلى السوق بالانتقال من مبدأ الترخيص إلى مبدأ حرية الاستثمار، واعتماد كراسات شروط رقمية شفافة كبديل عن التراخيص كلما أتيحت إمكانية لذلك. وإعداد استراتيجية وطنية للتصدير، وإحداث علامة المؤسسة المبتكرة مع مراجعة الإطار التشريعي للمؤسسات الناشئة، واستكمال أعمال تطوير المنصة الوطنية للإجراءات الإدارية، وتركيز أجهزة الخدمات الإدارية التفاعلية، ومواصلة تنفيذ خطة عمل تبسيط المسارات الإدارية وتوسيع نطاق استعمال منظومة تقييم الخدمات العمومية على الخط. وذكر الوزير أنه جرى العمل على إعداد تقارير دورية من قبل المواطن الرقيب، وتتم متابعة الملاحظات الواردة فيها من قبل الوزارات المعنية بدقة. وأضاف أنه سيتم العمل على مواصلة تنفيذ مختلف الاستراتيجيات القطاعية ودعم القدرة التنافسية للصناعات الأولية، وتطوير سلاسل الإنتاج، ودعم الصناعات النظيفة، وتشجيع المؤسسات على الانتقال البيئي، ودعم الصادرات. كما سيتم العمل، حسب قوله، على تحيين النصوص القانونية وإصدار كراسات الشروط المتعلقة بالسياحة البديلة، وتحسين منظومة النقل الحضري. ومن بين ما تحدث عنه الوزير في علاقة بالتجارة: إحداث الهيئة العامة للتحقيق في مجال الدفاع التجاري واعتماد منظومة إنذار مبكر. أما في علاقة بتكنولوجيا الاتصال، فمن بين ما أشار إليه الوزير: العمل على تعميم خدمات الترابط البيني بين الهياكل العمومية، وتطوير شبكة الجيل الخامس من الهاتف الجوال، مع العمل على الإيقاف التدريجي لاستخدام شبكة الكوابل النحاسية التقليدية.
التنمية الجهوية
الخيار الوطني الرابع الذي تحدث عنه وزير الاقتصاد والتخطيط يتعلق بالتنمية الجهوية. وأشار في هذا الصدد إلى أنه سيتم تجسيد خيار التخطيط التصاعدي، ومراجعة الإطار القانوني المنظم لتدخلات البرنامج الجهوي للتنمية وطرق حوكمته، ومتابعة المشاريع المنجزة في إطاره. وإصدار قانون أساسي للمجالس البلدية، وإعداد مشروع مجلة التهيئة الترابية والتعمير. وبين أن وزارة الاقتصاد والتخطيط توصلت بعدد كبير جدًا من المشاريع التي تم اقتراحها من قبل المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم. وأكد أنه تم اعتماد منهجية موضوعية لاختيار عدد من المشاريع مع الأخذ بعين الاعتبار إكراهات المالية العمومية من ناحية، ومن ناحية أخرى أن تكون جميع الولايات مشمولة بالمشاريع التي تم اقتراح تنفيذها بداية من سنة 2026. وبخصوص المشاريع الجاهزة للتنفيذ، بين أنه تم ترسيم 583 مشروعًا محليًا بكلفة 940 مليون دينار، وشملت هذه المشاريع كافة الولايات والأقاليم. وأكد أن هذه المشاريع تم اقتراحها من قبل المجالس المحلية ودراستها مع مختلف الوزارات. وبين أنه تم اختيارها من ضمن مجموعة كبيرة من المشاريع المقترحة من قبل هذه المجالس، على أن يقع خلال السنوات الموالية لفترة المخطط الذي سيتواصل إلى 2030 أخذ كل المشاريع المتبقية بعين الاعتبار مع مراعاة قيمتها الاقتصادية والاجتماعية وإكراهات المالية العمومية.
تنمية شاملة
يتمثل الخيار الوطني الخامس، حسب قول وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، في تكريس شمولية التنمية، وعدد في هذا السياق البرامج المنتظر القيام بها خلال العام المقبل، ومنها على سبيل الذكر: مواصلة التزويد بالمواد العلفية، وترفيع صادرات الزيت المعلب، وإصدار مجلة المياه، ومواصلة جهود ربط السدود، ومواصلة إنجاز مشروع التنمية الفلاحية والريفية حول البحيرات الجبلية، واستصلاح المنظومة الغابية المتدهورة.
