إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وظهور‭ ‬آفات‭ ‬وحشرات‭ ‬جديدة.. ضرورة‭ ‬مضاعفة‭ ‬عمل‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتكوين‭ ‬خلايا‭ ‬يقظة

 

تراجع‭ ‬معدل‭ ‬التساقطات‭ ‬وكميات‭ ‬الأمطار‭.. ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬وزيادة‭ ‬الجفاف‭.. ‬تصاعد‭ ‬تهديدات‭ ‬الفيضانات‭.. ‬تآكل‭ ‬السواحل‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭.. ‬ظهور‭ ‬آفات‭ ‬وأمراض‭ ‬جديدة‭ ‬لأشجار‭ ‬مثمرة‭ ‬وزياتين‭ ‬ومنتجات‭ ‬زراعات‭.. ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬الظواهر‭ ‬المستجدة‭ ‬التي‭ ‬يخلفها‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعه‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وتونس‭ ‬بدورها‭ ‬ليست‭ ‬بمنأى‭ ‬عنه‭ ‬بل‭ ‬تصنف‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬العشرين‭ ‬دولة‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثرا‭ ‬بهذه‭ ‬المتغيرات‭.‬

وفضلا‭ ‬عما‭ ‬شهدته‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬جفاف‭ ‬وتراجع‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬امتلاء‭ ‬السدود‭ ‬وارتفاع‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬الفيضانات،‭ ‬عرفت‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الفارطة‭ ‬ظهور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفطريات‭ ‬والحشرات‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬مردودية‭ ‬المنتوجات‭ ‬الفلاحية‭ ‬شملت‭ ‬هذه‭ ‬الأمراض‭ ‬أشجار‭ ‬الزياتين‭ (‬ذبابة‭ ‬الزيتون‭) ‬والقوارص‭ (‬حشرات‭ ‬المن‭ ‬أو‭ ‬الزيلي‭) ‬وهي‭ ‬نفس‭ ‬الحشرات‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬أشجارا‭ ‬مثمرة‭ ‬كالتفاح‭ ‬والعنب‭ ‬وحتى‭ ‬الخضراوات‭.. ‬والتين‭ ‬الشوكي‭ (‬الحشرة‭ ‬القرمزية‭) ‬والذرة‭ (‬دودة‭ ‬الحشد‭) ‬والقمح‭ (‬الديدان‭ ‬البيضاء‭) ‬والتي‭ ‬دعا‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفلاحي‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬مداواته‭ ‬نظرا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحشرة‭ ‬تتغذى‭ ‬من‭ ‬الجذور‭ ‬والسيقان‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬إضعاف‭ ‬المحاصيل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬فشلها‭.‬

وأوضح‭ ‬حمدي‭ ‬حشاد‭ ‬المهندس‭ ‬البيئي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المناخي،‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬هي‭ ‬ظاهرة‭ ‬عالمية‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومجتمعاتها،‭ ‬ولها‭ ‬تداعيات‭ ‬متباينة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الى‭ ‬أخرى‭.‬

ويعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬الحرارة‭ ‬أبرزها،‭ ‬فيما‭ ‬يهم‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية،‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬مناخي‭ ‬له‭ ‬تأثيراته‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬الزراعي‭ ‬والفلاحي،‭ ‬في‭ ‬أغلبها‭ ‬تكون‭ ‬سلبية‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬إيجابية‭.‬

وأشار‭ ‬المهندس‭ ‬البيئي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات،‭ ‬ظهور‭ ‬آفات‭ ‬جديدة‭ ‬وبعض‭ ‬الأمراض‭ ‬الفطرية‭ ‬خارج‭ ‬الأوقات‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬تظهر‭ ‬خلالها‭ ‬وتكون‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وفتكا‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬لارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬إزهار‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬المحاصيل‭ ‬وبالتالي‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬إنتاجيتها،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬مثلا‭ ‬أشجار‭ ‬التفاح‭ ‬والعنب‭ ‬و»القنارية‮»‬‭..‬

وبين‭ ‬أن‭ ‬ظهور‭ ‬الجراد‭ ‬مثلا‭ ‬وانتشاره‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬ووصول‭ ‬أسراب‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬الى‭ ‬مناطق‭ ‬حدودية‭ ‬بالجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬فمثلا‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬الرطوبة‭ ‬وتهاطل‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الحشرة،‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬مسطحات‭ ‬مائية‭ ‬وبالتالي‭ ‬إنتاج‭ ‬غطاء‭ ‬نباتي‭ ‬يشكل‭ ‬غذاء‭ ‬ممتازا‭ ‬لها‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬تكاثرها‭ ‬باعتبار‭ ‬انه‭ ‬يجعل‭ ‬بيضها‭ ‬أقوى‭.‬

