إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الرئيس اعتبرها أولوية العهدة الرئاسية الجديدة.. النجاعة في مكافحة الفساد بحاجة لتشريعات وآليات جديدة

 

تونس-الصباح

أكد رئيس الجمهورية، قيس سعيد، في خطاب أداء اليمين للعهدة الرئاسية الثانية، على أن "الجبهة التي لا تقل عن جبهة الإرهاب في واجب التصدي هي مواجهة الفساد". تعهد الرئيس هذا بمواصلة الحرب على الفساد التي لطالما ضمنها في أغلب تصريحاته وخطاباته خلال العهدة الرئاسية الأولى، يعتبر البعض أنها بحاجة إلى تشريعات وآليات لتحقيق نجاعة أكبر في محاربة الفساد لا سيما الفساد الإداري الذي لم يتراجع للأسف، بإقرار من الرئيس نفسه.

في تصريحات سابقة، أكد رئيس الجمهورية أن البلاد "في سباق ضد الساعة لكسب الحرب ضد الفساد والمفسدين واللوبيات الذين يتخفون وراء بعض الأشخاص، كاشفا أنه يتلقى يوميا العشرات من ملفات الفساد، منتقدا طول المسار القضائي في هذا المجال رغم توفّر المؤيدات وعدم تحمّل المسؤولين المركزيين والمحليين لمسؤولياتهم".

مضيفا أن "القوانين في العشرية السابقة كان يتمّ إقرارها على مقاس اللوبيات لخدمة مصالحهم ونهب أموال الشعب وتجويعه".

ومن هذا المنطلق يعتبر متابعون أن النجاعة في محاربة الفساد وتفعيل الإرادة الرئاسية المعلنة على أرض الواقع تتطلب مراجعة بعض التشريعات، إلى جانب إيجاد هياكل وآليات يعهد لها المتابعة الدقيقة لمسار محاربة الفساد على كل الأصعدة. لا سيما وأن تجميد بعض المؤسسات السابقة والتشريعات التي وضعت في مرحلة ما تحت عنوان مكافحة الفساد، يحتاج اليوم إلى بدائل جديدة تنسجم مع رؤية الرئيس في محاربة الفساد والفاسدين.

تجدر الإشارة في هذا الصدد أن غياب الإجراءات العملية الواضحة في محاربة الفساد قد تحد من النجاعة رغم توفر الإرادة السياسية. ولعل ذلك ما يفسر التقارير التي تؤكد تراجع تونس في مجال مكافحة الفساد رغم أنها تعد أولوية الأولويات في خارطة ما بعد 25 جويلية وأيضا للعهدة الرئاسية المقبلة .

وعلى سبيل المثال نذكر أن "خطوة للأمام وخطوتان للخلف" هو العنوان الذي اختارته منظمة الشفافية الدولية للجزء المتعلّق بتونس في تقريرها حول مؤشر مدركات الفساد لسنة 2023، ووفق التقرير حلت تونس في المرتبة 87 بحصولها على 40 نقطة على 100 متراجعة برتبتين مقارنة بترتيب سنة 2022 الذي وضع تونس في المرتبة 85 .

هذا التراجع المستمر في ترتيب تونس يرجعه المختصون، إلى جملة من العوامل منها تواصل غلق مقرّ هيئة مكافحة الفساد للسنة الثانية وتعرض المبلغات والمبلغين عن الفساد إلى الهرسلة والتضييقات في ظل غياب الحماية القانونية لهم .

التبليغ عن الفساد

تعطل مسار التبليغ عن الفساد وما يواجهه من صعوبات تعد أحد العناوين الكبرى التي تتطلب إجراءات عملية في سياق الحرب على الفساد إذ تشير بيانات المنظمات المهتمة بمحاربة الفساد أن أكثر من 400 شخص يواجهون صعوبات وحالات تنكيل جراء تبليغهم عن حالات فساد بعد كشف هويتهم. وفي ظل تواصل إغلاق مقر هيئة مكافحة الفساد وتعطل العمل ببقية التشريعات ذات الصلة ومنها المرتبطة بحماية المبلغين.

وقد نفذ سابقا المبلغون عن الفساد عديد الوقفات الاحتجاجية للفت الانتباه إلى هذا الموضوع آخرها تنفيذ وقفة في 24 جويلية الفارط أمام القصر الرئاسي بقرطاج، وذلك لمطالبة رئيس الجمهورية قيس سعيد بتوفير الحماية القضائية لهم وإيقاف التتبعات العدلية ضدهم.

