نظمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ يوم الثلاثاء 28 مارس 2023 العديد من اللقاءات مع مختلف المتدخلين في العملية الانتخابية، وتأتي هذه اللقاءات في إطار استعداداتها للمحطات الانتخابية القادمة تبعا لصدور المرسوم عدد 8 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي والمرسوم عدد 9 المتعلق بحل المجالس البلدية والمرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم، وقد صدرت جميع هذه المراسيم يوم 8 مارس الماضي.
وسجلنا في جميع هذه اللقاءات، غيابا تاما لماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة ونائب رئيسها السابق، وقد كان رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أصدر يوم 28 مارس 2023 قرارا يتعلّق بتكليف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وبموجب هذا القرار تمت تسمية محمّد نوفل الفريخة عضو مجلس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في خطة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وذلك بداية من تاريخ صدور القرار المذكور، وتم في المقابل إلغاء أحكام القرار المؤرّخ في 22 ماي 2022 المتعلق بتكليف ماهر الجديدي بصفة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.
فبعد صدور هذا القرار، واستنادا إلى مضامين البلاغات المنشورة على الصفحة الرسمية للهيئة حول أنشطتها المخصصة للاستعدادات للمحطات الانتخابية القادمة، نجد أن المشاركة والحضور في تلك الأنشطة اقتصر على رئيس الهيئة فاروق بوعسكر ونائبه محمد نوفل الفريخة وعضوي مجلس الهيئة محمد التليلي منصري ومحمود الواعر، ولم يشر أي بلاغ منها إلى حضور ماهر الجديدي أو مشاركته في أي نشاط يذكر سواء في مقر الهيئة أو خارجه، رغم تأكيده على أنه مازال يمارس مهامه صلب الهيئة باعتباره أحد أعضاء مجلس الهيئة.
ويدعو غياب الجديدي المتواصل عن جميع الجلسات التحضيرية للانتخابات المرتقبة إلى التساؤل إن كان قرار إنهاء تكليفه بخطة نائب رئيس الهيئة الذي اتخذه بوعسكر سيؤدي إلى أزمة خانقة غير مسبوقة داخل الهيئة ربما قد تعصف بها نهائيا هذه المرة، فماذا لو امتد غياب الجديدي إلى اجتماعات مجلس الهيئة والحال أنها اجتماعات تقريرية ويستوجب انعقادها توفر النصاب القانوني فبالنظر إلى الشغور الموجود في المجلس في خطتين، فإن غياب الجديدي سيؤدي بالضرورة إلى إرباك أعمال الهيئة المقبلة على محطات انتخابية كبرى. ونص الفصل 18 جديد من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات والذي نقح بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 على ما يلي :" تعقد اجتماعات مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بطلب من رئيسها أو من نائبه أو من أغلبية أعضاء مجلسها عند الاقتضاء، ولا تعتبر صحيحة إلا بحضور خمسة أعضاء على الأقل. وفي صورة عدم توفّر النصاب، تُعقد جلسة ثانية بعد أربع وعشرين ساعة مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين ويتولى رئيس الهيئة تعيين مواعيد الاجتماعات والدعوة إليها ورئاستها وضبط جدول أعمالها وإدارتها وحفظ نظامها واتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذ مداولات المجلس طبقا لمقتضيات هذا القانون ولأحكام النظام الداخلي للهيئة وعند التعذر، يعوض نائب الرئيس رئيس الهيئة في جميع صلاحياته ويتخذ مجلس الهيئة قراراته بموافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين، وفي صورة تساوي الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا، ويتولى رئيس المجلس إمضاءها".
