إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أطباء ومستشفيات يتجهون إلى القضاء وآخرهم مستشفى الرازي.. عمادة الأطباء تؤكّد وجود حملات تشويه ممنهجة!

 

ندّد المجلس الوطني لعمادة الأطباء بما وصفه بـ«الهجمات المغرضة» على وسائل التواصل الاجتماعي وحملات التشويه الممنهجة التي طالت الأطباء ووصفتهم بأن الطبيب له عقلية تجارية في التعامل مع المرضى، كما اعتبرت عمادة الأطباء أن التشهير والتجريح العلني هي جرائم يعاقب عليها القانون وأنه لا يجب أن تكون ذريعة للمساس بشرف وسمعة الطب التونسي، وفق نصّ البيان الذي نشرته العمادة للرأي العام .

وقد دعا المجلس الوطني لعمادة الأطباء، في بيان له، كل من يمتلك أدلة موثوقة الى تقديمها للجهات المختصة ليتم التحقّق منها، وفي حال غياب أي إثباتات ملموسة، فإن هذه الاتهامات لا تعدو أن تكون سوى حملة تشويه ممنهجة تضر بعلاقة الثقة بين الأطباء ومرضاهم. كما شدّد المجلس على أنه سيقوم بتحمل مسؤولياته كاملة ولن يتوانى في اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يروج لمعلومات كاذبة أو ينشر ادعاءات تشهيرية تمس بالمهنة.

ومثل هذه البيانات ليست معتادة من مجلس عمادة الأطباء خاصة في علاقة بما يتعرّض له الأطباء على الفضاء الافتراضي، حيث دأبت العمادة على التنديد بالعنف الذي يتعرّض له الأطباء، خاصة أثناء تأدية عملهم، أو توضيح موقف العمادة من بعض القضايا التي تحوّلت الى قضايا رأي عام، بسبب اتهام بعض الأطباء بارتكاب أخطاء أو الإهمال.. واليوم تؤكد العمادة استعدادها للتثبّت من أي شكاية تصلها من أي مريض والتحقيق في أي شبهة إهمال أو خطأ، كما تؤكد أن جنوح البعض للتشهير ببعض الأطباء دون سند سيعرّضهم للملاحقة.. وكل ذلك يطرح حدود المسؤولية الطبية وتبعاتها على الطبيب والمريض .

المسؤولية الطبية

تبرّر عمادة الأطباء محاولتها للتصدّي الى التشهير والتجريح الافتراضي برغبتها في المحافظة على صورة وسمعة الطب التونسي ورغبتها في تجذير الأطباء في تونس ومنعهم من الهجرة بسبب ما يتعرضون له من حملات ممنهجة، وفق تأكيدها، على وسائل التواصل الاجتماعي. غير أن علاقة الثقة بين الطبيب والمريض والتي تختزل جوهر المسؤولية الطبية لا يمكن الجزم بأنها علاقة مثالية حيث أن الدفاع عن الأطباء يتطلب أيضا الاعتراف بوجود أخطاء طبية وهي أخطاء موجودة ومعترف بها في كل الدول. وقد شهدت تونس في السنوات الأخيرة أحداثا حوّلت بعضها الى قضايا رأي عام، ولكن بعد مدة يخفت الجدل حولها وتُنسى كغيرها دون تبيان الحقيقة، واليوم تعترف العمادة بأنه سنويا تصلها ما بين 150 و200 شكاية حول أخطاء طبية محتملة وأن حوالي 80 بالمائة من الشكايات ناتجة عن سوء تواصل وفهم وليس عن أخطاء !

وقبل بيان العمادة، تقدّمت مصحات ومستشفيات بشكايات جزائية ضدّ نشطاء ومستعملين لوسائل التواصل الاجتماعي بسبب التشهير أو نسب أمور غير حقيقة لأطباء وإطارات شبه طبية ومنذ أشهر قليلة تقدّمت إدارة مستشفى الرازي بشكاية لوكالة الجمهورية على اثر الحملة التي قام بها بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي واتهامهم لإدارة المستشفى بالإهمال والتقصير، والى اليوم لم يبتّ القضاء في هذا الملف .

