تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات التشريعية 17 ديسمبر 2022 في أجل أقصاه يوم 22 نوفمبر الجاري، وذلك مباشرة بعد انتهاء فترة نزاعات الترشح لهذه الانتخابات أمام المحكمة الإدارية في طورها الاستئنافي ويكون الحكم الاستئنافي باتا ولا يقبل أي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب وفق ما نص عليه الفصل 30 جديد من المرسوم الانتخابي الصادر منتصف سبتمبر الماضي.
وللتذكير، فقد بلغ عدد مطالب الترشح المقبولة أوليا من قبل الهيئات الفرعية للانتخابات قبل الطعن لدى القضاء الإداري 1058 مطلبا أما عدد المطالب المرفوضة أوليا فكان في حدود 363 مطلب ترشح وهو عدد كبير بالنظر إلى عدد الطعون في قرارات هذه الهيئات المرفوعة أمام القضاء في الطورين الابتدائي والاستئنافي، فالعدد الضئيل للطعون يكشف إحجام المترشحين عن ممارسة حق التقاضي الذي يخوله لهم القانون الانتخابي.
وكانت الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية أصدرت 54 حكما في الطور الأول منها أربعة أحكام فقط قضت فيها بقبول الطعن، وقد صدرت تلك الأحكام عن دوائر القصرين والمنستير وصفاقس وتونس، بينما هناك 42 حكما برفض الطعن شكلا و8 أحكام برفض الطعن أصلا، ويفترض أن تعلن المحكمة عن حصيلة التقاضي في الطور الاسئنافي، ولكن حسب ما سجله ملاحظون بمرصد شاهد، فقد تم تقديم 14 طعنا بالإسئناف في الأحكام الصادرة علن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية أي بنسبة 23 بالمائة وهي نسبة ضئيلة. فرغم أن القانون الانتخابي نص على أن جميع الأحكام الصادرة عن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية يمكن أن تخضع للطعن بالاستئناف لدى الدوائر الاستئنافية بهذه المحكمة فإن ضعف عدد ملفات الطعن المرفوعة للمحكمة الإدارية في الطور الاستئنافي وحتى في الطور الابتدائي يدعو إلى التساؤل إن كان المشكل يعود إلى محدودية إلمام المترشحين بمسألة النزاع الانتخابي أم مرده عوائق موجودة في المرسوم الانتخابي نفسه من قبيل تنصيصه على أن "الطّعن يرفع من الأطراف المشمولة بالحكم الابتدائي أو من رئيس الهيئة في أجل أقصاه يومان من تاريخ الإعلام بالحكم بمقتضى عريضة كتابيّة محرّرة وجوبا من محام لدى الاستئناف أو التّعقيب وتكون معلّلة ومشفوعة بنسخة إلكترونيّة من العريضة وبالمؤيّدات وبمحضر الإعلام بالطّعن وبما يفيد تبليغها إلى الجهة أو الجهات المستأنف ضدّها بواسطة عدل تنفيذ وعلى التّنبيه عليها بضرورة تقديم ملحوظاتها مرفقة بما يفيد تبليغها للأطراف في أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة"..
غياب الجدية والتخصص
عن هذا السؤال أجابت الأستاذة أحلام الهمامي عضوة الهيئة المديرة بمرصد شاهد وأشارت في تصريح لـ "الصباح" إلى أن السبب يعود في جزء منه إلى القانون الانتخابي بما تضمنه من مسائل إجرائية معقدة وفي جزء آخر يعود للمترشح. وذكرت أن ضعف عدد الطعون يفسر بعدم جدية المترشحين، وكذلك بعدم قدرتهم على إعداد ملف الطعن وحتى في الطور الثاني الذي يستوجب توكيل محام فإنه من الهم جدا الإشارة إلى أنه لا يوجد محامون متكونون في مسألة النزاع الانتخابي، ولهذا السبب فإن هناك بين 70 و80 بالمائة من ملفات الطعن تسقط شكلا، كما أن كلفة توكيل محام يمكن أن تكون سببا في عدم لجوء المترشح للتقاضي في الطور الاستئنافي.