التزام بواجب التحفظ
ولمعرفة أسباب عدم مشاركته في الجلسات التحضيرية للانتخابات القادمة وهل لديه نية عدم حضور جلسات مجلس الهيئة ولماذا لم يعقد مجلس الهيئة أي اجتماع منذ 25 فيفري 2023 بمناسبة النظر في القرار المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية ، اتصلت "الصباح" هاتفيا بماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة لكنه خير عدم الإدلاء بتصريح صحفي. ويذكر أنه سبق للجديدي بعد إعفائه من خطة نائب رئيس الهيئة أن عبر عن تمسكه بواجب التحفظ. واكتفى في التصريح الذي أدلى به لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بالتعبير عن استنكاره قرار إنهاء تكليفه بخطة نائب رئيس الهيئة وأشار إلى وجود جملة من الأسباب وراء هذا الإعفاء وقال إنه سيكشفها لاحقا، كما سبق للجديدي أن دعا إلى ضرورة القيام بمراجعات حول توجهات وقرارات سابقة اتخذتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مثلما سبق له أن تمسك بضرورة إرساء هيئة انتخابات جديدة طبقا للفصل 134 من الدستور. ونص الفصل المذكور على أن تتـولّى الهيئــة العلـيا المستقلـة للانتخابات إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيــمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامـة المسـار الانتخابي ونزاهتــــه وشــفافيته وتصرّح بالنتائج. تتمتع الهيئة بالسّلطة الترتيبية في مجال اختصاصها. تتركب الهيئة من تسعة أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة، يباشرون مهامهم لمدّة ستّ سنوات غير قابلة للتجديد، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين.
إشكال دستوري
وخلافا لما ورد في الفصل 134 من الدستور نص القانون الحالي للهيئة وكما تم تنقيحه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 ينص على أن فترة ولاية كل عضو من أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أربع سنوات غير قابلة للتجديد وعلى أن مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتركب من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي ويقع اختيارهم على النحو التالي: ثلاثة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية من بين أعضاء الهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة، قاض عدلي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء العدلي، قاض إداري له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء الإداري، قاض مالي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء المالي، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية، له أقدمية فعلية بعشر سنوات على الأقل، من بين ثلاثة مهندسين مختصين يتم اقتراحهم من قبل المركز الوطني للإعلامية.
ونص نفس القانون في الفصل 12 على أن يخضع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأعضاء مجلسها لجملة من الواجبات ومنها وواجب التحفظ، وواجب حضور جلسات مجلس الهيئة. فالحضور الإجباري مقتصر على جلسات مجلس الهيئة ولم ينص على وجوبية حضور الجلسات الأخرى التي تقعدها الهيئة ومنها بالخصوص تلك المتعلقة بالتحضير للمحطات الانتخابية رغم أن هذه الجلسات التحضيرية تكتسي أهمية بالغة في المسارات الانتخابية لأنها تنير سبيل مجلس الهيئة لاتخاذ القرارات السليمة.
جلسات تحضيرية
واستعدادا للانتخابات القادمة نظمت الهيئة العديد من الاجتماعات التحضيرية دون مشاركة عضو مجلسها ماهر الجديدي، ففي يوم 28 مارس تم عقد جلسـة عمل مع وفد يضم ممثلين عن مختلف الإدارات المعنيـة بوزارة الداخلية خصصت للنظر في المواضيع ذات العلاقة بالمواعيد الانتخابيـــــة القادمـة وخاصة ما يتعلق منها بالتقسيم الترابي للمعتمديات والعمادات وتحيين قاعدة البيانات الخاصة ببطاقات التعريف والجنسية والسجل العدلي و تم الاتفاق خلال الجلسة على تكوين لجنة فنية تضم ممثلين عن الهيئـة ومختلف المصالح المعنية بوزارة الداخليـــة لمواصلة التباحث في المسائل المطروحة وإيجاد الحلول المناسبة لها اعتمادا على التجارب الانتخابية السابقــــة.
كما تم لاحقا وتحديدا يوم الثلاثاء 11 أفريل تنظيم اجتماع ثان اللجنة الفنية المشتركة بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ووزارة الداخلية خصص لمواصلة نقاش المواضيع المطروحـة في علاقة بالانتخابات المحليـة القادمـة وخاصة ما يتعلق منها بالتقسيم الترابي للمعتمديات والعمادات وضبط الحدود الترابية للعمادات باعتبارها دوائر انتخابية جديدة وموضوع تقسيم بعض المعتمديات إلى دوائر انتخابية لا تقل عن خمس دوائر تطبيقا لمقتضيات الفصل 28 من المرسوم عدد 10 لسنة 2023.
