إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس تخطط لخلق 840 ألف موطن شغل في القطاع الصناعي بحلول 2035

تونس- الصباح

يلعب قطاع الصناعات الغذائية في تونس دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الغذائي، من خلال تطوير الصادرات، وزيادة الإنتاج، وتقليص نسب التلف، والحفاظ على الجودة والسلامة الصحية للمنتجات. إلى جانب ذلك، يساهم هذا القطاع بشكل فعّال في دعم التنمية الجهوية من خلال توفير فرص العمل والاستثمار في مختلف مناطق البلاد.

وسجل القطاع في الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا، حيث بلغ عد المؤسسات 965 مؤسسة، تشغل حوالي 77 ألف عامل، مما يجعله واحدًا من أكثر القطاعات الحيوية في الاقتصاد التونسي. ويُسهم هذا القطاع بنسبة 3.1% في الناتج المحلي الخام للبلاد، كما يستحوذ على نحو 25% من قيمة الاستثمارات الصناعية، ويمثل 15٪ من مواطن الشغل في القطاع الصناعي.

الميزان التجاري الغذائي وتطور الصادرات

حتى نهاية شهر أوت 2024، حقق الميزان التجاري الغذائي فائضًا ملحوظًا، ويعزى ذلك في الأساس إلى الزيادة الكبيرة في صادرات زيت الزيتون، أحد المنتجات الزراعية الرئيسية في تونس. وبلغت عائدات زيت الزيتون حوالي 4800 مليون دينار حتى نهاية شهر أوت للموسم 2023/2024. هذا الأداء المتميز يعكس أهمية هذا المنتج في الاقتصاد التونسي، ويؤكد على دوره كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.

وفي سياق الجهود المبذولة لدعم قطاع الصناعات الغذائية، انعقد مؤخرا، اجتماع لجنة قيادة دراسة تشخيص قطاع الصناعات الغذائية بمقر وزارة الصناعة والطاقة والمناجم. ترأست الاجتماع رئيسة ديوان الوزيرة أحلام الباجي السايب، بحضور ممثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لسعد بن حسين، وأعضاء اللجنة الذين يمثلون مختلف الأطراف المتداخلة، بما في ذلك الهياكل الإدارية والمهنية، إضافة إلى وفد عن مكتب الدراسات المكلف بإعداد الدراسة.

وتعد هذه الدراسة خطوة أولية نحو فهم وضعية القطاع، خاصة في ظل التحديات التي مر بها خلال السنوات الأخيرة، مثل تأثيرات جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية. هاتان الأزمتان كانت لهما تأثيرات كبيرة على تطور أنشطة القطاع والصناعات الغذائية بشكل عام.

وتسعى هذه الدراسة إلى تقديم توصيات لتطوير القطاع، وتشمل هذه التوصيات بعدين أساسيين، توصيات ذات طابع أفقي، وهي موجهة لتحسين أداء القطاع بشكل عام، وتوصيات خصوصية، تستهدف الأنشطة الأكثر تمثيلية وفقًا للأسواق المحددة من قبل الدراسة.

إستراتيجية التجديد والتطوير

تندرج هذه الدراسة ضمن الإطار العام لتنفيذ التوجهات الكبرى لـ"الإستراتيجية الوطنية للصناعة والتجديد في أفق 2035". تأخذ هذه الإستراتيجية بعين الاعتبار خصوصيات القطاع الغذائي والتحديات الكبيرة التي يواجهها، بما في ذلك قضايا الأمن الغذائي، والقدرة التنافسية، والاستدامة، إضافة إلى تعزيز صمود القطاع أمام التحديات الخارجية.

وتمثل هذه الدراسة المرحلة الأولى من خطة النهوض بقطاع الصناعات الغذائية، وسيتم استكمالها في مرحلة ثانية بإعداد إستراتيجية شاملة للنهوض بالقطاع في أفق 2035. تعتمد هذه الإستراتيجية على مقاربة تشاركية تجمع بين القطاعين العام والخاص، مما يعزز من فرص نجاحها في تحقيق أهدافها.

يعد قطاع الصناعات الغذائية أحد الركائز الأساسية لتثمين الإنتاج الفلاحي في تونس، من خلال عمليات التخزين، والتحويل، والتكييف، يتم إضافة قيمة مضافة للمنتجات الفلاحية، مما يعزز من قدرة القطاع على المنافسة في الأسواق المحلية والدولية. هذه العمليات تسهم في تعزيز الأمن الغذائي، وتوفير منتجات ذات جودة عالية للمستهلكين.

