إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

7250 مهاجرا إفريقيا عادوا لبلدانهم طوعيا في 2024.. تونس تراهن على العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين

 

تتمسّك تونس برفض سياسة الترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين، وتتمسّك بخيار العودة الطوعية كخيار متروك للمهاجرين، في حين تتراكم الإشكاليات المختلفة في علاقة بهذا الملف، وقد التقى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج  أول أمس، مع رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بتونس، عزوز السامري وذلك في إطار متابعة تنفيذ برامج التّعاون مع المنظّمة الدّوليّة للهجرة في مجال العودة الطّوعيّة والآمنة لفائدة المهاجرين غير النظاميين، ووفق بلاغ لوزارة الخارجية فقد تطرّق اللقاء الى حصيلة برنامج العودة الطوعية خلال السنة الماضية والثلاثي الأول من السنة الجارية، حيث شدّد وزير الخارجية على أهمية تضافر الجهود ومواصلة التنسيق بين جميع الأطراف المتدخلة بما يساهم في نجاح هذه العودة الطوعية، كما دعا محمد علي النفطي إلى تكثيف الحملات التوعوية في صفوف المهاجرين غير النظاميين للتعريف ببرنامج العودة الطوعية وما توفّره من إمكانيات لإعادة إدماجهم في بلدانهم الاصلية والتي تقوم بها بعثة المنظمة الدولية للهجرة،  وقد جدّد وزير الخارجية تأكيده على أن تونس ترفض أن تكون دولة عبور أو توطين للمهاجرين غير النظاميين.

والعودة الطوعية هي بديل عن الترحيل القسري وتوفّر للمهاجرين وطالبي اللجوء فرصا جديدة وآفاقا مستقبلية في بلدانهم الاصلية، ورغم أن دولا أوروبية كثيرة تراهن اليوم سواء في شمال المتوسّط أو جنوبه على هذه العودة الطوعية كأحد الحلول الإنسانية التي تحمي كرامة وحقوق المهاجرين إلا أن صعوبة العيش في الأوطان الأم بفعل الحروب أو الفقر رغم أنها في الأصل أوطان منهوبة الثروات مازال لا يشجّع كثيرا على هذه العودة والتي ما زالت نتائجها إلى اليوم دون المأمول.

سياسية العودة الطوعية..

في أواخر جانفي الماضي ألقى كاتب الدولة لدى وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمّد بن عيّاد، كلمة أمام مجلس نواب الشعب بمناسبة يوم دراسيا نظمته الأكاديمية البرلمانية حول موضوع «الهجرة غير النظامية في تونس»،  قال فيها في علاقة التعامل مع المهاجرين غير النظاميين الموجودين في تونس» إنّه إلى نهاية سنة 2024 تم تأمين العودة الطوعية لـ 7250 مهاجرا غير نظامي في إطار التعاون مع المنظمات الدولة«، وقال إن الجهد الدبلوماسي يتركز على عدة أطراف أوّلها المنظّمات الدولية وخاصة المنظمة الدولية للهجرة، كما أشار إلى التطوّر الايجابي في مستوى التنسيق والتعاون مع دول الجوار والذي كان له إسهام في الانخفاض الملحوظ في أعداد الوافدين الجدد في إطار الهجرة غير النظامية في النصف الثاني من السنة المنقضية.
وفي اليوم الدراسي نفسه، استعرض العميد خالد بن جراد المدير المركزي بالتفقدية العامة للحرس الوطني ورئيس لجنة الهجرة غير النظامية العوامل التي ساهمت في انتشار هذه الظاهرة إقليميا وجعلتها التحدّي الأول على المستوى العالمي ومنها تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بدول الساحل والصحراء والانفجار الديموغرافي والنزاعات المسلّحة والانقلابات مما جعل هذه الدول غير مسيطرة على حدودها، بالإضافة إلى إلغاء النيجر لقانون تجريم تهريب المهاجرين في أواخر سنة 2023.

وقد بيّن العميد خالد بن جراد استنادا إلى تقرير المنظمة الأممية للهجرة أنّ تمركز المهاجرين غير النظاميين بدول شمال افريقيا ارتفع، إذ نجد مليون مهاجر في ليبيا و250 ألف في الجزائر و103 آلاف في المغرب مقابل انخفاضه في تونس حيث يصل إلى 20 ألف مهاجر غير نظامي، مؤكّدا بأن أكبر نقطة تجمّع  توجد بولاية صفاقس. كما أضاف في السياق ذاته أن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين غادروا باتجاه أوروبا انطلاقًا من السواحل التونسية تقلّص بصفة ملحوظة ليتراجع عددهم من 97.667 مهاجرا في 2023 إلى 19.245 مهاجرا في 2024.

