ما يعيش على وقعه قطاع الأعلاف خلال السنوات الأخيرة من فوضى واحتكار وارتفاع متواصل للأسعار، في ظل النقص الفادح في هذه المادة الحيوية لاسيما مع تواتر سنوات الجفاف، دفع الحكومة خلال المجلس الوزاري المنعقد مؤخرا إلى إقرار إحداث الديوان الوطني للأعلاف وضبط تنظيمه الإداري والمالي وطرق تسييره. ويعود إحداث الديوان، وفق الآمر المصادق عليه، إلى وجود مشاكل متعلّقة بتوريد الأعلاف، وإخلالات على مستوى منظومة التوزيع، هذا إضافة إلى مشاكل متعلّقة بإنتاج الأعلاف على المستوى المحلي.
وقد حدد الأمر الدور الموكول لهذا الديوان وهو المساهمة في ضبط الاستراتيجيات الوطنية والقطاعية للنهوض بالموارد العلفية وحوكمة التصرف فيها، بالإضافة إلى ضبط وتوفير الحاجيات السنوية من الموارد العلفية للقطيع.
كما أن من مشمولاته أيضا إنتاج وتوريد وتوزيع الموارد العلفية والاتجار فيها وتكوين المخزونات الاحتياطية والقيام بكل التدخلات الضرورية لتعديل السوق، إلى جانب المساهمة في إنجاز الدراسات الفنية والاقتصادية المتعلقة بمنظومة الأعلاف بما في ذلك تقديرات كلفة الإنتاج.
وللوقوف على الجدوى من إحداث هذا الديوان ومدى قدرته على إيجاد الحلول لمختلف المشاكل التي يعاني منها قطاع الأعلاف رصدت "الصباح" أراء عدد من الخبراء ومن أهل القطاع.
لا جدوى من إحداث ديوان جديد
وحول بعث هذا الهيكل أفاد فوزي الزياني الخبير في الاستراتيجيات الفلاحية لـ"الصباح" أنه لن يكون ذو جدوى لاسيما في ظل وجود هيكل مشابه له نفس الدور وهو ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى وهو مؤسسة عريقة وتتوفر على بنية تحتية متميزة في كل الجهات بما في ذلك المخازن وتعلب نفس الدور الذي من المنتظر أن يلعبه الديوان الوطني للأعلاف الذي اقر المجلس الوزاري إحداثه والذي اعتبره محدثنا أنه يتنزل في إطار إثقال كاهل الميزانية بأعباء جديدة.
وبين الزياني أنه كان من المفروض على الحكومة وعوض إحداث ديوان جديد تدعيم ديوان تربية الماشية ماليا ولوجستيا وهيكلته حتى يقوم بدوره على الوجه الأكمل. وابرز أن قطاعا منكوبا على غرار قطاع الأعلاف لن تحل مشاكله بإحداث ديوان جديد، خاصة وان ديوان الحبوب له، أيضا، دورا مهما جدا من حيث تنمية زراعة الأعلاف وتربية الماشية خاصة وان خلايا الإرشاد الفلاحي التابعة له موزعة على كل مناطق الجمهورية وهي قريبة جدا من الفلاح والمربي بالنظر إلى تركيبتها المتميزة، وهو أيضا ديوان في حاجة للدعم كونه يوفر الحبوب بما فيها الأعلاف سيما وأنه كان يورد الأعلاف.
وتساءل الخبير في الاستراتيجيات الفلاحية عن الحكمة من إحداث ديوان جديد في ظل وجود ديوانين يلعبان تقريبا نفس الدور الذي سيلعبه الديوان المعلن عنه، مشيرا إلى أن ديوان تربية الماشية يورد الأعلاف وقت الجفاف وخاصة قوالب "الفصة" وبيعها بأسعار مدعمة تناسب الفلاح.
وشدد الخبير على وجوب تدعيم ديوان تربية الماشية وديوان الحبوب وإعطائهما صلاحيات جديدة حتى يكونا أكثر فاعلية وأكثر مراقبة وتحكم في القطاع وتحديدا مراقبة توزيع الأعلاف المدعمة عوضا عن إحداث آخر جديد لا طائل منه بل وسيكبد حتما الدولة أموالا طائلة ويكبل الميزانية العامة.
تصحيح مسار القطاع
ومن جهته أفادنا الضاوي الميداني رئيس نقابة الفلاحين أن على الدولة التحكم في كل مفاصل قطاع الأعلاف من التوريد إلى الإنتاج فالتوزيع كون القطاع يشهد اخلالات وبات مرتعا للفساد خاصة على مستوى التوزيع الغير عادل.
