مليارات تتبخر بشكل يكاد يكون يومي من حسابات حرفاء في فروع بنكية ومكاتب بريدية، ففي الوقت الذي يختار الحريف بنكا أو بريدا يودع فيه أمواله ليكتشف لاحقا أن المكان الذي ائتمن فيه على ماله ليس آمنا وأن امواله تبخرت من حسابه ومن هناك تنطلق رحلته في ملاحقته لرصيده الذي تبخر في جيوب بعض المسؤولين الفاسدين، يتلاعبون بالبيانات ويغيرون في المعطيات والتواريخ لاختلاس اموال الحرفاء وبالتالي المال العام.
عمليات اختلاس تكاد تكون يومية وآخرها رئيس فرع بنكي اختلس مليار ونصف، وقد تمكنت الإدارة الفرعية للأبحاث الإقتصادية والمالية بالقرجاني أمس الأول على إثر تعهدها بالبحث في شكاية تتعلق بأحد البنوك التونسية مثارة ضد أحد رؤساء الفروع التابعة لها بجهة بن عروس تعمد الى التلاعب ببيانات حسابات التوظيف الخاصة بالحرفاء والإستلاء على مبالغ مالية ناهزت مبدئيا 1،5 مليار والرقم قابل للارتفاع وبعد تحريات دقيقة أمكن تحديد مكان تواجد رئيس الفرع البنكي وضبطه بجهة ضفاف البحيرة وبتفتيش سيارته وقع حجز مبلغ مالي قدره 25 ألف دينار وأكياس بلاستيكية صغيرة تحتوي على مخدر الكوكايين وقطعتين من مخدر الزطلة.
وبالتنسيق مع النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بمدير الفرع البنكي من أجل الاستيلاء على أموال بنك عمومي والخيانة الموصوفة وحجز المخدرات والسيارة ومواصلة البحث لتحديد المبالغ المالية المنهوبة إلى جانب قضية المسك والحيازة والاستهلاك لمادة مخدرة مدرجة بالجدول "ب".
عملية اختلاس ثانية تم الكشف عنها أثناء قيام الممثل القانوني لبنك انطلقت بإجراء عملية مراقبة دورية بفرع بجهة باردو وحي الانطلاقة وتم اكتشاف تلاعب واستيلاءات على أموال حرفاء من حساباتهم ومن الموزعين الآليين التابعين للفرعين من قبل رئيس الفرع خلال فترة إشرافه عليهما والتي ناهزت 380 ألف دينار.
وبإحضار المشتكى به وسماعه ومجابهته بالأدلة التي تم حجزها على ذمة البحث اعترف باستيلائه على أموال الحرفاء في حدود 480 ألف دينار وذلك على مراحل منذ سنة 2020 من خلال سحب أموال من الحسابات ومن خزنة الموزع الآلي بالفرعين واستغلالها في ألعاب القمار على شبكة الأنترنيت.
وبتفتيش سيارته أمكن العثور على 04 بطاقات بنكية مسبوقة الدفع والتي استغلها في عمليات شحن رصيدها بالأموال المستولى عليها واستغلالها في القمار الالكتروني والتي تم حجزها على ذمة البحث ووثائق حسابات بنكية. كما تمكن أعوان الإدارة الفرعية للأبحاث المالية والاقتصادية بإدارة الشرطة العدلية، بالاحتفاظ بمدير فرع بنك عمومي قام بتغيير بيانات حسابات التوظيف الخاصّة بالحرفاء مع إجراء عمليات سحب مشبوهة والاستيلاء على أموال البنك وحرفائه، والتي ناهزت حوالي 1.5 مليون دينار.
رئيسة فرع بنكي تستولي على مليار..
وفي وقت سابق تعهدت مصالح الشرطة العدلية ببنزرت بالبحث والتقصي في قضية اختلاس أموال من قبل رئيسة فرع بنكى يقع في مدينة بنزرت من رصيد خمسة حرفاء.
وقد توصلت الأبحاث الى تعمد رئيسة الفرع البنكي المذكور اختلاس ما قدره مليار من رصيد خمسة حرفاء ينتمون لعائلة واحدة والفرار نحو فرنسا، حيث عمدت إلى إقناع حريفة تحمل توكيلا يسمح لها بالتصرف في أموال اشقائها الخمسة المقيمين بالخارج (التصرف في دفاتر ادخارهم)، بتجميد ما قيمته مليون دينار بزعم الحصول على الأرباح السنوية، لكنها في المقابل عمدت إلى اختلاس الأموال على مراحل وبالبحث مع أفراد عائلة الحريفة أكدوا أنّ لا علم لهم بالأمر، كما أنهم لم يتمتعوا بأي مدخول اضافي وقد تم إدراجها بالتفتيش عن طريق الانتربول.