وكانت المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد قد دعت في أكثر من مناسبة وبيان رئيس الجمهورية قيس سعيد الى إرجاع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الى النشاط أو الى تكوين لجنة مشتركة بين رئاستي الجمهورية والحكومة لحماية المبلغين عن الفساد بشكل عاجل.

وشددت المنظمة في أحد بياناتها على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ضد الفاسدين الذين يواصلون التنكيل بالمبلغين وذلك احتراما للفصل 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مؤكدة أن غلق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أدى الى" تقصير الأجهزة المكلفة بإنفاذ القوانين والى زيادة الصعوبات التي يواجهها المبلغون عن الفساد الذين يتم كشف هويتهم والتنكيل بهم".

مقترحات عملية

تمت الدعوة أيضا إلى تنقيح القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين بغاية إسناد القطب القضائي الاقتصادي والمالي مهمة حماية المبلغين وتلقي البلاغات عن الفساد.

واعتبرت أيضا المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد  أن "القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين لم يقدم أية حماية للمبلغين عن الفساد دون أن تتم مراجعته كما اقتضت ذلك أحكام الفصل 5 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تلزم الدولة بالمراجعة الدورية للقوانين التي تضعها لمكافحة الفساد".

ومن المقترحات الأخرى في سياق ضمان النجاعة في محاربة الفساد وتنزيلها من الشعارات على أرض الواقع، نجد الدعوة إلى ضرورة مراجعة كل القوانين المتعلقة بالحوكمة ومكافحة الفساد والتصريح بالمكاسب والمصالح وتبييض الأموال والنفاذ الى المعلومة والقطب القضائي الاقتصادي والمالي التي تم سنها سابقا من أجل وضع حد لحالة التجميد التي هي عليها وتفعيلها من جديد وفق الرؤية الحالية لمحاربة الفساد.

كما تدعو بعض المنظمات إلى "إحداث وكالة جمهورية مالية" في إطار القانون المتعلق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي وتوفير الموارد المادية والبشرية، للقطب لكي يضطلع دون سواه بمهمة مكافحة الفساد.

م.ي

الرئيس اعتبرها أولوية العهدة الرئاسية الجديدة..  النجاعة في مكافحة الفساد بحاجة لتشريعات وآليات جديدة

 

تونس-الصباح

أكد رئيس الجمهورية، قيس سعيد، في خطاب أداء اليمين للعهدة الرئاسية الثانية، على أن "الجبهة التي لا تقل عن جبهة الإرهاب في واجب التصدي هي مواجهة الفساد". تعهد الرئيس هذا بمواصلة الحرب على الفساد التي لطالما ضمنها في أغلب تصريحاته وخطاباته خلال العهدة الرئاسية الأولى، يعتبر البعض أنها بحاجة إلى تشريعات وآليات لتحقيق نجاعة أكبر في محاربة الفساد لا سيما الفساد الإداري الذي لم يتراجع للأسف، بإقرار من الرئيس نفسه.

في تصريحات سابقة، أكد رئيس الجمهورية أن البلاد "في سباق ضد الساعة لكسب الحرب ضد الفساد والمفسدين واللوبيات الذين يتخفون وراء بعض الأشخاص، كاشفا أنه يتلقى يوميا العشرات من ملفات الفساد، منتقدا طول المسار القضائي في هذا المجال رغم توفّر المؤيدات وعدم تحمّل المسؤولين المركزيين والمحليين لمسؤولياتهم".

مضيفا أن "القوانين في العشرية السابقة كان يتمّ إقرارها على مقاس اللوبيات لخدمة مصالحهم ونهب أموال الشعب وتجويعه".

ومن هذا المنطلق يعتبر متابعون أن النجاعة في محاربة الفساد وتفعيل الإرادة الرئاسية المعلنة على أرض الواقع تتطلب مراجعة بعض التشريعات، إلى جانب إيجاد هياكل وآليات يعهد لها المتابعة الدقيقة لمسار محاربة الفساد على كل الأصعدة. لا سيما وأن تجميد بعض المؤسسات السابقة والتشريعات التي وضعت في مرحلة ما تحت عنوان مكافحة الفساد، يحتاج اليوم إلى بدائل جديدة تنسجم مع رؤية الرئيس في محاربة الفساد والفاسدين.