وفي يوم الأربعاء 29 مارس، تم تنظيم جلسـة عمل مع وفد ضم ممثلين عن وزارة العدل والتطرق بالخصوص إلى شروط الترشح للانتخابات المحلية والبلدية وما يتطلبه ذلك من تعجيل بتحيين السجل العدلي ومن تفادي ترشح من صدرت في شأنهم أحكام جزائية وإلى المعطيات الخاصة بمزدوجي الجنسية والمتجنسين وضبط قائمـة المحرومين قانونيا من الترشح من الراجعين بالنظر لوزارة العدل.
وفي اليوم الموالي أي 30 مارس تم تنظيم جلسة مع وزارة الماليـة للنظر في مسألة شروط الترشح وموانعه ومن تخلدت بذمتهم مستحقات بعنوان أحكام التمويل العمومــــي للحملات الانتخابية ومن صدرت في شأنهم أحكام باتة من محكمة المحاسبات تتعلق بمخالفات مالية أو انتخابية وكذلك الإجراءات الخاصة بإصدار وصل الضريبة على الدخل بالنسبة للأشخاص الطبيعيين وشهادة إبراء الذمة من الأداءات البلديـة.
أما في يوم 31 مارس فقد تم عقد جلسة مع وفد وزارة الشؤون الدينية للنظر في شروط وموانع الترشح والأشخاص المحرومين بموجب القانون الانتخابي من الترشح من الأئمة والوعاظ والإطار القانوني المنظم لهذا السلك من الإطارات المسجدية ضمانا لمبدأ حياد دور العبادة والنأي بها عن التوظيف السياسي وفي يوم الاثنين 3 أفريل تم تنظيم جلسة عمل مع ممثل وزارة الشباب والرياضة للنظر في قائمة المحرومين من الترشح من رؤسـاء الهياكل والجمعيات الرياضية والإطار القانوني المنظم لهم، وفي 4 أفريل تم تنظيم جلسة عمل مع حسين العـــــزّي مستشار وزير التربية حول تحيين التوزيع الجغرافي للمدارس الابتدائية كمراكز اقتراع على مستوى العمادات والمعتمديات استعدادا للانتخابات المحلية القادمـة. أما في يوم الأربعاء 5 أفريل 2023 فتم تنظيم جلسة مع سامي النويصر ممثل عن محكمة المحاسبات للنظر في الأشخاص المحرومين من الترشح ممن صدرت في شأنهم أحكام باتة عن هذه المحكمة من أجل مخالفات مالية أو انتخابية، وفي يوم 8 مارس 2023 تم تنظيم جلسة مع ممثلـة المعهد الوطني للإحصاء هدى بوهلال تم التطرق خلالها إلى تحيين عدد السكان على مستوى العمادات والمعتمديات وذلك تمهيدا لتنظيم الانتخابات المحلية و تركيز الغرفة النيابية الثانية وهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وتمهيدا للحملات الانتخابية المرتقبة تم تنظيم جلسة عمل مع المديرة العامة لمؤسسة التلفزة الوطنية عواطف الدالي والوفد المرافق لها، والمكلفة بالتنسيق العام للانتخابات بالإذاعة التونسية سامية فطحلي وذلك يوم الأربعاء 12 أفريل 2023 خصصت للحديث عن الخطوط العريضة لخطة الاتصال والتحسيس، التي ستعتمدها الهيئـــــة بالتنسيــــق مع مؤسستي التلفزة والإذاعة الوطنيتين للتعريف بالمؤسسات الجديـدة التي سيتم انتخابها على ضوء صدور المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 والمتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم وتم الاتفاق على عقد جلسات عمل لاحقة لضبط مختلف الجوانب التنظيميــــة والفنية لتنفيذ هذه الخطة.
