- وزير الداخلية: استقرار الوضع الأمني العام.. والرفع من درجات اليقظة على الشريط الحدودي
بحضور خالد النوري وزير الداخلية، صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة المنعقدة أمس بقصر باردو على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالمجالس المحلّية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في صيغته المعدلة، وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 109 نعم و4 محتفظ و2 لا. وخلال النقاش العام لهذا المشروع، طالب العديد من النواب بمساندة هذه المجالس لأنها حسب قولهم شريكة في البناء القاعدي، ودعوا إلى التسريع في إصدار الأوامر الترتيبية التي تم التنصيص عليها صلب المشروع خاصة ما تعلق بالمنح المسندة لأعضاء هذه المجالس. وهناك منهم من فسر سبب عدم استجابة لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية إلى بعض طلبات أعضاء المجالس المذكورة خاصة المتعلقة منها بالحصانة وأداء اليمين، بالإشارة إلى وجود مانع دستوري، واقترح بعضهم مراجعة مجلة الجماعات المحلية وسن قوانين أساسية خاصة بالعمد والمعتمدين.
كما تحدث النواب عن مسائل أخرى تتعلق بالوضع الأمني، وطالبوا بدعم مراكز الأمن والحرس بجهاتهم وتوفير العدد اللازم من الأعوان وما يكفي من العتاد، وهناك منهم من دعا إلى مزيد الاهتمام بالشرطة البلدية والتوقي من عودة الانتصاب الفوضوي خلال شهر رمضان. في حين أشار البعض الآخر إلى مشاريع معطلة ومشاكل تعاني منها البلديات في جهاتهم.
النائب غير المنتمي إلى كتل محمود العامري قال إنه يثمن المجهودات الجبارة والتضحيات الجسيمة التي تبذلها وزارة الداخلية بكافة أسلاكها من أمن وطني وحرس وحماية مدنية لأداء مهامها السامية لحفظ أمن البلاد والعباد وتطبيق القانون. وبين أن المصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم هي لحظة تاريخية حاسمة تهدف إلى استكمال البناء القاعدي، هذا البناء الذي سيقوم حسب رأيه على إرادة حقيقية للمواطنين في كافة العمادات بما يتماشى مع دستور 25 جويلية الذي أعاد القرار الوطني إلى الشعب بعد تحرره من هيمنة الفساد والتجاذبات. وأشار العامري إلى أن مشروع القانون هو خطوة محورية لتعزيز الحكم المحلي في البلاد، وتكريسه من خلال تمكين ممثلي الشعب على المستوى المحلي من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار وتنفيذ المشاريع التي تلبي احتياجات المواطنين.
ولضمان نجاح عمل المجالس المحلية بين النائب، أنه لابد من تمتيع هذه الجماعات المحلية باستقلالية إدارية ومالية فعلية، تتيح لها اتخاذ القرارات المناسبة، وتنفيذ المشاريع بفاعلية بما يساهم في تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة تخدم جميع المناطق، وذكر أنه أصبح من الضروري التسريع في مراجعة مجلة الجماعات المحلية إلى جانب إصدار القانون الأساسي لسلك المعتمدين والعمد لضمان وجود إطار قانوني متكامل ودقيق ينظم العلاقة بين الهياكل المحلية وأجهزة الدولة، ويحدد بوضوح صلاحيات كل طرف. ولفت النائب انتباه وزير الداخلية إلى الوضع الصعب الذي تعيشه ولاية سوسة نتيجة سياسة التمييز الايجابي التي أدت حسب تعبيره إلى تهميش الجهة وتعطيل العديد من المشاريع التنموية بما زاد في معاناة المواطنين ومنهم القاطنين بالقلعة الصغرى وسيدي الهاني ودعا إلى التسريع في انجاز المشاريع المعطلة وبرمجة مجلس وزاري خاص بولاية سوسة واتخاذ قرار لتفعيل مشاريع بقيت حبرا على ورق منذ سنوات.
أما فتحي رجب النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة فلاحظ أن الوحدات الأمنية والعسكرية تقوم بكل ما في وسعها لكي ينعم المواطن في تونس بالأمن، لكن مازال هناك الكثير من مظاهر الإجرام والمخدرات والسرقات وهو ما يتطلب منها بذل مجهود أكبر. واستحسن النائب الدور الذي تلعبه فرقة مقاومة الانتصاب الفوضوي وذكر أن غياب الانتصاب الفوضوي يبعث لديه الشعور بهيبة الدولة ولكنه يجب أيضا البحث عن حلول بديلة لهؤلاء الباعة وعدم التعسف معهم، ويبقى المهم حسب رأيه عدم العودة إلى الوراء خاصة وأن هناك من ينتظرون حلول شهر رمضان للانتصاب من جديد. وطالب رجب وزير الداخلية بتوجيه مذكرة إلى كل السلطات الجهوية والمحلية لدعوتها إلى مقاومة هذه الظاهرة. وأضاف أن هناك الكثير من المدن السياحية ومنها الجم كان قد عمها الانتصاب الفوضوي. وبين أنه إضافة إلى ظاهرة الانتصاب الفوضوي، هناك مشكل آخر يهم وزارة الداخلية ويتمثل في عدم الترخيص لمواطنين بالربط بشبكتي الماء والكهرباء. ودعا النائب وزير الداخلية إلى إيجاد حل لهذه المعضلة في القريب العاجل.
تطبيق القانون
النائب عصام البحري الجابري عن كتلة الأمانة والعمل، بين أن النواب لم يأتوا ليجلسوا على مقاعد مريحة بل هم في سفينة نجاة للوطن والشعب. وطالب النائب بدعم إقليم الأمن الوطني بقابس بالموارد البشرية خاصة بعد الأحداث الأخيرة وهي أحداث تمت إدارتها بحرفية وحنكة حسب وصفه، وذكر أن التعاطي مع الجماهير الرياضية يجب ألا يتم من خلال مقاربة أمنية وأضاف أن الجماهير الرياضية بقابس لم تكن غايتها إثارة الشغب وإنما هي تريد إبراز المشاكل التي تعاني منها الجهة وفي مقدمتها قضية التلوث. وطالب الجابري وزير الداخلية بوضع خطة إنقاذ مركزية لبلدية قابس المدنية من خلال دعم لوجستي وبشري ومرافقة فنية. وأضاف أنه كان فعلا قد انتقد البلدية لكنه مدرك أن هذه البلدية في حاجة للدعم وأنه لابد من إنقاذ هذا المرفق العام لتحسين الخدمات خاصة على مستوى البنية التحتية. ودعا إلى التسريع في إدراجها ضمن قائمة البلديات السياحية وذلك عبر تنظيم جلسة مشتركة مع وزارة السياحة، ومن المطالب الأخرى التي تقدم بها النائب تدعيم الشرطة البلدية بولاية قابس بالنظر إلى الحجم الكبير للخروقات والانتصاب الفوضوي وخلص قائلا إنه يجب تطبيق القانون على الجميع، وذكّر الوزير بأن الفصل 13 من قانون المالية لسنة 2025 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية يجب تفعيله.
