في يوم إعلامي للاستراتيجية الوطنية للمترولوجيا
وزير التجارة: تحديث منظومات قياس الجودة لدفع الإنتاج الوطني وتحسين الصادرات
في خطوة تُعدّ مفصلية في مسار الجودة والتميّز الصناعي بتونس، نظّمت الوكالة الوطنية للمترولوجيا، أمس، بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يوماً إعلامياً خُصص لعرض ومناقشة الوثيقة التوجيهية لمشروع الاستراتيجية الوطنية للمترولوجيا في أفق 2035، وذلك تحت إشراف وزير التجارة وتنمية الصادرات، سمير عبيد.
ويأتي هذا الحدث في سياق التحولات المتسارعة التي تشهدها المنظومة الاقتصادية والتكنولوجية عالميا، وتسعى تونس من خلاله إلى ترسيخ علم القياس وممارساته — أي المترولوجيا — كدعامة أساسية للاستثمار المنتج، وحماية المستهلك، ومواءمة المنتجات الوطنية مع المعايير الدولية، تمهيدا لنقلة نوعية في بنية الجودة وتعزيز تنافسية الصادرات.
«المترولوجيا».. من المختبر إلى السوق
لم يعد علم القياس شأنا تقنيا محصورا في المختبرات، بل أصبح ركيزة استراتيجية للاقتصاد، وفق ما أكده وزير التجارة، سمير عبيد، في كلمته الافتتاحية. فالمترولوجيا، بما توفره من دقّة ومعايرة وتوحيد للمقاييس، تُؤسّس لشفافية المبادلات التجارية ونزاهة المعاملات، وتشكل خط الدفاع الأول عن سلامة المستهلك وصحة المواطن. كما تمثل لغة مشتركة بين المصنعين والمورّدين والمراقبين، تُزيل الالتباس في المواصفات، وتُقلّص من كلفة التحقق وتسوية النزاعات، وتفتح آفاقا واسعة أمام المنتجات التونسية للنفاذ إلى أسواق تشترط مطابقة صارمة للمعايير، وفي مقدّمتها الاتحاد الأوروبي.
مواكبة التغيّرات العالمية
تمتد الاستراتيجية الجديدة على الفترة 2020–2035، وقد بُنيت على ما تحقق من خبرات في خطة 2016–2020، مستندة إلى النجاحات السابقة ومعالجة لمواطن الضعف. وتتمحور حول ستة أهداف كبرى مترابطة، أبرزها: تعزيز البنية التحتية الوطنية للمترولوجيا باعتبارها العمود الفقري لمنظومة الجودة، وذلك عبر تحديث المختبرات، وحفظ المعايير الوطنية، وتطوير منظومات التتبع والاعتماد. كما تشمل تطوير البحوث والتطبيقات الصناعية من خلال دعم البحث التطبيقي، لتحويل المعرفة إلى حلول قياس تخدم خطوط الإنتاج وتُخفّض كلفة عدم المطابقة.
وتتضمّن محاور الاستراتيجية أيضا ضرورة الانفتاح على المستوى الدولي، عبر توثيق العلاقات مع المنظمات والاتفاقيات المرجعية، وتوسيع نطاق الاعتراف المتبادل بشهادات القياس والمعايرة. كما تشمل دعم الإعلام والاتصال من خلال تبسيط مفاهيم المترولوجيا للمؤسسات والمستهلكين، وتعميم ثقافة القياس السليم عبر حملات توعوية وبرامج تكوين موجهة. هذا بالإضافة إلى نقل المعرفة والخبرات عبر إنشاء مسارات تكوينية وشهادات مهنية، وربط الجامعات بالمخابر والمؤسسات الصناعية، إلى جانب تطوير المترولوجيا القانونية، من خلال تحديث الإطار التنظيمي وضمان مطابقة أدوات القياس في السوق، بما في ذلك الأجهزة الطبية، بما يضمن حماية الاقتصاد والمستهلك.
مقاربة تشاركية لتعزيز المصداقية والنجاعة
اعتمدت الوكالة الوطنية للمترولوجيا مقاربة تشاركية منذ انطلاق العمل على الاستراتيجية سنة 2020، جمعت فيها الوزارات، والمؤسسات العمومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، إضافة إلى الخبراء والباحثين والهيئات المهنية. وقد أتاحت ورشات النقاش وجلسات العمل بلورة رؤية مشتركة تعكس حاجيات السوق، وتستوعب متطلبات التنافسية. كما خضعت النسخة النهائية للاستراتيجية لاستشارة موسّعة شملت مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، بهدف صياغة توجهات وطنية واضحة تضع المترولوجيا في صميم السياسات العمومية المرتبطة بالجودة والصناعة والتصدير.
إنجازات تؤسّس للمرحلة المقبلة
استعرض وزير التجارة، سمير عبيد، جملة من المؤشرات التي تُظهر تطوّر القطاع في تونس على المستويات التشريعية والتنظيمية والتكنولوجية، مشيرا إلى وجود ما لا يقل عن 40 مخبر تعيير معتمد وطنيا ودوليا، إلى جانب مؤسسات صناعية متخصصة في تصنيع أدوات القياس وتركيبها وصيانتها. هذه القاعدة العلمية والتقنية مكنت الصناعة التونسية من دخول أسواق خارجية بفضل مطابقة المنتجات للمواصفات الدولية.
غير أن الوزير نبّه إلى تحديات لا تزال قائمة، من بينها تعدد المتدخلين في القطاع، والحاجة إلى مزيد من التوافق مع المعايير الدولية، وضرورة مواءمة الإطار القانوني مع التطورات العالمية، إلى جانب تعزيز الكفاءات، ومواكبة الثورة التكنولوجية التي تعيد تشكيل طرق القياس والمعايرة في مجالات مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والصناعات الدقيقة.
يوم إعلامي وحوار مفتوح لصقل الوثيقة
تميّز اليوم الإعلامي بمداخلات لممثلين عن الهياكل الوطنية وخبراء، تناولت أهمية الاستراتيجية ودورها في ترسيخ أنشطة القياس والمعايرة وحفظ المعايير الوطنية. كما فُتح باب الحوار لتبادل الرؤى حول أولويات التنفيذ وآليات التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية. وقد تم التأكيد على أن فعالية المنظومة تقوم على ثلاثة أبعاد متكاملة: كفاءة البنية التحتية للمترولوجيا، عمق التعاون الدولي والاعتراف المتبادل، وقوة الإطار القانوني والرقابي.
وفي هذا السياق، شدّد المتدخلون على ضرورة تحديث منظومات الاعتماد وتتبع القياسات، وتوسيع الشبكات المرجعية، واعتماد حلول رقمية تربط بين المخابر والمؤسسات الاقتصادية والهيئات التنظيمية.
من التخطيط إلى التنفيذ المرحلي
كشف الرئيس المدير العام للوكالة الوطنية للمترولوجيا، فتحي فضلي، في تصريح لـ«الصباح»، أن العمل على إعداد الاستراتيجية انطلق منذ سنة 2020، وأن الوثيقة التوجيهية عُرضت، أمس، على مختلف المتدخلين بمقر منظمة الأعراف لإثرائها، قبل رفع نسختها النهائية إلى الحكومة للمصادقة خلال العام الجاري.
وأكد أن اعتمادها سيكون مرحليا بداية من سنة 2026 وحتى أفق 2035، بما يتيح التدرّج في التنفيذ وتعبئة الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة.
وأوضح فضلي أن الاستراتيجية ترتكز على عناصر عملية تشمل: البنية التحتية للجودة، والنهوض بالمترولوجيا الصناعية، والإعلام والاتصال، ونقل المعرفة، وتطوير المترولوجيا القانونية. كما تعمل على دعم التحاليل والتجارب لضمان جودة المنتوجات، وتشجيع الاستثمار في المجال من خلال إحداث صندوق لتمويل الباعثين الشبان، بما يخلق منظومة ابتكار ناشئة حول القياس الدقيق وتطبيقاته الصناعية.
تحديث الإطار القانوني وتعزيز التنسيق
يحتل تطوير المترولوجيا القانونية موقعا مركزيا في الاستراتيجية. فمع تعدد المتدخلين، من وزارات وهيئات رقابية ومخابر عامة وخاصة، يُصبح التنسيق والتكامل ضرورة لضمان نجاعة الرقابة وتوحيد الإجراءات.
وتعتزم الاستراتيجية الجديدة العمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع أحدث التطورات والمعايير الدولية، بما في ذلك متطلبات الشراكات مع الاتحاد الأوروبي والتكتلات الاقتصادية.
كما تتجه إلى رقمنة مسارات التحقق الدوري لأجهزة القياس في الأسواق، واعتماد قواعد بيانات موحّدة، وإطلاق خدمات رقمية موجّهة للمؤسسات لتقليص الآجال والكلفة، وتعزيز الشفافية أمام المستهلكين.
البحث والتطوير والشراكات الدولية
تعوِّل الاستراتيجية على البحث التطبيقي لإيجاد حلول قياس تواكب الصناعة 4.0، والطب الدقيق، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية، والتكنولوجيات الطبية.
وترى الوكالة أن توسيع الشراكات مع المراكز الدولية والهيئات المرجعية سيمنح تونس اعترافًا أوسع بمعاييرها وشهاداتها، ما من شأنه اختصار زمن الوصول إلى أسواق جديدة.
كما أن الانضمام النشط إلى شبكات القياس الإقليمية والدولية سيمكّن من نقل الخبرات، وتعزيز قدرات الإسناد الوطني للقياسات الدقيقة، بما يشمل وحدات الزمن والتردد، والكتلة، والطاقة، والقياسات الكهربائية، والفيزيائية، والكيميائية، والبيولوجية.
رأس المال البشري.. رهان التكوين والاعتماد
لن يكتمل البناء دون استثمار طويل الأمد في المهارات. ولذلك، تضع الاستراتيجية نقل المعرفة في صلب أولوياتها، من خلال مسارات تكوين متخصصة، واعتماد كفاءات في مجالات محددة، وبرامج تدريب داخل المخابر الصناعية، وتشجيع الشهادات المهنية.
ويُرتقب أن تسهم هذه الجهود في سد فجوات المهارات، واستباق الطلب المتنامي على خبراء المعايرة والاختبار، وتمكين المؤسسات الصغرى والمتوسطة من فهم متطلبات المطابقة وتطبيقها بكفاءة، بما يرفع نسبة نجاحها في التصدير ويُقلّص من رفض الشحنات بسبب عيوب القياس.
تمويل الابتكار ودعم الباعثين الشبان
واحدة من الإضافات النوعية في الوثيقة هي إحداث صندوق لتمويل الباعثين الشبان في مجالات القياس والاختبار، بما يخلق حلقة وصل بين البحث الجامعي والطلب الصناعي.
هذا الصندوق يُمكن أن يموّل شركات ناشئة تطوّر أجهزة قياس ذكية، ومنصّات لمراقبة الجودة في الزمن الحقيقي، وخدمات معايرة متنقلة، وحلولًا تعتمد الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الاختبارات.
مثل هذا التمويل الموجّه يُعزّز المنظومة الوطنية للابتكار، ويخلق وظائف عالية التأهيل، ويُضاعف القيمة المضافة محليًا.
من رؤية إلى نتائج قابلة للقياس
إن اعتماد الاستراتيجية بشكل مرحلي بين 2026 و2035 يوفّر إطارًا عمليًا للتقييم الدوري، وتصحيح المسار، وتثمين النجاحات.
وسيتم تحديد مؤشرات أداء واضحة، تشمل: عدد المختبرات المعتمدة، وزمن الحصول على شهادات المطابقة، ونسبة الاعتراف الدولي بالشهادات الوطنية، ونسبة الأجهزة الخاضعة للتحقق الدوري، وحجم الاستثمارات في تقنيات القياس.
وكلها مؤشرات قابلة للقياس تعكس جوهر المترولوجيا الحديثة المتطابقة مع المعايير الدولية.
نحو اقتصاد موثوق بقوة القياس
تؤكّد تونس، من خلال هذه الاستراتيجية، أن المترولوجيا ليست مسألة تقنية فحسب، بل سياسة عمومية ذات مردود اقتصادي واجتماعي مباشر.
فـالقياس الدقيق يختزل الهدر، ويُعزّز التنافسية، ويحمي المستهلك، ويمنح الصناعة جواز عبور إلى الأسواق الأكثر تطلبًا.
ومع بنية تحتية قيد التحديث، وإطار قانوني في طور الملاءمة، وشراكات دولية آخذة في التوسّع، وتمويل موجّه للابتكار والشباب، تبدو الطريق ممهدة لترسيخ «ثقافة القياس» كعنصر مؤسّس لنموّ مستدام.
وبين 2026 و2035، سيكون على منظومة المترولوجيا الوطنية أن تُبرهن بالأرقام على قدرتها في تحويل الدقة إلى قيمة، والمعيار إلى ميزة تنافسية، والابتكار إلى فرص، في اقتصاد يزداد احتياجه إلى الثقة قبل أي شيء آخر.
سفيان المهداوي
————————
خلال الورشة الإقليمية حول الخبرة التونسية في إدماج التحويلات المالية
دور حيوي واستراتيجي للجالية في دعم الاقتصاد التونسي
* رئيس ديوان وزير الاقتصاد والتخطيط: التقديرات الأولية تشير إلى أن قيمة التحويلات خلال سنة 2025 ستبلغ نحو 7900 مليون دينار مبدئيًا
* مدير المكتب الإقليمي لشمال إفريقيا – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا: تجربة تونس في اعتبار التحويلات المالية بديلًا لتمويل التنمية المستدامة تُعد نموذجًا يُحتذى به في المنطقة وخارجها
أكّد رئيس ديوان وزير الاقتصاد والتخطيط، لطفي فرادي، أن تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج أصبحت اليوم موردا أساسيا لدعم احتياطي البلاد من العملة الصعبة. وفي عرضه لبعض المعطيات، أوضح أن تحويلات التونسيين بالخارج بلغت، خلال الأشهر المنقضية من سنة 2025، حوالي 7600 مليون دينار، مسجلة نسبة تطوّر بـ8.3 %.
وأضاف لطفي فرادي خلال الورشة الإقليمية لمناقشة وتبادل التجارب حول الخبرة التونسية في إدماج التحويلات المالية في المخطط الوطني للتنمية 2026–2030 كمصدر بديل لتمويل التنمية، التي نُظّمت أمس بتونس، أن وزارة الاقتصاد والتخطيط تقوم سنويا بإعداد وثيقة تحت عنوان «الميزان الاقتصادي السنوي»، تتضمن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، ومن بين مؤشراته تقديرات تحويلات التونسيين بالخارج، التي يُتوقع أن تنمو بنسبة 6.4 % سنة 2025. وفي السياق ذاته، أفاد فرادي بأن التقديرات الأولية تشير إلى أن قيمة هذه التحويلات قد تبلغ حوالي 7900 مليون دينار مع نهاية سنة 2025.
توظيف التحويلات في الاستثمار والإنتاج
وشدّد فرادي على ضرورة توظيف هذه التحويلات المالية لتصبح أداة فعالة في دفع التنمية، مشيرا إلى أن جزءا فقط منها يُخصّص لبعض الاستثمارات التقليدية، كاقتناء المساكن أو السيارات لعائلات التونسيين بالخارج. ورغم أهميتها، فإن التوظيف ما يزال محدودا في الجانب الاستهلاكي، مما دفع الدولة إلى إطلاق عدة مبادرات تهدف إلى تشجيع الجالية على توجيه تحويلاتهم نحو الاستثمار والإنتاج. كما أشار إلى وجود فرص استثمارية كبرى في تونس تتماشى مع اختصاصات الجالية، لا سيما في قطاعات الصحة والإعلام، حيث تمثل الكفاءات التونسية بالخارج رصيدا وطنيا ثمينا يمكن استثماره في دعم هذه المجالات، عبر تشجيعهم على بعث مشاريع واستثمارات في وطنهم.
الجالية التونسية «مورد استراتيجي»
واعتبر فرادي أن الجالية التونسية بالخارج تُشكّل موردًا استراتيجيًا لتونس، ليس فقط من خلال تحويلاتهم المالية، بل كذلك عبر ما تملكه من كفاءات وشبكات علاقات يُمكن أن تُسهم بفعالية في تنمية الاقتصاد الوطني، لاسيما عبر الاستثمار في المناطق الداخلية وأقاليمهم الأصلية، بما يجعلهم قاطرة للتنمية.
وأضاف أن استثمار التونسيين بالخارج في بلادهم يمثل فرصة استراتيجية حقيقية تتجاوز الجانب المالي لتجسيد شراكة تنموية شاملة بين الدولة وجاليتها، مشددًا على أن تفعيل هذه الإمكانيات يتطلب بناء مناخ من الثقة، وتهيئة بيئة قانونية واقتصادية محفزة، إلى جانب توفير المعلومة، التأطير، والمرافقة الضرورية.
التحويلات المالية كمصدر بديل للتنمية
وفي افتتاح أشغال ورشة العمل حول «تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج: الاستثمارات والمساهمة في تمويل التنمية في تونس»، والمنظمة بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، أكّد آدم الحريكة، مدير المكتب دون الإقليمي لشمال أفريقيا – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، أن هذه الورشة تندرج في إطار دعم تبادل التجارب والخبرات حول إدماج التحويلات المالية في المخطط الوطني للتنمية 2026–2030 كمصدر بديل لتمويل التنمية. وأضاف أن هذه التظاهرة تمثل فرصة لتقاسم التجارب وأفضل الممارسات بين الدول الأعضاء، بخصوص تعظيم مساهمة تحويلات الجاليات في التنمية.
وأوضح أن اللجنة أطلقت، في سنة 2024، برنامجًا إقليميًا لدعم الترابط بين الهجرة والتنمية في ست دول أعضاء: جزر القمر، كوت ديفوار، مصر، غانا، ليسوتو، وتونس. وتعكس هذه المبادرة التزاما مشتركا باعتماد مقاربة جنوب–جنوب ترتكز على التعاون وتبادل التجارب لتعزيز تسخير التحويلات المالية كمحرك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تقدّم على مستوى الحوكمة والتنسيق
وأشار الحريكة إلى أنه منذ اجتماع نوفمبر 2024 لإطلاق البرنامج، تم تسجيل تقدم كبير على مستوى تعزيز الحوكمة وتحسين التنسيق لإشراك الجالية التونسية. وتمثّل ذلك في تشكيل فريق عمل وطني تقني متعدد القطاعات، مع اعتماد بنود مرجعية واضحة وتحديد أولويات وطنية لتعزيز دور التحويلات في التنمية.
واستنادا إلى هذه الأسس، واصلت اللجنة تعاونها مع تونس طوال سنة 2025، وقدمت دعما فنيا لإدماج التحويلات المالية ضمن المخطط الوطني للتنمية 2026–2030، مع اقتراح إصلاحات على مستوى السياسات. وأكد أن الاعتراف الرسمي بالتحويلات كمصدر بديل لتمويل التنمية يمهّد الطريق نحو تعبئة مساهمات التونسيين بالخارج بشكل استراتيجي، وإدماجها في مسار التخطيط التنموي.
دور استراتيجي في الاقتصاد الوطني
واعتبر الحريكة أن تحويلات الجالية التونسية تُعد محركا استراتيجيا للنمو الوطني، حيث بلغت قيمتها في سنة 2024 نحو 8.2 مليار دينار، ما يعادل 6.5 % من الناتج المحلي الإجمالي. وقد واصلت التحويلات منحاها التصاعدي في سنة 2025، إذ بلغت نحو 5.79 مليار دينار مع نهاية أوت، أي بزيادة تناهز 8.2 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.
