إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل تعطل المفاوضات مع صندوق النقد .. الدولة تطلق الدفعة الثانية من القرض الرقاعي الوطني بهدف جمع 700 مليون دينار

 

* دعوات الى إقرار قرض رقاعي وطني بالعملة الصعبة لتجنب استنزاف الاحتياطي النقدي

* حزمة من القروض المتواترة بالعملة الصعبة تزامنا مع ارتفاع نفقات الدولة

تونس- الصباح

حددت وزارة المالية مبلغ الدفعة الثانية من قرض السندات الوطنية 2023 بمبلغ 700 مليون دينار، ومن المرجح زيادته إلى مبلغ أعلى، في خطوة تهدف الى توفير السيولة المالية لسد العجز المتواصل في ميزانية الدولة، بالإضافة، الى ضمان سداد ديونها الداخلية في آجالها، وسط دعوات الى ضرورة المضي نحو إقرار قرض رقاعي وطني بالعملة الصعبة، يجنب البلاد الضغوط المالية التي تنتظرها في النصف الأخير من السنة، مع تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

ومن المقرر أن يتم فتح الاشتراكات في هذه الشريحة الثانية بين 8 ماي و17 ماي 2023، ويمكن الاكتتاب في القرض الرقاعي الوطني حسب اختيار المكتتب في الثلاث أصناف التالية صنف "أ" بقيمة اسمية لكل سند بـ10 دنانير والصنف "ب" بقيمة اسمية لكل سند بـ100 دينار مع مدة سداد بسبع سنوات أما الصنف "ج" فهو بقيمة اسمية لكل سند بـ100 دينار ومدة سداد بعشر سنوات. وتتراوح نسب الفائدة لهذه الأصناف بين 9.75 % سنويا و9.80 % و9.95 % سنويا .

ونجحت تونس خلال شهر فيفري المنقضي في تعبئة 715 مليون دينار بعنوان القسط الأول من القرض الرقاعي الوطني لسنة 2023، متجاوزة المبلغ المنشود، والمقدر بـ700 مليون دينار.

ومثلت البنوك 52% من المكتتبين في حين مثلت مؤسسات التوظيف الجماعي نسبة 3% واستحوذ مكتتبون آخرون على نسبة 45%.

جمع موارد بقيمة 2.8 مليار دينار

وتطمح الحكومة من خلال الاكتتاب في الأقساط الأربعة، إلى تعبئة مبلغ إجمالي لسنة 2023 قيمة 2.8 مليار دينار، خاصة وأن القرض الرقاعي، الذّي تم إطلاقه في سنة 2022 ، وعلى أربعة أقساط حقق نسبة استجابة عالية، ومكن من تعبئة 2.9 مليار دينار مقابل 1.4 مليار دينار، الهدف المنشود الذي أعلنته وزارة المالية من العملية.

ووفق نشرية المالية، فقد تعمق عجز ميزانيّة الدولة بنسبة 10 % خلال سنة 2022 مقارنة بسنة 2021 لتبلغ قيمته 11 مليار دينار، وفق معطيات أظهرتها وثيقة تعلّقت بـ"النتائج المؤقتة لتنفيذ الميزانية"، نشرتها وزارة المالية ، في مارس الماضي.

وأظهرت من خلاله وزارة المالية، تواصل عجز الميزانية بتزايد الأعباء بنسبة 16،4 % لتصل قيمتها إلى 50،5 مليار دينار في حين قدّرت موارد الميزانية بـ41 مليار دينار، بارتفاع بنسبة 22 % مقارنة بسنة 2021.

ويعود ارتفاع الأعباء، أساسا، إلى ارتفاع نفقات التدخل بنسبة 42 بالمائة لتتحوّل قيمتها من 12،5 مليار دينار في 2021 إلى 18 مليار دينار في 2022 ، يضاف إليها ارتفاع أعباء التمويل (فائدة الدين) بنسبة 26 % لتقدر قيمتها 4،6 مليار دينار ونفقات التأجير بنسبة 4،7 % في حدود 21،1 مليار دينار.

وأظهرت وزارة المالية، أيضا، أن موارد الخزينة بلغت قيمة 19،5 مليار دينار في 2022 ، 93 % منها موارد اقتراض بقيمة 18،1 مليار دينار، وخصّصت هذه الموارد، أساسا، لسداد أصل الدين 9،7 مليار دينار، وتمويل العجز البالغ 9،5 مليار دينار.

