إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يعكس انتعاشا تدريجيا في الإيرادات.. الحساب الجاري للخزينة يقفز إلى 1809 ملايين دينار !

 

شهد الحساب الجاري للخزينة ارتفاعًا ملحوظًا خلال شهر مارس 2025، حيث بلغ 1809 ملايين دينار تونسي، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي أمس. يعكس هذا النمو تحسنًا في المؤشرات الاقتصادية للبلاد، مع بداية الشهر الجاري، حيث يكشف هذا المؤشر عن زيادة تدفق العملات الأجنبية إلى تونس خلال الشهر الجاري، كما يكشف عن انتعاش تدريجي في الإيرادات، علما وأن الحساب الجاري للخزينة كان في حدود 1208 ملايين دينار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ويعد الحساب الجاري أحد المكونات الأساسية لميزان المدفوعات لأية دولة، ويشمل ميزان التجارة، الفرق بين الصادرات والواردات من السلع والخدمات، والتحويلات الجارية مثل تحويلات المغتربين والمساعدات الخارجية، إلى جانب الدخل من الاستثمارات مثل الأرباح والفوائد التي تحصل عليها الدولة من استثماراتها الخارجية.  

وعندما يكون الحساب الجاري إيجابيًا، فهذا يعني أن الدولة تحقق فائضًا، مما يعزز استقرارها الاقتصادي ويقلل من حاجتها إلى الاقتراض الخارجي.

نمو الصادرات وتحسن الميزان التجاري 

ويعزى ارتفاع الحساب الجاري مع بداية الشهر الجاري، إلى نمو الصادرات وتحسن الميزان التجاري، وهما من بين أبرز العوامل وراء ارتفاع الحساب الجاري، بالإضافة إلى زيادة الصادرات التونسية، خصوصًا في قطاعات مثل الصناعات التحويلية كالصناعات الغذائية والميكانيكية والإلكترونية، التي شهدت طلبًا متزايدًا من الأسواق الأوروبية والإفريقية، إلى جانب المنتجات الزراعية مثل زيت الزيتون والتمور، حيث ارتفعت صادرات تونس إلى الأسواق العالمية. كما شهد القطاع السياحي انتعاشًا ملحوظًا بعد سنوات من الركود بسبب الأزمات الصحية والاقتصادية العالمية.

بدورها شهدت تحويلات التونسيين بالخارج ارتفاعًا خلال الأشهر الأولى من العام وتخطت موفى الشهر الماضي حاجز المليار دينار، مما ساهم في تحسن الحساب الجاري. هذه التحويلات تعد مصدرًا هامًا للعملة الصعبة وتعزز الاحتياطي النقدي للبلاد. ومع تحسن مناخ الأعمال في تونس، زاد تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والصناعات الدوائية، مما أدى إلى زيادة العائدات المالية الخارجية، علما وأن الاستثمارات الخارجية المتوقعة في تونس خلال العام الجاري تناهز 3.4 مليار دينار. كما ساهم استقرار الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، مدعومًا بتحسن الاحتياطي النقدي للبلاد، في تعزيز القدرة التنافسية للصادرات وتقليل تكلفة الواردات.

أهمية ارتفاع الحساب الجاري للخزينة  

ويعد تحسن الحساب الجاري مؤشرا إيجابيًا، حيث يعني أن الصادرات تغطي جزءًا كبيرًا من الواردات، مما يقلل العجز التجاري ويحد من الضغوط على ميزان المدفوعات. كما يساعد ذلك على تحسين الاستقرار المالي للبلاد، حيث يقلل الحاجة إلى الاقتراض الخارجي، مما يخفض مستوى الدين العام ويعزز الثقة في الاقتصاد التونسي. وعندما يكون الحساب الجاري إيجابيًا، تزداد تدفقات العملة الصعبة إلى البلاد، مما يدعم استقرار الدينار التونسي ويقلل من مخاطر التضخم الناتج عن انخفاض قيمة العملة.