وبيّن أن هذا التطور يعكس بوضوح الدور الحيوي والاستراتيجي للجالية في دعم الاقتصاد التونسي، من خلال تمويل ميزان المدفوعات، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي، والمساهمة في سداد جزء من خدمة الدين الخارجي، فضلاً عن دعم الأسر.
وأكد أن الحكومة التونسية تُدرك هذه الإمكانيات، وتسعى إلى تطوير السياسات والأدوات الملائمة لتشجيع مشاركة الجالية واستثماراتها في الاقتصاد الوطني.
وفي كلمته، قال الحريكة: «نحن نناقش اليوم التحديات والفرص المتاحة أمام الجالية للاستفادة من مساهماتها في تحقيق التنمية المستدامة في تونس، في وقت تعرف فيه البلاد تراجعا في الموارد المحلية والاستثمار الأجنبي والمساعدات الإنمائية. ومن هنا، تبرز أهمية تنسيق الجهود مع أهداف التنمية المستدامة وتوظيف التحويلات كأداة فاعلة للتمويل.»
التزام بدعم تونس والدول الأعضاء
وختم الحريكة بالقول إن هذه الورشة، التي تمتد على يومين، تمثل مناسبة مهمة لمراجعة التقدّم المُحرز في تونس بشأن الاستخدام الأمثل لتحويلات الجالية في تمويل التنمية، من خلال إدماجها في المخطط التنموي الوطني القادم، وتحديد السياسات والإصلاحات المناسبة لتوجيه هذه التحويلات نحو الاستثمار. وشدّد على أن تجربة تونس تمثل نموذجًا يُحتذى به لبقية دول المنطقة وخارجها، مؤكدا أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا ملتزمة التزاما تاما بدعم تونس والدول الأعضاء في استثمار الإمكانيات الكاملة لتحويلات الجاليات كمصدر بديل ومستدام للتمويل.
جهاد الكلبوسي
—————————
————————
نحو استقبال نصف مليون سائح في 2026
السياحة البحرية التونسية تعود إلى الواجهة من جديد
عاد قطاع السياحة البحرية ليحتل من جديد مكانة بارزة ضمن المشهد السياحي التونسي، باعتباره أحد أعمدته الأساسية. وتطمح تونس إلى تحقيق أرقام قياسية. وفي هذا السياق، استقبل ميناء حلق الوادي، أول أمس الثلاثاء، باخرة سياحية كبرى تحمل على متنها 3247 سائحًا من جنسيات مختلفة، أغلبهم من المملكة المتحدة وإيطاليا.
وخلال فعاليات استقبال هذه الباخرة، صرّح سامي دبيش، المدير العام لمحطة الرحلات البحرية بميناء حلق الوادي، بأن هذه الرحلة تُعدّ الثالثة لهذه الباخرة ضمن سلسلة من الرحلات يبلغ عددها 40 رحلة، تمتد حتى سنة 2026، وستستقطب ما يقارب 140 ألف سائح.
وبفضل مجهودات الدولة والعديد من الأطراف المتدخلة في القطاع، نجحت تونس تدريجيًا في استعادة نسق قوي للسياحة البحرية. وقد أوضح المدير العام لمحطة الرحلات البحرية أن تونس تطمح إلى بلوغ 400 ألف سائح بحري مع نهاية سنة 2025، على أن يرتفع العدد إلى نصف مليون سائح بحري سنة 2026. كما تُخطط تونس، في أفق سنة 2028، إلى بلوغ مليون سائح في هذا الصنف، مبيّنًا أن البلاد تمكّنت من استقطاب أكثر من 200 ألف سائح بحري منذ بداية هذا العام وإلى حدود تاريخه، علماً بأن تونس شرعت في المحافظة على هذا القطاع منذ سنتين، حيث بلغ عدد السياح عبر الرحلات البحرية 55 ألف سائح سنة 2022.
وأشار إلى أن هذا النوع من السياح أصبح يُفضّل زيارة تونس خلال فصل الشتاء، بفضل تحسّن العوامل المناخية، لافتًا إلى أن الرحلات لم تعد تقتصر على الفترة الممتدة من أكتوبر إلى مارس، بل أصبحت تُنظم على مدار السنة عبر رحلات منتظمة. ومن المنتظر أن تستقبل تونس، اليوم الخميس 25 سبتمبر، رحلة بحرية جديدة قادمة من برشلونة (إسبانيا) في اتجاه إيطاليا، وهو ما يعكس تزايد نسق تدفق السياح نحو الوجهة التونسية.
واعتبر المدير العام لمحطة الرحلات البحرية أن من أبرز المؤشرات الإيجابية هو تنوّع الجنسيات التي باتت تستقطبها الوجهة التونسية، على غرار الصين والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ودول الخليج. وأشار إلى أن الرحلة القادمة سيكون نصف ركّابها من الجنسية الصينية، معتبراً أن هذه المؤشرات تبعث على الأمل وتؤكد أن تونس تسير بثبات نحو استعادة مكانتها كوجهة جاذبة في مجال السياحة البحرية على الخارطة العالمية.
تعدّد الموانئ البحرية
يُعدّ تعدّد الموانئ القابلة لاستقبال البواخر السياحية من العوامل الأساسية في تطوير قطاع السياحة البحرية وزيادة عدد الوافدين. وفي هذا الإطار، أوضح وكيل أسفار مختص في السياحة البحرية أن العديد من الموانئ التونسية تمتلك إمكانات تؤهلها لاستقطاب السياح، على غرار ميناء سوسة، وميناء صفاقس، وميناء قابس، الذي يمكن أن يكون نقطة انطلاق لزيارة منطقة جرجيس، خاصة أن ميناء جرجيس لا يمكنه استقبال البواخر الكبرى نظرًا لحجمها.
انتعاشة الصناعات التقليدية
أبرز المتحدث ذاته أن تنوّع الموانئ التي يمكن أن يصل إليها السائح البحري يُعدّ عاملًا مهمًا في انتعاش العديد من القطاعات الأخرى، من بينها قطاع الصناعات التقليدية، حيث يُقبل السياح البحريون على اقتناء المنتوجات الحرفية، مثل الزربية وغيرها.
وتُساهم السياحة البحرية في تطوير قطاعات خدمية متعدّدة، نظرا لأن البرنامج المُعدّ لاستقبال سياح «الكروازيير» يُعدّ برنامجا ناجحا، إذ يشمل زيارة المدينة العتيقة، ومنطقة سيدي بوسعيد، ومتحف باردو، عبر تنقلات منظمة بالحافلات، وقد وُصف هذا البرنامج بأنه «مدروس بدقة».
الانفتاح على مسارات ومسالك سياحية
غير كلاسيكية
يشكّل الانفتاح على مسارات سياحية متنوّعة حجر الأساس في جذب السياح نحو الوجهة التونسية عبر الرحلات البحرية. وفي هذا السياق، أشار أنس بوخريص، المندوب الجهوي للسياحة بتونس، إلى أن هناك استراتيجية جدية تهدف إلى جعل هذه المسارات أكثر تنوعًا، وغير تقليدية، بما يُتيح اكتشاف ما تزخر به مختلف الجهات التونسية من ثروات ومقوّمات سياحية، مثل ولاية بنزرت، وفخار سجنان المعروف عالميا، ومنطقة أوتيك، ومحمية إشكل، وذلك في إطار دعم السياحة البيئية وتحفيز الاكتشاف والتجربة.
درصاف اللموشي
———————
——————
رحيل كلوديا كاردينالي السينمائية العاشقة المتيمة بتونس
انتخبت سنة 1957 أجمل فتاة إيطالية في تونس
«أجمل إيطالية في تونس»، كان هذا أول لقب حملته سنة 1957 بعد فوزها بلقب ملكة الجمال في مسابقة انتظمت بتونس في تلك الفترة. إنها الممثلة الإيطالية التونسية المولد والنشأة، كلوديا كاردينالي التي غادرتنا أول أمس. رحلت كلوديا كاردينالي عن هذه الحياة يوم الثلاثاء عن سن تناهز 87 سنة وهي التي عاشت في مدينة حلق الوادي بالعاصمة، وتربت فيها وبين أزقتها وأنهجها وعرفت معنى جمال الوجود.
عاشت لتكتب انطلاقا من تلك الربوع الجميلة على مدى مسيرتها صفحات مضيئة في عالم الفن السابع. أحبت تونس وحلق الوادي بدرجة أولى مهد الصبا والطفولة...
هي كلوديا كاردينالي التي لم تقطع ولم تنقطع عن زيارة تونس.. يهزها حنين جارف إلى ربوع الصبا والطفولة فتهرول متجولة بين كل الأنهج والأزقة في حلق الوادي مستحضرة ذكريات وحكايات ومواقف.. كانت تعيش طفولتها بتلقائيتها وعفويتها في كل زيارة لربوع تونس الجميلة.
كلوديا كاردينالي التي استقرت بأرض الأب والأجداد في إيطاليا بعد مغادرة حلق الوادي انطلقت لتأثيث وتأسيس مسيرة سينمائية متفردة جعلت منها واحدة من أجمل وجوه الشاشة الكبيرة على مستوى العالم.
كانت الانطلاقة بالمشاركة في أفلام إيطالية التي مثلت لها الفرصة التي لا تعوض للكشف عن مواهبها في التمثيل السينمائي وكان النجاح والتميز السمة البارزة لكلوديا كاردينالي وهي في فترة الشباب والجمال، نجاح أهلها للوقوف أمام كاميرات أكبر مخرجي السينما في العالم المخرجين، لتكتب اسمها في ذاكرة السينما العالمية.
عديدة هي الأفلام التي برزت فيها كلوديا كاردينالي بجمالها الأخاذ وحرفيتها العالية وانصهارها الكبير في كل دور تؤديه ومن هذه الأفلام على سبيل الذكر لا الحصر والتي زادت في تألقها وعبدت طريق المجد السينمائي لها، «كلاريتا» ورائعة فيديريكو فيلّيني «فتاة الحقيبة»، وأثبتت حضورها القوي في فيلم «حدث ذات مرة في الغرب» لسيرجيو ليوني، و»القط الداكن» و»عالم السيرك» و»المأزق اللعين». كما تألقت في فيلم لوشينو فيسكونتي «الفهد» إلى جانب برت لانكستر وآلان دولون، وهو الفيلم الذي جعلها وجهاً فاتنا قويا استثنائيا في السينما الإيطالية في الستينيات.
ويحفظ التاريخ لكلوديا كاردينالي أنها لم تكن فاتنة الشاشة فحسب بل كانت ممثلة على درجة عالية من الحرفية والاتقان من خلال تنوع أدوارها من الدراما التاريخية إلى الكوميديا والرومانسية، تاركة وراءها رصيدا فنّيا يروي حكاية نجمة ولدت في تونس وطبعت السينما الأوروبية والعالمية.
ارتبطت كلوديا كاردينالي بتونس بشكل وثيق.. وكان لابد من الاحتفاء بهذا الوفاء لمبدعة سينمائية عالمية لم تغتر بنجاحها وتألقها فلم تتنكر لجذورها ولم تتجاوز طفولتها ولم تلق بذكرياتها في غياهب النسيان.
ففي 23 ماي 2022، كان الموعد مع النجمة العالمية كلوديا كاردينالي في مدينة حلق الوادي لحضور تدشين نهج يحمل اسمها في منطقة «صقلية الصغرى» التي كانت شاهدة على مولدها وصباها وطفولتها قبل الرحيل والعودة إلى إيطاليا.
وقبل هذا الموعد كانت لكلوديا كاردينالي مشاركة هامة في فيلم «صيف حلق الوادي» لفريد بوغدير، وقد حرصت الراحلة على المشاركة الشرفية في هذا الفيلم إكراما وتكريما للسينما التونسية، علما وأن الفيلم الذي أنتج في عام 1996 تدور أحداثه في صيف عام 1967 في تونس حول ثلاث فتيات مراهقات من عائلات مسلمة ومسيحية ويهودية يقررن القيام بمغامرات تضع عائلاتهن في اختبار صعب، وقد تزامنت الأحداث مع حرب 1967 بفلسطين والتي غادر على إثرها عدد كبير من اليهود، تونس. وكان فريد بوغدير قد قدم قبل هذا الفيلم فيلمه الأول الطويل «عصفور السطح» الذي كان قد فاز في عام 1990 بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية.
وبادر المخرج رضا الباهي بتوجيه الدعوة إلى الممثلة الراحلة كلوديا كاردينالي سنة 2019 للمشاركة كضيف شرف في فيلمه «جزيرة الغفران» الذي تدور أحداثه في جزيرة جربة في فترة ماقبل الاستقلال ويطرح قضية التسامح بين الأديان.
محسن بن أحمد
——————
———————
وحيدة الدريدي لـ«الصباح»:
«السيدة الوزيرة» إنتاجي المسرحي الجديد.. وأرفض تكرار أدواري في الدراما
❞ أدواري محدودة في السينما التونسية.. في التسعينات رفضت عروضا جريئة وشاركت في 12 فيلما أجنبيا والممثل هو الكبير لا الدور ❝
❞فخورة بمنجزي الثقافي في العبدلية فحديقتها الخلفية تحولت لفضاء طبيعي على الطراز الحفصي ❝
عبرت الممثلة وحيدة الدريدي عن اعتزازها بالمشاركة في مهرجان بغداد السينمائي بدعوة من نقيب الفنانين جبار جودي ومدير المهرجان حكمت البيضاني ضمن عضوية لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة قائلة في حديثها لـ«الصباح»: «هذه أول زيارة لي إلى العراق وقد شربت من نهر دجلة وعشت رحلة من الاكتشاف والمتعة لبلد غني ثقافيا وحضاريا، فالمسرح العراقي له جمهوره في تونس كما الأغنية العراقية ولكن زيارة البلد والمتابعة عن قرب للمشهد الفني كانت أكثر عمقا وخطوة نحو التعرف أكثر على صناع السينما في هذا البلد الشقيق».
وروت وحيدة الدريدي خلال لقائها مع «الصباح» حكاية أروى القيروانية ابنة قاضي القيروان التي وافقت على الزواج بجعفر المنصور شرط أن يكون الصداق القيرواني هو العقد بينهما ويفرض بموجبه عدم تعدد الزوجات لجعفر المنصور إلا بعد وفاة أروى القيروانية، وأكملت وحيدة الدريدي في ذات السياق أن المخطوطة الأصلية للصداق القيرواني موجودة بالمكتبة الوطنية، وبغداد فيها من روح واحدة من جداتنا أروى القيروانية وهذه القصة يمكن أن تتحول لعمل فني مشترك بين تونس والعراق كما غيرها من الحكايا الداعمة لثقافتنا المشتركة.
وعن تأثير الدراما على خياراتها الفنية وخاصة حضورها على مستوى الانتاجات المسرحية، أوضحت وحيدة الدريدي لـ«الصباح» أنها بالأساس ممثلة للمسرح ومنه ذهبت للشاشة الصغيرة والكبيرة ولكن يبقى المسرح العشق الأزلي، مشددة على أنها ترفض أن تكون رهينة لأحد ولا تنتظر تلقي دعوة لمسلسل أو شريط سينمائي، فالمسرح ملعبها وتتعامل مع الدراما التلفزيونية من منظور التجديد وإثراء رصيدها، وبالتالي تبحث عن الدور المحفز على مستوى الأداء لا لمجرد البطولة والظهور قائلة : «في رمضان المنقضي قدمت دورا في «وادي الباي» مساحته أًصغر من دور البطولة الذي رشحت له في نفس المسلسل وقبلت الدور الشرفي على حساب الدور الكبير من حيث المساحة لسبب جوهري وهو أني سبق وقدمته ولا أحب تكرار أدواري فالممثل هو الكبير وهو من يمنح للدور قيمته».
وقالت وحيدة الدريدي أن آخر أعمالها المسرحية «SDF» يعرض في فضاء السنديانة يوم 25 أكتوبر كما تشارك من خلاله في مهرجان للمسرح بالجزائر وتحديدا مدينة بجاية في أكتوبر المقبل، وكشفت أنها بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مونودراما «السيدة الوزيرة» مع المخرج زهير الرايس مضيفة في هذا الإطار: «بعد أن أكملت المشروع شعرت بالحاجة لمزيد من العمل على تفاصيله فاستنجدت بزهير الرايس لتجاوز بعض الهنات الصغيرة قبل تنظيم العرض الأول و«السيدة الوزيرة» كوميديا سوداء من نوع المونودراما ولكن ممكن أن نطور المشروع بمشاركة زهير الرايس في المسرحية».
وأفادت وحيدة الدريدي أنها تستعد كذلك إلى تقديم عمل جديد وهو مسرحية «إذاعة ما قلناش» موضحة أن تجاربها المسرحية تدفعها أكثر للإنتاج والإبداع ونفت أن تكون الشهرة التلفزيونية قد تدفعها لتقديم المسرح المنفرد (women show) واصفة هذا النوع بالاستعراضي ولا يتماشى مع خياراتها الفنية فالمونودراما وفقا لقولها حكاية متكاملة بممثل واحد على عكس الوان مان شو، عمل استعراضي يقدم في أي فضاء ولا يلتزم لا بديكور أو حركة وهو عبارة عن عمل فرجوي لا مسرح وتابعت: «لم أذهب للمونودراما لأن التلفزة منحتني الشهرة التي أشكر عليها الجمهور التونسي ولكن هذا النمط المسرحي يروي حكاية تلمسني، تعنيني وأقدمها بشغف».
وعن حضورها المحدود في السينما التونسية بينت وحيدة الدريدي في حديثها لـ«الصباح» أن في بداياتها كان لها خطوط وحدود خاصة وأنه في التسعينات اقترحت عليها أدوار جريئة في السينما فرفضتها وبعد ذلك لم تقدم لها عروض غير أنها شاركت في 12 فيلما أجنبيا وجسدت أدوارا تاريخية ومنها شخصية «السيدة مريم» وبقي الحضور في السينما التونسية محدودا إلى اليوم ومع ذلك سجلت حضورها في عدد من لجان التحكيم في السينما منها مهرجانات في إيران، والعراق، والمغرب، والجزائر وبمهرجانات تونس.
وعن إدارتها لفضاء العبدلية أكدت وحيدة الدريدي لـ«الصباح» فخرها بما أسمته بمنجزها الثقافي رغم التعب والمجهود الكبير لخلق حراك ثقافي وفني قائلة: «الحديقة الخلفية للعبدلية كانت مصبا للفضلات وأًصبحت حديقة غناء على الطراز الحفصي تمنح جمالية مميزة لهذا الفضاء الثقافي الذي قمت بتطوير مضامينه وبرمجته بعدد من التظاهرات منها ليالي الصوفية، وليالي الحكواتي، ونسمة خريف التي أعدت في خياراتها الفنانين الكبار للركح، وكذلك فعالية ليالي العبدلية، وتظاهرة فيلمي الأول بين العبدلية وباريس،و المصيف الثقافي والتكويني للشباب والأهم جذبت الفنانين خاصة من داخل البلاد والجهات والجمهور للعبدلية».
وعن مهرجان «فيلمي الأول» وأسباب إلغائه أوضحت وحيدة الدريدي أن هذا المشروع كان من اقتراح زهير لطيف وقد قدمت دورة وطنية في سنة 2019 بالعبدلية ثم في 2022 عقدت دورة دولية بمساندة دار تونس بباريس وحققت النسخة الدولية إشعاع ونجاحا في دورتين غير أن المهرجان مسجل باسم العبدلية وبالتالي مواصلته من عدمها مرتبط بالقائمين على هذا الفضاء الثقافي.