وفي اليوم الموالي تم تنظيم جلسة مع الرئيس المدير العام للمطبعـة الرسمية المنصف العوادي والوفد المرافق له حول الإجراءات التي سيتم اتخاذها من أجل إنجاز المطبوعات والمواد الحساسة الخاصة بالمواعيد الانتخابية القادمـة وخاصة الانتخابات المحليـــة التي ستجري في أكثر من ألفي دائرة انتخابية، أما في يوم الخميس 13 أفريل فكانت الجلسة مع وفد من وزارة الشؤون الاجتماعيـة يضم كلا من رجاء بن إبراهيم مديرة عامة للنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وعاطف كمّون مدير العائلات المعوزة بالهيئة العامة للنهوض الاجتماعي من أجل ضبط قائمـة المنظمات والجمعيات التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة للاستعانة بخبرتها في مجال الحملات التحسيسية التي ستنظمها الهيئـــة بهدف تشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على المشاركة في الانتخابات والترشح لعضوية المجالس المحلية وبهدف التنسيق الفني بين الجانبين لحسن إدارة عملية توزيع الناخبين التونسيين الحاملين لإعاقة على مراكز ومكاتب الاقتراع المناسبـة من حيث قرب المسافـة وسهولة الولوج إليها ولتدارس الآليات التي تُمكّن من تقريب المواطنين المسجلين آليـّا بالسجل الانتخابي من مراكز الاقتراع على ضوء ما تُوفّره مختلف قواعد البيانات بوزارة الشؤون الاجتماعية من معطيات خاصة حول العائلات المعوزة.
وفي يوم الجمعية 14 أفريل تم تنظيم جلسة مع فيصل السبوعي المدير العام للمركز الوطني للإعلامية ومنير السالمي مدير بالمركز المذكور ومهدي الزين مدير عام المركز الوطني للتكنولوجيا التابع لوزارة التربية وسهام شبشوب مديرة الإعلامية بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي. وخصص اللقاء لتدارس مختلف الآليات التي تمكن من حسن إدارة عملية توزيع الناخبين التونسيين خاصة المسجلين آليــــا على أقرب مركز اقتراع على ضوء ما توفره مختلف قواعد البيانات الوطنية بوزارة التربيـة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمــــي من معطيات خاصة فيما يتعلق بالعنـــــوان الفعلي وتم الاتفاق على الانطلاق بصفة مبكرة في إعداد قاعــدة البيانات المركزية بالتنسيـــق مع الهيئـــة والمركز الوطني للإعلاميـة لاعتمادها في عمليـة توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع المناسبـة خلال الانتخابات المحليـــة القادمــــة.
وحتى اللقاءات اللاحقة التي تمت مع ممثلين عن المجتمع المدني فإنها لم تسجل حضور عضو مجلس الهيئة ماهر الجديدي إذ تم يوم الجمعة 14 أفريل عقد لقاء مع راضية الجربي رئيسة الإتحاد الوطني للمرأة التونسيـة للتباحث حول الوسائل الكفيلــــة بدعم مشاركـة المرأة التونسيـة في الانتخابات كناخبة ومترشحة في انتخابات ستجرى على الأفراد في عدد كبير من الدوائر الانتخابية وتم يوم الاثنين 17 أفريل عقد لقاء مع رئيس الإتحاد الوطني للمكفوفين والمسؤولة على الموارد البشرية بالاتحاد بهدف بحث الاستعدادات اللازمة لضمان ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقهم في المشاركة في الانتخابات واختيار من يمثلهم بكل حريـة واستقلالية وحقهم في الترشح في الانتخابات المحلية القادمة إذ أن الفصل 27 من المرسوم عدد 10 الصادر يوم 8 مارس خصّص مقعدا بكل مجلس محلي لفائدة نائب من ذوي الإعاقة له الحق في التصويت مع اعتماد القرعة بين المترشحين من ذوي الإعاقة ليشغل ذلك المقعد في كل المجالس المحلية البالغ عددها 279 مجلسا.
سعيدة بوهلال
تونس-الصباح
نظمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ يوم الثلاثاء 28 مارس 2023 العديد من اللقاءات مع مختلف المتدخلين في العملية الانتخابية، وتأتي هذه اللقاءات في إطار استعداداتها للمحطات الانتخابية القادمة تبعا لصدور المرسوم عدد 8 المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي والمرسوم عدد 9 المتعلق بحل المجالس البلدية والمرسوم عدد 10 المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم، وقد صدرت جميع هذه المراسيم يوم 8 مارس الماضي.
