-دعوات إلى تخفيف الإجراءات الضريبية والتزام البنوك بإقراض المؤسسات من أرباحها السنوية
في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه تونس، التقى رئيس الجمهورية قيس سعيّد أول أمس وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، حيث تناول اللقاء ملف التوازنات المالية العامة للدولة، مع التأكيد على ضرورة تحقيق جباية عادلة ومنصفة وفقًا لما ينص عليه الدستور. كما تم التطرق إلى ضرورة معالجة الملفات العالقة، مثل ملف الأملاك المصادرة، وتعزيز دور المؤسسات المصرفية في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي.
يطرح هذا اللقاء عدة تساؤلات حول سبل تحقيق التوازنات المالية في تونس، ومدى قدرة النظام الجبائي الحالي على تحقيق العدالة الاجتماعية، ودور المؤسسات المصرفية في دعم الاستقرار الاقتصادي.
التوازنات المالية والتحديات الراهنة
تمثل التوازنات المالية العامة للدولة إحدى المرتكزات الأساسية للحفاظ على استقرار الاقتصاد، حيث تعتمد على تحقيق موارد كافية من الضرائب والرسوم، مع التحكم في النفقات العمومية وضمان توزيع عادل للعبء الجبائي. ومع ذلك، تواجه تونس تحديات متعددة في هذا المجال، أبرزها الضغط الضريبي وعدم العدالة الجبائية، حيث يتحمل المواطنون وأصحاب المؤسسات الاقتصادية عبئًا ضريبيًا ثقيلًا، بينما تظل فئات أخرى، خاصة في الاقتصاد الموازي، خارج المنظومة الضريبية.
ويعاني النظام الجبائي من غياب العدالة في توزيع الضرائب، حيث تتحمل الطبقات المتوسطة والضعيفة العبء الأكبر مقارنة ببعض الشركات الكبرى. كما يمثل الاقتصاد الموازي نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي، ما يؤدي إلى فقدان الدولة لموارد مالية هامة، إضافة الى ضعف الرقابة الجبائية وغياب الحوافز لدمج القطاع غير الرسمي في المنظومة الرسمية يعمّق العجز المالي.
كما يعاني الاقتصاد التونسي من تباطؤ النمو، ما يحد من قدرة المؤسسات على دفع الضرائب ويقلل من العائدات الجبائية، وتؤثر الأزمات الاقتصادية، مثل ارتفاع الأسعار والتضخم، على القدرة الشرائية للمواطنين، مما يقلل من مساهمتهم في الإيرادات الضريبية.
جباية عادلة
ولضمان عدالة جبائية وتوازن مالي، يرى بعض الخبراء أنه يجب تنفيذ إصلاحات هيكلية تشمل عدة مجالات أبرزها إصلاح المنظومة الضريبية لتحقيق الإنصاف، ومراجعة النظام الضريبي لضمان توزيع أكثر عدالة للعبء الجبائي بين الأفراد والمؤسسات، إضافة الى اعتماد نظام تصاعدي عادل يخفف الضغط عن الفئات الضعيفة ويضمن مساهمة عادلة للأثرياء وأصحاب المؤسسات الكبرى، بالإضافة الى تحسين كفاءة التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي بآليات رقابة متطورة. كما يطالب بعض الخبراء بضرورة دمج الاقتصاد الموازي في المنظومة الرسمية، وتقديم حوافز ضريبية وتشجيع المؤسسات غير المهيكلة على التسجيل القانوني مقابل امتيازات جبائية. إضافة الى تعزيز آليات الرقابة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة لتتبع التدفقات المالية غير المصرح بها، ووضع آلية واضحة وشفافة للتصرف في الأملاك المصادرة، من خلال بيعها أو استغلالها بطريقة تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، واستخدام العائدات الناتجة عنها في تمويل مشاريع تنموية تقلل من الفوارق الاجتماعية وتخلق فرص عمل.
الخبير في الجباية والأستاذ الجامعي أنيس بن سعيد، دعا أمس، في تصريح لـ»الصباح» الى ضرورة العمل منذ اليوم على إعلان هدنة في التشريعات الجبائية حيث يتم كل سنة إصدار قرابة 70 إجراء ضريبيا مما يزيد في تعقيد المنظومة الجبائية، بحيث باتت المنظومة تشهد ضغطا جبائيا كبيرا يثقل كاهل المواطن والمؤسسات على حد سواء.