قرض رقاعي بالعملة الصعبة

ورغم أهمية القرض الرقاعي الذي تطلقه الحكومة لجمع موارد مالية عاجلة، تمكنها من توفير حاجياتها المالية في آجالها، على غرار مواردها الجبائية، فإن كلفة سدادها للديون بالعملة الصعبة تكون مرتفعة، وهناك دعوات من قبل العديد من المواطنين التونسيين بالخارج، لضرورة المضي نحو إقرار قرض رقاعي وطني بالعملة الصعبة، وهذه العملية، ستساهم في جمع مبالغ مالية هامة بالعملة الصعبة، تمكن الدولة من سداد ديونها الخارجية، إلا أن هذه الدعوات لم تجد لها آذانا صاغية، رغم نجاعتها وجدواها في تقليص حجم الديون الخارجية وسدادها في آجالها، دون المساس برصيد تونس من الاحتياطي النقدي، والذي يشهد في الفترة الأخيرة استنزافا، بسبب ارتفاع العملات الأجنبية أمام الدينار التونسي، وارتفاع مصاريف الشحن، والتوريد،. بالإضافة الى حزمة من القروض الخارجية المتواترة خلال النصف الأخير من السنة الجارية.

وبقيت الدولة خلال السنوات الأخيرة، مجبرة على مواصلة عمليات تمويل الميزانية بالعملة المحلية وبعمليات قصيرة المدى سواء من البنوك أو من الخزينة مباشرة الى غاية التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وسد ثغرة العجز في الميزانية، علما وأن مخزون الدولة من العملة الصعبة هو مخزون لكل النشطاء الاقتصاديين وليس على ذمة الدولة، حيث يتكون من الأصول والودائع للنشطاء الاقتصاديين، وأمام صعوبة الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومع ارتفاع أسعار الحبوب والطاقة، فإن الدولة في حاجة ماسة اليوم الى رصيد مطمئن من العملة الصعبة يلبي برامجها بالنجاعة المرجوة، بعيد عن الضغوطات، والتي تؤدي في نهاية المطاف الى تراجع المخزون الاستراتيجي من العملة الصعبة.

يشار الى أن العجز المالي والتدهور الاقتصادي في تونس خلال السنوات الماضية جعل البلاد تنزلق نحو القروض بشكل غير مسبوق، وقد تضاعف إجمالي الدين العام 3 مرات خلال السنوات التسع الأخيرة، ولم تنجح جل الحكومات المتعاقبة التي تداولت على السلطة من إيقاف نزيف التداين الخارجي، الأمر الذي خلف أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة بالبلاد.

*سفيان المهداوي

في ظل تعطل المفاوضات مع صندوق النقد ..  الدولة تطلق الدفعة الثانية من القرض الرقاعي الوطني بهدف جمع 700 مليون دينار

 

* دعوات الى إقرار قرض رقاعي وطني بالعملة الصعبة لتجنب استنزاف الاحتياطي النقدي

* حزمة من القروض المتواترة بالعملة الصعبة تزامنا مع ارتفاع نفقات الدولة

تونس- الصباح

حددت وزارة المالية مبلغ الدفعة الثانية من قرض السندات الوطنية 2023 بمبلغ 700 مليون دينار، ومن المرجح زيادته إلى مبلغ أعلى، في خطوة تهدف الى توفير السيولة المالية لسد العجز المتواصل في ميزانية الدولة، بالإضافة، الى ضمان سداد ديونها الداخلية في آجالها، وسط دعوات الى ضرورة المضي نحو إقرار قرض رقاعي وطني بالعملة الصعبة، يجنب البلاد الضغوط المالية التي تنتظرها في النصف الأخير من السنة، مع تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

ومن المقرر أن يتم فتح الاشتراكات في هذه الشريحة الثانية بين 8 ماي و17 ماي 2023، ويمكن الاكتتاب في القرض الرقاعي الوطني حسب اختيار المكتتب في الثلاث أصناف التالية صنف "أ" بقيمة اسمية لكل سند بـ10 دنانير والصنف "ب" بقيمة اسمية لكل سند بـ100 دينار مع مدة سداد بسبع سنوات أما الصنف "ج" فهو بقيمة اسمية لكل سند بـ100 دينار ومدة سداد بعشر سنوات. وتتراوح نسب الفائدة لهذه الأصناف بين 9.75 % سنويا و9.80 % و9.95 % سنويا .

ونجحت تونس خلال شهر فيفري المنقضي في تعبئة 715 مليون دينار بعنوان القسط الأول من القرض الرقاعي الوطني لسنة 2023، متجاوزة المبلغ المنشود، والمقدر بـ700 مليون دينار.

ومثلت البنوك 52% من المكتتبين في حين مثلت مؤسسات التوظيف الجماعي نسبة 3% واستحوذ مكتتبون آخرون على نسبة 45%.