والقطاع الطبي كغيره من القطاعات لا يخلو من الأخطاء، ولكن ربما طبيعة مهنة الطبّ وتبعات الخطأ الذي قد يهدّد حياة المريض، يجعل من الأخطاء الطبية موضوعا حسّاسا ودقيقا، وقد سبق أن اعترف رئيس الجمعية التونسية لإعانة المتضررين من الأخطاء الطبية، عصام العامري، قال في وقت سابق أن أكثر الأخطاء الطبية في تونس مسجلة في جراحة التجميل، نظرا لوجود متطفلين على الاختصاص يتعمدون حقن مواد طبية تجميلية والقيام بتدخلات دون معرفة، حيث دعا الى التحري في كفاءة مقدمي خدمات التجميل الطبي.

وفي جوان الماضي، تمت المصادقة من طرف البرلمان على صيغة جديدة لقانون المسؤولية الطبية، وهو المشروع الذي تم الاشتغال عليه منذ 2016، من طرف كفاءات في الطب والقانون، مثلما أكّدته عمادة الأطباء وقتها. ويحدّد قانون المسؤولية الطبية الجديد تسوية رضائية يتم من خلالها ضمان حق المريض في التعويض في حالة تعرضه الى ضرر عند طبيب خاص أو مؤسسة استشفائية، حيث أكد الكاتب العام لمجلس عمادة الأطباء نزار العذاري، أنه قبل المصادقة على هذا القانون، لم تكن هناك أي منظومة تعويض للمريض عند تعرضه لضرر في المستشفى أو المصحة، لكن القانون الجديد بات يحمي المريض وأيضا المتداخلين في القطاع الصحي من إطار طبي وشبه طبي.

تجريم التقصير والاهمال

وقد جرّم القانون الجديد التقصير والإهمال من قبل الطبيب عند عدم القيام بالمتابعة والاضطلاع بواجبه، حيث تتم معاقبته بموجب القانون العام والخاص أيضا وقد يتم شطبه نهائيا من سجّل الأطباء.. في المقابل اعتبرت منظمة الدفاع عن المستهلك في تعليقها على القانون المتعلّق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية الذي صادق عليه البرلمان إلا أنه من الصعب إثبات الخطأ الطبي في الإطار العام، وأن الأخطاء الطبية يتم تسجيلها يوميا، في ظل غياب الإمكانيات أو بسبب ظروف العمل.

وفي ذات السياق خصّصت الهيئة الوطنية للتقييم والاعتماد في المجال الصحي، في سبتمبر الماضي، منصة رقمية للإبلاغ عن الأخطاء الطبية من قبل المؤسسات الصحية الحاصلة على الاعتماد في المجال الصحي. والمنصة أطلقت ببادرة من الجمعية التونسية للتصرف في المخاطر وتعود لها، وقد انخرطت الهيئة فيها بهدف تمكين أصحاب المؤسسات الاستشفائية المتحصلين على الاعتماد من سرعة تنزيل المعطيات المتعلقة بالأخطاء الطبية المتسببة في حوادث، وقد حذرت الهيئة من أن إخفاء هذه الحوادث وعدم الإبلاغ عنها قد يسحب من المؤسسة اعتمادها.

وفي اللقاء الأخير الذي جمع وزير الصحة مصطفى الفرجاني برئيسة عمادة الأطباء ريم غشّام، منذ أيام، تم اتخاذ جملة القرارات لفائدة الأطباء من ذلك تحسين ظروف العمل للأطباء الشبان، عبر إجراءات عملية للحدّ من هجرتهم وتوفير بيئة مهنية مستقرة بالإضافة الى إعداد نص قانوني جديد ينظم ممارسة الطب في القطاع الخاص، عبر تشجيع الشركات الطبية المهنية للحدّ من العشوائية وتحفيز الأطباء المهاجرين على العودة والاستثمار في تونس. الى جانب تشديد الرقابة على ممارسة الطب الموازي، عبر تكثيف التفقد وزيارات المراقبة المشتركة لحماية صحة المواطن.

وتحفيز الأطباء على عدم الهجرة أو العودة هي من الأهداف التي تعمل من أجلها عمادة الأطباء اليوم حيث أكّد أعضاؤها في تصريحات مختلفة أن هجرة الأطباء لم تعد تقتصر اليوم على الأطباء الشبّان فقط بل تتجاوز ذلك الى أطباء في سنّ الخمسين فما فوق، وهم من الكفاءات الطبية التي لا يمكن الاستغناء عنها .

