إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مؤتمران لحزب واحد.. بداية النهاية لـ"الوطد" كحزب "موحّد"!؟

 

تونس – الصباح

مؤتمران لحزب واحد..، قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غريبا وغير منطقي ولكن واقع الحال يؤكد أنه خلال اليومين القادمين سنشهد مؤتمرين لحزب الوطنيين الديمقراطيين والذي تلتصق به صفة»الموحّد «في حين يشهد الحزب داخليا صراعا كبيرا وتدافعا بين شق منجي الرحوي وشق زياد لخضر لدرجة عقد كل شق مؤتمر للحزب بمعزل عن الشق الآخر.

ومن المتوقّع أن ينطلق مؤتمر شق زياد لخضر اليوم في حين ينطلق شق منجي الرحوي غدا، وبين المؤتمرين ضاعت وحدة الحزب وتشتت الأصوات والمواقف داخله، وهو الحزب الذي راهن عليه الشهيد شكري بلعيد بعد الثورة ليكون النواة الصلبة في التحالف اليساري الجبهة الشعبية الذي مثّل عند تأسيسه حلم أجيال من اليساريين في رؤية تنظيم سياسي قوي قادر على المنافسة والحكم وتحقيق حلم عقود من النضال بالوصول الى السلطة.

والوطنيون الديمقراطيون الذي كان فصيلا طلابيا بالأساس ظهر منتصف السبعينات في الجامعة وكانت له قراءته المختلفة للقضايا التي كانت تهتم بها التنظيمات والمجموعات اليسارية وقتها مثل الحزب الشيوعي التونسي ومنظمة الشعلة، راكم منذ ذلك الوقت مسيرة نضالية معتبرة خاصة في الأوساط الجامعية والفكرية والمثقفة وكان منحازا بقوة لمسالة العدالة الاجتماعية والسيادة وضرورة وجود مشروع وطني.

بداية النهاية..

بعد الثورة منح الشهيد شكري بلعيد، توهّجا كبيرا لـ"الوطد" الذي أصبح أحد أبرز مكونات تحالف الجبهة الشعبية اليساري وبعد اغتيال الشهيد سددت ضربة قاصمة للحزب وللجبهة التي لم تستفد من نجاحها الكبير في انتخابات 2014 وبدأ رصيدها الشعبي والنضالي في التآكل الى تاريخ انتخابات 2019 عندما انقسمت نهائيا بعد عدم الاتفاق على مرشح وحيد يمثلها في الانتخابات الرئاسية بين حمه الهمامي زعيم حزب العمال ومنجي الرحوي الأمين العام لحزب الوطد وقد ترشّحا كلاهما إلى الانتخابات وقتها.

وهذا التنافس السياسي أضعف الجبهة اليسارية في الانتخابات والتي كانت نتائجها مخجلة ولا تليق بنضالاتها، واستمر التوتر داخل مكونات الجبهة ومكونات الحزب إلى حين أعلن المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) بقيادة زياد لخضر في بلاغ أصدره يوم 5 جوان 2022طرد منجي الرحوي وسحب عضويته نهائيا من الحزب، بسبب مشاركته في اجتماع الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل الجمهورية جديدة التي كلفها وقتها رئيس الدولة بإعداد الدستور رغم قرار الحزب عدم المشاركة في ما اعتبره "حوارا معلوم النتائج والمخرجات".

وقال الحزب في ذلك البلاغ أنّ ذلك القرار تم اتخاذه "طبقا لما يُخوّله له النظام الداخلي للحزب وفي إطار الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ وحدة الحزب وضمان استقلالية موقفه السياسي عن كل اختراق خارجي".

