قد يتساءل كثيرون هل عادت جائحة كورونا إلى مدينة صفاقس؟ فحيثما ولّيت وجهك قبل وسط المدينة أو شطر أحوازها ترى المواطنات والمواطنين يلبسون الكمامة. لا لم تعد. إنّه لظى النّار تلهّب في كلّ شبر من مدينة صفاقس تقطع الأنفاس. عاصمة الجنوب أصبحت عاصمة الأعفان. الدّيدان تأكلها. الأفاعي تلسعها. النيران تلتهم أسوارها التي قاومت الأعداء الغاشمين. يهرع المواطنون والمواطنات إلى مساكنهم. يغلّقون نوافذها وأبوابها. يطمرون أنفسهم.
بلغ الصّبر منتهاه بأهالي مدينة صفاقس وضواحيها بسبب ما يتعرضون له منذ أكثر من سنة من كارثة بيئيّة وصلت بهم إلى حدّ صعوبة التنفس والاختناق. وتتوالى الحرائق ليلا نهارا في الآونة الأخيرة خاصّة بعد أن أضرمت الأيادي الإجرامية الخبيثة النيران في أكداس القمامة المبثوثة وسط المدينة العتيقة وباب البحر وعلى امتداد الطّرقات والشوارع والأنهج والأزقة. تحوّلت نداءات الاستغاثة المتكرّرة إلى السّلط الجهوية والمركزية. ولكن لم يُعرف لأيّ منها صدى في غالب الأوقات. واكتفت وزيرة البيئة بتقديم ردود لا تخلو من التّسويف والمماطلة وذرّ الرّماد على العيون من وقت إلى آخر.
وقد تقرّر يوم غضب بمدينة صفاقس بتاريخ الخميس 17 نوفمبر 2022 نفّذته عديد الأطراف. فكان تجمّع عمّاليّ منذ السّاعة الثامنة صباحا أمام مقرّ الولاية تحت يافطة المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس. وأنجز الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس والمجتمع المدني وقفة احتجاجيّة في اليوم نفسه أمام مقرّ بلدية صفاقس الكبرى.
وقد ندّد جميع الأطراف بتراخي السّلط الجهوية والمركزية وعلى رأسهم وزارة البيئة. واستنكروا عدم الجدية في تناول المسألة والتّلكؤ في إيجاد الحلول لهذه المعضلة البيئيّة التي استفحلت وعظمت وأضحت تهدّد صحّة المواطنات والمواطنين لاسيّما منهم المصابين بالأمراض الصّدرية وأمراض المناعة والعيون. ودعا بعضهم المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات التّشريعيّة القادمة. فيما حرّر المجتمع المدني عريضة تطالب بإقالة والي الجهة.
ولا بد أن نسجّل أنّ خروج المواطنات والمواطنين في مدينة صفاقس وما جاورها احتجاجا على الجريمة البيئيّة التي تُرتكب في حقّهم منذ أكثر من سنة حقّ مشروع يكفله الدستور. وهي ممارسة تشفّ عن الوعي بالحقّ في العيش في بيئة سليمة. وبهذا الحقّ تتحقّق المواطنة.
إلاّ أنّ الذي شدّ انتباهنا غياب التّنسيق في تنظيم الاحتجاجات واختلاف أصحاب القرار حول مكانها وزمانها. ويبدو أنّ داء الزّعامة والنرجسية جزء لا يتجزأ من المشكلة البيئيّة في صفاقس. لكنّ هذا لا يمنع العديد من المواطنات والمواطنين من طرح الأسئلة الحارقة والمركزيّة التالية:
أين تنقل نفايات صفاقس منذ ثلاثة أيام؟
من له مصلحة في إشعال صفاقس؟
من له مصلحة في تحريك الشارع الصفاقسي الٱن؟
ما هي الحلول البديلة التي يرفعها المحتجون في معالجة الأزمة البيئيّة المستفحلة في صفاقس؟
*أستاذ متقاعد
بقلم: مصدّق الشّريف(*)
قد يتساءل كثيرون هل عادت جائحة كورونا إلى مدينة صفاقس؟ فحيثما ولّيت وجهك قبل وسط المدينة أو شطر أحوازها ترى المواطنات والمواطنين يلبسون الكمامة. لا لم تعد. إنّه لظى النّار تلهّب في كلّ شبر من مدينة صفاقس تقطع الأنفاس. عاصمة الجنوب أصبحت عاصمة الأعفان. الدّيدان تأكلها. الأفاعي تلسعها. النيران تلتهم أسوارها التي قاومت الأعداء الغاشمين. يهرع المواطنون والمواطنات إلى مساكنهم. يغلّقون نوافذها وأبوابها. يطمرون أنفسهم.