وفي تقرير سابق أشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن أكثر الجنسيات المعنية بالعودة الطوعية هم الغامبيون والبوركينيون والغينيون.

المخيمات العشوائية والأزمات المتراكمة

 ويعد مخيم جبنيانة من مخيمات المهاجرين العشوائية والتي تطرح إشكاليات اليوم، ورغم أن الهلال الأحمر التونسي أعلن في ماي الماضي عن بداية تنفيذ مشروع الرعاية الإنسانية للمهاجرين من دول جنوب الصحراء بهدف تقديم الخدمات الصحية والإيواء لنحو 25 ألف مهاجر بكلفة تزيد عن 60 مليون دينار وبتنفيذ من الهلال الأحمر والمنظمات والهيئات الدولية التي تُعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين ويشمل خمس نقاط أساسية في تونس وصفاقس ومدنين وهي النقاط التي تسجل تواجدا مكثّفا للمهاجرين غير النظاميين وذلك بتوفير الإعاشة اليومية لـ5 آلاف مهاجر في كل نقطة، إلى جانب الرعاية الصحية لهم لحماية صحتهم وتجنّب مخاطر العدوى بالأمراض التي تنقل عن طريق عابري الحدود، وفق ما أكدته وقتها مديرة المشروع وممثلة الهلال الأحمر التونسي بثينة قراقبة، إلا أنه وبعد حوالي سنة لا نجد تقدّما ملحوظا في تطبيق هذا المشروع حيث انتشرت المخيمات العشوائية وغير المراقبة والتي لا توفّر خدمات أساسية تحفظ كرامة هؤلاء المهاجرين.

إن وجود مخيمات ومنظمات توفّر الخدمات الأساسية سيساعد دون شكّ في تسهيل الحملات التوعوية وإقناع المهاجرين بالعودة الطوعية ومن خلال ذلك يتم تفادي إشكاليات أخرى والتأكيد على أن تونس تعامل المهاجرين وفق منظومة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

منية العرفاوي

 

7250 مهاجرا إفريقيا عادوا لبلدانهم طوعيا في 2024..   تونس تراهن على العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين

 

تتمسّك تونس برفض سياسة الترحيل القسري للمهاجرين غير النظاميين، وتتمسّك بخيار العودة الطوعية كخيار متروك للمهاجرين، في حين تتراكم الإشكاليات المختلفة في علاقة بهذا الملف، وقد التقى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج  أول أمس، مع رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة بتونس، عزوز السامري وذلك في إطار متابعة تنفيذ برامج التّعاون مع المنظّمة الدّوليّة للهجرة في مجال العودة الطّوعيّة والآمنة لفائدة المهاجرين غير النظاميين، ووفق بلاغ لوزارة الخارجية فقد تطرّق اللقاء الى حصيلة برنامج العودة الطوعية خلال السنة الماضية والثلاثي الأول من السنة الجارية، حيث شدّد وزير الخارجية على أهمية تضافر الجهود ومواصلة التنسيق بين جميع الأطراف المتدخلة بما يساهم في نجاح هذه العودة الطوعية، كما دعا محمد علي النفطي إلى تكثيف الحملات التوعوية في صفوف المهاجرين غير النظاميين للتعريف ببرنامج العودة الطوعية وما توفّره من إمكانيات لإعادة إدماجهم في بلدانهم الاصلية والتي تقوم بها بعثة المنظمة الدولية للهجرة،  وقد جدّد وزير الخارجية تأكيده على أن تونس ترفض أن تكون دولة عبور أو توطين للمهاجرين غير النظاميين.

والعودة الطوعية هي بديل عن الترحيل القسري وتوفّر للمهاجرين وطالبي اللجوء فرصا جديدة وآفاقا مستقبلية في بلدانهم الاصلية، ورغم أن دولا أوروبية كثيرة تراهن اليوم سواء في شمال المتوسّط أو جنوبه على هذه العودة الطوعية كأحد الحلول الإنسانية التي تحمي كرامة وحقوق المهاجرين إلا أن صعوبة العيش في الأوطان الأم بفعل الحروب أو الفقر رغم أنها في الأصل أوطان منهوبة الثروات مازال لا يشجّع كثيرا على هذه العودة والتي ما زالت نتائجها إلى اليوم دون المأمول.

