إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيسة الحكومة: رؤيتنا للمستقبل واضحة والجزائر شريك اقتصادي كبير

+من أوْكَدِ الأولويات الإسراع بتحيين اتفاقية الإقامة بما يتلاءم مع التحوّلات 
 
 
افتتحت الجمعة، رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسيّة-الجزائريّة، بقصر الحكومة بالقصبة، بحضور الوزير الأول الجزائري سيفي غريب وعدد من الوزراء في البلدين.
وقالت الزنزري إن هذا الحدث " يُعدّ مناسبة لتجسيم حرص  رئيس الجمهورية التونسيّة قيس سعيّد ورئيس الجمهورية الجزائريّة الديمقراطيّة الشعبيّة عبد المجيد تبّون على مزيد تطوير علاقات الأخوّة والتّعاون والجوار بين تونس والجزائر والارتقاء بها إلى أعلى المراتب وتحقيق إنجازات ملموسة ترتقي لماضيها المجيد وتستجيب لتطلّعات شعبينا الشّقيقين وتضع الأُسس المتينة لتعزيز دعائم المستقبل الزّاهر الذي نصبو إليه."
 
وأكدت في ذات السياق، أن تونس التي اختارت التعويل على قُدراتها الذاتيّة واعتماد سياسة اجتماعية واقتصادية بناء على خياراتها الوطنية، تُواصل بخُطَى ثابتة، إنجاز مسارها الإصلاحي الشّامل من أجل تعزيز مقوّمات سيادتها الوطنية ومناعتها الاقتصادية وتوطيد أَمْنها واستقرارها رغم كلّ التحديّات الماثلة، مُضيفة قولها: "وإذ نُؤكد وعينا بحجم هذه التحديات، فإنّنا مُصمّمون على تجاوزها بالإرادة الصادقة والعزيمة وبذل أقصى جُهودنا في تحقيق ما يتطلّع إليه التّونسيّون والتونسيّات من عدالة وحريّة وكرامة وطنية وتعافي اقتصاديّ وتقدّم في شتّى المجالات، فإرادة شعبنا والتفافه حول قيادته يَزيدان من عزمنا على المُضيّ قُدمًا في هذا المسار من أجل تحقيق انتظارات مواطنينا ومواطناتنا..
 كما اشادت الإصلاحات التي وصفتها بالهيكليّة والمؤسّساتية العميقة في مسار بناء الجزائر الجديدة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبّون، ونوهت بمختلف "المشاريع التّنمويّة التي تحققت في شتّى المجالات وفي ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في البلاد".
 وتابعت: "إنّ رؤيتنا للمستقبل واضحة، فكلّ مكسب تنمويّ تُحقّقه تونس والجزائر يُشكّل لبِنَةً أساسيّة لخدمة الهدف الأسمى وهُو التقدّم في تعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والشّراكة المتضامنة بين بلدينا وشعبينا الشّقيقين ودعامةً للأمن والاستقرار والازدهار في فضاء انتمائنا المغاربي". 
 
محطّة هامّة لمتابعة ما تحقق من إنجازات 
 
وفي سياق آخر، اعتبرت رئيسة الحكومة ان اجتماع اللجنة العليا المشتركة محطّة هامّة لمتابعة ما تحقق من إنجازات في مُختلف مجالات التّعاون المشترك وتقييم مساراته، واستشراف آفاق جديدة لتعزيزه وتطوير آلياته من أجل مزيد من النّجاعة والسّرعة، مُعربة في هذا الإطار عن الارتياح لما يشهده التعاون الثنائي بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، من ديناميكية إيجابية ونتائج مرضية، وما تحقّق من إنجازات ملموسة خلال الدورات السابقة للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية. 
 
