إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الانتخابات الرئاسية.. الهيئة تحيل ملفات بعض الجمعيات للنيابة العمومية

 

ـ المرسوم عدد 88 لسنة 2011 يسمح للجمعيات بالحصول على تمويلات أجنبية.. والبرلمان يتجه إلى تعديله

تونس-الصباح

أوضحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أمس، في بلاغ رسمي حول اعتماد الملاحظين للانتخابات الرئاسية 2024 انه "بمناسبة نظرها في مطالب اعتماد مقدمة من بعض الجمعيات التي تهتم بملاحظة الانتخابات، وفي إطار التثبت من مدى توفر الشروط القانونية والترتيبية لمنح الاعتماد وخاصة شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة، تم إشعارها من جهات رسمية بتلقي بعض تلك الجمعيات لتمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة ومصدرها متأت من بلدان البعض منها لا تربطه بتونس علاقات دبلوماسية، وتبعا لذلك تم رفض منح الاعتماد لها وإحالة ما توصلت به الهيئة من معطيات للجهات المعنية للتعهد و إجراء اللازم".

وفي نفس السياق سبق لعضو مجلس الهيئة، نجلاء عبروقي، أن أشارت في تصريح أدلت به يوم السبت الماضي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، إلى أنه من بين هذه الجمعيات هناك جمعية مراقبون ومنظمة أنا يقظ، وأضافت أن عدة جمعيات أخرى جاري التحري في شأنها ولم يتم البت بعد في مطلب الاعتماد الذي أودعته، وأكدت أن الهيئة لن تتوانى في التحري وتطبيق القانون على الجميع ضمانا لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية وضمانا لانتخابات تعبر عن الإرادة الحقيقية للناخب التونسي بعيدا عن التأثيرات الداخلية والخارجية. وذكرت عضو الهيئة "أن المال الأجنبي يؤثر في العملية الانتخابية ويصل إلى حد التدخل في القرار الوطني والسيادة الوطنية خدمة لأجندات ومصالح مشبوهة".

وفي انتظار بت القضاء في الملفات التي أحالتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على النيابة العمومية، تجدر الإشارة إلى أن مسألة تمويل الجمعيات تخضع لعدة نصوص قانونية وأهمها المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات الصادر في عهد رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزغ وعلى غرار مرسوم الأحزاب تم إعداده من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وقد ألزم هذا المرسوم الجمعيات بأن تحترم في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ دولة القانون والدّيمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان كما ضبطت بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية.

وحجر المرسوم على الجمعيات، أولا أن تعتمد في نظامها الأساسي أو في بياناتها أو في برامجها أو في نشاطها الدعوة إلى العنف والكراهيّة والتعصب والتمييز على أسس دينيّة أو جنسية أو جهويّة، وثانيا أن تمارس الأعمال التجارية لغرض توزيع الأموال على أعضائها للمنفعة الشخصية أو استغلال الجمعية لغرض التهرب الضريبي وثالثا أن تجمع الأموال لدعم أحزاب سياسية أو مرشحين مستقلين إلى انتخابات وطنية أو جهوية أو محلية أو أن تقدم الدعم المادي لهم ولا يشمل هذا التحجير حق الجمعية في التعبير عن آرائها السياسية ومواقفها من قضايا الشأن العام.

كما نص نفس المرسوم في الفصل 13 على أن للجمعيات المكوّنة قانونا حق التقاضي والاكتساب والملكية والتصرف في مواردها وممتلكاتها. كما يمكن للجمعية أن تقبل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا.

تمويل الجمعيات

وتضمن المرسوم عدد 88 بابا كاملا ورد تحت عنوان الأحكام المالية وهو الباب السادس، وبمقتضاه تتكون موارد الجمعية من اشتراكات الأعضاء، والمساعدات العمومية والتبرعات والهبات والوصايا، وطنية كانت أو أجنبية والعائدات الناتجة عن ممتلكات الجمعية ونشاطاتها ومشاريعها.

