في خطوة تمثّل تجاوزا خطيرا لكل الأعراف الدبلوماسية وانتهاكا صارخا لمبدأ السيادة الوطنية، طرح نائبان أمريكيان مشروع قانون أسموه «قانون استعادة الديمقراطية في تونس»، يراد من خلاله وضع تونس في قائمة الدول المعرضة لعقوبات دولية، مما أثار موجة استنكار وتنديد حادّة من قبل أغلب فئات الشعب التونسي.
ويواصل النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون هجومه على السلطات التونسية والدعوة إلى فرض عقوبات على المسؤولين التونسيين في مختلف المجالات.
وقد قدّم مؤخرا، بالتعاون مع النائب الديمقراطي جيسون كرو، مشروع قانون جديد إلى الكونغرس الأمريكي بعنوان: «قانون استعادة الديمقراطية في تونس».
ويهدف هذا المشروع إلى تعليق المساعدات الأمنية، وإعداد قائمة سوداء لمسؤولين تونسيين، وتجميد أصول وممتلكات تونسية في أمريكا، وحظر التأشيرات. كما اشترط النائبان العودة إلى دستور 2014 وتنظيم انتخابات جديدة تحت إشراف دولي كشرط لرفع العقوبات، مانحين الإدارة الأمريكية مهلة 180 يوما لإعداد خطة قالوا إنها لـ»إعادة الديمقراطية في تونس».
هذا التدخّل يصفه متابعون للشأن العام بـ«السافر» والخطير، كونه يمثّل مساسا مباشرا بالسيادة الوطنية وبحق الشعوب في تقرير مصيرها، ويكشف بوضوح حجم الضغوطات الخارجية ومحاولات التدخل في الشأن التونسي. إذ لا يقتصر الأمر على تعليق المساعدات الأمنية وتجميد أصول وممتلكات مسؤولين تونسيين محتملين، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة فرض مسار سياسي محدّد يتعارض مع إرادة وطنية واسعة، عبّرت عنها صناديق الاقتراع في أكثر من محطة انتخابية.
والحديث عن العودة إلى دستور 2014 أو تنظيم انتخابات بإشراف دولي، يمثّل انتهاكا صارخا لمبدأ السيادة الوطنية، الذي يُعدّ من ركائز العلاقات الدولية، فالشعوب - وفقا للمواثيق الأممية - هي صاحبة القرار في اختيار نظامها السياسي ومؤسساتها الدستورية، دون وصاية أو إملاءات خارجية.
السيادة الوطنية «خط أحمر»
هذا التوجّه لطالما شدّد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد مرارا وتكرارا، معتبرا أن السيادة الوطنية خط أحمر، وأن السيادة للشعب، وأن تونس لا تقبل أي تدخلات أجنبية في خياراتها الوطنية، كلف ذلك ما كلف.
فالسيادة الوطنية من الركائز الأساسية التي يشدّد عليها رئيس الدولة قيس سعيّد في كل خطاباته ولقاءاته الرسمية. فعندما يؤكّد في معرض تصريحاته أن السيادة الوطنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو المساس به تحت أي ذريعة، فإن ذلك يعني لا مجال للقبول بأي تدخل خارجي في الشأن التونسي، ولا لأي وصاية أجنبية على خيارات الشعب أو مؤسساته.
ومنهج رئيس الدولة يرتكز على أن القرار التونسي يجب أن يُصاغ داخل تونس، وبإرادة التونسيين وحدهم، مذكّرا بأن: «من يعتقد أنه قادر على فرض إملاءات من الخارج، فهو واهم.»
وفي هذا السياق، يعتبر رئيس الدولة أن أي محاولة لربط المساعدات أو التعاون الدولي بشروط سياسية، تُمثّل استهدافا مباشرا لاستقلالية القرار الوطني وكرامة الدولة، مؤكدا أن تونس قادرة على إيجاد الحلول لمشاكلها من الداخل، دون الحاجة إلى تدخلات تمسّ من سيادتها أو من حق شعبها في تقرير مصيره.