واشادت رئيسة الحكومة بروح المسؤولية العالية والجدّية التي طبعت عمل مختلف اللجان القطاعية والفنية التحضيرية لهذه اللجنة، والتي عكست الإرادة المشتركة والصادقة لأعضاء وفدي البلدين من أجل تحويل التوصيات المنبثقة عنها إلى خطوات عملية حقيقية، مؤكّدة على أهمية المتابعة المتواصلة وتجسيم مختلف هذه التوصيات بما يُسهم في تطوير التعاون الثنائي في مجالات التجارة والطاقة والنقل والأمن وتنمية المناطق الحدودية وإدارة المياه والسّياحة والتعليم العالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وفي هذا الإطار، ثمِّنت مُخرجات اجتماع لجنة المتابعة برئاسة وزيري الشّؤون الخارجيّة للبلدين وبما خَلُصت إليه من توصيات واتفاقات وبرامج عمل جديدة سيتمّ التوقيع عليها، في ختام أشغال لجنتنا الكبرى المشتركة. كما نُثمن جهود فريق الخبراء من البلدين للإعداد الجيّد لهذا الاجتماع.
 كما نوّهت بالتنسيق والتشاور المتواصلين على المستوى الدّبلوماسي في ما يتعلّق بملفات التعاون الثنائي ومتابعة المستجدات الإقليمية والدولية، داعية إلى مواصلة هذا النسق البنّاء من التنسيق المشترك من خلال العمل على تجسيم التوافقات المشتركة ببرمجة اجتماعات وزارية قطاعية في المجالات ذات الأولوية للبلدين على غرار التجارة والأمن وتنمية المناطق الحدودية والطاقة والموارد المائية والنقل، ورفع توصيات عملية بشأنها إلى قيادتي الدّولتين، بما يُكرّس التنسيق الاستراتيجي الدائم بين البلدين الشقيقين خِدمةً لمصالحهما المشتركة.
 وثمنت الزنزري المستوى الرفيع الذي بلغه التعاون والتنسيق الأمني والعسكري بين البلدين، مؤكدة في هذا السياق الحاجة إلى مواصلة هذا التنسيق وتدعيمه بجهود تنموية متكاملة. فتنمية المناطق الحدودية وتوفير مقومات العيش الكريم لأهالينا في تلك المناطق يُمثّلان اليوم ركيزة أساسية لترسيخ الأمن والاستقرار وجسراً حقيقياً للتواصل الإنساني والحضاري، ودعامة متينة لتعزيز التعاون والتكامل والشّراكة المتضامنة بين تونس والجزائر في مواجهة التحدّيات المشتركة.
ومن جهة أخرى، اكدت على أهميّة مواصلة العمل المشترك لتجسيد المشاريع المتفق عليها بين الجانبين خلال الاجتماع الأول للجنة الثنائية التونسية الجزائرية لتنمية وترقية المناطق الحدودية، المنعقدة بالجزائر، بتاريخي 29 و 30 جانفي 2024، والعمل على خلق شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص بكلا البلدين للاستثمار بهذه المناطق، بِما يُتِيح استغلال ما تزخر به من إمكانيات طبيعية وطاقات بشرية لتحقيق تنمية تُسهم في رفع مستوى عيش أهالينا بها وتعزز شعورهم بالانتماء الوطني وتُحرّر طاقاتهم لكي يصبحوا عناصر فاعلة في العمل وخلق الثروة". 
 
أهميّة التبادل التجاري
 
وفي سياق آخر، قالت "إنّ تونس تعتبر الجزائر الشّقيقة شريكًا اقتصاديّا كبيرًا، علاوةً على مكانتها المتميّزة لدى الشعب التونسي وتؤمن بأن أمام بلدينا آفاق واسعة وفرص استثمار واعدة لتعميق التعاون الثنائي والارتقاء به إلى مستوى الشّراكة الاستراتيجية المنشودة، ممّا يقتضي مزيد من التنسيق والتكامل في الرؤى والجهود، وتكثيف العمل المشترك لتجاوز الصعوبات التي قد تعترض بعض القطاعات الحيوية، وفي مقدّمتها التجارة، بما يضمن انسيابية المبادلات التجارية وتطوير التعاون الاقتصادي"، مُشيرة  إلى "أهميّة التبادل التجاري القائم بين تونس والجزائر، والذي بلغ قيمة ما يُقارب 7740 مليون دينار تونسي في سنة 2024، فإنّه بإمكاننا تحقيق الأفضل بكثير عبر تكثيف الجهود المشتركة لرفع مختلف المعوّقات التي تحول دون انسياب التجارة البينية، والعمل على تبسيط الإجراءات الجمركية وتحسين البنية التحتيّة للمنافذ البريّة التجاريّة وتيسير انسياب السلع والخدمات بما يساهم في رفع حجم المبادلات التجارية ويُدعّم التعاون الاقتصادي كرافعة حقيقية للشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر".
 في هذا الإطار, شددت على ضرورة مواصلة المشاورات بين الجانبين واستكمالها في أقرب الآجال الممكنة، لدفع نسق المبادلات البينية عبر مراجعة الاتفاق التجاري التفاضلي بما يتماشى مع التطوّرات التي يشهدها اقتصادا البلدين ويساهم في تطوير الامتيازات التعريفية المتبادلة وتوسيع قائمة المنتجات المشمولة به، ويعزّز الانسياب التجاري بين البلدين لبلوغ هدفنا المشترك في إرساء شراكة اقتصادية استراتيجية أكثر عُمقًا وفاعلية.
كما ثمّنت التطّور المسجّل في حجم الاستثمارات الجزائرية النشطة في تونس حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية ذات المساهمة الجزائرية ثمانية عشر مؤسسة تنشط في مجالات متنوّعة، على غرار الصناعات الغذائية والميكانيكية ومواد البناء والنسيج والملابس والجلود. ورغم ما تحقق من مؤشرات إيجابية، فمازال القطاع في حاجة إلى مزيد من الجرأة الاستثمارية والتكامل الصناعي لتحقيق ما نصبو إليه من اندماج اقتصادي حقيقي.
ودعت في هذا السياق إلى عقد الاجتماع الحادي عشر للجنة المشتركة التونسية الجزائرية لتقييم ومتابعة التعاون الصناعي في أقرب الآجال الممكنة، إضافة إلى تفعيل البرامج التنفيذية المتفق عليها في إطار اتفاقات التعاون المبرمة بين المراكز الفنيّة التونسيّة و نظيراتها الجزائرية والانطلاق في بلورة تصّور لبرنامج تعاون نموذجي مشترك بين وكالة النهوض بالصناعة والتجديد كجهة مشرفة على الشبكة الوطنية لمحاضن المؤسسات التونسية و الهيكل المشرف على محاضن المؤسسات الجزائرية، يتمّ التركيز من خلاله خاصّة على عنصري ريادة الأعمال المجدّدة وريادة الأعمال النسائية.
واوصلت بالقول: "لا يفوتنا الإشادة في هذا الإطار، بالحصيلة الإيجابية للمنتدى الاقتصادي التونسي-الجزائري، الذّي توزعت أنشطته بين الأمس واليوم بمشاركة عدد هام من الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال من البلدين الشقيقين بما من شأنه أن يسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير التعاون الثنائي من خلال مزيد تشبيك المصالح المشتركة وإرساء شراكات فاعلة ولا سيّما في القطاعات الواعدة كالصناعات التحويلية والطاقات المتجدّدة والتكنولوجيات الحديثة، بما يُساهم في خلق ديناميكية اقتصادية جديدة تُترجم في مشاريع واقعية تدعم التنمية وتعود بالنفع المباشر على الشعبين الشقيقين". 
 