ووصفت وحيدة الدريدي المشهد الثقافي الراهن بسمة التميز على مستوى الكيف رغم قلة التجارب على مستوى الكم، واعتبرت البوادر الفردية هي المسيطرة على المشهد ومن الضروري اليوم في اعتقادها البناء والتأسيس لا هدم التجارب السابقة ورغم تفاؤلها بالجيل الشاب، وترى وحيدة الدريدي أن الداعمين لسياسة الهدم يرسمون مشهدا عبثيا وكأننا أمام حجر سيزيف (نصعد الحجر فيسقط على رؤوسنا) ودعت لدعم شباب الفن كما تم سابقا منح جيلها فرصة مشيرة في السياق لفنانين دعموا موهبتها على غرار محمد إدريس، ومحمد بن علي، وحليمة داوود، وعبد الحميد قياس، وسلوى محمد، وعزيزة بولبيار وغيرهم ..
جدير بالذكر أن وحيدة الدريدي ابنة الركح التونسي كتبت وأخرجت للمسرح وهي صاحبة تجارب تلفزيونية منحتها مكانة في ذاكرة محبي الشاشة الصغيرة ومن أشهر أعمالها «أولاد مفيدة» و«أولاد الغول» وهي حاضرة في أعمال مختلفة على مستوى الدراما والسينما ومن بين مشاركاتها مسلسلات «حسابات وعقابات»، و«أقفاص بلا طيور»، و«من أجل عيون كاترين»،و«تاج الحاضرة» وفي السينما «فاطمة» لخالد غربال» و«كلمة رجال» لمعز كمون» و«زريعة بليس» لمحمد خليل البحري.
نجلاء قموع
———————————
مع اقترابه من غزة المحاصرة..
الكيان الصهيوني يستهدف «أسطول الصمود».. وتنديد دولي
مع اقتراب «أسطول الصمود العالمي» المتجه نحو غزة المحاصرة والدخول في المنطقة الحمراء أي قبالة قطاع غزة، تزداد ضغوطات الكيان الصهيوني على السفن المشاركة في الأسطول بين تخويف وترويع واستهداف القصد منه إثناء المشاركين عن استكمال المهمة الإنسانية السامية والنبيلة وهي فك الحصار وإيصال المساعدات لملايين «الغزاويين» الذين يعانون منذ مارس الفارط 2025 من التجويع، ومن تدمير كلي لكل المنشآت منذ انطلاق الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وبعد استهداف أول، للكيان الصهيوني، لسفينتين تابعتين لأسطول الصمود راسيتين في ميناء سيدي بوسعيد ليلتي 9 و10 سبتمبر الجاري 2025 وهما سفينة «فاملي» التي تُعتبر الأكبر ضمن أسطول الصمود العالمي وسفينة «ألما» ثاني أكبر السفن، عن طريق إلقاء طائرات مُسيّرة لأجسام متفجرة أشعلت حريقا جزئيا على متن السفينتين المتواجدتين آنذاك في ميناء سيدي بوسعيد ، أعلن «أسطول الصمود» عن رفع حالة الحذر واليقظة الأمنية، بعد رصد مسيّرات مجهولة تحلق من مسافة قريبة فوق السفن وكان ذلك ليلة الأحد 21 سبتمبر 2025.
التهديدات لسفن أسطول الصمود كانت أكثر حدة ليلة أول أمس الثلاثاء 23 سبتمبر الجاري إذ أعلن «الأسطول» المتجه إلى قطاع غزة لكسر الحصار الصهيوني عن الفلسطينيين، صباح أمس الأربعاء 24 سبتمبر 2025، عن وقوع 12 انفجارا في 9 سفن تابعة له، جراء استهدافها بواسطة طائرات مسيّرة.
كما قال «أسطول الصمود المغاربي»، وهو جزء من «أسطول الصمود العالمي» حتى الآن: 12 انفجارا استهدفت 9 سفن مختلفة تابعة لأسطول الصمود العالمي عن طريق مسيّرات».
وأضاف أن هذه الانفجارات مرّت «دون وقوع أضرار بشرية.. الجميع بخير وسفننا تتقدّم مجتمعة ثابتة نحو غزة».
وقد حذر «أسطول الصمود العالمي»، أمس الأربعاء من التصعيد الإسرائيلي ضد المشاركين فيه حيث كتب «تحذير: صعّدت إسرائيل هجماتها الخطيرة على أسطول الصمود العالمي قبل أيام من وصوله إلى غزة».
وحذر من أن الانفجارات وهجمات الطائرات المسيّرة الكثيفة وتشويش الاتصالات تنذر بهجوم إسرائيلي محتمل على أكثر من 500 متطوع مدني.
وقد أفاد نبيل الشنوفي أحد أعضاء اللجنة المنظمة لأسطول الصمود في تصريح إعلامي أنّ الاستهداف كان للسفن الشراعية في محاولة لكسر وحرق الأشرعة وقد تعرضت سفينة واحدة للضرر لكنها تواصل الإبحار، وسط محاولات لإصلاحها.
كما شدد بالقول «هي حرب نفسية وترهيب لكن ذلك لن يثنينا عن مواصلة الرحلة لكسر الحصار عن غزة».
وفي إطار الحرب الإعلامية نشرت وزارة الخارجية الصهيونية وعدد من الصفحات ووسائل الإعلام التابعة للكيان صوراً لعضوي تنسيقية «أسطول الصمود المغاربي» والهيئة التسييرية لـ«أسطول الصمود العالمي»، وائل نوار ومروان بن قطاية، متهمة إياهما بالانتماء لحركة «حماس»، وهو ما يمثل تهديداً صريحاً لهما بالاستهداف، إما بالقصف أو بالأسر المطول.
حيث أكد «أسطول الصمود المغاربي» في بيان أن هذه الادعاءات ليست سوى محاولة لتشويه الأسطول وإرباكه وإيجاد مبررات للاعتداء عليه، وأن وائل نوار ومروان بن قطاية معلوما الانتماء كمناضلين سياسيين ومدنيين يؤمنان بالحق الفلسطيني، ولا علاقة لهما بأي فصيل أو نشاط مسلح. وليس خافياً أن توجيه هذه التهمة إنما يهدف إلى ترهيب الأسطول، والإعداد لاستهدافه، والتشفي من قيادييه.
وأعلنت الهيئة المغاربية لأسطول الصمود عن تضامنها التام مع جميع المشاركين وقيادات أسطول الصمود، وتدعو الشعوب المغاربية والعربية والعالمية لإظهار دعمها واستعدادها لحماية الأسطول واعتماد كل النضالات التصاعدية في حال تم المساس به. كما دعت الحكومات والهيئات الدولية للتحرك من أجل الضغط على الكيان الصهيوني للتراجع عن مزاعمه المتعلقة باستهداف الأسطول.
وللإشارة حذّرت حكومة الكيان، الاثنين الفارط، من أنها لن تسمح لـ«أسطول الصمود العالمي» المتّجه إلى غزة والمحمّل بالمساعدات، بخرق الحصار المفروض على القطاع المحاصر.
وقالت وزارة الخارجية الصهيونية في بيان:«لن تسمح إسرائيل للسفن بدخول منطقة قتالية نشطة، ولن تسمح بخرق الحصار البحري القانوني»، متهمة حركة «حماس» بتنظيم رحلة الأسطول خدمة لأغراضها». وأوضحت الوزارة أن «السفن يمكن أن ترسو في ميناء عسقلان».
ردود فعل دولية
استهداف سفن «أسطول الصمود» أثار ردود فعل دولية حيث دعت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة أمس الأربعاء، إلى وضع الهجمات على الأسطول على جدول أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حاليا.
كما دعت الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى «اعتماد قرار يعالج هذه الانتهاكات الجسيمة»، وعلى وجه الخصوص جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولاسيما تلك التي لديها رعايا على متن سفن «أسطول الصمود العالمي».
كما طالبت اللجنة «بضمان وتسهيل الحماية الفعالة فوريا للأسطول، بما في ذلك المرافقة البحرية، وبمراقبين ودبلوماسيين معتمدين، ووجود علني ودولي للحماية».
وشددت على أنه «يجب وقف الإبادة والتجويع، وأن يسمو القانون والإنسانية».
ومن جانبه أدان وزير الدفاع الإيطالي، أمس الأربعاء 24 سبتمبر الجاري، الهجوم الذي استهدف أسطول الصمود المتجه لكسر الحصار على قطاع غزة.
وأعلن الوزير أنه أصدر توجيهاته لسفينة تابعة للبحرية الإيطالية بالتحرك فورًا نحو موقع الأسطول لتقديم المساعدات اللازمة.
وفي سياق متصل قال القيادي في حركة «حماس»، محمود مرداوي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب «جريمة إرهابية» إثر استهدافه أسطول الصمود أثناء إبحاره في المياه الدولية باتجاه قطاع غزة.
وأضاف مرداوي في تصريح صحفي، إن «الهجوم شكّل تهديداً مباشراً للنشطاء المشاركين على متن السفن، ومنع وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان القطاع المحاصر».
ودعا القيادي المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري من أجل حماية النشطاء ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتكررة، التي وصفها بأنها سياسة ممنهجة لتشديد الحصار على غزة».
وأدانت «حماس» في بيان، استهداف طائرات مسيرة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي لعدة سفن من أسطول الصمود العالمي أثناء إبحارها في المياه الدولية، معتبرة ذلك «إرهابا وسلوكا خطيرا يمهّد لاعتداءات أشد على الناشطين والسفن المشاركة في المهمة الإنسانية».
وقالت الحركة في بيانها إن هذا الهجوم يهدف إلى ثني المشاركين في الأسطول عن أداء رسالتهم الإنسانية المتمثلة في محاولة إيصال المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي يعاني من حصار مشدد وحملات «إبادة وتجويع ممنهجة».
دعوات أممية
ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والهيئات الأممية إلى «إدانة هذه الجريمة» واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية الأسطول وطاقمه، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين في القطاع.
وللإشارة كان وزراء خارجية 16 دولة قد عبروا، في بيان مشترك يوم الثلاثاء 16 سبتمبر الجاري 2025، عن قلقهم إزاء أمن «أسطول الصمود العالمي» المتوجه إلى قطاع غزة، محذرين من أي اعتداء عليه.
وقد أمضى على البيان المشترك كل من تركيا وقطر وسلطنة عمان وسلوفينيا وجنوب إفريقيا وإسبانيا وبنغلاديش والبرازيل وكولومبيا وإندونيسيا وأيرلندا وليبيا وماليزيا وجزر المالديف والمكسيك وباكستان، إذ أكدوا أن هدف الأسطول إيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة ورفع مستوى الوعي بالاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب الفلسطيني إلى جانب الدعوة لوقف العدوان الصهيوني على غزة، وهي أهداف تتطابق مع مواقف الحكومات الموقعة، إضافة إلى تمسكها بمبادئ القانون الدولي بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، كما دعوا الكيان الصهيوني إلى «الامتناع عن أية أعمال غير قانونية أو عنيفة ضد الأسطول»، مشددين على «ضرورة احترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي»، معتبرين أن أي انتهاك للقانون الدولي أو حقوق الإنسان الخاصة بالمشاركين في الأسطول، بما في ذلك الهجمات على السفن في المياه الدولية أو عمليات الاحتجاز غير المشروعة «سيؤدي إلى المساءلة».
حنان قيراط
———————
عضو المجلس المركزي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري لـ«الصباح»:
توفير كمية قياسية من البذور.. والأمطار تبشر بموسم فلاحي واعد
استبشر المزارعون بما تم تسجيله في الفترة الأخيرة من تساقطات بكميات متباينة شملت تقريبا كل ولايات الجمهورية، ووصف حمادي البوبكري عضو المجلس المركزي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، هذه التساقطات في تصريحه لـ«الصباح» قائلا:»بأنها أمطار خير جاءت في توقيت مناسب تساعد الفلاح في تحضير أرضه للبذر وتبشر بانطلاقة ملائمة لموسم الزراعات الكبرى».
ويعول الفلاح كثيرا على انطلاقة الموسم، وبقدر ما يكون موفقا في البذر والمداواة يكون الحصاد وافرا. وكشف حمادي البوبكري في نفس التصريح لـ«الصباح» أنه تم توفير رقم قياسي من كميات البذور. وقال: «لأول مرة منذ الاستقلال يتم وضع 700 ألف قنطار من البذور على ذمة الفلاحين وهو أمر إيجابي للغاية بالنسبة للموسم».
لكن في نفس الوقت بين عضو المجلس الوطني لاتحاد الفلاحة أن «النقطة السوداء هو الغياب الكلي للأسمدة وخاصة منها مادة «دي ا بي» (DAP) التي يعتمدها المزارعون مع انطلاقة الموسم وهي ضرورية للنبتة في بداياتها، فهي التي ستحمي «السبولة» وفق تفسيره. كما عبر حمادي البوبكري عن قلقه إزاء هذا النقص الكبير في الأدوية والمبيدات، والذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية ويخلق نوعا من الاحتكار في مسارات بيعها.
آما بالنسبة إلى إمكانيات التوجه نحو توسيع المساحات المزروعة من الحبوب خلال موسم 2025-2026، فقال البوبكري «إن المساحات المزروعة هي نفسها تقريبا سنويا وتتراوح بين المليون ومليون و200 هكتار، ومسألة التوسيع من عدمه تبقى في ارتباط بحجم التساقطات الخريفية في جنوب سليانة وكسرى ومكثر والروحية وجنوب ولاية الكاف الدهماني وقلعة سنان..، ونفس الأمر لمنطقة شمال باجة على غرار منطقة قبلاط وعمدون..، فالفلاح في تلك المناطق يخشى البذر دون أمطار ولذلك تكون التساقطات في هذا الوقت بالذات محفزا ومشجعا له على البذر.
ورغم اتصالها المتكرر بوزارة الفلاحة، لم تتحصل «الصباح» على أي معطى في خصوص توفير الأدوية من «الأمونيتر» و«دي أ بي»، مع العلم أنه منذ سنوات تعرف مواسم الزراعات الكبرى صعوبات في التزود بالأدوية ما شكل في أكثر من مناسبة مشكلا لدى المزارعين وخلف أضرارا في محاصيلهم.
وللإشارة نشرت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري نهاية الأسبوع الماضي تقييما لموسم 2024/2025، ذكر خلاله الوزير أن الموسم قد شهد بذر مساحة جملية قدرها مليون هكتار، وأنّ كميات الحبوب المجمّعة بمراكز التّجميع على المستوى الوطني بلغت حوالي 12 مليون قنطار منها 11.3 مليون قنطار حبوب استهلاك وحوالي 0.7 مليون قنطار بذور ممتازة، متجاوزة بذلك معدل الكميات المجمعة خلال الخمس سنوات الأخيرة سواء بالنسبة لحبوب الاستهلاك أو البذور، مبيّنا أن تطوير قطاع الحبوب في تونس يستلزم تطوير زراعة الحبوب المروية التي تتميز باستقرار إنتاجها نسبيا، حيث تمكّن من ضمان حد أدنى من الإنتاج وتساهم في تقليص تذبذب الإنتاج الوطني من الحبوب والتخفيض من الواردات.
وأكد من جانبه، مدير عام البنك الوطني الفلاحي الدّور المحوري الذّي يلعبه البنك في دعم منظومة الحبوب، مبيّنا أنّ البنك خصّص لموسم 2024-2025 تمويلات جملية بقيمة 120 مليون دينار لفائدة 4000 فلاح، منها 97 مليون دينار تمويلات مباشرة لفائدة 1300 فلاح و23 مليون دينار عبر آليات التمويل الثلاثي ومتعهد القرض لفائدة 2700 فلاح. وقد بلغت تمويلات التجميع خلال موسم 2024/2025، 1791 مليون دينار لفائدة مجمعي الحبوب وهياكل التخزين.
وبالنّسبة للاستعدادات لموسم 2025/2026، أكّد أنّه تمت برمجة بذر 1.155 مليون هكتار كما تمّ ضبط حاجيات الأسمدة الكيميائيّة اللاّزمة، مؤكّدا على عزم البنك المتواصل للرّفع من قيمة التمويلات المبرمجة لموسم 2025-2026 لتبلغ 140 مليون دينار لفائدة 4700 فلاح.
فيما أكّد المدير العام للبنك التونسي للتّضامن أنّ تدخّلات البنك في الموسم الحالي تتمثّل في الإجراءات التالية، أوّلا التّرفيع في حجم الاعتمادات المخصّصة للحبوب من 24 مليون دينار إلى 30 مليون دينار. وثانيا التّرفيع في سقف التمويلات المخصّصة لهذه القروض من 60 ألف دينار إلى 100 ألف دينار، فضلا عن التّرفيع في سقف القروض المسندة عن طريق الجمعيات والمخصّصة للحبوب من 5 آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار، كذلك حذف السّن القصوى المحدّدة سابقا بـ 65 سنة في شريحة الفلاّحين كبار السّن.
كما أضاف أنّه سيتمّ إبرام 10 اتّفاقيات مع المجمّعين الخواص، بالإضافة إلى الاتفاقيات المبرمة مع 5 مجمّعين السّابقين، واتفاقيتان مع التّعاضديات المركزيّة CCGC و COCEBLE.
وبخصوص ديون الفلاّحين مع البنك، أكّد المدير العام أنّ البنك سيعمل على إعادة جدولة الدّيون بالنّسبة للفلاّحين الذّين يمرون ببعض الصّعوبات الظّرفيّة، وذلك عن طريق لجنة ستعقد في الغرض لدراسة الملفّات ملف بملف.
ريم سوودي
———————
تحسن في الكمية والنوعية
توقعات بصابة تمور واعدة
ينطلق موسم التمور مع بداية شهر أكتوبر القادم، وحسب توقعات الفلاحين وممثلي وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، من المنتظر أن يكون موسما «واعدا». فالمؤشرات الأولية تعتبر ممتازة وتبشر بكل خير خاصة من ناحية الجودة حسب تصريح رئيس مصلحة حماية النباتات مكلف بتسيير الإنتاج النباتي بالمندوبية الجهوية للفلاحة بقبلي محمد عبد اللطيف.
مضيفا أنه على الفلاحين التسريع في التغليف لحماية صابة التمور من الأمطار والرطوبة ودودة التمر وعنكبوت الغبار، مؤكدا أن الناموسية عامل مهم للحفاظ على جودة المنتوج.
في نفس الوقت، يتوقع توفيق التومي فلاح من ولاية قبلي ومسؤول سابق باتحاد الفلاحين، أن هذا الموسم سيكون أفضل من الموسم الفارط سواء من ناحية الكمية أو النوعية، لكن أشار في تصريحه لـ«الصباح» إلى أن الفلاح بصدد مواجهة صعوبات في الحصول على الناموسية والبلاستيك لحماية صابته من التمور، في وقت يستوجب التسريع بوضعها أمام بشائر واضحة بخريف ممطر. ويوضح التومي أن المندوبية الجهوية للفلاحة أقرت مسارات جديدة للحصول على هذه المواد (البلاستيك والناموسية) ما أدى إلى تعقيد الإجراءات وتمطيط مدة الحصول عليها.
وفي انتظار الإعلان الرسمي على حجم الصابة لعام 2025-2026، تم تقدير صابة التمور بولاية قبلي التي تحتل المرتبة الأولى وطنيا وتحتكر وحدها ثلثي الصابة أو أكثر، بحوالي الـ 270 ألف طن أي بزيادة بنحو الـ20 ألف طن بالمقارنة مع الموسم الفارط، وستحافظ توزر ثاني منتج للتمور على نفس معدلات إنتاج السنة الفارطة المقدر بنحو الـ 62 ألف طن، كما من المنتظر أن تبلغ صابة التمور في ولاية قفصة للموسم الجاري حوالي الـ 15 ألف طن وهي تقريبا نفس الكمية التي سجلتها السنة الفارطة حسب المندوبية الجهوية للفلاحة بقفصة.
