إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المكلف بتسيير الإدارة العامة للأدب والكتاب عماد الحاجي لـ"الصباح": صناعة القارئ ورقمنة المكتبات والكتاب السمعي رهاننا الأكبر

حاوره: محسن بن أحمد

تنطلق اليوم الجمعة 25 أفريل 2025 بقصر المعارض بالكرم فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب، في مناخ من التفاؤل اعتبارًا للاستعدادات الجدية التي تمت لكسب الرهان.

فقد اشتغلت وزارة الشؤون الثقافية على امتداد الأشهر الماضية للإعداد الجيد لهذه الدورة التي يرى فيها الكثير أنها واعدة.

وفي لقاء مع "الصباح"، تحدث الأستاذ عماد الحاجي، المكلف بتسيير الإدارة العامة للكتاب بوزارة الشؤون الثقافية، عن رهانات الدورة الجديدة للمعرض، متوقفًا عند دور الإدارة العامة للكتاب، التي لها حضورها الفاعل والإيجابي في المعرض، كاشفًا في ذات الوقت عن عديد المبادرات الجديدة للوزارة انتصارًا للكتاب دعمًا وترويجًا وتعريفًا لأجل "صنع القارئ"، وهو المصطلح الذي أكد عليه محدثنا أكثر من مرة في هذا الحوار الذي أجريناه معه.

بدأ الأستاذ عماد الحاجي حديثه بالتركيز على أهمية قطاع الكتاب والنشر في الوزارة، على اعتبار أنه من القطاعات التي يرتكز عليها المشروع الثقافي للوزارة، باعتبار تأثيره في تنمية الحس والوعي الحضاري لدى القارئ، فضلاً عن دوره في ترسيخ قيم المواطنة وتجذير الإنسان في هويته الوطنية مع الانفتاح على الثقافات الأخرى، التي من شأنها أن تفتح له آفاقًا جديدة، تجعل منه إنسانًا واعيًا ومتوازنًا، وهو التمشي الذي أكد عليه رئيس الجمهورية – والكلام للأستاذ عماد الحاجي – "بضرورة تحرير الفكر".

الإدارة العامة للكتاب

وانتقل محدثنا في هذا اللقاء معه للحديث عن الإدارة العامة للكتاب بوزارة الشؤون الثقافية، فبيّن أنها تضم إدارتين، وهما إدارة الآداب وإدارة المطالعة العمومية، حيث تعملان معًا بإشراف وزارة الشؤون الثقافية وفي إطار سياسة الدولة الثقافية عمومًا، لكسب رهان تغيير المشهد الثقافي من خلال التركيز على المضامين الثقافية في كل القطاعات الثقافية والإبداعية، من أدب وتراث وفنون تشكيلية ومسرح وموسيقى وسينما وغيرها من القطاعات، والعمل الجدي على تغيير المضامين في الكتاب.

فالدولة، حسب الأستاذ عماد الحاجي، "تشجع على الإبداع الأدبي والفكري من خلال دعم نشر الكتاب التونسي والتعريف به وطنيًا وخارجيًا، بالمشاركة في المعارض الدولية والملتقيات والتظاهرات والأسابيع الثقافية التونسية في الخارج بالتنسيق مع سفاراتنا هناك".

وتسهر الإدارة العامة للكتاب، من خلال المكتبات العمومية، كما بيّن ذلك محدثنا، على تطوير رصيد الكتب والوثائق الأخرى، وتنفيذ الخطة الوطنية للترغيب في المطالعة، والتصرف في شبكة المكتبات العمومية.

آليات التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني

وجوابًا عن سؤال حول الآليات المعتمدة من الإدارة العامة للكتاب بالوزارة للتشجيع على الإنتاج الأدبي والفكري، قال الأستاذ عماد الحاجي "إنّ الوزارة، من خلال الإدارة العامة للكتاب، تشجع على الإنتاج الأدبي والفكري عبر عدّة آليات:

آلية اقتناء الكتب والمجلات التونسية باعتمادات تقدّر بحوالي 3 مليون دينار.

دعم الورق في حدود 2 مليون دينار.

