على هامش اليوم العالمي لمكافحة استعمال المخدرات والاتجار بها.. ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لمواجهة ظاهرة الإدمان المتنامية
مقالات الصباح
رغم الحاجة إلى العمل الأمني في مكافحة آفة المخدرات، إلا أنها، وبشهادة المختصين، لا تعتبر كافية في التصدي لانتشار الظاهرة في تونس اليوم، على اعتبار التحولات المتسارعة في السنوات الأخيرة التي حولت تونس من أرض عبور إلى أرض استهلاك، إلى جانب تنامي عدد المدمنين بشكل مخيف، لا سيما في صفوف الشباب والنشء.
استنادًا إلى معطيات صادرة عن وزارة الداخلية، فقد «تم سنة 2024 إيقاف حوالي 5 آلاف مروج للمخدرات في تونس (4982)، مقابل إيقاف 3165 مروجًا سنة 2023. كما تمكنت الإدارة العامة للديوانة خلال سنة 2024 من حجز أكثر من مليون و124 ألف حبة مخدرة، وأكثر من 30 كغ من الكوكايين، وأكثر من 257 كغ من القنب الهندي».
أرقام مهولة تؤكد المجهود الأمني المبذول، في ظل حرص من أعلى هرم الدولة على ضرورة ملاحقة العابثين بمستقبل الشباب والتلاميذ، لكن التعاطي الأمني بمفرده لن يكون السبيل لبلوغ نتائج إيجابية في الحد من انتشار الإدمان في المجتمع.
أرقام صادمة
بهذا الخصوص، يقول رئيس الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان والإعلام، رضا كرويدة، والذي كان قد كشف مؤخرًا عن أرقام صادمة تتعلق بانتشار المخدرات في تونس، حين قدّر عدد مستهلكي المواد المخدرة بين 700 ألف ومليون شخص، إن «التعامل مع ظاهرة الإدمان لا يمكن أن يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يستوجب مقاربة شاملة تشمل الأبعاد الصحية والاجتماعية والتوعوية».
مضيفًا في تصريح إعلامي أن «المجتمع المدني مستعد للقيام بدوره والمساهمة في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة».
وتتأكد الحاجة إلى العمل التوعوي والتحسيسي، وإلى اعتماد مقاربة شاملة بانخراط جميع مكونات المجتمع، عند النظر إلى بقية الإحصائيات والأرقام الصادمة عن انتشار الظاهرة في الوسط التربوي وفي صفوف التلاميذ.
وهنا تكفي الإشارة فقط إلى نتائج مسح للمعهد الوطني للصحة، أُنجز في عام 2023، وكشف أن «أكثر من 16 بالمائة من التلاميذ المستجوبين يجدون سهولة في الحصول على مواد مخدرة، فيما تُقدّر نسبة استهلاك التلاميذ، ولو مرة واحدة، للأقراص المخدرة بـ8 بالمائة».
ووفق المسح، الذي شمل الشريحة العمرية بين 13 و18 سنة، فقد «تضاعف استهلاك التلاميذ للمخدرات خمس مرات خلال العقد الأخير، إذ قفز من 1.3 بالمائة في 2013 إلى 8.9 بالمائة في 2023».
سرعة انتشار آفة المخدرات لابد أن توازيها السرعة ذاتها في التقاط إشارات الخطر، والشروع في العمل مبكرًا على أكثر من مستوى: تشريعي، وعلاجي، والأهم توعوي تحسيسي.
مبادرات
وفي سياق التوجه في الفترة الأخيرة إلى التركيز على العمل التوعوي التحسيسي، أعلن أول أمس الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، أنه يقدم من خلال مختلف هياكله الموجودة بكامل ولايات الجمهورية، خدمات متنوعة ومجانية موجّهة خاصة إلى الشباب والمراهقين حول المخدرات وتأثيراتها السلبية على صحة الإنسان النفسية والجسدية.
وذكر الديوان، في بلاغ على هامش اليوم العالمي لمكافحة استعمال المخدرات والاتجار بها، الموافق لـ26 جوان من كل سنة، أن «هذه الخدمات تهدف إلى رفع الوعي لدى المنتمين لهذه الفئة العمرية وتمكينهم من المعلومة الموثوقة والشاملة حول أضرار المخدرات وتأثيراتها السلبية على الصحة الجسدية والنفسية للفرد وعلى محيطه العائلي والمجتمعي».