في هذا الخصوص، جدير بالذكر أن مبادرة أعضاء الكونغرس الأمريكي أثارت موجة واسعة من الاستنكار، كما قوبلت بموجة استياء حادة باعتبارها تعكس تدخلا سافرا في الشأن التونسي ومحاولة لإملاء مسار سياسي على دولة مستقلة، وهو ما عبّر عنه أمس عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب.
وفي هذا السياق أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان أيمن البوغديري في تصريح لـ«الصباح» أن المبادرة التي قدمها نائبان أمريكيان تأتي في سياق سلسلة من المواقف الأمريكية المتصاعدة منذ 25 جويلية 2021 مشيرا الى أن مشروع القانون يمثل اعتداء صارخا على استقلالية القرار الوطني مضيفا أن تونس لن تقبل بأن تتحول الديمقراطية الى أداة ابتزاز. كما أوضح في الإطار ذاته أن معظم القوى الوطنية رأت في المشروع الأمريكي مساسا مباشرا بالسيادة التونسية.
وفي نفس الإطار، قالت عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب الشعب نجلاء اللحياني، في تصريح لـ»الصباح»، إن هذه المبادرة تمثّل انتهاكا صارخا لمبدأ السيادة الوطنية، داعية إلى أهمية التنسيق بين أعضاء المجلس للدفع نحو عقد جلسة عامة خارقة للعادة تستنكر وتدين هذه المبادرة، لا سيما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التطاول على تونس. كما طالبت محدّثتنا إدارة مكتب مجلس نواب الشعب بإصدار بيان في الغرض يستنكر هذه الدعوة.
وفي السياق ذاته، قالت عضو لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب بسمة الهمامي، في تصريح لـ»الصباح»، إن مشروع القانون سالف الذكر يعكس «الغطرسة» للنظام الأمريكي، الذي لا يزال يخيّل إليه أنه قادر على صنع استقرار الدول أو نفيها أو مسحها، مشيرة إلى أنه يفترض أن تصدر لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب الشعب، كما وزارة الشؤون الخارجية، بيانا في الغرض يستنكر مثل هذا التدخل السافر.
وأضافت الهمامي أن الشعب التونسي لا ينتظر دروسا من أحد، وخاصة من أمريكا، موضحة أن الشعب التونسي لم يعد يسمح بالرجوع إلى الوراء، إذ تشكّل لديه وعي عام ونوع من اليقظة، كما أنه بطبعه يميل إلى الاستقرار. وأكدت أن هناك دفاعا مستميتا من قبل رئيس الدولة على تونس وسيادتها الوطنية وكرامتها، وهو ما يعكس تعامل تونس بسياسة الند للند، إلى جانب أن هناك ملفات معروضة على القضاء بشأن كل من سوّلت له نفسه المتاجرة بالبلاد، على حدّ تعبيرها. وبالتالي، فإن آلية المحاسبة أو ثقافة المحاسبة التي ترسّخت لا تخدم بعض المنتفعين.
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة التربية بالبرلمان كمال فراح، في تصريح لـ»الصباح»، إن تونس ليست بحاجة إلى دروس في الديمقراطية من أي طرف كان، ولا سيما «الأمريكيين»، بالنظر إلى آثار الدماء في بعض الدول، على غرار العراق وسوريا وغزة، وإن كان ما يحدث هناك من دمار يتم بغطاء منهم، قائلاً: «التدخل في الشأن التونسي أمر مرفوض بتاتًا، فقد انتهى عهد الوصايات.»
وفسّر رئيس لجنة التربية أن كل بلد مطالب بنحت مصيره بيده، ونحن في تونس بصدد تكريس الديمقراطية بخطى ثابتة، ولسنا بحاجة إلى نصائح أو ضغوطات أو أي إملاءات من أي دولة أجنبية. فالأجدر بهم أن يعيدوا ترتيب حساباتهم في الدمار الذي تركوه وراءهم.