تجدر الإشارة إلى أن "الإستراتيجية الجديدة للصناعة والتجديد" التي أطلقتها السلطات التونسية في عام 2022 تهدف إلى تحقيق تحولات هيكلية في القطاع الصناعي بحلول عام 2035. ووفقًا لهذه الإستراتيجية، من المتوقع أن يتم خلق نحو 840 ألف فرصة عمل في القطاع الصناعي، وزيادة قيمة الصادرات إلى نحو 36 مليار دينار.

دعم دولي لتنفيذ الإستراتيجية

تجري عملية تطوير هذه الإستراتيجية الجديدة بقيادة وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، وبدعم مالي من صندوق المساعدة الفنية للبلدان المتوسطة الدخل، الذي يديره البنك الإفريقي للتنمية. وقد تم تخصيص مليون دولار كمنحة لدعم تنفيذ هذه الإستراتيجية، مما يعكس أهمية القطاع الصناعي بشكل عام والصناعات الغذائية بشكل خاص في تحقيق التنمية المستدامة في تونس.

وتضع الإستراتيجية الجديدة للصناعة والتجديد تشخيصًا دقيقًا للتحديات التي تواجه تونس في مجال التصنيع. كما تقدم حلولًا مبتكرة لمواصلة جهود تطوير القطاع الصناعي، مع وضع مسار جديد يحدد النهج والجدول الزمني لدعم القطاع الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير مهن جديدة تعزز من مكانة تونس في سلاسل القيمة العالمية.

وللإشارة فإن قطاع الصناعات الغذائية في تونس يعد أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والأمن الغذائي. ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع، مثل التأثيرات السلبية للأزمات العالمية، فإن الجهود المبذولة حاليًا عبر إعداد دراسات تشخيصية واستراتيجيات وطنية طموحة تعكس التزام الحكومة التونسية بتطوير هذا القطاع الحيوي. من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تعزيز القدرة التنافسية للقطاع وفتح آفاق جديدة للنمو، ما سيساهم في وضع تونس على خارطة التصنيع العالمي بحلول عام 2035.

 سفيان المهداوي

تونس تخطط لخلق 840 ألف موطن شغل في القطاع الصناعي بحلول 2035

تونس- الصباح

يلعب قطاع الصناعات الغذائية في تونس دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الغذائي، من خلال تطوير الصادرات، وزيادة الإنتاج، وتقليص نسب التلف، والحفاظ على الجودة والسلامة الصحية للمنتجات. إلى جانب ذلك، يساهم هذا القطاع بشكل فعّال في دعم التنمية الجهوية من خلال توفير فرص العمل والاستثمار في مختلف مناطق البلاد.

وسجل القطاع في الفترة الأخيرة تطورا ملحوظا، حيث بلغ عد المؤسسات 965 مؤسسة، تشغل حوالي 77 ألف عامل، مما يجعله واحدًا من أكثر القطاعات الحيوية في الاقتصاد التونسي. ويُسهم هذا القطاع بنسبة 3.1% في الناتج المحلي الخام للبلاد، كما يستحوذ على نحو 25% من قيمة الاستثمارات الصناعية، ويمثل 15٪ من مواطن الشغل في القطاع الصناعي.

الميزان التجاري الغذائي وتطور الصادرات

حتى نهاية شهر أوت 2024، حقق الميزان التجاري الغذائي فائضًا ملحوظًا، ويعزى ذلك في الأساس إلى الزيادة الكبيرة في صادرات زيت الزيتون، أحد المنتجات الزراعية الرئيسية في تونس. وبلغت عائدات زيت الزيتون حوالي 4800 مليون دينار حتى نهاية شهر أوت للموسم 2023/2024. هذا الأداء المتميز يعكس أهمية هذا المنتج في الاقتصاد التونسي، ويؤكد على دوره كمصدر رئيسي للعملة الصعبة.

وفي سياق الجهود المبذولة لدعم قطاع الصناعات الغذائية، انعقد مؤخرا، اجتماع لجنة قيادة دراسة تشخيص قطاع الصناعات الغذائية بمقر وزارة الصناعة والطاقة والمناجم. ترأست الاجتماع رئيسة ديوان الوزيرة أحلام الباجي السايب، بحضور ممثل منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لسعد بن حسين، وأعضاء اللجنة الذين يمثلون مختلف الأطراف المتداخلة، بما في ذلك الهياكل الإدارية والمهنية، إضافة إلى وفد عن مكتب الدراسات المكلف بإعداد الدراسة.

