في لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي..جدل حول مقترح قانون العفو في جريمة إصدار شيك دون رصيد
مقالات الصباح
أكد صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام أن المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد التي أحالها مكتب مجلس نواب الشعب بتاريخ 13 فيفري 2025 على لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية مع طلب استعجال النظر فيها، أثارت جدلا كبيرا خلال نقاشها صلب اللجنتين. وأضاف في تصريح لـ«الصباح» أنه أمام وجود اختلاف جوهري في وجهات النظر بين النواب، فقد ارتأت اللجنتان مزيد التروي في دراستها، وقررتا توسيع دائرة التشاور في شأنها من خلال تنظيم المزيد من جلسات الاستماع في غضون الأيام القادمة إلى بقية الجهات المعنية. وبين مباركي أن هذه المبادرة تضمنت ثلاثة فصول وكانت هناك رغبة من طرف النواب الذين اقترحوها في تمريرها قبل حلول شهر رمضان، لكن بعد نقاش مطول والاستماع إلى أصحاب المبادرة وإلى ممثلين عن وزارة العدل وعن نقابة القضاة التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين استقر الرأي على ضرورة مزيد تعميق النظر فيها.
وللتذكير في هذا السياق فقد تم يوم الخميس 20 فيفري 2025 في جلسة مشتركة بين اللجنتين انعقدت بقصر باردو، الاستماع إلى ممثلين عن النواب أصحاب المبادرة وإلى ممثلين عن الهيئة الوطنية للمحامين وإلى ممثلين عن نقابة القضاة التونسيين، وتم في اليوم الموالي الاستماع إلى ممثلين عن وزارة العدل وذلك بهدف تعميق النظر حول مقترح القانون المتعلق بالعفو العام حول جريمة إصدار شيك دون رصيد. وحسب بلاغ صادر عنهما، أوضح ممثلو جهة المبادرة أن مقترح القانون المعروض يأتي تماهيا وتناغما مع ما تم إقراره من أحكام بمقتضى القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح أحكام المجلة التجارية وإتمامها والتي ترمي إلى الحدّ من التداعيات السلبية الاجتماعية والاقتصادية لتجريم إصدار شيك دون رصيد وذلك بتمتيع كل من أصدر شيكا دون رصيد لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار بالعفو العام.
وأضافوا أن تحديد هذا المبلغ يعود إلى العدد الهام من القضايا المتعلقة بجرائم الشيك دون رصيد في حدود هذا المبلغ. وبيّنوا أن العفو يهدف إلى إعادة إدماج المنتفعين به في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مع ضمان الحقوق المالية للدائنين من خلال الإبقاء على حقوقهم في القيام بالدعوى المدنية لاستخلاص المبالغ المضمنة بالشيك، فضلا عن التداعيات الإيجابية لهذا المقترح في التخفيف من عدد القضايا المنشورة لدى المحاكم وتوجيه جهود المرفق القضائي نحو تكريس العدالة.
أما عميد الهيئة الوطنية للمحامين فثمن مقترح القانون المعروض على اللجنتين واعتبر أن هذه المبادرة التشريعية جاءت على إثر صدور القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، الذي أفرز تطبيقه بعض الإشكاليات خاصة على مستوى المحاكم لاختلاف الإجراءات والاجتهادات، رغم تضمنّه عديد النقاط الإيجابية. وأضاف أن هذه المبادرة تتنزل في إطار استكمال تنقيح بعض أحكام المجلة التجارية في تناغم مع أحكام القانون عدد 41 لسنة 2024 للحدّ من الآثار الجانبية لسوء استعمال الشيك، مؤكّدا على الموقف المبدئي للهيئة الوطنية للمحامين في نزع التجريم في ما يتعلق بجرائم إصدار شيك دون رصيد. واعتبر أن العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد تعدّ خطوة إيجابية لتسوية عدد من الوضعيات وقدمت الهيئة الوطنية للمحامين عددا من الملاحظات والمقترحات بهدف تحسين نص مقترح القانون المعروض وتجويد صياغته.
