تحليل إخباري.. أي مستقبل لأوكرانيا وزيلينسكي بعد صدام البيت الأبيض؟
مقالات الصباح
مشهد دراماتيكي يعكس التحولات الجذرية في المشهد السياسي العالمي، وجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه في موقف حرج أمام موجة انتقادات لاذعة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك خلال مؤتمر صحفي تحوّل إلى مواجهة علنية بين الطرفين. هذه المواجهة، التي أعقبها قرار ضمني بطرد زيلينسكي من البيت الأبيض، تطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل أوكرانيا وزعيمها في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة.
الواضح ومن خلال تصريحات ترامب الأخيرة، أن هناك تحولا في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا، إذ لم يعد الدعم غير المشروط خياراً قائماً. فبعد أن أغدقت إدارة بايدن مليارات الدولارات على كييف، يبدو أن واشنطن تتجه نحو نهج أكثر براغماتية، حيث يتعيّن على زيلينسكي الآن إما القبول بمقايضة معادن بلاده وبتسوية سياسية مع موسكو أو مواجهة المصير وحده. فعبارات مثل «إما أن توافق على إبرام صفقة أو نخرج، وإذا خرجنا فستحارب وحدك» تعكس بوضوح طبيعة الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب المحتملة على القيادة الأوكرانية.
زيلينسكي في موقف ضعيف
لم يكن زيلينسكي في موقع تفاوضي قوي خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة. فقد بدا أن ترامب يتعامل معه كطرف خاسر لا يملك الكثير من الخيارات. التأكيد المتكرر على أن «بلدك في مأزق كبير ولن تنتصروا»، يشير إلى قناعة داخل الدوائر الجمهورية بأن أوكرانيا لن تحقق نصرًا حاسمًا في حربها ضد روسيا، وأن أفضل ما يمكنها الحصول عليه هو اتفاق يحفظ لها ماء الوجه.
لكن معضلة زيلينسكي تكمن في موقفه الداخلي؛ إذ أن أي محاولة لتقديم تنازلات قد تؤدي إلى تقويض شرعيته داخل أوكرانيا، خصوصًا بين الأوساط القومية التي ترى في أي تسوية خيانة لدماء الجنود الذين سقطوا في الحرب.
الخيار المر.. التسوية أو العزلة
المتأمل في ما جرى في البيت الأبيض، أن تصريحات ترامب ونائبه دي فانس تعكس رسالة واضحة، وأن زيلينسكي لم يعد يحظى بنفس الدعم الذي تلقاه من إدارة بايدن، وعليه أن يكيّف استراتيجيته وفق الواقع الجديد. ومع تنامي الضغوط الغربية من أجل التوصل إلى تسوية، قد يجد زيلينسكي نفسه أمام خيارين أحلاهما مر: إما القبول باتفاق يفرض تنازلات صعبة، أو المخاطرة بمواصلة الحرب دون دعم أمريكي ووسط ضعف أوروبي، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار شامل في بلاده.
ما ستكسبه روسيا وما ستفقده أوروبا
في المقابل، فإن هذه التطورات تصب في مصلحة موسكو التي قد تجد نفسها في موقع المنتصر دون الحاجة إلى تقديم تنازلات كبيرة. فمع تراجع الدعم الغربي، ستحصل روسيا على فرصة لفرض شروطها على أوكرانيا، سواء عبر اتفاق سلام يلبي مطالبها أو من خلال استنزاف كييف عسكريًا واقتصاديًا حتى تنهار تمامًا. كما أن تغير الموقف الأمريكي سيعزز موقف بوتين داخليًا، إذ سيظهر على أنه استطاع الصمود في وجه الضغوط الغربية وحقق مكاسب استراتيجية كبرى.
أما أوروبا، فهي الخاسر الأكبر بعد أوكرانيا. فمع انخفاض الدعم الأمريكي لكييف، ستجد العواصم الأوروبية نفسها أمام خيارين: إما أن تتحمل وحدها عبء استمرار الحرب عبر زيادة الدعم المالي والعسكري، أو أن تقبل بتسوية قد تتضمن تنازلات جيوسياسية مؤلمة لصالح موسكو. كما أن أي انسحاب أمريكي قد يشجع روسيا على ممارسة مزيد من الضغوط على دول أوروبا الشرقية، مما يثير مخاوف من تصاعد نفوذ موسكو على حساب التحالف الغربي.
«كومبارس» جديد
الحديث عن «كومبارس جديد أكثر واقعية» يشير إلى احتمال أن تسعى القوى الغربية لإيجاد بديل أكثر مرونة وفطنة وخبرة وتمرس سياسي من زيلينسكي، شخص قادر على التفاوض وفق الشروط الجديدة التي تفرضها واشنطن والعواصم الأوروبية. فإذا استمر زيلينسكي في نهجه المتصلب، فقد يكون هناك سيناريو يتم فيه استبداله بزعيم أكثر استعدادًا للتوصل إلى تسوية مع موسكو.
