إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في غياب المحكمة الدستورية ..من يبتّ في شرعية مراسيم الرئيس ؟

 
 
تونس-الصباح
منذ إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، بلغ عدد المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية قيس سعيد 102، وأثار العديد منها جدلا ساخنا نظرا لتعارض أحكامها مع مقتضيات الدستور على غرار المرسوم المتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء والمرسوم الانتخابي والمرسوم المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وغيرها.
ونص دستور 25 جويلية في أحكامه الانتقالية على أن يستمّر العمل في المجال التشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه، وكان الأمر عدد 117 أشار إلى أن إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية يتم في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية ويأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وذلك بعد مداولة مجلس الوزراء وأشار أيضا إلى أنه لا يجوز عند سن المراسيم النيل من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة بالمنظومة القانونية الوطنية والدولية، كما نص على أن تتخذ شكل مراسيم، النصوص المتعلقة بـالموافقة على المعاهدات، تنظيم العدالة والقضاء، تنظيم الإعلام والصحافة والنشر، تنظيم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية وتمويلها، تنظيم الجيش الوطني، تنظيم قوات الأمن الداخلي والديوانة، القانون الانتخابي، الحريات وحقوق الإنسان، الأحوال الشخصية، الأساليب العامة لتطبيق الدستور، الواجبات الأساسية للمواطنة، السلطة المحلية، تنظيم الهيئات الدستورية، القانون الأساسي للميزانية، إحداث أصناف المؤسسات والمنشآت العمومية، الجنسية، الالتزامات المدنية والتجارية، الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم، ضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها وكذلك المخالفات المستوجبة لعقوبة سالبة للحرية، العفو العام، ضبط قاعدة الأداءات والمساهمات ونسبها وإجراءات استخلاصها، نظام إصدار العملة، القروض والتعهدات المالية للدولة، ضبط الوظائف العليا، التصريح بالمكاسب، الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين، تنظيم المصادقة على المعاهدات، قوانين المالية وغلق الميزانية والمصادقة على مخططات التنمية، المبادئ الأساسية لنظام الملكية والحقوق العينية والتعليم والبحث العلمي والثقافة والصحة العمومية والبيئة والتهيئة الترابية والعمرانية والطاقة وقانون الشغل والضمان الاجتماعي.
ونص الأمر 117 على أن لا تقبل المراسيم الطعن بالإلغاء، لكن هناك من السياسيين والناشطين في المجتمع المدني ورجال القانون من قاموا بالطعن في عدة  مراسيم لدى القضاء الإداري لمخالفتها لأحكام دستور 2014 أو فيما بعد لمخالفتها أحكام دستور 25 جويلية 2022، ولعل آخرهم الحزب الدستوري الحر الذي أعلن في سبتمبر الماضي أنه تقدم للمحكمة الإدارية بطعن في المرسوم الانتخابي نظرا إلى أن بعض أحكامه تخلق تمييزا بين المواطنين على أساس الجهة أو الدين أو حمل الجنسية المزدوجة فضلا عن مساسها بالحقوق المكتسبة للمرأة وبحق الشباب في الوصول إلى مراكز القرار في خرق واضح لعدة فصول من الدستور الجديد.
ولكن هل يمكن للقاضي الإداري أن يبت في تلك الطعون ويقرر إسقاط المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية قيس سعيد في حال مخالفتها فعلا لأحكام الدستور؟
عن هذا السؤال أجاب القاضي الإداري السابق أحمد صواب، وبين في تصريح لـ"الصباح" أنه كان من القضاة الإداريين الذين يرون أن أي مرسوم هو نص قابل للطعن أمام القضاء الإداري وذلك أولا لأن المرسوم في شكله هو قرار إداري، وثانيا لإيمانه بدور القاضي في حماية دولة القانون، ولاحظ أنه لا بد من التذكير بأن المرسوم غير قابل للطعن  أمام المحكمة الدستورية سواء تعلق الأمر بالمحكمة الدستورية وفق مقتضيات دستور 2014 أو بالمحكمة الدستورية وفق مقتضيات الدستور الذي سنه الرئيس سعيد، كما أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي وقع حلها لم تكن مختصة في النظر في دستورية المراسيم.. وبالتالي فإن المراسيم في المنظومة القانونية التونسية تعتبر غولا، ولكن إذا كان المرسوم غير قابل للطعن فهذا يعتبر اغتيالا لدولة القانون.
ويشار في هذا السياق إلى أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وحسب ما نص عليه قانونها الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 تتولى مراقبة دستورية مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبا على الأقل ويقصد بمشاريع القوانين كافة النصوص التشريعية المصادق عليها من المجلس الوطني التأسيسي أو مجلس نواب الشعب والتي لم يتم ختمها بعد. وتعتبر سائر المحاكم غير مخولة لمراقبة دستورية القوانين. أما دستور 2014 فنص على أن المحكمة الدستورية تختص دون سواها بمراقبة دستورية: مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب يُرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ مصادقة المجلس على مشروع القانون أو من تاريخ مصادقته على مشروع قانون في صيغة معدّلة بعد أن تمّ ردّه من قبل رئيس الجمهورية، مشاريع القوانين الدستورية التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب حسبما هو مقرر بالفصل 144 أو لمراقبة احترام إجراءات تعديل الدستور، المعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية قبل ختم مشروع قانون الموافقة عليها، القوانين التي تحيلها عليها المحاكم تبعا للدفع بعدم الدستورية بطلب من أحد الخصوم في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرها القانون، النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يعرضه عليها رئيس المجلس. كما تتولى المهام الأخرى المسندة إليها بمقتضى الدستور. في حين نص دستور 25 جويلية على أن المحكمة الدستورية تختص بالنظر في مراقبة دستورية: القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نوّاب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم يرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ المصادقة على مشروع القانون أومن تاريخ المصادقة على مشروع قانون في صيغة معدلة بعد أن تمّ ردّه من قبل رئيس الجمهوّرية، المعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهوّرية قبل ختم قانون الموافقة عليها، القوانين التي تحيلها عليها المحاكم إذا تم الدّفع بعدم دستوريتها في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرّها القانون، النّظـــام الداخلي لمجلس نـــوّاب الشعب والنظام الدّاخلي للمــجلس الوطني للجهـــات والأقاليم اللذين يعرضانهما عليها كلّ رئيس لهذين المجلسين، إجراءات تنقيح الدستور، مشاريع تنقيح الدستور للبتّ في عدم تعارضها مع ما لا يجوز تنقيحه حسب ما هو مقرّر بالدستور.
 