التعاون الطاقي بين تونس والجزائر 
 
ومن جهة اخرى، اعتبرت ان التعاون الطاقي بين تونس والجزائر يكتسي أهمية استراتيجية، باعتباره أحد الركائز الحيوية للعلاقات الثنائية، مؤكّدة على أهمية إنجاح المفاوضات بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركة سوناطراك الجزائرية لمراجعة السعر التعاقدي لشراء الغاز بالنسبة للفترة الممتدة من سنة 2026 إلى سنة 2028 بما يتماشى مع استقرار الأسعار العالمية وتمكين بلادنا من كميّات فوق تعاقدية عند الحاجة.
كما شددت على أهميّة تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الطاّقات المتجدّدة والربط الكهربائي وتطوير بنية تحتية طاقية متكاملة، بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة ويعزز مكانة تونس والجزائر كشريكين أساسيين في هذا المجال الحيوي.
وفي هذا الإطار، دعت إلى عقد اجتماع اللّجنة المشتركة التونسيّة الجزائريّة للتعاون في مجال الطاقة التي لم تنعقد منذ سنة 2022.
كما قالت ان التعاون الثنائي في مجالي الأمن المائي والغذائي يُعدّ أحد أبرز محاور الشراكة بين تونس والجزائر، لما له من أهمية بالغة في ضمان استقرار منظومتينا الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة لشعبينا الشقيقين. فالتحديات المتزايدة المرتبطة بِنُدْرَةِ الموارد المائية والتحديّات المناخية وتقلّب الأسواق الغذائية تفرض علينا تكثيف التنسيق بين البلدين وتبادل الخبرات وتعزيز التكامل في إدارة الموارد الطبيعية والإنتاج الفلاحي. 
ومن هذا المنطلق، اكدت على ضرورة مواصلة العمل المشترك وتبادل المعلومات والتجارب في مجالات استغلال الموارد المائية المشتركة وإدارة المياه السطحية والتصرّف في مياه السدود وتطوير مشاريع فلاحية نموذجية، ودعم البحث العلمي والابتكار والاستثمار المشترك في مجال الأمن الغذائي، بما يسهم في تعزيز قدرة بلدينا على مجابهة الأزمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وترسيخ روح التضامن والتكامل بين البلدين.
كما افادت أنّ للتعاون السياحي دورًا هامًّا في دعم العلاقات الثنائية وتعزيز التقارب بين الشعبين الشقيقين. 
وفي هذا الإطار، قالت: "نسجّل بكل ارتياح النسق التصاعدي الذي تعرفه الحركة السياحية بين البلدين إذ سجلت تونس إلى حدود موفى شهر أكتوبر 2025 توافد ثلاثة ملايين سائحا جزائريا بنسبة ارتفاع بلغت 8.2% مقارنة بعدد الوافدين خلال نفس الفترة من سنة 2024، ممَّا يؤكد المكانة المميزة التي تحتلّها تونس لدى أشقائنا الجزائريين وعمق الروابط الأخوية بين الشعبين، ويجسّد النجاح المشترك ليصبح التعاون السياحي نموذجًا للتكامل والازدهار في الفضاء المغاربي... وإننا نتطلّع، في هذا السياق، إلى الارتقاء بالتعاون القائم في هذا القطاع إلى مستويات أرفع وأكثر شمولاً، من خلال تنويع مجالات الشراكة وتوسيع آفاقها لتشمل مختلف أنماط السياحة الثقافية والبيئية والعلاجية. كما نؤكد على أهمية تيسير تنقّل الزوّار بين البلدين وتطوير البنية التحتية والخدمات بالمعابر الحدودية، بما يجعلها نقاط جذب وتنمية مشتركة، إلى جانب تشجيع الاستثمار المشترك في مشاريع السياحة البديلة والعائلية والصحراوية وتعزيز تبادل الخبرات والتجارب في مجال التكوين السياحي، بما يرسّخ مكانة تونس والجزائر كوجهتين متكاملتين في الفضاء المتوسطي والإفريقي... ونؤكد في هذا الإطار على أهميّة تفعيل اللجان المشتركة الثنائية في مجالي السياحة والصناعات التقليدية وتطوير الإطار القانوني بين البلدين بما يسهم في تحويل الإمكانات السياحية المشتركة إلى مشاريع تنموية ملموسة ومستدامة ويضمن استغلالاً أَمْثل للمواد المتاحة وتحقيق قيمة مضافة للقطاع السياحي في البلدين."
 