من جهة أخرى، أشار رئيس لجنة المالية بمجلس نواب الشعب عبد الجليل الهاني، في تصريح لـ»الصباح»، إلى أن ما حدث يُعدّ تدخلاً سافرًا في الشأن الوطني التونسي، موضحًا أن كل دولة لديها مؤسساتها القائمة، ولديها أيضًا إرادة شعوبها. وأكد أن تونس لم تقترف أي جريمة، كما أنها لم تتدخل، على مرّ تاريخها، في الشأن الداخلي لأي دولة، فمواقفها لطالما اتسمت بالاعتدال، وبمبدأ حرية الشعوب في تقرير مصيرها.
وبالتالي، فإن تجرّؤ مجموعة من النواب الأمريكيين على التدخل في الشأن الداخلي التونسي يُعدّ سابقة خطيرة، قائلاً: «لن ننتظر من أمريكا، التي تسببت في مئات الملايين من القتلى، أن تدعم الديمقراطية. وخير شاهد على ذلك ما يحدث في قطاع غزة، هذا بالتوازي مع عديد الكوارث عبر التاريخ، بداية من القضاء على السكان الأصليين للقارة الأمريكية.»
ومن جهتها، أكدت النائبة فاطمة المسدي أن تونس دولة ذات سيادة، ورفضت أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية، مشددة على أن الشرعية الوحيدة هي شرعية الشعب التونسي. وأوضحت أن سيادة الدولة خط أحمر لا يقبل المساومة، وأن تونس قادرة على إدارة خياراتها وحماية مصالح شعبها ووحدتها الوطنية مهما كانت الضغوط الخارجية.
ضغوط بأقنعة ديمقراطية
في هذا الخضم، ولئن قوبلت هذه المبادرة بموجة صدّ وانتقاد عالية، فإنها تطرح، وفقا للمتابعين للشأن العام، جملة من التساؤلات الملحّة.
فما سُمّي بـ«قانون استعادة الديمقراطية في تونس» يمثّل في جوهره ورقة ضغط سياسية تحمل في طياتها رهانات استراتيجية واقتصادية. فالمبادرة تكشف عن رغبة في التأثير على القرار الوطني وتوجيهه بما يخدم مصالح إقليمية ودولية أكثر من انشغالها بمستقبل الديمقراطية في تونس، التي تتقدّم بخطى ثابتة.
منال حرزي
في خطوة تمثّل تجاوزا خطيرا لكل الأعراف الدبلوماسية وانتهاكا صارخا لمبدأ السيادة الوطنية، طرح نائبان أمريكيان مشروع قانون أسموه «قانون استعادة الديمقراطية في تونس»، يراد من خلاله وضع تونس في قائمة الدول المعرضة لعقوبات دولية، مما أثار موجة استنكار وتنديد حادّة من قبل أغلب فئات الشعب التونسي.
ويواصل النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون هجومه على السلطات التونسية والدعوة إلى فرض عقوبات على المسؤولين التونسيين في مختلف المجالات.
وقد قدّم مؤخرا، بالتعاون مع النائب الديمقراطي جيسون كرو، مشروع قانون جديد إلى الكونغرس الأمريكي بعنوان: «قانون استعادة الديمقراطية في تونس».
ويهدف هذا المشروع إلى تعليق المساعدات الأمنية، وإعداد قائمة سوداء لمسؤولين تونسيين، وتجميد أصول وممتلكات تونسية في أمريكا، وحظر التأشيرات. كما اشترط النائبان العودة إلى دستور 2014 وتنظيم انتخابات جديدة تحت إشراف دولي كشرط لرفع العقوبات، مانحين الإدارة الأمريكية مهلة 180 يوما لإعداد خطة قالوا إنها لـ»إعادة الديمقراطية في تونس».
هذا التدخّل يصفه متابعون للشأن العام بـ«السافر» والخطير، كونه يمثّل مساسا مباشرا بالسيادة الوطنية وبحق الشعوب في تقرير مصيرها، ويكشف بوضوح حجم الضغوطات الخارجية ومحاولات التدخل في الشأن التونسي. إذ لا يقتصر الأمر على تعليق المساعدات الأمنية وتجميد أصول وممتلكات مسؤولين تونسيين محتملين، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة فرض مسار سياسي محدّد يتعارض مع إرادة وطنية واسعة، عبّرت عنها صناديق الاقتراع في أكثر من محطة انتخابية.