وللإشارة، يواجه الفلاحون إشكاليات ومشاكل في ترويج صابتهم من التمور، حيث أفاد توفيق التومي أن الإنتاج الذي يتم تجميعه في نفس الوقت يواجه سنويا مشاكل وإشكاليات في الترويج. وحتى مع تركيز المجمع المهني المشترك للتمور لم يتغير واقع الحال كثيرا أين تواصلت مشاكل التخزين وإيجاد مسارات ترويجية منصفة كما أن الفلاح يجد نفسه في كل موسم وحيدا، أمام سماسرة الترويج واستغلال المصدرين.
وللتذكير شهدت صادرات التمور التونسية خلال الـ 11 شهرا الأولى من الموسم الفارط 2024-2025، تراجعا طفيفا في الكميات المصدرة بلغت الـ 6 % مقارنة بنفس الفترة من الموسم الذي سبقه 2023-2024.
وبلغت كميات التمور المصدرة، وفق المرصد الوطني للفلاحة، قرابة 140.5 ألف طن، وقد استحوذت دقلة النور على إجمالي الصادرات بحصة قاربت 83.6 %.
وسجلت صادرات التمور، تراجعا على مستوى القيمة قاربت 3.8 % ووصلت الإيرادات التصديرية إلى نحو 841 مليون دينار وقد شكلت دقلة النور قرابة 93.3 % من هذه الموارد المالية.
وبلغ معدل السعر المسجل، خلال الأشهر 11 الأولى من موسم التمور قرابة 6.37 دينار لكل كيلوغرام في حين بلغ سعر دقلة النور 7.10 دينار لكل كيلوغرام.
وبلغت صادرات التمور البيولوجية، 8.3 آلاف طن بقيمة ناهزت 73.2 مليون دينار وقد تم تسجيل تراجع في الكميات المصدرة بنسبة 2.7 بالمائة وتقلص في العائدات بنسبة 20.6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من الموسم الفارط.
ريم سوودي
—————————
———————————
منها النظام الأساسي للإطارات المسجدية..
37 مبادرة تشريعية على مكتب لجنة تنظيم الإدارة
سيجد نواب لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد خلال الدورة النيابية القادمة أنفسهم في سباق مع الزمن نظرا لتراكم المبادرات التشريعية المحالة على أنظار هذه اللجنة، ليصل عددها الجملي إلى 37 مبادرة منها مقترح قانون يتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية. ويتضمن هذا المقترح 12 فصلا تم توزيعها على خمسة أبواب وهي: الأحكام العامة، والانتداب والتكوين، والحقوق والواجبات، والمخالفات والعقوبات، والأحكام الانتقالية والختامية.
وجاء في وثيقة شرح أسباب مقترح هذا القانون أن الإطار المسجدي يلعب دورا محوريا في توجيه الخطاب الديني وترسيخ قيم الاعتدال والتسامح وهو عنصر أساسي للحفاظ على السلم الاجتماعي وتعزيز الهوية الوطنية التونسية، ورغم ذلك مازال هذا القطاع يعاني من غياب إطار قانوني واضح وشامل ينظمه ويحمي حقوق الإطارات المسجدية ويوفر لهم وضعية مهنية مستقرة من شأنها أن تساهم في تحسين جودة الأداء والنهوض بدورهم في المجتمع.
وأشار أصحاب المبادرة التشريعية في نفس الوثيقة المصحوبة بمقترح القانون إلى أن الإطار القانوني المعمول به حاليا يتمثل في القانون عدد 33 لسنة 1988 المتعلق بتنظيم المساجد والجوامع إلى جانب الأوامر والقرارات الوزارية التي تضبط شروط التعيين والأجور خاصة الصادرة منها عن وزارة الشؤون الدينية. وبينوا أن المنشور الوزاري عدد 15 لسنة 2014 يعتبر بدوره مرجعا لتحديد شروط تعيين الأئمة والخطباء وقد تم التركيز فيه على المؤهلات العلمية والنزاهة، ولكن رغم كل هذه النصوص فإن النظام القانوني الحالي يفتقر إلى قانون أساسي موحد يضمن حقوق الإطارات المسجدية بشكل واضح ويضع آليات شفافة للانتداب والتكوين والتقييم والتدرج الوظيفي وهو ما يؤدي إلى تفاوت في الحقوق المهنية واستمرارية الهشاشة في العقود وظروف العمل.
وأضاف أصحاب المبادرة أن الوضعية المهنية للأئمة والخطباء والمؤذنين والقيمين تتسم بالهشاشة، إذ يتم تعيين العديد منهم بعقود وقتية أو غير مستقرة ولا تكون هذه العقود في أغلب الأحيان مرفقة بتغطية اجتماعية كاملة أو ضمانات التقاعد، كما يعاني هؤلاء من ضعف الأجور فضلا عن عدم توفر سلم وظيفي محدد، الأمر الذي يؤثر على استقرارهم المهني والتزاماتهم، أما القيمين والمؤذنين فإنهم غالبا ما يعملون بعقود وقتية هشة أو بصفة متعاون. وبالنسبة إلى المنح فهي ضعيفة جدا وتتراوح في بعض الحالات بين 150 إلى 400 دينار شهريا فضلا عن حرمانهم من التمتع بالضمانات القانونية من تأمين وتقاعد وعطلة سنوية.
وحوصل أصحاب المبادرة التشريعية المشاكل التي يعاني منها الإطارات المسجدية في النقاط الآتي ذكرها: الهشاشة الوظيفية والمالية، وعدم التمتع بعقود عمل قار وسلم وظيفي واضح، وغياب نظام ترقية أو هيكلة إدارية مهنية، والتسييس أو التوظيف الأئمة لأغراض إيديولوجية. وبينوا أن التسيس الذي ظهر في فترات تاريخية يظل عقبة أمام استقلالية الخطاب الديني وحياده. وخلصوا إلى وجود فراغ تشريعي نظرا لعدم سن قانون موحد خاص بالمسار المهني للإطارات المسجدية. كما لاحظوا في بعض الجهات وجود بلديات أو جمعيات تسيطر على بعض المساجد دون إشراف مركزي كاف، فضلا عن نقص في التكوين وغياب آليات تقييم موضوعية وشفافة.
وتطرق أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح الأسباب إلى دواعي تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية وهي الآتي ذكرها: الحاجة إلى توفير إطار قانوني شامل ومنصف يضمن الحقوق المهنية والاقتصادية لهذه الإطارات، وتعزيز الاستقرار الوظيفي وتحسين ظروف العمل بما ينعكس إيجابيا على جودة الخطاب الديني، وبناء نظام شفاف وعادل للانتداب والتكوين والتقييم يضمن كفاءة الأداء والالتزام بالقيم الوطنية، والتصدي للهشاشة المهنية والتشغيلية وتوفير الحماية الاجتماعية الكاملة، ودعم دور الإطارات المسجدية كركيزة أساسية في حفظ السلم الاجتماعي، وترسيخ قيم الاعتدال والوسطية.
نظام أساسي
ويهدف مقترح القانون المتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية حسب ما نص عليه فصله الأول إلى تنظيم الوضعية القانونية والمهنية للإطارات المسجدية في تونس وضبط حقوقهم وواجباتهم وآليات الإشراف والتكوين والتأطير الإداري والديني.
وتم تخصيص الفصل الثاني من مقترح هذا القانون للتعريف بالمفاهيم، ومنها الإطارات المسجدية، والمقصود بها الإمام الخطيب وإمام الخمس والمؤذن والقيم والقيم الأول وكل من يمارس وظيفة دينية قارة في الجامع أو المسجد. وتم تعريف المسجد بأنه كل فضاء مخصص للعبادة وتحت إشراف الدولة.
وفي ما يتعلق بشروط الانتداب، فقد نص الفصل الثالث من المبادرة التشريعية على أنه يشترط في المترشح لوظيفة من وظائف الإطارات المسجدية: الجنسية التونسية، وحسن السيرة والسلوك، ومستوى تعليمي لا يقل عن البكالوريا، على أن يتم منح الأولوية للحاصلين على تكوين ديني أو جامعي في العلوم الشرعية وهناك شرط آخر نص عليه نفس الفصل وهو اجتياز اختبار كتابي وشفاهي تشرف عليه لجنة مختصة تابعة لوزارة الشؤون الدينية.
وبخصوص التكوين، فقد ألزم الفصل الرابع الدولة بتوفير برامج تكوين مستمر للإطارات المسجدية في مجالات الفقه والعلوم الشرعية والتواصل والخطاب الديني المعتدل والقانون والإدارة الدينية.
في حين ضبط الفصل الخامس من مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد إجراءات التسمية حيث يتم تعيين الإطارات المسجدية بقرار من وزير الشؤون الدينية وفق قاعدة الانتداب في الوظيفة العمومية، ويمكن تصنيفهم حسب سلم وظيفي يتضمن: متربص، مباشر، متقدم، موجه، أول.
أما الفصل السادس من المبادرة التشريعية فيتعلق بالحقوق ونص على أن الإطار المسجدي يتمتع بأجر شهري قار وتغطية اجتماعية كاملة من ضمان اجتماعي وتأمين صحي وتقاعد، كما يتمتع بالحق في العطل السنوية والرخص المرضية وبالتدرج الوظيفي والمنح التحفيزية حسب الكفاءة.
وبخصوص الواجبات فقد ضبطها الفصل السابع الذي نص على أن الإطار المسجدي يلتزم باحترام دستور الجمهورية ومبادئ الدولة المدنية وبالحياد السياسي والحزبي، كما يلتزم بالمناهج الشرعية الوسطية وبعدم استغلال المنبر لأغراض خارج الدور الديني.
تقييم أداء الاطارات المسجدية
وبالنسبة إلى كيفية تقييم أداء الإطارات المسجدية فيتم حسب ما نص عليه الفصل الثامن بصفة دورية من قبل لجان فنية جهوية وفي إطار مرجعية علمية وطنية ويتم ربط التدرج أو التجديد بالتكوين والانضباط.
وتم تخصيص الفصل التاسع والفصل العاشر من مقترح القانون لتحديد المخالفات وضبط العقوبات، ففي ما يتعلق بالمخالفات فتعدّ من قبيل المخالفات المهنية الجسيمة التحريض أو الدعوة للكراهية واستغلال المسجد لأغراض سياسية ومخالفة التراتيب الإدارية أو العلمية، أما العقوبات فيتم تسلطيها على المخالف حسب درجة خطورة المخالفة وتتمثل هذه العقوبات في التنبيه الكتابي، فتعليق النشاط بصفة مؤقتة، وصولا إلى الإعفاء النهائي من الخطة.
ولتمكين الدولة من مهلة لإنفاذ الأحكام سالفة الذكر، تم التنصيص في الفصل الحادي عشر من المبادرة التشريعية على أحكام انتقالية تلتزم الدولة بمقتضاها بتسوية الوضعية المهنية والقانونية لكافة الإطارات المسجدية العاملة قبل صدور القانون الجديد في أجل لا يتجاوز سنتين من تاريخ دخوله حيز النفاذ. ونص الفصل الأخير المتعلق بالأحكام الختامية على دخول القانون الجديد حيز التنفيذ بعد تسعين يوما من نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وقبيل العطلة البرلمانية، كان مكتب مجلس نواب الشعب قد أحال المبادرة التشريعية المتعلقة بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية إلى لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد وهي تحمل إمضاء نواب من مختلف الكتل وهم على التوالي سيرين المرابط وعمر بن عمر وباديس بالحاج علي ورياض بلال ووليد الحاجي وزينة جيب الله ويوسف طرشون وعبد الرزاق عويدات وعلي بوزوزية ونزار الصديق وجلال الخدمي وطارق المهدي ونجلاء اللحياني وسامي الرايس وظافر الصغيري وصابر المصمودي والياس بوكوشة وكمال كرعاني ومهى عامر وعادل ضياف وريم الصغير ومنال بديدة ومحمد علي وبوبكر بن يحي ومحمد ضو ومحمد شعباني وعبد السلام الحمروني وخالد حكيم المبروكي وعصام شوشان ومحمود العامري وأسماء الدرويش وأيمن البوغديري وهالة جاب الله وحسن جربوعي.
وسبق لبعض النواب أن وجهوا في إطار دورهم الرقابي أسئلة كتابية إلى وزير الشؤون الدينية حول وضعية الإطارات المسجدية منهم النائب عزيز بن الأخضر وجاء في إجابات الوزير بالخصوص أن الإطارات المسجدية تخضع إلى الأمر الحكومي عدد 1228 لسنة 2019 المؤرخ في 24 ديسمبر 2019 المتعلق بالإطارات المسجدية، وأن الخطط المسجدية المنصوص عليها في هذا الأمر تتمثل في: إمام خطيب، إمام خطيب نائب، إمام للصلوات الخمس، مؤذن، قائم بشؤون المعلم، مدرس، راوي حديث، مؤدب، قارئ، ناظر عام، ناظر جوامع. كما تضمنت إجابات وزير الشؤون الدينية معطيات حول المنح والامتيازات التي يتمتع بها الإطارات الدينية.
وإلى جانب مقترح القانون المتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية يوجد أمام أنظار لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد 36 مبادرة تشريعية أخرى تتعلق أغلبها بإحداث بلديات جديدة آخرها مقترح القانون المتعلق بإحداث بلدية السعد بالمهدية.
سعيدة بوهلال
————————
——————
فيما تعددت المخاطر وتواترت الدعوات
رئيس الجمهورية يسدي تعليماته بتأمين محيط المؤسسات التربوية
يبدو أن تأمين محيط المؤسسات التربوية أصبح أكثر من ضروري في ظل تفشي مظاهر العنف والسطو أو ما يعرف بـ«البراكاجات» وخاصة ترويج المخدرات وجمعيها مظاهر خطرة تهدد الناشئة.
ولئن سيرت وزارة الداخلية في إطار التعاون مع وزارة التربية حملات وقائية من خلال تركيز دوريّات راكبة ومترجلة بمحيط المؤسسات التربوية والجامعية تزامنا مع انطلاق السنة الدراسية للحفاظ على الأمن العام وتسهيل حركة المرور والوقاية من حوادث الطرقات بمشاركة مختلف وحدات الأمن الوطني والحرس الوطني والحماية المدنية، إلا أن حجز كميات ضخمة من المخدرات يحتم مزيد اليقظة والحذر وتشديد تأمين محيط المؤسسات التربوية وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد في أكثر من مناسبة، وما طالب به الأولياء من سنة إلى أخرى.
وقد عاشت تونس خلال الأشهر الماضية على وقع أخبار النجاحات الأمنية في حجز كميات ضخمة من المخدرات وآخر هذه العمليات تلك التي عرفها ميناء رادس وتتمثل في حجز حوالي 12 مليون قرص مخدر بقيمة تفوق 17 مليون دينار، مخبأة داخل حاوية قادمة من إحدى الدول الأوروبية.
وفي شهر جوان 2025 وفي عمليتين متتاليتين أحبطت مصالح الديوانة بالمعبر الحدودي برأس جدير محاولة تهريب 22440 حبة مخدرة نوع «إكستازي» وكمية من مخدر الكوكايين قدرت بـ2200 غرام.
عملية نوعية أخرى تمت في شهر أفريل الماضي 2025 إذ وقع حجز أكثر من مليون و200 ألف قرص مخدر من نوع «إكستازي» بقيمة تتجاوز 40 مليون دينار.
كما تمكّنت مصالح الديوانة بمحطة البضائع بمطار تونس قرطاج من إحباط محاولة تهريب 96.3 كلغ من مخدر القنب الهندي (الزطلة) مخفية بإحكام داخل طرود تحتوي على كمية من الملابس والأحذية، حيث أنه وبتفتيشها تم العثور على كمية من مادة القنب الهندي مخيفة بداخلها.
وتم في بداية السنة الحالية 2025 حجز 30 ألف قرص مخدر نوع (إكستازي)، كل هذا بالإضافة إلى نجاحات أمنية أخرى مكنت من تفكيك شبكات إجرامية تنشط في إدخال وترويج هذه السموم في بلادنا.
تعليمات بتأمين المؤسسات التربوية
وعلى إثر الكشف عن محاولة إدخال 12 مليون قرص مخدر إلى التراب الوطني استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم 22 سبتمبر الجاري بقصر قرطاج، وزير الداخلية خالد النوري والمدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان والمدير العام آمر الحرس الوطني حسين الغربي داعيا إلى مزيد تأمين محيط المدارس والمعاهد وخاصّة مقاومة من يُتاجرون بالمخدّرات ومن استهدفوا الدّولة التونسية واستهدفوا بكلّ السّبل المجتمع التونسي.
وبمناسبة العودة المدرسيّة والجامعيّة، أشرف رئيس الجمهوريّة على اجتماع ضمّ كلاّ من وزير الداخلية خالد النّوري ووزير النّقل رشيد العامري إلى جانب أعضاء المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم وهم كل من وزير التّربية نور الدّين النّوري ووزير الشباب والرياضة الصادق المورالي ووزير التّشغيل والتّكوين المهني رياض شوّد ووزير الشؤون الدينيّة أحمد البوهالي ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السّن أسماء الجابري ووزيرة الشّؤون الثّقافية أمينة الصرارفي، حيث أسدى تعليماته بضرورة مضاعفة الجهود لتيسير دوريات أمنيّة في محيط المدارس والمعاهد حماية لها من كلّ أشكال الانحراف ومن كل المظاهر الإجراميّة ومن المخدّرات على وجه الخصوص.
تعاون بين وزارتي التربية
والداخلية
وخلال إشرافه على افتتاح السنة الدراسية 2025-2026 قال وزير التربية، نور الدين النوري، أنّ وزارة التربية قامت بإعداد خطة بالاشتراك مع وزارة الداخلية للإحاطة بالمؤسسات التربوية إلى جانب وجود عمل فعلي يومي ومتابعة مستمرة للوضع في محيط المدارس.
وفي هذا السياق تم خلال السنوات الفارطة إمضاء اتفاقية بين وزارة التربية ووزارة الداخلية تقضي بحماية المؤسسات التربوية. واستنادا إلى الاتفاقية الممضاة يتم إشعار الدوريات الأمنية التي تتولى التدخل سريعا، علما أنه خلال شهر أكتوبر 2019 كان قد أعلن وزير الداخلية آنذاك عن فتح خط مباشر يصل المندوبيات الجهوية للتربية بقاعات العمليات التابعة لأسلاك الشرطة والحرس الوطني، من أجل ضمان نجاعة وسرعة التدخل وحماية التلاميذ من المخاطر المرتبطة بمحيط مؤسساتهم التربوية وتأمينه ومكافحة الجرائم المرتبطة به.
في هذا الخضم دعا الأولياء والعديد من المتابعين للشأن التربوي وزارتي التربية والداخلية إلى تكثيف الدوريات الأمنية أمام مختلف المدارس والاعداديات والمعاهد الثانوية التي تحول البعض منها إلى بؤر للعنف والإجرام لاسيما وأن آخر الإحصائيات تشير إلى أن نسبة كبيرة من التلاميذ والطلبة المدمنين يتحصلون على المواد المخدرة من مصادر متمركزة قرب المؤسسات التربوية، ما يستوجب تشديد اليقظة وتدعيم تمركز الدوريات الأمنية أمام مختلف المؤسسات التربوية.