وقال‭ ‬حمدي‭ ‬حشاد،‭ ‬إننا‭ ‬اليوم‭ ‬بصدد‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬يعتبر‭ ‬تراجع‭ ‬التساقطات‭ ‬أكثرها‭ ‬خطورة،‭ ‬لما‭ ‬يخلفه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬وضغط‭ ‬وتقلص‭ ‬للموارد‭ ‬المائية‭..‬

وأشار‭ ‬حشاد‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬المناخي‭ ‬المتغير‭ ‬يتطلب‭ ‬ضرورة‭ ‬تقديم‭ ‬تكوين‭ ‬وتدريب‭ ‬للفلاح‭ ‬وتمكينه‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬فهم‭ ‬التحديات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬يعرفه‭ ‬وهي‭ ‬تغييرات‭ ‬تنتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬وتؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬نسق‭ ‬الإنتاج‭ ‬وديمومة‭ ‬الفلاحة‭.‬

وبين‭ ‬أن‭ ‬الروزنامة‭ ‬الفلاحية‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬تشهد‭ ‬تغيرات،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬نعيش‭ ‬صيفا‭ ‬متأخرا‭ ‬وشتاء‭ ‬أقصر‭ ‬من‭ ‬العادة‭. ‬وهي‭ ‬عوامل‭ ‬غير‭ ‬ملائمة‭ ‬للمواسم‭ ‬الفلاحية‭ ‬المعروفة‭ ‬لدى‭ ‬الفلاح‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالمداواة‭ ‬والمعالجة‭ ‬وتسميد‭ ‬الأرض‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭.‬

ولتفادي‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬ظهور‭ ‬الفطريات‭ ‬أو‭ ‬الأمراض‭ ‬والحشرات،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تضرب‭ ‬منتجاتنا‭ ‬الفلاحية،‭ ‬اعتبر‭ ‬المهندس‭ ‬البيئي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المناخي،‭ ‬أن‭ ‬الهياكل‭ ‬الرسمية‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬بمضاعفة‭ ‬عمل‭ ‬إدارات‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتكوين‭ ‬خلايا‭ ‬يقظة‭ ‬خاصة‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬والأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬مخرجات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتطبيقها‭ ‬على‭ ‬ميدانيا‭ ‬لحماية‭ ‬محاصيلنا‭ ‬الزراعية‭. ‬وهي‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬مثلا‭ ‬اتخاذها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬محصولنا‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموسم‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جيدا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمواسم‭ ‬التي‭ ‬سبقته‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬دول‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬تعرضا‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬البلاد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بحوالي‭ ‬0‭,‬4‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬خلال‭ ‬الـ3‭ ‬عقود‭ ‬الماضية،‭ ‬وبلغ‭ ‬متوسط‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بين‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬وسبتمبر‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬قرابة‭ ‬الـ27‭,‬9‭ ‬درجة‭ ‬مائوية،‭ ‬وتراجعت‭ ‬الى‭ ‬27‭,‬1‭ ‬درجة‭ ‬مائوية‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬2023‭.‬

ووفق‭ ‬ورقة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬التضخم‭ ‬المناخي‭.. ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬‭ ‬أعدها‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬لرؤساء‭ ‬المؤسسات،‭ ‬تمثل‭ ‬المخاطر‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬وتراجع‭ ‬معدل‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ندرة‭ ‬المياه‭ ‬والجفاف،‭ ‬وأدت‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

واحتلت‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬حسب‭ ‬مؤشر‭ ‬معهد‭ ‬الموارد‭ ‬العالمية،‭ ‬المرتبة‭ ‬20‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي،‭ ‬والمرتبة‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجفاف‭. ‬ويعد‭ ‬قطاع‭ ‬الفلاحة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬علما‭ ‬وأنه‭ ‬ويمثل‭ ‬نسبة‭ ‬10‭ % ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للبلاد‭.‬

ريم‭ ‬سوودي

في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬وظهور‭ ‬آفات‭ ‬وحشرات‭ ‬جديدة.. ضرورة‭ ‬مضاعفة‭ ‬عمل‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتكوين‭ ‬خلايا‭ ‬يقظة

 