ولئن أتاح المرسوم للجمعيات إمكانية الحصول على الهبات والتبرعات والوصايا الأجنبية فإنه حجر عليها في الفصل 35 قبول مساعدات أو تبرعات أو هبات صادرة عن دول لا تربطها بتونس علاقات ديبلوماسية أو عن منظمات تدافع عن مصالح وسياسات تلكم الدول.

وبخصوص التمويل العمومي، أوجب المرسوم على الدولة تخصيص المبالغ اللازمة ضمن الميزانية لمساعدة ودعم الجمعيات على أساس الكفاءة والمشاريع والنشاطات. ومن الأحكام الأخرى التي نص عليها المرسوم وجوبية أن تتم كل المعاملات المالية للجمعية صرفا ودخلا بواسطة تحويلات أو شيكات بنكية أو بريدية إذا تجاوزت قيمتها مبلغ خمسمائة دينار ولا يمكن تجزئة هذه المصاريف أو المداخيل لكي لا تتجاوز القيمة المذكورة، لا يجوز تجميد الحسابات البنكية أو البريدية للجمعيات إلا بقرار قضائي.

وتتمثل أهم السجلات التي يتعين على الجمعيات وفروعها مسكها، سجل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا مع التمييز بين النقدي منها والعيني، العمومي والخاص، الوطني والأجنبي. ونص الفصل 41  من نفس المرسوم على أن تنشر الجمعية المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية وتذكر مصدرها وقيمتها وموضوعها بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة وبالموقع الإلكتروني للجمعية إن وجد في ظرف شهر من تاريخ قرار طلبها أو قبولها وتعلم الكاتب العام للحكومة بكل ذلك بمكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ في نفس الأجل وتحتفظ الجمعية بوثائقها وسجلاتها المالية لمدة عشر سنوات. وليس هذا فقط فالجمعيات ملزمة بنشر قوائمها المالية مرفقة بتقرير مراقبة الحسابات بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة وبالموقع الإلكتروني للجمعية إن وجد في ظرف شهر من تاريخ المصادقة على هذه القوائم المالية. وعلى كل جمعية تستفيد من المال العمومي أن تقدم تقريرا سنويا يشمل وصفا مفصلا لمصادر تمويلها ونفقاتها إلى محكمة المحاسبات.

أما بالنسبة إلى العقوبات فقد اعتمد المرسوم التدرج فيها حسب خطورة المخالفة، انطلاقا من التنبيه عليها فتعليق نشاطها لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً وأخيرا الحل، ويتم حل الجمعية بحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بطلب من الكاتب العام للحكومة أو ممن له مصلحة وذلك في حالة تمادي الجمعية في المخالفة رغم التنبيه عليها وتعليق نشاطها واستنفاد طرق الطعن في شأن قرار التعليق.