أهمية تعزيز التعاون بين تونس والجزائر
 
وانطلاقا من أهمية تعزيز التعاون بين تونس والجزائر في المجالات الثقافية والرياضية والشبابية والتربوية، باعتبارها أساسية لترسيخ التقارب الإنساني وتعزيز الروابط الحضارية العريقة التي تجمع الشعبين الشقيقين، دعت إلى تطوير برامج عملية مشتركة في هذه المجالات، تُعنى بتشجيع المبادرات الشبابية وتعزيز التبادل بين الجمعيات والهياكل الرياضية في البلدين، بما يُسهم في توطيد روح الأخوة بين الأجيال الصاعدة، مُشددة على أهمية تكثيف الشراكات الأكاديمية وتبادل الطلبة والأساتذة والباحثين وإرساء مشاريع علمية مشتركة في مجالات الابتكار والتكنولوجيات الحديثة، إيمانًا منَّا بأنّ الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفة هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل مشترك أكثر ازدهارًا ووحدة بين تونس والجزائر.
 
اعتماد مقاربة جديدة تُراعي خصوصية الروابط بين الشعبين
 
واعتبرت ان العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع شعبينا الشقيقين تؤكد على ضرورة إيلاء عناية فائقة بجاليتينا على مختلف الأصعدة، مضيفة: "ولعلّ من أوْكَدِ الأولويات اليوم الإسراع بتحيين اتفاقية الإقامة الموقّعة منذ سنة 1963، بما يتلاءم مع التحوّلات التي شهدتها تونس والجزائر وتطلعات مواطنِيهما، وذلك في اتجاه تحسين ظروف الإقامة وتنقيح الإجراءات ذات العلاقة بالتملّك والعمل ونقل الأموال والإقامة، فضلاً عن تيسير تنقّل الأشخاص والعمّال والطلبة والمستثمرين. كما ندعو إلى اعتماد مقاربة جديدة تُراعي خصوصية الروابط العائلية والاجتماعية بين الشعبين، بما ينعكس إيجابيا على ترسيخ أسس الشراكة والتكامل بين تونس والجزائر".
 
وقالت: "يُمثل التنسيق والتشاور المتواصل بين قيادتي دولتينا حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية رافدا أساسيا لمزيد تعزيز علاقاتنا الثنائية. وإنّنا ننوه في هذا الإطار بتطابق وجهات نظر بلدينا بخصوص عديد القضايا، مُذكرة في هذا السياق بموقف تونس الدائم والمبدئي والثابت الداعم للشعب الليبي حتى يتمكن من تحقيق طموحاته في إعادة الأمن والاستقرار في كامل ربوع ليبيا والحفاظ على سيادته في كنف الوحدة الوطنية والدّعوة إلى انتهاج الحوار السياسي سبيلًا أوحد للحلّ بين أشقّائنا اللّيبيين تحت الرعاية الأممية.
 ورحبت رئيسة الحكومة بمُخرجات الاجتماع الثلاثي الثّاني حول ليبيا المنعقد بالجزائر بتاريخ 6 نوفمبر 2025، والذي شكّل محطة هامة في مسار دعم الجهود الإقليمية الرامية إلى تعزيز الاستقرار في ليبيا ومساندة مسار الحلّ السياسي الشامل تحت رعاية الأمم المتحدة، مُؤكدة في هذا الإطار على أهمية تواصل النسق الحثيث لهذه الآليّة الدّبلوماسيّة لما تُتيحه من إطار تشاوري فعّال لتنسيق المواقف وتبادل الرؤى حول مجمل التطورات في ليبيا. 
وأعربت عن تطلعها إلى مشاركة جزائرية ومصرية فاعلة في الاجتماع الثلاثي القادم الذي ستستضيفه تونس في مطلع سنة 2026، تأكيدًا على وحدة المقاربة بين دول الجوار المباشر لليبيا ودورها المحوري في دعم الاستقرار الدائم فيها وتعزيز الأمن في المنطقة المغاربية والعربية.
 وأضافت: "نتطلع إلى أن يشمل التّنسيق الدّبلوماسي التّونسي الجزائري مُجمل المسائل المتّصلة بالواقع الإفريقي وما تقتضيه تحديّات المرحلة، بالإضافة إلى إحكام التّشاور حول التّطوّرات الجارية في الفضاء الأورومتوسّطي وما تتطلّبه من حلول تحفظ مصالح بلدينا الشّقيقين..
 