وقال النائب علي بوزوزية عن «كتلة الخط الوطني السيادي» إن القوانين الأساسية لا تتعلق فقط بالمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم وإنما بجميع الهياكل المنتخبة وهي قوانين تبقى حبرا على ورق ما لم يقع تفعيلها وما لم يتم التجاوب مع مقترحات المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم وحتى مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. ولاحظ أن العلاقة بين الوظيفة التنفيذية والهياكل المنتخبة عموما هي علاقة متردية وذهب بوزوزية إلى أبعد من ذلك وتحدث عن تقارير مغلوطة وجو استخباراتي بهدف التضييق على المنتخبين الذين كان هدفهم الأساسي هو الدفاع عن أبناء الشعب. وأضاف أنه على سبيل الذكر هناك عضو مجلس محلي بالقباعة بوادي الليل تم الاعتداء عليه لأنه تحدث عن الانتصاب الفوضوي. وذكر أن المعتمدية تعود بالنظر إلى وزارة الداخلية وكذلك البلدية والولاية وبالتالي فإن جميع ما يتعلق بالتنمية والمشاكل الاجتماعية هي تحت إشراف وزارة الداخلية وهو ما يعني أنه لا يمكن الحديث عن تنمية وتحسين الوضع الاجتماعي وضمان حياة كريمة للمواطن دون أن تكون وزارة الداخلية متفهمة لهذه الوضعية وملمة بالواقع. وتساءل النائب عن الدور الذي تلعبه هذه الوزارة وماذا يعني أن يكون المعتمد أو الوالي أو عضو الحكومة غير متجاوب مع مطالب المواطنين، وبين أن النواب يجتمعون بالمواطنين ويستمعون إلى معاناتهم وهذا حتى لا يكون هؤلاء فريسة للاستقطاب.
السيادة الوطنية
حمادي الغيلاني النائب غير المنتمي إلى كتل قال إنه يرغب في توجيه رسالة برقية مفادها: «لا مفوض سامي ولا منصف ولا عادل.. لأن تونس دولة مستقلة ذات سيادة كاملة ولأن الشؤون الداخلية واستقلال القرار الوطني بالنسبة له خط أحمر». وأضاف أن مشروع القانون المعروض على الجلسة جاء في إطار رؤية واضحة تقوم على التعويل على الذات وتثمين الموارد الطبيعية والثروات الوطنية وفق أهداف وميزات تفاضلية تراعي خصوصيات الجهات على أساس الإدماج والتصعيد والقضاء على التهميش وبهذه الكيفية تصبح جميع المخططات التنموية مخططات مواطنية وتكون نابعة من المواطن. ويرى أن هذه التجربة الجديدة، طموحة وهي تجربة قابلة للتحسين والتطوير. ولاحظ النائب أنه لابد من التأكيد على أن التشريعات على أهميتها وضرورتها فإنه في صورة عدم بناء الإنسان القادر على استبطان الأهداف الوطنية والإنسان القادر على انجازها فإن تلك التشريعات تبقى حبرا على ورق، وذكر أن مؤسسات الدولة يجب أن تعمل في تكامل وانسجام وذكر أنه لا يمكن أن تكون علاقات مؤسسات الدولة قائمة على المنافسة أو الصراع. وتطرق النائب لمشكل العطش بالقصرين وذكر أن هناك مشاريع معطلة في سبيطلة لأسباب بسيطة.
ويرى النائب نبيل الحامدي عن «كتلة صوت الجمهورية» أن البناء والتشييد ينطلق من التصويت على مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وتحديد صلاحيات كل الأطراف المنتخبة في تونس. وأكد على أن هذه التجربة الجديدة يجب أن تنجح، وذلك من أجل إقناع الجميع بأن المرحلة هي مرحلة البناء والتشييد. وقال النائب إن قوات الأمن في القيروان نجحت في التصدي للجريمة ولعصابات المخدرات ولكن هناك نقص في عدد الأعوان والعتاد وخاصة وسائل النقل في معتمدية الوسلاتية وعين جلولة والسبيخة. وذكر أنه سبق له أن طلب من وزارة الداخلية توفير وسيلة نقل إلى الوسلاتية لكن رغبته لم تتحقق، ونفس الشيء بالنسبة لمطلب بعث مركز حرس وطني بعين جلولة فلم تقع الاستجابة إليه، أما مركز الحماية المدنية بمعتمدية السبيخة فقد توفرت لهذا المشروع كل أسباب النجاح وفسر النائب كيف أنه تم تنفيذ اتفاقية شراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير موارد لتنمية الجهة وفي إطاره سيتم بناء هذا المركز. وطالب الحامدي وزير الداخلية بالاهتمام بولاية القيروان وذكر أن هذه الجهة تعاني من مشاكل الانتصاب الفوضوي، وهناك أشياء غير مقبولة حصلت في بلدية الوسلاتية حيث قام مستلزم بنشر توقيت العمل خلال شهر رمضان وهذا الأمر حسب وصفه فضيحة لأنه ليس من دور المستلزم تحديد التوقيت وإنما هو دور البلدية. وطالب النائب الوزارة بالتروي عند تعيين المعتمدين والولاة ودعا إلى وضع قانون أساسي خاص بهم والكف عن التعيينات بالولاءات. وذكر أن هناك معتمدين في القيروان تم تعيينهم منذ سبع سنوات ويجب نقلهم إلى جهات أخرى وقال انه لا يريد عزلهم بل يرى أنه من المهم تغيير المواقع وبعث حركية جديدة بولاية القيروان التي تأتي في المراتب الأخيرة على مستوى التنمية رغم التشجيعات المقدمة من قبل أعلى هرم في السلطة ورغبته في بعث المدينة الصحية. وأشار إلى أن وزارة الداخلية يجب أن تلعب دورا اجتماعيا وتنمويا..، وخلص النائب قائلا إن القانون فوق الجميع وأنه يجب تطبيق القانون على الجميع على حد سواء ويجب إعادة دور الشرطة البلدية وأعوان التراتيب لأن هؤلاء يستطيعون التقليص من مشاكل الانتصاب الفوضوي كما يجب تعيين كاتب عام لولاية القيروان وكاتب عام لبلدية سيسب الذريعات.
النائبة سيرين مرابط عن «كتلة الأحرار» بينت أن مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم تم نقاشه مع إطارات وزارة الداخلية وقد تضمن التقرير المشترك بين لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية الذي تم عرضه أمس على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب جميع المقترحات وتضمن مطالب أعضاء المجالس المعنية. وأوضحت أنه بالنسبة إلى مطلبهم المتعلق بالحصانة واليمين فلا يمكن تلبيته لأن الدستور لا ينص على ذلك ونفس الشيء بالنسبة إلى مطلب التمديد في فترة رئاسة المجالس لأنه تم تحديد مسألة القرعة في المرسوم المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، أما بالنسبة إلى مطلب التفرغ فدعت النائبة وزير الداخلية إلى أخذه بعين الاعتبار خاصة بالنسبة إلى أعضاء مجالس الأقاليم كما طالبته بالتسريع في إصدار الأوامر الترتيبية المنصوص عليها بمشروع القانون لأن القانون تضمن المبادئ العامة لكن الأوامر الترتيبية هي التي ستنصف الأعضاء نظرا لتعلقها بالمنحة وبعلاقاتهم بالوظيفة التنفيذية. وأضافت أنها مقتنعة بأن رئيس الجمهورية لن يخذل أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فهم شركاء في البناء القاعدي. وذكرت أن الضامن الأول لاحترام الدستور هو رئيس الجمهورية وأعضاء هذه المجالس هم شركاء في البناء القاعدي ومن يريد إحداث الفتة فهو واهم. وتطرقت النائبة إثر ذلك إلى وضعية أعوان وزارة الداخلية وإطاراتها ودعت الوزير إلى مزيد الاهتمام بأوضاعهم وتمكينهم من أسباب العيش الكريم وتحدثت مرابط عن والد زوجها وهو رجل يقيم حاليا بمصحة لأنه مريض وذكرت أن هذا الرجل ترك لأبنائه صندوقا صغير الحجم لكنه كبيرا بمعانيه لأنه احتوى على صفارته وشارة رتبته الأمنية الأخيرة والصفارة التي كان يستعملها لتسهيل حركة المرور وأحد أزرار زيه الرسمي.