تمويل مقنع

وبعد انتخابات 2019 كشفت محكمة المحاسبات في التقرير العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019 الصادر في أكتوبر 2020 مخاطر التمويل غير الشرعي للحملة الانتخابية، ومخاطر التعاقد مع أطراف أجنبية ومخاطر التمويل المقنع للجمعيات. ولم يشر هذا التقرير لضلوع جمعيات مختصة في ملاحظة الانتخابات في تمويلات مقنعة.  وإثر الاستفتاء والانتخابات التشريعية وانطلاق مجلس نواب الشعب في ممارسة مهامه وضعت لجنة الحقوق والحريات مرسوم الجمعيات ضمن أولويتها التشريعية، وفي الأثناء أعلنت الحكومة أنها بصدد إعداد مشروع قانون في الغرض، ولكن أمام تأخر الحكومة في إحالة هذا المشروع على المجلس تولى عدد من النواب تقديم مبادرة تشريعية في شكل قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات وتولت اللجنة تنظيم عدة جلسات استماع حوله منها جلسة خصصت لممثلي محكمة المحاسبات ولكن اللجنة لم تستكمل بعد دراسة هذا المقترح الذي أثارت أحكامه حفيظة الناشطين في العديد من الجمعيات والمنظمات واعتبروها تضييقا على حرية تكوين الجمعيات وتمويلها، ويهدف مقترح  القانون أساسا إلى منع التمويل الأجنبي للجمعيات وهو من إعداد النواب أمين المرعوي ومحمد زياد الماهر وفاطمة المسدي ومحمد بن حسين وبسمة الهمامي ومنير الكموني وعبد الحليم بوسمة وصالح الصيادي وإبراهيم حسين وسامي السيد. ويندرج المشروع  في إطار تنظيم عمل الجمعيات وإضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية ووضع ضوابط للتمويل الأجنبي الذي حسب ما أشار إليه النواب في وثيقة شرح الأسباب "استشرى منذ صدور المرسوم عدد 88 لسنة 2011 وتم توجيهه إلى غايات غير التي كان من المفروض أن يوجه لها". وذكروا أن التنقيح الذي يراد تحقيقه يتماشى مع روح دستور 2022 الذي أكد في ديباجته على أنه لا عزة للوطن دون سيادة كاملة ودون استقلال حقيقي والذي نص في فصله الأول على أن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة. وأضافوا أن وضع ضوابط للتمويل الأجنبي الذي يرمي إليه مقترحهم ينطلق من حرصهم على صيانة السيادة الوطنية لأن تقديم الدعم المالي للجمعيات عادة ما يكون مصحوبا بشروط وتعليمات ومقايضات، وأكدوا أن مبادرتهم التشريعية ليست الغاية منها بأي شكل من الأشكال التضييق على الحريات..

وفي علاقة بالتمويل الأجنبي للجمعيات فقد تم في مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة الحقوق والحريات استثناء التمويل ذي الطابع الإنساني بعد مروره عبر الهياكل الرسمية للدولة والحصول على موافقته. ونص المقترح على أن جميع الحسابات المصرفية للجمعيات تكون خاضعة بالكامل لرقابة البنك المركزي. وطالما لم يصدر قانون جديد يتعلق بتنظيم الجمعيات، فإن المرسوم عدد 88 سالف الذكر هو الذي مازال ساري المفعول، وهو يتيح للجمعيات الحصول على تمويلات أجنبية.

علوية القانون

وفي انتظار بت القضاء في الملفات التي رفعتها إليه هيئة الانتخابات بمناسبة نظرها في مطالب الاعتماد المقدمة من قبل الجمعيات لملاحظة الانتخابات الرئاسية، وردا على ما جاء في تصريح نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة، أصدرت منظمة أنا يقظ بيانا وجهت فيه انتقادات لاذعة للهيئة في علاقة بكيفية التعاطي مع قرارات المحكمة الإدارية، كما أكدت فيه بالخصوص على أنها امتثلت وستمتثل إلى جميع الإجراءات والقوانين والأحكام القضائية لأنها منظمة تؤمن بعلوية القانون وتدافع عنه، ويذكر أن هذا البيان تم نشره يوم الأحد الماضي على الصفحة الرسمية للمنظمة على شبكة الفيسبوك.

أما جمعية مراقبون فقد أعلنت يوم 6 سبتمبر الجاري عدم تلقيها أي إجابة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على المراسلات الأربع التي وجهتها لها للاستفسار حول مآل مطالب الاعتماد المقدمة من قبلها والبالغ عددها 1220 مطلبا، وأشارت إلى أن الهيئة ملزمة قانونا بالإجابة على مطالبها في الاعتماد وذلك في اجل لا يتجاوز خمسة أيام من تاريخ إيداع المطالب بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا كما نص عليه القرار عدد 9 لسنة 2014 المؤرخ في 9 جوان 2014 والمتعلّق بضبط شروط وإجراءات اعتماد الملاحظين المحليين والدوليين كما تم تنقيحه وإتمامه بالنصوص اللاحقة في فصله السادس، مثلما أن الهيئة ملزمة بالتعامل مع جميع المتدخلين في العملية الانتخابية على أساس مبدأ المساواة وملزمة بمعاملة جمعية مراقبون بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع منظمات المجتمع المدني الأخرى فيما يتعلق بالحق في الاعتماد حسب ما يضبطه القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرّخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات في فصله الثالث. كما أكدت شبكة مراقبون في بيانها أن هذا التعاطي مع ملفاتها المتعلقة بمطالب الاعتماد يعتبر عرقلة لعملها كجمعية مختصة في الشأن الانتخابي يشهد بحيادها التام وحرفيتها، ويقصي حقها وواجبها في متابعة المسار الانتخابي وشفافيته حسب ما يقره القانون الانتخابي في فصله الرابع خاصة وأن الفترة الانتخابية انطلقت منذ يوم 14 جويلية 2024 وأكدت أن ملاحظة الانتخابات حق مدني كوني تعترف به تونس في منظومتها القانونية ولا يمكن اليوم التراجع عنه.