كما يقدم الديوان، عبر مختصين تابعين له، خدمات الدعم والمساندة والتوجيه نحو الهياكل المتاحة للعلاج والمساعدة، وفق ذات البلاغ.
كما تتواصل المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من مخاطر المخدرات وتكثيف الجهود الوطنية للوقاية من الظواهر والسلوكيات المجتمعية المحفوفة بالمخاطر، التي شرعت في تنظيمها مؤخرًا وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، في شكل قوافل وطنية توعوية تحسيسية بمخاطر المخدرات تحت شعار: «قول لا للمخدرات».
وستشمل هذه القوافل تدريجيًا مختلف ولايات الجمهورية، وذلك إلى حدود 20 نوفمبر 2025.
وعرفت هذه القوافل، التي انتُظمت في أكثر من جهة، مشاركة المندوبيات الجهوية للتربية والشؤون الاجتماعية والصحة والشؤون الثقافية والشباب والرياضة، إلى جانب مكاتب مندوبي حماية الطفولة، والمراكز الجهوية للإعلامية الموجهة للطفل، ومراكز الدفاع الاجتماعي، وفرق الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، والهلال الأحمر التونسي بالولايات المعنية.
وتضمنت هذه القوافل، التي شهدت مشاركة الأطفال واليافعين والأسر، عديد التظاهرات المفتوحة من ورشات ألعاب، وعروض مسرحية، وورشات في الرسم والتعبير الكتابي الحر، وورشات حوارية توعوية، تركزت أساسًا حول «الوقاية من المخدرات بالفضاءات التربوية» و«الآثار الصحية السلبية لتعاطي المخدرات» و«العنف المدرسي والإدمان» و«تأثير المخدرات على سلوك الطفل في المحيط الاجتماعي» و«الانقطاع المدرسي وعلاقته بالإدمان» و«الإدمان وصعوبات التعلم».
◗ م.ي
رغم الحاجة إلى العمل الأمني في مكافحة آفة المخدرات، إلا أنها، وبشهادة المختصين، لا تعتبر كافية في التصدي لانتشار الظاهرة في تونس اليوم، على اعتبار التحولات المتسارعة في السنوات الأخيرة التي حولت تونس من أرض عبور إلى أرض استهلاك، إلى جانب تنامي عدد المدمنين بشكل مخيف، لا سيما في صفوف الشباب والنشء.
استنادًا إلى معطيات صادرة عن وزارة الداخلية، فقد «تم سنة 2024 إيقاف حوالي 5 آلاف مروج للمخدرات في تونس (4982)، مقابل إيقاف 3165 مروجًا سنة 2023. كما تمكنت الإدارة العامة للديوانة خلال سنة 2024 من حجز أكثر من مليون و124 ألف حبة مخدرة، وأكثر من 30 كغ من الكوكايين، وأكثر من 257 كغ من القنب الهندي».
أرقام مهولة تؤكد المجهود الأمني المبذول، في ظل حرص من أعلى هرم الدولة على ضرورة ملاحقة العابثين بمستقبل الشباب والتلاميذ، لكن التعاطي الأمني بمفرده لن يكون السبيل لبلوغ نتائج إيجابية في الحد من انتشار الإدمان في المجتمع.
أرقام صادمة
بهذا الخصوص، يقول رئيس الجمعية الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان والإعلام، رضا كرويدة، والذي كان قد كشف مؤخرًا عن أرقام صادمة تتعلق بانتشار المخدرات في تونس، حين قدّر عدد مستهلكي المواد المخدرة بين 700 ألف ومليون شخص، إن «التعامل مع ظاهرة الإدمان لا يمكن أن يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يستوجب مقاربة شاملة تشمل الأبعاد الصحية والاجتماعية والتوعوية».
مضيفًا في تصريح إعلامي أن «المجتمع المدني مستعد للقيام بدوره والمساهمة في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة».