وبالنسبة إلى ممثلي نقابة القضاة التونسيين، فبينوا أهمية إيجاد حلول لإشكاليات الشيك دون رصيد، وأشاروا في الآن نفسه إلى ما يمكن أن يترتب عن مقترح القانون من مساس بمبدإ المساواة بين المتقاضين وذلك لتعلقه بفئة معينة من المساجين أو الموقوفين الذين أصدروا شيكات دون رصيد يساوي أو يقل مبلغها عن خمسة آلاف دينار من جهة، ومن جهة أخرى لعدم تنصيصه على شرط خلاص الدين حماية لحقوق كل الأطراف على غرار ما اقتضته أحكام المرسوم عدد 10 لسنة 2022 المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد. ودعوا إلى تعميم العفو العام على جميع مصدري الشيكات مهما كان مبلغها وعلى جميع من تعلقت بهم قضايا ذات صلة بجريمة إصدار شيك دون رصيد على غرار من قاموا بخلاص أصل مبلغ الشيك وتخلفوا عن خلاص الخطايا، أو الاكتفاء بمقتضيات القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلق بعض أحكام المجلة التجارية.
في حين تطرق ممثلو وزارة العدل في مداخلتهم إلى القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وبينوا أنه جاء وفق مقاربة شاملة تراعي مصالح جميع الأطراف وتضمن حقوقهم وتحافظ على النسيج الاقتصادي عبر تنقية المعاملات المالية باستخدام الشيك وتطويرها. وبخصوص مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصد أشار ممثلو وزارة العدل إلى أنه لا يحقّق الموازنة بين حقوق الطرفين ولم يوفر الضمانات الكافية التي من شأنها تمكين الدائن المستفيد من استيفاء دينه على غرار ما تم التنصيص عليه ضمن المرسوم عدد 10 لسنة 2022 المتعلق بالعفو العام المتعلق بجريمة إصدار شيك دون رصيد. وأضافوا أن تمتيع كل من أصدر شيكا دون رصيد بمبلغ يساوي أو يقل عن خمسة آلاف دينار، بالعفو العام في ظلّ وجود أحكام القانون عدد 41 لسنة 2024 ، سيؤدي إلى نظامين قانونيين إزاء ذات الوضعية، وهو ما لا يستقيم قانونا.
تواصل النقاش
وبين نائب رئيس لجنة التشريع العام صالح مباركي أنه من المنتظر أن يتم تنظيم جلسات أخرى لنقاش المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد وللاستماع إلى مختلف الجهات المعنية وسيتم في مرحلة أولى الاستماع إلى ممثلين عن وزارة المالية وعن رئاسة الحكومة. وفسر أن الأمر لا يتعلق بوجود إشكال قانوني في هذه المبادرة التي تقترح العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد في حد ذاتها، وإنما هو خشية من تسببها في إرباك عملية تطبيق مقتضيات القانون الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب في جويلية الماضي في علاقة بالشيك وهو القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، فالمشكل المطروح أن هناك من دخلوا في إطار هذا القانون في مسار التسوية في حين هناك من لم ينطلقوا بعد في تسوية وضعياتهم. ويرى بعض النواب أنه في صورة تمرير المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو فإنه سيكون هناك حيف حيال من بادروا بالدخول في مسار التسوية. وقال نائب رئيس لجنة التشريع العام إنهم حالوا في اللجنتين الاجتهاد قدر الإمكان من أجل عرضها على الجلسة العامة قبل حلول شهر رمضان لكن تبين لاحقا أنه من الصعب جدا استعجال النظر فيها. وأضاف أن المبادرة تم تقديمها من قبل نواب ينتمون إلى مختلف الكتل وإلى مجموعة غير المنتمين إلى كتل وقد فكر هؤلاء في إقرار العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد بهدف إعادة تحريك الدورة الاقتصادية لأنهم لاحظوا أن هناك تعطيلا للعجلة الاقتصادية مرده تعرض العديد من أصحاب المؤسسات إلى صعوبات كبيرة ناجمة بالأساس عن تداعيات جائحة كورونا وهو ما جعلهم غير قادرين على خلاص ديونهم. ولاحظ مباركي أن القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها هو في نهاية الأمر عمل بشري ويمكن أن تكون فيه إشكاليات تطبيقية. وخلص إلى أنه لن يتم الانطلاق في التصويت على فصول المبادرة التشريعية إلا بعد الاستماع إلى رأي رئاسة الحكومة ووزارة المالية ومن خلال النقاش قد تتضح الرؤية أكثر ويتم تقريب وجهات النظر بين النواب.