تخصيص 11 جائزة سنويًا في مختلف المجالات الأدبية والفكرية والثقافية والإبداعية، بقيمة 10 آلاف دينار لكل جائزة.

التوصية بالنشر في حدود 500 ألف دينار.

وتخصص منح أخرى من صندوق التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني لفائدة المثقفين والكتاب".

معارض إقليمية ويوم وطني للكتاب

وأكد الأستاذ عماد الحاجي، عند حديثه عن آليات التشجيع على الإنتاج، أن الإدارة العامة للكتاب تعمل في تناسق تام مع اتحاد الناشرين التونسيين واتحاد الكتاب، على اعتبار أنهما شريكان رئيسيان في هذا المجال.

وكشف في هذا الاتجاه أن الإدارة العامة للكتاب، وبالتنسيق مع اتحاد الناشرين التونسيين، تعمل على تنظيم معارض إقليمية للكتاب لتقريب الكتاب من المواطن التونسي في الداخل.

وأول معرض إقليمي سيكون في القيروان فور اختتام معرض تونس الدولي للكتاب. وسيتم العمل، من خلال المعارض الإقليمية، على تنظيم صورة مصغّرة لمعرض تونس الدولي للكتاب في الجهات، شكلًا ومضمونًا، حيث سيتمّ تنظيم 5 معارض إقليمية سنويًا، بمشاركة دور نشر تونسية عريقة وعناوين ذات مضامين عميقة.

وستساهم هذه المعارض، دون شك، في تنشيط الحركة الاقتصادية في الداخل، إلى جانب أن الكتاب يذهب إلى المواطن بأسعار مناسبة، حيث سيتم إقرار تخفيضات من شأنها أن تشجع المواطن التونسي على الإقبال عليه.

بالنسبة للشراكة مع اتحاد الكتاب، بيّن المكلف بتسيير الإدارة العامة للكتاب أنها تتمثل في تشريك أكبر عدد ممكن من الكتاب والمبدعين التونسيين في التظاهرات والملتقيات الفكرية والإبداعية في الخارج، إلى جانب تشريكهم في المعارض الدولية للكتاب خارج تونس.

ويشارك اتحاد الكتاب، شأنه في ذلك شأن اتحاد الناشرين أيضًا، في لجان الاقتناء ودعم الورق ومساعدة الناشرين على الترويج والتعريف بإصداراتهم، حيث يحصل الناشرون على منح بقيمة 75 في المائة من كلفة الورق دعمًا له.

وتعمل الإدارة العامة للكتاب – والكلام للمكلف بتسييرها – على تنظيم يوم وطني للكتاب والمطالعة، يُخصص للاحتفاء بالكتاب والمكتبة، بمشاركة جميع المكتبات الوطنية، عمومية كانت أو مختصة ، كالمكتبات الجامعية والمدرسية، من خلال تنظيم ملتقيات وحوارات ولقاءات أدبية وفكرية. والهدف من وراء ذلك إبراز دور المكتبة في تنمية ملكة الفكر والمعرفة لدى المواطن في تونس.

قطاع المطالعة العمومية.. ثراء وتنوّع

وأبرز الحاجي في حديثه عن قطاع المطالعة العمومية أنّ القطاع يُعد من نقاط القوة في الإدارة العامة للكتاب، فهو يتوفر على شبكة كبيرة من المكتبات في حدود الـ443 مكتبة، تتوزع بين مكتبات جهوية وقارة ومكتبات متجوّلة، وهذه الأخيرة تلعب دورًا هامًا ورئيسيًا ورائدًا في مجال التعريف بالكتاب والترويج له، من خلال إيصالِه إلى المناطق الريفية والجبلية والمؤسسات السجنية والإصلاحيات ومراكز المسنين. وتُغطي هذه المكتبات 1800 نقطة إعارة في كامل تراب البلاد.

وكشف في هذا الاتجاه أنّ الرصيد من الكتب المتوفّر بالمكتبات العمومية يبلغ حوالي 8 ملايين كتاب، بمعدّل 0,8 لكل ساكن. وتتسع المكتبات لـ37 ألفًا و722 مقعدًا، بمعدّل مقعد لكل 300 ساكن.