ومن الخيارات الاستراتيجية الأخرى التي تحدث عنها الوزير إدراج المياه المعالجة المستعملة ضمن الموازنة المائية. كما أشار إلى أنه ستتم مواصلة أشغال تأهيل منشآت التطهير بالشراكة مع القطاع الخاص. وبخصوص الطاقة، سيتم حسب قوله استكمال إعداد مشروع تنقيح مجلة المحروقات، والتقديم في إعداد مشروع مجلة الطاقة المتجددة، مع الانطلاق في إنجاز عدة مشاريع في مجال الطاقة. وذكر أن هذه المشاريع مهمة، لكنها غير كافية، ويجب العمل على المضي قدمًا في اتجاه الطاقات المتجددة. وفسر أنه من المهم جدًا بحث شراكات مربحة مع مستثمرين تونسيين وأجانب من أجل التموقع في مجال الطاقات المتجددة. وأضاف أنه ستتم مواصلة العمل على استكمال مشاريع تتعلق بالبيئة. ومن بين ما أشار إليه في هذا الصدد العمل على استكمال أشغال حماية الشريط الساحلي بالمنطقة الممتدة من قمرت إلى قرطاج وغيرها من المشاريع الأخرى.
سعيدة بوهلال
إثر الاستماع إلى وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، ناقش أعضاء لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب بمعية أعضاء لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة مشتركة بقصر باردو مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026. وطالبوا بتعويض نظام التراخيص بكراسات شروط، وتحسين مناخ الأعمال والنهوض بالاستثمار في المجالات الواعدة خاصة في الطاقات المتجددة، والحد من الفوارق التنموية بين الجهات، ومراجعة الأمر المتعلق بالصفقات العمومية والتسريع في إنجاز برنامج رقمنة الإدارة لتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين التونسيين والأجانب.
واستفسروا عن مآل المشاريع التي اقترحتها المجالس المحلية والمجالس الجهوية في إطار إعداد مشروع المخطط. في حين تحدث آخرون عن عدم انعكاس تحسن نسبة النمو خلال العام الجاري على واقع التونسيين ومقدرتهم الشرائية، مشيرين إلى أن الأسعار مرتفعة وليست في متناول المواطن.
أما رئيس لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب، عبد الجليل الهاني، فأشار إلى أنه لم يقع تحقيق تقدم على مستوى مراجعة منظومة التراخيص وتعويضها بكراسات شروط. وبين أن المؤسسات التي تعرضت إلى أزمات لم تتمتع بالتمويل اللازم والآليات الكفيلة بإنعاشها من أجل إعادة إدماجها في الدورة الاقتصادية.
وفسر الهاني أن إجراءات مشروع قانون المالية لسنة 2026 هي ترجمة لتوجهات مشروع الميزان الاقتصادي، لكنه لاحظ أنه لم تُذكر في مشروع الميزان الاقتصادي وضعية المؤسسات العمومية والخسائر التي تسجلها هذه المؤسسات كل سنة رغم ما تم ضخه من أموال من ميزانية الدولة لفائدتها.
وخلص رئيس اللجنة إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المتبعة حيال المؤسسات العمومية ومراجعة طريقة تسييرها، ووضع خطة تساهم في تحويلها من مؤسسات محتاجة إلى دعم الدولة إلى مؤسسات منتجة ومساهمة في تمويل ميزانية الدولة. وقال إنه من المفارقات العجيبة أن يتم اقتراح دعم شركة فسفاط قفصة من المالية العمومية، وأضاف أنه كان من المفروض أن شركة الفسفاط هي التي تدعم الميزانية. كما نبه الهاني من جديد إلى تبعات تواصل التداين الداخلي على الاقتصاد ومن إمكانية تأثير ذلك على التضخم. وبخصوص فرضية الخروج إلى السوق المالية العالمية للاقتراض، قال إنه يأمل في أن يكون ذلك بنسبة فائدة معقولة.
ويرى رئيس لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم سليم سالم أن وزارة الاقتصاد والتخطيط هي العقل الذي يفكر ويبرمج. وأضاف أنه في علاقة بتواصل معضلة العجز الطاقي، كان يأمل لو تم وضع خطة واضحة وتواريخ مضبوطة لتنفيذ برنامج الطاقات المتجددة من أجل تلافي الهوة الكبيرة الموجودة حاليًا بين ما هو مبرمج وما وقع إنجازه فعليًا. وثمن رئيس اللجنة توجه الدولة نحو دعم التشغيل.