ثلاثة اتجاهات كبرى
أما ممثل جهة المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد النائب نزار الصديق، فبين في تصريح لـ «الصباح» أنه كان هناك تضارب في الآراء حول هذه المبادرة إلى درجة جعلت لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية تقرران إرجاء المرور للتصويت عليها وإجراء جلسات استماع لجهات أخرى.
وفسر الصديق أنه بعد نقاش طويل برزت ثلاثة اتجاهات كبرى أولها عبر عنه النواب الذين يرون أنه لابد من انتظار فترة زمنية كافية تسمح بتطبيق القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها من أجل تقييم هذا القانون أولا، وتبين إن كان هناك فرق بيّن محتواه ومقاصد المشرع، وبين ما تم تنفيذه على أرض الواقع، واعتبروا أنه لا يمكن القيام بهذا التقييم بعد ستة أشهر فقط من صدور القانون.
أما الاتجاه الثاني الذي برز خلال نقاش المبادرة داخل لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي فهو حسب ما أشار إليه الصديق يعبر عن رغبة مجموعة من النواب في إقرار عفو عام في جريمة إصدار الشيك دون رصيد على اعتبار أن 83 بالمائة من المشمولين بقضايا الشيك دون رصيد هم من الفئة المعنية بالشيكات التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار. وأضاف الصديق أن التوجه الثالث كان في تناغم مع القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها ومع مضامين المبادرة وقد عبر عنه النواب الذين يرغبون في إقرار عفو يشمل أصحاب الشيك بمبلغ في حدود خمسة آلاف دينار أو أقل دون غيرهم.
كما لاحظ النائب نزار الصديق ممثل جهة المبادرة التشريعية، أن تضارب المواقف لم يقتصر على نواب اللجنتين المتعهدتين بدراسة مقترح القانون المذكور، وإنما كان هناك اختلاف كبير في الآراء بين الجهات التي تم الاستماع إليها، وذكر أن نقابة القضاة التونسيين تمسكت بالتنصيص صلب المبادرة على حقوق المستفيد أما رأي وزارة العدل في مضامين المبادرة فهو يتناقض تماما مع رأي الهيئة الوطنية للمحامين فيها. وأشار إلى أن ممثلي وزارة العدل أبدوا اعتراضا على المبادرة وبينوا أنه بعد تمرير القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها ليس من الضروري القيام بالعفو، في حين ترى الهيئة الوطنية للمحامين أن مقترح العفو العام هو أفضل حل لتحقيق مصالحة اقتصادية واجتماعية شاملة ولتخفيف العبء على القضاء.
وبين الصديق أن القانون عدد 41 سالف الذكر لم يقع تطبيقه على الوجه الأمثل وهناك مشاكل ترتبت عن تطبيقه على مستوى المحاكم وعلى مستوى البنوك وحتى عندما أصدرت وزارة العدل منشورا حول تطبيق هذا القانون فلم يقع الالتزام به في الواقع من قبل بعض عدول الإشهاد إذ تبين أنهم لم يلتزموا بتطبيق التعريفة الخاصة بأجرتهم عند تحرير التزام أو اتفاق الصلح بالوساطة والمحددة بستين دينارا وهناك منهم من طلب مبالغ تصل إلى مائتي دينار.