يؤم هذه المكتبات العمومية ما يناهز المليونين و150 ألف مطالع، ومليون و100 ألف مستعير سنويًا. وقد بلغ المعدل الوطني للمطالعة حاليًا 1,04 كتابًا مطالَعًا من قبل كل مواطن، بعد أن كان في حدود 0,8.

ويبقى الهدف الرئيسي من هذه الشبكة، كما أكّد على ذلك محدثُنا، خلق مواطن قارئ واعٍ ومتقدّم، من خلال برامج الترغيب في المطالعة، الذي انطلق منذ تسعينات القرن الماضي، ويتضمّن هذا البرنامج عديد التظاهرات، منها: "الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات" التي بلغت هذه السنة دورتها الثالثة والثلاثين، و"المسابقة الوطنية للإبداعات الأدبيّة للأطفال والشباب" (الدورة 34 هذه السنة)، و"مصيف الكتاب" (الدورة 31)، و"الملتقى الوطني للمطالعة في الوسط الريفي" (الدورة 24)، و"المسابقة الوطنية لأوفى المطالعين" (الدورة 32)، و"المسابقة الوطنية 'بيوتنا تقاسيم وكلمات'" (الدورة 4).

البطولة الوطنية للمطالعة

وتوقّف المكلف بتسيير الإدارة العامة للآداب بوزارة الشؤون الثقافية عند البطولة الوطنية للمطالعة، فبيّن أنها بلغت هذه السنة دورتها الرابعة، وقد انطلقت هذا العام في شهر ديسمبر 2024 وتتواصل إلى أكتوبر 2025. وهي عبارة عن تصفيات محلية وجهوية ثمّ وطنية، وتنقسم إلى 6 فئات عمرية.

وكشف في هذا الاتجاه أنّ الدورة الماضية لهذه البطولة شهدت أصغر مشارك فيها، وله من العمر 6 سنوات، وأكبر مشارك أيضًا وله من العمر 80 سنة. مشيرًا في ذات الوقت إلى أنّ نهائيات دورة هذه السنة للبطولة الوطنية للمطالعة ستحتضنها القاعة الرياضية المغطاة برادس في أكتوبر القادم، بمشاركة 1440 مترشحًا للنهائيات، بحساب 60 متأهّلًا من كل ولاية.

وسيَشهد الحفل الختامي في أكتوبر القادم 30 فائزًا، ولأول مرة سيتمّ توزيع 3 جوائز مالية هامة لـ3 عائلات تأهّلت للتصفيات الوطنية، وتحصلت على أعلى معدل في الامتحان الوطني للمطالعة، وطالعت أكبر عدد من الكتب.

 رقمنة المكتبات ورهان الكتاب السمعي

وقال الأستاذ عماد الحاجي، جوابًا عن سؤال يتعلّق بالمشاريع القادمة للإدارة العامة للكتاب، إنّ أهم مشروع ستعمل الإدارة العامة للكتاب بوزارة الشؤون الثقافية على كسبه يتمثّل في رقمنة المكتبات الوطنية، على اعتبار أنه مشروع وطني يهدف إلى بعث مكتبات رقمية إلى جانب بوابة توثيقية.

وأشار إلى المشاريع المستقبلية في الاستثمار الثقافي، وتتمثّل في تأثيث فضاءات للأطفال واليافعين والناشئة، وعدّة مختبرات للمشاريع الثقافية تتضمّن نوادي ثقافية مبتكرة.

وأكد أنّ الإدارة العامة للكتاب تعمل على كسب رهان النفاذ الثقافي للفئات الهشّة. ويتمثّل هذا المشروع في اقتناء 500 حقيبة معرفية سنويًا، تضم تجهيزات تقنية ورقمية تساعد ضعيفي وفاقدي البصر بدرجة أولى على المطالعة، إلى جانب تجهيز فضاءات رقمية بآلات مسح، تمكّن مستعملها من تحويل الكتاب الورقي إلى كتاب سمعي.