وأضافت الهمامي أنه لا يوجد قضاة مختصون في القضاء الانتخابي، وأشارت إلى أنه بعد تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه جعل نزاعات الترشح في طوريها الابتدائي والاستئنافي مرجع نظر القضاء الإداري فقط بعد أن كان القضاء العدلي هو الذي ينظر في نزاعات الترشح في الطور الابتدائي بينما يقتصر دور المحكمة الإدارية على النظر في الطعون في الطور الاستئنافي، أصبحت المحكمة الإدارية تهتم أكثر فأكثر بنشر ثقافة التخصص في القضاء الانتخابي وهي مسألة إيجابية.
وذكرت أنه يوجد سبب آخر يعيق المترشحين عن اللجوء إلى القضاء الإداري في الطور الاستئنافي وهو البعد الجغرافي للدوائر القضائية الاستئنافية فهذه الدوائر موجودة في العاصمة، كما أن قصر آجال تقديم ملفات الطعن يجعلهم لا يمارسون حقهم في التقاضي فمدة يومين فقط لا تسمح للمترشح بتكليف محام وعدل تنفيذ. ولاحظت ممثلة مرصد شاهد أنه لا يمكن أن ننسى أيضا أن الكثير من المترشحين غير ملمين بمادة النزاع الانتخابي فهناك منهم من لم يتفطن إلى أنه بإمكانه الطعن في قرار هيئة الانتخابيات الأولي إلا بعد انتهاء فترة تقديم الطعون.
تواصل الرصد
وقالت أحلام الهمامي إن مرصد شاهد سيواصل ملاحظة المسار الانتخابي بمختلف مراحله وسيلاحظ مرحلة نزاع الحملة الانتخابية ومرحلة نزاع النتائج. و للتذكير أشار المرصد في تقريره المتعلق بملاحظة فترة نزاع الترشح أمام القضاء الإداري الصادر أول أمس إلى وجود ضعف ثقافة الطعن لدى المترشحين للانتخابات ، وإلى اقتناع الطاعنين بالحكم الابتدائي، وكذلك إلى غياب الموارد المالية التي تسمح للمتقاضي بتكليف محام فضلا على أن النظر في الطعون في الطور الاسئنافي يتم في الدوائر الاستئنافية الموجودة في العاصمة فقط وليس في بقية الولايات. كما أشار المرصد في بيانه إلى خطورة الاخلالات القانونية التي حفت بالمسار الانتخابي وخاصة ما تعلق بعدم نشر القرار الترتيبي عدد 25 لسنة 2022 المؤرخ في 26 سبتمبر 2022 و المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات التشريعية في الرائد الرسمي إلا بعد انتهاء فترة قبول الترشحات، وقد أثير هذا الإخلال اثر صدور قرار ابتدائي عن الدائرة الابتدائية بصفاقس يوم 10 نوفمبر الجاري فالدائرة الابتدائية بصفاقس ألغت القرار الأولي عدد 61 لسنة 2022 الصادر عن مجلس الهيئة الفرعية للانتخابات بصفاقس 1بتاريخ 3 نوفمبر 2022 بسبب عدم نشر القرار الترتيبي سالف الذكر في الرائد الرسمي، ونبه المرصد إلى أن أحكام القوانين لا تكون نافذة إلا بعد نشرها بالرائد الرسمي وان هذا الإخلال الذي حصل لا يمكن تبريره بان القرار الترتيبي المذكور تم نشره بالموقع الرسمي الخاص بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ولاحظ أن مسألة عدم نشر القرار الترتيبي المتعلق بالترشحات وعدم دخوله حيز التنفيذ إلا بعد انتهاء فترة قبول الترشحات يجعل من الشروط التي وقع ضبطها لقبول الترشح بما في ذلك التزكيات غير ذات مفعول والدفع بعدم نفاذ القرار الترتيبي يمكن أن يتمسك به أطراف النزاع خلال الطور الاستئنافي كما يمكن أن تثيره المحكمة الإدارية من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام وهو ما يمكن أن يؤدي الى قبول كافة مطالب الترشح التي تم رفضها أوليا من طرف الهيئة محل النظر استئنافيا ولو كان ذلك دون استيفائها للشروط القانونية التي تضمنها القرار الترتيبي.