وفي علاقة بتحسن العائدات من العملة الصعبة المتأتية من تحويلات التونسيين بالخارج، دعا سالم إلى توضيح رؤية الدولة لهجرة الأدمغة: هل تريد منهم الهجرة لكي يساهموا في تحسين التحويلات من العملة الصعبة أم أنها تريد الاستفادة من هذه الكفاءات داخل البلاد؟ وتساءل عن الآليات التي تم اعتمادها لاختيار المشاريع المقررة إنجازها في إطار ميزانية الدولة لسنة 2026. وبين أنه لن يصادق على أي مهمة لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب المواطنين في الجهات.
وبين أنه كان بإمكان الوزارة في مرحلة إعداد مشروع المخطط صلب المجالس المحلية وضع سقف لقيمة المشاريع المقترحة وفق إمكانيات المالية العمومية، لكنها لم تفعل، وهي بهذه الكيفية حركت في المجالس المحلية النزعة المطلبية.
تقديم المشروع
وقدّم وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ خلال الجلسة المشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بالغرفتين النيابيتين المنعقدة أمس بقصر باردو، مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026، وتحدث عن الوضع العام في تونس وعن الظرف الاقتصادي الدولي والوطني الراهن، وعن توقعات النمو الاقتصادي في تونس، والفرضيات التي تم اعتمادها لتحديد هذه التوقعات، وعن الخيارات الوطنية.
ففي ما يتعلق بالوضع العام، أشار إلى أن تونس تقدمت في تجسيد المبادئ الدستورية الرامية إلى التعويل على الذات وتكريس العدالة الاجتماعية وإنصاف مختلف الفئات، وبين أن سنة 2026 ستكون السنة الأولى في تنفيذ المخطط التنموي 2026ـ 2030 الذي استند إعداده إلى منهجية تصاعدية انطلاقًا من المحلي فالجهوي فالإقليمي، وبين أنه سيتم العمل على تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية واستحقاقات النمو الاقتصادي.
وبالنسبة إلى الظرف الاقتصادي على المستوى الدولي، فقد تميز حسب وصفه بتراكم الصدمات في سياق معقد مع تواصل كبير لحالة عدم اليقين. واستعرض الوزير في هذا السياق معطيات حول توقعات النمو في العديد من البلدان وحول تطور التضخم في أمريكا وألمانيا وفرنسا، مؤكدًا على المنحى التنازلي للأسعار العالمية للمواد الغذائية والمواد الأساسية والنفط، وهو ما انعكس على نسبة التضخم في تونس.
وفسر أنه توجد منطلقات إيجابية للاقتصاد الوطني؛ فهناك تطور في نسبة النمو مع انخفاض في نسبة التضخم، وهو ما يدل على بوادر انتعاشة يجب حسن استغلالها خلال الفترة القادمة. كما تحسنت نسبة النمو خلال الثلاثي الثاني إلى 3.2 %، وكانت هذه النسبة خلال سنة 2024 في حدود 1.5 % فقط. وحتى معدل البطالة فقد تراجع إلى 15.3 % خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري، مع تسجيل تحكم نسبي في نسبة التضخم في حدود 5 % خلال شهر سبتمبر 2025، مقابل 6.7 % تم تسجيلها في سبتمبر 2024.
وأفاد عبد الحفيظ النواب بأن المعهد الوطني للإحصاء سيصدر بعد غد نسبة التضخم خلال شهر أكتوبر. ولاحظ أنه تمت المحافظة على مستويات مقبولة من مدخرات العملة الصعبة التي بلغت يوم 29 أكتوبر من العام الجاري 106 أيام توريد، مع تسجيل تحسن على مستوى متابعة المشاريع المعطلة وتسريع الإنجاز سواء تعلق الأمر بمشاريع جهوية أو مشاريع وطنية.
وأضاف أنه تمت المحافظة على المقدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود جراء الترفيع في مقدار التحويلات المالية الشهرية، وتحسن جراية التقاعد، ومراجعة جدول الضريبة على الدخل التي ترتب عنها الترفيع آليًا في دخل هذه الفئات، وخاصة جرايات التقاعد في القطاع الخاص. وأكد أنه تم تحسين ظروف العمل من خلال مراجعة مجلة الشغل، وتجسيم برنامج إدماج الأساتذة والمعلمين النواب، واستكمال تسوية وضعية الدفعة الثالثة من عملة الحضائر، وتحسين وضعية النقل العمومي من خلال اقتناء حافلات. كما أعلن الوزير خلال الجلسة عن برمجة اقتناء 118 حافلة جديدة وشراء 14 عربة مترو لخط «تي جي آم».