اعتماد الملاحظين

ويخضع اعتماد الملاحظين للانتخابات الرئاسية 2024 لأحكام القرار الترتيبي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 9 المؤرخ في 9 جوان 2014 المتعلق بضبط شروط وإجراءات اعتماد الملاحظين المحليين والأجانب للانتخابات والاستفتاء ولمقتضيات مدونة السلوك الخاصة بهم، ويحق للملاحظين المعتمدين من قبل الهيئة متابعة مختلف مراحل العملية الانتخابية المتعلقة بالتسجيل بقائمات الناخبين، والترشحات، والفترة الانتخابية والحملة، والاقتراع، والفرز، وجمع النتائج، والنزاعات الانتخابية، والتصريح بالنتائج الأولية والنهائية ويحق لهم النفاذ إلى مكاتب التسجيل ومكاتب الاقتراع والفرز وفي المقابل يجب عليهم احترام التشريع الانتخابي ومدونة سلوك الملاحظين وسيادة الدولة التونسية وهم ملزمون بالحياد والاستقلالية والنزاهة إزاء جميع الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية..

سعيدة بوهلال

الانتخابات الرئاسية..   الهيئة تحيل ملفات بعض الجمعيات للنيابة العمومية

 

ـ المرسوم عدد 88 لسنة 2011 يسمح للجمعيات بالحصول على تمويلات أجنبية.. والبرلمان يتجه إلى تعديله

تونس-الصباح

أوضحت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أمس، في بلاغ رسمي حول اعتماد الملاحظين للانتخابات الرئاسية 2024 انه "بمناسبة نظرها في مطالب اعتماد مقدمة من بعض الجمعيات التي تهتم بملاحظة الانتخابات، وفي إطار التثبت من مدى توفر الشروط القانونية والترتيبية لمنح الاعتماد وخاصة شرط الحياد والاستقلالية والنزاهة، تم إشعارها من جهات رسمية بتلقي بعض تلك الجمعيات لتمويلات أجنبية مشبوهة بمبالغ مالية ضخمة ومصدرها متأت من بلدان البعض منها لا تربطه بتونس علاقات دبلوماسية، وتبعا لذلك تم رفض منح الاعتماد لها وإحالة ما توصلت به الهيئة من معطيات للجهات المعنية للتعهد و إجراء اللازم".

وفي نفس السياق سبق لعضو مجلس الهيئة، نجلاء عبروقي، أن أشارت في تصريح أدلت به يوم السبت الماضي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، إلى أنه من بين هذه الجمعيات هناك جمعية مراقبون ومنظمة أنا يقظ، وأضافت أن عدة جمعيات أخرى جاري التحري في شأنها ولم يتم البت بعد في مطلب الاعتماد الذي أودعته، وأكدت أن الهيئة لن تتوانى في التحري وتطبيق القانون على الجميع ضمانا لشفافية ونزاهة العملية الانتخابية وضمانا لانتخابات تعبر عن الإرادة الحقيقية للناخب التونسي بعيدا عن التأثيرات الداخلية والخارجية. وذكرت عضو الهيئة "أن المال الأجنبي يؤثر في العملية الانتخابية ويصل إلى حد التدخل في القرار الوطني والسيادة الوطنية خدمة لأجندات ومصالح مشبوهة".