عبير الطرابلسي 
 
    
رئيسة الحكومة: رؤيتنا للمستقبل واضحة والجزائر شريك اقتصادي كبير
+من أوْكَدِ الأولويات الإسراع بتحيين اتفاقية الإقامة بما يتلاءم مع التحوّلات 
 
 
افتتحت الجمعة، رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أشغال الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسيّة-الجزائريّة، بقصر الحكومة بالقصبة، بحضور الوزير الأول الجزائري سيفي غريب وعدد من الوزراء في البلدين.
وقالت الزنزري إن هذا الحدث " يُعدّ مناسبة لتجسيم حرص  رئيس الجمهورية التونسيّة قيس سعيّد ورئيس الجمهورية الجزائريّة الديمقراطيّة الشعبيّة عبد المجيد تبّون على مزيد تطوير علاقات الأخوّة والتّعاون والجوار بين تونس والجزائر والارتقاء بها إلى أعلى المراتب وتحقيق إنجازات ملموسة ترتقي لماضيها المجيد وتستجيب لتطلّعات شعبينا الشّقيقين وتضع الأُسس المتينة لتعزيز دعائم المستقبل الزّاهر الذي نصبو إليه."
 
وأكدت في ذات السياق، أن تونس التي اختارت التعويل على قُدراتها الذاتيّة واعتماد سياسة اجتماعية واقتصادية بناء على خياراتها الوطنية، تُواصل بخُطَى ثابتة، إنجاز مسارها الإصلاحي الشّامل من أجل تعزيز مقوّمات سيادتها الوطنية ومناعتها الاقتصادية وتوطيد أَمْنها واستقرارها رغم كلّ التحديّات الماثلة، مُضيفة قولها: "وإذ نُؤكد وعينا بحجم هذه التحديات، فإنّنا مُصمّمون على تجاوزها بالإرادة الصادقة والعزيمة وبذل أقصى جُهودنا في تحقيق ما يتطلّع إليه التّونسيّون والتونسيّات من عدالة وحريّة وكرامة وطنية وتعافي اقتصاديّ وتقدّم في شتّى المجالات، فإرادة شعبنا والتفافه حول قيادته يَزيدان من عزمنا على المُضيّ قُدمًا في هذا المسار من أجل تحقيق انتظارات مواطنينا ومواطناتنا..
 كما اشادت الإصلاحات التي وصفتها بالهيكليّة والمؤسّساتية العميقة في مسار بناء الجزائر الجديدة بقيادة الرئيس عبد المجيد تبّون، ونوهت بمختلف "المشاريع التّنمويّة التي تحققت في شتّى المجالات وفي ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في البلاد".
 وتابعت: "إنّ رؤيتنا للمستقبل واضحة، فكلّ مكسب تنمويّ تُحقّقه تونس والجزائر يُشكّل لبِنَةً أساسيّة لخدمة الهدف الأسمى وهُو التقدّم في تعزيز الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والشّراكة المتضامنة بين بلدينا وشعبينا الشّقيقين ودعامةً للأمن والاستقرار والازدهار في فضاء انتمائنا المغاربي". 
 
محطّة هامّة لمتابعة ما تحقق من إنجازات 
 
وفي سياق آخر، اعتبرت رئيسة الحكومة ان اجتماع اللجنة العليا المشتركة محطّة هامّة لمتابعة ما تحقق من إنجازات في مُختلف مجالات التّعاون المشترك وتقييم مساراته، واستشراف آفاق جديدة لتعزيزه وتطوير آلياته من أجل مزيد من النّجاعة والسّرعة، مُعربة في هذا الإطار عن الارتياح لما يشهده التعاون الثنائي بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، من ديناميكية إيجابية ونتائج مرضية، وما تحقّق من إنجازات ملموسة خلال الدورات السابقة للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية. 
 