سياسية العودة الطوعية..

في أواخر جانفي الماضي ألقى كاتب الدولة لدى وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمّد بن عيّاد، كلمة أمام مجلس نواب الشعب بمناسبة يوم دراسيا نظمته الأكاديمية البرلمانية حول موضوع «الهجرة غير النظامية في تونس»،  قال فيها في علاقة التعامل مع المهاجرين غير النظاميين الموجودين في تونس» إنّه إلى نهاية سنة 2024 تم تأمين العودة الطوعية لـ 7250 مهاجرا غير نظامي في إطار التعاون مع المنظمات الدولة«، وقال إن الجهد الدبلوماسي يتركز على عدة أطراف أوّلها المنظّمات الدولية وخاصة المنظمة الدولية للهجرة، كما أشار إلى التطوّر الايجابي في مستوى التنسيق والتعاون مع دول الجوار والذي كان له إسهام في الانخفاض الملحوظ في أعداد الوافدين الجدد في إطار الهجرة غير النظامية في النصف الثاني من السنة المنقضية.
وفي اليوم الدراسي نفسه، استعرض العميد خالد بن جراد المدير المركزي بالتفقدية العامة للحرس الوطني ورئيس لجنة الهجرة غير النظامية العوامل التي ساهمت في انتشار هذه الظاهرة إقليميا وجعلتها التحدّي الأول على المستوى العالمي ومنها تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بدول الساحل والصحراء والانفجار الديموغرافي والنزاعات المسلّحة والانقلابات مما جعل هذه الدول غير مسيطرة على حدودها، بالإضافة إلى إلغاء النيجر لقانون تجريم تهريب المهاجرين في أواخر سنة 2023.

وقد بيّن العميد خالد بن جراد استنادا إلى تقرير المنظمة الأممية للهجرة أنّ تمركز المهاجرين غير النظاميين بدول شمال افريقيا ارتفع، إذ نجد مليون مهاجر في ليبيا و250 ألف في الجزائر و103 آلاف في المغرب مقابل انخفاضه في تونس حيث يصل إلى 20 ألف مهاجر غير نظامي، مؤكّدا بأن أكبر نقطة تجمّع  توجد بولاية صفاقس. كما أضاف في السياق ذاته أن عدد المهاجرين غير النظاميين الذين غادروا باتجاه أوروبا انطلاقًا من السواحل التونسية تقلّص بصفة ملحوظة ليتراجع عددهم من 97.667 مهاجرا في 2023 إلى 19.245 مهاجرا في 2024.

وفي تقرير سابق أشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن أكثر الجنسيات المعنية بالعودة الطوعية هم الغامبيون والبوركينيون والغينيون.

المخيمات العشوائية والأزمات المتراكمة

 ويعد مخيم جبنيانة من مخيمات المهاجرين العشوائية والتي تطرح إشكاليات اليوم، ورغم أن الهلال الأحمر التونسي أعلن في ماي الماضي عن بداية تنفيذ مشروع الرعاية الإنسانية للمهاجرين من دول جنوب الصحراء بهدف تقديم الخدمات الصحية والإيواء لنحو 25 ألف مهاجر بكلفة تزيد عن 60 مليون دينار وبتنفيذ من الهلال الأحمر والمنظمات والهيئات الدولية التي تُعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين ويشمل خمس نقاط أساسية في تونس وصفاقس ومدنين وهي النقاط التي تسجل تواجدا مكثّفا للمهاجرين غير النظاميين وذلك بتوفير الإعاشة اليومية لـ5 آلاف مهاجر في كل نقطة، إلى جانب الرعاية الصحية لهم لحماية صحتهم وتجنّب مخاطر العدوى بالأمراض التي تنقل عن طريق عابري الحدود، وفق ما أكدته وقتها مديرة المشروع وممثلة الهلال الأحمر التونسي بثينة قراقبة، إلا أنه وبعد حوالي سنة لا نجد تقدّما ملحوظا في تطبيق هذا المشروع حيث انتشرت المخيمات العشوائية وغير المراقبة والتي لا توفّر خدمات أساسية تحفظ كرامة هؤلاء المهاجرين.

إن وجود مخيمات ومنظمات توفّر الخدمات الأساسية سيساعد دون شكّ في تسهيل الحملات التوعوية وإقناع المهاجرين بالعودة الطوعية ومن خلال ذلك يتم تفادي إشكاليات أخرى والتأكيد على أن تونس تعامل المهاجرين وفق منظومة حقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

منية العرفاوي