أياما قليلة قبل انعقاد القمة الأمريكية الإفريقية التي من المنتظر أن يحضرها الرئيس قيس سعيد تستبق المملكة العربية السعودية وتصنع الحدث الذي استحوذ على اهتمام المشهد السياسي وهيمن على التغطية الإعلامية عربيا ودوليا بتنظيمها لقمة عربية صينية بغاية ايجاد تحالفات اقتصادية جديدة تفك بها الارتباط مع الهينة الغربية وخاصة الهيمنة الأمريكية وتعيد بناء شراكات جديدة مع قوى هي اليوم الأكثر تأثيرا وتمثل القوى الصاعدة في المستقبل والانفتاح على خيارات اقتصادية وبدائل أخرى تعمل منظومة العولمة المتحكمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتقودها الولايات المتحدة الامريكية ومن ورائها مجموعة الاتحاد الأوروبي على استبعادها وإقصائها من أجل أدامة المنوال الغربي ومواصلة هيمنته على اقتصاديات الشعوب ومن ثم التحكم في مصائر الدول والحكومات.
تأتي قمة الرياض في ظرف دقيق يمر به العالم بعد اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية وما خلفته من تداعيات خطيرة على حياة الشعوب والحكومات المرتبطة بإمدادات هاذين البلدين فيما يخص المواد الفلاحية والغذائية و التزود بالطاقة وخاصة من الغاز الطبيعي اللازم للاستعمالات المنزلية المختلفة بعد أن تعطلت شحنات القمح الأوكراني نتيجة الحرب وتوقف روسيا عن مد الدول الأوروبية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والمساندة للرئيس الأوكراني من الغاز الطبيعي ..
كما يأتي انعقاد هذه القمة في ظل تصاعد الخلاف بين أمريكا والصين حول الهيمنة الاقتصادية وحول من يقود العالم اليوم خاصة بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نهاية النظام العالمي الحالي ومنظومة العولمة التي تقودها أمريكا والتي منعت الدول من بناء مصيرها واختيار طريقها بإرادتها الحرة ودون تدخل من أحد ودون وصاية من الغرب الذي يفرض شروطه وقوانينه وأفكاره لذلك كانت الحرب الروسية الاوكرانية إلى جانب كونها حربا من أجل الطاقة ومعركة تحرر من الهيمنة الاقتصادية الأوروبية هي معركة من أجل بناء نظام عالمي جديد بأفكار جديدة وثقافة جديدة وعلاقات اقتصادية جديدة من دون هيمنة أمريكية ومن دون الارتباط بالمنظومة الاقتصادية الغربية وعملتها المهيمنة ..
يرنو المشاركون في هذه القمة العربية الصينية إلى بناء شراكة اقتصادية جديدة مع العملاق الصيني ينهون بها نمط الشراكة الحالية التي جعلت اقتصاديات العرب مرتهنة ومرتبطة بالاقتصاد الغربي الرأسمالي ضمن نظرية الرأسمالية المجحفة بغاية بناء مستقبل مختلف بأفكار مغايرة ومنوال تعاون مختلف وهذا الحرص العربي للذهاب نحو الصين واختيار هذا العملاق الأسيوي للتحالف معه وفتح الأسواق العربية للسلع والبضائع الصينية والسماح بالقيام باستثمارات ومشاريع وازنة في مجالات مختلفة من أهمها مشاريع البنية التحتية له أسبابه المعروفة وهي البحث عن شريك اقتصادي جديد يمكن الاستفادة منه ويكون عونا في تحقيق التنمية المطلوبة وتحقيق التقدم والنهضة التي يبحث عنها العرب منذ عصر النهضة العربية المتعثرة وكل ما فيه إفادة للشعوب العربية من دون أن تنحرف هذه الشراكة الجديدة وهذا التعاون نحو التدخل في شؤون العرب الداخلية أو استعمال الاقتصاد مدخلا لتوجيه السياسات و السيطرة والهيمنة على قرارات وإرادات الحكومات والدول وهي السياسة الحالية التي تتبعها أمريكا تجاه العرب والمسلمين ..
ما تسعى إليه هذه القمة العربية مع الصين هو بناء مناخ اقتصادي جديد وعصر استثماري جديد يرتب لمستقبل جديد من دون الحاجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين وبناء حلف اقتصادي جديد برؤية جديدة خاصة وأن الصين تتبنى رؤية مختلفة في التعاون الاقتصادي تقوم على شعار الحياد في العلاقات الدولية والعلاقات الثنائية وفي الخيارات السياسية وعلى تبادل المنافع والمصالح وتجنب التدخل في الخيارات السياسية للدول والحكومات التي تربطها بها علاقات تجارية واقتصادية خاصة في كل ما يتعلق بالحقوق والحريات والمسار الديمقراطي للدول حيث تراهن الصين على تحقيق مصالحها التجارية وبناء شراكات اقتصادية من دون ربط ذلك بالمناخ السياسي والخيارات المجتمعية أو التدخل في مدى الالتزام بمنظومة الحقوق والحريات الغربية التي تعتبرها أمريكا محددة في العلاقات والشركات بين الدول ..