ولاحظ تحسن الميزان الغذائي، وأكد أن هناك مؤشرات إيجابية للقطاع السياحي.
العجز التجاري
وفي المقابل، بين الوزير سمير عبد الحفيظ أن نسبة العجز التجاري ارتفعت، وأكد أنه من المهم جدًا مراقبة نسق هذا الارتفاع، الذي يعود في نسبة كبيرة منه إلى توريد مواد التجهيز. وبين أن توريد مواد التجهيز دليل على أن الشركات بصدد اقتناء تجهيزات جديدة ومتطورة سواء في إطار مشاريع التوسعة أو في إطار استثمارات جديدة، وهو ما سينعكس في المستقبل إيجابيًا على النمو الاقتصادي.
وتطرق الوزير في مداخلته إلى المؤشرات الإيجابية التي تم تحقيقها على مستوى تحويلات التونسيين بالخارج، وبين أن هذه التحويلات مع العائدات السياحية تغطي قرابة 27 بالمائة من العجز التجاري. وذكر أنه من المهم جدا مزيد تشجيع التونسيين بالخارج على تحويل أكبر قدر ممكن من مداخيلهم إلى تونس.
وفسر عبد الحفيظ سبب تراجع نسبة التضخم بالجهود المبذولة من أجل دعم الرقابة على مسالك التوزيع، فضلاً عما قام به البنك المركزي، إذ تم اعتماد سياسة نقدية ساهمت في دعم المسار التنازلي للتضخم. وذكر أنه بتخفيض الفائدة المديرية، تنخفض كلفة التمويل بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية، وهو ما يشجعها على الاستثمار.
أما المؤشرات التي تستدعي المتابعة الدورية، فهي تهم حسب قوله قطاع الفسفاط. وبين أنه تم تسجيل تحسن نسبي في إنتاج الفسفاط، ويعود الأمر إلى حل مشكلة النقل. وذكر أنه تم تمرير قرضين لتمويل مشروع نقل الفسفاط، وسيتم لاحقًا تقديم قرض آخر للبرلمان. وذكر أن الهدف المبرمج على مستوى إنتاج الفسفاط لسنة 2025 كان في حدود 5 مليون طن، لكن تم تحيين فرضية إنتاج الفسفاط ليبلغ مستوى الإنتاج المنتظر بلوغه خلال العام الجاري 4.5 مليون طن.
كما أشار إلى تراجع إنتاج المحروقات بسبب الانخفاض الطبيعي لأهم الحقول، وغياب استكشافات جديدة، وانخفاض الرخص وتعطل التجديد، وانخفاض معدل الإنتاج اليومي ليبلغ في شهر أوت الماضي 26.2 ألف برميل، بعد أن كان 29.5 ألف برميل في أوت 2024. وخلص الوزير إلى أنه من الضروري العمل على التقليص في العجز الطاقي ودعم التوجه نحو الطاقات المتجددة، وبحث فرص جديدة للاستثمار في هذا المجال.
وأقر بصريح العبارة بأن نسبة الاستثمار عمومًا تبقى غير كافية، وذكر أنه يجب العمل على تحسين هذه النسبة، خاصة في ظل وجود عدة عوامل إيجابية منها تطور الاستثمارات المصرح بها لتبلغ في شهر أوت 39 مليار دينار مقابل 34 مليار دينار سنة 2024، كما لاحظ تحسن الترقيم السيادي في علاقة بالتطورات المسجلة خاصة على مستوى التحكم في التوازنات المالية الداخلية والخارجية، واستقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية. وقال إن هذه المعطيات تدعو إلى التفكير في الخروج إلى السوق المالية العالمية، وفسر أنه توجد إمكانية لكي تخرج تونس للسوق المالية العالمية، ويعود ذلك لتحسن الترقيم السيادي.
نقاط ضعف
لم يخفِ وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ انشغاله بنقاط الضعف التي لاحظها في الاقتصاد الوطني، لكنه أكد في المقابل وجود العديد من الفرص المتاحة لتحسين الوضع، يجب استغلالها، وهناك مخاطر يجب الحذر منها.