حنان قيراط
في يوم إعلامي للاستراتيجية الوطنية للمترولوجيا
وزير التجارة: تحديث منظومات قياس الجودة لدفع الإنتاج الوطني وتحسين الصادرات
في خطوة تُعدّ مفصلية في مسار الجودة والتميّز الصناعي بتونس، نظّمت الوكالة الوطنية للمترولوجيا، أمس، بمقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، يوماً إعلامياً خُصص لعرض ومناقشة الوثيقة التوجيهية لمشروع الاستراتيجية الوطنية للمترولوجيا في أفق 2035، وذلك تحت إشراف وزير التجارة وتنمية الصادرات، سمير عبيد.
ويأتي هذا الحدث في سياق التحولات المتسارعة التي تشهدها المنظومة الاقتصادية والتكنولوجية عالميا، وتسعى تونس من خلاله إلى ترسيخ علم القياس وممارساته — أي المترولوجيا — كدعامة أساسية للاستثمار المنتج، وحماية المستهلك، ومواءمة المنتجات الوطنية مع المعايير الدولية، تمهيدا لنقلة نوعية في بنية الجودة وتعزيز تنافسية الصادرات.
«المترولوجيا».. من المختبر إلى السوق
لم يعد علم القياس شأنا تقنيا محصورا في المختبرات، بل أصبح ركيزة استراتيجية للاقتصاد، وفق ما أكده وزير التجارة، سمير عبيد، في كلمته الافتتاحية. فالمترولوجيا، بما توفره من دقّة ومعايرة وتوحيد للمقاييس، تُؤسّس لشفافية المبادلات التجارية ونزاهة المعاملات، وتشكل خط الدفاع الأول عن سلامة المستهلك وصحة المواطن. كما تمثل لغة مشتركة بين المصنعين والمورّدين والمراقبين، تُزيل الالتباس في المواصفات، وتُقلّص من كلفة التحقق وتسوية النزاعات، وتفتح آفاقا واسعة أمام المنتجات التونسية للنفاذ إلى أسواق تشترط مطابقة صارمة للمعايير، وفي مقدّمتها الاتحاد الأوروبي.
مواكبة التغيّرات العالمية
تمتد الاستراتيجية الجديدة على الفترة 2020–2035، وقد بُنيت على ما تحقق من خبرات في خطة 2016–2020، مستندة إلى النجاحات السابقة ومعالجة لمواطن الضعف. وتتمحور حول ستة أهداف كبرى مترابطة، أبرزها: تعزيز البنية التحتية الوطنية للمترولوجيا باعتبارها العمود الفقري لمنظومة الجودة، وذلك عبر تحديث المختبرات، وحفظ المعايير الوطنية، وتطوير منظومات التتبع والاعتماد. كما تشمل تطوير البحوث والتطبيقات الصناعية من خلال دعم البحث التطبيقي، لتحويل المعرفة إلى حلول قياس تخدم خطوط الإنتاج وتُخفّض كلفة عدم المطابقة.
وتتضمّن محاور الاستراتيجية أيضا ضرورة الانفتاح على المستوى الدولي، عبر توثيق العلاقات مع المنظمات والاتفاقيات المرجعية، وتوسيع نطاق الاعتراف المتبادل بشهادات القياس والمعايرة. كما تشمل دعم الإعلام والاتصال من خلال تبسيط مفاهيم المترولوجيا للمؤسسات والمستهلكين، وتعميم ثقافة القياس السليم عبر حملات توعوية وبرامج تكوين موجهة. هذا بالإضافة إلى نقل المعرفة والخبرات عبر إنشاء مسارات تكوينية وشهادات مهنية، وربط الجامعات بالمخابر والمؤسسات الصناعية، إلى جانب تطوير المترولوجيا القانونية، من خلال تحديث الإطار التنظيمي وضمان مطابقة أدوات القياس في السوق، بما في ذلك الأجهزة الطبية، بما يضمن حماية الاقتصاد والمستهلك.
مقاربة تشاركية لتعزيز المصداقية والنجاعة
اعتمدت الوكالة الوطنية للمترولوجيا مقاربة تشاركية منذ انطلاق العمل على الاستراتيجية سنة 2020، جمعت فيها الوزارات، والمؤسسات العمومية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، إضافة إلى الخبراء والباحثين والهيئات المهنية. وقد أتاحت ورشات النقاش وجلسات العمل بلورة رؤية مشتركة تعكس حاجيات السوق، وتستوعب متطلبات التنافسية. كما خضعت النسخة النهائية للاستراتيجية لاستشارة موسّعة شملت مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، بهدف صياغة توجهات وطنية واضحة تضع المترولوجيا في صميم السياسات العمومية المرتبطة بالجودة والصناعة والتصدير.
إنجازات تؤسّس للمرحلة المقبلة
استعرض وزير التجارة، سمير عبيد، جملة من المؤشرات التي تُظهر تطوّر القطاع في تونس على المستويات التشريعية والتنظيمية والتكنولوجية، مشيرا إلى وجود ما لا يقل عن 40 مخبر تعيير معتمد وطنيا ودوليا، إلى جانب مؤسسات صناعية متخصصة في تصنيع أدوات القياس وتركيبها وصيانتها. هذه القاعدة العلمية والتقنية مكنت الصناعة التونسية من دخول أسواق خارجية بفضل مطابقة المنتجات للمواصفات الدولية.
غير أن الوزير نبّه إلى تحديات لا تزال قائمة، من بينها تعدد المتدخلين في القطاع، والحاجة إلى مزيد من التوافق مع المعايير الدولية، وضرورة مواءمة الإطار القانوني مع التطورات العالمية، إلى جانب تعزيز الكفاءات، ومواكبة الثورة التكنولوجية التي تعيد تشكيل طرق القياس والمعايرة في مجالات مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والصناعات الدقيقة.
يوم إعلامي وحوار مفتوح لصقل الوثيقة
تميّز اليوم الإعلامي بمداخلات لممثلين عن الهياكل الوطنية وخبراء، تناولت أهمية الاستراتيجية ودورها في ترسيخ أنشطة القياس والمعايرة وحفظ المعايير الوطنية. كما فُتح باب الحوار لتبادل الرؤى حول أولويات التنفيذ وآليات التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية. وقد تم التأكيد على أن فعالية المنظومة تقوم على ثلاثة أبعاد متكاملة: كفاءة البنية التحتية للمترولوجيا، عمق التعاون الدولي والاعتراف المتبادل، وقوة الإطار القانوني والرقابي.
وفي هذا السياق، شدّد المتدخلون على ضرورة تحديث منظومات الاعتماد وتتبع القياسات، وتوسيع الشبكات المرجعية، واعتماد حلول رقمية تربط بين المخابر والمؤسسات الاقتصادية والهيئات التنظيمية.
من التخطيط إلى التنفيذ المرحلي
كشف الرئيس المدير العام للوكالة الوطنية للمترولوجيا، فتحي فضلي، في تصريح لـ«الصباح»، أن العمل على إعداد الاستراتيجية انطلق منذ سنة 2020، وأن الوثيقة التوجيهية عُرضت، أمس، على مختلف المتدخلين بمقر منظمة الأعراف لإثرائها، قبل رفع نسختها النهائية إلى الحكومة للمصادقة خلال العام الجاري.
وأكد أن اعتمادها سيكون مرحليا بداية من سنة 2026 وحتى أفق 2035، بما يتيح التدرّج في التنفيذ وتعبئة الموارد البشرية والمالية والتقنية اللازمة.
وأوضح فضلي أن الاستراتيجية ترتكز على عناصر عملية تشمل: البنية التحتية للجودة، والنهوض بالمترولوجيا الصناعية، والإعلام والاتصال، ونقل المعرفة، وتطوير المترولوجيا القانونية. كما تعمل على دعم التحاليل والتجارب لضمان جودة المنتوجات، وتشجيع الاستثمار في المجال من خلال إحداث صندوق لتمويل الباعثين الشبان، بما يخلق منظومة ابتكار ناشئة حول القياس الدقيق وتطبيقاته الصناعية.
تحديث الإطار القانوني وتعزيز التنسيق
يحتل تطوير المترولوجيا القانونية موقعا مركزيا في الاستراتيجية. فمع تعدد المتدخلين، من وزارات وهيئات رقابية ومخابر عامة وخاصة، يُصبح التنسيق والتكامل ضرورة لضمان نجاعة الرقابة وتوحيد الإجراءات.
وتعتزم الاستراتيجية الجديدة العمل على مواءمة التشريعات الوطنية مع أحدث التطورات والمعايير الدولية، بما في ذلك متطلبات الشراكات مع الاتحاد الأوروبي والتكتلات الاقتصادية.
كما تتجه إلى رقمنة مسارات التحقق الدوري لأجهزة القياس في الأسواق، واعتماد قواعد بيانات موحّدة، وإطلاق خدمات رقمية موجّهة للمؤسسات لتقليص الآجال والكلفة، وتعزيز الشفافية أمام المستهلكين.
البحث والتطوير والشراكات الدولية
تعوِّل الاستراتيجية على البحث التطبيقي لإيجاد حلول قياس تواكب الصناعة 4.0، والطب الدقيق، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية، والتكنولوجيات الطبية.
وترى الوكالة أن توسيع الشراكات مع المراكز الدولية والهيئات المرجعية سيمنح تونس اعترافًا أوسع بمعاييرها وشهاداتها، ما من شأنه اختصار زمن الوصول إلى أسواق جديدة.
كما أن الانضمام النشط إلى شبكات القياس الإقليمية والدولية سيمكّن من نقل الخبرات، وتعزيز قدرات الإسناد الوطني للقياسات الدقيقة، بما يشمل وحدات الزمن والتردد، والكتلة، والطاقة، والقياسات الكهربائية، والفيزيائية، والكيميائية، والبيولوجية.
رأس المال البشري.. رهان التكوين والاعتماد
لن يكتمل البناء دون استثمار طويل الأمد في المهارات. ولذلك، تضع الاستراتيجية نقل المعرفة في صلب أولوياتها، من خلال مسارات تكوين متخصصة، واعتماد كفاءات في مجالات محددة، وبرامج تدريب داخل المخابر الصناعية، وتشجيع الشهادات المهنية.
ويُرتقب أن تسهم هذه الجهود في سد فجوات المهارات، واستباق الطلب المتنامي على خبراء المعايرة والاختبار، وتمكين المؤسسات الصغرى والمتوسطة من فهم متطلبات المطابقة وتطبيقها بكفاءة، بما يرفع نسبة نجاحها في التصدير ويُقلّص من رفض الشحنات بسبب عيوب القياس.
تمويل الابتكار ودعم الباعثين الشبان
واحدة من الإضافات النوعية في الوثيقة هي إحداث صندوق لتمويل الباعثين الشبان في مجالات القياس والاختبار، بما يخلق حلقة وصل بين البحث الجامعي والطلب الصناعي.
هذا الصندوق يُمكن أن يموّل شركات ناشئة تطوّر أجهزة قياس ذكية، ومنصّات لمراقبة الجودة في الزمن الحقيقي، وخدمات معايرة متنقلة، وحلولًا تعتمد الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الاختبارات.
مثل هذا التمويل الموجّه يُعزّز المنظومة الوطنية للابتكار، ويخلق وظائف عالية التأهيل، ويُضاعف القيمة المضافة محليًا.
من رؤية إلى نتائج قابلة للقياس
إن اعتماد الاستراتيجية بشكل مرحلي بين 2026 و2035 يوفّر إطارًا عمليًا للتقييم الدوري، وتصحيح المسار، وتثمين النجاحات.
وسيتم تحديد مؤشرات أداء واضحة، تشمل: عدد المختبرات المعتمدة، وزمن الحصول على شهادات المطابقة، ونسبة الاعتراف الدولي بالشهادات الوطنية، ونسبة الأجهزة الخاضعة للتحقق الدوري، وحجم الاستثمارات في تقنيات القياس.
وكلها مؤشرات قابلة للقياس تعكس جوهر المترولوجيا الحديثة المتطابقة مع المعايير الدولية.
نحو اقتصاد موثوق بقوة القياس
تؤكّد تونس، من خلال هذه الاستراتيجية، أن المترولوجيا ليست مسألة تقنية فحسب، بل سياسة عمومية ذات مردود اقتصادي واجتماعي مباشر.
فـالقياس الدقيق يختزل الهدر، ويُعزّز التنافسية، ويحمي المستهلك، ويمنح الصناعة جواز عبور إلى الأسواق الأكثر تطلبًا.
ومع بنية تحتية قيد التحديث، وإطار قانوني في طور الملاءمة، وشراكات دولية آخذة في التوسّع، وتمويل موجّه للابتكار والشباب، تبدو الطريق ممهدة لترسيخ «ثقافة القياس» كعنصر مؤسّس لنموّ مستدام.
وبين 2026 و2035، سيكون على منظومة المترولوجيا الوطنية أن تُبرهن بالأرقام على قدرتها في تحويل الدقة إلى قيمة، والمعيار إلى ميزة تنافسية، والابتكار إلى فرص، في اقتصاد يزداد احتياجه إلى الثقة قبل أي شيء آخر.
سفيان المهداوي
————————
خلال الورشة الإقليمية حول الخبرة التونسية في إدماج التحويلات المالية
دور حيوي واستراتيجي للجالية في دعم الاقتصاد التونسي
* رئيس ديوان وزير الاقتصاد والتخطيط: التقديرات الأولية تشير إلى أن قيمة التحويلات خلال سنة 2025 ستبلغ نحو 7900 مليون دينار مبدئيًا
* مدير المكتب الإقليمي لشمال إفريقيا – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا: تجربة تونس في اعتبار التحويلات المالية بديلًا لتمويل التنمية المستدامة تُعد نموذجًا يُحتذى به في المنطقة وخارجها
أكّد رئيس ديوان وزير الاقتصاد والتخطيط، لطفي فرادي، أن تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج أصبحت اليوم موردا أساسيا لدعم احتياطي البلاد من العملة الصعبة. وفي عرضه لبعض المعطيات، أوضح أن تحويلات التونسيين بالخارج بلغت، خلال الأشهر المنقضية من سنة 2025، حوالي 7600 مليون دينار، مسجلة نسبة تطوّر بـ8.3 %.
وأضاف لطفي فرادي خلال الورشة الإقليمية لمناقشة وتبادل التجارب حول الخبرة التونسية في إدماج التحويلات المالية في المخطط الوطني للتنمية 2026–2030 كمصدر بديل لتمويل التنمية، التي نُظّمت أمس بتونس، أن وزارة الاقتصاد والتخطيط تقوم سنويا بإعداد وثيقة تحت عنوان «الميزان الاقتصادي السنوي»، تتضمن البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، ومن بين مؤشراته تقديرات تحويلات التونسيين بالخارج، التي يُتوقع أن تنمو بنسبة 6.4 % سنة 2025. وفي السياق ذاته، أفاد فرادي بأن التقديرات الأولية تشير إلى أن قيمة هذه التحويلات قد تبلغ حوالي 7900 مليون دينار مع نهاية سنة 2025.
توظيف التحويلات في الاستثمار والإنتاج
وشدّد فرادي على ضرورة توظيف هذه التحويلات المالية لتصبح أداة فعالة في دفع التنمية، مشيرا إلى أن جزءا فقط منها يُخصّص لبعض الاستثمارات التقليدية، كاقتناء المساكن أو السيارات لعائلات التونسيين بالخارج. ورغم أهميتها، فإن التوظيف ما يزال محدودا في الجانب الاستهلاكي، مما دفع الدولة إلى إطلاق عدة مبادرات تهدف إلى تشجيع الجالية على توجيه تحويلاتهم نحو الاستثمار والإنتاج. كما أشار إلى وجود فرص استثمارية كبرى في تونس تتماشى مع اختصاصات الجالية، لا سيما في قطاعات الصحة والإعلام، حيث تمثل الكفاءات التونسية بالخارج رصيدا وطنيا ثمينا يمكن استثماره في دعم هذه المجالات، عبر تشجيعهم على بعث مشاريع واستثمارات في وطنهم.
الجالية التونسية «مورد استراتيجي»
واعتبر فرادي أن الجالية التونسية بالخارج تُشكّل موردًا استراتيجيًا لتونس، ليس فقط من خلال تحويلاتهم المالية، بل كذلك عبر ما تملكه من كفاءات وشبكات علاقات يُمكن أن تُسهم بفعالية في تنمية الاقتصاد الوطني، لاسيما عبر الاستثمار في المناطق الداخلية وأقاليمهم الأصلية، بما يجعلهم قاطرة للتنمية.
وأضاف أن استثمار التونسيين بالخارج في بلادهم يمثل فرصة استراتيجية حقيقية تتجاوز الجانب المالي لتجسيد شراكة تنموية شاملة بين الدولة وجاليتها، مشددًا على أن تفعيل هذه الإمكانيات يتطلب بناء مناخ من الثقة، وتهيئة بيئة قانونية واقتصادية محفزة، إلى جانب توفير المعلومة، التأطير، والمرافقة الضرورية.
التحويلات المالية كمصدر بديل للتنمية
وفي افتتاح أشغال ورشة العمل حول «تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج: الاستثمارات والمساهمة في تمويل التنمية في تونس»، والمنظمة بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، أكّد آدم الحريكة، مدير المكتب دون الإقليمي لشمال أفريقيا – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، أن هذه الورشة تندرج في إطار دعم تبادل التجارب والخبرات حول إدماج التحويلات المالية في المخطط الوطني للتنمية 2026–2030 كمصدر بديل لتمويل التنمية. وأضاف أن هذه التظاهرة تمثل فرصة لتقاسم التجارب وأفضل الممارسات بين الدول الأعضاء، بخصوص تعظيم مساهمة تحويلات الجاليات في التنمية.
وأوضح أن اللجنة أطلقت، في سنة 2024، برنامجًا إقليميًا لدعم الترابط بين الهجرة والتنمية في ست دول أعضاء: جزر القمر، كوت ديفوار، مصر، غانا، ليسوتو، وتونس. وتعكس هذه المبادرة التزاما مشتركا باعتماد مقاربة جنوب–جنوب ترتكز على التعاون وتبادل التجارب لتعزيز تسخير التحويلات المالية كمحرك لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
تقدّم على مستوى الحوكمة والتنسيق
وأشار الحريكة إلى أنه منذ اجتماع نوفمبر 2024 لإطلاق البرنامج، تم تسجيل تقدم كبير على مستوى تعزيز الحوكمة وتحسين التنسيق لإشراك الجالية التونسية. وتمثّل ذلك في تشكيل فريق عمل وطني تقني متعدد القطاعات، مع اعتماد بنود مرجعية واضحة وتحديد أولويات وطنية لتعزيز دور التحويلات في التنمية.
واستنادا إلى هذه الأسس، واصلت اللجنة تعاونها مع تونس طوال سنة 2025، وقدمت دعما فنيا لإدماج التحويلات المالية ضمن المخطط الوطني للتنمية 2026–2030، مع اقتراح إصلاحات على مستوى السياسات. وأكد أن الاعتراف الرسمي بالتحويلات كمصدر بديل لتمويل التنمية يمهّد الطريق نحو تعبئة مساهمات التونسيين بالخارج بشكل استراتيجي، وإدماجها في مسار التخطيط التنموي.
دور استراتيجي في الاقتصاد الوطني
واعتبر الحريكة أن تحويلات الجالية التونسية تُعد محركا استراتيجيا للنمو الوطني، حيث بلغت قيمتها في سنة 2024 نحو 8.2 مليار دينار، ما يعادل 6.5 % من الناتج المحلي الإجمالي. وقد واصلت التحويلات منحاها التصاعدي في سنة 2025، إذ بلغت نحو 5.79 مليار دينار مع نهاية أوت، أي بزيادة تناهز 8.2 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024.