إن الخيارات الصينية في مجال التعاون الاقتصادي تقوم على فكرة فصل الخيارات السياسية للدول والموقف من الحقوق والحريات عن الخيارات الاقتصادية وتكوين الشراكات وتبادل المنافع وعلى مبدأ عدم التدخل فيما تسير عليه الحكومات في علاقة باختيار المسار الديمقراطي الذي تريده على أساس أن الصين تعتبر أنه لا يوجد نموذج ديمقراطي وحيد ومحدد تتبعه الشعوب وأنه من حق كل بلد أن يختار لنفسه ما يعتبره صالحا له ومتماشيا مع خصوصيته الثقافته خاصة وأن الدول العربية قلقة من التقارير الدولية التي تنتقد بشدة واقع الحقوق والحريات في الدول العربية وتدين ما يحصل فيها من انتهاكات لهذه الحقوق وما تتعرض له حرية الرأي والتعبير من خروقات والصين بهذا التمشي وهذا الموقف من موضوع الحقوق والحريات وعدم اكتراثها بما يحصل للأفراد داخل أوطانهم تسعى إلى الحصول على ثقة شركائها العرب و على مكانة وموقع متقدم على أمريكا والتوسع اقتصاديا وتجاريا على مساحات من الكرة الأرضية كانت ولا تزال حكرا على الغرب .
إن العالم اليوم يتغير ويشهد تحولات كبرى وإرهاصات بتأسيس نظام عالمي جديد ومنظومة اقتصادية مختلفة بقوى جديدة الصين أبرز مكوناتها وبناء شراكات اقتصادية مغايرة تبشر بعصر جديد وهذا المتغير الجديد هو الذي تراهن عليه الدول العربية لتحقيق التنمية المفقودة وبناء اقتصاد جديد يقوم على علاقات جديدة مختلفة . فهل يتحقق هذا الطموح ؟ وهل يكون طريق الحرير هو الطريق الواجب السير فيه للخروج عن الهيمنة الليبرالية ونظامها العالمي غير العادل والبشع ؟
بقلم: نوفل سلامة
أياما قليلة قبل انعقاد القمة الأمريكية الإفريقية التي من المنتظر أن يحضرها الرئيس قيس سعيد تستبق المملكة العربية السعودية وتصنع الحدث الذي استحوذ على اهتمام المشهد السياسي وهيمن على التغطية الإعلامية عربيا ودوليا بتنظيمها لقمة عربية صينية بغاية ايجاد تحالفات اقتصادية جديدة تفك بها الارتباط مع الهينة الغربية وخاصة الهيمنة الأمريكية وتعيد بناء شراكات جديدة مع قوى هي اليوم الأكثر تأثيرا وتمثل القوى الصاعدة في المستقبل والانفتاح على خيارات اقتصادية وبدائل أخرى تعمل منظومة العولمة المتحكمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتقودها الولايات المتحدة الامريكية ومن ورائها مجموعة الاتحاد الأوروبي على استبعادها وإقصائها من أجل أدامة المنوال الغربي ومواصلة هيمنته على اقتصاديات الشعوب ومن ثم التحكم في مصائر الدول والحكومات.
تأتي قمة الرياض في ظرف دقيق يمر به العالم بعد اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية وما خلفته من تداعيات خطيرة على حياة الشعوب والحكومات المرتبطة بإمدادات هاذين البلدين فيما يخص المواد الفلاحية والغذائية و التزود بالطاقة وخاصة من الغاز الطبيعي اللازم للاستعمالات المنزلية المختلفة بعد أن تعطلت شحنات القمح الأوكراني نتيجة الحرب وتوقف روسيا عن مد الدول الأوروبية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية والمساندة للرئيس الأوكراني من الغاز الطبيعي ..
كما يأتي انعقاد هذه القمة في ظل تصاعد الخلاف بين أمريكا والصين حول الهيمنة الاقتصادية وحول من يقود العالم اليوم خاصة بعد أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نهاية النظام العالمي الحالي ومنظومة العولمة التي تقودها أمريكا والتي منعت الدول من بناء مصيرها واختيار طريقها بإرادتها الحرة ودون تدخل من أحد ودون وصاية من الغرب الذي يفرض شروطه وقوانينه وأفكاره لذلك كانت الحرب الروسية الاوكرانية إلى جانب كونها حربا من أجل الطاقة ومعركة تحرر من الهيمنة الاقتصادية الأوروبية هي معركة من أجل بناء نظام عالمي جديد بأفكار جديدة وثقافة جديدة وعلاقات اقتصادية جديدة من دون هيمنة أمريكية ومن دون الارتباط بالمنظومة الاقتصادية الغربية وعملتها المهيمنة ..