قال النائب غير المنتمي إلى كتل ثابت العابد إنه إضافة إلى المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم يجب ألا يتم تناسي الغرفة النيابية الثانية وهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبين أن من فازوا بالقرعة أصبحوا نواب شعب بالغرفة الثانية وهم يتمتعون بالحصانة وبامتيازات، أما من لم يحالفهم الحظ بالفوز فيها، فقد ظلوا أعضاء بمجالس محلية وإضافة إلى ذلك فهم يخضعون إلى القرعة كل ثلاثة أشهر وذكر أن الاستقلالية الإدارية والمالية للجماعات المحلية تفترض أن تتم القرعة بالنسبة إلى رؤساء المجالس المحلية والمجالس الجهوية على الأقل كل سنة وذلك بالنظر إلى أن الميزانية يتم ضبطها كل سنة، وأضاف أن رئيس الجمهورية قال إن التصورات تنطلق من المحلي ووصولا إلى المركزي لكن ما هو موجود حاليا على مستوى المركز بعيدا كل البعد عن هذا التصور الذي قدمه الرئيس. وتطرق النائب إثر ذلك إلى موضوع يتعلق بالرقابة البرلمانية اللاحقة، وأشار إلى أن ميزانيات الوزارات التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس تتوزع وفق جملة من الأهداف ومن المفروض أن يتولى مجلس نواب الشعب مراقبة مدى تنفيذ الوزارات لتلك الأهداف.
وقبل النقاش العام الذي تواصل إلى المساء تم خلال الحصة الصباحية تقديم تقرير مشترك بين لجنة التشريع العام التي يرأسها النائب ياسر قوراري ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية التي يرأسها النائب محمد أحمد حول مشروع القانون الأساسي المعروض على الجلسة.
تأصيل البناء القاعدي
أشار خالد النوري وزير الداخلية تعقيبا على مداخلات النواب إلى أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم هو ترجمة لمرحلة تاريخية هامة، ويعد من أهم النصوص ذات الأولوية استجابة إلى إرادة الشعب التونسي في تحقيق العدالة الاجتماعية وحقه في التوزيع العادل للثروات الوطنية ويندرج في إطار استكمال مسار تنزيل أحكام دستور 25 جويلية 2022 وخاصة الفصل 133 منه، وهو يمثل نصا إطاريا منظما للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم بصفتها جماعات محلية.
وأضاف الوزير مساء أمس خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة بقصر باردو أن هذا المشروع هو مبادرة تم تقديمها من قبل رئيس الجمهورية وتمت إحالته إلى المجلس يوم 31 ديسمبر 2024، ويتضمن تحديد صلاحيات المجالس المذكورة بعد استكمال مسارها الانتخابي وذلك تقيدا بروح الدستور وتأصيلا لنظام البناء القاعدي القائم على مشاركة فعلية للمواطن في صياغة القرار وتحديد الأولويات التنموية والاقتصادية عبر ممثليه بتلك المجالس وصولا إلى المؤسسة التشريعية المتمثلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وبين النوري أنه حرصا على تحقيق المعادلة المنشودة ستعمل هذه المجالس على ضمان دمج مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وتمكينها من إعداد التصورات والمقترحات والتداول بشأنها على أن ينطلق ذلك من المجلس المحلي ويمر إلى المجلس الجهوي ثم إلى مجلس الإقليم ويتم التأليف بين مختلف التصورات والمقترحات لينتهي المسار بعرضها على المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقرر ما يراه في شأنها من خلال المصادقة على المخطط التنموي في كنف احترام مقتضيات وحدة الدولة وضمان التوازن بين الجهات والأقاليم طبقا لمقتضيات الدستور وأهداف التنمية المستدامة 2030 التي صادقت عليها تونس وتعهدت بتحقيق غايتها.
وذكر أن مصادقة المجلس النيابي على المشروع المعروض من شأنه أن يساهم في توفير التأطير القانوني اللازم للشروع في متطلبات إعداد مشروع المخطط 2026ـ 2030 ليكون أول مخطط وطني للتنمية نابعا من إرادة الشعب طبقا للتوجهات المرسومة من قبل رئيس الجمهورية الذي أكد أن هذا المخطط سيهدف إلى وضع حد للإقصاء والتهميش ملتصقا في ذلك مع الانفجار الثوري ليوم 17 ديسمبر2010 كما شدد على التزام الدولة بمرافقة المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم وبتوفير الوسائل الضرورية لأداء مهامها حتى تتحقق مطالب الشعب المشروعة.
وذكر الوزير أنه يثمن الإضافة التي قامت بها لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي لهذا المشروع في اتجاه مراعاة الوضعية الخصوصية لذوي الإعاقة بما يكفل أعمالهم في أفضل الظروف طبقا لأحكام الدستور، إضافة إلى مزيد تكريس الحق الموكول للأعضاء لمواكبة أشغال هذه المجالس والتكوين من خلال تدقيق صياغة الفصل السادس من المشروع وذلك بالتنصيص على الواجب المحمول على المؤجرين بتمكين الأجراء من التراخيص اللازمة لحضور الاجتماعات والدورات التكوينية.
وبين الوزير أنه في ما يتعلق بالسؤال حول اتسام مشروع القانون بالضبابية وعدم الدقة، فإنه يوضح أن المشروع هو نص قانوني إطاري يتضمن القواعد العامة والخطوط الكبرى وبالتالي فإن النصوص التطبيقية المتمثلة في الأوامر الترتيبية هي التي ستضبط جميع الإجراءات والآليات الكفيلة بتطبيقه على أرض الواقع من خلال تحديد طرق سير عمل هذه المجالس وتنظيم اجتماعاتها وتحديد النصاب القانوني لعقد جلساتها وأيضا المنح المسندة لأعضائها.