الرقابة القضائية
وأشار أحمد صواب إلى أنه من المسلم به أن دولة القانون تقتضي أن كل أداة قانونية، خاصة في هذه الفترة الحالكة  أو كما كان عليه الحال في بداية الانتقال الديمقراطي، تقتضي أن المراسيم مثل أي نص قانوني آخر يجب أن تخضع إلى رقابة قضائية سواء كانت رقابة قضائية دستورية أو رقابة قضائية إدارية وذلك حماية لدولة القانون. وقال إن الحل  لهذا المشكل ممكن من خلال إضافة رقابة القضاء الدستوري على المراسيم، ولكن في غياب التنصيص صراحة على مثل هذه الأمور يوجد حل وحيد وهو أن يتمتع القاضي الإداري بالجرأة، ويبت في الطعون في المراسيم وذلك في إطار فرض دولة القانون..   كما أشار أحمد صواب إلى أنه بعد 25 جويلية وتحديدا بعد صدور الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية تم تقديم العديد من الطعون في المراسيم للمحكمة الإدارية ومنها الطعن في المرسوم المتعلق بمحل المجلس الأعلى للقضاء وذكر أنه كان من بين الأشخاص الذين قاموا بالطعن في هذا المرسوم، ولكن إلى غاية اليوم لم يقع البت فيه وفي أي طعن في المراسيم الصادرة عن رئيس الجمهورية، وأشار إلى أنه يجب ألا يغيب عن الأذهان في هذا الصدد أن معدل مدة البت في الملفات الأصلية أمام المحكمة الإدارية يبلغ ثلاث سنوات، ولكن لا بد من التأكيد أيضا على أن دولة القانون تبنى يوما بعد يوم ولا تنتظر مرور سنوات..
وذكر صواب أن القضاء الإداري كان قد تجرأ في ما مضى وقبل الطعن في القانون الانتخابي وكان ذلك زمن حكم الترويكا وتعرض قضاة المحكمة وقتها إلى انتقادات لاذعة ، وبين أن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية في 7 نوفمبر 2013 قالت بصريح العبارة إن وظيفة القاضي إن كانت تتمثل في فصل النزاعات، فإن الواجب يحتم علية (أي على القاضي) الامتناع عن تنفيذ القوانين المخالفة للدستور والمبادئ الدستورية العامة والمعاهدات الدولية. وبالتالي إذا قضي القاضي الإداري في الطعن في القوانين في غياب القاضي الدستوري، فمن باب أولى وأحرى أن يعمل بمثله بخصوص المراسيم لأنها أدنى مرتبة من القوانين.
 