منية العرفاوي

أطباء ومستشفيات يتجهون إلى القضاء وآخرهم مستشفى الرازي..   عمادة الأطباء تؤكّد وجود حملات تشويه ممنهجة!

 

ندّد المجلس الوطني لعمادة الأطباء بما وصفه بـ«الهجمات المغرضة» على وسائل التواصل الاجتماعي وحملات التشويه الممنهجة التي طالت الأطباء ووصفتهم بأن الطبيب له عقلية تجارية في التعامل مع المرضى، كما اعتبرت عمادة الأطباء أن التشهير والتجريح العلني هي جرائم يعاقب عليها القانون وأنه لا يجب أن تكون ذريعة للمساس بشرف وسمعة الطب التونسي، وفق نصّ البيان الذي نشرته العمادة للرأي العام .

وقد دعا المجلس الوطني لعمادة الأطباء، في بيان له، كل من يمتلك أدلة موثوقة الى تقديمها للجهات المختصة ليتم التحقّق منها، وفي حال غياب أي إثباتات ملموسة، فإن هذه الاتهامات لا تعدو أن تكون سوى حملة تشويه ممنهجة تضر بعلاقة الثقة بين الأطباء ومرضاهم. كما شدّد المجلس على أنه سيقوم بتحمل مسؤولياته كاملة ولن يتوانى في اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يروج لمعلومات كاذبة أو ينشر ادعاءات تشهيرية تمس بالمهنة.

ومثل هذه البيانات ليست معتادة من مجلس عمادة الأطباء خاصة في علاقة بما يتعرّض له الأطباء على الفضاء الافتراضي، حيث دأبت العمادة على التنديد بالعنف الذي يتعرّض له الأطباء، خاصة أثناء تأدية عملهم، أو توضيح موقف العمادة من بعض القضايا التي تحوّلت الى قضايا رأي عام، بسبب اتهام بعض الأطباء بارتكاب أخطاء أو الإهمال.. واليوم تؤكد العمادة استعدادها للتثبّت من أي شكاية تصلها من أي مريض والتحقيق في أي شبهة إهمال أو خطأ، كما تؤكد أن جنوح البعض للتشهير ببعض الأطباء دون سند سيعرّضهم للملاحقة.. وكل ذلك يطرح حدود المسؤولية الطبية وتبعاتها على الطبيب والمريض .

المسؤولية الطبية

تبرّر عمادة الأطباء محاولتها للتصدّي الى التشهير والتجريح الافتراضي برغبتها في المحافظة على صورة وسمعة الطب التونسي ورغبتها في تجذير الأطباء في تونس ومنعهم من الهجرة بسبب ما يتعرضون له من حملات ممنهجة، وفق تأكيدها، على وسائل التواصل الاجتماعي. غير أن علاقة الثقة بين الطبيب والمريض والتي تختزل جوهر المسؤولية الطبية لا يمكن الجزم بأنها علاقة مثالية حيث أن الدفاع عن الأطباء يتطلب أيضا الاعتراف بوجود أخطاء طبية وهي أخطاء موجودة ومعترف بها في كل الدول. وقد شهدت تونس في السنوات الأخيرة أحداثا حوّلت بعضها الى قضايا رأي عام، ولكن بعد مدة يخفت الجدل حولها وتُنسى كغيرها دون تبيان الحقيقة، واليوم تعترف العمادة بأنه سنويا تصلها ما بين 150 و200 شكاية حول أخطاء طبية محتملة وأن حوالي 80 بالمائة من الشكايات ناتجة عن سوء تواصل وفهم وليس عن أخطاء !

وقبل بيان العمادة، تقدّمت مصحات ومستشفيات بشكايات جزائية ضدّ نشطاء ومستعملين لوسائل التواصل الاجتماعي بسبب التشهير أو نسب أمور غير حقيقة لأطباء وإطارات شبه طبية ومنذ أشهر قليلة تقدّمت إدارة مستشفى الرازي بشكاية لوكالة الجمهورية على اثر الحملة التي قام بها بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي واتهامهم لإدارة المستشفى بالإهمال والتقصير، والى اليوم لم يبتّ القضاء في هذا الملف .