بلغ الصّبر منتهاه بأهالي مدينة صفاقس وضواحيها بسبب ما يتعرضون له منذ أكثر من سنة من كارثة بيئيّة وصلت بهم إلى حدّ صعوبة التنفس والاختناق. وتتوالى الحرائق ليلا نهارا في الآونة الأخيرة خاصّة بعد أن أضرمت الأيادي الإجرامية الخبيثة النيران في أكداس القمامة المبثوثة وسط المدينة العتيقة وباب البحر وعلى امتداد الطّرقات والشوارع والأنهج والأزقة. تحوّلت نداءات الاستغاثة المتكرّرة إلى السّلط الجهوية والمركزية. ولكن لم يُعرف لأيّ منها صدى في غالب الأوقات. واكتفت وزيرة البيئة بتقديم ردود لا تخلو من التّسويف والمماطلة وذرّ الرّماد على العيون من وقت إلى آخر.
وقد تقرّر يوم غضب بمدينة صفاقس بتاريخ الخميس 17 نوفمبر 2022 نفّذته عديد الأطراف. فكان تجمّع عمّاليّ منذ السّاعة الثامنة صباحا أمام مقرّ الولاية تحت يافطة المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس. وأنجز الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بصفاقس والمجتمع المدني وقفة احتجاجيّة في اليوم نفسه أمام مقرّ بلدية صفاقس الكبرى.
وقد ندّد جميع الأطراف بتراخي السّلط الجهوية والمركزية وعلى رأسهم وزارة البيئة. واستنكروا عدم الجدية في تناول المسألة والتّلكؤ في إيجاد الحلول لهذه المعضلة البيئيّة التي استفحلت وعظمت وأضحت تهدّد صحّة المواطنات والمواطنين لاسيّما منهم المصابين بالأمراض الصّدرية وأمراض المناعة والعيون. ودعا بعضهم المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات التّشريعيّة القادمة. فيما حرّر المجتمع المدني عريضة تطالب بإقالة والي الجهة.
ولا بد أن نسجّل أنّ خروج المواطنات والمواطنين في مدينة صفاقس وما جاورها احتجاجا على الجريمة البيئيّة التي تُرتكب في حقّهم منذ أكثر من سنة حقّ مشروع يكفله الدستور. وهي ممارسة تشفّ عن الوعي بالحقّ في العيش في بيئة سليمة. وبهذا الحقّ تتحقّق المواطنة.
إلاّ أنّ الذي شدّ انتباهنا غياب التّنسيق في تنظيم الاحتجاجات واختلاف أصحاب القرار حول مكانها وزمانها. ويبدو أنّ داء الزّعامة والنرجسية جزء لا يتجزأ من المشكلة البيئيّة في صفاقس. لكنّ هذا لا يمنع العديد من المواطنات والمواطنين من طرح الأسئلة الحارقة والمركزيّة التالية:
أين تنقل نفايات صفاقس منذ ثلاثة أيام؟
من له مصلحة في إشعال صفاقس؟
من له مصلحة في تحريك الشارع الصفاقسي الٱن؟
ما هي الحلول البديلة التي يرفعها المحتجون في معالجة الأزمة البيئيّة المستفحلة في صفاقس؟