تراجع‭ ‬معدل‭ ‬التساقطات‭ ‬وكميات‭ ‬الأمطار‭.. ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬وزيادة‭ ‬الجفاف‭.. ‬تصاعد‭ ‬تهديدات‭ ‬الفيضانات‭.. ‬تآكل‭ ‬السواحل‭ ‬وارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭.. ‬ظهور‭ ‬آفات‭ ‬وأمراض‭ ‬جديدة‭ ‬لأشجار‭ ‬مثمرة‭ ‬وزياتين‭ ‬ومنتجات‭ ‬زراعات‭.. ‬هي‭ ‬أبرز‭ ‬الظواهر‭ ‬المستجدة‭ ‬التي‭ ‬يخلفها‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الذي‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعه‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وتونس‭ ‬بدورها‭ ‬ليست‭ ‬بمنأى‭ ‬عنه‭ ‬بل‭ ‬تصنف‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬العشرين‭ ‬دولة‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثرا‭ ‬بهذه‭ ‬المتغيرات‭.‬

وفضلا‭ ‬عما‭ ‬شهدته‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬جفاف‭ ‬وتراجع‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬امتلاء‭ ‬السدود‭ ‬وارتفاع‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬الفيضانات،‭ ‬عرفت‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الفارطة‭ ‬ظهور‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الفطريات‭ ‬والحشرات‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬مردودية‭ ‬المنتوجات‭ ‬الفلاحية‭ ‬شملت‭ ‬هذه‭ ‬الأمراض‭ ‬أشجار‭ ‬الزياتين‭ (‬ذبابة‭ ‬الزيتون‭) ‬والقوارص‭ (‬حشرات‭ ‬المن‭ ‬أو‭ ‬الزيلي‭) ‬وهي‭ ‬نفس‭ ‬الحشرات‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬أشجارا‭ ‬مثمرة‭ ‬كالتفاح‭ ‬والعنب‭ ‬وحتى‭ ‬الخضراوات‭.. ‬والتين‭ ‬الشوكي‭ (‬الحشرة‭ ‬القرمزية‭) ‬والذرة‭ (‬دودة‭ ‬الحشد‭) ‬والقمح‭ (‬الديدان‭ ‬البيضاء‭) ‬والتي‭ ‬دعا‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفلاحي‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬مداواته‭ ‬نظرا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحشرة‭ ‬تتغذى‭ ‬من‭ ‬الجذور‭ ‬والسيقان‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬إضعاف‭ ‬المحاصيل‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬فشلها‭.‬

وأوضح‭ ‬حمدي‭ ‬حشاد‭ ‬المهندس‭ ‬البيئي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المناخي،‭ ‬أن‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬هي‭ ‬ظاهرة‭ ‬عالمية‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬وقعها‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومجتمعاتها،‭ ‬ولها‭ ‬تداعيات‭ ‬متباينة‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الى‭ ‬أخرى‭.‬

ويعد‭ ‬ارتفاع‭ ‬الحرارة‭ ‬أبرزها،‭ ‬فيما‭ ‬يهم‭ ‬الدولة‭ ‬التونسية،‭ ‬وهو‭ ‬عامل‭ ‬مناخي‭ ‬له‭ ‬تأثيراته‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬الزراعي‭ ‬والفلاحي،‭ ‬في‭ ‬أغلبها‭ ‬تكون‭ ‬سلبية‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬إيجابية‭.‬

وأشار‭ ‬المهندس‭ ‬البيئي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬التغيرات،‭ ‬ظهور‭ ‬آفات‭ ‬جديدة‭ ‬وبعض‭ ‬الأمراض‭ ‬الفطرية‭ ‬خارج‭ ‬الأوقات‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬تظهر‭ ‬خلالها‭ ‬وتكون‭ ‬أكثر‭ ‬قوة‭ ‬وفتكا‭ ‬من‭ ‬قبل‭. ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬لارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬إزهار‭ ‬بعض‭ ‬أنواع‭ ‬المحاصيل‭ ‬وبالتالي‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬إنتاجيتها،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬مثلا‭ ‬أشجار‭ ‬التفاح‭ ‬والعنب‭ ‬و»القنارية‮»‬‭..‬

وبين‭ ‬أن‭ ‬ظهور‭ ‬الجراد‭ ‬مثلا‭ ‬وانتشاره‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬ووصول‭ ‬أسراب‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬الى‭ ‬مناطق‭ ‬حدودية‭ ‬بالجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬تغير‭ ‬في‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬فمثلا‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬الرطوبة‭ ‬وتهاطل‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الحشرة،‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬مسطحات‭ ‬مائية‭ ‬وبالتالي‭ ‬إنتاج‭ ‬غطاء‭ ‬نباتي‭ ‬يشكل‭ ‬غذاء‭ ‬ممتازا‭ ‬لها‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬تكاثرها‭ ‬باعتبار‭ ‬انه‭ ‬يجعل‭ ‬بيضها‭ ‬أقوى‭.‬