كما تعهّدت الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية بإدارة الشرطة العدلية بالبحث في موضوع “الاستيلاء على أموال مؤسّسة بنكية، المتضرّر فيها إحدى الفروع البنكية بتونس العاصمة، وبتعميق التحرّيات تبيّن أنّ رئيس الفرع البنكي تولّى رفقة القابض بذات الفرع الاستيلاء على أموال الحرفاء والتلاعب بحساباتهم بوثيقة مدلّسة وتحرير وثائق أخرى دون علم أصحابها.
وقد بلغت قيمة المبالغ التي تمّت سرقتها حوالي 350 ألف دينار.
استلاءات من البريد..
البريد مثل البنوك لم يسلم من الاختلاسات وآخرها شكاية رفعتها إمرأة ضد رئيس مكتب بريد سابق بجهة قليبية وذلك على اثر تفطنها باختلاس مبلغ مالي قدره حوالي 17000 دينار من حسابها الشخصي وقالت إنها منذ تولت فتحه لم تقم بأية عملية سحب، كما تم إعلامها أنها تولت استخراج دفتر ادخار مماثل منذ شهر جوان 2022 ممضى من قبل رئيس مكتب بريد سابق ومع ربط الصلة به طلب منها عدم تقديم شكاية في الغرض مقابل تمكينها من مبلغ مالي قدره 16000 دينار، إلا أنها رفضت لاسيما أنها تعرضت في نفس الفترة الى سرقة كمية هامة من مصوغها من نفس المكان التي أودعت به دفتر ادخارها وبطاقة تعريفها الوطنية ورجحت أن من استولى على أموالها هو نفس مرتكب عملية السرقة.
وبالتحري مع رئيس مكتب البريد السابق أفاد أنه بالفعل قام بفتح حساب ثان للضحية بطلب من امرأة أخرى انتحلت صفتها والتي تبين أنها زوجة شقيقها مؤكدا عدم تفطنه لذلك وقد مكنها في عديد المناسبات من مبالغ مالية متفاوتة دون تواطئه معها.
وبسماع زوجة شقيقها أفادت أنها تولت فعلا استخراج دفتر ادخار ثاني بطلب من الضحية وتولت القيام بعمليات سحب أموال دون أن يتم التفطن لها من قبل عون النوافذ بمكتب البريد نافية تواطؤ رئيس المكتب معها.
اختلاسات من نوع خاص..
عملية اختلاس أخرى جدت بأحد فروع البريد بالمهدية حيث كان رئيس مكتب البريد يقوم بالاستيلاء على اموال فئة معينة من الحرفاء ممن لا يراجعون حساباتهم ليوظفها في التجارة بمساعدة أحد التجار.
وقد اعترف رئيس فرع المكتب البريدي بفعلته وأقر أن رئيس فرع بريدي آخر من ساعده وكان وسيطا بينه وبين التاجر، وقد قدر المبلغ المستولى عليه ب250 ألف دينار.
محاولة فرار..
خلال شهر اوت الماضي عمد رئيس مركز بريد بولاية سليانة الى اختلاس مبلغ مالي هام و تحصن بالفرار، وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة من قبل فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني ببنعروس وتعقب تحركاته وعلاقاته توفرت معلومات مؤكدة عن تواجده لدى احد معارفه بجهة البساتين بومهل، وبناءً على ذلك تمّ التعرف على هويته وهوية صديقه وتمّت عملية الرصد والمتابعة، إلى حين التعرف على محل السكنى مكان اختفائه.
وبعد استشارة النيابة العمومية ببن عروس تمّت مداهمة المنزل، أين أمكن إلقاء القبض على رئيس مكتب البريد رفقة صديقه وشخص آخر وسيط في اجتياز الحدود البحرية خلسة وبتفتيش المنزل تمّ العثور على مبلغ مالي هام من بين المبلغ المختلس من مركز البريد وشارة عبور الموانئ التونسية تابعة لشركة تونسية معروفة وتحمل بيانات وصورته كان سيعتمدها في الفرار خارج أرض الوطن على متن إحدى البواخر قام بافتعالها صديق له قاطن بجهة المروجات مقابل مبلغ مالي قدره 16 ألف دينار.