وفي نفس السياق نبهت شبكة مراقبون إلى تسارع وتيرة القرارات التي تمس بالمبادئ الأساسية للعملية الانتخابية من حيث الشفافية والمساواة وإلى تعدد مظاهر القصور والارتباك التي بدت على المشرفين والمتدخلين المباشرين في العملية الانتخابية بشكل جعلها تتجاوز وتتجاهل ابسط القواعد و الإجراءات القانونية وهي نشر قراراتها الترتيبية بالرائد الرسمي، وأشارت الجمعية المهتمة بملاحظة المسارات الانتخابية بدورها في بيانها الأخير إلى قرار الدائرة الابتدائية للمحكمة الإدارية بصفاقس، وبينت أن هذا القرار يدعو إلى التساؤل عن قصور الإدارة الانتخابية وعدم احترامها أبجديات القواعد القانونية المتمثلة في وجوب نشر القرارات الترتيبية لمجلس الهيئة في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الى جانب الموقع الرسمي لها فهذا ما نص عليه الفصل 19 من القانون الأساسي المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الإخلال، فالقرارين الترتيبيين الأخيرين عدد 29 و30 المتعلقين بقواعد تنظيم الحملة الانتخابية وقواعد تمويل هذه الحملة، تضمنا بدورهما العديد من القواعد المستجدة التي زادت في التضييق على المترشحين للانتخابات في خرق تام للقانون الانتخابي، حيث تم التنصيص على منع تمويل الأحزاب لمرشحيها في الانتخابات التشريعية سواء بشكل مؤسساتي أو فردي، وهو منع لم يكرسه القانون الانتخابي والمرسوم عدد 55 المنقح له، هذا المرسوم الذي ألغى التمويل العمومي. وترى شبكة مراقبون أن كل هذا يجعل قرارات الهيئة غير مبررة من الناحية القانونية خاصة وأن سلطتها الترتيبية مقيدة ولا يجب على الهيئة أن تتشدد في قراراتها الترتيبية من خلال خلق قواعد جديدة لم يقع التنصيص عليها في القانون الانتخابي و التي تمس من مبدأ المساواة بين المترشحين. وفي ظل تعدد الاخلالات وتراكمها في فترة وجيزة و أمام ضعف إدارة العملية الانتخابية من قبل جميع المتداخلين فيها ، حذرت شبكة مراقبون من أن هذه الإخلالات وهذا القصور يؤثر على المسار الانتخابي ككل وخاصة على ضمان التنافس العادل في إطار شفاف ونزيه ومفهوم من قبل كل المتدخلين في هذا المسار.
استعدادات للحملة
ولئن تعددت الخروقات والإخلالات التي رصدتها منظمات المجتمع المدني المعنية بملاحظة المسار الانتخابي فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تواصل استعداداتها لتنظيم الانتخابات التشريعية، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن مجلس الهيئة صادق أمس على القرار عدد 31 لسنة 2022 المؤرخ في 18 نوفمبر 2022 ويتعلق بتنقيح واتمام القرار عدد 8 لسنة 2018 المؤرّخ في 20 فيفري 2018 والمتعلّق بضبط القواعد والشروط التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية. وقبيل انطلاق الحملة الانتخابية ستنظم الهيئة الأسبوع القادم بمدينة الثقافة بالعاصمة، وبالقيروان وقابس لقاءات مع المترشحين وممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام، كما فتحت الهيئة باب الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع، وباب الترشح لاختيار أعوان تجميع النتائج، وقامت بنشر الأمر المتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على الحملة الانتخابية.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن القائمة النهائية للمترشحين للانتخابات التشريعية 17 ديسمبر 2022 في أجل أقصاه يوم 22 نوفمبر الجاري، وذلك مباشرة بعد انتهاء فترة نزاعات الترشح لهذه الانتخابات أمام المحكمة الإدارية في طورها الاستئنافي ويكون الحكم الاستئنافي باتا ولا يقبل أي وجه من أوجه الطعن ولو بالتعقيب وفق ما نص عليه الفصل 30 جديد من المرسوم الانتخابي الصادر منتصف سبتمبر الماضي.