وسجلنا في جميع هذه اللقاءات، غيابا تاما لماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة ونائب رئيسها السابق، وقد كان رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أصدر يوم 28 مارس 2023 قرارا يتعلّق بتكليف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، وبموجب هذا القرار تمت تسمية محمّد نوفل الفريخة عضو مجلس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في خطة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وذلك بداية من تاريخ صدور القرار المذكور، وتم في المقابل إلغاء أحكام القرار المؤرّخ في 22 ماي 2022 المتعلق بتكليف ماهر الجديدي بصفة نائب رئيس الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات.
فبعد صدور هذا القرار، واستنادا إلى مضامين البلاغات المنشورة على الصفحة الرسمية للهيئة حول أنشطتها المخصصة للاستعدادات للمحطات الانتخابية القادمة، نجد أن المشاركة والحضور في تلك الأنشطة اقتصر على رئيس الهيئة فاروق بوعسكر ونائبه محمد نوفل الفريخة وعضوي مجلس الهيئة محمد التليلي منصري ومحمود الواعر، ولم يشر أي بلاغ منها إلى حضور ماهر الجديدي أو مشاركته في أي نشاط يذكر سواء في مقر الهيئة أو خارجه، رغم تأكيده على أنه مازال يمارس مهامه صلب الهيئة باعتباره أحد أعضاء مجلس الهيئة.
ويدعو غياب الجديدي المتواصل عن جميع الجلسات التحضيرية للانتخابات المرتقبة إلى التساؤل إن كان قرار إنهاء تكليفه بخطة نائب رئيس الهيئة الذي اتخذه بوعسكر سيؤدي إلى أزمة خانقة غير مسبوقة داخل الهيئة ربما قد تعصف بها نهائيا هذه المرة، فماذا لو امتد غياب الجديدي إلى اجتماعات مجلس الهيئة والحال أنها اجتماعات تقريرية ويستوجب انعقادها توفر النصاب القانوني فبالنظر إلى الشغور الموجود في المجلس في خطتين، فإن غياب الجديدي سيؤدي بالضرورة إلى إرباك أعمال الهيئة المقبلة على محطات انتخابية كبرى. ونص الفصل 18 جديد من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات والذي نقح بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 على ما يلي :" تعقد اجتماعات مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بطلب من رئيسها أو من نائبه أو من أغلبية أعضاء مجلسها عند الاقتضاء، ولا تعتبر صحيحة إلا بحضور خمسة أعضاء على الأقل. وفي صورة عدم توفّر النصاب، تُعقد جلسة ثانية بعد أربع وعشرين ساعة مهما كان عدد الأعضاء الحاضرين ويتولى رئيس الهيئة تعيين مواعيد الاجتماعات والدعوة إليها ورئاستها وضبط جدول أعمالها وإدارتها وحفظ نظامها واتخاذ القرارات اللازمة لتنفيذ مداولات المجلس طبقا لمقتضيات هذا القانون ولأحكام النظام الداخلي للهيئة وعند التعذر، يعوض نائب الرئيس رئيس الهيئة في جميع صلاحياته ويتخذ مجلس الهيئة قراراته بموافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين، وفي صورة تساوي الأصوات يكون صوت الرئيس مرجحا، ويتولى رئيس المجلس إمضاءها".