واشادت رئيسة الحكومة بروح المسؤولية العالية والجدّية التي طبعت عمل مختلف اللجان القطاعية والفنية التحضيرية لهذه اللجنة، والتي عكست الإرادة المشتركة والصادقة لأعضاء وفدي البلدين من أجل تحويل التوصيات المنبثقة عنها إلى خطوات عملية حقيقية، مؤكّدة على أهمية المتابعة المتواصلة وتجسيم مختلف هذه التوصيات بما يُسهم في تطوير التعاون الثنائي في مجالات التجارة والطاقة والنقل والأمن وتنمية المناطق الحدودية وإدارة المياه والسّياحة والتعليم العالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وفي هذا الإطار، ثمِّنت مُخرجات اجتماع لجنة المتابعة برئاسة وزيري الشّؤون الخارجيّة للبلدين وبما خَلُصت إليه من توصيات واتفاقات وبرامج عمل جديدة سيتمّ التوقيع عليها، في ختام أشغال لجنتنا الكبرى المشتركة. كما نُثمن جهود فريق الخبراء من البلدين للإعداد الجيّد لهذا الاجتماع.
 كما نوّهت بالتنسيق والتشاور المتواصلين على المستوى الدّبلوماسي في ما يتعلّق بملفات التعاون الثنائي ومتابعة المستجدات الإقليمية والدولية، داعية إلى مواصلة هذا النسق البنّاء من التنسيق المشترك من خلال العمل على تجسيم التوافقات المشتركة ببرمجة اجتماعات وزارية قطاعية في المجالات ذات الأولوية للبلدين على غرار التجارة والأمن وتنمية المناطق الحدودية والطاقة والموارد المائية والنقل، ورفع توصيات عملية بشأنها إلى قيادتي الدّولتين، بما يُكرّس التنسيق الاستراتيجي الدائم بين البلدين الشقيقين خِدمةً لمصالحهما المشتركة.
 وثمنت الزنزري المستوى الرفيع الذي بلغه التعاون والتنسيق الأمني والعسكري بين البلدين، مؤكدة في هذا السياق الحاجة إلى مواصلة هذا التنسيق وتدعيمه بجهود تنموية متكاملة. فتنمية المناطق الحدودية وتوفير مقومات العيش الكريم لأهالينا في تلك المناطق يُمثّلان اليوم ركيزة أساسية لترسيخ الأمن والاستقرار وجسراً حقيقياً للتواصل الإنساني والحضاري، ودعامة متينة لتعزيز التعاون والتكامل والشّراكة المتضامنة بين تونس والجزائر في مواجهة التحدّيات المشتركة.
ومن جهة أخرى، اكدت على أهميّة مواصلة العمل المشترك لتجسيد المشاريع المتفق عليها بين الجانبين خلال الاجتماع الأول للجنة الثنائية التونسية الجزائرية لتنمية وترقية المناطق الحدودية، المنعقدة بالجزائر، بتاريخي 29 و 30 جانفي 2024، والعمل على خلق شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص بكلا البلدين للاستثمار بهذه المناطق، بِما يُتِيح استغلال ما تزخر به من إمكانيات طبيعية وطاقات بشرية لتحقيق تنمية تُسهم في رفع مستوى عيش أهالينا بها وتعزز شعورهم بالانتماء الوطني وتُحرّر طاقاتهم لكي يصبحوا عناصر فاعلة في العمل وخلق الثروة". 
 
أهميّة التبادل التجاري
 
وفي سياق آخر، قالت "إنّ تونس تعتبر الجزائر الشّقيقة شريكًا اقتصاديّا كبيرًا، علاوةً على مكانتها المتميّزة لدى الشعب التونسي وتؤمن بأن أمام بلدينا آفاق واسعة وفرص استثمار واعدة لتعميق التعاون الثنائي والارتقاء به إلى مستوى الشّراكة الاستراتيجية المنشودة، ممّا يقتضي مزيد من التنسيق والتكامل في الرؤى والجهود، وتكثيف العمل المشترك لتجاوز الصعوبات التي قد تعترض بعض القطاعات الحيوية، وفي مقدّمتها التجارة، بما يضمن انسيابية المبادلات التجارية وتطوير التعاون الاقتصادي"، مُشيرة  إلى "أهميّة التبادل التجاري القائم بين تونس والجزائر، والذي بلغ قيمة ما يُقارب 7740 مليون دينار تونسي في سنة 2024، فإنّه بإمكاننا تحقيق الأفضل بكثير عبر تكثيف الجهود المشتركة لرفع مختلف المعوّقات التي تحول دون انسياب التجارة البينية، والعمل على تبسيط الإجراءات الجمركية وتحسين البنية التحتيّة للمنافذ البريّة التجاريّة وتيسير انسياب السلع والخدمات بما يساهم في رفع حجم المبادلات التجارية ويُدعّم التعاون الاقتصادي كرافعة حقيقية للشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر".
 في هذا الإطار, شددت على ضرورة مواصلة المشاورات بين الجانبين واستكمالها في أقرب الآجال الممكنة، لدفع نسق المبادلات البينية عبر مراجعة الاتفاق التجاري التفاضلي بما يتماشى مع التطوّرات التي يشهدها اقتصادا البلدين ويساهم في تطوير الامتيازات التعريفية المتبادلة وتوسيع قائمة المنتجات المشمولة به، ويعزّز الانسياب التجاري بين البلدين لبلوغ هدفنا المشترك في إرساء شراكة اقتصادية استراتيجية أكثر عُمقًا وفاعلية.
كما ثمّنت التطّور المسجّل في حجم الاستثمارات الجزائرية النشطة في تونس حيث بلغ عدد المؤسسات الصناعية ذات المساهمة الجزائرية ثمانية عشر مؤسسة تنشط في مجالات متنوّعة، على غرار الصناعات الغذائية والميكانيكية ومواد البناء والنسيج والملابس والجلود. ورغم ما تحقق من مؤشرات إيجابية، فمازال القطاع في حاجة إلى مزيد من الجرأة الاستثمارية والتكامل الصناعي لتحقيق ما نصبو إليه من اندماج اقتصادي حقيقي.
ودعت في هذا السياق إلى عقد الاجتماع الحادي عشر للجنة المشتركة التونسية الجزائرية لتقييم ومتابعة التعاون الصناعي في أقرب الآجال الممكنة، إضافة إلى تفعيل البرامج التنفيذية المتفق عليها في إطار اتفاقات التعاون المبرمة بين المراكز الفنيّة التونسيّة و نظيراتها الجزائرية والانطلاق في بلورة تصّور لبرنامج تعاون نموذجي مشترك بين وكالة النهوض بالصناعة والتجديد كجهة مشرفة على الشبكة الوطنية لمحاضن المؤسسات التونسية و الهيكل المشرف على محاضن المؤسسات الجزائرية، يتمّ التركيز من خلاله خاصّة على عنصري ريادة الأعمال المجدّدة وريادة الأعمال النسائية.
واوصلت بالقول: "لا يفوتنا الإشادة في هذا الإطار، بالحصيلة الإيجابية للمنتدى الاقتصادي التونسي-الجزائري، الذّي توزعت أنشطته بين الأمس واليوم بمشاركة عدد هام من الفاعلين الاقتصاديين ورجال الأعمال من البلدين الشقيقين بما من شأنه أن يسهم في تعزيز دور القطاع الخاص في تطوير التعاون الثنائي من خلال مزيد تشبيك المصالح المشتركة وإرساء شراكات فاعلة ولا سيّما في القطاعات الواعدة كالصناعات التحويلية والطاقات المتجدّدة والتكنولوجيات الحديثة، بما يُساهم في خلق ديناميكية اقتصادية جديدة تُترجم في مشاريع واقعية تدعم التنمية وتعود بالنفع المباشر على الشعبين الشقيقين". 
 