وأضاف بالقول «إن المواطن اليوم يدفع الضرائب ويلتزم كل سنة بذلك، في حين مازالت عديد النقائص تسجل في البنية التحتية والنقل والخدمات الصحية والتعليم ومواطن الشغل، وبالتالي فإن الدولة اليوم مطالبة بتقديم أكثر الضمانات للمواطن المطالب بدفع الأداءات».
وتابع بن سعيد بالقول «من الضروري أن تقدم الدولة الكثير من الضمانات للمواطن وتحسين جودة العيش، وان تلتزم بالشفافية»، داعيا الى تطوير المنظومة الرقمية للقيام بالعمليات الجبائية عن بعد والتي لا تزال لا تستجيب للمواصفات المطلوبة.
وكشف الخبير في الجباية أنيس بن سعيد، أن قانونا أصدره وزير المالية الأسبق سليم شاكر حول ترابط المعاملات النقدية الجبائية مع وزارة المالية لم ير النور بعد وهو قانون صدر سنة 2015، ويحث على رقمنة المعاملات المالية الجبائية، ورغم صدور النصوص التطبيقية، وتعهدات الدولة بتطبيقه كل سنة، إلا أنه لا يزال حبرا على ورق، ويتعلق الأمر بربط المقاهي والمطاعم، وغيرها من المؤسسات التجارية بالمنظومة الرقمية الجبائية وذلك لضمان جباية عادلة على الجميع، والى اليوم لم يقع تطبيق هذه القرارات، والدولة مطالبة اليوم بتحديث منظومتها الجبائية حتى تكون أكثر نجاعة، وبالتالي تحقيق جزء من العدالة الجبائية.
من جهة أخرى طالب بعض الخبراء بتشجيع الاستثمار عبر تخفيف الأعباء الضريبية عن المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتبسيط الإجراءات الإدارية لتسهيل بعث المشاريع وتعزيز مناخ الأعمال، والاستثمار في القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية لزيادة العائدات الجبائية بشكل مستدام. والحد من التبذير في النفقات العمومية وتركيز التمويل الحكومي على القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وتقليص العجز المالي من خلال اعتماد سياسات تقشفية مدروسة دون التأثير على الخدمات الاجتماعية الأساسية.
دور المؤسسات المصرفية
أكد رئيس الجمهورية خلال اللقاء مع وزيرة المالية على أهمية انخراط المؤسسات المصرفية، العمومية والخاصة، في معركة التحرر الوطني، مما يسلط الضوء على دورها في دعم الاقتصاد الوطني.
وحول هذه المسألة، قال الخبير الاقتصادي، والمختص في المخاطر المالية مراد الحطاب، ان المعركة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية هي بالأساس «معركة تنموية واجتماعية واقتصادية، ويتطلب ذلك تمويلا ضخما، وهي لفائدة المصلحة العامة».
واستطرد بالقول: «الدعوة التي وجهها الرئيس تتضمن 3 عناصر يتعلق الأمر الأول بقانون الشيكات والذي تتحمل فيه البنوك مسؤولية كبيرة، حيث انها مطالبة بتسهيل إجراءات التعامل بالشيك وتذليل العراقيل والصعوبات أمام المواطنين، حيث هناك اليوم فئة من المجتمع التونسي لا يمكنها التعامل بالشيك في معاملاتها التجارية، أما العنصر الثاني فيتعلق بتخفيض نسبة الفائدة على القروض المقدمة للتونسيين، وخاصة القروض السكنية واقتصارها على فائدة ثابتة تكرس دور الدولة في النهوض بقطاع الإسكان والقطاعات المحورية في البلاد”.
أما العنصر الثالث فيتعلق بتقصير البنوك والقطاع المصرفي بشكل خاص في المشاركة في مجهودات الدولة للنهوض بالاقتصاد الوطني، حيث يلزمها القانون بتقديم نسبة أرباح تصل الى 8 % في شكل قروض لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهو الأمر الذي لم يطبق الى اليوم، وهي مدعوة جميعا اليوم للامتثال للتوجهات العامة للدولة، والمشاركة بشكل فعال في الدورة الاقتصادية.