ولخص نقاط قوة الاقتصاد الوطني بالاستقرار الاجتماعي، وتراجع العجز الجاري، وتراجع نسبة التضخم، وتحسن المقدرة الشرائية للفئات ذات الدخل المحدود، ومردودية قطاعي الفلاحة والسياحة، وتحسن المدخرات من العملة الصعبة، وتحسن الترقيم السيادي. أما نقاط الضعف فتتمثل في ضعف إحداث مواطن الشغل، وبين أن القطاع العام لا يمكنه أن يشغل الجميع، لذلك من المهم جدًا العمل على الترفيع في استثمارات القطاع الخاص ودعم تشغيليته. ومن نقاط الضعف الأخرى، حسب قوله، ارتباط الإنتاج الفلاحي بالعوامل المناخية، وهو ما يتطلب تحسين الموارد المائية من خلال معالجة المياه المستعملة وتنفيذ البرامج التي تقوم بها وزارتي الفلاحة والبيئة لتحسين نوعية المياه المعالجة ثلاثيًا.
ولا حظ أن العجز التجاري يبقى نقطة ضعف كبيرة في الاقتصاد، ولا بد من الاشتغال على هذه المسألة للتقليص في نسبة هذا العجز، كما يجب العمل على الحد من التفاوت التنموي بين الجهات.
الفرص المتاحة
وبخصوص الفرص المتاحة لتحسين الاقتصاد، أكد الوزير وجود إمكانيات هامة لتحسين صادرات زيت الزيتون، ومشاريع واعدة في مجال الطاقات المتجددة، وهناك مشاريع الأروقة الاقتصادية التي سبق أن تم نقاشها من قبل مجلس نواب الشعب بمناسبة تمرير اتفاقية قرض لتمويل أحد هذه المشاريع.
أما المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار، فتتمثل حسب قوله في تواصل التوترات الخارجية، وتنامي السياسات الحمائية، وبطء النمو العالمي خاصة في منطقة الأورو. كما تتمثل في تواصل إشكاليات قطاع المحروقات، والتأخير في إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة، وهذا التأخير يفوت على تونس فرصة هامة لتنمية اقتصادها، كما تتمثل في عدم اتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ الإصلاحات.
منوال النمو لسنة 2026
وتطرق وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ في مداخلته إلى منوال النمو لسنة 2026، وذكر أنه سيتم خلال العام المقبل الانطلاق في تنفيذ مخطط التنمية 2026ـ 2023. وبين أن المخطط سيتم المصادقة عليه بقانون من قبل مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وذكر أنه ستتم مواصلة إنجاز المشاريع القديمة، كما سيقع الأخذ بعين الاعتبار طلبات المواطنين والمشاريع التي توصلت بها الوزارة من المجالس المحلية والجهوية والإقليمية.
وذكر أنه في سنة 2026 هناك إطار عالمي متقلب وآفاق غير مستقرة، سواء تعلق الأمر بالجانب السياسي في علاقة بما يجري من توترات في أوكرانيا والشرق الأوسط، وهناك تغير في الخارطة السياسية العالمية، واحتداد التنافس الدولي للتموقع في الفضاء الإفريقي. أما على المستوى الاقتصادي، فهناك تباطؤ النمو العالمي، وما زالت نسب التضخم مرتفعة مع تذبذب في أسعار النفط والغاز والمعادن. وفي المجال الاجتماعي، هناك تبيان للخصائص الديموغرافية والنمو السكاني بين مختلف الدول، وهو ما يؤثر على سوق العمل الدولي. كما يوجد حسب قوله اتساع الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وبين الشرائح ذات الدخل المنخفض والشرائح ذات الدخل المرتفع، مع تفاقم الهجرة الدولية. أما على المستوى التكنولوجي، فهناك تحولات كبيرة. وبين أنه في المجال القانوني، هناك تطور للتشريعات العالمية في علاقة بالذكاء الاصطناعي. وذكر أنه على مستوى البيئة، هناك احتدام التحديات الناجمة عن التغيرات المناخية، وتوسيع مجالات الاقتصاد الأخضر.
وفي علاقة بنسب النمو في البلدان الشريكة لتونس، وخاصة فرنسا وألمانيا وإيطاليا، هناك حسب قول الوزير توقعات بارتفاع هذه النسب. أما على المستوى العالمي، فهناك توقعات بانخفاض نسبة النمو مع انخفاض في التجارة الخارجية، وفي أسعار المواد الأساسية والنفط، مع تسجيل ارتفاع طفيف لسعر الغاز الطبيعي. وبالنسبة إلى الحبوب، فهناك ارتفاع طفيف في أسعار القمح اللين، وانخفاض في سعر القمح الصلب، وانخفاض في سعر الذرة.