يرنو المشاركون في هذه القمة العربية الصينية إلى بناء شراكة اقتصادية جديدة مع العملاق الصيني ينهون بها نمط الشراكة الحالية التي جعلت اقتصاديات العرب مرتهنة ومرتبطة بالاقتصاد الغربي الرأسمالي ضمن نظرية الرأسمالية المجحفة بغاية بناء مستقبل مختلف بأفكار مغايرة ومنوال تعاون مختلف وهذا الحرص العربي للذهاب نحو الصين واختيار هذا العملاق الأسيوي للتحالف معه وفتح الأسواق العربية للسلع والبضائع الصينية والسماح بالقيام باستثمارات ومشاريع وازنة في مجالات مختلفة من أهمها مشاريع البنية التحتية له أسبابه المعروفة وهي البحث عن شريك اقتصادي جديد يمكن الاستفادة منه ويكون عونا في تحقيق التنمية المطلوبة وتحقيق التقدم والنهضة التي يبحث عنها العرب منذ عصر النهضة العربية المتعثرة وكل ما فيه إفادة للشعوب العربية من دون أن تنحرف هذه الشراكة الجديدة وهذا التعاون نحو التدخل في شؤون العرب الداخلية أو استعمال الاقتصاد مدخلا لتوجيه السياسات و السيطرة والهيمنة على قرارات وإرادات الحكومات والدول وهي السياسة الحالية التي تتبعها أمريكا تجاه العرب والمسلمين ..
ما تسعى إليه هذه القمة العربية مع الصين هو بناء مناخ اقتصادي جديد وعصر استثماري جديد يرتب لمستقبل جديد من دون الحاجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين وبناء حلف اقتصادي جديد برؤية جديدة خاصة وأن الصين تتبنى رؤية مختلفة في التعاون الاقتصادي تقوم على شعار الحياد في العلاقات الدولية والعلاقات الثنائية وفي الخيارات السياسية وعلى تبادل المنافع والمصالح وتجنب التدخل في الخيارات السياسية للدول والحكومات التي تربطها بها علاقات تجارية واقتصادية خاصة في كل ما يتعلق بالحقوق والحريات والمسار الديمقراطي للدول حيث تراهن الصين على تحقيق مصالحها التجارية وبناء شراكات اقتصادية من دون ربط ذلك بالمناخ السياسي والخيارات المجتمعية أو التدخل في مدى الالتزام بمنظومة الحقوق والحريات الغربية التي تعتبرها أمريكا محددة في العلاقات والشركات بين الدول ..
إن الخيارات الصينية في مجال التعاون الاقتصادي تقوم على فكرة فصل الخيارات السياسية للدول والموقف من الحقوق والحريات عن الخيارات الاقتصادية وتكوين الشراكات وتبادل المنافع وعلى مبدأ عدم التدخل فيما تسير عليه الحكومات في علاقة باختيار المسار الديمقراطي الذي تريده على أساس أن الصين تعتبر أنه لا يوجد نموذج ديمقراطي وحيد ومحدد تتبعه الشعوب وأنه من حق كل بلد أن يختار لنفسه ما يعتبره صالحا له ومتماشيا مع خصوصيته الثقافته خاصة وأن الدول العربية قلقة من التقارير الدولية التي تنتقد بشدة واقع الحقوق والحريات في الدول العربية وتدين ما يحصل فيها من انتهاكات لهذه الحقوق وما تتعرض له حرية الرأي والتعبير من خروقات والصين بهذا التمشي وهذا الموقف من موضوع الحقوق والحريات وعدم اكتراثها بما يحصل للأفراد داخل أوطانهم تسعى إلى الحصول على ثقة شركائها العرب و على مكانة وموقع متقدم على أمريكا والتوسع اقتصاديا وتجاريا على مساحات من الكرة الأرضية كانت ولا تزال حكرا على الغرب .
إن العالم اليوم يتغير ويشهد تحولات كبرى وإرهاصات بتأسيس نظام عالمي جديد ومنظومة اقتصادية مختلفة بقوى جديدة الصين أبرز مكوناتها وبناء شراكات اقتصادية مغايرة تبشر بعصر جديد وهذا المتغير الجديد هو الذي تراهن عليه الدول العربية لتحقيق التنمية المفقودة وبناء اقتصاد جديد يقوم على علاقات جديدة مختلفة . فهل يتحقق هذا الطموح ؟ وهل يكون طريق الحرير هو الطريق الواجب السير فيه للخروج عن الهيمنة الليبرالية ونظامها العالمي غير العادل والبشع ؟