وكشف محدثُنا من ناحية أخرى" عن وجود اتفاقية شراكة مع مؤسسة "كومار"، تتمثّل في تحويل الكتب المتوّجة بجوائز "كومار" على محامل سمعية (كتاب سمعي).

وكانت قد أُجريت تجربة أولى في هذا المجال من خلال تحويل كتاب "قيامة الحشاشين" للدكتور الهادي التيمومي إلى كتاب مسموع، وأيضًا كتاب سفيان بن فرحات "le chat et le scalpel".

وسنعمل هذا العام على تحويل كتاب الصحبي كرعاني "دفاتر الجيلاني ولد أحمد"، وكتاب عزة الفيلالي بالفرنسية "Malentendus"، إلى محامل سمعية.

مع الإشارة إلى أنه سيتمّ هذه السنة إحياء ذكرى مرور 60 سنة على رحيل الأديب زين العابدين السنوسي".

صناعة القارئ رهاننا الأكبر

وشدّد الأستاذ عماد الحاجي في هذا اللقاء مع "الصباح" أن الرهان الأكبر اليوم لوزارة الشؤون الثقافية، ومن خلال الإدارة العامة للكتاب، وفي ظلّ عزوف المواطن التونسي عن الكتاب، يكمن في رهان صناعة هذا القارئ، الذي لم يعُد يُولي الاهتمام الكبير للكتاب، انطلاقًا من جعل المكتبة العمومية فضاءً ثالثًا بعد الأسرة والمدرسة. فقد أصبح من الضروري تجاوز دورها التقليدي لتتحول إلى فضاء للمتعة المعرفية والإبداعية المتنوعة.

وأكد محدثنا "أنه لا بدّ من تضافر جهود كل الوزارات والهياكل المهنية والمجتمع المدني والأسرة لكسب الرهان، من خلال برامج وإجراءات تُعيد للقراءة والكتاب الحضور المتوهج لدى التلميذ بدرجة أولى. من ذلك اعتماد المطالعة مادة أساسية في الدراسة، وغيرها من القرارات الثورية الطموحة التي تزيد في عشق المواطن التونسي للكتاب".

الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب

وختم الأستاذ عماد الحاجي هذا اللقاء بالوقوف عند أبرز مميزات الدورة 39 لمعرض تونس الدولي للكتاب، فبيّن أن "الاستعدادات لهذا الموعد انطلقت منذ أشهر بمتابعة دقيقة، وبإشراف مباشر من وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي، وعملاً بتوجيهات رئيس الجمهورية في إيلاء الثقافة والإبداع الجاد المكانة المرموقة، من خلال الانتصار للفكر الحر الذي يبني ويؤسس لغد أكثر إشراقًا وإبداعًا راقيًا بمضامين إنسانية عميقة".

وبيّن أن وزيرة الشؤون الثقافية تدخلت أكثر من مرة لتعديل بعض الأمور، وإيجاد الحلول لبعض الإشكاليات، حرصًا منها على أن تكون دورة هذا العام لمعرض تونس الدولي للكتاب استثنائية على جميع المستويات.

ونوّه محدثُنا بالمجهودات التي بذلتها إدارة معرض تونس الدولي للكتاب وكل المساهمين في التنظيم والعمل من أجل إنجاح الدورة الجديدة، التي تتميز -وفق وصفه- بحضور لافت للعناوين الجديدة، والتي لم يُسبق عرضها من قبل، وارتفاع عدد الدول المشاركة، إلى جانب حضور حوالي مائة شخصية صينية، على اعتبار أن الصين هي ضيف شرف هذه الدورة.

علاوة على إعداد أكثر من 100 نشاط ثقافي متنوع، يجمع بين حصص إمضاء الإصدارات الجديدة وتقديمها والتعريف بها، والأمسيات الشعرية والندوات الفكرية والمحاضرات وغيرها، وذلك إلى جانب إعداد برمجة ثرية للأطفال بالجناح المخصص للطفل، تتوزع بين عروض موسيقية ومسرحية وسينمائية وورشات متنوعة.