وبيّن أن هذا التطور يعكس بوضوح الدور الحيوي والاستراتيجي للجالية في دعم الاقتصاد التونسي، من خلال تمويل ميزان المدفوعات، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي، والمساهمة في سداد جزء من خدمة الدين الخارجي، فضلاً عن دعم الأسر.
وأكد أن الحكومة التونسية تُدرك هذه الإمكانيات، وتسعى إلى تطوير السياسات والأدوات الملائمة لتشجيع مشاركة الجالية واستثماراتها في الاقتصاد الوطني.
وفي كلمته، قال الحريكة: «نحن نناقش اليوم التحديات والفرص المتاحة أمام الجالية للاستفادة من مساهماتها في تحقيق التنمية المستدامة في تونس، في وقت تعرف فيه البلاد تراجعا في الموارد المحلية والاستثمار الأجنبي والمساعدات الإنمائية. ومن هنا، تبرز أهمية تنسيق الجهود مع أهداف التنمية المستدامة وتوظيف التحويلات كأداة فاعلة للتمويل.»
التزام بدعم تونس والدول الأعضاء
وختم الحريكة بالقول إن هذه الورشة، التي تمتد على يومين، تمثل مناسبة مهمة لمراجعة التقدّم المُحرز في تونس بشأن الاستخدام الأمثل لتحويلات الجالية في تمويل التنمية، من خلال إدماجها في المخطط التنموي الوطني القادم، وتحديد السياسات والإصلاحات المناسبة لتوجيه هذه التحويلات نحو الاستثمار. وشدّد على أن تجربة تونس تمثل نموذجًا يُحتذى به لبقية دول المنطقة وخارجها، مؤكدا أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا ملتزمة التزاما تاما بدعم تونس والدول الأعضاء في استثمار الإمكانيات الكاملة لتحويلات الجاليات كمصدر بديل ومستدام للتمويل.
جهاد الكلبوسي
—————————
————————
نحو استقبال نصف مليون سائح في 2026
السياحة البحرية التونسية تعود إلى الواجهة من جديد
عاد قطاع السياحة البحرية ليحتل من جديد مكانة بارزة ضمن المشهد السياحي التونسي، باعتباره أحد أعمدته الأساسية. وتطمح تونس إلى تحقيق أرقام قياسية. وفي هذا السياق، استقبل ميناء حلق الوادي، أول أمس الثلاثاء، باخرة سياحية كبرى تحمل على متنها 3247 سائحًا من جنسيات مختلفة، أغلبهم من المملكة المتحدة وإيطاليا.
وخلال فعاليات استقبال هذه الباخرة، صرّح سامي دبيش، المدير العام لمحطة الرحلات البحرية بميناء حلق الوادي، بأن هذه الرحلة تُعدّ الثالثة لهذه الباخرة ضمن سلسلة من الرحلات يبلغ عددها 40 رحلة، تمتد حتى سنة 2026، وستستقطب ما يقارب 140 ألف سائح.
وبفضل مجهودات الدولة والعديد من الأطراف المتدخلة في القطاع، نجحت تونس تدريجيًا في استعادة نسق قوي للسياحة البحرية. وقد أوضح المدير العام لمحطة الرحلات البحرية أن تونس تطمح إلى بلوغ 400 ألف سائح بحري مع نهاية سنة 2025، على أن يرتفع العدد إلى نصف مليون سائح بحري سنة 2026. كما تُخطط تونس، في أفق سنة 2028، إلى بلوغ مليون سائح في هذا الصنف، مبيّنًا أن البلاد تمكّنت من استقطاب أكثر من 200 ألف سائح بحري منذ بداية هذا العام وإلى حدود تاريخه، علماً بأن تونس شرعت في المحافظة على هذا القطاع منذ سنتين، حيث بلغ عدد السياح عبر الرحلات البحرية 55 ألف سائح سنة 2022.
وأشار إلى أن هذا النوع من السياح أصبح يُفضّل زيارة تونس خلال فصل الشتاء، بفضل تحسّن العوامل المناخية، لافتًا إلى أن الرحلات لم تعد تقتصر على الفترة الممتدة من أكتوبر إلى مارس، بل أصبحت تُنظم على مدار السنة عبر رحلات منتظمة. ومن المنتظر أن تستقبل تونس، اليوم الخميس 25 سبتمبر، رحلة بحرية جديدة قادمة من برشلونة (إسبانيا) في اتجاه إيطاليا، وهو ما يعكس تزايد نسق تدفق السياح نحو الوجهة التونسية.
واعتبر المدير العام لمحطة الرحلات البحرية أن من أبرز المؤشرات الإيجابية هو تنوّع الجنسيات التي باتت تستقطبها الوجهة التونسية، على غرار الصين والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ودول الخليج. وأشار إلى أن الرحلة القادمة سيكون نصف ركّابها من الجنسية الصينية، معتبراً أن هذه المؤشرات تبعث على الأمل وتؤكد أن تونس تسير بثبات نحو استعادة مكانتها كوجهة جاذبة في مجال السياحة البحرية على الخارطة العالمية.
تعدّد الموانئ البحرية
يُعدّ تعدّد الموانئ القابلة لاستقبال البواخر السياحية من العوامل الأساسية في تطوير قطاع السياحة البحرية وزيادة عدد الوافدين. وفي هذا الإطار، أوضح وكيل أسفار مختص في السياحة البحرية أن العديد من الموانئ التونسية تمتلك إمكانات تؤهلها لاستقطاب السياح، على غرار ميناء سوسة، وميناء صفاقس، وميناء قابس، الذي يمكن أن يكون نقطة انطلاق لزيارة منطقة جرجيس، خاصة أن ميناء جرجيس لا يمكنه استقبال البواخر الكبرى نظرًا لحجمها.
انتعاشة الصناعات التقليدية
أبرز المتحدث ذاته أن تنوّع الموانئ التي يمكن أن يصل إليها السائح البحري يُعدّ عاملًا مهمًا في انتعاش العديد من القطاعات الأخرى، من بينها قطاع الصناعات التقليدية، حيث يُقبل السياح البحريون على اقتناء المنتوجات الحرفية، مثل الزربية وغيرها.
وتُساهم السياحة البحرية في تطوير قطاعات خدمية متعدّدة، نظرا لأن البرنامج المُعدّ لاستقبال سياح «الكروازيير» يُعدّ برنامجا ناجحا، إذ يشمل زيارة المدينة العتيقة، ومنطقة سيدي بوسعيد، ومتحف باردو، عبر تنقلات منظمة بالحافلات، وقد وُصف هذا البرنامج بأنه «مدروس بدقة».
الانفتاح على مسارات ومسالك سياحية
غير كلاسيكية
يشكّل الانفتاح على مسارات سياحية متنوّعة حجر الأساس في جذب السياح نحو الوجهة التونسية عبر الرحلات البحرية. وفي هذا السياق، أشار أنس بوخريص، المندوب الجهوي للسياحة بتونس، إلى أن هناك استراتيجية جدية تهدف إلى جعل هذه المسارات أكثر تنوعًا، وغير تقليدية، بما يُتيح اكتشاف ما تزخر به مختلف الجهات التونسية من ثروات ومقوّمات سياحية، مثل ولاية بنزرت، وفخار سجنان المعروف عالميا، ومنطقة أوتيك، ومحمية إشكل، وذلك في إطار دعم السياحة البيئية وتحفيز الاكتشاف والتجربة.
درصاف اللموشي
———————
——————
رحيل كلوديا كاردينالي السينمائية العاشقة المتيمة بتونس
انتخبت سنة 1957 أجمل فتاة إيطالية في تونس
«أجمل إيطالية في تونس»، كان هذا أول لقب حملته سنة 1957 بعد فوزها بلقب ملكة الجمال في مسابقة انتظمت بتونس في تلك الفترة. إنها الممثلة الإيطالية التونسية المولد والنشأة، كلوديا كاردينالي التي غادرتنا أول أمس. رحلت كلوديا كاردينالي عن هذه الحياة يوم الثلاثاء عن سن تناهز 87 سنة وهي التي عاشت في مدينة حلق الوادي بالعاصمة، وتربت فيها وبين أزقتها وأنهجها وعرفت معنى جمال الوجود.
عاشت لتكتب انطلاقا من تلك الربوع الجميلة على مدى مسيرتها صفحات مضيئة في عالم الفن السابع. أحبت تونس وحلق الوادي بدرجة أولى مهد الصبا والطفولة...
هي كلوديا كاردينالي التي لم تقطع ولم تنقطع عن زيارة تونس.. يهزها حنين جارف إلى ربوع الصبا والطفولة فتهرول متجولة بين كل الأنهج والأزقة في حلق الوادي مستحضرة ذكريات وحكايات ومواقف.. كانت تعيش طفولتها بتلقائيتها وعفويتها في كل زيارة لربوع تونس الجميلة.
كلوديا كاردينالي التي استقرت بأرض الأب والأجداد في إيطاليا بعد مغادرة حلق الوادي انطلقت لتأثيث وتأسيس مسيرة سينمائية متفردة جعلت منها واحدة من أجمل وجوه الشاشة الكبيرة على مستوى العالم.
كانت الانطلاقة بالمشاركة في أفلام إيطالية التي مثلت لها الفرصة التي لا تعوض للكشف عن مواهبها في التمثيل السينمائي وكان النجاح والتميز السمة البارزة لكلوديا كاردينالي وهي في فترة الشباب والجمال، نجاح أهلها للوقوف أمام كاميرات أكبر مخرجي السينما في العالم المخرجين، لتكتب اسمها في ذاكرة السينما العالمية.
عديدة هي الأفلام التي برزت فيها كلوديا كاردينالي بجمالها الأخاذ وحرفيتها العالية وانصهارها الكبير في كل دور تؤديه ومن هذه الأفلام على سبيل الذكر لا الحصر والتي زادت في تألقها وعبدت طريق المجد السينمائي لها، «كلاريتا» ورائعة فيديريكو فيلّيني «فتاة الحقيبة»، وأثبتت حضورها القوي في فيلم «حدث ذات مرة في الغرب» لسيرجيو ليوني، و»القط الداكن» و»عالم السيرك» و»المأزق اللعين». كما تألقت في فيلم لوشينو فيسكونتي «الفهد» إلى جانب برت لانكستر وآلان دولون، وهو الفيلم الذي جعلها وجهاً فاتنا قويا استثنائيا في السينما الإيطالية في الستينيات.
ويحفظ التاريخ لكلوديا كاردينالي أنها لم تكن فاتنة الشاشة فحسب بل كانت ممثلة على درجة عالية من الحرفية والاتقان من خلال تنوع أدوارها من الدراما التاريخية إلى الكوميديا والرومانسية، تاركة وراءها رصيدا فنّيا يروي حكاية نجمة ولدت في تونس وطبعت السينما الأوروبية والعالمية.
ارتبطت كلوديا كاردينالي بتونس بشكل وثيق.. وكان لابد من الاحتفاء بهذا الوفاء لمبدعة سينمائية عالمية لم تغتر بنجاحها وتألقها فلم تتنكر لجذورها ولم تتجاوز طفولتها ولم تلق بذكرياتها في غياهب النسيان.
ففي 23 ماي 2022، كان الموعد مع النجمة العالمية كلوديا كاردينالي في مدينة حلق الوادي لحضور تدشين نهج يحمل اسمها في منطقة «صقلية الصغرى» التي كانت شاهدة على مولدها وصباها وطفولتها قبل الرحيل والعودة إلى إيطاليا.
وقبل هذا الموعد كانت لكلوديا كاردينالي مشاركة هامة في فيلم «صيف حلق الوادي» لفريد بوغدير، وقد حرصت الراحلة على المشاركة الشرفية في هذا الفيلم إكراما وتكريما للسينما التونسية، علما وأن الفيلم الذي أنتج في عام 1996 تدور أحداثه في صيف عام 1967 في تونس حول ثلاث فتيات مراهقات من عائلات مسلمة ومسيحية ويهودية يقررن القيام بمغامرات تضع عائلاتهن في اختبار صعب، وقد تزامنت الأحداث مع حرب 1967 بفلسطين والتي غادر على إثرها عدد كبير من اليهود، تونس. وكان فريد بوغدير قد قدم قبل هذا الفيلم فيلمه الأول الطويل «عصفور السطح» الذي كان قد فاز في عام 1990 بالتانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية.
وبادر المخرج رضا الباهي بتوجيه الدعوة إلى الممثلة الراحلة كلوديا كاردينالي سنة 2019 للمشاركة كضيف شرف في فيلمه «جزيرة الغفران» الذي تدور أحداثه في جزيرة جربة في فترة ماقبل الاستقلال ويطرح قضية التسامح بين الأديان.
محسن بن أحمد
——————
———————
وحيدة الدريدي لـ«الصباح»:
«السيدة الوزيرة» إنتاجي المسرحي الجديد.. وأرفض تكرار أدواري في الدراما
❞ أدواري محدودة في السينما التونسية.. في التسعينات رفضت عروضا جريئة وشاركت في 12 فيلما أجنبيا والممثل هو الكبير لا الدور ❝
❞فخورة بمنجزي الثقافي في العبدلية فحديقتها الخلفية تحولت لفضاء طبيعي على الطراز الحفصي ❝
عبرت الممثلة وحيدة الدريدي عن اعتزازها بالمشاركة في مهرجان بغداد السينمائي بدعوة من نقيب الفنانين جبار جودي ومدير المهرجان حكمت البيضاني ضمن عضوية لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة قائلة في حديثها لـ«الصباح»: «هذه أول زيارة لي إلى العراق وقد شربت من نهر دجلة وعشت رحلة من الاكتشاف والمتعة لبلد غني ثقافيا وحضاريا، فالمسرح العراقي له جمهوره في تونس كما الأغنية العراقية ولكن زيارة البلد والمتابعة عن قرب للمشهد الفني كانت أكثر عمقا وخطوة نحو التعرف أكثر على صناع السينما في هذا البلد الشقيق».
وروت وحيدة الدريدي خلال لقائها مع «الصباح» حكاية أروى القيروانية ابنة قاضي القيروان التي وافقت على الزواج بجعفر المنصور شرط أن يكون الصداق القيرواني هو العقد بينهما ويفرض بموجبه عدم تعدد الزوجات لجعفر المنصور إلا بعد وفاة أروى القيروانية، وأكملت وحيدة الدريدي في ذات السياق أن المخطوطة الأصلية للصداق القيرواني موجودة بالمكتبة الوطنية، وبغداد فيها من روح واحدة من جداتنا أروى القيروانية وهذه القصة يمكن أن تتحول لعمل فني مشترك بين تونس والعراق كما غيرها من الحكايا الداعمة لثقافتنا المشتركة.
وعن تأثير الدراما على خياراتها الفنية وخاصة حضورها على مستوى الانتاجات المسرحية، أوضحت وحيدة الدريدي لـ«الصباح» أنها بالأساس ممثلة للمسرح ومنه ذهبت للشاشة الصغيرة والكبيرة ولكن يبقى المسرح العشق الأزلي، مشددة على أنها ترفض أن تكون رهينة لأحد ولا تنتظر تلقي دعوة لمسلسل أو شريط سينمائي، فالمسرح ملعبها وتتعامل مع الدراما التلفزيونية من منظور التجديد وإثراء رصيدها، وبالتالي تبحث عن الدور المحفز على مستوى الأداء لا لمجرد البطولة والظهور قائلة : «في رمضان المنقضي قدمت دورا في «وادي الباي» مساحته أًصغر من دور البطولة الذي رشحت له في نفس المسلسل وقبلت الدور الشرفي على حساب الدور الكبير من حيث المساحة لسبب جوهري وهو أني سبق وقدمته ولا أحب تكرار أدواري فالممثل هو الكبير وهو من يمنح للدور قيمته».
وقالت وحيدة الدريدي أن آخر أعمالها المسرحية «SDF» يعرض في فضاء السنديانة يوم 25 أكتوبر كما تشارك من خلاله في مهرجان للمسرح بالجزائر وتحديدا مدينة بجاية في أكتوبر المقبل، وكشفت أنها بصدد وضع اللمسات الأخيرة على مونودراما «السيدة الوزيرة» مع المخرج زهير الرايس مضيفة في هذا الإطار: «بعد أن أكملت المشروع شعرت بالحاجة لمزيد من العمل على تفاصيله فاستنجدت بزهير الرايس لتجاوز بعض الهنات الصغيرة قبل تنظيم العرض الأول و«السيدة الوزيرة» كوميديا سوداء من نوع المونودراما ولكن ممكن أن نطور المشروع بمشاركة زهير الرايس في المسرحية».
وأفادت وحيدة الدريدي أنها تستعد كذلك إلى تقديم عمل جديد وهو مسرحية «إذاعة ما قلناش» موضحة أن تجاربها المسرحية تدفعها أكثر للإنتاج والإبداع ونفت أن تكون الشهرة التلفزيونية قد تدفعها لتقديم المسرح المنفرد (women show) واصفة هذا النوع بالاستعراضي ولا يتماشى مع خياراتها الفنية فالمونودراما وفقا لقولها حكاية متكاملة بممثل واحد على عكس الوان مان شو، عمل استعراضي يقدم في أي فضاء ولا يلتزم لا بديكور أو حركة وهو عبارة عن عمل فرجوي لا مسرح وتابعت: «لم أذهب للمونودراما لأن التلفزة منحتني الشهرة التي أشكر عليها الجمهور التونسي ولكن هذا النمط المسرحي يروي حكاية تلمسني، تعنيني وأقدمها بشغف».
وعن حضورها المحدود في السينما التونسية بينت وحيدة الدريدي في حديثها لـ«الصباح» أن في بداياتها كان لها خطوط وحدود خاصة وأنه في التسعينات اقترحت عليها أدوار جريئة في السينما فرفضتها وبعد ذلك لم تقدم لها عروض غير أنها شاركت في 12 فيلما أجنبيا وجسدت أدوارا تاريخية ومنها شخصية «السيدة مريم» وبقي الحضور في السينما التونسية محدودا إلى اليوم ومع ذلك سجلت حضورها في عدد من لجان التحكيم في السينما منها مهرجانات في إيران، والعراق، والمغرب، والجزائر وبمهرجانات تونس.
وعن إدارتها لفضاء العبدلية أكدت وحيدة الدريدي لـ«الصباح» فخرها بما أسمته بمنجزها الثقافي رغم التعب والمجهود الكبير لخلق حراك ثقافي وفني قائلة: «الحديقة الخلفية للعبدلية كانت مصبا للفضلات وأًصبحت حديقة غناء على الطراز الحفصي تمنح جمالية مميزة لهذا الفضاء الثقافي الذي قمت بتطوير مضامينه وبرمجته بعدد من التظاهرات منها ليالي الصوفية، وليالي الحكواتي، ونسمة خريف التي أعدت في خياراتها الفنانين الكبار للركح، وكذلك فعالية ليالي العبدلية، وتظاهرة فيلمي الأول بين العبدلية وباريس،و المصيف الثقافي والتكويني للشباب والأهم جذبت الفنانين خاصة من داخل البلاد والجهات والجمهور للعبدلية».
وعن مهرجان «فيلمي الأول» وأسباب إلغائه أوضحت وحيدة الدريدي أن هذا المشروع كان من اقتراح زهير لطيف وقد قدمت دورة وطنية في سنة 2019 بالعبدلية ثم في 2022 عقدت دورة دولية بمساندة دار تونس بباريس وحققت النسخة الدولية إشعاع ونجاحا في دورتين غير أن المهرجان مسجل باسم العبدلية وبالتالي مواصلته من عدمها مرتبط بالقائمين على هذا الفضاء الثقافي.