التزام بواجب التحفظ
ولمعرفة أسباب عدم مشاركته في الجلسات التحضيرية للانتخابات القادمة وهل لديه نية عدم حضور جلسات مجلس الهيئة ولماذا لم يعقد مجلس الهيئة أي اجتماع منذ 25 فيفري 2023 بمناسبة النظر في القرار المتعلق بالتصريح بالنتائج النهائية للانتخابات التشريعية في دورتها الثانية ، اتصلت "الصباح" هاتفيا بماهر الجديدي عضو مجلس الهيئة لكنه خير عدم الإدلاء بتصريح صحفي. ويذكر أنه سبق للجديدي بعد إعفائه من خطة نائب رئيس الهيئة أن عبر عن تمسكه بواجب التحفظ. واكتفى في التصريح الذي أدلى به لوكالة تونس إفريقيا للأنباء بالتعبير عن استنكاره قرار إنهاء تكليفه بخطة نائب رئيس الهيئة وأشار إلى وجود جملة من الأسباب وراء هذا الإعفاء وقال إنه سيكشفها لاحقا، كما سبق للجديدي أن دعا إلى ضرورة القيام بمراجعات حول توجهات وقرارات سابقة اتخذتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مثلما سبق له أن تمسك بضرورة إرساء هيئة انتخابات جديدة طبقا للفصل 134 من الدستور. ونص الفصل المذكور على أن تتـولّى الهيئــة العلـيا المستقلـة للانتخابات إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيــمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامـة المسـار الانتخابي ونزاهتــــه وشــفافيته وتصرّح بالنتائج. تتمتع الهيئة بالسّلطة الترتيبية في مجال اختصاصها. تتركب الهيئة من تسعة أعضاء مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة والنزاهة، يباشرون مهامهم لمدّة ستّ سنوات غير قابلة للتجديد، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين.
إشكال دستوري
وخلافا لما ورد في الفصل 134 من الدستور نص القانون الحالي للهيئة وكما تم تنقيحه بمقتضى المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المؤرخ في 21 أفريل 2022 ينص على أن فترة ولاية كل عضو من أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أربع سنوات غير قابلة للتجديد وعلى أن مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يتركب من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي ويقع اختيارهم على النحو التالي: ثلاثة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية من بين أعضاء الهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة، قاض عدلي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء العدلي، قاض إداري له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء الإداري، قاض مالي له أقدمية عمل فعلي بعشر سنوات على الأقل من بين ثلاثة قضاة يتم اقتراحهم من قبل مجلس القضاء المالي، مهندس مختص في مجال المنظومات والسلامة المعلوماتية، له أقدمية فعلية بعشر سنوات على الأقل، من بين ثلاثة مهندسين مختصين يتم اقتراحهم من قبل المركز الوطني للإعلامية.
ونص نفس القانون في الفصل 12 على أن يخضع رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وأعضاء مجلسها لجملة من الواجبات ومنها وواجب التحفظ، وواجب حضور جلسات مجلس الهيئة. فالحضور الإجباري مقتصر على جلسات مجلس الهيئة ولم ينص على وجوبية حضور الجلسات الأخرى التي تقعدها الهيئة ومنها بالخصوص تلك المتعلقة بالتحضير للمحطات الانتخابية رغم أن هذه الجلسات التحضيرية تكتسي أهمية بالغة في المسارات الانتخابية لأنها تنير سبيل مجلس الهيئة لاتخاذ القرارات السليمة.
جلسات تحضيرية
واستعدادا للانتخابات القادمة نظمت الهيئة العديد من الاجتماعات التحضيرية دون مشاركة عضو مجلسها ماهر الجديدي، ففي يوم 28 مارس تم عقد جلسـة عمل مع وفد يضم ممثلين عن مختلف الإدارات المعنيـة بوزارة الداخلية خصصت للنظر في المواضيع ذات العلاقة بالمواعيد الانتخابيـــــة القادمـة وخاصة ما يتعلق منها بالتقسيم الترابي للمعتمديات والعمادات وتحيين قاعدة البيانات الخاصة ببطاقات التعريف والجنسية والسجل العدلي و تم الاتفاق خلال الجلسة على تكوين لجنة فنية تضم ممثلين عن الهيئـة ومختلف المصالح المعنية بوزارة الداخليـــة لمواصلة التباحث في المسائل المطروحة وإيجاد الحلول المناسبة لها اعتمادا على التجارب الانتخابية السابقــــة.
كما تم لاحقا وتحديدا يوم الثلاثاء 11 أفريل تنظيم اجتماع ثان اللجنة الفنية المشتركة بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ووزارة الداخلية خصص لمواصلة نقاش المواضيع المطروحـة في علاقة بالانتخابات المحليـة القادمـة وخاصة ما يتعلق منها بالتقسيم الترابي للمعتمديات والعمادات وضبط الحدود الترابية للعمادات باعتبارها دوائر انتخابية جديدة وموضوع تقسيم بعض المعتمديات إلى دوائر انتخابية لا تقل عن خمس دوائر تطبيقا لمقتضيات الفصل 28 من المرسوم عدد 10 لسنة 2023.