وأضاف أنه في علاقة بالأسئلة المتعلقة بالدور الاستشاري للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم دون تمكينها من سلطة تقريرية، فهو يؤكد أن المقاربة الجديدة لهذه المجالس تكرس المشاركة الفعلية للمواطن في أخذ القرار من خلال ضمان مشاركته في بلورة التصورات والمقترحات والمخططات التنموية ولا يتم إسقاطها عليه كما كان الأمر في السابق من الإدارة المركزية. وفسر أن التداول في مشاريع المخططات والتصعيد التدريجي وفقا لمقاربة تشاركية من المحلي إلى الجهوي فالإقليمي وصولا إلى الوطني للمصادقة عليه يمثل في حقيقة الأمر شكلا من أشكال السلطة التقريرية باعتبار أن التأليف بين مختلف المخططات التنموية لتصبح في النهاية مشاريع مخططات تتم المصادقة عليها هي نابعة من أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وبهذه الكيفية تتم تحقيق أهم مطالب الشعب التي قامت عليها الثورة وهي العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي وعدم التفاوت بين الجهات والتوزيع العادل للثروات الوطنية. وإجابة عن سؤال حول تحديد صلاحيات المجالس وعلاقات المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بالوظيفة التنفيذية أوضح وزير الداخلية أن الفصل 133 من الدستور واضح وصريح ونص على أن تمارس المجلس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح الجهوية والمحلية حسب ما يضبطه القانون. وهو ما يعني أن الدستور أسند صراحة صفة الجماعة المحلية للمجالس المذكرة وأكسبها بهذا العنوان الشخصية القانونية والاستقلال الإداري والمالي إضافة إلى إسناد مهمة تأسيسها إلى هيكل تداول منتخب وهذه المجالس الثلاثة إلى جانب الوظيفة التنفيذية تعمل في تناغم وانسجام في إطار وحدة الدولة بمعنى أن إعداد المخططات التنموية سواء المحلية أو الجهوية أو الإقليمية يتم وفق منهجية محددة وذلك بالاستناد إلى مبادئ ومعايير تراعي الأوليات الإستراتيجية للدولة والتزاماتها المالية. وتتمثل المراحل الرئيسية لإعداد المخطط التنموي المرتقب حسب قوله في أن إعداده يمر عبر مرحلة تمهيدية ثم مرحلة التقييم والتشخيص وتحديد الأولويات تليها مرحلة اقتراح السياسات والبرامج والمشاريع فمرحلة التنسيق بين المخططات والتأليف فالمصادقة على المخطط ليصبح قانونا من قوانين الدولة. وذكر أن الوظيفة التنفيذية انطلقت في تنفيذ الأشغال التمهيدية لانطلاق المخطط من خلال انجاز التعداد العام للسكان والشروع في تحيين رؤية تونس 2035 والانطلاق في تحديد قائمة المشاريع العمومية المتواصلة وضبط المعايير الموضوعية لاختيار المشاريع وترتيبيها. وبين الوزير أنه بالنسبة إلى المرافقة من قبل الوظيفة التنفيذية فقد تم توجيه منشور للولاة ينص على ضرورة توفير كل الوسائل اللازمة لممارسة هذه المجالس لمهامها في أحسن الظروف كما تم تخصيص مركز تكوين لفائدة أعضاء هذه المجالس لحسن تأطيرهم في مجال التصورات والمقترحات التنموية فضلا عن تعهد وزارة الاقتصاد والتخطيط بتوفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي وتوفير المرافقة الفنية من خلال وضعها على ذمة أعضاء المجالس جميع الدراسات والإحصائيات لاستغلالها عند التداول في مخططات التنمية المحلية والجهوية والإقليمية.
وأوضح النوري أنه يوجد فرق كبير بين المجالس المحلية والمجالس البلدية على مستوى الصلاحيات وكذلك على مستوى الإشراف والتسيير، وذكر أنه استنادا إلى مقتضيات الدستور ومشروع القانون الأساسي المعروض على أنظار المجلس أمس تم تحديد صلاحيات المجالس الثلاثة المنتخبة وهي تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والتداول في بلورة محاور المخطط الوطني للتنمية، وليس تسيير المرافق العمومية، في حين أن البلدية كجماعة محلية لها صلاحيات ذاتية مبنية على قاعدة القرب وهي تعنى بتقديم الخدمات الأساسية للمتساكنين في مرجع النظر الترابي على غرار النظافة والتنوير والطرقات والاعتناء بالحدائق، كما أن الدستور في الفصل 81 أسند دورا للمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في تكوين المجلس الوطني للجهات والأقاليم كغرفة تشريعية ثانية إلى جانب مجلس نواب الشعب. وبخصوص المنحة المسندة لأعضاء المجالس طمأن الوزير النواب بأن هناك مشروع أمر سيتم عرضه قريبا على مجلس الوزراء للمصادقة عليه.
وفي علاقة بالوضع الأمني العام، بين وزير الداخلية أن الأمن يتصدى للإرهاب والهجرة غير الشرعية والمخدرات والسرقات. وأضاف أنه بالنسبة إلى الإرهاب فإن المقاربة تقوم على محاربته واليوم الأمن في مرحلة التوقي والاستباق من خلال تكثيف العمل الاستعلامي والإرشادي. وذكر أنه تم الرفع من درجة اليقظة خاصة على الشريط الحدودي البري والبحري، وتم تكثيف الدوريات ومنع جميع محاولات التسلل والاجتياز خاصة في علاقة بظاهرة هجرة الأفارقة، وأكد أنه تم تحقيق نجاحات أمنية كبيرة وهو ما تبرزه الإحصائيات ففي شهر جانفي تقلص عدد المتسللين إلى ما يزيد عن 90 بالمائة. أما بالنسبة إلى الأمن العام فقد تم تحقيق استقرار على مستوى الوضع الأمني العام مع تسجيل بعض التحركات الاحتجاجية ذات الصبغة المطلبية وهناك العديد من الحملات الأمنية اليومية بكافة الولايات تعمل حتى مطلع الفجر وفاقت نسبة نجاحها 80 بالمائة وهذه الحملات ستتواصل وكذلك الشأن بالنسبة إلى مكافحة المخدرات.
وقال الوزير لقد تم في شهر جانفي الماضي تسجيل انخفاض في القضايا بنسبة 12 بالمائة خاصة السرقات، ولاحظ تسجيل ارتفاع نسبي في السرقات عن طريق النشل لكن في المقابل ارتفعت نسبة النجاح في صدها لتتجاوز 55 بالمائة. وأجاب الوزير عن سؤال آخر حول الشغورات بالبلديات قال إن الوزارة لديها خطة للغرض.
وإثر الاستماع إلى وزير الداخلية تم المرور إلى التصويت على مشروع فصلا فصلا ثم على المشروع برمته في صيغة معدلة وشمل التعديل الفصل السادس فقط حيث نص على ما يلي:»على المؤجرين أن يرخصوا للأعوان العموميين والأجراء أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين. وباستثناء حالات التأكد، يتعين على عضو المجلس المعني إعلام مؤجره بتاريخ الاجتماعات 3 أيام على الأقل قبل انعقاد الجلسات أو تنظيم الدورات، وإيداع نظير من الدعوة إليها. وفي صورة التقيد بأحكام الفقرة الثانية من هذا الفصل من قبل عضو المجلس المعني لا يمكن أن يكون تغيب الأعوان والأجراء لحضور جلسات أو دورات سببا في الطرد أو في فسخ عقد الشغل. كما لا يمكن أن ينجرّ عن الغيابات لحضور جلسات أو دورات أي إجراء تأديبي أو تعطيل ترقية مهنية أو الحرمان من الانتفاع بأي امتياز اجتماعي. على مديري مؤسسات التعليم والتكوين ومسيريها أن يمكنوا التلاميذ والطلبة والمتكونين أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم من تسهيلات للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين»، أما بقية الفصول فتمت المصادقة عليها في صيغتها الأصلية.