ووصفت وحيدة الدريدي المشهد الثقافي الراهن بسمة التميز على مستوى الكيف رغم قلة التجارب على مستوى الكم، واعتبرت البوادر الفردية هي المسيطرة على المشهد ومن الضروري اليوم في اعتقادها البناء والتأسيس لا هدم التجارب السابقة ورغم تفاؤلها بالجيل الشاب، وترى وحيدة الدريدي أن الداعمين لسياسة الهدم يرسمون مشهدا عبثيا وكأننا أمام حجر سيزيف (نصعد الحجر فيسقط على رؤوسنا) ودعت لدعم شباب الفن كما تم سابقا منح جيلها فرصة مشيرة في السياق لفنانين دعموا موهبتها على غرار محمد إدريس، ومحمد بن علي، وحليمة داوود، وعبد الحميد قياس، وسلوى محمد، وعزيزة بولبيار وغيرهم ..
جدير بالذكر أن وحيدة الدريدي ابنة الركح التونسي كتبت وأخرجت للمسرح وهي صاحبة تجارب تلفزيونية منحتها مكانة في ذاكرة محبي الشاشة الصغيرة ومن أشهر أعمالها «أولاد مفيدة» و«أولاد الغول» وهي حاضرة في أعمال مختلفة على مستوى الدراما والسينما ومن بين مشاركاتها مسلسلات «حسابات وعقابات»، و«أقفاص بلا طيور»، و«من أجل عيون كاترين»،و«تاج الحاضرة» وفي السينما «فاطمة» لخالد غربال» و«كلمة رجال» لمعز كمون» و«زريعة بليس» لمحمد خليل البحري.
نجلاء قموع
———————————
مع اقترابه من غزة المحاصرة..
الكيان الصهيوني يستهدف «أسطول الصمود».. وتنديد دولي
مع اقتراب «أسطول الصمود العالمي» المتجه نحو غزة المحاصرة والدخول في المنطقة الحمراء أي قبالة قطاع غزة، تزداد ضغوطات الكيان الصهيوني على السفن المشاركة في الأسطول بين تخويف وترويع واستهداف القصد منه إثناء المشاركين عن استكمال المهمة الإنسانية السامية والنبيلة وهي فك الحصار وإيصال المساعدات لملايين «الغزاويين» الذين يعانون منذ مارس الفارط 2025 من التجويع، ومن تدمير كلي لكل المنشآت منذ انطلاق الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023.
وبعد استهداف أول، للكيان الصهيوني، لسفينتين تابعتين لأسطول الصمود راسيتين في ميناء سيدي بوسعيد ليلتي 9 و10 سبتمبر الجاري 2025 وهما سفينة «فاملي» التي تُعتبر الأكبر ضمن أسطول الصمود العالمي وسفينة «ألما» ثاني أكبر السفن، عن طريق إلقاء طائرات مُسيّرة لأجسام متفجرة أشعلت حريقا جزئيا على متن السفينتين المتواجدتين آنذاك في ميناء سيدي بوسعيد ، أعلن «أسطول الصمود» عن رفع حالة الحذر واليقظة الأمنية، بعد رصد مسيّرات مجهولة تحلق من مسافة قريبة فوق السفن وكان ذلك ليلة الأحد 21 سبتمبر 2025.
التهديدات لسفن أسطول الصمود كانت أكثر حدة ليلة أول أمس الثلاثاء 23 سبتمبر الجاري إذ أعلن «الأسطول» المتجه إلى قطاع غزة لكسر الحصار الصهيوني عن الفلسطينيين، صباح أمس الأربعاء 24 سبتمبر 2025، عن وقوع 12 انفجارا في 9 سفن تابعة له، جراء استهدافها بواسطة طائرات مسيّرة.
كما قال «أسطول الصمود المغاربي»، وهو جزء من «أسطول الصمود العالمي» حتى الآن: 12 انفجارا استهدفت 9 سفن مختلفة تابعة لأسطول الصمود العالمي عن طريق مسيّرات».
وأضاف أن هذه الانفجارات مرّت «دون وقوع أضرار بشرية.. الجميع بخير وسفننا تتقدّم مجتمعة ثابتة نحو غزة».
وقد حذر «أسطول الصمود العالمي»، أمس الأربعاء من التصعيد الإسرائيلي ضد المشاركين فيه حيث كتب «تحذير: صعّدت إسرائيل هجماتها الخطيرة على أسطول الصمود العالمي قبل أيام من وصوله إلى غزة».
وحذر من أن الانفجارات وهجمات الطائرات المسيّرة الكثيفة وتشويش الاتصالات تنذر بهجوم إسرائيلي محتمل على أكثر من 500 متطوع مدني.
وقد أفاد نبيل الشنوفي أحد أعضاء اللجنة المنظمة لأسطول الصمود في تصريح إعلامي أنّ الاستهداف كان للسفن الشراعية في محاولة لكسر وحرق الأشرعة وقد تعرضت سفينة واحدة للضرر لكنها تواصل الإبحار، وسط محاولات لإصلاحها.
كما شدد بالقول «هي حرب نفسية وترهيب لكن ذلك لن يثنينا عن مواصلة الرحلة لكسر الحصار عن غزة».
وفي إطار الحرب الإعلامية نشرت وزارة الخارجية الصهيونية وعدد من الصفحات ووسائل الإعلام التابعة للكيان صوراً لعضوي تنسيقية «أسطول الصمود المغاربي» والهيئة التسييرية لـ«أسطول الصمود العالمي»، وائل نوار ومروان بن قطاية، متهمة إياهما بالانتماء لحركة «حماس»، وهو ما يمثل تهديداً صريحاً لهما بالاستهداف، إما بالقصف أو بالأسر المطول.
حيث أكد «أسطول الصمود المغاربي» في بيان أن هذه الادعاءات ليست سوى محاولة لتشويه الأسطول وإرباكه وإيجاد مبررات للاعتداء عليه، وأن وائل نوار ومروان بن قطاية معلوما الانتماء كمناضلين سياسيين ومدنيين يؤمنان بالحق الفلسطيني، ولا علاقة لهما بأي فصيل أو نشاط مسلح. وليس خافياً أن توجيه هذه التهمة إنما يهدف إلى ترهيب الأسطول، والإعداد لاستهدافه، والتشفي من قيادييه.
وأعلنت الهيئة المغاربية لأسطول الصمود عن تضامنها التام مع جميع المشاركين وقيادات أسطول الصمود، وتدعو الشعوب المغاربية والعربية والعالمية لإظهار دعمها واستعدادها لحماية الأسطول واعتماد كل النضالات التصاعدية في حال تم المساس به. كما دعت الحكومات والهيئات الدولية للتحرك من أجل الضغط على الكيان الصهيوني للتراجع عن مزاعمه المتعلقة باستهداف الأسطول.
وللإشارة حذّرت حكومة الكيان، الاثنين الفارط، من أنها لن تسمح لـ«أسطول الصمود العالمي» المتّجه إلى غزة والمحمّل بالمساعدات، بخرق الحصار المفروض على القطاع المحاصر.
وقالت وزارة الخارجية الصهيونية في بيان:«لن تسمح إسرائيل للسفن بدخول منطقة قتالية نشطة، ولن تسمح بخرق الحصار البحري القانوني»، متهمة حركة «حماس» بتنظيم رحلة الأسطول خدمة لأغراضها». وأوضحت الوزارة أن «السفن يمكن أن ترسو في ميناء عسقلان».
ردود فعل دولية
استهداف سفن «أسطول الصمود» أثار ردود فعل دولية حيث دعت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة أمس الأربعاء، إلى وضع الهجمات على الأسطول على جدول أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حاليا.
كما دعت الدول الأعضاء في المنظمة الدولية إلى «اعتماد قرار يعالج هذه الانتهاكات الجسيمة»، وعلى وجه الخصوص جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولاسيما تلك التي لديها رعايا على متن سفن «أسطول الصمود العالمي».
كما طالبت اللجنة «بضمان وتسهيل الحماية الفعالة فوريا للأسطول، بما في ذلك المرافقة البحرية، وبمراقبين ودبلوماسيين معتمدين، ووجود علني ودولي للحماية».
وشددت على أنه «يجب وقف الإبادة والتجويع، وأن يسمو القانون والإنسانية».
ومن جانبه أدان وزير الدفاع الإيطالي، أمس الأربعاء 24 سبتمبر الجاري، الهجوم الذي استهدف أسطول الصمود المتجه لكسر الحصار على قطاع غزة.
وأعلن الوزير أنه أصدر توجيهاته لسفينة تابعة للبحرية الإيطالية بالتحرك فورًا نحو موقع الأسطول لتقديم المساعدات اللازمة.
وفي سياق متصل قال القيادي في حركة «حماس»، محمود مرداوي، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب «جريمة إرهابية» إثر استهدافه أسطول الصمود أثناء إبحاره في المياه الدولية باتجاه قطاع غزة.
وأضاف مرداوي في تصريح صحفي، إن «الهجوم شكّل تهديداً مباشراً للنشطاء المشاركين على متن السفن، ومنع وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى سكان القطاع المحاصر».
ودعا القيادي المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري من أجل حماية النشطاء ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المتكررة، التي وصفها بأنها سياسة ممنهجة لتشديد الحصار على غزة».
وأدانت «حماس» في بيان، استهداف طائرات مسيرة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي لعدة سفن من أسطول الصمود العالمي أثناء إبحارها في المياه الدولية، معتبرة ذلك «إرهابا وسلوكا خطيرا يمهّد لاعتداءات أشد على الناشطين والسفن المشاركة في المهمة الإنسانية».
وقالت الحركة في بيانها إن هذا الهجوم يهدف إلى ثني المشاركين في الأسطول عن أداء رسالتهم الإنسانية المتمثلة في محاولة إيصال المساعدات إلى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي يعاني من حصار مشدد وحملات «إبادة وتجويع ممنهجة».
دعوات أممية
ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والهيئات الأممية إلى «إدانة هذه الجريمة» واتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية الأسطول وطاقمه، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين في القطاع.
وللإشارة كان وزراء خارجية 16 دولة قد عبروا، في بيان مشترك يوم الثلاثاء 16 سبتمبر الجاري 2025، عن قلقهم إزاء أمن «أسطول الصمود العالمي» المتوجه إلى قطاع غزة، محذرين من أي اعتداء عليه.
وقد أمضى على البيان المشترك كل من تركيا وقطر وسلطنة عمان وسلوفينيا وجنوب إفريقيا وإسبانيا وبنغلاديش والبرازيل وكولومبيا وإندونيسيا وأيرلندا وليبيا وماليزيا وجزر المالديف والمكسيك وباكستان، إذ أكدوا أن هدف الأسطول إيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة ورفع مستوى الوعي بالاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب الفلسطيني إلى جانب الدعوة لوقف العدوان الصهيوني على غزة، وهي أهداف تتطابق مع مواقف الحكومات الموقعة، إضافة إلى تمسكها بمبادئ القانون الدولي بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، كما دعوا الكيان الصهيوني إلى «الامتناع عن أية أعمال غير قانونية أو عنيفة ضد الأسطول»، مشددين على «ضرورة احترام القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي»، معتبرين أن أي انتهاك للقانون الدولي أو حقوق الإنسان الخاصة بالمشاركين في الأسطول، بما في ذلك الهجمات على السفن في المياه الدولية أو عمليات الاحتجاز غير المشروعة «سيؤدي إلى المساءلة».
حنان قيراط
———————
عضو المجلس المركزي لاتحاد الفلاحة والصيد البحري لـ«الصباح»:
توفير كمية قياسية من البذور.. والأمطار تبشر بموسم فلاحي واعد
استبشر المزارعون بما تم تسجيله في الفترة الأخيرة من تساقطات بكميات متباينة شملت تقريبا كل ولايات الجمهورية، ووصف حمادي البوبكري عضو المجلس المركزي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، هذه التساقطات في تصريحه لـ«الصباح» قائلا:»بأنها أمطار خير جاءت في توقيت مناسب تساعد الفلاح في تحضير أرضه للبذر وتبشر بانطلاقة ملائمة لموسم الزراعات الكبرى».
ويعول الفلاح كثيرا على انطلاقة الموسم، وبقدر ما يكون موفقا في البذر والمداواة يكون الحصاد وافرا. وكشف حمادي البوبكري في نفس التصريح لـ«الصباح» أنه تم توفير رقم قياسي من كميات البذور. وقال: «لأول مرة منذ الاستقلال يتم وضع 700 ألف قنطار من البذور على ذمة الفلاحين وهو أمر إيجابي للغاية بالنسبة للموسم».
لكن في نفس الوقت بين عضو المجلس الوطني لاتحاد الفلاحة أن «النقطة السوداء هو الغياب الكلي للأسمدة وخاصة منها مادة «دي ا بي» (DAP) التي يعتمدها المزارعون مع انطلاقة الموسم وهي ضرورية للنبتة في بداياتها، فهي التي ستحمي «السبولة» وفق تفسيره. كما عبر حمادي البوبكري عن قلقه إزاء هذا النقص الكبير في الأدوية والمبيدات، والذي من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية ويخلق نوعا من الاحتكار في مسارات بيعها.
آما بالنسبة إلى إمكانيات التوجه نحو توسيع المساحات المزروعة من الحبوب خلال موسم 2025-2026، فقال البوبكري «إن المساحات المزروعة هي نفسها تقريبا سنويا وتتراوح بين المليون ومليون و200 هكتار، ومسألة التوسيع من عدمه تبقى في ارتباط بحجم التساقطات الخريفية في جنوب سليانة وكسرى ومكثر والروحية وجنوب ولاية الكاف الدهماني وقلعة سنان..، ونفس الأمر لمنطقة شمال باجة على غرار منطقة قبلاط وعمدون..، فالفلاح في تلك المناطق يخشى البذر دون أمطار ولذلك تكون التساقطات في هذا الوقت بالذات محفزا ومشجعا له على البذر.
ورغم اتصالها المتكرر بوزارة الفلاحة، لم تتحصل «الصباح» على أي معطى في خصوص توفير الأدوية من «الأمونيتر» و«دي أ بي»، مع العلم أنه منذ سنوات تعرف مواسم الزراعات الكبرى صعوبات في التزود بالأدوية ما شكل في أكثر من مناسبة مشكلا لدى المزارعين وخلف أضرارا في محاصيلهم.
وللإشارة نشرت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري نهاية الأسبوع الماضي تقييما لموسم 2024/2025، ذكر خلاله الوزير أن الموسم قد شهد بذر مساحة جملية قدرها مليون هكتار، وأنّ كميات الحبوب المجمّعة بمراكز التّجميع على المستوى الوطني بلغت حوالي 12 مليون قنطار منها 11.3 مليون قنطار حبوب استهلاك وحوالي 0.7 مليون قنطار بذور ممتازة، متجاوزة بذلك معدل الكميات المجمعة خلال الخمس سنوات الأخيرة سواء بالنسبة لحبوب الاستهلاك أو البذور، مبيّنا أن تطوير قطاع الحبوب في تونس يستلزم تطوير زراعة الحبوب المروية التي تتميز باستقرار إنتاجها نسبيا، حيث تمكّن من ضمان حد أدنى من الإنتاج وتساهم في تقليص تذبذب الإنتاج الوطني من الحبوب والتخفيض من الواردات.
وأكد من جانبه، مدير عام البنك الوطني الفلاحي الدّور المحوري الذّي يلعبه البنك في دعم منظومة الحبوب، مبيّنا أنّ البنك خصّص لموسم 2024-2025 تمويلات جملية بقيمة 120 مليون دينار لفائدة 4000 فلاح، منها 97 مليون دينار تمويلات مباشرة لفائدة 1300 فلاح و23 مليون دينار عبر آليات التمويل الثلاثي ومتعهد القرض لفائدة 2700 فلاح. وقد بلغت تمويلات التجميع خلال موسم 2024/2025، 1791 مليون دينار لفائدة مجمعي الحبوب وهياكل التخزين.
وبالنّسبة للاستعدادات لموسم 2025/2026، أكّد أنّه تمت برمجة بذر 1.155 مليون هكتار كما تمّ ضبط حاجيات الأسمدة الكيميائيّة اللاّزمة، مؤكّدا على عزم البنك المتواصل للرّفع من قيمة التمويلات المبرمجة لموسم 2025-2026 لتبلغ 140 مليون دينار لفائدة 4700 فلاح.
فيما أكّد المدير العام للبنك التونسي للتّضامن أنّ تدخّلات البنك في الموسم الحالي تتمثّل في الإجراءات التالية، أوّلا التّرفيع في حجم الاعتمادات المخصّصة للحبوب من 24 مليون دينار إلى 30 مليون دينار. وثانيا التّرفيع في سقف التمويلات المخصّصة لهذه القروض من 60 ألف دينار إلى 100 ألف دينار، فضلا عن التّرفيع في سقف القروض المسندة عن طريق الجمعيات والمخصّصة للحبوب من 5 آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار، كذلك حذف السّن القصوى المحدّدة سابقا بـ 65 سنة في شريحة الفلاّحين كبار السّن.
كما أضاف أنّه سيتمّ إبرام 10 اتّفاقيات مع المجمّعين الخواص، بالإضافة إلى الاتفاقيات المبرمة مع 5 مجمّعين السّابقين، واتفاقيتان مع التّعاضديات المركزيّة CCGC و COCEBLE.
وبخصوص ديون الفلاّحين مع البنك، أكّد المدير العام أنّ البنك سيعمل على إعادة جدولة الدّيون بالنّسبة للفلاّحين الذّين يمرون ببعض الصّعوبات الظّرفيّة، وذلك عن طريق لجنة ستعقد في الغرض لدراسة الملفّات ملف بملف.
ريم سوودي
———————
تحسن في الكمية والنوعية
توقعات بصابة تمور واعدة
ينطلق موسم التمور مع بداية شهر أكتوبر القادم، وحسب توقعات الفلاحين وممثلي وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، من المنتظر أن يكون موسما «واعدا». فالمؤشرات الأولية تعتبر ممتازة وتبشر بكل خير خاصة من ناحية الجودة حسب تصريح رئيس مصلحة حماية النباتات مكلف بتسيير الإنتاج النباتي بالمندوبية الجهوية للفلاحة بقبلي محمد عبد اللطيف.
مضيفا أنه على الفلاحين التسريع في التغليف لحماية صابة التمور من الأمطار والرطوبة ودودة التمر وعنكبوت الغبار، مؤكدا أن الناموسية عامل مهم للحفاظ على جودة المنتوج.
في نفس الوقت، يتوقع توفيق التومي فلاح من ولاية قبلي ومسؤول سابق باتحاد الفلاحين، أن هذا الموسم سيكون أفضل من الموسم الفارط سواء من ناحية الكمية أو النوعية، لكن أشار في تصريحه لـ«الصباح» إلى أن الفلاح بصدد مواجهة صعوبات في الحصول على الناموسية والبلاستيك لحماية صابته من التمور، في وقت يستوجب التسريع بوضعها أمام بشائر واضحة بخريف ممطر. ويوضح التومي أن المندوبية الجهوية للفلاحة أقرت مسارات جديدة للحصول على هذه المواد (البلاستيك والناموسية) ما أدى إلى تعقيد الإجراءات وتمطيط مدة الحصول عليها.
وفي انتظار الإعلان الرسمي على حجم الصابة لعام 2025-2026، تم تقدير صابة التمور بولاية قبلي التي تحتل المرتبة الأولى وطنيا وتحتكر وحدها ثلثي الصابة أو أكثر، بحوالي الـ 270 ألف طن أي بزيادة بنحو الـ20 ألف طن بالمقارنة مع الموسم الفارط، وستحافظ توزر ثاني منتج للتمور على نفس معدلات إنتاج السنة الفارطة المقدر بنحو الـ 62 ألف طن، كما من المنتظر أن تبلغ صابة التمور في ولاية قفصة للموسم الجاري حوالي الـ 15 ألف طن وهي تقريبا نفس الكمية التي سجلتها السنة الفارطة حسب المندوبية الجهوية للفلاحة بقفصة.