فهذا القانون لم يساهم في حل مشكل الشيكات دون رصيد وكان من المفروض أن يمكن من تسوية الوضعيات لكن المشاكل استمرت لأن الإجراءات معقدة، ويرى ممثل جهة المبادرة التشريعية أن الإدارة ساهمت في عدم تطبيق القانون على النحو الأمثل لذلك بادر بمعية مجموعة من النواب بتقديم مقترح العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد على اعتبار أن العفو العام هو من صلاحيات مجلس نواب الشعب، وأوضح أن هناك من دعا رئيس الجمهورية إلى إصدار عفو عام لكن بنص الدستور لرئيس الجمهورية حق العفو الخاص.
وأكد النائب نزار الصديق أن مبادرته فيها ضمان لحقوق المستفيد وذكر أنها تضمنت ثلاثة فصول. ونصت المبادرة في فصلها الأول على أن يتمتع بالعفو العام كل من أصدر شيكا لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار أو قام بالاعتراض على خلاصة في غير الحالات المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شأنه شهادة في عدم الخلاص قبل 2 فيفري 2025. ونصت في الفصل الثاني على أن لا يمس العفو العام المقرر بمقتضى هذا القانون بحقوق الغير وخاصة بحقوق المستفيد من الشيك ولا يشمل مصاريف الإعلام التي دفعها البنك المسحوب عليه ولا المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستقصاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها. وتبقى الحقوق المدنية للمستفيد قائمة لاستخلاص المبالغ المتعلقة بالشيك كاملة. ونص الفصل الثالث على أن يكلف وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي بتنفيذ أحكام هذا القانون حال نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وأضاف الصديق أنه سبق له خلال الدورة النيابية الماضية أن قدم بمعية مجموعة من النواب مبادرة تشريعية تتعلق بالعفو في جريمة إصدار شيك دون رصيد وتم نقاشها والاستماع إلى جهة المبادرة لكن في نهاية الأمر وقع تمرير مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل وقدمته رئاسة الجمهورية. وعبر عن أمله في أن تحظى المبادرة الجديدة بالقبول وأن تتم المصادقة عليها في جلسة عامة في أقرب الآجال.
سعيدة بوهلال
أكد صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام أن المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد التي أحالها مكتب مجلس نواب الشعب بتاريخ 13 فيفري 2025 على لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية مع طلب استعجال النظر فيها، أثارت جدلا كبيرا خلال نقاشها صلب اللجنتين. وأضاف في تصريح لـ«الصباح» أنه أمام وجود اختلاف جوهري في وجهات النظر بين النواب، فقد ارتأت اللجنتان مزيد التروي في دراستها، وقررتا توسيع دائرة التشاور في شأنها من خلال تنظيم المزيد من جلسات الاستماع في غضون الأيام القادمة إلى بقية الجهات المعنية. وبين مباركي أن هذه المبادرة تضمنت ثلاثة فصول وكانت هناك رغبة من طرف النواب الذين اقترحوها في تمريرها قبل حلول شهر رمضان، لكن بعد نقاش مطول والاستماع إلى أصحاب المبادرة وإلى ممثلين عن وزارة العدل وعن نقابة القضاة التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين استقر الرأي على ضرورة مزيد تعميق النظر فيها.
وللتذكير في هذا السياق فقد تم يوم الخميس 20 فيفري 2025 في جلسة مشتركة بين اللجنتين انعقدت بقصر باردو، الاستماع إلى ممثلين عن النواب أصحاب المبادرة وإلى ممثلين عن الهيئة الوطنية للمحامين وإلى ممثلين عن نقابة القضاة التونسيين، وتم في اليوم الموالي الاستماع إلى ممثلين عن وزارة العدل وذلك بهدف تعميق النظر حول مقترح القانون المتعلق بالعفو العام حول جريمة إصدار شيك دون رصيد. وحسب بلاغ صادر عنهما، أوضح ممثلو جهة المبادرة أن مقترح القانون المعروض يأتي تماهيا وتناغما مع ما تم إقراره من أحكام بمقتضى القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح أحكام المجلة التجارية وإتمامها والتي ترمي إلى الحدّ من التداعيات السلبية الاجتماعية والاقتصادية لتجريم إصدار شيك دون رصيد وذلك بتمتيع كل من أصدر شيكا دون رصيد لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار بالعفو العام.