وتعد هذه الدراسة خطوة أولية نحو فهم وضعية القطاع، خاصة في ظل التحديات التي مر بها خلال السنوات الأخيرة، مثل تأثيرات جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية. هاتان الأزمتان كانت لهما تأثيرات كبيرة على تطور أنشطة القطاع والصناعات الغذائية بشكل عام.

وتسعى هذه الدراسة إلى تقديم توصيات لتطوير القطاع، وتشمل هذه التوصيات بعدين أساسيين، توصيات ذات طابع أفقي، وهي موجهة لتحسين أداء القطاع بشكل عام، وتوصيات خصوصية، تستهدف الأنشطة الأكثر تمثيلية وفقًا للأسواق المحددة من قبل الدراسة.

إستراتيجية التجديد والتطوير

تندرج هذه الدراسة ضمن الإطار العام لتنفيذ التوجهات الكبرى لـ"الإستراتيجية الوطنية للصناعة والتجديد في أفق 2035". تأخذ هذه الإستراتيجية بعين الاعتبار خصوصيات القطاع الغذائي والتحديات الكبيرة التي يواجهها، بما في ذلك قضايا الأمن الغذائي، والقدرة التنافسية، والاستدامة، إضافة إلى تعزيز صمود القطاع أمام التحديات الخارجية.

وتمثل هذه الدراسة المرحلة الأولى من خطة النهوض بقطاع الصناعات الغذائية، وسيتم استكمالها في مرحلة ثانية بإعداد إستراتيجية شاملة للنهوض بالقطاع في أفق 2035. تعتمد هذه الإستراتيجية على مقاربة تشاركية تجمع بين القطاعين العام والخاص، مما يعزز من فرص نجاحها في تحقيق أهدافها.

يعد قطاع الصناعات الغذائية أحد الركائز الأساسية لتثمين الإنتاج الفلاحي في تونس، من خلال عمليات التخزين، والتحويل، والتكييف، يتم إضافة قيمة مضافة للمنتجات الفلاحية، مما يعزز من قدرة القطاع على المنافسة في الأسواق المحلية والدولية. هذه العمليات تسهم في تعزيز الأمن الغذائي، وتوفير منتجات ذات جودة عالية للمستهلكين.

تجدر الإشارة إلى أن "الإستراتيجية الجديدة للصناعة والتجديد" التي أطلقتها السلطات التونسية في عام 2022 تهدف إلى تحقيق تحولات هيكلية في القطاع الصناعي بحلول عام 2035. ووفقًا لهذه الإستراتيجية، من المتوقع أن يتم خلق نحو 840 ألف فرصة عمل في القطاع الصناعي، وزيادة قيمة الصادرات إلى نحو 36 مليار دينار.

دعم دولي لتنفيذ الإستراتيجية

تجري عملية تطوير هذه الإستراتيجية الجديدة بقيادة وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، وبدعم مالي من صندوق المساعدة الفنية للبلدان المتوسطة الدخل، الذي يديره البنك الإفريقي للتنمية. وقد تم تخصيص مليون دولار كمنحة لدعم تنفيذ هذه الإستراتيجية، مما يعكس أهمية القطاع الصناعي بشكل عام والصناعات الغذائية بشكل خاص في تحقيق التنمية المستدامة في تونس.

وتضع الإستراتيجية الجديدة للصناعة والتجديد تشخيصًا دقيقًا للتحديات التي تواجه تونس في مجال التصنيع. كما تقدم حلولًا مبتكرة لمواصلة جهود تطوير القطاع الصناعي، مع وضع مسار جديد يحدد النهج والجدول الزمني لدعم القطاع الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير مهن جديدة تعزز من مكانة تونس في سلاسل القيمة العالمية.

وللإشارة فإن قطاع الصناعات الغذائية في تونس يعد أحد الأعمدة الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والأمن الغذائي. ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع، مثل التأثيرات السلبية للأزمات العالمية، فإن الجهود المبذولة حاليًا عبر إعداد دراسات تشخيصية واستراتيجيات وطنية طموحة تعكس التزام الحكومة التونسية بتطوير هذا القطاع الحيوي. من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تعزيز القدرة التنافسية للقطاع وفتح آفاق جديدة للنمو، ما سيساهم في وضع تونس على خارطة التصنيع العالمي بحلول عام 2035.

 سفيان المهداوي