وتتأكد الحاجة إلى العمل التوعوي والتحسيسي، وإلى اعتماد مقاربة شاملة بانخراط جميع مكونات المجتمع، عند النظر إلى بقية الإحصائيات والأرقام الصادمة عن انتشار الظاهرة في الوسط التربوي وفي صفوف التلاميذ.
وهنا تكفي الإشارة فقط إلى نتائج مسح للمعهد الوطني للصحة، أُنجز في عام 2023، وكشف أن «أكثر من 16 بالمائة من التلاميذ المستجوبين يجدون سهولة في الحصول على مواد مخدرة، فيما تُقدّر نسبة استهلاك التلاميذ، ولو مرة واحدة، للأقراص المخدرة بـ8 بالمائة».
ووفق المسح، الذي شمل الشريحة العمرية بين 13 و18 سنة، فقد «تضاعف استهلاك التلاميذ للمخدرات خمس مرات خلال العقد الأخير، إذ قفز من 1.3 بالمائة في 2013 إلى 8.9 بالمائة في 2023».
سرعة انتشار آفة المخدرات لابد أن توازيها السرعة ذاتها في التقاط إشارات الخطر، والشروع في العمل مبكرًا على أكثر من مستوى: تشريعي، وعلاجي، والأهم توعوي تحسيسي.
مبادرات
وفي سياق التوجه في الفترة الأخيرة إلى التركيز على العمل التوعوي التحسيسي، أعلن أول أمس الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، أنه يقدم من خلال مختلف هياكله الموجودة بكامل ولايات الجمهورية، خدمات متنوعة ومجانية موجّهة خاصة إلى الشباب والمراهقين حول المخدرات وتأثيراتها السلبية على صحة الإنسان النفسية والجسدية.
وذكر الديوان، في بلاغ على هامش اليوم العالمي لمكافحة استعمال المخدرات والاتجار بها، الموافق لـ26 جوان من كل سنة، أن «هذه الخدمات تهدف إلى رفع الوعي لدى المنتمين لهذه الفئة العمرية وتمكينهم من المعلومة الموثوقة والشاملة حول أضرار المخدرات وتأثيراتها السلبية على الصحة الجسدية والنفسية للفرد وعلى محيطه العائلي والمجتمعي».
كما يقدم الديوان، عبر مختصين تابعين له، خدمات الدعم والمساندة والتوجيه نحو الهياكل المتاحة للعلاج والمساعدة، وفق ذات البلاغ.
كما تتواصل المبادرة الوطنية التشاركية للوقاية من مخاطر المخدرات وتكثيف الجهود الوطنية للوقاية من الظواهر والسلوكيات المجتمعية المحفوفة بالمخاطر، التي شرعت في تنظيمها مؤخرًا وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، في شكل قوافل وطنية توعوية تحسيسية بمخاطر المخدرات تحت شعار: «قول لا للمخدرات».
وستشمل هذه القوافل تدريجيًا مختلف ولايات الجمهورية، وذلك إلى حدود 20 نوفمبر 2025.
وعرفت هذه القوافل، التي انتُظمت في أكثر من جهة، مشاركة المندوبيات الجهوية للتربية والشؤون الاجتماعية والصحة والشؤون الثقافية والشباب والرياضة، إلى جانب مكاتب مندوبي حماية الطفولة، والمراكز الجهوية للإعلامية الموجهة للطفل، ومراكز الدفاع الاجتماعي، وفرق الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، والهلال الأحمر التونسي بالولايات المعنية.
وتضمنت هذه القوافل، التي شهدت مشاركة الأطفال واليافعين والأسر، عديد التظاهرات المفتوحة من ورشات ألعاب، وعروض مسرحية، وورشات في الرسم والتعبير الكتابي الحر، وورشات حوارية توعوية، تركزت أساسًا حول «الوقاية من المخدرات بالفضاءات التربوية» و«الآثار الصحية السلبية لتعاطي المخدرات» و«العنف المدرسي والإدمان» و«تأثير المخدرات على سلوك الطفل في المحيط الاجتماعي» و«الانقطاع المدرسي وعلاقته بالإدمان» و«الإدمان وصعوبات التعلم».
◗ م.ي