وفي انتظار بت القضاء في الملفات التي أحالتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على النيابة العمومية، تجدر الإشارة إلى أن مسألة تمويل الجمعيات تخضع لعدة نصوص قانونية وأهمها المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات الصادر في عهد رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزغ وعلى غرار مرسوم الأحزاب تم إعداده من قبل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وقد ألزم هذا المرسوم الجمعيات بأن تحترم في نظامها الأساسي وفي نشاطها وتمويلها مبادئ دولة القانون والدّيمقراطية والتعددية والشفافية والمساواة وحقوق الإنسان كما ضبطت بالاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية.

وحجر المرسوم على الجمعيات، أولا أن تعتمد في نظامها الأساسي أو في بياناتها أو في برامجها أو في نشاطها الدعوة إلى العنف والكراهيّة والتعصب والتمييز على أسس دينيّة أو جنسية أو جهويّة، وثانيا أن تمارس الأعمال التجارية لغرض توزيع الأموال على أعضائها للمنفعة الشخصية أو استغلال الجمعية لغرض التهرب الضريبي وثالثا أن تجمع الأموال لدعم أحزاب سياسية أو مرشحين مستقلين إلى انتخابات وطنية أو جهوية أو محلية أو أن تقدم الدعم المادي لهم ولا يشمل هذا التحجير حق الجمعية في التعبير عن آرائها السياسية ومواقفها من قضايا الشأن العام.

كما نص نفس المرسوم في الفصل 13 على أن للجمعيات المكوّنة قانونا حق التقاضي والاكتساب والملكية والتصرف في مواردها وممتلكاتها. كما يمكن للجمعية أن تقبل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا.

تمويل الجمعيات

وتضمن المرسوم عدد 88 بابا كاملا ورد تحت عنوان الأحكام المالية وهو الباب السادس، وبمقتضاه تتكون موارد الجمعية من اشتراكات الأعضاء، والمساعدات العمومية والتبرعات والهبات والوصايا، وطنية كانت أو أجنبية والعائدات الناتجة عن ممتلكات الجمعية ونشاطاتها ومشاريعها.

ولئن أتاح المرسوم للجمعيات إمكانية الحصول على الهبات والتبرعات والوصايا الأجنبية فإنه حجر عليها في الفصل 35 قبول مساعدات أو تبرعات أو هبات صادرة عن دول لا تربطها بتونس علاقات ديبلوماسية أو عن منظمات تدافع عن مصالح وسياسات تلكم الدول.

وبخصوص التمويل العمومي، أوجب المرسوم على الدولة تخصيص المبالغ اللازمة ضمن الميزانية لمساعدة ودعم الجمعيات على أساس الكفاءة والمشاريع والنشاطات. ومن الأحكام الأخرى التي نص عليها المرسوم وجوبية أن تتم كل المعاملات المالية للجمعية صرفا ودخلا بواسطة تحويلات أو شيكات بنكية أو بريدية إذا تجاوزت قيمتها مبلغ خمسمائة دينار ولا يمكن تجزئة هذه المصاريف أو المداخيل لكي لا تتجاوز القيمة المذكورة، لا يجوز تجميد الحسابات البنكية أو البريدية للجمعيات إلا بقرار قضائي.

وتتمثل أهم السجلات التي يتعين على الجمعيات وفروعها مسكها، سجل المساعدات والتبرعات والهبات والوصايا مع التمييز بين النقدي منها والعيني، العمومي والخاص، الوطني والأجنبي. ونص الفصل 41  من نفس المرسوم على أن تنشر الجمعية المساعدات والتبرعات والهبات الأجنبية وتذكر مصدرها وقيمتها وموضوعها بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة وبالموقع الإلكتروني للجمعية إن وجد في ظرف شهر من تاريخ قرار طلبها أو قبولها وتعلم الكاتب العام للحكومة بكل ذلك بمكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ في نفس الأجل وتحتفظ الجمعية بوثائقها وسجلاتها المالية لمدة عشر سنوات. وليس هذا فقط فالجمعيات ملزمة بنشر قوائمها المالية مرفقة بتقرير مراقبة الحسابات بإحدى وسائل الإعلام المكتوبة وبالموقع الإلكتروني للجمعية إن وجد في ظرف شهر من تاريخ المصادقة على هذه القوائم المالية. وعلى كل جمعية تستفيد من المال العمومي أن تقدم تقريرا سنويا يشمل وصفا مفصلا لمصادر تمويلها ونفقاتها إلى محكمة المحاسبات.