سعيدة بوهلال
 
  في غياب المحكمة الدستورية ..من يبتّ في شرعية مراسيم الرئيس ؟
 
 
تونس-الصباح
منذ إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، بلغ عدد المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية قيس سعيد 102، وأثار العديد منها جدلا ساخنا نظرا لتعارض أحكامها مع مقتضيات الدستور على غرار المرسوم المتعلق بحل المجلس الأعلى للقضاء والمرسوم الانتخابي والمرسوم المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال وغيرها.
ونص دستور 25 جويلية في أحكامه الانتقالية على أن يستمّر العمل في المجال التشريعي بأحكام الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بتدابير استثنائية إلى حين توليّ مجلس نوّاب الشعب وظائفه بعد تنظيم انتخابات أعضائه، وكان الأمر عدد 117 أشار إلى أن إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية يتم في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية ويأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وذلك بعد مداولة مجلس الوزراء وأشار أيضا إلى أنه لا يجوز عند سن المراسيم النيل من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة بالمنظومة القانونية الوطنية والدولية، كما نص على أن تتخذ شكل مراسيم، النصوص المتعلقة بـالموافقة على المعاهدات، تنظيم العدالة والقضاء، تنظيم الإعلام والصحافة والنشر، تنظيم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية وتمويلها، تنظيم الجيش الوطني، تنظيم قوات الأمن الداخلي والديوانة، القانون الانتخابي، الحريات وحقوق الإنسان، الأحوال الشخصية، الأساليب العامة لتطبيق الدستور، الواجبات الأساسية للمواطنة، السلطة المحلية، تنظيم الهيئات الدستورية، القانون الأساسي للميزانية، إحداث أصناف المؤسسات والمنشآت العمومية، الجنسية، الالتزامات المدنية والتجارية، الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم، ضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها وكذلك المخالفات المستوجبة لعقوبة سالبة للحرية، العفو العام، ضبط قاعدة الأداءات والمساهمات ونسبها وإجراءات استخلاصها، نظام إصدار العملة، القروض والتعهدات المالية للدولة، ضبط الوظائف العليا، التصريح بالمكاسب، الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين، تنظيم المصادقة على المعاهدات، قوانين المالية وغلق الميزانية والمصادقة على مخططات التنمية، المبادئ الأساسية لنظام الملكية والحقوق العينية والتعليم والبحث العلمي والثقافة والصحة العمومية والبيئة والتهيئة الترابية والعمرانية والطاقة وقانون الشغل والضمان الاجتماعي.
ونص الأمر 117 على أن لا تقبل المراسيم الطعن بالإلغاء، لكن هناك من السياسيين والناشطين في المجتمع المدني ورجال القانون من قاموا بالطعن في عدة  مراسيم لدى القضاء الإداري لمخالفتها لأحكام دستور 2014 أو فيما بعد لمخالفتها أحكام دستور 25 جويلية 2022، ولعل آخرهم الحزب الدستوري الحر الذي أعلن في سبتمبر الماضي أنه تقدم للمحكمة الإدارية بطعن في المرسوم الانتخابي نظرا إلى أن بعض أحكامه تخلق تمييزا بين المواطنين على أساس الجهة أو الدين أو حمل الجنسية المزدوجة فضلا عن مساسها بالحقوق المكتسبة للمرأة وبحق الشباب في الوصول إلى مراكز القرار في خرق واضح لعدة فصول من الدستور الجديد.
ولكن هل يمكن للقاضي الإداري أن يبت في تلك الطعون ويقرر إسقاط المراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية قيس سعيد في حال مخالفتها فعلا لأحكام الدستور؟
عن هذا السؤال أجاب القاضي الإداري السابق أحمد صواب، وبين في تصريح لـ"الصباح" أنه كان من القضاة الإداريين الذين يرون أن أي مرسوم هو نص قابل للطعن أمام القضاء الإداري وذلك أولا لأن المرسوم في شكله هو قرار إداري، وثانيا لإيمانه بدور القاضي في حماية دولة القانون، ولاحظ أنه لا بد من التذكير بأن المرسوم غير قابل للطعن  أمام المحكمة الدستورية سواء تعلق الأمر بالمحكمة الدستورية وفق مقتضيات دستور 2014 أو بالمحكمة الدستورية وفق مقتضيات الدستور الذي سنه الرئيس سعيد، كما أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي وقع حلها لم تكن مختصة في النظر في دستورية المراسيم.. وبالتالي فإن المراسيم في المنظومة القانونية التونسية تعتبر غولا، ولكن إذا كان المرسوم غير قابل للطعن فهذا يعتبر اغتيالا لدولة القانون.
ويشار في هذا السياق إلى أن الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين وحسب ما نص عليه قانونها الأساسي عدد 14 لسنة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 تتولى مراقبة دستورية مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبا على الأقل ويقصد بمشاريع القوانين كافة النصوص التشريعية المصادق عليها من المجلس الوطني التأسيسي أو مجلس نواب الشعب والتي لم يتم ختمها بعد. وتعتبر سائر المحاكم غير مخولة لمراقبة دستورية القوانين. أما دستور 2014 فنص على أن المحكمة الدستورية تختص دون سواها بمراقبة دستورية: مشاريع القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نواب الشعب يُرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ مصادقة المجلس على مشروع القانون أو من تاريخ مصادقته على مشروع قانون في صيغة معدّلة بعد أن تمّ ردّه من قبل رئيس الجمهورية، مشاريع القوانين الدستورية التي يعرضها عليها رئيس مجلس نواب الشعب حسبما هو مقرر بالفصل 144 أو لمراقبة احترام إجراءات تعديل الدستور، المعاهدات التي يعرضها عليها رئيس الجمهورية قبل ختم مشروع قانون الموافقة عليها، القوانين التي تحيلها عليها المحاكم تبعا للدفع بعدم الدستورية بطلب من أحد الخصوم في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرها القانون، النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي يعرضه عليها رئيس المجلس. كما تتولى المهام الأخرى المسندة إليها بمقتضى الدستور. في حين نص دستور 25 جويلية على أن المحكمة الدستورية تختص بالنظر في مراقبة دستورية: القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة أو ثلاثين عضوا من أعضاء مجلس نوّاب الشعب أو نصف أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم يرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ المصادقة على مشروع القانون أومن تاريخ المصادقة على مشروع قانون في صيغة معدلة بعد أن تمّ ردّه من قبل رئيس الجمهوّرية، المعاهدات التي يعرضها رئيس الجمهوّرية قبل ختم قانون الموافقة عليها، القوانين التي تحيلها عليها المحاكم إذا تم الدّفع بعدم دستوريتها في الحالات وطبق الإجراءات التي يقرّها القانون، النّظـــام الداخلي لمجلس نـــوّاب الشعب والنظام الدّاخلي للمــجلس الوطني للجهـــات والأقاليم اللذين يعرضانهما عليها كلّ رئيس لهذين المجلسين، إجراءات تنقيح الدستور، مشاريع تنقيح الدستور للبتّ في عدم تعارضها مع ما لا يجوز تنقيحه حسب ما هو مقرّر بالدستور.
 