والحديث عن العودة إلى دستور 2014 أو تنظيم انتخابات بإشراف دولي، يمثّل انتهاكا صارخا لمبدأ السيادة الوطنية، الذي يُعدّ من ركائز العلاقات الدولية، فالشعوب - وفقا للمواثيق الأممية - هي صاحبة القرار في اختيار نظامها السياسي ومؤسساتها الدستورية، دون وصاية أو إملاءات خارجية.
السيادة الوطنية «خط أحمر»
هذا التوجّه لطالما شدّد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد مرارا وتكرارا، معتبرا أن السيادة الوطنية خط أحمر، وأن السيادة للشعب، وأن تونس لا تقبل أي تدخلات أجنبية في خياراتها الوطنية، كلف ذلك ما كلف.
فالسيادة الوطنية من الركائز الأساسية التي يشدّد عليها رئيس الدولة قيس سعيّد في كل خطاباته ولقاءاته الرسمية. فعندما يؤكّد في معرض تصريحاته أن السيادة الوطنية خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو المساس به تحت أي ذريعة، فإن ذلك يعني لا مجال للقبول بأي تدخل خارجي في الشأن التونسي، ولا لأي وصاية أجنبية على خيارات الشعب أو مؤسساته.
ومنهج رئيس الدولة يرتكز على أن القرار التونسي يجب أن يُصاغ داخل تونس، وبإرادة التونسيين وحدهم، مذكّرا بأن: «من يعتقد أنه قادر على فرض إملاءات من الخارج، فهو واهم.»
وفي هذا السياق، يعتبر رئيس الدولة أن أي محاولة لربط المساعدات أو التعاون الدولي بشروط سياسية، تُمثّل استهدافا مباشرا لاستقلالية القرار الوطني وكرامة الدولة، مؤكدا أن تونس قادرة على إيجاد الحلول لمشاكلها من الداخل، دون الحاجة إلى تدخلات تمسّ من سيادتها أو من حق شعبها في تقرير مصيره.
في هذا الخصوص، جدير بالذكر أن مبادرة أعضاء الكونغرس الأمريكي أثارت موجة واسعة من الاستنكار، كما قوبلت بموجة استياء حادة باعتبارها تعكس تدخلا سافرا في الشأن التونسي ومحاولة لإملاء مسار سياسي على دولة مستقلة، وهو ما عبّر عنه أمس عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب.
وفي هذا السياق أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان أيمن البوغديري في تصريح لـ«الصباح» أن المبادرة التي قدمها نائبان أمريكيان تأتي في سياق سلسلة من المواقف الأمريكية المتصاعدة منذ 25 جويلية 2021 مشيرا الى أن مشروع القانون يمثل اعتداء صارخا على استقلالية القرار الوطني مضيفا أن تونس لن تقبل بأن تتحول الديمقراطية الى أداة ابتزاز. كما أوضح في الإطار ذاته أن معظم القوى الوطنية رأت في المشروع الأمريكي مساسا مباشرا بالسيادة التونسية.
وفي نفس الإطار، قالت عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب الشعب نجلاء اللحياني، في تصريح لـ»الصباح»، إن هذه المبادرة تمثّل انتهاكا صارخا لمبدأ السيادة الوطنية، داعية إلى أهمية التنسيق بين أعضاء المجلس للدفع نحو عقد جلسة عامة خارقة للعادة تستنكر وتدين هذه المبادرة، لا سيما أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها التطاول على تونس. كما طالبت محدّثتنا إدارة مكتب مجلس نواب الشعب بإصدار بيان في الغرض يستنكر هذه الدعوة.
وفي السياق ذاته، قالت عضو لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب بسمة الهمامي، في تصريح لـ»الصباح»، إن مشروع القانون سالف الذكر يعكس «الغطرسة» للنظام الأمريكي، الذي لا يزال يخيّل إليه أنه قادر على صنع استقرار الدول أو نفيها أو مسحها، مشيرة إلى أنه يفترض أن تصدر لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب الشعب، كما وزارة الشؤون الخارجية، بيانا في الغرض يستنكر مثل هذا التدخل السافر.