وبين أنه من الجيد أن تقوم الدولة بتوريد المواد الأساسية في التركيبة العلفية من قبيل الشعير والسوجا والذرة والبروتيينات وهي مواد توردها شركات معينة احتكرت في وقت من الأوقات السوق وتحكمت في مفاصل التوزيع، واستدرك رئيس نقابة الفلاحين قائلا إن السؤال الذي يطرح نفسه ما بعد التوريد هل ستدخل الدولة غمار التصنيع فعلا أو لا؟
وشدد محدثنا على أن الشركات الخاصة كانت تحتكر توريد المواد العلفية وصناعة العلف من بروتيينات وذرة وسوجا وشعير، وأكد انه إذا لم تتول الدولة عملية الصناعة فما على الديوان الجديد سوى مراقبة المصانع وتحديدا التركيبة العلفية وذلك نظرا لعمليات التلاعب بالقيمة الغذائية والمواصفات الفنية المعمول بها ما أثر في مردودية القطيع الذي تراجع بشكل كبير حيث تراجع قطيع الأبقار منذ 2018 بنسبة 30 بالمائة وذلك بسبب نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها. وأشار إلى أن الدولة انطلقت منذ 1970 في تكوين القطيع من خلال توريده كما قدمت الدعم للمربين ما مكننا من تغطية حاجياتنا من اللحوم والحليب وتكوين فائض على الإنتاج والاستهلاك في حين أننا اليوم نعاني من نقص فادح من حيث اللحوم التي ارتفعت أسعارها وأيضا الحليب وهو اليوم مفقود.
وبين أن النقص عرفه أيضا قطيع الماشية كما تراجع قطاع تربية الدواجن وخير دليل الارتفاع المهول في أسعار اللحوم البيضاء والبيض.
وأبرز الضاوي الميداني أن إحداث ديوان للأعلاف يجب أن يصحح مسار قطاع الأعلاف وأن يقطع مع طريقة عمل منظومة الأعلاف الحالية التي تتضمن الكثير من الظلم والحيف.
وختم محدثنا مشددا على انه من الضروري أن تستعد الدولة كما يجب إذا ما قررت تولي عملية التصنيع، أما إذا ما أوكلت هذه المهمة للشركات المصنعة فلابد من مراقبة الجودة والقيمة الغذائية للأعلاف المصنعة ووضع منظومة تراقب عن كثب عملية الإنتاج والتوزيع ما من شأنها تدعيم أمننا الغذائي كي لا تحتكر "الحيتان" الأعلاف، وفق قوله.
حنان قيراط
تونس-الصباح
ما يعيش على وقعه قطاع الأعلاف خلال السنوات الأخيرة من فوضى واحتكار وارتفاع متواصل للأسعار، في ظل النقص الفادح في هذه المادة الحيوية لاسيما مع تواتر سنوات الجفاف، دفع الحكومة خلال المجلس الوزاري المنعقد مؤخرا إلى إقرار إحداث الديوان الوطني للأعلاف وضبط تنظيمه الإداري والمالي وطرق تسييره. ويعود إحداث الديوان، وفق الآمر المصادق عليه، إلى وجود مشاكل متعلّقة بتوريد الأعلاف، وإخلالات على مستوى منظومة التوزيع، هذا إضافة إلى مشاكل متعلّقة بإنتاج الأعلاف على المستوى المحلي.
وقد حدد الأمر الدور الموكول لهذا الديوان وهو المساهمة في ضبط الاستراتيجيات الوطنية والقطاعية للنهوض بالموارد العلفية وحوكمة التصرف فيها، بالإضافة إلى ضبط وتوفير الحاجيات السنوية من الموارد العلفية للقطيع.
كما أن من مشمولاته أيضا إنتاج وتوريد وتوزيع الموارد العلفية والاتجار فيها وتكوين المخزونات الاحتياطية والقيام بكل التدخلات الضرورية لتعديل السوق، إلى جانب المساهمة في إنجاز الدراسات الفنية والاقتصادية المتعلقة بمنظومة الأعلاف بما في ذلك تقديرات كلفة الإنتاج.
وللوقوف على الجدوى من إحداث هذا الديوان ومدى قدرته على إيجاد الحلول لمختلف المشاكل التي يعاني منها قطاع الأعلاف رصدت "الصباح" أراء عدد من الخبراء ومن أهل القطاع.
لا جدوى من إحداث ديوان جديد
وحول بعث هذا الهيكل أفاد فوزي الزياني الخبير في الاستراتيجيات الفلاحية لـ"الصباح" أنه لن يكون ذو جدوى لاسيما في ظل وجود هيكل مشابه له نفس الدور وهو ديوان تربية الماشية وتوفير المرعى وهو مؤسسة عريقة وتتوفر على بنية تحتية متميزة في كل الجهات بما في ذلك المخازن وتعلب نفس الدور الذي من المنتظر أن يلعبه الديوان الوطني للأعلاف الذي اقر المجلس الوزاري إحداثه والذي اعتبره محدثنا أنه يتنزل في إطار إثقال كاهل الميزانية بأعباء جديدة.