باحث في القانون لـ"الصباح" : يجب إعادة النظر في العقوبات المتعلقة بسرقة المال العام..ومصادرة املاك الموظف العمومي بعد صدور الحكم ضرورية
الباحث في القانون والمحامي علي البدوي تحدث لـ"الصباح" عن الاختلاسات من مكاتب البريد والفروع البنكية وبين أن الاستيلاء هو أخذ المال العام للدولة بواسطة من كان مسؤولا عن حماية ذلك المال أي أن يكون تحت رقابته وهو الذي يتصرف في ذلك المال بحكم وظيفه والاستيلاء سواء كان عنوة أو دون وجه حق لمجرد استغلال نفوذ بحكم وظيفة تسهل له طريقة مال الدولة يعني الاستيلاء واخفاء المال أو تهريبه.
وأضاف الاستاذ البدوي أن جريمة اختلاس المال العام تفترض قانونا أربع أركان، الركن الاول المتعلق بصفة الجاني حيث يجب أن يكون موظفا أو شبه موظف، أما الركن المادي للجريمة فهو المال الذي يتم اختلاسه والذي يتحكم فيه بحكم وظيفه، أما الركن المعنوي فهو اتجاه نيته الى الاستيلاء على ذلك المال وعدم رده نهائيا.
وأوضح محدثنا ان المجلة الجزائية نظمت عقوبة اختلاس المال العام بالفصول، 95 و97 و97 مكرر و98 من المجلة، وبالنسبة للفصل 95 فقد بين أن كل موظف عمومي أو كل شخص مسؤول عن أموال تحت يده سواء كان موظفا أو مديرا ويقبل اخذ هذا المال لنفسه أو يقبض شيئا من المال مقابل تصريفه للمال المسؤول عنه يعاقب بالسجن مدة 15 عاما مع دفع غرامة مالية تساوي المبلغ المستولى عليه بينما جاء بالفصل 97 من نفس المجلة أن كل شخص اختلس مالا أو ربحا لنفسه أو لغيره مستغلا مسؤوليته عنه أو مكلفا بحمايته أن يعاقب بالسحن مدة خمس سنوات وغرامة مالية تساوي المال المختلس.
بينما ينص الفصل 97 مكرر على أن كل موظف أو شخص تعمد سواء في حالة المباشرة بحكم مهامه ووظيفته أو كان مكلفا بإبرام العقود معها بأخذ شيء من مالها يعاقب بالسجن ثلاث سنوات وغرامة مالية تقدر بثلاثة آلاف دينار.
واعتبر الاستاذ البدوي أنه رغم أن هذه العقوبات تظهر شديدة لردع قضايا الاختلاس والمختلسين في تونس خاصة وأنه تفاقمت في الآونة الأخيرة الا ان الموظفين والمسؤولين عن المال العمومي يواصلون في سرقة المال العام غير عابئين بقوة القانون الزجري وهو ما يستوجب اعادة النظر في تنظيم هذه العقوبة خاصة أنه بعد الثورة تمت احالة عدد كبير من المسؤولين والوزراء على الفصل 96 والذي ينص على جرائم استغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره وهي جريمة استغلال الصفة للاضرار بالادارة وردت تحت باب الاختلاس من طرف الموظفين وأشباههم وهو ما يحيل الى مزيد تنقيح هذا الفصل خاصة وأن الدولة التونسية جاءت بقانون الصلح الجزائي لأن الفائدة الأساسية هي أولا المحافظة على المال وخاصة ارجاع ذلك المال باعتبار أن العقوبة السجنية ولئن كانت ضرورية ورادعة إلا أن المدة المحكوم بها يجب ان يتم ربطها باسترجاع كامل المال المستولى عليه لان الموظف الذي يستولي على مال ويقضي العقوبة السجنية بعد أن يقوم بتهريب ذلك المال ويكون في مؤسسة سجنية يكلف على الدولة التونسية يوميا خمسون دينارا حسب اخر احصائيات ولا يقوم بارجاع ذلك المال فيتجه لمزيد الشدة والصرامة في العقوبة كأن يتم تحويل الخطية المالية الى تنفيذ جبري.
اضافة الى وجود مصادرة املاك الموظف العمومي او شبهه بعد صدور حكم بالادانة حتى تضمن الدولة المحافظة على أموالها بشتى الطرق وذلك موكول للمكلف العام في حق الدولة التونسية حتى يكون هناك عقاب جزائي رادع يتماشى وخطورة الجرم المرتكب.