أما بالنسبة إلى العقوبات فقد اعتمد المرسوم التدرج فيها حسب خطورة المخالفة، انطلاقا من التنبيه عليها فتعليق نشاطها لمدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً وأخيرا الحل، ويتم حل الجمعية بحكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس بطلب من الكاتب العام للحكومة أو ممن له مصلحة وذلك في حالة تمادي الجمعية في المخالفة رغم التنبيه عليها وتعليق نشاطها واستنفاد طرق الطعن في شأن قرار التعليق.

تمويل مقنع

وبعد انتخابات 2019 كشفت محكمة المحاسبات في التقرير العام حول نتائج مراقبة تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019 الصادر في أكتوبر 2020 مخاطر التمويل غير الشرعي للحملة الانتخابية، ومخاطر التعاقد مع أطراف أجنبية ومخاطر التمويل المقنع للجمعيات. ولم يشر هذا التقرير لضلوع جمعيات مختصة في ملاحظة الانتخابات في تمويلات مقنعة.  وإثر الاستفتاء والانتخابات التشريعية وانطلاق مجلس نواب الشعب في ممارسة مهامه وضعت لجنة الحقوق والحريات مرسوم الجمعيات ضمن أولويتها التشريعية، وفي الأثناء أعلنت الحكومة أنها بصدد إعداد مشروع قانون في الغرض، ولكن أمام تأخر الحكومة في إحالة هذا المشروع على المجلس تولى عدد من النواب تقديم مبادرة تشريعية في شكل قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات وتولت اللجنة تنظيم عدة جلسات استماع حوله منها جلسة خصصت لممثلي محكمة المحاسبات ولكن اللجنة لم تستكمل بعد دراسة هذا المقترح الذي أثارت أحكامه حفيظة الناشطين في العديد من الجمعيات والمنظمات واعتبروها تضييقا على حرية تكوين الجمعيات وتمويلها، ويهدف مقترح  القانون أساسا إلى منع التمويل الأجنبي للجمعيات وهو من إعداد النواب أمين المرعوي ومحمد زياد الماهر وفاطمة المسدي ومحمد بن حسين وبسمة الهمامي ومنير الكموني وعبد الحليم بوسمة وصالح الصيادي وإبراهيم حسين وسامي السيد. ويندرج المشروع  في إطار تنظيم عمل الجمعيات وإضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية ووضع ضوابط للتمويل الأجنبي الذي حسب ما أشار إليه النواب في وثيقة شرح الأسباب "استشرى منذ صدور المرسوم عدد 88 لسنة 2011 وتم توجيهه إلى غايات غير التي كان من المفروض أن يوجه لها". وذكروا أن التنقيح الذي يراد تحقيقه يتماشى مع روح دستور 2022 الذي أكد في ديباجته على أنه لا عزة للوطن دون سيادة كاملة ودون استقلال حقيقي والذي نص في فصله الأول على أن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة. وأضافوا أن وضع ضوابط للتمويل الأجنبي الذي يرمي إليه مقترحهم ينطلق من حرصهم على صيانة السيادة الوطنية لأن تقديم الدعم المالي للجمعيات عادة ما يكون مصحوبا بشروط وتعليمات ومقايضات، وأكدوا أن مبادرتهم التشريعية ليست الغاية منها بأي شكل من الأشكال التضييق على الحريات..

وفي علاقة بالتمويل الأجنبي للجمعيات فقد تم في مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة الحقوق والحريات استثناء التمويل ذي الطابع الإنساني بعد مروره عبر الهياكل الرسمية للدولة والحصول على موافقته. ونص المقترح على أن جميع الحسابات المصرفية للجمعيات تكون خاضعة بالكامل لرقابة البنك المركزي. وطالما لم يصدر قانون جديد يتعلق بتنظيم الجمعيات، فإن المرسوم عدد 88 سالف الذكر هو الذي مازال ساري المفعول، وهو يتيح للجمعيات الحصول على تمويلات أجنبية.