والواضح أن أوكرانيا مقبلة على مرحلة صعبة من إعادة التكيف مع مواقف حلفائها المتغيرة. فقد انتهى عصر الدعم الغربي غير المشروط، وأصبح على زيلينسكي إما تقديم تنازلات صعبة أو مواجهة عزلة دولية قد تكون عواقبها كارثية على بلاده. في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال: هل سيتمكن زيلينسكي من البقاء في المشهد السياسي، أم أن أيامه على رأس السلطة باتت معدودة؟
سفيان رجب
مشهد دراماتيكي يعكس التحولات الجذرية في المشهد السياسي العالمي، وجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه في موقف حرج أمام موجة انتقادات لاذعة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وذلك خلال مؤتمر صحفي تحوّل إلى مواجهة علنية بين الطرفين. هذه المواجهة، التي أعقبها قرار ضمني بطرد زيلينسكي من البيت الأبيض، تطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل أوكرانيا وزعيمها في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة.
الواضح ومن خلال تصريحات ترامب الأخيرة، أن هناك تحولا في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا، إذ لم يعد الدعم غير المشروط خياراً قائماً. فبعد أن أغدقت إدارة بايدن مليارات الدولارات على كييف، يبدو أن واشنطن تتجه نحو نهج أكثر براغماتية، حيث يتعيّن على زيلينسكي الآن إما القبول بمقايضة معادن بلاده وبتسوية سياسية مع موسكو أو مواجهة المصير وحده. فعبارات مثل «إما أن توافق على إبرام صفقة أو نخرج، وإذا خرجنا فستحارب وحدك» تعكس بوضوح طبيعة الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب المحتملة على القيادة الأوكرانية.
زيلينسكي في موقف ضعيف
لم يكن زيلينسكي في موقع تفاوضي قوي خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة. فقد بدا أن ترامب يتعامل معه كطرف خاسر لا يملك الكثير من الخيارات. التأكيد المتكرر على أن «بلدك في مأزق كبير ولن تنتصروا»، يشير إلى قناعة داخل الدوائر الجمهورية بأن أوكرانيا لن تحقق نصرًا حاسمًا في حربها ضد روسيا، وأن أفضل ما يمكنها الحصول عليه هو اتفاق يحفظ لها ماء الوجه.
لكن معضلة زيلينسكي تكمن في موقفه الداخلي؛ إذ أن أي محاولة لتقديم تنازلات قد تؤدي إلى تقويض شرعيته داخل أوكرانيا، خصوصًا بين الأوساط القومية التي ترى في أي تسوية خيانة لدماء الجنود الذين سقطوا في الحرب.
الخيار المر.. التسوية أو العزلة
المتأمل في ما جرى في البيت الأبيض، أن تصريحات ترامب ونائبه دي فانس تعكس رسالة واضحة، وأن زيلينسكي لم يعد يحظى بنفس الدعم الذي تلقاه من إدارة بايدن، وعليه أن يكيّف استراتيجيته وفق الواقع الجديد. ومع تنامي الضغوط الغربية من أجل التوصل إلى تسوية، قد يجد زيلينسكي نفسه أمام خيارين أحلاهما مر: إما القبول باتفاق يفرض تنازلات صعبة، أو المخاطرة بمواصلة الحرب دون دعم أمريكي ووسط ضعف أوروبي، وهو ما قد يؤدي إلى انهيار شامل في بلاده.
ما ستكسبه روسيا وما ستفقده أوروبا
في المقابل، فإن هذه التطورات تصب في مصلحة موسكو التي قد تجد نفسها في موقع المنتصر دون الحاجة إلى تقديم تنازلات كبيرة. فمع تراجع الدعم الغربي، ستحصل روسيا على فرصة لفرض شروطها على أوكرانيا، سواء عبر اتفاق سلام يلبي مطالبها أو من خلال استنزاف كييف عسكريًا واقتصاديًا حتى تنهار تمامًا. كما أن تغير الموقف الأمريكي سيعزز موقف بوتين داخليًا، إذ سيظهر على أنه استطاع الصمود في وجه الضغوط الغربية وحقق مكاسب استراتيجية كبرى.
أما أوروبا، فهي الخاسر الأكبر بعد أوكرانيا. فمع انخفاض الدعم الأمريكي لكييف، ستجد العواصم الأوروبية نفسها أمام خيارين: إما أن تتحمل وحدها عبء استمرار الحرب عبر زيادة الدعم المالي والعسكري، أو أن تقبل بتسوية قد تتضمن تنازلات جيوسياسية مؤلمة لصالح موسكو. كما أن أي انسحاب أمريكي قد يشجع روسيا على ممارسة مزيد من الضغوط على دول أوروبا الشرقية، مما يثير مخاوف من تصاعد نفوذ موسكو على حساب التحالف الغربي.
«كومبارس» جديد
الحديث عن «كومبارس جديد أكثر واقعية» يشير إلى احتمال أن تسعى القوى الغربية لإيجاد بديل أكثر مرونة وفطنة وخبرة وتمرس سياسي من زيلينسكي، شخص قادر على التفاوض وفق الشروط الجديدة التي تفرضها واشنطن والعواصم الأوروبية. فإذا استمر زيلينسكي في نهجه المتصلب، فقد يكون هناك سيناريو يتم فيه استبداله بزعيم أكثر استعدادًا للتوصل إلى تسوية مع موسكو.
والواضح أن أوكرانيا مقبلة على مرحلة صعبة من إعادة التكيف مع مواقف حلفائها المتغيرة. فقد انتهى عصر الدعم الغربي غير المشروط، وأصبح على زيلينسكي إما تقديم تنازلات صعبة أو مواجهة عزلة دولية قد تكون عواقبها كارثية على بلاده. في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال: هل سيتمكن زيلينسكي من البقاء في المشهد السياسي، أم أن أيامه على رأس السلطة باتت معدودة؟
سفيان رجب