وأضافوا أن تحديد هذا المبلغ يعود إلى العدد الهام من القضايا المتعلقة بجرائم الشيك دون رصيد في حدود هذا المبلغ. وبيّنوا أن العفو يهدف إلى إعادة إدماج المنتفعين به في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مع ضمان الحقوق المالية للدائنين من خلال الإبقاء على حقوقهم في القيام بالدعوى المدنية لاستخلاص المبالغ المضمنة بالشيك، فضلا عن التداعيات الإيجابية لهذا المقترح في التخفيف من عدد القضايا المنشورة لدى المحاكم وتوجيه جهود المرفق القضائي نحو تكريس العدالة.
أما عميد الهيئة الوطنية للمحامين فثمن مقترح القانون المعروض على اللجنتين واعتبر أن هذه المبادرة التشريعية جاءت على إثر صدور القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، الذي أفرز تطبيقه بعض الإشكاليات خاصة على مستوى المحاكم لاختلاف الإجراءات والاجتهادات، رغم تضمنّه عديد النقاط الإيجابية. وأضاف أن هذه المبادرة تتنزل في إطار استكمال تنقيح بعض أحكام المجلة التجارية في تناغم مع أحكام القانون عدد 41 لسنة 2024 للحدّ من الآثار الجانبية لسوء استعمال الشيك، مؤكّدا على الموقف المبدئي للهيئة الوطنية للمحامين في نزع التجريم في ما يتعلق بجرائم إصدار شيك دون رصيد. واعتبر أن العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد تعدّ خطوة إيجابية لتسوية عدد من الوضعيات وقدمت الهيئة الوطنية للمحامين عددا من الملاحظات والمقترحات بهدف تحسين نص مقترح القانون المعروض وتجويد صياغته.
وبالنسبة إلى ممثلي نقابة القضاة التونسيين، فبينوا أهمية إيجاد حلول لإشكاليات الشيك دون رصيد، وأشاروا في الآن نفسه إلى ما يمكن أن يترتب عن مقترح القانون من مساس بمبدإ المساواة بين المتقاضين وذلك لتعلقه بفئة معينة من المساجين أو الموقوفين الذين أصدروا شيكات دون رصيد يساوي أو يقل مبلغها عن خمسة آلاف دينار من جهة، ومن جهة أخرى لعدم تنصيصه على شرط خلاص الدين حماية لحقوق كل الأطراف على غرار ما اقتضته أحكام المرسوم عدد 10 لسنة 2022 المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد. ودعوا إلى تعميم العفو العام على جميع مصدري الشيكات مهما كان مبلغها وعلى جميع من تعلقت بهم قضايا ذات صلة بجريمة إصدار شيك دون رصيد على غرار من قاموا بخلاص أصل مبلغ الشيك وتخلفوا عن خلاص الخطايا، أو الاكتفاء بمقتضيات القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلق بعض أحكام المجلة التجارية.
في حين تطرق ممثلو وزارة العدل في مداخلتهم إلى القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وبينوا أنه جاء وفق مقاربة شاملة تراعي مصالح جميع الأطراف وتضمن حقوقهم وتحافظ على النسيج الاقتصادي عبر تنقية المعاملات المالية باستخدام الشيك وتطويرها. وبخصوص مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصد أشار ممثلو وزارة العدل إلى أنه لا يحقّق الموازنة بين حقوق الطرفين ولم يوفر الضمانات الكافية التي من شأنها تمكين الدائن المستفيد من استيفاء دينه على غرار ما تم التنصيص عليه ضمن المرسوم عدد 10 لسنة 2022 المتعلق بالعفو العام المتعلق بجريمة إصدار شيك دون رصيد. وأضافوا أن تمتيع كل من أصدر شيكا دون رصيد بمبلغ يساوي أو يقل عن خمسة آلاف دينار، بالعفو العام في ظلّ وجود أحكام القانون عدد 41 لسنة 2024 ، سيؤدي إلى نظامين قانونيين إزاء ذات الوضعية، وهو ما لا يستقيم قانونا.