لكن هذا الموقف للمكتب السياسي كان بداية الانشقاق الهيكلي داخل الحزب حيث عقد شق منجي الرحوي بعد ذلك ندوة وطنية أفرزت هيئة تسييرية اعتبرها شق المكتب السياسي وزياد لخضر أن لا شرعية لها وأن الهياكل الشرعية والقانونية للحزب المنتخبة من المؤتمر ممثلة في اللجنة المركزية والمكتب السياسي ما زالت تمارس مهامها، أن الهياكل الشرعية لـ"الوطد" الموحّد، حريصة على استقلالية مواقف الحزب والمحافظة على خطه السياسي المنحاز لعموم الفئات المهمشة والمضطهدة وستتصدى لكل محاولات التخريب والسطو على "الوطد" والتي تسعى إلى توظيفه لخدمة السلطة القائمة وبعض المصالح الشخصية الانتهازية، وفق البيان الذي أصدره المكتب السياسي وقتها.

في المقابل، تم التأكيد خلال الندوة الوطنية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، التي انتظمت بالمنستير يومي 3 و4 سبتمبر الماضي على المضي قدما في الإعداد لعقد المؤتمر الثاني للحزب وأفاد الرحوي، بأنه تقرّر تشكيل هيئة تسيير مؤقتة تضطلع بالمهام التنظيمية والسياسية للمؤتمر الثاني للحزب فضلا عن دعوة كل مناضلي الحزب الى الانخراط في الاستعدادات لعقد المؤتمر الذي سيعقد غدا الأحد.

في المقابل يتمسك شق زياد لخضر بمعارضة شق منجي الرحوي واتهامه بموالاة السلطة والتأكيد أن المؤتمر الثاني سيكون "من أجل بديل شعبي ديمقراطي" وأنّ عدد المؤتمرين سيكون في حدود الـ 130 مؤتَمِرا وسينتخبون اللجنة المركزية التي ستتولّى فيما بعد اختيار المكتب السياسي.

وفي انتظار ما سيسفر عليه كلا المؤتمرين لنفس الحزب فان اغلب الملاحظين يتوقعون تصدّعا نهائيا في الحزب وانقسامه الى حزبين لأن الخلافات داخله بلغت ذروتها ولا يمكن أبدا أن تعود الأمور كما كانت قبل طرد الرحوي نهائيا من الحزب .

منية العرفاوي

 

 

 

مؤتمران لحزب واحد..  بداية النهاية لـ"الوطد" كحزب "موحّد"!؟

 

تونس – الصباح

مؤتمران لحزب واحد..، قد يبدو الأمر للوهلة الأولى غريبا وغير منطقي ولكن واقع الحال يؤكد أنه خلال اليومين القادمين سنشهد مؤتمرين لحزب الوطنيين الديمقراطيين والذي تلتصق به صفة»الموحّد «في حين يشهد الحزب داخليا صراعا كبيرا وتدافعا بين شق منجي الرحوي وشق زياد لخضر لدرجة عقد كل شق مؤتمر للحزب بمعزل عن الشق الآخر.

ومن المتوقّع أن ينطلق مؤتمر شق زياد لخضر اليوم في حين ينطلق شق منجي الرحوي غدا، وبين المؤتمرين ضاعت وحدة الحزب وتشتت الأصوات والمواقف داخله، وهو الحزب الذي راهن عليه الشهيد شكري بلعيد بعد الثورة ليكون النواة الصلبة في التحالف اليساري الجبهة الشعبية الذي مثّل عند تأسيسه حلم أجيال من اليساريين في رؤية تنظيم سياسي قوي قادر على المنافسة والحكم وتحقيق حلم عقود من النضال بالوصول الى السلطة.

والوطنيون الديمقراطيون الذي كان فصيلا طلابيا بالأساس ظهر منتصف السبعينات في الجامعة وكانت له قراءته المختلفة للقضايا التي كانت تهتم بها التنظيمات والمجموعات اليسارية وقتها مثل الحزب الشيوعي التونسي ومنظمة الشعلة، راكم منذ ذلك الوقت مسيرة نضالية معتبرة خاصة في الأوساط الجامعية والفكرية والمثقفة وكان منحازا بقوة لمسالة العدالة الاجتماعية والسيادة وضرورة وجود مشروع وطني.

بداية النهاية..