كما يعتبر الفائض في الحساب الجاري إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب، حيث يعكس استقرار الاقتصاد المحلي وقدرته على تحقيق النمو، مما يزيد من جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ويعزز تحسن الحساب الجاري للخزينة خلال فترة قصيرة، ثقة المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي مما يسهل على تونس الحصول على تمويل بشروط أفضل لدعم المشاريع التنموية.

ضرورة دعم القطاعات المنتجة 

وتعتمد تونس على تصدير بعض المنتجات الأساسية مثل زيت الزيتون والفسفاط، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، وهو ما قد يؤثر على استمرارية الفائض في الحساب الجاري. كما أنه على الرغم من التحسن في الحساب الجاري، لا تزال تونس بحاجة إلى تنويع مصادر دخلها، عبر تعزيز الاقتصاد الرقمي، والصناعات ذات القيمة المضافة، والابتكار في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، إلى جانب تحسين مناخ الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات، حيث تحتاج تونس إلى العمل على تحسين بيئة الأعمال، من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتعزيز الشفافية، وتحفيز ريادة الأعمال، فضلا عن دعم قطاع السياحة، الذي لا يزال بحاجة إلى التطوير عبر تحسين البنية التحتية الفندقية، وتعزيز التسويق السياحي، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسياح.

وإجمالا، يعد ارتفاع الحساب الجاري للخزينة إلى 1809 ملايين دينار مع بداية شهر مارس 2025 مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسن الأداء الاقتصادي للبلاد. وقد ساهمت عدة عوامل في هذا التحسن، منها نمو الصادرات، وارتفاع تحويلات المغتربين، وزيادة الاستثمارات الأجنبية. ورغم أهمية هذا الإنجاز، فإن تونس لا تزال تواجه تحديات تتطلب تبني سياسات اقتصادية مستدامة لتعزيز النمو، وتنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال. واستمرار هذا الأداء الإيجابي يتطلب مزيدًا من الجهود لضمان استقرار الاقتصاد وتعزيز قدرته التنافسية على المستوى العالمي.

سفيان المهداوي

 

 

يعكس انتعاشا تدريجيا في الإيرادات..   الحساب الجاري للخزينة يقفز إلى 1809 ملايين دينار !

 

شهد الحساب الجاري للخزينة ارتفاعًا ملحوظًا خلال شهر مارس 2025، حيث بلغ 1809 ملايين دينار تونسي، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي أمس. يعكس هذا النمو تحسنًا في المؤشرات الاقتصادية للبلاد، مع بداية الشهر الجاري، حيث يكشف هذا المؤشر عن زيادة تدفق العملات الأجنبية إلى تونس خلال الشهر الجاري، كما يكشف عن انتعاش تدريجي في الإيرادات، علما وأن الحساب الجاري للخزينة كان في حدود 1208 ملايين دينار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

ويعد الحساب الجاري أحد المكونات الأساسية لميزان المدفوعات لأية دولة، ويشمل ميزان التجارة، الفرق بين الصادرات والواردات من السلع والخدمات، والتحويلات الجارية مثل تحويلات المغتربين والمساعدات الخارجية، إلى جانب الدخل من الاستثمارات مثل الأرباح والفوائد التي تحصل عليها الدولة من استثماراتها الخارجية.  

وعندما يكون الحساب الجاري إيجابيًا، فهذا يعني أن الدولة تحقق فائضًا، مما يعزز استقرارها الاقتصادي ويقلل من حاجتها إلى الاقتراض الخارجي.

نمو الصادرات وتحسن الميزان التجاري 

ويعزى ارتفاع الحساب الجاري مع بداية الشهر الجاري، إلى نمو الصادرات وتحسن الميزان التجاري، وهما من بين أبرز العوامل وراء ارتفاع الحساب الجاري، بالإضافة إلى زيادة الصادرات التونسية، خصوصًا في قطاعات مثل الصناعات التحويلية كالصناعات الغذائية والميكانيكية والإلكترونية، التي شهدت طلبًا متزايدًا من الأسواق الأوروبية والإفريقية، إلى جانب المنتجات الزراعية مثل زيت الزيتون والتمور، حيث ارتفعت صادرات تونس إلى الأسواق العالمية. كما شهد القطاع السياحي انتعاشًا ملحوظًا بعد سنوات من الركود بسبب الأزمات الصحية والاقتصادية العالمية.