وأشار إلى أنه من المتوقع تطور الطلب الخارجي الموجه لتونس ليرتفع إلى 1.4 بالمائة سنة 2026. وذكر أن البنك الدولي توقع ارتفاع سعر الطن من الفسفاط، كما توقع انخفاض سعر سماد الـ»دي بي بي». وبخصوص سعر زيت الزيتون، عبر الوزير عن أمله في ارتفاع السعر العالمي لهذه المادة.
وخلص إلى تقديم جملة من الفرضيات حول الإنتاج المنتظر تحقيقه خلال العام المقبل:
-الحبوب: 18 مليون قنطار
-زيت الزيتون: 1700 ألف طن
-التمور: 380 مليون طن
-الفسفاط: 5.5 مليون طن
وبخصوص عدد السياح، بين أن هناك فرضية ارتفاع عددهم من 11 مليون سائح هذا العام إلى 11.5 مليون سائح العام القادم. وانطلاقًا من هذه الفرضيات، من المتوقع حسب قوله بلوغ نسبة نمو خلال سنة 2026 قدرها 3.3 بالمائة، وهي النسبة التي قام عليها مشروع قانون المالية لسنة 2026.
وعبر الوزير عن أمله في تحقيق هذه النسبة التي تم تحديدها انطلاقًا مما يلي:
- توقع نمو القطاع الفلاحي بـ2.9 بالمائة
- نمو القطاع الصناعي بـ4.8 بالمائة
- نمو قطاع الخدمات بـ2.9 بالمائة
وذكر أنه من المتوقع أن يتم في نهاية العام الجاري بلوغ نسبة نمو قدرها 2.6 بالمائة. وأضاف أن معهد الإحصاء سينشر نسبة النمو للثلاثي الثالث من العام الجاري في 15 نوفمبر 2025.
وذكر أنه بالنسبة إلى الاستثمار، من المنتظر تحقيق نسبة نمو بـ 16 بالمائة، وهي نسبة ضعيفة مقارنة بما تصبو إليه الحكومة. أما بالنسبة إلى التجارة الخارجية،
فبين أنه من المتوقع تطور صادرات السلع والخدمات بنسبة 4.6 بالمائة، مقابل تطور الواردات بنسبة 4.5 بالمائة. وبخصوص نسبة التضخم، بين أنه سيتم العمل على التحكم فيها، وذكر أن الزيادات في الأجور المقترحة في مشروع قانون المالية من المنتظر أن يكون لها أثر على القدرة الشرائية، كما سيتم العمل على مزيد التحكم في الأسعار.
وتطرق وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ خلال الجلسة البرلمانية إلى الخيارات الوطنية وعددها خمسة، وهي الآتي ذكرها:
1. التشغيل والنهوض بالشركات الأهلية والإدماج الاجتماعي
2. تنمية رأس المال البشري
3. دعم الاستثمار وتحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية
4. دفع التنمية الجهوية
5. تكريس شمولية التنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية
التشغيل والشركات الأهلية
فيما يتعلق بالتشغيل والشركات الأهلية، أشار الوزير سمير عبد الحفيظ إلى أن الخيارات تتمثل في المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والانطلاق في إعداد المخططات الجهوية للتشغيل في عدد من الولايات، والمصادقة على قانون التوظيف بالخارج والنصوص الترتيبية لهذا القانون، ومزيد تطوير آليات مرافقة الشركات الأهلية وتنويع مصادر تمويل هذه الشركات مع التمديد في خط تمويلها بسنتين إضافيتين وذلك إلى غاية موفى ديسمبر 2027. كما سيتم تخصيص اعتماد إضافي قدره 35 مليارًا لتمويل الشركات الأهلية عبر منحها قروضًا بشروط تفاضلية والعمل على تفعيل الإجراءات الواردة في المرسوم الأخير المتعلق بهذه الشركات. كما سيتم، حسب قوله، العمل على تطوير التشريع الوطني في مجال حقوق ذوي الإعاقة، ومراجعة أنظمة الضمان الاجتماعي ونظام التأمين على المرض، وإصدار مجلة الإجراءات الخاصة بالاستخلاص والمراقبة، ومراجعة النظام التكميلي للقطاع الخاص، وتطوير المنظومة القانونية والتشريعية، وخاصة المصادقة على مشروع قانون يتعلق بنظام النفقة وجراية الطلاق، والمصادقة على مشروع قانون يتعلق بوضع نظام خاص بالتوفيق الأسري. وتدعيم تدخلات البرامج الوطنية للسكن وتعزيز آليات السكن الاجتماعي مثل إدراج آلية الكراء المملوك وآلية البيع بالتقسيط مع مواصلة إنجاز برامج المساكن الاجتماعية.