سعيدة بوهلال
- وزير الداخلية: استقرار الوضع الأمني العام.. والرفع من درجات اليقظة على الشريط الحدودي
بحضور خالد النوري وزير الداخلية، صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة المنعقدة أمس بقصر باردو على مشروع القانون الأساسي المتعلّق بالمجالس المحلّية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في صيغته المعدلة، وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 109 نعم و4 محتفظ و2 لا. وخلال النقاش العام لهذا المشروع، طالب العديد من النواب بمساندة هذه المجالس لأنها حسب قولهم شريكة في البناء القاعدي، ودعوا إلى التسريع في إصدار الأوامر الترتيبية التي تم التنصيص عليها صلب المشروع خاصة ما تعلق بالمنح المسندة لأعضاء هذه المجالس. وهناك منهم من فسر سبب عدم استجابة لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية إلى بعض طلبات أعضاء المجالس المذكورة خاصة المتعلقة منها بالحصانة وأداء اليمين، بالإشارة إلى وجود مانع دستوري، واقترح بعضهم مراجعة مجلة الجماعات المحلية وسن قوانين أساسية خاصة بالعمد والمعتمدين.
كما تحدث النواب عن مسائل أخرى تتعلق بالوضع الأمني، وطالبوا بدعم مراكز الأمن والحرس بجهاتهم وتوفير العدد اللازم من الأعوان وما يكفي من العتاد، وهناك منهم من دعا إلى مزيد الاهتمام بالشرطة البلدية والتوقي من عودة الانتصاب الفوضوي خلال شهر رمضان. في حين أشار البعض الآخر إلى مشاريع معطلة ومشاكل تعاني منها البلديات في جهاتهم.
النائب غير المنتمي إلى كتل محمود العامري قال إنه يثمن المجهودات الجبارة والتضحيات الجسيمة التي تبذلها وزارة الداخلية بكافة أسلاكها من أمن وطني وحرس وحماية مدنية لأداء مهامها السامية لحفظ أمن البلاد والعباد وتطبيق القانون. وبين أن المصادقة على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم هي لحظة تاريخية حاسمة تهدف إلى استكمال البناء القاعدي، هذا البناء الذي سيقوم حسب رأيه على إرادة حقيقية للمواطنين في كافة العمادات بما يتماشى مع دستور 25 جويلية الذي أعاد القرار الوطني إلى الشعب بعد تحرره من هيمنة الفساد والتجاذبات. وأشار العامري إلى أن مشروع القانون هو خطوة محورية لتعزيز الحكم المحلي في البلاد، وتكريسه من خلال تمكين ممثلي الشعب على المستوى المحلي من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار وتنفيذ المشاريع التي تلبي احتياجات المواطنين.
ولضمان نجاح عمل المجالس المحلية بين النائب، أنه لابد من تمتيع هذه الجماعات المحلية باستقلالية إدارية ومالية فعلية، تتيح لها اتخاذ القرارات المناسبة، وتنفيذ المشاريع بفاعلية بما يساهم في تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة تخدم جميع المناطق، وذكر أنه أصبح من الضروري التسريع في مراجعة مجلة الجماعات المحلية إلى جانب إصدار القانون الأساسي لسلك المعتمدين والعمد لضمان وجود إطار قانوني متكامل ودقيق ينظم العلاقة بين الهياكل المحلية وأجهزة الدولة، ويحدد بوضوح صلاحيات كل طرف. ولفت النائب انتباه وزير الداخلية إلى الوضع الصعب الذي تعيشه ولاية سوسة نتيجة سياسة التمييز الايجابي التي أدت حسب تعبيره إلى تهميش الجهة وتعطيل العديد من المشاريع التنموية بما زاد في معاناة المواطنين ومنهم القاطنين بالقلعة الصغرى وسيدي الهاني ودعا إلى التسريع في انجاز المشاريع المعطلة وبرمجة مجلس وزاري خاص بولاية سوسة واتخاذ قرار لتفعيل مشاريع بقيت حبرا على ورق منذ سنوات.
أما فتحي رجب النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة فلاحظ أن الوحدات الأمنية والعسكرية تقوم بكل ما في وسعها لكي ينعم المواطن في تونس بالأمن، لكن مازال هناك الكثير من مظاهر الإجرام والمخدرات والسرقات وهو ما يتطلب منها بذل مجهود أكبر. واستحسن النائب الدور الذي تلعبه فرقة مقاومة الانتصاب الفوضوي وذكر أن غياب الانتصاب الفوضوي يبعث لديه الشعور بهيبة الدولة ولكنه يجب أيضا البحث عن حلول بديلة لهؤلاء الباعة وعدم التعسف معهم، ويبقى المهم حسب رأيه عدم العودة إلى الوراء خاصة وأن هناك من ينتظرون حلول شهر رمضان للانتصاب من جديد. وطالب رجب وزير الداخلية بتوجيه مذكرة إلى كل السلطات الجهوية والمحلية لدعوتها إلى مقاومة هذه الظاهرة. وأضاف أن هناك الكثير من المدن السياحية ومنها الجم كان قد عمها الانتصاب الفوضوي. وبين أنه إضافة إلى ظاهرة الانتصاب الفوضوي، هناك مشكل آخر يهم وزارة الداخلية ويتمثل في عدم الترخيص لمواطنين بالربط بشبكتي الماء والكهرباء. ودعا النائب وزير الداخلية إلى إيجاد حل لهذه المعضلة في القريب العاجل.
تطبيق القانون
النائب عصام البحري الجابري عن كتلة الأمانة والعمل، بين أن النواب لم يأتوا ليجلسوا على مقاعد مريحة بل هم في سفينة نجاة للوطن والشعب. وطالب النائب بدعم إقليم الأمن الوطني بقابس بالموارد البشرية خاصة بعد الأحداث الأخيرة وهي أحداث تمت إدارتها بحرفية وحنكة حسب وصفه، وذكر أن التعاطي مع الجماهير الرياضية يجب ألا يتم من خلال مقاربة أمنية وأضاف أن الجماهير الرياضية بقابس لم تكن غايتها إثارة الشغب وإنما هي تريد إبراز المشاكل التي تعاني منها الجهة وفي مقدمتها قضية التلوث. وطالب الجابري وزير الداخلية بوضع خطة إنقاذ مركزية لبلدية قابس المدنية من خلال دعم لوجستي وبشري ومرافقة فنية. وأضاف أنه كان فعلا قد انتقد البلدية لكنه مدرك أن هذه البلدية في حاجة للدعم وأنه لابد من إنقاذ هذا المرفق العام لتحسين الخدمات خاصة على مستوى البنية التحتية. ودعا إلى التسريع في إدراجها ضمن قائمة البلديات السياحية وذلك عبر تنظيم جلسة مشتركة مع وزارة السياحة، ومن المطالب الأخرى التي تقدم بها النائب تدعيم الشرطة البلدية بولاية قابس بالنظر إلى الحجم الكبير للخروقات والانتصاب الفوضوي وخلص قائلا إنه يجب تطبيق القانون على الجميع، وذكّر الوزير بأن الفصل 13 من قانون المالية لسنة 2025 المتعلق بالمسؤولية المجتمعية يجب تفعيله.