بدورها شهدت تحويلات التونسيين بالخارج ارتفاعًا خلال الأشهر الأولى من العام وتخطت موفى الشهر الماضي حاجز المليار دينار، مما ساهم في تحسن الحساب الجاري. هذه التحويلات تعد مصدرًا هامًا للعملة الصعبة وتعزز الاحتياطي النقدي للبلاد. ومع تحسن مناخ الأعمال في تونس، زاد تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة والصناعات الدوائية، مما أدى إلى زيادة العائدات المالية الخارجية، علما وأن الاستثمارات الخارجية المتوقعة في تونس خلال العام الجاري تناهز 3.4 مليار دينار. كما ساهم استقرار الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، مدعومًا بتحسن الاحتياطي النقدي للبلاد، في تعزيز القدرة التنافسية للصادرات وتقليل تكلفة الواردات.

أهمية ارتفاع الحساب الجاري للخزينة  

ويعد تحسن الحساب الجاري مؤشرا إيجابيًا، حيث يعني أن الصادرات تغطي جزءًا كبيرًا من الواردات، مما يقلل العجز التجاري ويحد من الضغوط على ميزان المدفوعات. كما يساعد ذلك على تحسين الاستقرار المالي للبلاد، حيث يقلل الحاجة إلى الاقتراض الخارجي، مما يخفض مستوى الدين العام ويعزز الثقة في الاقتصاد التونسي. وعندما يكون الحساب الجاري إيجابيًا، تزداد تدفقات العملة الصعبة إلى البلاد، مما يدعم استقرار الدينار التونسي ويقلل من مخاطر التضخم الناتج عن انخفاض قيمة العملة.

كما يعتبر الفائض في الحساب الجاري إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب، حيث يعكس استقرار الاقتصاد المحلي وقدرته على تحقيق النمو، مما يزيد من جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

ويعزز تحسن الحساب الجاري للخزينة خلال فترة قصيرة، ثقة المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي مما يسهل على تونس الحصول على تمويل بشروط أفضل لدعم المشاريع التنموية.

ضرورة دعم القطاعات المنتجة 

وتعتمد تونس على تصدير بعض المنتجات الأساسية مثل زيت الزيتون والفسفاط، مما يجعلها عرضة لتقلبات الأسعار العالمية، وهو ما قد يؤثر على استمرارية الفائض في الحساب الجاري. كما أنه على الرغم من التحسن في الحساب الجاري، لا تزال تونس بحاجة إلى تنويع مصادر دخلها، عبر تعزيز الاقتصاد الرقمي، والصناعات ذات القيمة المضافة، والابتكار في قطاعات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة، إلى جانب تحسين مناخ الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات، حيث تحتاج تونس إلى العمل على تحسين بيئة الأعمال، من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية، وتعزيز الشفافية، وتحفيز ريادة الأعمال، فضلا عن دعم قطاع السياحة، الذي لا يزال بحاجة إلى التطوير عبر تحسين البنية التحتية الفندقية، وتعزيز التسويق السياحي، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسياح.

وإجمالا، يعد ارتفاع الحساب الجاري للخزينة إلى 1809 ملايين دينار مع بداية شهر مارس 2025 مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسن الأداء الاقتصادي للبلاد. وقد ساهمت عدة عوامل في هذا التحسن، منها نمو الصادرات، وارتفاع تحويلات المغتربين، وزيادة الاستثمارات الأجنبية. ورغم أهمية هذا الإنجاز، فإن تونس لا تزال تواجه تحديات تتطلب تبني سياسات اقتصادية مستدامة لتعزيز النمو، وتنويع الاقتصاد، وتحسين مناخ الأعمال. واستمرار هذا الأداء الإيجابي يتطلب مزيدًا من الجهود لضمان استقرار الاقتصاد وتعزيز قدرته التنافسية على المستوى العالمي.

سفيان المهداوي