وبين الزياني أنه كان من المفروض على الحكومة وعوض إحداث ديوان جديد تدعيم ديوان تربية الماشية ماليا ولوجستيا وهيكلته حتى يقوم بدوره على الوجه الأكمل. وابرز أن قطاعا منكوبا على غرار قطاع الأعلاف لن تحل مشاكله بإحداث ديوان جديد، خاصة وان ديوان الحبوب له، أيضا، دورا مهما جدا من حيث تنمية زراعة الأعلاف وتربية الماشية خاصة وان خلايا الإرشاد الفلاحي التابعة له موزعة على كل مناطق الجمهورية وهي قريبة جدا من الفلاح والمربي بالنظر إلى تركيبتها المتميزة، وهو أيضا ديوان في حاجة للدعم كونه يوفر الحبوب بما فيها الأعلاف سيما وأنه كان يورد الأعلاف.
وتساءل الخبير في الاستراتيجيات الفلاحية عن الحكمة من إحداث ديوان جديد في ظل وجود ديوانين يلعبان تقريبا نفس الدور الذي سيلعبه الديوان المعلن عنه، مشيرا إلى أن ديوان تربية الماشية يورد الأعلاف وقت الجفاف وخاصة قوالب "الفصة" وبيعها بأسعار مدعمة تناسب الفلاح.
وشدد الخبير على وجوب تدعيم ديوان تربية الماشية وديوان الحبوب وإعطائهما صلاحيات جديدة حتى يكونا أكثر فاعلية وأكثر مراقبة وتحكم في القطاع وتحديدا مراقبة توزيع الأعلاف المدعمة عوضا عن إحداث آخر جديد لا طائل منه بل وسيكبد حتما الدولة أموالا طائلة ويكبل الميزانية العامة.
تصحيح مسار القطاع
ومن جهته أفادنا الضاوي الميداني رئيس نقابة الفلاحين أن على الدولة التحكم في كل مفاصل قطاع الأعلاف من التوريد إلى الإنتاج فالتوزيع كون القطاع يشهد اخلالات وبات مرتعا للفساد خاصة على مستوى التوزيع الغير عادل.
وبين أنه من الجيد أن تقوم الدولة بتوريد المواد الأساسية في التركيبة العلفية من قبيل الشعير والسوجا والذرة والبروتيينات وهي مواد توردها شركات معينة احتكرت في وقت من الأوقات السوق وتحكمت في مفاصل التوزيع، واستدرك رئيس نقابة الفلاحين قائلا إن السؤال الذي يطرح نفسه ما بعد التوريد هل ستدخل الدولة غمار التصنيع فعلا أو لا؟
وشدد محدثنا على أن الشركات الخاصة كانت تحتكر توريد المواد العلفية وصناعة العلف من بروتيينات وذرة وسوجا وشعير، وأكد انه إذا لم تتول الدولة عملية الصناعة فما على الديوان الجديد سوى مراقبة المصانع وتحديدا التركيبة العلفية وذلك نظرا لعمليات التلاعب بالقيمة الغذائية والمواصفات الفنية المعمول بها ما أثر في مردودية القطيع الذي تراجع بشكل كبير حيث تراجع قطيع الأبقار منذ 2018 بنسبة 30 بالمائة وذلك بسبب نقص الأعلاف وارتفاع أسعارها. وأشار إلى أن الدولة انطلقت منذ 1970 في تكوين القطيع من خلال توريده كما قدمت الدعم للمربين ما مكننا من تغطية حاجياتنا من اللحوم والحليب وتكوين فائض على الإنتاج والاستهلاك في حين أننا اليوم نعاني من نقص فادح من حيث اللحوم التي ارتفعت أسعارها وأيضا الحليب وهو اليوم مفقود.
وبين أن النقص عرفه أيضا قطيع الماشية كما تراجع قطاع تربية الدواجن وخير دليل الارتفاع المهول في أسعار اللحوم البيضاء والبيض.
وأبرز الضاوي الميداني أن إحداث ديوان للأعلاف يجب أن يصحح مسار قطاع الأعلاف وأن يقطع مع طريقة عمل منظومة الأعلاف الحالية التي تتضمن الكثير من الظلم والحيف.
وختم محدثنا مشددا على انه من الضروري أن تستعد الدولة كما يجب إذا ما قررت تولي عملية التصنيع، أما إذا ما أوكلت هذه المهمة للشركات المصنعة فلابد من مراقبة الجودة والقيمة الغذائية للأعلاف المصنعة ووضع منظومة تراقب عن كثب عملية الإنتاج والتوزيع ما من شأنها تدعيم أمننا الغذائي كي لا تحتكر "الحيتان" الأعلاف، وفق قوله.