- هذا الإجراء يشجع على مزيد استنزاف المائدة المائية الجوفية
تونس-الصباح
صادق البرلمان خلال جلسة عامة عقدت الأحد 1 ديسمبر 2024، بقصر باردو، بحضور وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وخصصت لمواصلة النظر في فصول مشروع قانون المالية لسنة 2025، على إدراج فصل إضافي في مشروع قانون المالية.
ويتعلق الفصل بتسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة غير المرخصة وتبسيط الإجراءات الإدارية الجاري بها العمل.
إذ ينص الفصل على تسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة التي تستخدم الطاقة الكهربائية بين 3 آلاف و4 آلاف دينار والآبار العميقة التي تستخدم الطاقة الشمسية بين 200 و2500 دينار. وتخضع التسوية للمراقبة الفنية بخصوص كمية تدفق المياه من البئر مع مراعاة مساحة الأرض الفلاحية المستغلة حفاظا على المائدة المائية.
وللدفاع عن الفصل الإضافي اعتبر النواب، الذين تقدموا بالمقترح، أن هذا القانون سيضمن استمرارية العمل في القطاع الفلاحي وتوفير موارد مالية هامة للدولة، موضحين أن صغار الفلاحين اضطروا لحفر الآبار العميقة غير المرخصة لرفض الدولة منحهم التراخيص اللازمة والاهتمام فقط بكبار الفلاحين والمستثمرين.
واعتبروا أن هذا الإجراء سيمكن، أيضا، صغار الفلاحين من الاندماج في القطاع المنظم بطريقة سوية في انتظار صدور مجلة المياه التي تعمل "بارونات الفساد" على تعطيل صدورها، وفق توصيفهم.
وللوقوف على مدى أهمية وجدوى الفصل تحدثت "الصباح" مع حسين الرحيلي الخبير في التنمية والتصرف في الموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه الذي اعتبر أن الفصل المتعلق بتسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة غير المرخصة خطير كونه يشجع على تواصل الاعتداءات على مياه تونس الجوفية، مشيرا إلى أن تسوية الوضعية مقابل مبالغ مالية زهيدة وزهيدة جدا ستشجع المخالفين على مزيد حفر الآبار العميقة دون الحصول على تراخيص من المصالح المعنية بوزارة الفلاحة، مؤكدا أن الفصل المذكور سيتسبب في نتائج عكسية لأن حفر المزيد من الآبار العميقة العشوائية سيواصل عملية الاستنزاف الكبرى للموائد الجوفية التي على ملك المجموعة الوطنية لاسيما في ظل ما تعيش على وقعه بلادنا من شح مائي خاصة وأن هذه الآبار تنزل إلى الموائد العميقة خاصة وأن من أكثر المناطق التي تشهد ظاهرة حفر الآبار العميقة هي مناطق الوسط والجنوب على اعتبار أن هذه الآبار تمثل شريان حياة الاقتصادية إذ أن موارد الآبار العميقة توجه للشرب والفلاحة ولتوفير حاجيات المؤسسات الصناعية. واعتبر مصدرنا أن إحداث مثل هذا الفصل هو سابقة في تاريخ تونس لتسوية وضعية أفراد حفروا آبارا بطريقة غير قانونية مقابل مبالغ مالية ضعيفة مقارنة بالتداعيات الوخيمة للجرم المرتكب، وفق قوله.
وبين أن الآبار العميقة تمتد إلى عمق أكثر من 150 م وتصل إلى 400 م، مشيرا إلى وجود آبار في الجنوب يصل عمقها إلى 1000 م وتضخ كميات كبيرة من المياه.
3600 بئر على مستوى وطني
وبين الخبير في التنمية والتصرف في الموارد المائية أن عدد الآبار العميقة على مستوى وطني في حدود 3600 بئر قرابة 80% منها في مناطق الجنوب والوسط، مشيرا إلى أن ارتفاع عدد الآبار العميقة العشوائية هو نتيجة لغياب الدور الرقابي للمصالح المعنية، في حين أن هناك تقنيات حديثة قادرة على المراقبة وتحديد أماكن هذه الآبار ومن حفرها وكم تتكلف على المجموعة الوطنية من خسائر من خلال استنزافها للموائد المائية الجوفية.
وحذر الرحيلي من تسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة بالمناطق الحمراء على اعتبار أن هذه الخطوة ستعطي الضوء الأخضر لكل من يرغب في حفر بئر بهذه المناطق للإقدام على هذا الفعل المجرّم .