تواصل النقاش
وبين نائب رئيس لجنة التشريع العام صالح مباركي أنه من المنتظر أن يتم تنظيم جلسات أخرى لنقاش المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد وللاستماع إلى مختلف الجهات المعنية وسيتم في مرحلة أولى الاستماع إلى ممثلين عن وزارة المالية وعن رئاسة الحكومة. وفسر أن الأمر لا يتعلق بوجود إشكال قانوني في هذه المبادرة التي تقترح العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد في حد ذاتها، وإنما هو خشية من تسببها في إرباك عملية تطبيق مقتضيات القانون الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب في جويلية الماضي في علاقة بالشيك وهو القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، فالمشكل المطروح أن هناك من دخلوا في إطار هذا القانون في مسار التسوية في حين هناك من لم ينطلقوا بعد في تسوية وضعياتهم. ويرى بعض النواب أنه في صورة تمرير المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو فإنه سيكون هناك حيف حيال من بادروا بالدخول في مسار التسوية. وقال نائب رئيس لجنة التشريع العام إنهم حالوا في اللجنتين الاجتهاد قدر الإمكان من أجل عرضها على الجلسة العامة قبل حلول شهر رمضان لكن تبين لاحقا أنه من الصعب جدا استعجال النظر فيها. وأضاف أن المبادرة تم تقديمها من قبل نواب ينتمون إلى مختلف الكتل وإلى مجموعة غير المنتمين إلى كتل وقد فكر هؤلاء في إقرار العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد بهدف إعادة تحريك الدورة الاقتصادية لأنهم لاحظوا أن هناك تعطيلا للعجلة الاقتصادية مرده تعرض العديد من أصحاب المؤسسات إلى صعوبات كبيرة ناجمة بالأساس عن تداعيات جائحة كورونا وهو ما جعلهم غير قادرين على خلاص ديونهم. ولاحظ مباركي أن القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها هو في نهاية الأمر عمل بشري ويمكن أن تكون فيه إشكاليات تطبيقية. وخلص إلى أنه لن يتم الانطلاق في التصويت على فصول المبادرة التشريعية إلا بعد الاستماع إلى رأي رئاسة الحكومة ووزارة المالية ومن خلال النقاش قد تتضح الرؤية أكثر ويتم تقريب وجهات النظر بين النواب.
ثلاثة اتجاهات كبرى
أما ممثل جهة المبادرة التشريعية المتعلقة بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد النائب نزار الصديق، فبين في تصريح لـ «الصباح» أنه كان هناك تضارب في الآراء حول هذه المبادرة إلى درجة جعلت لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية تقرران إرجاء المرور للتصويت عليها وإجراء جلسات استماع لجهات أخرى.
وفسر الصديق أنه بعد نقاش طويل برزت ثلاثة اتجاهات كبرى أولها عبر عنه النواب الذين يرون أنه لابد من انتظار فترة زمنية كافية تسمح بتطبيق القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها من أجل تقييم هذا القانون أولا، وتبين إن كان هناك فرق بيّن محتواه ومقاصد المشرع، وبين ما تم تنفيذه على أرض الواقع، واعتبروا أنه لا يمكن القيام بهذا التقييم بعد ستة أشهر فقط من صدور القانون.
أما الاتجاه الثاني الذي برز خلال نقاش المبادرة داخل لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي فهو حسب ما أشار إليه الصديق يعبر عن رغبة مجموعة من النواب في إقرار عفو عام في جريمة إصدار الشيك دون رصيد على اعتبار أن 83 بالمائة من المشمولين بقضايا الشيك دون رصيد هم من الفئة المعنية بالشيكات التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار. وأضاف الصديق أن التوجه الثالث كان في تناغم مع القانون عدد 41 لسنة 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها ومع مضامين المبادرة وقد عبر عنه النواب الذين يرغبون في إقرار عفو يشمل أصحاب الشيك بمبلغ في حدود خمسة آلاف دينار أو أقل دون غيرهم.