رأس المال البشري
أما على مستوى تنمية رأس المال البشري، فمن بين ما أشار إليه الوزير سمير عبد الحفيظ استكمال إرساء المجلس الأعلى للتربية والتعليم من خلال إعداد ونشر النظام الداخلي لهذا المجلس وتهيئة مقره، ومواصلة ربط المؤسسات التربوية بشبكات ذات تدفق عالي ومستقر وتجهيزها، ومراجعة الخارطة المدرسية وتعصيرها، وإعداد تصور جديد للتكوين المهني وتطوير الإطار القانوني للأقطاب التكنولوجية، وإنجاز منصة رقمية تفاعلية يتم من خلالها تشبيك هياكل البحث. كما سيتم، حسب قوله، تعزيز البنية الأساسية الصحية ومواصلة بناء وتجهيز المستشفى الجامعي الملك سلمان بالقيروان مع مواصلة بناء مستشفيات بعدد من المعتمديات، وانطلاق عمل الوكالة الوطنية للأدوية ومواد الصحة، ومراجعة الإطار التنظيمي لمؤسسات تصدير الخدمات الصحية. وأضاف أنه سيتم إعداد البرنامج التنفيذي للاستراتيجية الوطنية للشباب، وإحداث 20 فضاء دامجًا متعدد الخدمات للشباب بالمناطق الداخلية، واستكمال إصدار قانون الهياكل الرياضية، وقانون مكافحة العنف وأعمال الشغب في القطاع الرياضي، وتأهيل شبكة الملاعب الرياضية الكبرى وغيرها. أما على مستوى الثقافة، فمن بين ما أشار إليه الوزير صياغة خارطة وطنية للمهرجانات والعمل على إنجاز قافلة الفنون لتستهدف المناطق الحدودية والمهمشة مع مراجعة شاملة لكل النصوص القانونية المنظمة للنشاط الثقافي والإبداعي، ومراجعة النصوص المتعلقة بالتراث، واستكمال إنجاز الخارطة الوطنية للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية.
دعم الاستثمار
ولدى حديثه عن دعم الاستثمار وتحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية، قال وزير الاقتصاد والتخطيط إنه سيتم مراجعة الإطار التشريعي للاستثمار. وأوضح أن مراجعة النصوص القانونية ليست هي العامل الوحيد الذي من شأنه أن يحسن الاستثمار نظرًا لوجود هنات يجب العمل على معالجتها. وأضاف أنه ستتم مراجعة قائمة القطاعات ذات الأولوية وإصلاح منظومة الخدمات اللوجستية والتجارة عبر الحدود، خاصة بفضل تفعيل منظومة التحكم الآلي بميناء رادس. وسيتم تطوير المنصة الوطنية للمستثمر كمخاطب رقمي وحيد، وتسهيل النفاذ للتمويل وتنويع آلياته، وتيسير النفاذ إلى السوق بالانتقال من مبدأ الترخيص إلى مبدأ حرية الاستثمار، واعتماد كراسات شروط رقمية شفافة كبديل عن التراخيص كلما أتيحت إمكانية لذلك. وإعداد استراتيجية وطنية للتصدير، وإحداث علامة المؤسسة المبتكرة مع مراجعة الإطار التشريعي للمؤسسات الناشئة، واستكمال أعمال تطوير المنصة الوطنية للإجراءات الإدارية، وتركيز أجهزة الخدمات الإدارية التفاعلية، ومواصلة تنفيذ خطة عمل تبسيط المسارات الإدارية وتوسيع نطاق استعمال منظومة تقييم الخدمات العمومية على الخط. وذكر الوزير أنه جرى العمل على إعداد تقارير دورية من قبل المواطن الرقيب، وتتم متابعة الملاحظات الواردة فيها من قبل الوزارات المعنية بدقة. وأضاف أنه سيتم العمل على مواصلة تنفيذ مختلف الاستراتيجيات القطاعية ودعم القدرة التنافسية للصناعات الأولية، وتطوير سلاسل الإنتاج، ودعم الصناعات النظيفة، وتشجيع المؤسسات على الانتقال البيئي، ودعم الصادرات. كما سيتم العمل، حسب قوله، على تحيين النصوص القانونية وإصدار كراسات الشروط المتعلقة بالسياحة البديلة، وتحسين منظومة النقل الحضري. ومن بين ما تحدث عنه الوزير في علاقة بالتجارة: إحداث الهيئة العامة للتحقيق في مجال الدفاع التجاري واعتماد منظومة إنذار مبكر. أما في علاقة بتكنولوجيا الاتصال، فمن بين ما أشار إليه الوزير: العمل على تعميم خدمات الترابط البيني بين الهياكل العمومية، وتطوير شبكة الجيل الخامس من الهاتف الجوال، مع العمل على الإيقاف التدريجي لاستخدام شبكة الكوابل النحاسية التقليدية.