وأضافت الهمامي أن الشعب التونسي لا ينتظر دروسا من أحد، وخاصة من أمريكا، موضحة أن الشعب التونسي لم يعد يسمح بالرجوع إلى الوراء، إذ تشكّل لديه وعي عام ونوع من اليقظة، كما أنه بطبعه يميل إلى الاستقرار. وأكدت أن هناك دفاعا مستميتا من قبل رئيس الدولة على تونس وسيادتها الوطنية وكرامتها، وهو ما يعكس تعامل تونس بسياسة الند للند، إلى جانب أن هناك ملفات معروضة على القضاء بشأن كل من سوّلت له نفسه المتاجرة بالبلاد، على حدّ تعبيرها. وبالتالي، فإن آلية المحاسبة أو ثقافة المحاسبة التي ترسّخت لا تخدم بعض المنتفعين.
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة التربية بالبرلمان كمال فراح، في تصريح لـ»الصباح»، إن تونس ليست بحاجة إلى دروس في الديمقراطية من أي طرف كان، ولا سيما «الأمريكيين»، بالنظر إلى آثار الدماء في بعض الدول، على غرار العراق وسوريا وغزة، وإن كان ما يحدث هناك من دمار يتم بغطاء منهم، قائلاً: «التدخل في الشأن التونسي أمر مرفوض بتاتًا، فقد انتهى عهد الوصايات.»
وفسّر رئيس لجنة التربية أن كل بلد مطالب بنحت مصيره بيده، ونحن في تونس بصدد تكريس الديمقراطية بخطى ثابتة، ولسنا بحاجة إلى نصائح أو ضغوطات أو أي إملاءات من أي دولة أجنبية. فالأجدر بهم أن يعيدوا ترتيب حساباتهم في الدمار الذي تركوه وراءهم.
من جهة أخرى، أشار رئيس لجنة المالية بمجلس نواب الشعب عبد الجليل الهاني، في تصريح لـ»الصباح»، إلى أن ما حدث يُعدّ تدخلاً سافرًا في الشأن الوطني التونسي، موضحًا أن كل دولة لديها مؤسساتها القائمة، ولديها أيضًا إرادة شعوبها. وأكد أن تونس لم تقترف أي جريمة، كما أنها لم تتدخل، على مرّ تاريخها، في الشأن الداخلي لأي دولة، فمواقفها لطالما اتسمت بالاعتدال، وبمبدأ حرية الشعوب في تقرير مصيرها.
وبالتالي، فإن تجرّؤ مجموعة من النواب الأمريكيين على التدخل في الشأن الداخلي التونسي يُعدّ سابقة خطيرة، قائلاً: «لن ننتظر من أمريكا، التي تسببت في مئات الملايين من القتلى، أن تدعم الديمقراطية. وخير شاهد على ذلك ما يحدث في قطاع غزة، هذا بالتوازي مع عديد الكوارث عبر التاريخ، بداية من القضاء على السكان الأصليين للقارة الأمريكية.»
ومن جهتها، أكدت النائبة فاطمة المسدي أن تونس دولة ذات سيادة، ورفضت أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية، مشددة على أن الشرعية الوحيدة هي شرعية الشعب التونسي. وأوضحت أن سيادة الدولة خط أحمر لا يقبل المساومة، وأن تونس قادرة على إدارة خياراتها وحماية مصالح شعبها ووحدتها الوطنية مهما كانت الضغوط الخارجية.
ضغوط بأقنعة ديمقراطية
في هذا الخضم، ولئن قوبلت هذه المبادرة بموجة صدّ وانتقاد عالية، فإنها تطرح، وفقا للمتابعين للشأن العام، جملة من التساؤلات الملحّة.
فما سُمّي بـ«قانون استعادة الديمقراطية في تونس» يمثّل في جوهره ورقة ضغط سياسية تحمل في طياتها رهانات استراتيجية واقتصادية. فالمبادرة تكشف عن رغبة في التأثير على القرار الوطني وتوجيهه بما يخدم مصالح إقليمية ودولية أكثر من انشغالها بمستقبل الديمقراطية في تونس، التي تتقدّم بخطى ثابتة.