تحسين دور البنوك في تمويل الاقتصاد
وشدد الحطاب في معرض حديثه على ضرورة ان تعمل المؤسسات المصرفية والبنوك على تقديم قروض ميسّرة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة لدعم النمو الاقتصادي. كما طالب بعض الخبراء بضرورة تشجيع الاستثمار في القطاعات الإستراتيجية، مثل الصناعة والتكنولوجيا والزراعة، وتسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات المصرفية وتحفيزهم على التعامل عبر القنوات الرسمية، وتطوير البنية التحتية المالية الرقمية للحد من التعاملات النقدية وتعزيز الرقابة على التدفقات المالية. كما طالب بعض الخبراء البنوك بأن تقوم بدور أكبر في تمويل المشاريع الوطنية التي تعود بالفائدة على الاقتصاد، مثل البنية التحتية والطاقة، وتقديم حلول مالية مبتكرة، لجذب الاستثمارات.
إستراتيجية شاملة لضمان استقرار المالية العامة
وإجمالا، يتفق جزء كبير من خبراء الاقتصاد على ضرورة تحقيق توازنات مالية مستدامة في تونس، حيث يتطلب الأمر إصلاحات شاملة في المنظومة الجبائية والإدارة المالية، إضافة إلى تحفيز النمو الاقتصادي ودمج القطاع غير الرسمي في الدورة الاقتصادية الرسمية. كما أن تحسين استغلال الموارد الوطنية، مثل الأملاك المصادرة، وتعزيز دور المؤسسات المصرفية، سيساهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. ولضمان نجاح هذه الإصلاحات، ينبغي تبني رؤية إستراتيجية واضحة ترتكز على العدل الجبائي، الحوكمة الرشيدة، ودور فعال للمؤسسات الاقتصادية والمالية، بما يحقق استقرار المالية العامة ويعزز العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
سفيان المهداوي
-دعوات إلى تخفيف الإجراءات الضريبية والتزام البنوك بإقراض المؤسسات من أرباحها السنوية
في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تواجه تونس، التقى رئيس الجمهورية قيس سعيّد أول أمس وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، حيث تناول اللقاء ملف التوازنات المالية العامة للدولة، مع التأكيد على ضرورة تحقيق جباية عادلة ومنصفة وفقًا لما ينص عليه الدستور. كما تم التطرق إلى ضرورة معالجة الملفات العالقة، مثل ملف الأملاك المصادرة، وتعزيز دور المؤسسات المصرفية في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي.
يطرح هذا اللقاء عدة تساؤلات حول سبل تحقيق التوازنات المالية في تونس، ومدى قدرة النظام الجبائي الحالي على تحقيق العدالة الاجتماعية، ودور المؤسسات المصرفية في دعم الاستقرار الاقتصادي.
التوازنات المالية والتحديات الراهنة
تمثل التوازنات المالية العامة للدولة إحدى المرتكزات الأساسية للحفاظ على استقرار الاقتصاد، حيث تعتمد على تحقيق موارد كافية من الضرائب والرسوم، مع التحكم في النفقات العمومية وضمان توزيع عادل للعبء الجبائي. ومع ذلك، تواجه تونس تحديات متعددة في هذا المجال، أبرزها الضغط الضريبي وعدم العدالة الجبائية، حيث يتحمل المواطنون وأصحاب المؤسسات الاقتصادية عبئًا ضريبيًا ثقيلًا، بينما تظل فئات أخرى، خاصة في الاقتصاد الموازي، خارج المنظومة الضريبية.
ويعاني النظام الجبائي من غياب العدالة في توزيع الضرائب، حيث تتحمل الطبقات المتوسطة والضعيفة العبء الأكبر مقارنة ببعض الشركات الكبرى. كما يمثل الاقتصاد الموازي نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي، ما يؤدي إلى فقدان الدولة لموارد مالية هامة، إضافة الى ضعف الرقابة الجبائية وغياب الحوافز لدمج القطاع غير الرسمي في المنظومة الرسمية يعمّق العجز المالي.