جمع موارد بقيمة 2.8 مليار دينار

وتطمح الحكومة من خلال الاكتتاب في الأقساط الأربعة، إلى تعبئة مبلغ إجمالي لسنة 2023 قيمة 2.8 مليار دينار، خاصة وأن القرض الرقاعي، الذّي تم إطلاقه في سنة 2022 ، وعلى أربعة أقساط حقق نسبة استجابة عالية، ومكن من تعبئة 2.9 مليار دينار مقابل 1.4 مليار دينار، الهدف المنشود الذي أعلنته وزارة المالية من العملية.

ووفق نشرية المالية، فقد تعمق عجز ميزانيّة الدولة بنسبة 10 % خلال سنة 2022 مقارنة بسنة 2021 لتبلغ قيمته 11 مليار دينار، وفق معطيات أظهرتها وثيقة تعلّقت بـ"النتائج المؤقتة لتنفيذ الميزانية"، نشرتها وزارة المالية ، في مارس الماضي.

وأظهرت من خلاله وزارة المالية، تواصل عجز الميزانية بتزايد الأعباء بنسبة 16،4 % لتصل قيمتها إلى 50،5 مليار دينار في حين قدّرت موارد الميزانية بـ41 مليار دينار، بارتفاع بنسبة 22 % مقارنة بسنة 2021.

ويعود ارتفاع الأعباء، أساسا، إلى ارتفاع نفقات التدخل بنسبة 42 بالمائة لتتحوّل قيمتها من 12،5 مليار دينار في 2021 إلى 18 مليار دينار في 2022 ، يضاف إليها ارتفاع أعباء التمويل (فائدة الدين) بنسبة 26 % لتقدر قيمتها 4،6 مليار دينار ونفقات التأجير بنسبة 4،7 % في حدود 21،1 مليار دينار.

وأظهرت وزارة المالية، أيضا، أن موارد الخزينة بلغت قيمة 19،5 مليار دينار في 2022 ، 93 % منها موارد اقتراض بقيمة 18،1 مليار دينار، وخصّصت هذه الموارد، أساسا، لسداد أصل الدين 9،7 مليار دينار، وتمويل العجز البالغ 9،5 مليار دينار.

قرض رقاعي بالعملة الصعبة

ورغم أهمية القرض الرقاعي الذي تطلقه الحكومة لجمع موارد مالية عاجلة، تمكنها من توفير حاجياتها المالية في آجالها، على غرار مواردها الجبائية، فإن كلفة سدادها للديون بالعملة الصعبة تكون مرتفعة، وهناك دعوات من قبل العديد من المواطنين التونسيين بالخارج، لضرورة المضي نحو إقرار قرض رقاعي وطني بالعملة الصعبة، وهذه العملية، ستساهم في جمع مبالغ مالية هامة بالعملة الصعبة، تمكن الدولة من سداد ديونها الخارجية، إلا أن هذه الدعوات لم تجد لها آذانا صاغية، رغم نجاعتها وجدواها في تقليص حجم الديون الخارجية وسدادها في آجالها، دون المساس برصيد تونس من الاحتياطي النقدي، والذي يشهد في الفترة الأخيرة استنزافا، بسبب ارتفاع العملات الأجنبية أمام الدينار التونسي، وارتفاع مصاريف الشحن، والتوريد،. بالإضافة الى حزمة من القروض الخارجية المتواترة خلال النصف الأخير من السنة الجارية.

وبقيت الدولة خلال السنوات الأخيرة، مجبرة على مواصلة عمليات تمويل الميزانية بالعملة المحلية وبعمليات قصيرة المدى سواء من البنوك أو من الخزينة مباشرة الى غاية التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وسد ثغرة العجز في الميزانية، علما وأن مخزون الدولة من العملة الصعبة هو مخزون لكل النشطاء الاقتصاديين وليس على ذمة الدولة، حيث يتكون من الأصول والودائع للنشطاء الاقتصاديين، وأمام صعوبة الأوضاع الاقتصادية العالمية، ومع ارتفاع أسعار الحبوب والطاقة، فإن الدولة في حاجة ماسة اليوم الى رصيد مطمئن من العملة الصعبة يلبي برامجها بالنجاعة المرجوة، بعيد عن الضغوطات، والتي تؤدي في نهاية المطاف الى تراجع المخزون الاستراتيجي من العملة الصعبة.

يشار الى أن العجز المالي والتدهور الاقتصادي في تونس خلال السنوات الماضية جعل البلاد تنزلق نحو القروض بشكل غير مسبوق، وقد تضاعف إجمالي الدين العام 3 مرات خلال السنوات التسع الأخيرة، ولم تنجح جل الحكومات المتعاقبة التي تداولت على السلطة من إيقاف نزيف التداين الخارجي، الأمر الذي خلف أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة بالبلاد.

*سفيان المهداوي