وفي يوم الأربعاء 29 مارس، تم تنظيم جلسـة عمل مع وفد ضم ممثلين عن وزارة العدل والتطرق بالخصوص إلى شروط الترشح للانتخابات المحلية والبلدية وما يتطلبه ذلك من تعجيل بتحيين السجل العدلي ومن تفادي ترشح من صدرت في شأنهم أحكام جزائية وإلى المعطيات الخاصة بمزدوجي الجنسية والمتجنسين وضبط قائمـة المحرومين قانونيا من الترشح من الراجعين بالنظر لوزارة العدل.
وفي اليوم الموالي أي 30 مارس تم تنظيم جلسة مع وزارة الماليـة للنظر في مسألة شروط الترشح وموانعه ومن تخلدت بذمتهم مستحقات بعنوان أحكام التمويل العمومــــي للحملات الانتخابية ومن صدرت في شأنهم أحكام باتة من محكمة المحاسبات تتعلق بمخالفات مالية أو انتخابية وكذلك الإجراءات الخاصة بإصدار وصل الضريبة على الدخل بالنسبة للأشخاص الطبيعيين وشهادة إبراء الذمة من الأداءات البلديـة.
أما في يوم 31 مارس فقد تم عقد جلسة مع وفد وزارة الشؤون الدينية للنظر في شروط وموانع الترشح والأشخاص المحرومين بموجب القانون الانتخابي من الترشح من الأئمة والوعاظ والإطار القانوني المنظم لهذا السلك من الإطارات المسجدية ضمانا لمبدأ حياد دور العبادة والنأي بها عن التوظيف السياسي وفي يوم الاثنين 3 أفريل تم تنظيم جلسة عمل مع ممثل وزارة الشباب والرياضة للنظر في قائمة المحرومين من الترشح من رؤسـاء الهياكل والجمعيات الرياضية والإطار القانوني المنظم لهم، وفي 4 أفريل تم تنظيم جلسة عمل مع حسين العـــــزّي مستشار وزير التربية حول تحيين التوزيع الجغرافي للمدارس الابتدائية كمراكز اقتراع على مستوى العمادات والمعتمديات استعدادا للانتخابات المحلية القادمـة. أما في يوم الأربعاء 5 أفريل 2023 فتم تنظيم جلسة مع سامي النويصر ممثل عن محكمة المحاسبات للنظر في الأشخاص المحرومين من الترشح ممن صدرت في شأنهم أحكام باتة عن هذه المحكمة من أجل مخالفات مالية أو انتخابية، وفي يوم 8 مارس 2023 تم تنظيم جلسة مع ممثلـة المعهد الوطني للإحصاء هدى بوهلال تم التطرق خلالها إلى تحيين عدد السكان على مستوى العمادات والمعتمديات وذلك تمهيدا لتنظيم الانتخابات المحلية و تركيز الغرفة النيابية الثانية وهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وتمهيدا للحملات الانتخابية المرتقبة تم تنظيم جلسة عمل مع المديرة العامة لمؤسسة التلفزة الوطنية عواطف الدالي والوفد المرافق لها، والمكلفة بالتنسيق العام للانتخابات بالإذاعة التونسية سامية فطحلي وذلك يوم الأربعاء 12 أفريل 2023 خصصت للحديث عن الخطوط العريضة لخطة الاتصال والتحسيس، التي ستعتمدها الهيئـــــة بالتنسيــــق مع مؤسستي التلفزة والإذاعة الوطنيتين للتعريف بالمؤسسات الجديـدة التي سيتم انتخابها على ضوء صدور المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 والمتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم وتم الاتفاق على عقد جلسات عمل لاحقة لضبط مختلف الجوانب التنظيميــــة والفنية لتنفيذ هذه الخطة.