وللتذكير، فقد بلغ عدد مطالب الترشح المقبولة أوليا من قبل الهيئات الفرعية للانتخابات قبل الطعن لدى القضاء الإداري 1058 مطلبا أما عدد المطالب المرفوضة أوليا فكان في حدود 363 مطلب ترشح وهو عدد كبير بالنظر إلى عدد الطعون في قرارات هذه الهيئات المرفوعة أمام القضاء في الطورين الابتدائي والاستئنافي، فالعدد الضئيل للطعون يكشف إحجام المترشحين عن ممارسة حق التقاضي الذي يخوله لهم القانون الانتخابي.
وكانت الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية أصدرت 54 حكما في الطور الأول منها أربعة أحكام فقط قضت فيها بقبول الطعن، وقد صدرت تلك الأحكام عن دوائر القصرين والمنستير وصفاقس وتونس، بينما هناك 42 حكما برفض الطعن شكلا و8 أحكام برفض الطعن أصلا، ويفترض أن تعلن المحكمة عن حصيلة التقاضي في الطور الاسئنافي، ولكن حسب ما سجله ملاحظون بمرصد شاهد، فقد تم تقديم 14 طعنا بالإسئناف في الأحكام الصادرة علن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية أي بنسبة 23 بالمائة وهي نسبة ضئيلة. فرغم أن القانون الانتخابي نص على أن جميع الأحكام الصادرة عن الدوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية يمكن أن تخضع للطعن بالاستئناف لدى الدوائر الاستئنافية بهذه المحكمة فإن ضعف عدد ملفات الطعن المرفوعة للمحكمة الإدارية في الطور الاستئنافي وحتى في الطور الابتدائي يدعو إلى التساؤل إن كان المشكل يعود إلى محدودية إلمام المترشحين بمسألة النزاع الانتخابي أم مرده عوائق موجودة في المرسوم الانتخابي نفسه من قبيل تنصيصه على أن "الطّعن يرفع من الأطراف المشمولة بالحكم الابتدائي أو من رئيس الهيئة في أجل أقصاه يومان من تاريخ الإعلام بالحكم بمقتضى عريضة كتابيّة محرّرة وجوبا من محام لدى الاستئناف أو التّعقيب وتكون معلّلة ومشفوعة بنسخة إلكترونيّة من العريضة وبالمؤيّدات وبمحضر الإعلام بالطّعن وبما يفيد تبليغها إلى الجهة أو الجهات المستأنف ضدّها بواسطة عدل تنفيذ وعلى التّنبيه عليها بضرورة تقديم ملحوظاتها مرفقة بما يفيد تبليغها للأطراف في أجل أقصاه يوم جلسة المرافعة"..
غياب الجدية والتخصص
عن هذا السؤال أجابت الأستاذة أحلام الهمامي عضوة الهيئة المديرة بمرصد شاهد وأشارت في تصريح لـ "الصباح" إلى أن السبب يعود في جزء منه إلى القانون الانتخابي بما تضمنه من مسائل إجرائية معقدة وفي جزء آخر يعود للمترشح. وذكرت أن ضعف عدد الطعون يفسر بعدم جدية المترشحين، وكذلك بعدم قدرتهم على إعداد ملف الطعن وحتى في الطور الثاني الذي يستوجب توكيل محام فإنه من الهم جدا الإشارة إلى أنه لا يوجد محامون متكونون في مسألة النزاع الانتخابي، ولهذا السبب فإن هناك بين 70 و80 بالمائة من ملفات الطعن تسقط شكلا، كما أن كلفة توكيل محام يمكن أن تكون سببا في عدم لجوء المترشح للتقاضي في الطور الاستئنافي.