وللإشارة، يواجه الفلاحون إشكاليات ومشاكل في ترويج صابتهم من التمور، حيث أفاد توفيق التومي أن الإنتاج الذي يتم تجميعه في نفس الوقت يواجه سنويا مشاكل وإشكاليات في الترويج. وحتى مع تركيز المجمع المهني المشترك للتمور لم يتغير واقع الحال كثيرا أين تواصلت مشاكل التخزين وإيجاد مسارات ترويجية منصفة كما أن الفلاح يجد نفسه في كل موسم وحيدا، أمام سماسرة الترويج واستغلال المصدرين.
وللتذكير شهدت صادرات التمور التونسية خلال الـ 11 شهرا الأولى من الموسم الفارط 2024-2025، تراجعا طفيفا في الكميات المصدرة بلغت الـ 6 % مقارنة بنفس الفترة من الموسم الذي سبقه 2023-2024.
وبلغت كميات التمور المصدرة، وفق المرصد الوطني للفلاحة، قرابة 140.5 ألف طن، وقد استحوذت دقلة النور على إجمالي الصادرات بحصة قاربت 83.6 %.
وسجلت صادرات التمور، تراجعا على مستوى القيمة قاربت 3.8 % ووصلت الإيرادات التصديرية إلى نحو 841 مليون دينار وقد شكلت دقلة النور قرابة 93.3 % من هذه الموارد المالية.
وبلغ معدل السعر المسجل، خلال الأشهر 11 الأولى من موسم التمور قرابة 6.37 دينار لكل كيلوغرام في حين بلغ سعر دقلة النور 7.10 دينار لكل كيلوغرام.
وبلغت صادرات التمور البيولوجية، 8.3 آلاف طن بقيمة ناهزت 73.2 مليون دينار وقد تم تسجيل تراجع في الكميات المصدرة بنسبة 2.7 بالمائة وتقلص في العائدات بنسبة 20.6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من الموسم الفارط.
ريم سوودي
—————————
———————————
منها النظام الأساسي للإطارات المسجدية..
37 مبادرة تشريعية على مكتب لجنة تنظيم الإدارة
سيجد نواب لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد خلال الدورة النيابية القادمة أنفسهم في سباق مع الزمن نظرا لتراكم المبادرات التشريعية المحالة على أنظار هذه اللجنة، ليصل عددها الجملي إلى 37 مبادرة منها مقترح قانون يتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية. ويتضمن هذا المقترح 12 فصلا تم توزيعها على خمسة أبواب وهي: الأحكام العامة، والانتداب والتكوين، والحقوق والواجبات، والمخالفات والعقوبات، والأحكام الانتقالية والختامية.
وجاء في وثيقة شرح أسباب مقترح هذا القانون أن الإطار المسجدي يلعب دورا محوريا في توجيه الخطاب الديني وترسيخ قيم الاعتدال والتسامح وهو عنصر أساسي للحفاظ على السلم الاجتماعي وتعزيز الهوية الوطنية التونسية، ورغم ذلك مازال هذا القطاع يعاني من غياب إطار قانوني واضح وشامل ينظمه ويحمي حقوق الإطارات المسجدية ويوفر لهم وضعية مهنية مستقرة من شأنها أن تساهم في تحسين جودة الأداء والنهوض بدورهم في المجتمع.
وأشار أصحاب المبادرة التشريعية في نفس الوثيقة المصحوبة بمقترح القانون إلى أن الإطار القانوني المعمول به حاليا يتمثل في القانون عدد 33 لسنة 1988 المتعلق بتنظيم المساجد والجوامع إلى جانب الأوامر والقرارات الوزارية التي تضبط شروط التعيين والأجور خاصة الصادرة منها عن وزارة الشؤون الدينية. وبينوا أن المنشور الوزاري عدد 15 لسنة 2014 يعتبر بدوره مرجعا لتحديد شروط تعيين الأئمة والخطباء وقد تم التركيز فيه على المؤهلات العلمية والنزاهة، ولكن رغم كل هذه النصوص فإن النظام القانوني الحالي يفتقر إلى قانون أساسي موحد يضمن حقوق الإطارات المسجدية بشكل واضح ويضع آليات شفافة للانتداب والتكوين والتقييم والتدرج الوظيفي وهو ما يؤدي إلى تفاوت في الحقوق المهنية واستمرارية الهشاشة في العقود وظروف العمل.
وأضاف أصحاب المبادرة أن الوضعية المهنية للأئمة والخطباء والمؤذنين والقيمين تتسم بالهشاشة، إذ يتم تعيين العديد منهم بعقود وقتية أو غير مستقرة ولا تكون هذه العقود في أغلب الأحيان مرفقة بتغطية اجتماعية كاملة أو ضمانات التقاعد، كما يعاني هؤلاء من ضعف الأجور فضلا عن عدم توفر سلم وظيفي محدد، الأمر الذي يؤثر على استقرارهم المهني والتزاماتهم، أما القيمين والمؤذنين فإنهم غالبا ما يعملون بعقود وقتية هشة أو بصفة متعاون. وبالنسبة إلى المنح فهي ضعيفة جدا وتتراوح في بعض الحالات بين 150 إلى 400 دينار شهريا فضلا عن حرمانهم من التمتع بالضمانات القانونية من تأمين وتقاعد وعطلة سنوية.
وحوصل أصحاب المبادرة التشريعية المشاكل التي يعاني منها الإطارات المسجدية في النقاط الآتي ذكرها: الهشاشة الوظيفية والمالية، وعدم التمتع بعقود عمل قار وسلم وظيفي واضح، وغياب نظام ترقية أو هيكلة إدارية مهنية، والتسييس أو التوظيف الأئمة لأغراض إيديولوجية. وبينوا أن التسيس الذي ظهر في فترات تاريخية يظل عقبة أمام استقلالية الخطاب الديني وحياده. وخلصوا إلى وجود فراغ تشريعي نظرا لعدم سن قانون موحد خاص بالمسار المهني للإطارات المسجدية. كما لاحظوا في بعض الجهات وجود بلديات أو جمعيات تسيطر على بعض المساجد دون إشراف مركزي كاف، فضلا عن نقص في التكوين وغياب آليات تقييم موضوعية وشفافة.
وتطرق أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح الأسباب إلى دواعي تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية وهي الآتي ذكرها: الحاجة إلى توفير إطار قانوني شامل ومنصف يضمن الحقوق المهنية والاقتصادية لهذه الإطارات، وتعزيز الاستقرار الوظيفي وتحسين ظروف العمل بما ينعكس إيجابيا على جودة الخطاب الديني، وبناء نظام شفاف وعادل للانتداب والتكوين والتقييم يضمن كفاءة الأداء والالتزام بالقيم الوطنية، والتصدي للهشاشة المهنية والتشغيلية وتوفير الحماية الاجتماعية الكاملة، ودعم دور الإطارات المسجدية كركيزة أساسية في حفظ السلم الاجتماعي، وترسيخ قيم الاعتدال والوسطية.
نظام أساسي
ويهدف مقترح القانون المتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية حسب ما نص عليه فصله الأول إلى تنظيم الوضعية القانونية والمهنية للإطارات المسجدية في تونس وضبط حقوقهم وواجباتهم وآليات الإشراف والتكوين والتأطير الإداري والديني.
وتم تخصيص الفصل الثاني من مقترح هذا القانون للتعريف بالمفاهيم، ومنها الإطارات المسجدية، والمقصود بها الإمام الخطيب وإمام الخمس والمؤذن والقيم والقيم الأول وكل من يمارس وظيفة دينية قارة في الجامع أو المسجد. وتم تعريف المسجد بأنه كل فضاء مخصص للعبادة وتحت إشراف الدولة.
وفي ما يتعلق بشروط الانتداب، فقد نص الفصل الثالث من المبادرة التشريعية على أنه يشترط في المترشح لوظيفة من وظائف الإطارات المسجدية: الجنسية التونسية، وحسن السيرة والسلوك، ومستوى تعليمي لا يقل عن البكالوريا، على أن يتم منح الأولوية للحاصلين على تكوين ديني أو جامعي في العلوم الشرعية وهناك شرط آخر نص عليه نفس الفصل وهو اجتياز اختبار كتابي وشفاهي تشرف عليه لجنة مختصة تابعة لوزارة الشؤون الدينية.
وبخصوص التكوين، فقد ألزم الفصل الرابع الدولة بتوفير برامج تكوين مستمر للإطارات المسجدية في مجالات الفقه والعلوم الشرعية والتواصل والخطاب الديني المعتدل والقانون والإدارة الدينية.
في حين ضبط الفصل الخامس من مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد إجراءات التسمية حيث يتم تعيين الإطارات المسجدية بقرار من وزير الشؤون الدينية وفق قاعدة الانتداب في الوظيفة العمومية، ويمكن تصنيفهم حسب سلم وظيفي يتضمن: متربص، مباشر، متقدم، موجه، أول.
أما الفصل السادس من المبادرة التشريعية فيتعلق بالحقوق ونص على أن الإطار المسجدي يتمتع بأجر شهري قار وتغطية اجتماعية كاملة من ضمان اجتماعي وتأمين صحي وتقاعد، كما يتمتع بالحق في العطل السنوية والرخص المرضية وبالتدرج الوظيفي والمنح التحفيزية حسب الكفاءة.
وبخصوص الواجبات فقد ضبطها الفصل السابع الذي نص على أن الإطار المسجدي يلتزم باحترام دستور الجمهورية ومبادئ الدولة المدنية وبالحياد السياسي والحزبي، كما يلتزم بالمناهج الشرعية الوسطية وبعدم استغلال المنبر لأغراض خارج الدور الديني.
تقييم أداء الاطارات المسجدية
وبالنسبة إلى كيفية تقييم أداء الإطارات المسجدية فيتم حسب ما نص عليه الفصل الثامن بصفة دورية من قبل لجان فنية جهوية وفي إطار مرجعية علمية وطنية ويتم ربط التدرج أو التجديد بالتكوين والانضباط.
وتم تخصيص الفصل التاسع والفصل العاشر من مقترح القانون لتحديد المخالفات وضبط العقوبات، ففي ما يتعلق بالمخالفات فتعدّ من قبيل المخالفات المهنية الجسيمة التحريض أو الدعوة للكراهية واستغلال المسجد لأغراض سياسية ومخالفة التراتيب الإدارية أو العلمية، أما العقوبات فيتم تسلطيها على المخالف حسب درجة خطورة المخالفة وتتمثل هذه العقوبات في التنبيه الكتابي، فتعليق النشاط بصفة مؤقتة، وصولا إلى الإعفاء النهائي من الخطة.
ولتمكين الدولة من مهلة لإنفاذ الأحكام سالفة الذكر، تم التنصيص في الفصل الحادي عشر من المبادرة التشريعية على أحكام انتقالية تلتزم الدولة بمقتضاها بتسوية الوضعية المهنية والقانونية لكافة الإطارات المسجدية العاملة قبل صدور القانون الجديد في أجل لا يتجاوز سنتين من تاريخ دخوله حيز النفاذ. ونص الفصل الأخير المتعلق بالأحكام الختامية على دخول القانون الجديد حيز التنفيذ بعد تسعين يوما من نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وقبيل العطلة البرلمانية، كان مكتب مجلس نواب الشعب قد أحال المبادرة التشريعية المتعلقة بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية إلى لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد وهي تحمل إمضاء نواب من مختلف الكتل وهم على التوالي سيرين المرابط وعمر بن عمر وباديس بالحاج علي ورياض بلال ووليد الحاجي وزينة جيب الله ويوسف طرشون وعبد الرزاق عويدات وعلي بوزوزية ونزار الصديق وجلال الخدمي وطارق المهدي ونجلاء اللحياني وسامي الرايس وظافر الصغيري وصابر المصمودي والياس بوكوشة وكمال كرعاني ومهى عامر وعادل ضياف وريم الصغير ومنال بديدة ومحمد علي وبوبكر بن يحي ومحمد ضو ومحمد شعباني وعبد السلام الحمروني وخالد حكيم المبروكي وعصام شوشان ومحمود العامري وأسماء الدرويش وأيمن البوغديري وهالة جاب الله وحسن جربوعي.
وسبق لبعض النواب أن وجهوا في إطار دورهم الرقابي أسئلة كتابية إلى وزير الشؤون الدينية حول وضعية الإطارات المسجدية منهم النائب عزيز بن الأخضر وجاء في إجابات الوزير بالخصوص أن الإطارات المسجدية تخضع إلى الأمر الحكومي عدد 1228 لسنة 2019 المؤرخ في 24 ديسمبر 2019 المتعلق بالإطارات المسجدية، وأن الخطط المسجدية المنصوص عليها في هذا الأمر تتمثل في: إمام خطيب، إمام خطيب نائب، إمام للصلوات الخمس، مؤذن، قائم بشؤون المعلم، مدرس، راوي حديث، مؤدب، قارئ، ناظر عام، ناظر جوامع. كما تضمنت إجابات وزير الشؤون الدينية معطيات حول المنح والامتيازات التي يتمتع بها الإطارات الدينية.
وإلى جانب مقترح القانون المتعلق بالنظام الأساسي للإطارات المسجدية يوجد أمام أنظار لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد 36 مبادرة تشريعية أخرى تتعلق أغلبها بإحداث بلديات جديدة آخرها مقترح القانون المتعلق بإحداث بلدية السعد بالمهدية.
سعيدة بوهلال
————————
——————
فيما تعددت المخاطر وتواترت الدعوات
رئيس الجمهورية يسدي تعليماته بتأمين محيط المؤسسات التربوية
يبدو أن تأمين محيط المؤسسات التربوية أصبح أكثر من ضروري في ظل تفشي مظاهر العنف والسطو أو ما يعرف بـ«البراكاجات» وخاصة ترويج المخدرات وجمعيها مظاهر خطرة تهدد الناشئة.
ولئن سيرت وزارة الداخلية في إطار التعاون مع وزارة التربية حملات وقائية من خلال تركيز دوريّات راكبة ومترجلة بمحيط المؤسسات التربوية والجامعية تزامنا مع انطلاق السنة الدراسية للحفاظ على الأمن العام وتسهيل حركة المرور والوقاية من حوادث الطرقات بمشاركة مختلف وحدات الأمن الوطني والحرس الوطني والحماية المدنية، إلا أن حجز كميات ضخمة من المخدرات يحتم مزيد اليقظة والحذر وتشديد تأمين محيط المؤسسات التربوية وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد في أكثر من مناسبة، وما طالب به الأولياء من سنة إلى أخرى.
وقد عاشت تونس خلال الأشهر الماضية على وقع أخبار النجاحات الأمنية في حجز كميات ضخمة من المخدرات وآخر هذه العمليات تلك التي عرفها ميناء رادس وتتمثل في حجز حوالي 12 مليون قرص مخدر بقيمة تفوق 17 مليون دينار، مخبأة داخل حاوية قادمة من إحدى الدول الأوروبية.
وفي شهر جوان 2025 وفي عمليتين متتاليتين أحبطت مصالح الديوانة بالمعبر الحدودي برأس جدير محاولة تهريب 22440 حبة مخدرة نوع «إكستازي» وكمية من مخدر الكوكايين قدرت بـ2200 غرام.
عملية نوعية أخرى تمت في شهر أفريل الماضي 2025 إذ وقع حجز أكثر من مليون و200 ألف قرص مخدر من نوع «إكستازي» بقيمة تتجاوز 40 مليون دينار.
كما تمكّنت مصالح الديوانة بمحطة البضائع بمطار تونس قرطاج من إحباط محاولة تهريب 96.3 كلغ من مخدر القنب الهندي (الزطلة) مخفية بإحكام داخل طرود تحتوي على كمية من الملابس والأحذية، حيث أنه وبتفتيشها تم العثور على كمية من مادة القنب الهندي مخيفة بداخلها.
وتم في بداية السنة الحالية 2025 حجز 30 ألف قرص مخدر نوع (إكستازي)، كل هذا بالإضافة إلى نجاحات أمنية أخرى مكنت من تفكيك شبكات إجرامية تنشط في إدخال وترويج هذه السموم في بلادنا.
تعليمات بتأمين المؤسسات التربوية
وعلى إثر الكشف عن محاولة إدخال 12 مليون قرص مخدر إلى التراب الوطني استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد، يوم 22 سبتمبر الجاري بقصر قرطاج، وزير الداخلية خالد النوري والمدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان والمدير العام آمر الحرس الوطني حسين الغربي داعيا إلى مزيد تأمين محيط المدارس والمعاهد وخاصّة مقاومة من يُتاجرون بالمخدّرات ومن استهدفوا الدّولة التونسية واستهدفوا بكلّ السّبل المجتمع التونسي.
وبمناسبة العودة المدرسيّة والجامعيّة، أشرف رئيس الجمهوريّة على اجتماع ضمّ كلاّ من وزير الداخلية خالد النّوري ووزير النّقل رشيد العامري إلى جانب أعضاء المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم وهم كل من وزير التّربية نور الدّين النّوري ووزير الشباب والرياضة الصادق المورالي ووزير التّشغيل والتّكوين المهني رياض شوّد ووزير الشؤون الدينيّة أحمد البوهالي ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السّن أسماء الجابري ووزيرة الشّؤون الثّقافية أمينة الصرارفي، حيث أسدى تعليماته بضرورة مضاعفة الجهود لتيسير دوريات أمنيّة في محيط المدارس والمعاهد حماية لها من كلّ أشكال الانحراف ومن كل المظاهر الإجراميّة ومن المخدّرات على وجه الخصوص.
تعاون بين وزارتي التربية
والداخلية
وخلال إشرافه على افتتاح السنة الدراسية 2025-2026 قال وزير التربية، نور الدين النوري، أنّ وزارة التربية قامت بإعداد خطة بالاشتراك مع وزارة الداخلية للإحاطة بالمؤسسات التربوية إلى جانب وجود عمل فعلي يومي ومتابعة مستمرة للوضع في محيط المدارس.
وفي هذا السياق تم خلال السنوات الفارطة إمضاء اتفاقية بين وزارة التربية ووزارة الداخلية تقضي بحماية المؤسسات التربوية. واستنادا إلى الاتفاقية الممضاة يتم إشعار الدوريات الأمنية التي تتولى التدخل سريعا، علما أنه خلال شهر أكتوبر 2019 كان قد أعلن وزير الداخلية آنذاك عن فتح خط مباشر يصل المندوبيات الجهوية للتربية بقاعات العمليات التابعة لأسلاك الشرطة والحرس الوطني، من أجل ضمان نجاعة وسرعة التدخل وحماية التلاميذ من المخاطر المرتبطة بمحيط مؤسساتهم التربوية وتأمينه ومكافحة الجرائم المرتبطة به.
في هذا الخضم دعا الأولياء والعديد من المتابعين للشأن التربوي وزارتي التربية والداخلية إلى تكثيف الدوريات الأمنية أمام مختلف المدارس والاعداديات والمعاهد الثانوية التي تحول البعض منها إلى بؤر للعنف والإجرام لاسيما وأن آخر الإحصائيات تشير إلى أن نسبة كبيرة من التلاميذ والطلبة المدمنين يتحصلون على المواد المخدرة من مصادر متمركزة قرب المؤسسات التربوية، ما يستوجب تشديد اليقظة وتدعيم تمركز الدوريات الأمنية أمام مختلف المؤسسات التربوية.
حنان قيراط