وأبرز أن المناطق الحمراء هي تلك التي فيها استغلال مجحف للمياه الجوفية وعلى سبيل المثال قفصة التي يصل فيها استغلال المائدة المائية الجوفية إلى105% ومعدل استغلال الموائد في القيروان 140% لتصل هذه النسبة في بعض مناطق ولاية قبلي 220% أين توجد الآبار العميقة.
واعتبر الرحيلي الفصل المضاف شعبوي ويعمق استغلال الموائد المائية العميقة مقابل مبالغ زهيدة في حين أن مقدرات الشعب من المياه الجوفية العميقة لا تقدر بثمن.
قانون يخدم كبار الفلاحين
وشدد حسين الرحيلي الخبير في التنمية والتصرف في الموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه لـ"الصباح" أن الفصل الذي تمت إضافته لمشروع قانون المالية لا يخدم إلا كبار الفلاحين وكبار المستثمرين في القطاع الفلاحي القادرين بمفردهم على إحداث آبار عميقة كونها تتكلف أموالا طائلة تفوق مئات المليارات وهي مبالغ يقدر عليها صغار الفلاحين، مشيرا إلى أن هذا الفصل من شأنه القضاء على صغار الفلاحين.
واعتبر مصدرنا أن "المياه الجوفية إستراتيجية وهي تحت مراقبة الدولة في كل دول العالم، في حين أن في تونس نجد من يصوت على فصل يبيض الاعتداء على هذه الثروات ويشجع على مزيد استنزافها"، وفق تأكيده .
وزيرة المالية عارضت الفصل
وخلال ردها على النواب الذين اقترحوا الفصل المتعلق بتسوية وضعية الآبار العشوائية العميقة، عارضت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في تدخلها، هذا المقترح لأنه يندرج في إطار مجلة المياه وليس في قانون المالية، مضيفة أن هذا الإجراء لن يوفر عائدات هامة للدولة لأن المبالغ المقترحة تعد ضئيلة جدا مقارنة بما تقترحه مجلة المياه. وأبرزت أن مجلة المياه تجرّم الحفر العشوائي للآبار وتقترح خطايا مالية تناهز 10 بالمائة من كلفة الحفر.
حنان قيراط
- هذا الإجراء يشجع على مزيد استنزاف المائدة المائية الجوفية
تونس-الصباح
صادق البرلمان خلال جلسة عامة عقدت الأحد 1 ديسمبر 2024، بقصر باردو، بحضور وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وخصصت لمواصلة النظر في فصول مشروع قانون المالية لسنة 2025، على إدراج فصل إضافي في مشروع قانون المالية.
ويتعلق الفصل بتسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة غير المرخصة وتبسيط الإجراءات الإدارية الجاري بها العمل.
إذ ينص الفصل على تسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة التي تستخدم الطاقة الكهربائية بين 3 آلاف و4 آلاف دينار والآبار العميقة التي تستخدم الطاقة الشمسية بين 200 و2500 دينار. وتخضع التسوية للمراقبة الفنية بخصوص كمية تدفق المياه من البئر مع مراعاة مساحة الأرض الفلاحية المستغلة حفاظا على المائدة المائية.
وللدفاع عن الفصل الإضافي اعتبر النواب، الذين تقدموا بالمقترح، أن هذا القانون سيضمن استمرارية العمل في القطاع الفلاحي وتوفير موارد مالية هامة للدولة، موضحين أن صغار الفلاحين اضطروا لحفر الآبار العميقة غير المرخصة لرفض الدولة منحهم التراخيص اللازمة والاهتمام فقط بكبار الفلاحين والمستثمرين.
واعتبروا أن هذا الإجراء سيمكن، أيضا، صغار الفلاحين من الاندماج في القطاع المنظم بطريقة سوية في انتظار صدور مجلة المياه التي تعمل "بارونات الفساد" على تعطيل صدورها، وفق توصيفهم.