التعاون الطاقي بين تونس والجزائر 
 
ومن جهة اخرى، اعتبرت ان التعاون الطاقي بين تونس والجزائر يكتسي أهمية استراتيجية، باعتباره أحد الركائز الحيوية للعلاقات الثنائية، مؤكّدة على أهمية إنجاح المفاوضات بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركة سوناطراك الجزائرية لمراجعة السعر التعاقدي لشراء الغاز بالنسبة للفترة الممتدة من سنة 2026 إلى سنة 2028 بما يتماشى مع استقرار الأسعار العالمية وتمكين بلادنا من كميّات فوق تعاقدية عند الحاجة.
كما شددت على أهميّة تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الطاّقات المتجدّدة والربط الكهربائي وتطوير بنية تحتية طاقية متكاملة، بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة ويعزز مكانة تونس والجزائر كشريكين أساسيين في هذا المجال الحيوي.
وفي هذا الإطار، دعت إلى عقد اجتماع اللّجنة المشتركة التونسيّة الجزائريّة للتعاون في مجال الطاقة التي لم تنعقد منذ سنة 2022.
كما قالت ان التعاون الثنائي في مجالي الأمن المائي والغذائي يُعدّ أحد أبرز محاور الشراكة بين تونس والجزائر، لما له من أهمية بالغة في ضمان استقرار منظومتينا الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التنمية العادلة والمتوازنة لشعبينا الشقيقين. فالتحديات المتزايدة المرتبطة بِنُدْرَةِ الموارد المائية والتحديّات المناخية وتقلّب الأسواق الغذائية تفرض علينا تكثيف التنسيق بين البلدين وتبادل الخبرات وتعزيز التكامل في إدارة الموارد الطبيعية والإنتاج الفلاحي. 
ومن هذا المنطلق، اكدت على ضرورة مواصلة العمل المشترك وتبادل المعلومات والتجارب في مجالات استغلال الموارد المائية المشتركة وإدارة المياه السطحية والتصرّف في مياه السدود وتطوير مشاريع فلاحية نموذجية، ودعم البحث العلمي والابتكار والاستثمار المشترك في مجال الأمن الغذائي، بما يسهم في تعزيز قدرة بلدينا على مجابهة الأزمات وتحقيق الاكتفاء الذاتي وترسيخ روح التضامن والتكامل بين البلدين.
كما افادت أنّ للتعاون السياحي دورًا هامًّا في دعم العلاقات الثنائية وتعزيز التقارب بين الشعبين الشقيقين. 
وفي هذا الإطار، قالت: "نسجّل بكل ارتياح النسق التصاعدي الذي تعرفه الحركة السياحية بين البلدين إذ سجلت تونس إلى حدود موفى شهر أكتوبر 2025 توافد ثلاثة ملايين سائحا جزائريا بنسبة ارتفاع بلغت 8.2% مقارنة بعدد الوافدين خلال نفس الفترة من سنة 2024، ممَّا يؤكد المكانة المميزة التي تحتلّها تونس لدى أشقائنا الجزائريين وعمق الروابط الأخوية بين الشعبين، ويجسّد النجاح المشترك ليصبح التعاون السياحي نموذجًا للتكامل والازدهار في الفضاء المغاربي... وإننا نتطلّع، في هذا السياق، إلى الارتقاء بالتعاون القائم في هذا القطاع إلى مستويات أرفع وأكثر شمولاً، من خلال تنويع مجالات الشراكة وتوسيع آفاقها لتشمل مختلف أنماط السياحة الثقافية والبيئية والعلاجية. كما نؤكد على أهمية تيسير تنقّل الزوّار بين البلدين وتطوير البنية التحتية والخدمات بالمعابر الحدودية، بما يجعلها نقاط جذب وتنمية مشتركة، إلى جانب تشجيع الاستثمار المشترك في مشاريع السياحة البديلة والعائلية والصحراوية وتعزيز تبادل الخبرات والتجارب في مجال التكوين السياحي، بما يرسّخ مكانة تونس والجزائر كوجهتين متكاملتين في الفضاء المتوسطي والإفريقي... ونؤكد في هذا الإطار على أهميّة تفعيل اللجان المشتركة الثنائية في مجالي السياحة والصناعات التقليدية وتطوير الإطار القانوني بين البلدين بما يسهم في تحويل الإمكانات السياحية المشتركة إلى مشاريع تنموية ملموسة ومستدامة ويضمن استغلالاً أَمْثل للمواد المتاحة وتحقيق قيمة مضافة للقطاع السياحي في البلدين."
 