وأضافت الهمامي أنه لا يوجد قضاة مختصون في القضاء الانتخابي، وأشارت إلى أنه بعد تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه جعل نزاعات الترشح في طوريها الابتدائي والاستئنافي مرجع نظر القضاء الإداري فقط بعد أن كان القضاء العدلي هو الذي ينظر في نزاعات الترشح في الطور الابتدائي بينما يقتصر دور المحكمة الإدارية على النظر في الطعون في الطور الاستئنافي، أصبحت المحكمة الإدارية تهتم أكثر فأكثر بنشر ثقافة التخصص في القضاء الانتخابي وهي مسألة إيجابية.
وذكرت أنه يوجد سبب آخر يعيق المترشحين عن اللجوء إلى القضاء الإداري في الطور الاستئنافي وهو البعد الجغرافي للدوائر القضائية الاستئنافية فهذه الدوائر موجودة في العاصمة، كما أن قصر آجال تقديم ملفات الطعن يجعلهم لا يمارسون حقهم في التقاضي فمدة يومين فقط لا تسمح للمترشح بتكليف محام وعدل تنفيذ. ولاحظت ممثلة مرصد شاهد أنه لا يمكن أن ننسى أيضا أن الكثير من المترشحين غير ملمين بمادة النزاع الانتخابي فهناك منهم من لم يتفطن إلى أنه بإمكانه الطعن في قرار هيئة الانتخابيات الأولي إلا بعد انتهاء فترة تقديم الطعون.
تواصل الرصد
وقالت أحلام الهمامي إن مرصد شاهد سيواصل ملاحظة المسار الانتخابي بمختلف مراحله وسيلاحظ مرحلة نزاع الحملة الانتخابية ومرحلة نزاع النتائج. و للتذكير أشار المرصد في تقريره المتعلق بملاحظة فترة نزاع الترشح أمام القضاء الإداري الصادر أول أمس إلى وجود ضعف ثقافة الطعن لدى المترشحين للانتخابات ، وإلى اقتناع الطاعنين بالحكم الابتدائي، وكذلك إلى غياب الموارد المالية التي تسمح للمتقاضي بتكليف محام فضلا على أن النظر في الطعون في الطور الاسئنافي يتم في الدوائر الاستئنافية الموجودة في العاصمة فقط وليس في بقية الولايات. كما أشار المرصد في بيانه إلى خطورة الاخلالات القانونية التي حفت بالمسار الانتخابي وخاصة ما تعلق بعدم نشر القرار الترتيبي عدد 25 لسنة 2022 المؤرخ في 26 سبتمبر 2022 و المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشح للانتخابات التشريعية في الرائد الرسمي إلا بعد انتهاء فترة قبول الترشحات، وقد أثير هذا الإخلال اثر صدور قرار ابتدائي عن الدائرة الابتدائية بصفاقس يوم 10 نوفمبر الجاري فالدائرة الابتدائية بصفاقس ألغت القرار الأولي عدد 61 لسنة 2022 الصادر عن مجلس الهيئة الفرعية للانتخابات بصفاقس 1بتاريخ 3 نوفمبر 2022 بسبب عدم نشر القرار الترتيبي سالف الذكر في الرائد الرسمي، ونبه المرصد إلى أن أحكام القوانين لا تكون نافذة إلا بعد نشرها بالرائد الرسمي وان هذا الإخلال الذي حصل لا يمكن تبريره بان القرار الترتيبي المذكور تم نشره بالموقع الرسمي الخاص بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ولاحظ أن مسألة عدم نشر القرار الترتيبي المتعلق بالترشحات وعدم دخوله حيز التنفيذ إلا بعد انتهاء فترة قبول الترشحات يجعل من الشروط التي وقع ضبطها لقبول الترشح بما في ذلك التزكيات غير ذات مفعول والدفع بعدم نفاذ القرار الترتيبي يمكن أن يتمسك به أطراف النزاع خلال الطور الاستئنافي كما يمكن أن تثيره المحكمة الإدارية من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام وهو ما يمكن أن يؤدي الى قبول كافة مطالب الترشح التي تم رفضها أوليا من طرف الهيئة محل النظر استئنافيا ولو كان ذلك دون استيفائها للشروط القانونية التي تضمنها القرار الترتيبي.