الرقابة القضائية
وأشار أحمد صواب إلى أنه من المسلم به أن دولة القانون تقتضي أن كل أداة قانونية، خاصة في هذه الفترة الحالكة  أو كما كان عليه الحال في بداية الانتقال الديمقراطي، تقتضي أن المراسيم مثل أي نص قانوني آخر يجب أن تخضع إلى رقابة قضائية سواء كانت رقابة قضائية دستورية أو رقابة قضائية إدارية وذلك حماية لدولة القانون. وقال إن الحل  لهذا المشكل ممكن من خلال إضافة رقابة القضاء الدستوري على المراسيم، ولكن في غياب التنصيص صراحة على مثل هذه الأمور يوجد حل وحيد وهو أن يتمتع القاضي الإداري بالجرأة، ويبت في الطعون في المراسيم وذلك في إطار فرض دولة القانون..   كما أشار أحمد صواب إلى أنه بعد 25 جويلية وتحديدا بعد صدور الأمر عدد 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية تم تقديم العديد من الطعون في المراسيم للمحكمة الإدارية ومنها الطعن في المرسوم المتعلق بمحل المجلس الأعلى للقضاء وذكر أنه كان من بين الأشخاص الذين قاموا بالطعن في هذا المرسوم، ولكن إلى غاية اليوم لم يقع البت فيه وفي أي طعن في المراسيم الصادرة عن رئيس الجمهورية، وأشار إلى أنه يجب ألا يغيب عن الأذهان في هذا الصدد أن معدل مدة البت في الملفات الأصلية أمام المحكمة الإدارية يبلغ ثلاث سنوات، ولكن لا بد من التأكيد أيضا على أن دولة القانون تبنى يوما بعد يوم ولا تنتظر مرور سنوات..
وذكر صواب أن القضاء الإداري كان قد تجرأ في ما مضى وقبل الطعن في القانون الانتخابي وكان ذلك زمن حكم الترويكا وتعرض قضاة المحكمة وقتها إلى انتقادات لاذعة ، وبين أن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية في 7 نوفمبر 2013 قالت بصريح العبارة إن وظيفة القاضي إن كانت تتمثل في فصل النزاعات، فإن الواجب يحتم علية (أي على القاضي) الامتناع عن تنفيذ القوانين المخالفة للدستور والمبادئ الدستورية العامة والمعاهدات الدولية. وبالتالي إذا قضي القاضي الإداري في الطعن في القوانين في غياب القاضي الدستوري، فمن باب أولى وأحرى أن يعمل بمثله بخصوص المراسيم لأنها أدنى مرتبة من القوانين.
 
سعيدة بوهلال