وقال‭ ‬حمدي‭ ‬حشاد،‭ ‬إننا‭ ‬اليوم‭ ‬بصدد‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬يعتبر‭ ‬تراجع‭ ‬التساقطات‭ ‬أكثرها‭ ‬خطورة،‭ ‬لما‭ ‬يخلفه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬وضغط‭ ‬وتقلص‭ ‬للموارد‭ ‬المائية‭..‬

وأشار‭ ‬حشاد‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬المناخي‭ ‬المتغير‭ ‬يتطلب‭ ‬ضرورة‭ ‬تقديم‭ ‬تكوين‭ ‬وتدريب‭ ‬للفلاح‭ ‬وتمكينه‭ ‬من‭ ‬آليات‭ ‬فهم‭ ‬التحديات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬مختلفة‭ ‬عما‭ ‬يعرفه‭ ‬وهي‭ ‬تغييرات‭ ‬تنتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬وتؤثر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬نسق‭ ‬الإنتاج‭ ‬وديمومة‭ ‬الفلاحة‭.‬

وبين‭ ‬أن‭ ‬الروزنامة‭ ‬الفلاحية‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬تشهد‭ ‬تغيرات،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬نعيش‭ ‬صيفا‭ ‬متأخرا‭ ‬وشتاء‭ ‬أقصر‭ ‬من‭ ‬العادة‭. ‬وهي‭ ‬عوامل‭ ‬غير‭ ‬ملائمة‭ ‬للمواسم‭ ‬الفلاحية‭ ‬المعروفة‭ ‬لدى‭ ‬الفلاح‭ ‬وبالتالي‭ ‬فالمداواة‭ ‬والمعالجة‭ ‬وتسميد‭ ‬الأرض‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يظل‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭.‬

ولتفادي‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬ظهور‭ ‬الفطريات‭ ‬أو‭ ‬الأمراض‭ ‬والحشرات،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تضرب‭ ‬منتجاتنا‭ ‬الفلاحية،‭ ‬اعتبر‭ ‬المهندس‭ ‬البيئي‭ ‬والخبير‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المناخي،‭ ‬أن‭ ‬الهياكل‭ ‬الرسمية‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم‭ ‬بمضاعفة‭ ‬عمل‭ ‬إدارات‭ ‬الإرشاد‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتكوين‭ ‬خلايا‭ ‬يقظة‭ ‬خاصة‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬والأخذ‭ ‬بالاعتبار‭ ‬مخرجات‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬الفلاحي‭ ‬وتطبيقها‭ ‬على‭ ‬ميدانيا‭ ‬لحماية‭ ‬محاصيلنا‭ ‬الزراعية‭. ‬وهي‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬مثلا‭ ‬اتخاذها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬محصولنا‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الموسم‭ ‬الذي‭ ‬ينتظر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جيدا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالمواسم‭ ‬التي‭ ‬سبقته‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬دول‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬تعرضا‭ ‬لتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬البلاد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬في‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بحوالي‭ ‬0‭,‬4‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭ ‬خلال‭ ‬الـ3‭ ‬عقود‭ ‬الماضية،‭ ‬وبلغ‭ ‬متوسط‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬بين‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬وسبتمبر‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬قرابة‭ ‬الـ27‭,‬9‭ ‬درجة‭ ‬مائوية،‭ ‬وتراجعت‭ ‬الى‭ ‬27‭,‬1‭ ‬درجة‭ ‬مائوية‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬2023‭.‬

ووفق‭ ‬ورقة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬التضخم‭ ‬المناخي‭.. ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‮»‬‭ ‬أعدها‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬لرؤساء‭ ‬المؤسسات،‭ ‬تمثل‭ ‬المخاطر‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬وتراجع‭ ‬معدل‭ ‬هطول‭ ‬الأمطار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ندرة‭ ‬المياه‭ ‬والجفاف،‭ ‬وأدت‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬المناخية‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭.‬

واحتلت‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬حسب‭ ‬مؤشر‭ ‬معهد‭ ‬الموارد‭ ‬العالمية،‭ ‬المرتبة‭ ‬20‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭ ‬الإجهاد‭ ‬المائي،‭ ‬والمرتبة‭ ‬18‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجفاف‭. ‬ويعد‭ ‬قطاع‭ ‬الفلاحة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬بالتغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭. ‬علما‭ ‬وأنه‭ ‬ويمثل‭ ‬نسبة‭ ‬10‭ % ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬للبلاد‭.‬

ريم‭ ‬سوودي