كما يعاني الاقتصاد التونسي من تباطؤ النمو، ما يحد من قدرة المؤسسات على دفع الضرائب ويقلل من العائدات الجبائية، وتؤثر الأزمات الاقتصادية، مثل ارتفاع الأسعار والتضخم، على القدرة الشرائية للمواطنين، مما يقلل من مساهمتهم في الإيرادات الضريبية.
جباية عادلة
ولضمان عدالة جبائية وتوازن مالي، يرى بعض الخبراء أنه يجب تنفيذ إصلاحات هيكلية تشمل عدة مجالات أبرزها إصلاح المنظومة الضريبية لتحقيق الإنصاف، ومراجعة النظام الضريبي لضمان توزيع أكثر عدالة للعبء الجبائي بين الأفراد والمؤسسات، إضافة الى اعتماد نظام تصاعدي عادل يخفف الضغط عن الفئات الضعيفة ويضمن مساهمة عادلة للأثرياء وأصحاب المؤسسات الكبرى، بالإضافة الى تحسين كفاءة التحصيل الضريبي ومكافحة التهرب الضريبي بآليات رقابة متطورة. كما يطالب بعض الخبراء بضرورة دمج الاقتصاد الموازي في المنظومة الرسمية، وتقديم حوافز ضريبية وتشجيع المؤسسات غير المهيكلة على التسجيل القانوني مقابل امتيازات جبائية. إضافة الى تعزيز آليات الرقابة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة لتتبع التدفقات المالية غير المصرح بها، ووضع آلية واضحة وشفافة للتصرف في الأملاك المصادرة، من خلال بيعها أو استغلالها بطريقة تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، واستخدام العائدات الناتجة عنها في تمويل مشاريع تنموية تقلل من الفوارق الاجتماعية وتخلق فرص عمل.
الخبير في الجباية والأستاذ الجامعي أنيس بن سعيد، دعا أمس، في تصريح لـ»الصباح» الى ضرورة العمل منذ اليوم على إعلان هدنة في التشريعات الجبائية حيث يتم كل سنة إصدار قرابة 70 إجراء ضريبيا مما يزيد في تعقيد المنظومة الجبائية، بحيث باتت المنظومة تشهد ضغطا جبائيا كبيرا يثقل كاهل المواطن والمؤسسات على حد سواء.
وأضاف بالقول «إن المواطن اليوم يدفع الضرائب ويلتزم كل سنة بذلك، في حين مازالت عديد النقائص تسجل في البنية التحتية والنقل والخدمات الصحية والتعليم ومواطن الشغل، وبالتالي فإن الدولة اليوم مطالبة بتقديم أكثر الضمانات للمواطن المطالب بدفع الأداءات».
وتابع بن سعيد بالقول «من الضروري أن تقدم الدولة الكثير من الضمانات للمواطن وتحسين جودة العيش، وان تلتزم بالشفافية»، داعيا الى تطوير المنظومة الرقمية للقيام بالعمليات الجبائية عن بعد والتي لا تزال لا تستجيب للمواصفات المطلوبة.
وكشف الخبير في الجباية أنيس بن سعيد، أن قانونا أصدره وزير المالية الأسبق سليم شاكر حول ترابط المعاملات النقدية الجبائية مع وزارة المالية لم ير النور بعد وهو قانون صدر سنة 2015، ويحث على رقمنة المعاملات المالية الجبائية، ورغم صدور النصوص التطبيقية، وتعهدات الدولة بتطبيقه كل سنة، إلا أنه لا يزال حبرا على ورق، ويتعلق الأمر بربط المقاهي والمطاعم، وغيرها من المؤسسات التجارية بالمنظومة الرقمية الجبائية وذلك لضمان جباية عادلة على الجميع، والى اليوم لم يقع تطبيق هذه القرارات، والدولة مطالبة اليوم بتحديث منظومتها الجبائية حتى تكون أكثر نجاعة، وبالتالي تحقيق جزء من العدالة الجبائية.