وقال النائب علي بوزوزية عن «كتلة الخط الوطني السيادي» إن القوانين الأساسية لا تتعلق فقط بالمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم وإنما بجميع الهياكل المنتخبة وهي قوانين تبقى حبرا على ورق ما لم يقع تفعيلها وما لم يتم التجاوب مع مقترحات المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم وحتى مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. ولاحظ أن العلاقة بين الوظيفة التنفيذية والهياكل المنتخبة عموما هي علاقة متردية وذهب بوزوزية إلى أبعد من ذلك وتحدث عن تقارير مغلوطة وجو استخباراتي بهدف التضييق على المنتخبين الذين كان هدفهم الأساسي هو الدفاع عن أبناء الشعب. وأضاف أنه على سبيل الذكر هناك عضو مجلس محلي بالقباعة بوادي الليل تم الاعتداء عليه لأنه تحدث عن الانتصاب الفوضوي. وذكر أن المعتمدية تعود بالنظر إلى وزارة الداخلية وكذلك البلدية والولاية وبالتالي فإن جميع ما يتعلق بالتنمية والمشاكل الاجتماعية هي تحت إشراف وزارة الداخلية وهو ما يعني أنه لا يمكن الحديث عن تنمية وتحسين الوضع الاجتماعي وضمان حياة كريمة للمواطن دون أن تكون وزارة الداخلية متفهمة لهذه الوضعية وملمة بالواقع. وتساءل النائب عن الدور الذي تلعبه هذه الوزارة وماذا يعني أن يكون المعتمد أو الوالي أو عضو الحكومة غير متجاوب مع مطالب المواطنين، وبين أن النواب يجتمعون بالمواطنين ويستمعون إلى معاناتهم وهذا حتى لا يكون هؤلاء فريسة للاستقطاب.
السيادة الوطنية
حمادي الغيلاني النائب غير المنتمي إلى كتل قال إنه يرغب في توجيه رسالة برقية مفادها: «لا مفوض سامي ولا منصف ولا عادل.. لأن تونس دولة مستقلة ذات سيادة كاملة ولأن الشؤون الداخلية واستقلال القرار الوطني بالنسبة له خط أحمر». وأضاف أن مشروع القانون المعروض على الجلسة جاء في إطار رؤية واضحة تقوم على التعويل على الذات وتثمين الموارد الطبيعية والثروات الوطنية وفق أهداف وميزات تفاضلية تراعي خصوصيات الجهات على أساس الإدماج والتصعيد والقضاء على التهميش وبهذه الكيفية تصبح جميع المخططات التنموية مخططات مواطنية وتكون نابعة من المواطن. ويرى أن هذه التجربة الجديدة، طموحة وهي تجربة قابلة للتحسين والتطوير. ولاحظ النائب أنه لابد من التأكيد على أن التشريعات على أهميتها وضرورتها فإنه في صورة عدم بناء الإنسان القادر على استبطان الأهداف الوطنية والإنسان القادر على انجازها فإن تلك التشريعات تبقى حبرا على ورق، وذكر أن مؤسسات الدولة يجب أن تعمل في تكامل وانسجام وذكر أنه لا يمكن أن تكون علاقات مؤسسات الدولة قائمة على المنافسة أو الصراع. وتطرق النائب لمشكل العطش بالقصرين وذكر أن هناك مشاريع معطلة في سبيطلة لأسباب بسيطة.
ويرى النائب نبيل الحامدي عن «كتلة صوت الجمهورية» أن البناء والتشييد ينطلق من التصويت على مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وتحديد صلاحيات كل الأطراف المنتخبة في تونس. وأكد على أن هذه التجربة الجديدة يجب أن تنجح، وذلك من أجل إقناع الجميع بأن المرحلة هي مرحلة البناء والتشييد. وقال النائب إن قوات الأمن في القيروان نجحت في التصدي للجريمة ولعصابات المخدرات ولكن هناك نقص في عدد الأعوان والعتاد وخاصة وسائل النقل في معتمدية الوسلاتية وعين جلولة والسبيخة. وذكر أنه سبق له أن طلب من وزارة الداخلية توفير وسيلة نقل إلى الوسلاتية لكن رغبته لم تتحقق، ونفس الشيء بالنسبة لمطلب بعث مركز حرس وطني بعين جلولة فلم تقع الاستجابة إليه، أما مركز الحماية المدنية بمعتمدية السبيخة فقد توفرت لهذا المشروع كل أسباب النجاح وفسر النائب كيف أنه تم تنفيذ اتفاقية شراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير موارد لتنمية الجهة وفي إطاره سيتم بناء هذا المركز. وطالب الحامدي وزير الداخلية بالاهتمام بولاية القيروان وذكر أن هذه الجهة تعاني من مشاكل الانتصاب الفوضوي، وهناك أشياء غير مقبولة حصلت في بلدية الوسلاتية حيث قام مستلزم بنشر توقيت العمل خلال شهر رمضان وهذا الأمر حسب وصفه فضيحة لأنه ليس من دور المستلزم تحديد التوقيت وإنما هو دور البلدية. وطالب النائب الوزارة بالتروي عند تعيين المعتمدين والولاة ودعا إلى وضع قانون أساسي خاص بهم والكف عن التعيينات بالولاءات. وذكر أن هناك معتمدين في القيروان تم تعيينهم منذ سبع سنوات ويجب نقلهم إلى جهات أخرى وقال انه لا يريد عزلهم بل يرى أنه من المهم تغيير المواقع وبعث حركية جديدة بولاية القيروان التي تأتي في المراتب الأخيرة على مستوى التنمية رغم التشجيعات المقدمة من قبل أعلى هرم في السلطة ورغبته في بعث المدينة الصحية. وأشار إلى أن وزارة الداخلية يجب أن تلعب دورا اجتماعيا وتنمويا..، وخلص النائب قائلا إن القانون فوق الجميع وأنه يجب تطبيق القانون على الجميع على حد سواء ويجب إعادة دور الشرطة البلدية وأعوان التراتيب لأن هؤلاء يستطيعون التقليص من مشاكل الانتصاب الفوضوي كما يجب تعيين كاتب عام لولاية القيروان وكاتب عام لبلدية سيسب الذريعات.
النائبة سيرين مرابط عن «كتلة الأحرار» بينت أن مشروع القانون المتعلق بالمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم تم نقاشه مع إطارات وزارة الداخلية وقد تضمن التقرير المشترك بين لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية الذي تم عرضه أمس على الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب جميع المقترحات وتضمن مطالب أعضاء المجالس المعنية. وأوضحت أنه بالنسبة إلى مطلبهم المتعلق بالحصانة واليمين فلا يمكن تلبيته لأن الدستور لا ينص على ذلك ونفس الشيء بالنسبة إلى مطلب التمديد في فترة رئاسة المجالس لأنه تم تحديد مسألة القرعة في المرسوم المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتركيبة المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، أما بالنسبة إلى مطلب التفرغ فدعت النائبة وزير الداخلية إلى أخذه بعين الاعتبار خاصة بالنسبة إلى أعضاء مجالس الأقاليم كما طالبته بالتسريع في إصدار الأوامر الترتيبية المنصوص عليها بمشروع القانون لأن القانون تضمن المبادئ العامة لكن الأوامر الترتيبية هي التي ستنصف الأعضاء نظرا لتعلقها بالمنحة وبعلاقاتهم بالوظيفة التنفيذية. وأضافت أنها مقتنعة بأن رئيس الجمهورية لن يخذل أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فهم شركاء في البناء القاعدي. وذكرت أن الضامن الأول لاحترام الدستور هو رئيس الجمهورية وأعضاء هذه المجالس هم شركاء في البناء القاعدي ومن يريد إحداث الفتة فهو واهم. وتطرقت النائبة إثر ذلك إلى وضعية أعوان وزارة الداخلية وإطاراتها ودعت الوزير إلى مزيد الاهتمام بأوضاعهم وتمكينهم من أسباب العيش الكريم وتحدثت مرابط عن والد زوجها وهو رجل يقيم حاليا بمصحة لأنه مريض وذكرت أن هذا الرجل ترك لأبنائه صندوقا صغير الحجم لكنه كبيرا بمعانيه لأنه احتوى على صفارته وشارة رتبته الأمنية الأخيرة والصفارة التي كان يستعملها لتسهيل حركة المرور وأحد أزرار زيه الرسمي.