أهمية تعزيز التعاون بين تونس والجزائر
 
وانطلاقا من أهمية تعزيز التعاون بين تونس والجزائر في المجالات الثقافية والرياضية والشبابية والتربوية، باعتبارها أساسية لترسيخ التقارب الإنساني وتعزيز الروابط الحضارية العريقة التي تجمع الشعبين الشقيقين، دعت إلى تطوير برامج عملية مشتركة في هذه المجالات، تُعنى بتشجيع المبادرات الشبابية وتعزيز التبادل بين الجمعيات والهياكل الرياضية في البلدين، بما يُسهم في توطيد روح الأخوة بين الأجيال الصاعدة، مُشددة على أهمية تكثيف الشراكات الأكاديمية وتبادل الطلبة والأساتذة والباحثين وإرساء مشاريع علمية مشتركة في مجالات الابتكار والتكنولوجيات الحديثة، إيمانًا منَّا بأنّ الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفة هو السبيل الأمثل لبناء مستقبل مشترك أكثر ازدهارًا ووحدة بين تونس والجزائر.
 
اعتماد مقاربة جديدة تُراعي خصوصية الروابط بين الشعبين
 
واعتبرت ان العلاقات الأخوية التاريخية التي تجمع شعبينا الشقيقين تؤكد على ضرورة إيلاء عناية فائقة بجاليتينا على مختلف الأصعدة، مضيفة: "ولعلّ من أوْكَدِ الأولويات اليوم الإسراع بتحيين اتفاقية الإقامة الموقّعة منذ سنة 1963، بما يتلاءم مع التحوّلات التي شهدتها تونس والجزائر وتطلعات مواطنِيهما، وذلك في اتجاه تحسين ظروف الإقامة وتنقيح الإجراءات ذات العلاقة بالتملّك والعمل ونقل الأموال والإقامة، فضلاً عن تيسير تنقّل الأشخاص والعمّال والطلبة والمستثمرين. كما ندعو إلى اعتماد مقاربة جديدة تُراعي خصوصية الروابط العائلية والاجتماعية بين الشعبين، بما ينعكس إيجابيا على ترسيخ أسس الشراكة والتكامل بين تونس والجزائر".
 
وقالت: "يُمثل التنسيق والتشاور المتواصل بين قيادتي دولتينا حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية رافدا أساسيا لمزيد تعزيز علاقاتنا الثنائية. وإنّنا ننوه في هذا الإطار بتطابق وجهات نظر بلدينا بخصوص عديد القضايا، مُذكرة في هذا السياق بموقف تونس الدائم والمبدئي والثابت الداعم للشعب الليبي حتى يتمكن من تحقيق طموحاته في إعادة الأمن والاستقرار في كامل ربوع ليبيا والحفاظ على سيادته في كنف الوحدة الوطنية والدّعوة إلى انتهاج الحوار السياسي سبيلًا أوحد للحلّ بين أشقّائنا اللّيبيين تحت الرعاية الأممية.
 ورحبت رئيسة الحكومة بمُخرجات الاجتماع الثلاثي الثّاني حول ليبيا المنعقد بالجزائر بتاريخ 6 نوفمبر 2025، والذي شكّل محطة هامة في مسار دعم الجهود الإقليمية الرامية إلى تعزيز الاستقرار في ليبيا ومساندة مسار الحلّ السياسي الشامل تحت رعاية الأمم المتحدة، مُؤكدة في هذا الإطار على أهمية تواصل النسق الحثيث لهذه الآليّة الدّبلوماسيّة لما تُتيحه من إطار تشاوري فعّال لتنسيق المواقف وتبادل الرؤى حول مجمل التطورات في ليبيا. 
وأعربت عن تطلعها إلى مشاركة جزائرية ومصرية فاعلة في الاجتماع الثلاثي القادم الذي ستستضيفه تونس في مطلع سنة 2026، تأكيدًا على وحدة المقاربة بين دول الجوار المباشر لليبيا ودورها المحوري في دعم الاستقرار الدائم فيها وتعزيز الأمن في المنطقة المغاربية والعربية.
 وأضافت: "نتطلع إلى أن يشمل التّنسيق الدّبلوماسي التّونسي الجزائري مُجمل المسائل المتّصلة بالواقع الإفريقي وما تقتضيه تحديّات المرحلة، بالإضافة إلى إحكام التّشاور حول التّطوّرات الجارية في الفضاء الأورومتوسّطي وما تتطلّبه من حلول تحفظ مصالح بلدينا الشّقيقين..
 
عبير الطرابلسي