التنمية الجهوية
الخيار الوطني الرابع الذي تحدث عنه وزير الاقتصاد والتخطيط يتعلق بالتنمية الجهوية. وأشار في هذا الصدد إلى أنه سيتم تجسيد خيار التخطيط التصاعدي، ومراجعة الإطار القانوني المنظم لتدخلات البرنامج الجهوي للتنمية وطرق حوكمته، ومتابعة المشاريع المنجزة في إطاره. وإصدار قانون أساسي للمجالس البلدية، وإعداد مشروع مجلة التهيئة الترابية والتعمير. وبين أن وزارة الاقتصاد والتخطيط توصلت بعدد كبير جدًا من المشاريع التي تم اقتراحها من قبل المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم. وأكد أنه تم اعتماد منهجية موضوعية لاختيار عدد من المشاريع مع الأخذ بعين الاعتبار إكراهات المالية العمومية من ناحية، ومن ناحية أخرى أن تكون جميع الولايات مشمولة بالمشاريع التي تم اقتراح تنفيذها بداية من سنة 2026. وبخصوص المشاريع الجاهزة للتنفيذ، بين أنه تم ترسيم 583 مشروعًا محليًا بكلفة 940 مليون دينار، وشملت هذه المشاريع كافة الولايات والأقاليم. وأكد أن هذه المشاريع تم اقتراحها من قبل المجالس المحلية ودراستها مع مختلف الوزارات. وبين أنه تم اختيارها من ضمن مجموعة كبيرة من المشاريع المقترحة من قبل هذه المجالس، على أن يقع خلال السنوات الموالية لفترة المخطط الذي سيتواصل إلى 2030 أخذ كل المشاريع المتبقية بعين الاعتبار مع مراعاة قيمتها الاقتصادية والاجتماعية وإكراهات المالية العمومية.
تنمية شاملة
يتمثل الخيار الوطني الخامس، حسب قول وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، في تكريس شمولية التنمية، وعدد في هذا السياق البرامج المنتظر القيام بها خلال العام المقبل، ومنها على سبيل الذكر: مواصلة التزويد بالمواد العلفية، وترفيع صادرات الزيت المعلب، وإصدار مجلة المياه، ومواصلة جهود ربط السدود، ومواصلة إنجاز مشروع التنمية الفلاحية والريفية حول البحيرات الجبلية، واستصلاح المنظومة الغابية المتدهورة.
ومن الخيارات الاستراتيجية الأخرى التي تحدث عنها الوزير إدراج المياه المعالجة المستعملة ضمن الموازنة المائية. كما أشار إلى أنه ستتم مواصلة أشغال تأهيل منشآت التطهير بالشراكة مع القطاع الخاص. وبخصوص الطاقة، سيتم حسب قوله استكمال إعداد مشروع تنقيح مجلة المحروقات، والتقديم في إعداد مشروع مجلة الطاقة المتجددة، مع الانطلاق في إنجاز عدة مشاريع في مجال الطاقة. وذكر أن هذه المشاريع مهمة، لكنها غير كافية، ويجب العمل على المضي قدمًا في اتجاه الطاقات المتجددة. وفسر أنه من المهم جدًا بحث شراكات مربحة مع مستثمرين تونسيين وأجانب من أجل التموقع في مجال الطاقات المتجددة. وأضاف أنه ستتم مواصلة العمل على استكمال مشاريع تتعلق بالبيئة. ومن بين ما أشار إليه في هذا الصدد العمل على استكمال أشغال حماية الشريط الساحلي بالمنطقة الممتدة من قمرت إلى قرطاج وغيرها من المشاريع الأخرى.