مفيدة القيزاني
تونس-الصباح
مليارات تتبخر بشكل يكاد يكون يومي من حسابات حرفاء في فروع بنكية ومكاتب بريدية، ففي الوقت الذي يختار الحريف بنكا أو بريدا يودع فيه أمواله ليكتشف لاحقا أن المكان الذي ائتمن فيه على ماله ليس آمنا وأن امواله تبخرت من حسابه ومن هناك تنطلق رحلته في ملاحقته لرصيده الذي تبخر في جيوب بعض المسؤولين الفاسدين، يتلاعبون بالبيانات ويغيرون في المعطيات والتواريخ لاختلاس اموال الحرفاء وبالتالي المال العام.
عمليات اختلاس تكاد تكون يومية وآخرها رئيس فرع بنكي اختلس مليار ونصف، وقد تمكنت الإدارة الفرعية للأبحاث الإقتصادية والمالية بالقرجاني أمس الأول على إثر تعهدها بالبحث في شكاية تتعلق بأحد البنوك التونسية مثارة ضد أحد رؤساء الفروع التابعة لها بجهة بن عروس تعمد الى التلاعب ببيانات حسابات التوظيف الخاصة بالحرفاء والإستلاء على مبالغ مالية ناهزت مبدئيا 1،5 مليار والرقم قابل للارتفاع وبعد تحريات دقيقة أمكن تحديد مكان تواجد رئيس الفرع البنكي وضبطه بجهة ضفاف البحيرة وبتفتيش سيارته وقع حجز مبلغ مالي قدره 25 ألف دينار وأكياس بلاستيكية صغيرة تحتوي على مخدر الكوكايين وقطعتين من مخدر الزطلة.
وبالتنسيق مع النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بمدير الفرع البنكي من أجل الاستيلاء على أموال بنك عمومي والخيانة الموصوفة وحجز المخدرات والسيارة ومواصلة البحث لتحديد المبالغ المالية المنهوبة إلى جانب قضية المسك والحيازة والاستهلاك لمادة مخدرة مدرجة بالجدول "ب".
عملية اختلاس ثانية تم الكشف عنها أثناء قيام الممثل القانوني لبنك انطلقت بإجراء عملية مراقبة دورية بفرع بجهة باردو وحي الانطلاقة وتم اكتشاف تلاعب واستيلاءات على أموال حرفاء من حساباتهم ومن الموزعين الآليين التابعين للفرعين من قبل رئيس الفرع خلال فترة إشرافه عليهما والتي ناهزت 380 ألف دينار.
وبإحضار المشتكى به وسماعه ومجابهته بالأدلة التي تم حجزها على ذمة البحث اعترف باستيلائه على أموال الحرفاء في حدود 480 ألف دينار وذلك على مراحل منذ سنة 2020 من خلال سحب أموال من الحسابات ومن خزنة الموزع الآلي بالفرعين واستغلالها في ألعاب القمار على شبكة الأنترنيت.
وبتفتيش سيارته أمكن العثور على 04 بطاقات بنكية مسبوقة الدفع والتي استغلها في عمليات شحن رصيدها بالأموال المستولى عليها واستغلالها في القمار الالكتروني والتي تم حجزها على ذمة البحث ووثائق حسابات بنكية. كما تمكن أعوان الإدارة الفرعية للأبحاث المالية والاقتصادية بإدارة الشرطة العدلية، بالاحتفاظ بمدير فرع بنك عمومي قام بتغيير بيانات حسابات التوظيف الخاصّة بالحرفاء مع إجراء عمليات سحب مشبوهة والاستيلاء على أموال البنك وحرفائه، والتي ناهزت حوالي 1.5 مليون دينار.
رئيسة فرع بنكي تستولي على مليار..
وفي وقت سابق تعهدت مصالح الشرطة العدلية ببنزرت بالبحث والتقصي في قضية اختلاس أموال من قبل رئيسة فرع بنكى يقع في مدينة بنزرت من رصيد خمسة حرفاء.
وقد توصلت الأبحاث الى تعمد رئيسة الفرع البنكي المذكور اختلاس ما قدره مليار من رصيد خمسة حرفاء ينتمون لعائلة واحدة والفرار نحو فرنسا، حيث عمدت إلى إقناع حريفة تحمل توكيلا يسمح لها بالتصرف في أموال اشقائها الخمسة المقيمين بالخارج (التصرف في دفاتر ادخارهم)، بتجميد ما قيمته مليون دينار بزعم الحصول على الأرباح السنوية، لكنها في المقابل عمدت إلى اختلاس الأموال على مراحل وبالبحث مع أفراد عائلة الحريفة أكدوا أنّ لا علم لهم بالأمر، كما أنهم لم يتمتعوا بأي مدخول اضافي وقد تم إدراجها بالتفتيش عن طريق الانتربول.