المكلف بتسيير الإدارة العامة للأدب والكتاب عماد الحاجي لـ"الصباح":  صناعة القارئ ورقمنة المكتبات والكتاب السمعي رهاننا الأكبر

حاوره: محسن بن أحمد

تنطلق اليوم الجمعة 25 أفريل 2025 بقصر المعارض بالكرم فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب، في مناخ من التفاؤل اعتبارًا للاستعدادات الجدية التي تمت لكسب الرهان.

فقد اشتغلت وزارة الشؤون الثقافية على امتداد الأشهر الماضية للإعداد الجيد لهذه الدورة التي يرى فيها الكثير أنها واعدة.

وفي لقاء مع "الصباح"، تحدث الأستاذ عماد الحاجي، المكلف بتسيير الإدارة العامة للكتاب بوزارة الشؤون الثقافية، عن رهانات الدورة الجديدة للمعرض، متوقفًا عند دور الإدارة العامة للكتاب، التي لها حضورها الفاعل والإيجابي في المعرض، كاشفًا في ذات الوقت عن عديد المبادرات الجديدة للوزارة انتصارًا للكتاب دعمًا وترويجًا وتعريفًا لأجل "صنع القارئ"، وهو المصطلح الذي أكد عليه محدثنا أكثر من مرة في هذا الحوار الذي أجريناه معه.

بدأ الأستاذ عماد الحاجي حديثه بالتركيز على أهمية قطاع الكتاب والنشر في الوزارة، على اعتبار أنه من القطاعات التي يرتكز عليها المشروع الثقافي للوزارة، باعتبار تأثيره في تنمية الحس والوعي الحضاري لدى القارئ، فضلاً عن دوره في ترسيخ قيم المواطنة وتجذير الإنسان في هويته الوطنية مع الانفتاح على الثقافات الأخرى، التي من شأنها أن تفتح له آفاقًا جديدة، تجعل منه إنسانًا واعيًا ومتوازنًا، وهو التمشي الذي أكد عليه رئيس الجمهورية – والكلام للأستاذ عماد الحاجي – "بضرورة تحرير الفكر".

الإدارة العامة للكتاب

وانتقل محدثنا في هذا اللقاء معه للحديث عن الإدارة العامة للكتاب بوزارة الشؤون الثقافية، فبيّن أنها تضم إدارتين، وهما إدارة الآداب وإدارة المطالعة العمومية، حيث تعملان معًا بإشراف وزارة الشؤون الثقافية وفي إطار سياسة الدولة الثقافية عمومًا، لكسب رهان تغيير المشهد الثقافي من خلال التركيز على المضامين الثقافية في كل القطاعات الثقافية والإبداعية، من أدب وتراث وفنون تشكيلية ومسرح وموسيقى وسينما وغيرها من القطاعات، والعمل الجدي على تغيير المضامين في الكتاب.

فالدولة، حسب الأستاذ عماد الحاجي، "تشجع على الإبداع الأدبي والفكري من خلال دعم نشر الكتاب التونسي والتعريف به وطنيًا وخارجيًا، بالمشاركة في المعارض الدولية والملتقيات والتظاهرات والأسابيع الثقافية التونسية في الخارج بالتنسيق مع سفاراتنا هناك".

وتسهر الإدارة العامة للكتاب، من خلال المكتبات العمومية، كما بيّن ذلك محدثنا، على تطوير رصيد الكتب والوثائق الأخرى، وتنفيذ الخطة الوطنية للترغيب في المطالعة، والتصرف في شبكة المكتبات العمومية.

آليات التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني

وجوابًا عن سؤال حول الآليات المعتمدة من الإدارة العامة للكتاب بالوزارة للتشجيع على الإنتاج الأدبي والفكري، قال الأستاذ عماد الحاجي "إنّ الوزارة، من خلال الإدارة العامة للكتاب، تشجع على الإنتاج الأدبي والفكري عبر عدّة آليات:

آلية اقتناء الكتب والمجلات التونسية باعتمادات تقدّر بحوالي 3 مليون دينار.

دعم الورق في حدود 2 مليون دينار.

