مع ارتفاع نسب العنف الأسري والطلاق وفشل خطة "المصالح العائلي".. "الموفق الأسري" آلية جديدة لتعزيز الوساطة العائلية
مقالات الصباح
منذ سنوات ومؤشرات العنف الأسري وارتفاع نسب الطلاق مثيرة للقلق بالنظر إلى تأثيراتها السلبية على الاستقرار العائلي وخاصة على الأطفال وما تتركهم البيئة الأسرية في نفسيتهم من اضطراب.. وكان ذلك من الأسباب التي أفضت في المجلس الوزاري الأخير إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الجديدة بهدف دعم الاستقرار الأسري حيث أوصى المجلس الوزاري بإحداث نظام خاص بالتوفيق الأسري كآلية لحل الخلافات التي تنشب بين أفراد الأسرة وتقريب وجهات النّظر بين طرفي النزاع خلال فترة التّقاضي وبعدها من خلال بعث خطة جديدة وهي خطة «الموفّق الأسري»..
وسيتولّى الموفق الأسري مهمة التوفيق والوساطة الأسرية ومرافقة الأسر للحدّ من الخلافات ونشر ثقافة التماسك الأسري والمساهمة في الوقاية من كل سلوك قد يهدّد استقرار الأسرة ويؤثّر سلبا على حياة الأطفال ونفسيتهم..، وليست المرة الأولى التي تتجه الدولة إلى إرساء منظومة للوساطة العائلية لضمان الاستقرار الأسري حيث وبموجب قانون عدد 50 لسنة 2010 تم إحداث خطّة «المصالح العائلي» بهدف مساعدة قاضي الأسرة في إنهاء النزاعات الزوجية التي تعرض عليه في إطار قضايا الطلاق.. ولكن مؤشرات الواقع وارتفاع نسب الطلاق بشكل لافت وما ينجّر عن ذلك الطلاق من مشاكل أسرية تثبت اليوم أن خطة المصالح العائلي لم تجسّد بنجاعة آلية الوساطة وهو ما فرض ضرورة دعم هذه الآلية بخطة جديدة ذات صلاحيات أوسع لتفادي ظاهرة التفكّك والتشتت الأسري الذي باتت تهدّد تماسك المجتمع ونواته الصلبة العائلة .
وفي نفس المجلس الوزاري الذي انعقد تحت إشراف رئيس الحكومة كمال المدّوري تم اتخاذ إجراءات جديدة من ذلك إحداث نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق من خلال ضبط شروط الاستحقاق وإجراءات تدخّل صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق وذلك في إطار حزمة من القرارات الحكومية التي تهم الأسرة بشكل رئيسي ناهيك وأن نظام النفقة وجراية الطلاق لم يشهدا أي تعديل منذ سنوات. ووفق بلاغ رئاسة الحكومة فإن الإجراءات الجديدة تهدف إلى تمكين المرأة المطلقة وأبنائها من الانتفاع بنظام التغطية الاجتماعية والإدماج الاقتصادي بالإضافة إلى حوكمة صندوق النفقة وتبسيط إجراءاته وإيجاد مصادر جديدة لتمويله.
مؤشرات مخيفة تفرض حلولا سريعة
مع بداية السنة الجارية أكّد المتحدّث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس حسام الدين الجبابلي بأنّ «60 ألف محضر عدلي تعلّقت بالعنف في الفضاء الأسري تمت مباشرتها سنة 2024 من قبل وحدات الاختصاص»، وهذا الرقم الضخم يؤكّد الارتفاع الكبير في مؤشرات العنف الأسري المسلط على جميع الأطراف من زوجة وأطفال وحتى أزواج، وفي ذات السياق تشير إحصائيات شبه رسمية أنّه يتم منذ سنة 2020، تسجيل 14 ألف حالة طلاق سنويا، بمعدل 46 حالة يوميا وهو ما يمثل مؤشرا مفزعا يضرب التماسك الأسري في عمقه ويهدّد الاستقرار العائلي ويؤثر سلبا وبشكل كبير على نفسية الأطفال بما قد يخلق أجيالا غير سوّية في المستقبل .
وفي المجلس الوزاري الأخير أكّد رئيس الحكومة كمال المدّوري على ضرورة تحديث المنظومة القانونيّة الخاصّة بالأسرة بوضع سياسة حماية اجتماعيّة مندمجة ومحاربة كل مظاهر الإقصاء الاجتماعي وبما يواكب متطلّبات العصر، بالإضافة إلى استنباط حلول تضمن تماسك الأسرة وتوازنها بما يساهم في بناء مجتمع متوازن يكون ركيزة لتحقيق التنمية . ويشمل التصور الجديدة التي تتبناه الحكومة إلى جانب إحداث مؤسسة الموفّق الأسري، إرساء نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق وفق المقترح الذي كانت تقدّمت به وزارة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّن ويتضمّن جملة من المحاور الأساسيّة أهمّها شروط ومدة الانتفاع بتدخلات الصندوق وشروط الانتفاع بالتغطية الاجتماعية لفائدة المطلقة والأبناء في الكفالة وإكساب المطلّقة المعنية بتدخلات نظام النفقة وجراية الطلاق المؤهلات الإضافية والمهارات الكفيلة بتحسين تشغيليّتها وتيسير إدماجها في الحياة المهنيّة سواء في إطار عمل مؤجّر أو بهدف إحداث مشروع مع التمتّع بالمرافقة والمساندة للإدماج وفق إجراءات تفاضليّة.