من جهة أخرى طالب بعض الخبراء بتشجيع الاستثمار عبر تخفيف الأعباء الضريبية عن المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتبسيط الإجراءات الإدارية لتسهيل بعث المشاريع وتعزيز مناخ الأعمال، والاستثمار في القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية لزيادة العائدات الجبائية بشكل مستدام. والحد من التبذير في النفقات العمومية وتركيز التمويل الحكومي على القطاعات ذات الأولوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، وتقليص العجز المالي من خلال اعتماد سياسات تقشفية مدروسة دون التأثير على الخدمات الاجتماعية الأساسية.
دور المؤسسات المصرفية
أكد رئيس الجمهورية خلال اللقاء مع وزيرة المالية على أهمية انخراط المؤسسات المصرفية، العمومية والخاصة، في معركة التحرر الوطني، مما يسلط الضوء على دورها في دعم الاقتصاد الوطني.
وحول هذه المسألة، قال الخبير الاقتصادي، والمختص في المخاطر المالية مراد الحطاب، ان المعركة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية هي بالأساس «معركة تنموية واجتماعية واقتصادية، ويتطلب ذلك تمويلا ضخما، وهي لفائدة المصلحة العامة».
واستطرد بالقول: «الدعوة التي وجهها الرئيس تتضمن 3 عناصر يتعلق الأمر الأول بقانون الشيكات والذي تتحمل فيه البنوك مسؤولية كبيرة، حيث انها مطالبة بتسهيل إجراءات التعامل بالشيك وتذليل العراقيل والصعوبات أمام المواطنين، حيث هناك اليوم فئة من المجتمع التونسي لا يمكنها التعامل بالشيك في معاملاتها التجارية، أما العنصر الثاني فيتعلق بتخفيض نسبة الفائدة على القروض المقدمة للتونسيين، وخاصة القروض السكنية واقتصارها على فائدة ثابتة تكرس دور الدولة في النهوض بقطاع الإسكان والقطاعات المحورية في البلاد”.
أما العنصر الثالث فيتعلق بتقصير البنوك والقطاع المصرفي بشكل خاص في المشاركة في مجهودات الدولة للنهوض بالاقتصاد الوطني، حيث يلزمها القانون بتقديم نسبة أرباح تصل الى 8 % في شكل قروض لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهو الأمر الذي لم يطبق الى اليوم، وهي مدعوة جميعا اليوم للامتثال للتوجهات العامة للدولة، والمشاركة بشكل فعال في الدورة الاقتصادية.
تحسين دور البنوك في تمويل الاقتصاد
وشدد الحطاب في معرض حديثه على ضرورة ان تعمل المؤسسات المصرفية والبنوك على تقديم قروض ميسّرة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة لدعم النمو الاقتصادي. كما طالب بعض الخبراء بضرورة تشجيع الاستثمار في القطاعات الإستراتيجية، مثل الصناعة والتكنولوجيا والزراعة، وتسهيل وصول المواطنين إلى الخدمات المصرفية وتحفيزهم على التعامل عبر القنوات الرسمية، وتطوير البنية التحتية المالية الرقمية للحد من التعاملات النقدية وتعزيز الرقابة على التدفقات المالية. كما طالب بعض الخبراء البنوك بأن تقوم بدور أكبر في تمويل المشاريع الوطنية التي تعود بالفائدة على الاقتصاد، مثل البنية التحتية والطاقة، وتقديم حلول مالية مبتكرة، لجذب الاستثمارات.
إستراتيجية شاملة لضمان استقرار المالية العامة
وإجمالا، يتفق جزء كبير من خبراء الاقتصاد على ضرورة تحقيق توازنات مالية مستدامة في تونس، حيث يتطلب الأمر إصلاحات شاملة في المنظومة الجبائية والإدارة المالية، إضافة إلى تحفيز النمو الاقتصادي ودمج القطاع غير الرسمي في الدورة الاقتصادية الرسمية. كما أن تحسين استغلال الموارد الوطنية، مثل الأملاك المصادرة، وتعزيز دور المؤسسات المصرفية، سيساهم في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. ولضمان نجاح هذه الإصلاحات، ينبغي تبني رؤية إستراتيجية واضحة ترتكز على العدل الجبائي، الحوكمة الرشيدة، ودور فعال للمؤسسات الاقتصادية والمالية، بما يحقق استقرار المالية العامة ويعزز العدالة الاجتماعية والاقتصادية.