قال النائب غير المنتمي إلى كتل ثابت العابد إنه إضافة إلى المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم يجب ألا يتم تناسي الغرفة النيابية الثانية وهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبين أن من فازوا بالقرعة أصبحوا نواب شعب بالغرفة الثانية وهم يتمتعون بالحصانة وبامتيازات، أما من لم يحالفهم الحظ بالفوز فيها، فقد ظلوا أعضاء بمجالس محلية وإضافة إلى ذلك فهم يخضعون إلى القرعة كل ثلاثة أشهر وذكر أن الاستقلالية الإدارية والمالية للجماعات المحلية تفترض أن تتم القرعة بالنسبة إلى رؤساء المجالس المحلية والمجالس الجهوية على الأقل كل سنة وذلك بالنظر إلى أن الميزانية يتم ضبطها كل سنة، وأضاف أن رئيس الجمهورية قال إن التصورات تنطلق من المحلي ووصولا إلى المركزي لكن ما هو موجود حاليا على مستوى المركز بعيدا كل البعد عن هذا التصور الذي قدمه الرئيس. وتطرق النائب إثر ذلك إلى موضوع يتعلق بالرقابة البرلمانية اللاحقة، وأشار إلى أن ميزانيات الوزارات التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس تتوزع وفق جملة من الأهداف ومن المفروض أن يتولى مجلس نواب الشعب مراقبة مدى تنفيذ الوزارات لتلك الأهداف.
وقبل النقاش العام الذي تواصل إلى المساء تم خلال الحصة الصباحية تقديم تقرير مشترك بين لجنة التشريع العام التي يرأسها النائب ياسر قوراري ولجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية التي يرأسها النائب محمد أحمد حول مشروع القانون الأساسي المعروض على الجلسة.
تأصيل البناء القاعدي
أشار خالد النوري وزير الداخلية تعقيبا على مداخلات النواب إلى أن مشروع القانون الأساسي المتعلق بالمجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم هو ترجمة لمرحلة تاريخية هامة، ويعد من أهم النصوص ذات الأولوية استجابة إلى إرادة الشعب التونسي في تحقيق العدالة الاجتماعية وحقه في التوزيع العادل للثروات الوطنية ويندرج في إطار استكمال مسار تنزيل أحكام دستور 25 جويلية 2022 وخاصة الفصل 133 منه، وهو يمثل نصا إطاريا منظما للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم بصفتها جماعات محلية.
وأضاف الوزير مساء أمس خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة بقصر باردو أن هذا المشروع هو مبادرة تم تقديمها من قبل رئيس الجمهورية وتمت إحالته إلى المجلس يوم 31 ديسمبر 2024، ويتضمن تحديد صلاحيات المجالس المذكورة بعد استكمال مسارها الانتخابي وذلك تقيدا بروح الدستور وتأصيلا لنظام البناء القاعدي القائم على مشاركة فعلية للمواطن في صياغة القرار وتحديد الأولويات التنموية والاقتصادية عبر ممثليه بتلك المجالس وصولا إلى المؤسسة التشريعية المتمثلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وبين النوري أنه حرصا على تحقيق المعادلة المنشودة ستعمل هذه المجالس على ضمان دمج مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع وتمكينها من إعداد التصورات والمقترحات والتداول بشأنها على أن ينطلق ذلك من المجلس المحلي ويمر إلى المجلس الجهوي ثم إلى مجلس الإقليم ويتم التأليف بين مختلف التصورات والمقترحات لينتهي المسار بعرضها على المجلس الوطني للجهات والأقاليم الذي يقرر ما يراه في شأنها من خلال المصادقة على المخطط التنموي في كنف احترام مقتضيات وحدة الدولة وضمان التوازن بين الجهات والأقاليم طبقا لمقتضيات الدستور وأهداف التنمية المستدامة 2030 التي صادقت عليها تونس وتعهدت بتحقيق غايتها.
وذكر أن مصادقة المجلس النيابي على المشروع المعروض من شأنه أن يساهم في توفير التأطير القانوني اللازم للشروع في متطلبات إعداد مشروع المخطط 2026ـ 2030 ليكون أول مخطط وطني للتنمية نابعا من إرادة الشعب طبقا للتوجهات المرسومة من قبل رئيس الجمهورية الذي أكد أن هذا المخطط سيهدف إلى وضع حد للإقصاء والتهميش ملتصقا في ذلك مع الانفجار الثوري ليوم 17 ديسمبر2010 كما شدد على التزام الدولة بمرافقة المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم وبتوفير الوسائل الضرورية لأداء مهامها حتى تتحقق مطالب الشعب المشروعة.
وذكر الوزير أنه يثمن الإضافة التي قامت بها لجنة التشريع العام ولجنة النظام الداخلي لهذا المشروع في اتجاه مراعاة الوضعية الخصوصية لذوي الإعاقة بما يكفل أعمالهم في أفضل الظروف طبقا لأحكام الدستور، إضافة إلى مزيد تكريس الحق الموكول للأعضاء لمواكبة أشغال هذه المجالس والتكوين من خلال تدقيق صياغة الفصل السادس من المشروع وذلك بالتنصيص على الواجب المحمول على المؤجرين بتمكين الأجراء من التراخيص اللازمة لحضور الاجتماعات والدورات التكوينية.
وبين الوزير أنه في ما يتعلق بالسؤال حول اتسام مشروع القانون بالضبابية وعدم الدقة، فإنه يوضح أن المشروع هو نص قانوني إطاري يتضمن القواعد العامة والخطوط الكبرى وبالتالي فإن النصوص التطبيقية المتمثلة في الأوامر الترتيبية هي التي ستضبط جميع الإجراءات والآليات الكفيلة بتطبيقه على أرض الواقع من خلال تحديد طرق سير عمل هذه المجالس وتنظيم اجتماعاتها وتحديد النصاب القانوني لعقد جلساتها وأيضا المنح المسندة لأعضائها.