تخصيص 11 جائزة سنويًا في مختلف المجالات الأدبية والفكرية والثقافية والإبداعية، بقيمة 10 آلاف دينار لكل جائزة.

التوصية بالنشر في حدود 500 ألف دينار.

وتخصص منح أخرى من صندوق التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني لفائدة المثقفين والكتاب".

معارض إقليمية ويوم وطني للكتاب

وأكد الأستاذ عماد الحاجي، عند حديثه عن آليات التشجيع على الإنتاج، أن الإدارة العامة للكتاب تعمل في تناسق تام مع اتحاد الناشرين التونسيين واتحاد الكتاب، على اعتبار أنهما شريكان رئيسيان في هذا المجال.

وكشف في هذا الاتجاه أن الإدارة العامة للكتاب، وبالتنسيق مع اتحاد الناشرين التونسيين، تعمل على تنظيم معارض إقليمية للكتاب لتقريب الكتاب من المواطن التونسي في الداخل.

وأول معرض إقليمي سيكون في القيروان فور اختتام معرض تونس الدولي للكتاب. وسيتم العمل، من خلال المعارض الإقليمية، على تنظيم صورة مصغّرة لمعرض تونس الدولي للكتاب في الجهات، شكلًا ومضمونًا، حيث سيتمّ تنظيم 5 معارض إقليمية سنويًا، بمشاركة دور نشر تونسية عريقة وعناوين ذات مضامين عميقة.

وستساهم هذه المعارض، دون شك، في تنشيط الحركة الاقتصادية في الداخل، إلى جانب أن الكتاب يذهب إلى المواطن بأسعار مناسبة، حيث سيتم إقرار تخفيضات من شأنها أن تشجع المواطن التونسي على الإقبال عليه.

بالنسبة للشراكة مع اتحاد الكتاب، بيّن المكلف بتسيير الإدارة العامة للكتاب أنها تتمثل في تشريك أكبر عدد ممكن من الكتاب والمبدعين التونسيين في التظاهرات والملتقيات الفكرية والإبداعية في الخارج، إلى جانب تشريكهم في المعارض الدولية للكتاب خارج تونس.

ويشارك اتحاد الكتاب، شأنه في ذلك شأن اتحاد الناشرين أيضًا، في لجان الاقتناء ودعم الورق ومساعدة الناشرين على الترويج والتعريف بإصداراتهم، حيث يحصل الناشرون على منح بقيمة 75 في المائة من كلفة الورق دعمًا له.

وتعمل الإدارة العامة للكتاب – والكلام للمكلف بتسييرها – على تنظيم يوم وطني للكتاب والمطالعة، يُخصص للاحتفاء بالكتاب والمكتبة، بمشاركة جميع المكتبات الوطنية، عمومية كانت أو مختصة ، كالمكتبات الجامعية والمدرسية، من خلال تنظيم ملتقيات وحوارات ولقاءات أدبية وفكرية. والهدف من وراء ذلك إبراز دور المكتبة في تنمية ملكة الفكر والمعرفة لدى المواطن في تونس.

قطاع المطالعة العمومية.. ثراء وتنوّع

وأبرز الحاجي في حديثه عن قطاع المطالعة العمومية أنّ القطاع يُعد من نقاط القوة في الإدارة العامة للكتاب، فهو يتوفر على شبكة كبيرة من المكتبات في حدود الـ443 مكتبة، تتوزع بين مكتبات جهوية وقارة ومكتبات متجوّلة، وهذه الأخيرة تلعب دورًا هامًا ورئيسيًا ورائدًا في مجال التعريف بالكتاب والترويج له، من خلال إيصالِه إلى المناطق الريفية والجبلية والمؤسسات السجنية والإصلاحيات ومراكز المسنين. وتُغطي هذه المكتبات 1800 نقطة إعارة في كامل تراب البلاد.

وكشف في هذا الاتجاه أنّ الرصيد من الكتب المتوفّر بالمكتبات العمومية يبلغ حوالي 8 ملايين كتاب، بمعدّل 0,8 لكل ساكن. وتتسع المكتبات لـ37 ألفًا و722 مقعدًا، بمعدّل مقعد لكل 300 ساكن.