علوية القانون

وفي انتظار بت القضاء في الملفات التي رفعتها إليه هيئة الانتخابات بمناسبة نظرها في مطالب الاعتماد المقدمة من قبل الجمعيات لملاحظة الانتخابات الرئاسية، وردا على ما جاء في تصريح نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة، أصدرت منظمة أنا يقظ بيانا وجهت فيه انتقادات لاذعة للهيئة في علاقة بكيفية التعاطي مع قرارات المحكمة الإدارية، كما أكدت فيه بالخصوص على أنها امتثلت وستمتثل إلى جميع الإجراءات والقوانين والأحكام القضائية لأنها منظمة تؤمن بعلوية القانون وتدافع عنه، ويذكر أن هذا البيان تم نشره يوم الأحد الماضي على الصفحة الرسمية للمنظمة على شبكة الفيسبوك.

أما جمعية مراقبون فقد أعلنت يوم 6 سبتمبر الجاري عدم تلقيها أي إجابة من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على المراسلات الأربع التي وجهتها لها للاستفسار حول مآل مطالب الاعتماد المقدمة من قبلها والبالغ عددها 1220 مطلبا، وأشارت إلى أن الهيئة ملزمة قانونا بالإجابة على مطالبها في الاعتماد وذلك في اجل لا يتجاوز خمسة أيام من تاريخ إيداع المطالب بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا كما نص عليه القرار عدد 9 لسنة 2014 المؤرخ في 9 جوان 2014 والمتعلّق بضبط شروط وإجراءات اعتماد الملاحظين المحليين والدوليين كما تم تنقيحه وإتمامه بالنصوص اللاحقة في فصله السادس، مثلما أن الهيئة ملزمة بالتعامل مع جميع المتدخلين في العملية الانتخابية على أساس مبدأ المساواة وملزمة بمعاملة جمعية مراقبون بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع منظمات المجتمع المدني الأخرى فيما يتعلق بالحق في الاعتماد حسب ما يضبطه القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المؤرّخ في 20 ديسمبر 2012 المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات في فصله الثالث. كما أكدت شبكة مراقبون في بيانها أن هذا التعاطي مع ملفاتها المتعلقة بمطالب الاعتماد يعتبر عرقلة لعملها كجمعية مختصة في الشأن الانتخابي يشهد بحيادها التام وحرفيتها، ويقصي حقها وواجبها في متابعة المسار الانتخابي وشفافيته حسب ما يقره القانون الانتخابي في فصله الرابع خاصة وأن الفترة الانتخابية انطلقت منذ يوم 14 جويلية 2024 وأكدت أن ملاحظة الانتخابات حق مدني كوني تعترف به تونس في منظومتها القانونية ولا يمكن اليوم التراجع عنه.

اعتماد الملاحظين

ويخضع اعتماد الملاحظين للانتخابات الرئاسية 2024 لأحكام القرار الترتيبي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدد 9 المؤرخ في 9 جوان 2014 المتعلق بضبط شروط وإجراءات اعتماد الملاحظين المحليين والأجانب للانتخابات والاستفتاء ولمقتضيات مدونة السلوك الخاصة بهم، ويحق للملاحظين المعتمدين من قبل الهيئة متابعة مختلف مراحل العملية الانتخابية المتعلقة بالتسجيل بقائمات الناخبين، والترشحات، والفترة الانتخابية والحملة، والاقتراع، والفرز، وجمع النتائج، والنزاعات الانتخابية، والتصريح بالنتائج الأولية والنهائية ويحق لهم النفاذ إلى مكاتب التسجيل ومكاتب الاقتراع والفرز وفي المقابل يجب عليهم احترام التشريع الانتخابي ومدونة سلوك الملاحظين وسيادة الدولة التونسية وهم ملزمون بالحياد والاستقلالية والنزاهة إزاء جميع الأطراف المتدخلة في العملية الانتخابية..

سعيدة بوهلال