كما تعهّدت الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية بإدارة الشرطة العدلية بالبحث في موضوع “الاستيلاء على أموال مؤسّسة بنكية، المتضرّر فيها إحدى الفروع البنكية بتونس العاصمة، وبتعميق التحرّيات تبيّن أنّ رئيس الفرع البنكي تولّى رفقة القابض بذات الفرع الاستيلاء على أموال الحرفاء والتلاعب بحساباتهم بوثيقة مدلّسة وتحرير وثائق أخرى دون علم أصحابها.
وقد بلغت قيمة المبالغ التي تمّت سرقتها حوالي 350 ألف دينار.
استلاءات من البريد..
البريد مثل البنوك لم يسلم من الاختلاسات وآخرها شكاية رفعتها إمرأة ضد رئيس مكتب بريد سابق بجهة قليبية وذلك على اثر تفطنها باختلاس مبلغ مالي قدره حوالي 17000 دينار من حسابها الشخصي وقالت إنها منذ تولت فتحه لم تقم بأية عملية سحب، كما تم إعلامها أنها تولت استخراج دفتر ادخار مماثل منذ شهر جوان 2022 ممضى من قبل رئيس مكتب بريد سابق ومع ربط الصلة به طلب منها عدم تقديم شكاية في الغرض مقابل تمكينها من مبلغ مالي قدره 16000 دينار، إلا أنها رفضت لاسيما أنها تعرضت في نفس الفترة الى سرقة كمية هامة من مصوغها من نفس المكان التي أودعت به دفتر ادخارها وبطاقة تعريفها الوطنية ورجحت أن من استولى على أموالها هو نفس مرتكب عملية السرقة.
وبالتحري مع رئيس مكتب البريد السابق أفاد أنه بالفعل قام بفتح حساب ثان للضحية بطلب من امرأة أخرى انتحلت صفتها والتي تبين أنها زوجة شقيقها مؤكدا عدم تفطنه لذلك وقد مكنها في عديد المناسبات من مبالغ مالية متفاوتة دون تواطئه معها.
وبسماع زوجة شقيقها أفادت أنها تولت فعلا استخراج دفتر ادخار ثاني بطلب من الضحية وتولت القيام بعمليات سحب أموال دون أن يتم التفطن لها من قبل عون النوافذ بمكتب البريد نافية تواطؤ رئيس المكتب معها.
اختلاسات من نوع خاص..
عملية اختلاس أخرى جدت بأحد فروع البريد بالمهدية حيث كان رئيس مكتب البريد يقوم بالاستيلاء على اموال فئة معينة من الحرفاء ممن لا يراجعون حساباتهم ليوظفها في التجارة بمساعدة أحد التجار.
وقد اعترف رئيس فرع المكتب البريدي بفعلته وأقر أن رئيس فرع بريدي آخر من ساعده وكان وسيطا بينه وبين التاجر، وقد قدر المبلغ المستولى عليه ب250 ألف دينار.
محاولة فرار..
خلال شهر اوت الماضي عمد رئيس مركز بريد بولاية سليانة الى اختلاس مبلغ مالي هام و تحصن بالفرار، وبإيلاء الموضوع الأهمية اللازمة من قبل فرقة الابحاث والتفتيش للحرس الوطني ببنعروس وتعقب تحركاته وعلاقاته توفرت معلومات مؤكدة عن تواجده لدى احد معارفه بجهة البساتين بومهل، وبناءً على ذلك تمّ التعرف على هويته وهوية صديقه وتمّت عملية الرصد والمتابعة، إلى حين التعرف على محل السكنى مكان اختفائه.
وبعد استشارة النيابة العمومية ببن عروس تمّت مداهمة المنزل، أين أمكن إلقاء القبض على رئيس مكتب البريد رفقة صديقه وشخص آخر وسيط في اجتياز الحدود البحرية خلسة وبتفتيش المنزل تمّ العثور على مبلغ مالي هام من بين المبلغ المختلس من مركز البريد وشارة عبور الموانئ التونسية تابعة لشركة تونسية معروفة وتحمل بيانات وصورته كان سيعتمدها في الفرار خارج أرض الوطن على متن إحدى البواخر قام بافتعالها صديق له قاطن بجهة المروجات مقابل مبلغ مالي قدره 16 ألف دينار.