يؤم هذه المكتبات العمومية ما يناهز المليونين و150 ألف مطالع، ومليون و100 ألف مستعير سنويًا. وقد بلغ المعدل الوطني للمطالعة حاليًا 1,04 كتابًا مطالَعًا من قبل كل مواطن، بعد أن كان في حدود 0,8.

ويبقى الهدف الرئيسي من هذه الشبكة، كما أكّد على ذلك محدثُنا، خلق مواطن قارئ واعٍ ومتقدّم، من خلال برامج الترغيب في المطالعة، الذي انطلق منذ تسعينات القرن الماضي، ويتضمّن هذا البرنامج عديد التظاهرات، منها: "الأيام الوطنية للمطالعة والمعلومات" التي بلغت هذه السنة دورتها الثالثة والثلاثين، و"المسابقة الوطنية للإبداعات الأدبيّة للأطفال والشباب" (الدورة 34 هذه السنة)، و"مصيف الكتاب" (الدورة 31)، و"الملتقى الوطني للمطالعة في الوسط الريفي" (الدورة 24)، و"المسابقة الوطنية لأوفى المطالعين" (الدورة 32)، و"المسابقة الوطنية 'بيوتنا تقاسيم وكلمات'" (الدورة 4).

البطولة الوطنية للمطالعة

وتوقّف المكلف بتسيير الإدارة العامة للآداب بوزارة الشؤون الثقافية عند البطولة الوطنية للمطالعة، فبيّن أنها بلغت هذه السنة دورتها الرابعة، وقد انطلقت هذا العام في شهر ديسمبر 2024 وتتواصل إلى أكتوبر 2025. وهي عبارة عن تصفيات محلية وجهوية ثمّ وطنية، وتنقسم إلى 6 فئات عمرية.

وكشف في هذا الاتجاه أنّ الدورة الماضية لهذه البطولة شهدت أصغر مشارك فيها، وله من العمر 6 سنوات، وأكبر مشارك أيضًا وله من العمر 80 سنة. مشيرًا في ذات الوقت إلى أنّ نهائيات دورة هذه السنة للبطولة الوطنية للمطالعة ستحتضنها القاعة الرياضية المغطاة برادس في أكتوبر القادم، بمشاركة 1440 مترشحًا للنهائيات، بحساب 60 متأهّلًا من كل ولاية.

وسيَشهد الحفل الختامي في أكتوبر القادم 30 فائزًا، ولأول مرة سيتمّ توزيع 3 جوائز مالية هامة لـ3 عائلات تأهّلت للتصفيات الوطنية، وتحصلت على أعلى معدل في الامتحان الوطني للمطالعة، وطالعت أكبر عدد من الكتب.

 رقمنة المكتبات ورهان الكتاب السمعي

وقال الأستاذ عماد الحاجي، جوابًا عن سؤال يتعلّق بالمشاريع القادمة للإدارة العامة للكتاب، إنّ أهم مشروع ستعمل الإدارة العامة للكتاب بوزارة الشؤون الثقافية على كسبه يتمثّل في رقمنة المكتبات الوطنية، على اعتبار أنه مشروع وطني يهدف إلى بعث مكتبات رقمية إلى جانب بوابة توثيقية.

وأشار إلى المشاريع المستقبلية في الاستثمار الثقافي، وتتمثّل في تأثيث فضاءات للأطفال واليافعين والناشئة، وعدّة مختبرات للمشاريع الثقافية تتضمّن نوادي ثقافية مبتكرة.

وأكد أنّ الإدارة العامة للكتاب تعمل على كسب رهان النفاذ الثقافي للفئات الهشّة. ويتمثّل هذا المشروع في اقتناء 500 حقيبة معرفية سنويًا، تضم تجهيزات تقنية ورقمية تساعد ضعيفي وفاقدي البصر بدرجة أولى على المطالعة، إلى جانب تجهيز فضاءات رقمية بآلات مسح، تمكّن مستعملها من تحويل الكتاب الورقي إلى كتاب سمعي.