والقطاع الطبي كغيره من القطاعات لا يخلو من الأخطاء، ولكن ربما طبيعة مهنة الطبّ وتبعات الخطأ الذي قد يهدّد حياة المريض، يجعل من الأخطاء الطبية موضوعا حسّاسا ودقيقا، وقد سبق أن اعترف رئيس الجمعية التونسية لإعانة المتضررين من الأخطاء الطبية، عصام العامري، قال في وقت سابق أن أكثر الأخطاء الطبية في تونس مسجلة في جراحة التجميل، نظرا لوجود متطفلين على الاختصاص يتعمدون حقن مواد طبية تجميلية والقيام بتدخلات دون معرفة، حيث دعا الى التحري في كفاءة مقدمي خدمات التجميل الطبي.

وفي جوان الماضي، تمت المصادقة من طرف البرلمان على صيغة جديدة لقانون المسؤولية الطبية، وهو المشروع الذي تم الاشتغال عليه منذ 2016، من طرف كفاءات في الطب والقانون، مثلما أكّدته عمادة الأطباء وقتها. ويحدّد قانون المسؤولية الطبية الجديد تسوية رضائية يتم من خلالها ضمان حق المريض في التعويض في حالة تعرضه الى ضرر عند طبيب خاص أو مؤسسة استشفائية، حيث أكد الكاتب العام لمجلس عمادة الأطباء نزار العذاري، أنه قبل المصادقة على هذا القانون، لم تكن هناك أي منظومة تعويض للمريض عند تعرضه لضرر في المستشفى أو المصحة، لكن القانون الجديد بات يحمي المريض وأيضا المتداخلين في القطاع الصحي من إطار طبي وشبه طبي.

تجريم التقصير والاهمال

وقد جرّم القانون الجديد التقصير والإهمال من قبل الطبيب عند عدم القيام بالمتابعة والاضطلاع بواجبه، حيث تتم معاقبته بموجب القانون العام والخاص أيضا وقد يتم شطبه نهائيا من سجّل الأطباء.. في المقابل اعتبرت منظمة الدفاع عن المستهلك في تعليقها على القانون المتعلّق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية الذي صادق عليه البرلمان إلا أنه من الصعب إثبات الخطأ الطبي في الإطار العام، وأن الأخطاء الطبية يتم تسجيلها يوميا، في ظل غياب الإمكانيات أو بسبب ظروف العمل.

وفي ذات السياق خصّصت الهيئة الوطنية للتقييم والاعتماد في المجال الصحي، في سبتمبر الماضي، منصة رقمية للإبلاغ عن الأخطاء الطبية من قبل المؤسسات الصحية الحاصلة على الاعتماد في المجال الصحي. والمنصة أطلقت ببادرة من الجمعية التونسية للتصرف في المخاطر وتعود لها، وقد انخرطت الهيئة فيها بهدف تمكين أصحاب المؤسسات الاستشفائية المتحصلين على الاعتماد من سرعة تنزيل المعطيات المتعلقة بالأخطاء الطبية المتسببة في حوادث، وقد حذرت الهيئة من أن إخفاء هذه الحوادث وعدم الإبلاغ عنها قد يسحب من المؤسسة اعتمادها.

وفي اللقاء الأخير الذي جمع وزير الصحة مصطفى الفرجاني برئيسة عمادة الأطباء ريم غشّام، منذ أيام، تم اتخاذ جملة القرارات لفائدة الأطباء من ذلك تحسين ظروف العمل للأطباء الشبان، عبر إجراءات عملية للحدّ من هجرتهم وتوفير بيئة مهنية مستقرة بالإضافة الى إعداد نص قانوني جديد ينظم ممارسة الطب في القطاع الخاص، عبر تشجيع الشركات الطبية المهنية للحدّ من العشوائية وتحفيز الأطباء المهاجرين على العودة والاستثمار في تونس. الى جانب تشديد الرقابة على ممارسة الطب الموازي، عبر تكثيف التفقد وزيارات المراقبة المشتركة لحماية صحة المواطن.

وتحفيز الأطباء على عدم الهجرة أو العودة هي من الأهداف التي تعمل من أجلها عمادة الأطباء اليوم حيث أكّد أعضاؤها في تصريحات مختلفة أن هجرة الأطباء لم تعد تقتصر اليوم على الأطباء الشبّان فقط بل تتجاوز ذلك الى أطباء في سنّ الخمسين فما فوق، وهم من الكفاءات الطبية التي لا يمكن الاستغناء عنها .

منية العرفاوي