وللوقوف على مدى أهمية وجدوى الفصل تحدثت "الصباح" مع حسين الرحيلي الخبير في التنمية والتصرف في الموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه الذي اعتبر أن الفصل المتعلق بتسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة غير المرخصة خطير كونه يشجع على تواصل الاعتداءات على مياه تونس الجوفية، مشيرا إلى أن تسوية الوضعية مقابل مبالغ مالية زهيدة وزهيدة جدا ستشجع المخالفين على مزيد حفر الآبار العميقة دون الحصول على تراخيص من المصالح المعنية بوزارة الفلاحة، مؤكدا أن الفصل المذكور سيتسبب في نتائج عكسية لأن حفر المزيد من الآبار العميقة العشوائية سيواصل عملية الاستنزاف الكبرى للموائد الجوفية التي على ملك المجموعة الوطنية لاسيما في ظل ما تعيش على وقعه بلادنا من شح مائي خاصة وأن هذه الآبار تنزل إلى الموائد العميقة خاصة وأن من أكثر المناطق التي تشهد ظاهرة حفر الآبار العميقة هي مناطق الوسط والجنوب على اعتبار أن هذه الآبار تمثل شريان حياة الاقتصادية إذ أن موارد الآبار العميقة توجه للشرب والفلاحة ولتوفير حاجيات المؤسسات الصناعية. واعتبر مصدرنا أن إحداث مثل هذا الفصل هو سابقة في تاريخ تونس لتسوية وضعية أفراد حفروا آبارا بطريقة غير قانونية مقابل مبالغ مالية ضعيفة مقارنة بالتداعيات الوخيمة للجرم المرتكب، وفق قوله.
وبين أن الآبار العميقة تمتد إلى عمق أكثر من 150 م وتصل إلى 400 م، مشيرا إلى وجود آبار في الجنوب يصل عمقها إلى 1000 م وتضخ كميات كبيرة من المياه.
3600 بئر على مستوى وطني
وبين الخبير في التنمية والتصرف في الموارد المائية أن عدد الآبار العميقة على مستوى وطني في حدود 3600 بئر قرابة 80% منها في مناطق الجنوب والوسط، مشيرا إلى أن ارتفاع عدد الآبار العميقة العشوائية هو نتيجة لغياب الدور الرقابي للمصالح المعنية، في حين أن هناك تقنيات حديثة قادرة على المراقبة وتحديد أماكن هذه الآبار ومن حفرها وكم تتكلف على المجموعة الوطنية من خسائر من خلال استنزافها للموائد المائية الجوفية.
وحذر الرحيلي من تسوية وضعية الآبار الفلاحية العميقة بالمناطق الحمراء على اعتبار أن هذه الخطوة ستعطي الضوء الأخضر لكل من يرغب في حفر بئر بهذه المناطق للإقدام على هذا الفعل المجرّم .
وأبرز أن المناطق الحمراء هي تلك التي فيها استغلال مجحف للمياه الجوفية وعلى سبيل المثال قفصة التي يصل فيها استغلال المائدة المائية الجوفية إلى105% ومعدل استغلال الموائد في القيروان 140% لتصل هذه النسبة في بعض مناطق ولاية قبلي 220% أين توجد الآبار العميقة.
واعتبر الرحيلي الفصل المضاف شعبوي ويعمق استغلال الموائد المائية العميقة مقابل مبالغ زهيدة في حين أن مقدرات الشعب من المياه الجوفية العميقة لا تقدر بثمن.
قانون يخدم كبار الفلاحين
وشدد حسين الرحيلي الخبير في التنمية والتصرف في الموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه لـ"الصباح" أن الفصل الذي تمت إضافته لمشروع قانون المالية لا يخدم إلا كبار الفلاحين وكبار المستثمرين في القطاع الفلاحي القادرين بمفردهم على إحداث آبار عميقة كونها تتكلف أموالا طائلة تفوق مئات المليارات وهي مبالغ يقدر عليها صغار الفلاحين، مشيرا إلى أن هذا الفصل من شأنه القضاء على صغار الفلاحين.
واعتبر مصدرنا أن "المياه الجوفية إستراتيجية وهي تحت مراقبة الدولة في كل دول العالم، في حين أن في تونس نجد من يصوت على فصل يبيض الاعتداء على هذه الثروات ويشجع على مزيد استنزافها"، وفق تأكيده .
وزيرة المالية عارضت الفصل
وخلال ردها على النواب الذين اقترحوا الفصل المتعلق بتسوية وضعية الآبار العشوائية العميقة، عارضت وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في تدخلها، هذا المقترح لأنه يندرج في إطار مجلة المياه وليس في قانون المالية، مضيفة أن هذا الإجراء لن يوفر عائدات هامة للدولة لأن المبالغ المقترحة تعد ضئيلة جدا مقارنة بما تقترحه مجلة المياه. وأبرزت أن مجلة المياه تجرّم الحفر العشوائي للآبار وتقترح خطايا مالية تناهز 10 بالمائة من كلفة الحفر.