بالإضافة إلى ضرورة إحكام حوكمة صندوق النفقة وإيجاد سبل جديدة لتمويله وتسريع الإجراءات الانتفاع منه وذلك من خلال مراجعة القانون المتعلّق بإحداث صندوق ضمان النفقة وجراية الطّلاق المؤرّخ في جويلية 1993 لتحسين وتنويع تدخّلاته وخدماته الموجّهة للمطلّقة وأبنائها عند تعذر تنفيذ الأحكام القضائيّة الباتّة لفائدتها سواء بسبب تلكؤ المدين في الدفع أو عدم قدرته على ذلك.. وظلّت دعوات مراجعات صندوق النفقة وإجراءات المتعلّقة به لسنوات رغم أن الصندوق بات عاجزا عن استيعاب المشاكل الجديدة داخل الأسر وتعسّر خاصة المدين وتضخّم قضايا النفقة وطلبات جراية الطلاق وهو ما ولّد مشاكل إضافية .
إجراءات قد تساهم في تخفيف الضغط على قاضي الأسرة
وقد تساهم الإجراءات الجديدة التي تعتزم الحكومة تنفيذها في تخفيف الضغط على قاضي الأسرة ومساعدته على أداء مهامه وهو المدعو منذ أوّل جلسة صلحية لاتخاذ القرارات الفورية المتعلقة بالحضانة والزيارة والنفقة والسكنى ولو من تلقاء نفسه لما في تلك القرارات من حماية لأفراد الأسرة وتحديد لحقوق أطراف النّزاع وواجباتهم.. واليوم بوجود خطة الموفق الأسري وإلى جانب الدور الموكول إلى قاضي الأسرة سيتجه الاهتمام أكثر إلى وضع الأسر من الناحية الاجتماعية والنفسية أثناء مراحل التقاضي.
منية العرفاوي
منذ سنوات ومؤشرات العنف الأسري وارتفاع نسب الطلاق مثيرة للقلق بالنظر إلى تأثيراتها السلبية على الاستقرار العائلي وخاصة على الأطفال وما تتركهم البيئة الأسرية في نفسيتهم من اضطراب.. وكان ذلك من الأسباب التي أفضت في المجلس الوزاري الأخير إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الجديدة بهدف دعم الاستقرار الأسري حيث أوصى المجلس الوزاري بإحداث نظام خاص بالتوفيق الأسري كآلية لحل الخلافات التي تنشب بين أفراد الأسرة وتقريب وجهات النّظر بين طرفي النزاع خلال فترة التّقاضي وبعدها من خلال بعث خطة جديدة وهي خطة «الموفّق الأسري»..
وسيتولّى الموفق الأسري مهمة التوفيق والوساطة الأسرية ومرافقة الأسر للحدّ من الخلافات ونشر ثقافة التماسك الأسري والمساهمة في الوقاية من كل سلوك قد يهدّد استقرار الأسرة ويؤثّر سلبا على حياة الأطفال ونفسيتهم..، وليست المرة الأولى التي تتجه الدولة إلى إرساء منظومة للوساطة العائلية لضمان الاستقرار الأسري حيث وبموجب قانون عدد 50 لسنة 2010 تم إحداث خطّة «المصالح العائلي» بهدف مساعدة قاضي الأسرة في إنهاء النزاعات الزوجية التي تعرض عليه في إطار قضايا الطلاق.. ولكن مؤشرات الواقع وارتفاع نسب الطلاق بشكل لافت وما ينجّر عن ذلك الطلاق من مشاكل أسرية تثبت اليوم أن خطة المصالح العائلي لم تجسّد بنجاعة آلية الوساطة وهو ما فرض ضرورة دعم هذه الآلية بخطة جديدة ذات صلاحيات أوسع لتفادي ظاهرة التفكّك والتشتت الأسري الذي باتت تهدّد تماسك المجتمع ونواته الصلبة العائلة .