وفي اليوم الموالي تم تنظيم جلسة مع الرئيس المدير العام للمطبعـة الرسمية المنصف العوادي والوفد المرافق له حول الإجراءات التي سيتم اتخاذها من أجل إنجاز المطبوعات والمواد الحساسة الخاصة بالمواعيد الانتخابية القادمـة وخاصة الانتخابات المحليـــة التي ستجري في أكثر من ألفي دائرة انتخابية، أما في يوم الخميس 13 أفريل فكانت الجلسة مع وفد من وزارة الشؤون الاجتماعيـة يضم كلا من رجاء بن إبراهيم مديرة عامة للنهوض بالأشخاص ذوي الإعاقة وعاطف كمّون مدير العائلات المعوزة بالهيئة العامة للنهوض الاجتماعي من أجل ضبط قائمـة المنظمات والجمعيات التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة للاستعانة بخبرتها في مجال الحملات التحسيسية التي ستنظمها الهيئـــة بهدف تشجيع الأشخاص ذوي الإعاقة على المشاركة في الانتخابات والترشح لعضوية المجالس المحلية وبهدف التنسيق الفني بين الجانبين لحسن إدارة عملية توزيع الناخبين التونسيين الحاملين لإعاقة على مراكز ومكاتب الاقتراع المناسبـة من حيث قرب المسافـة وسهولة الولوج إليها ولتدارس الآليات التي تُمكّن من تقريب المواطنين المسجلين آليـّا بالسجل الانتخابي من مراكز الاقتراع على ضوء ما تُوفّره مختلف قواعد البيانات بوزارة الشؤون الاجتماعية من معطيات خاصة حول العائلات المعوزة.
وفي يوم الجمعية 14 أفريل تم تنظيم جلسة مع فيصل السبوعي المدير العام للمركز الوطني للإعلامية ومنير السالمي مدير بالمركز المذكور ومهدي الزين مدير عام المركز الوطني للتكنولوجيا التابع لوزارة التربية وسهام شبشوب مديرة الإعلامية بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي. وخصص اللقاء لتدارس مختلف الآليات التي تمكن من حسن إدارة عملية توزيع الناخبين التونسيين خاصة المسجلين آليــــا على أقرب مركز اقتراع على ضوء ما توفره مختلف قواعد البيانات الوطنية بوزارة التربيـة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمــــي من معطيات خاصة فيما يتعلق بالعنـــــوان الفعلي وتم الاتفاق على الانطلاق بصفة مبكرة في إعداد قاعــدة البيانات المركزية بالتنسيـــق مع الهيئـــة والمركز الوطني للإعلاميـة لاعتمادها في عمليـة توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع المناسبـة خلال الانتخابات المحليـــة القادمــــة.
وحتى اللقاءات اللاحقة التي تمت مع ممثلين عن المجتمع المدني فإنها لم تسجل حضور عضو مجلس الهيئة ماهر الجديدي إذ تم يوم الجمعة 14 أفريل عقد لقاء مع راضية الجربي رئيسة الإتحاد الوطني للمرأة التونسيـة للتباحث حول الوسائل الكفيلــــة بدعم مشاركـة المرأة التونسيـة في الانتخابات كناخبة ومترشحة في انتخابات ستجرى على الأفراد في عدد كبير من الدوائر الانتخابية وتم يوم الاثنين 17 أفريل عقد لقاء مع رئيس الإتحاد الوطني للمكفوفين والمسؤولة على الموارد البشرية بالاتحاد بهدف بحث الاستعدادات اللازمة لضمان ممارسة الأشخاص ذوي الإعاقة لحقهم في المشاركة في الانتخابات واختيار من يمثلهم بكل حريـة واستقلالية وحقهم في الترشح في الانتخابات المحلية القادمة إذ أن الفصل 27 من المرسوم عدد 10 الصادر يوم 8 مارس خصّص مقعدا بكل مجلس محلي لفائدة نائب من ذوي الإعاقة له الحق في التصويت مع اعتماد القرعة بين المترشحين من ذوي الإعاقة ليشغل ذلك المقعد في كل المجالس المحلية البالغ عددها 279 مجلسا.