باحث في القانون لـ"الصباح" : يجب إعادة النظر في العقوبات المتعلقة بسرقة المال العام..ومصادرة املاك الموظف العمومي بعد صدور الحكم ضرورية
الباحث في القانون والمحامي علي البدوي تحدث لـ"الصباح" عن الاختلاسات من مكاتب البريد والفروع البنكية وبين أن الاستيلاء هو أخذ المال العام للدولة بواسطة من كان مسؤولا عن حماية ذلك المال أي أن يكون تحت رقابته وهو الذي يتصرف في ذلك المال بحكم وظيفه والاستيلاء سواء كان عنوة أو دون وجه حق لمجرد استغلال نفوذ بحكم وظيفة تسهل له طريقة مال الدولة يعني الاستيلاء واخفاء المال أو تهريبه.
وأضاف الاستاذ البدوي أن جريمة اختلاس المال العام تفترض قانونا أربع أركان، الركن الاول المتعلق بصفة الجاني حيث يجب أن يكون موظفا أو شبه موظف، أما الركن المادي للجريمة فهو المال الذي يتم اختلاسه والذي يتحكم فيه بحكم وظيفه، أما الركن المعنوي فهو اتجاه نيته الى الاستيلاء على ذلك المال وعدم رده نهائيا.
وأوضح محدثنا ان المجلة الجزائية نظمت عقوبة اختلاس المال العام بالفصول، 95 و97 و97 مكرر و98 من المجلة، وبالنسبة للفصل 95 فقد بين أن كل موظف عمومي أو كل شخص مسؤول عن أموال تحت يده سواء كان موظفا أو مديرا ويقبل اخذ هذا المال لنفسه أو يقبض شيئا من المال مقابل تصريفه للمال المسؤول عنه يعاقب بالسجن مدة 15 عاما مع دفع غرامة مالية تساوي المبلغ المستولى عليه بينما جاء بالفصل 97 من نفس المجلة أن كل شخص اختلس مالا أو ربحا لنفسه أو لغيره مستغلا مسؤوليته عنه أو مكلفا بحمايته أن يعاقب بالسحن مدة خمس سنوات وغرامة مالية تساوي المال المختلس.
بينما ينص الفصل 97 مكرر على أن كل موظف أو شخص تعمد سواء في حالة المباشرة بحكم مهامه ووظيفته أو كان مكلفا بإبرام العقود معها بأخذ شيء من مالها يعاقب بالسجن ثلاث سنوات وغرامة مالية تقدر بثلاثة آلاف دينار.
واعتبر الاستاذ البدوي أنه رغم أن هذه العقوبات تظهر شديدة لردع قضايا الاختلاس والمختلسين في تونس خاصة وأنه تفاقمت في الآونة الأخيرة الا ان الموظفين والمسؤولين عن المال العمومي يواصلون في سرقة المال العام غير عابئين بقوة القانون الزجري وهو ما يستوجب اعادة النظر في تنظيم هذه العقوبة خاصة أنه بعد الثورة تمت احالة عدد كبير من المسؤولين والوزراء على الفصل 96 والذي ينص على جرائم استغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره وهي جريمة استغلال الصفة للاضرار بالادارة وردت تحت باب الاختلاس من طرف الموظفين وأشباههم وهو ما يحيل الى مزيد تنقيح هذا الفصل خاصة وأن الدولة التونسية جاءت بقانون الصلح الجزائي لأن الفائدة الأساسية هي أولا المحافظة على المال وخاصة ارجاع ذلك المال باعتبار أن العقوبة السجنية ولئن كانت ضرورية ورادعة إلا أن المدة المحكوم بها يجب ان يتم ربطها باسترجاع كامل المال المستولى عليه لان الموظف الذي يستولي على مال ويقضي العقوبة السجنية بعد أن يقوم بتهريب ذلك المال ويكون في مؤسسة سجنية يكلف على الدولة التونسية يوميا خمسون دينارا حسب اخر احصائيات ولا يقوم بارجاع ذلك المال فيتجه لمزيد الشدة والصرامة في العقوبة كأن يتم تحويل الخطية المالية الى تنفيذ جبري.
اضافة الى وجود مصادرة املاك الموظف العمومي او شبهه بعد صدور حكم بالادانة حتى تضمن الدولة المحافظة على أموالها بشتى الطرق وذلك موكول للمكلف العام في حق الدولة التونسية حتى يكون هناك عقاب جزائي رادع يتماشى وخطورة الجرم المرتكب.