وأضاف أنه في علاقة بالأسئلة المتعلقة بالدور الاستشاري للمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم دون تمكينها من سلطة تقريرية، فهو يؤكد أن المقاربة الجديدة لهذه المجالس تكرس المشاركة الفعلية للمواطن في أخذ القرار من خلال ضمان مشاركته في بلورة التصورات والمقترحات والمخططات التنموية ولا يتم إسقاطها عليه كما كان الأمر في السابق من الإدارة المركزية. وفسر أن التداول في مشاريع المخططات والتصعيد التدريجي وفقا لمقاربة تشاركية من المحلي إلى الجهوي فالإقليمي وصولا إلى الوطني للمصادقة عليه يمثل في حقيقة الأمر شكلا من أشكال السلطة التقريرية باعتبار أن التأليف بين مختلف المخططات التنموية لتصبح في النهاية مشاريع مخططات تتم المصادقة عليها هي نابعة من أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم وبهذه الكيفية تتم تحقيق أهم مطالب الشعب التي قامت عليها الثورة وهي العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي وعدم التفاوت بين الجهات والتوزيع العادل للثروات الوطنية. وإجابة عن سؤال حول تحديد صلاحيات المجالس وعلاقات المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم بالوظيفة التنفيذية أوضح وزير الداخلية أن الفصل 133 من الدستور واضح وصريح ونص على أن تمارس المجلس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح الجهوية والمحلية حسب ما يضبطه القانون. وهو ما يعني أن الدستور أسند صراحة صفة الجماعة المحلية للمجالس المذكرة وأكسبها بهذا العنوان الشخصية القانونية والاستقلال الإداري والمالي إضافة إلى إسناد مهمة تأسيسها إلى هيكل تداول منتخب وهذه المجالس الثلاثة إلى جانب الوظيفة التنفيذية تعمل في تناغم وانسجام في إطار وحدة الدولة بمعنى أن إعداد المخططات التنموية سواء المحلية أو الجهوية أو الإقليمية يتم وفق منهجية محددة وذلك بالاستناد إلى مبادئ ومعايير تراعي الأوليات الإستراتيجية للدولة والتزاماتها المالية. وتتمثل المراحل الرئيسية لإعداد المخطط التنموي المرتقب حسب قوله في أن إعداده يمر عبر مرحلة تمهيدية ثم مرحلة التقييم والتشخيص وتحديد الأولويات تليها مرحلة اقتراح السياسات والبرامج والمشاريع فمرحلة التنسيق بين المخططات والتأليف فالمصادقة على المخطط ليصبح قانونا من قوانين الدولة. وذكر أن الوظيفة التنفيذية انطلقت في تنفيذ الأشغال التمهيدية لانطلاق المخطط من خلال انجاز التعداد العام للسكان والشروع في تحيين رؤية تونس 2035 والانطلاق في تحديد قائمة المشاريع العمومية المتواصلة وضبط المعايير الموضوعية لاختيار المشاريع وترتيبيها. وبين الوزير أنه بالنسبة إلى المرافقة من قبل الوظيفة التنفيذية فقد تم توجيه منشور للولاة ينص على ضرورة توفير كل الوسائل اللازمة لممارسة هذه المجالس لمهامها في أحسن الظروف كما تم تخصيص مركز تكوين لفائدة أعضاء هذه المجالس لحسن تأطيرهم في مجال التصورات والمقترحات التنموية فضلا عن تعهد وزارة الاقتصاد والتخطيط بتوفير الدليل الإجرائي للتخطيط التنموي وتوفير المرافقة الفنية من خلال وضعها على ذمة أعضاء المجالس جميع الدراسات والإحصائيات لاستغلالها عند التداول في مخططات التنمية المحلية والجهوية والإقليمية.
وأوضح النوري أنه يوجد فرق كبير بين المجالس المحلية والمجالس البلدية على مستوى الصلاحيات وكذلك على مستوى الإشراف والتسيير، وذكر أنه استنادا إلى مقتضيات الدستور ومشروع القانون الأساسي المعروض على أنظار المجلس أمس تم تحديد صلاحيات المجالس الثلاثة المنتخبة وهي تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والتداول في بلورة محاور المخطط الوطني للتنمية، وليس تسيير المرافق العمومية، في حين أن البلدية كجماعة محلية لها صلاحيات ذاتية مبنية على قاعدة القرب وهي تعنى بتقديم الخدمات الأساسية للمتساكنين في مرجع النظر الترابي على غرار النظافة والتنوير والطرقات والاعتناء بالحدائق، كما أن الدستور في الفصل 81 أسند دورا للمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في تكوين المجلس الوطني للجهات والأقاليم كغرفة تشريعية ثانية إلى جانب مجلس نواب الشعب. وبخصوص المنحة المسندة لأعضاء المجالس طمأن الوزير النواب بأن هناك مشروع أمر سيتم عرضه قريبا على مجلس الوزراء للمصادقة عليه.
وفي علاقة بالوضع الأمني العام، بين وزير الداخلية أن الأمن يتصدى للإرهاب والهجرة غير الشرعية والمخدرات والسرقات. وأضاف أنه بالنسبة إلى الإرهاب فإن المقاربة تقوم على محاربته واليوم الأمن في مرحلة التوقي والاستباق من خلال تكثيف العمل الاستعلامي والإرشادي. وذكر أنه تم الرفع من درجة اليقظة خاصة على الشريط الحدودي البري والبحري، وتم تكثيف الدوريات ومنع جميع محاولات التسلل والاجتياز خاصة في علاقة بظاهرة هجرة الأفارقة، وأكد أنه تم تحقيق نجاحات أمنية كبيرة وهو ما تبرزه الإحصائيات ففي شهر جانفي تقلص عدد المتسللين إلى ما يزيد عن 90 بالمائة. أما بالنسبة إلى الأمن العام فقد تم تحقيق استقرار على مستوى الوضع الأمني العام مع تسجيل بعض التحركات الاحتجاجية ذات الصبغة المطلبية وهناك العديد من الحملات الأمنية اليومية بكافة الولايات تعمل حتى مطلع الفجر وفاقت نسبة نجاحها 80 بالمائة وهذه الحملات ستتواصل وكذلك الشأن بالنسبة إلى مكافحة المخدرات.
وقال الوزير لقد تم في شهر جانفي الماضي تسجيل انخفاض في القضايا بنسبة 12 بالمائة خاصة السرقات، ولاحظ تسجيل ارتفاع نسبي في السرقات عن طريق النشل لكن في المقابل ارتفعت نسبة النجاح في صدها لتتجاوز 55 بالمائة. وأجاب الوزير عن سؤال آخر حول الشغورات بالبلديات قال إن الوزارة لديها خطة للغرض.
وإثر الاستماع إلى وزير الداخلية تم المرور إلى التصويت على مشروع فصلا فصلا ثم على المشروع برمته في صيغة معدلة وشمل التعديل الفصل السادس فقط حيث نص على ما يلي:»على المؤجرين أن يرخصوا للأعوان العموميين والأجراء أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين. وباستثناء حالات التأكد، يتعين على عضو المجلس المعني إعلام مؤجره بتاريخ الاجتماعات 3 أيام على الأقل قبل انعقاد الجلسات أو تنظيم الدورات، وإيداع نظير من الدعوة إليها. وفي صورة التقيد بأحكام الفقرة الثانية من هذا الفصل من قبل عضو المجلس المعني لا يمكن أن يكون تغيب الأعوان والأجراء لحضور جلسات أو دورات سببا في الطرد أو في فسخ عقد الشغل. كما لا يمكن أن ينجرّ عن الغيابات لحضور جلسات أو دورات أي إجراء تأديبي أو تعطيل ترقية مهنية أو الحرمان من الانتفاع بأي امتياز اجتماعي. على مديري مؤسسات التعليم والتكوين ومسيريها أن يمكنوا التلاميذ والطلبة والمتكونين أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم من تسهيلات للحضور والمشاركة في اجتماعات المجالس ودورات التكوين»، أما بقية الفصول فتمت المصادقة عليها في صيغتها الأصلية.