وفي نفس السياق نبهت شبكة مراقبون إلى تسارع وتيرة القرارات التي تمس بالمبادئ الأساسية للعملية الانتخابية من حيث الشفافية والمساواة وإلى تعدد مظاهر القصور والارتباك التي بدت على المشرفين والمتدخلين المباشرين في العملية الانتخابية بشكل جعلها تتجاوز وتتجاهل ابسط القواعد و الإجراءات القانونية وهي نشر قراراتها الترتيبية بالرائد الرسمي، وأشارت الجمعية المهتمة بملاحظة المسارات الانتخابية بدورها في بيانها الأخير إلى قرار الدائرة الابتدائية للمحكمة الإدارية بصفاقس، وبينت أن هذا القرار يدعو إلى التساؤل عن قصور الإدارة الانتخابية وعدم احترامها أبجديات القواعد القانونية المتمثلة في وجوب نشر القرارات الترتيبية لمجلس الهيئة في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية الى جانب الموقع الرسمي لها فهذا ما نص عليه الفصل 19 من القانون الأساسي المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الإخلال، فالقرارين الترتيبيين الأخيرين عدد 29 و30 المتعلقين بقواعد تنظيم الحملة الانتخابية وقواعد تمويل هذه الحملة، تضمنا بدورهما العديد من القواعد المستجدة التي زادت في التضييق على المترشحين للانتخابات في خرق تام للقانون الانتخابي، حيث تم التنصيص على منع تمويل الأحزاب لمرشحيها في الانتخابات التشريعية سواء بشكل مؤسساتي أو فردي، وهو منع لم يكرسه القانون الانتخابي والمرسوم عدد 55 المنقح له، هذا المرسوم الذي ألغى التمويل العمومي. وترى شبكة مراقبون أن كل هذا يجعل قرارات الهيئة غير مبررة من الناحية القانونية خاصة وأن سلطتها الترتيبية مقيدة ولا يجب على الهيئة أن تتشدد في قراراتها الترتيبية من خلال خلق قواعد جديدة لم يقع التنصيص عليها في القانون الانتخابي و التي تمس من مبدأ المساواة بين المترشحين. وفي ظل تعدد الاخلالات وتراكمها في فترة وجيزة و أمام ضعف إدارة العملية الانتخابية من قبل جميع المتداخلين فيها ، حذرت شبكة مراقبون من أن هذه الإخلالات وهذا القصور يؤثر على المسار الانتخابي ككل وخاصة على ضمان التنافس العادل في إطار شفاف ونزيه ومفهوم من قبل كل المتدخلين في هذا المسار.
استعدادات للحملة
ولئن تعددت الخروقات والإخلالات التي رصدتها منظمات المجتمع المدني المعنية بملاحظة المسار الانتخابي فإن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تواصل استعداداتها لتنظيم الانتخابات التشريعية، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن مجلس الهيئة صادق أمس على القرار عدد 31 لسنة 2022 المؤرخ في 18 نوفمبر 2022 ويتعلق بتنقيح واتمام القرار عدد 8 لسنة 2018 المؤرّخ في 20 فيفري 2018 والمتعلّق بضبط القواعد والشروط التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية. وقبيل انطلاق الحملة الانتخابية ستنظم الهيئة الأسبوع القادم بمدينة الثقافة بالعاصمة، وبالقيروان وقابس لقاءات مع المترشحين وممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام، كما فتحت الهيئة باب الترشح لعضوية مكاتب الاقتراع، وباب الترشح لاختيار أعوان تجميع النتائج، وقامت بنشر الأمر المتعلق بتحديد السقف الجملي للإنفاق على الحملة الانتخابية.