وكشف محدثُنا من ناحية أخرى" عن وجود اتفاقية شراكة مع مؤسسة "كومار"، تتمثّل في تحويل الكتب المتوّجة بجوائز "كومار" على محامل سمعية (كتاب سمعي).

وكانت قد أُجريت تجربة أولى في هذا المجال من خلال تحويل كتاب "قيامة الحشاشين" للدكتور الهادي التيمومي إلى كتاب مسموع، وأيضًا كتاب سفيان بن فرحات "le chat et le scalpel".

وسنعمل هذا العام على تحويل كتاب الصحبي كرعاني "دفاتر الجيلاني ولد أحمد"، وكتاب عزة الفيلالي بالفرنسية "Malentendus"، إلى محامل سمعية.

مع الإشارة إلى أنه سيتمّ هذه السنة إحياء ذكرى مرور 60 سنة على رحيل الأديب زين العابدين السنوسي".

صناعة القارئ رهاننا الأكبر

وشدّد الأستاذ عماد الحاجي في هذا اللقاء مع "الصباح" أن الرهان الأكبر اليوم لوزارة الشؤون الثقافية، ومن خلال الإدارة العامة للكتاب، وفي ظلّ عزوف المواطن التونسي عن الكتاب، يكمن في رهان صناعة هذا القارئ، الذي لم يعُد يُولي الاهتمام الكبير للكتاب، انطلاقًا من جعل المكتبة العمومية فضاءً ثالثًا بعد الأسرة والمدرسة. فقد أصبح من الضروري تجاوز دورها التقليدي لتتحول إلى فضاء للمتعة المعرفية والإبداعية المتنوعة.

وأكد محدثنا "أنه لا بدّ من تضافر جهود كل الوزارات والهياكل المهنية والمجتمع المدني والأسرة لكسب الرهان، من خلال برامج وإجراءات تُعيد للقراءة والكتاب الحضور المتوهج لدى التلميذ بدرجة أولى. من ذلك اعتماد المطالعة مادة أساسية في الدراسة، وغيرها من القرارات الثورية الطموحة التي تزيد في عشق المواطن التونسي للكتاب".

الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب

وختم الأستاذ عماد الحاجي هذا اللقاء بالوقوف عند أبرز مميزات الدورة 39 لمعرض تونس الدولي للكتاب، فبيّن أن "الاستعدادات لهذا الموعد انطلقت منذ أشهر بمتابعة دقيقة، وبإشراف مباشر من وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي، وعملاً بتوجيهات رئيس الجمهورية في إيلاء الثقافة والإبداع الجاد المكانة المرموقة، من خلال الانتصار للفكر الحر الذي يبني ويؤسس لغد أكثر إشراقًا وإبداعًا راقيًا بمضامين إنسانية عميقة".

وبيّن أن وزيرة الشؤون الثقافية تدخلت أكثر من مرة لتعديل بعض الأمور، وإيجاد الحلول لبعض الإشكاليات، حرصًا منها على أن تكون دورة هذا العام لمعرض تونس الدولي للكتاب استثنائية على جميع المستويات.

ونوّه محدثُنا بالمجهودات التي بذلتها إدارة معرض تونس الدولي للكتاب وكل المساهمين في التنظيم والعمل من أجل إنجاح الدورة الجديدة، التي تتميز -وفق وصفه- بحضور لافت للعناوين الجديدة، والتي لم يُسبق عرضها من قبل، وارتفاع عدد الدول المشاركة، إلى جانب حضور حوالي مائة شخصية صينية، على اعتبار أن الصين هي ضيف شرف هذه الدورة.

علاوة على إعداد أكثر من 100 نشاط ثقافي متنوع، يجمع بين حصص إمضاء الإصدارات الجديدة وتقديمها والتعريف بها، والأمسيات الشعرية والندوات الفكرية والمحاضرات وغيرها، وذلك إلى جانب إعداد برمجة ثرية للأطفال بالجناح المخصص للطفل، تتوزع بين عروض موسيقية ومسرحية وسينمائية وورشات متنوعة.