بعد الثورة منح الشهيد شكري بلعيد، توهّجا كبيرا لـ"الوطد" الذي أصبح أحد أبرز مكونات تحالف الجبهة الشعبية اليساري وبعد اغتيال الشهيد سددت ضربة قاصمة للحزب وللجبهة التي لم تستفد من نجاحها الكبير في انتخابات 2014 وبدأ رصيدها الشعبي والنضالي في التآكل الى تاريخ انتخابات 2019 عندما انقسمت نهائيا بعد عدم الاتفاق على مرشح وحيد يمثلها في الانتخابات الرئاسية بين حمه الهمامي زعيم حزب العمال ومنجي الرحوي الأمين العام لحزب الوطد وقد ترشّحا كلاهما إلى الانتخابات وقتها.

وهذا التنافس السياسي أضعف الجبهة اليسارية في الانتخابات والتي كانت نتائجها مخجلة ولا تليق بنضالاتها، واستمر التوتر داخل مكونات الجبهة ومكونات الحزب إلى حين أعلن المكتب السياسي لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) بقيادة زياد لخضر في بلاغ أصدره يوم 5 جوان 2022طرد منجي الرحوي وسحب عضويته نهائيا من الحزب، بسبب مشاركته في اجتماع الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل الجمهورية جديدة التي كلفها وقتها رئيس الدولة بإعداد الدستور رغم قرار الحزب عدم المشاركة في ما اعتبره "حوارا معلوم النتائج والمخرجات".

وقال الحزب في ذلك البلاغ أنّ ذلك القرار تم اتخاذه "طبقا لما يُخوّله له النظام الداخلي للحزب وفي إطار الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ وحدة الحزب وضمان استقلالية موقفه السياسي عن كل اختراق خارجي".

لكن هذا الموقف للمكتب السياسي كان بداية الانشقاق الهيكلي داخل الحزب حيث عقد شق منجي الرحوي بعد ذلك ندوة وطنية أفرزت هيئة تسييرية اعتبرها شق المكتب السياسي وزياد لخضر أن لا شرعية لها وأن الهياكل الشرعية والقانونية للحزب المنتخبة من المؤتمر ممثلة في اللجنة المركزية والمكتب السياسي ما زالت تمارس مهامها، أن الهياكل الشرعية لـ"الوطد" الموحّد، حريصة على استقلالية مواقف الحزب والمحافظة على خطه السياسي المنحاز لعموم الفئات المهمشة والمضطهدة وستتصدى لكل محاولات التخريب والسطو على "الوطد" والتي تسعى إلى توظيفه لخدمة السلطة القائمة وبعض المصالح الشخصية الانتهازية، وفق البيان الذي أصدره المكتب السياسي وقتها.

في المقابل، تم التأكيد خلال الندوة الوطنية لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، التي انتظمت بالمنستير يومي 3 و4 سبتمبر الماضي على المضي قدما في الإعداد لعقد المؤتمر الثاني للحزب وأفاد الرحوي، بأنه تقرّر تشكيل هيئة تسيير مؤقتة تضطلع بالمهام التنظيمية والسياسية للمؤتمر الثاني للحزب فضلا عن دعوة كل مناضلي الحزب الى الانخراط في الاستعدادات لعقد المؤتمر الذي سيعقد غدا الأحد.

في المقابل يتمسك شق زياد لخضر بمعارضة شق منجي الرحوي واتهامه بموالاة السلطة والتأكيد أن المؤتمر الثاني سيكون "من أجل بديل شعبي ديمقراطي" وأنّ عدد المؤتمرين سيكون في حدود الـ 130 مؤتَمِرا وسينتخبون اللجنة المركزية التي ستتولّى فيما بعد اختيار المكتب السياسي.

وفي انتظار ما سيسفر عليه كلا المؤتمرين لنفس الحزب فان اغلب الملاحظين يتوقعون تصدّعا نهائيا في الحزب وانقسامه الى حزبين لأن الخلافات داخله بلغت ذروتها ولا يمكن أبدا أن تعود الأمور كما كانت قبل طرد الرحوي نهائيا من الحزب .

منية العرفاوي