وفي نفس المجلس الوزاري الذي انعقد تحت إشراف رئيس الحكومة كمال المدّوري تم اتخاذ إجراءات جديدة من ذلك إحداث نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق من خلال ضبط شروط الاستحقاق وإجراءات تدخّل صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق وذلك في إطار حزمة من القرارات الحكومية التي تهم الأسرة بشكل رئيسي ناهيك وأن نظام النفقة وجراية الطلاق لم يشهدا أي تعديل منذ سنوات. ووفق بلاغ رئاسة الحكومة فإن الإجراءات الجديدة تهدف إلى تمكين المرأة المطلقة وأبنائها من الانتفاع بنظام التغطية الاجتماعية والإدماج الاقتصادي بالإضافة إلى حوكمة صندوق النفقة وتبسيط إجراءاته وإيجاد مصادر جديدة لتمويله.
مؤشرات مخيفة تفرض حلولا سريعة
مع بداية السنة الجارية أكّد المتحدّث الرسمي باسم الإدارة العامة للحرس الوطني في تونس حسام الدين الجبابلي بأنّ «60 ألف محضر عدلي تعلّقت بالعنف في الفضاء الأسري تمت مباشرتها سنة 2024 من قبل وحدات الاختصاص»، وهذا الرقم الضخم يؤكّد الارتفاع الكبير في مؤشرات العنف الأسري المسلط على جميع الأطراف من زوجة وأطفال وحتى أزواج، وفي ذات السياق تشير إحصائيات شبه رسمية أنّه يتم منذ سنة 2020، تسجيل 14 ألف حالة طلاق سنويا، بمعدل 46 حالة يوميا وهو ما يمثل مؤشرا مفزعا يضرب التماسك الأسري في عمقه ويهدّد الاستقرار العائلي ويؤثر سلبا وبشكل كبير على نفسية الأطفال بما قد يخلق أجيالا غير سوّية في المستقبل .
وفي المجلس الوزاري الأخير أكّد رئيس الحكومة كمال المدّوري على ضرورة تحديث المنظومة القانونيّة الخاصّة بالأسرة بوضع سياسة حماية اجتماعيّة مندمجة ومحاربة كل مظاهر الإقصاء الاجتماعي وبما يواكب متطلّبات العصر، بالإضافة إلى استنباط حلول تضمن تماسك الأسرة وتوازنها بما يساهم في بناء مجتمع متوازن يكون ركيزة لتحقيق التنمية . ويشمل التصور الجديدة التي تتبناه الحكومة إلى جانب إحداث مؤسسة الموفّق الأسري، إرساء نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق وفق المقترح الذي كانت تقدّمت به وزارة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّن ويتضمّن جملة من المحاور الأساسيّة أهمّها شروط ومدة الانتفاع بتدخلات الصندوق وشروط الانتفاع بالتغطية الاجتماعية لفائدة المطلقة والأبناء في الكفالة وإكساب المطلّقة المعنية بتدخلات نظام النفقة وجراية الطلاق المؤهلات الإضافية والمهارات الكفيلة بتحسين تشغيليّتها وتيسير إدماجها في الحياة المهنيّة سواء في إطار عمل مؤجّر أو بهدف إحداث مشروع مع التمتّع بالمرافقة والمساندة للإدماج وفق إجراءات تفاضليّة.
بالإضافة إلى ضرورة إحكام حوكمة صندوق النفقة وإيجاد سبل جديدة لتمويله وتسريع الإجراءات الانتفاع منه وذلك من خلال مراجعة القانون المتعلّق بإحداث صندوق ضمان النفقة وجراية الطّلاق المؤرّخ في جويلية 1993 لتحسين وتنويع تدخّلاته وخدماته الموجّهة للمطلّقة وأبنائها عند تعذر تنفيذ الأحكام القضائيّة الباتّة لفائدتها سواء بسبب تلكؤ المدين في الدفع أو عدم قدرته على ذلك.. وظلّت دعوات مراجعات صندوق النفقة وإجراءات المتعلّقة به لسنوات رغم أن الصندوق بات عاجزا عن استيعاب المشاكل الجديدة داخل الأسر وتعسّر خاصة المدين وتضخّم قضايا النفقة وطلبات جراية الطلاق وهو ما ولّد مشاكل إضافية .
إجراءات قد تساهم في تخفيف الضغط على قاضي الأسرة
وقد تساهم الإجراءات الجديدة التي تعتزم الحكومة تنفيذها في تخفيف الضغط على قاضي الأسرة ومساعدته على أداء مهامه وهو المدعو منذ أوّل جلسة صلحية لاتخاذ القرارات الفورية المتعلقة بالحضانة والزيارة والنفقة والسكنى ولو من تلقاء نفسه لما في تلك القرارات من حماية لأفراد الأسرة وتحديد لحقوق أطراف النّزاع وواجباتهم.. واليوم بوجود خطة الموفق الأسري وإلى جانب الدور الموكول إلى قاضي الأسرة سيتجه الاهتمام أكثر إلى وضع الأسر من الناحية الاجتماعية والنفسية أثناء مراحل التقاضي.
منية العرفاوي