كما لاحظ النائب نزار الصديق ممثل جهة المبادرة التشريعية، أن تضارب المواقف لم يقتصر على نواب اللجنتين المتعهدتين بدراسة مقترح القانون المذكور، وإنما كان هناك اختلاف كبير في الآراء بين الجهات التي تم الاستماع إليها، وذكر أن نقابة القضاة التونسيين تمسكت بالتنصيص صلب المبادرة على حقوق المستفيد أما رأي وزارة العدل في مضامين المبادرة فهو يتناقض تماما مع رأي الهيئة الوطنية للمحامين فيها. وأشار إلى أن ممثلي وزارة العدل أبدوا اعتراضا على المبادرة وبينوا أنه بعد تمرير القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها ليس من الضروري القيام بالعفو، في حين ترى الهيئة الوطنية للمحامين أن مقترح العفو العام هو أفضل حل لتحقيق مصالحة اقتصادية واجتماعية شاملة ولتخفيف العبء على القضاء.
وبين الصديق أن القانون عدد 41 سالف الذكر لم يقع تطبيقه على الوجه الأمثل وهناك مشاكل ترتبت عن تطبيقه على مستوى المحاكم وعلى مستوى البنوك وحتى عندما أصدرت وزارة العدل منشورا حول تطبيق هذا القانون فلم يقع الالتزام به في الواقع من قبل بعض عدول الإشهاد إذ تبين أنهم لم يلتزموا بتطبيق التعريفة الخاصة بأجرتهم عند تحرير التزام أو اتفاق الصلح بالوساطة والمحددة بستين دينارا وهناك منهم من طلب مبالغ تصل إلى مائتي دينار.
فهذا القانون لم يساهم في حل مشكل الشيكات دون رصيد وكان من المفروض أن يمكن من تسوية الوضعيات لكن المشاكل استمرت لأن الإجراءات معقدة، ويرى ممثل جهة المبادرة التشريعية أن الإدارة ساهمت في عدم تطبيق القانون على النحو الأمثل لذلك بادر بمعية مجموعة من النواب بتقديم مقترح العفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد على اعتبار أن العفو العام هو من صلاحيات مجلس نواب الشعب، وأوضح أن هناك من دعا رئيس الجمهورية إلى إصدار عفو عام لكن بنص الدستور لرئيس الجمهورية حق العفو الخاص.
وأكد النائب نزار الصديق أن مبادرته فيها ضمان لحقوق المستفيد وذكر أنها تضمنت ثلاثة فصول. ونصت المبادرة في فصلها الأول على أن يتمتع بالعفو العام كل من أصدر شيكا لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار أو قام بالاعتراض على خلاصة في غير الحالات المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت في شأنه شهادة في عدم الخلاص قبل 2 فيفري 2025. ونصت في الفصل الثاني على أن لا يمس العفو العام المقرر بمقتضى هذا القانون بحقوق الغير وخاصة بحقوق المستفيد من الشيك ولا يشمل مصاريف الإعلام التي دفعها البنك المسحوب عليه ولا المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستقصاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها. وتبقى الحقوق المدنية للمستفيد قائمة لاستخلاص المبالغ المتعلقة بالشيك كاملة. ونص الفصل الثالث على أن يكلف وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي بتنفيذ أحكام هذا القانون حال نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وأضاف الصديق أنه سبق له خلال الدورة النيابية الماضية أن قدم بمعية مجموعة من النواب مبادرة تشريعية تتعلق بالعفو في جريمة إصدار شيك دون رصيد وتم نقاشها والاستماع إلى جهة المبادرة لكن في نهاية الأمر وقع تمرير مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل وقدمته رئاسة الجمهورية. وعبر عن أمله في أن تحظى المبادرة الجديدة بالقبول وأن تتم المصادقة عليها في جلسة عامة في أقرب الآجال.
سعيدة بوهلال