تجدر الإشارة في هذا الصدد أن غياب الإجراءات العملية الواضحة في محاربة الفساد قد تحد من النجاعة رغم توفر الإرادة السياسية. ولعل ذلك ما يفسر التقارير التي تؤكد تراجع تونس في مجال مكافحة الفساد رغم أنها تعد أولوية الأولويات في خارطة ما بعد 25 جويلية وأيضا للعهدة الرئاسية المقبلة .

وعلى سبيل المثال نذكر أن "خطوة للأمام وخطوتان للخلف" هو العنوان الذي اختارته منظمة الشفافية الدولية للجزء المتعلّق بتونس في تقريرها حول مؤشر مدركات الفساد لسنة 2023، ووفق التقرير حلت تونس في المرتبة 87 بحصولها على 40 نقطة على 100 متراجعة برتبتين مقارنة بترتيب سنة 2022 الذي وضع تونس في المرتبة 85 .

هذا التراجع المستمر في ترتيب تونس يرجعه المختصون، إلى جملة من العوامل منها تواصل غلق مقرّ هيئة مكافحة الفساد للسنة الثانية وتعرض المبلغات والمبلغين عن الفساد إلى الهرسلة والتضييقات في ظل غياب الحماية القانونية لهم .

التبليغ عن الفساد

تعطل مسار التبليغ عن الفساد وما يواجهه من صعوبات تعد أحد العناوين الكبرى التي تتطلب إجراءات عملية في سياق الحرب على الفساد إذ تشير بيانات المنظمات المهتمة بمحاربة الفساد أن أكثر من 400 شخص يواجهون صعوبات وحالات تنكيل جراء تبليغهم عن حالات فساد بعد كشف هويتهم. وفي ظل تواصل إغلاق مقر هيئة مكافحة الفساد وتعطل العمل ببقية التشريعات ذات الصلة ومنها المرتبطة بحماية المبلغين.

وقد نفذ سابقا المبلغون عن الفساد عديد الوقفات الاحتجاجية للفت الانتباه إلى هذا الموضوع آخرها تنفيذ وقفة في 24 جويلية الفارط أمام القصر الرئاسي بقرطاج، وذلك لمطالبة رئيس الجمهورية قيس سعيد بتوفير الحماية القضائية لهم وإيقاف التتبعات العدلية ضدهم.

وكانت المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد قد دعت في أكثر من مناسبة وبيان رئيس الجمهورية قيس سعيد الى إرجاع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الى النشاط أو الى تكوين لجنة مشتركة بين رئاستي الجمهورية والحكومة لحماية المبلغين عن الفساد بشكل عاجل.

وشددت المنظمة في أحد بياناتها على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة ضد الفاسدين الذين يواصلون التنكيل بالمبلغين وذلك احتراما للفصل 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مؤكدة أن غلق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أدى الى" تقصير الأجهزة المكلفة بإنفاذ القوانين والى زيادة الصعوبات التي يواجهها المبلغون عن الفساد الذين يتم كشف هويتهم والتنكيل بهم".

مقترحات عملية

تمت الدعوة أيضا إلى تنقيح القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين بغاية إسناد القطب القضائي الاقتصادي والمالي مهمة حماية المبلغين وتلقي البلاغات عن الفساد.

واعتبرت أيضا المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد  أن "القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلق بالتبليغ عن الفساد وحماية المبلغين لم يقدم أية حماية للمبلغين عن الفساد دون أن تتم مراجعته كما اقتضت ذلك أحكام الفصل 5 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تلزم الدولة بالمراجعة الدورية للقوانين التي تضعها لمكافحة الفساد".

ومن المقترحات الأخرى في سياق ضمان النجاعة في محاربة الفساد وتنزيلها من الشعارات على أرض الواقع، نجد الدعوة إلى ضرورة مراجعة كل القوانين المتعلقة بالحوكمة ومكافحة الفساد والتصريح بالمكاسب والمصالح وتبييض الأموال والنفاذ الى المعلومة والقطب القضائي الاقتصادي والمالي التي تم سنها سابقا من أجل وضع حد لحالة التجميد التي هي عليها وتفعيلها من جديد وفق الرؤية الحالية لمحاربة الفساد.

كما تدعو بعض المنظمات إلى "إحداث وكالة جمهورية مالية" في إطار القانون المتعلق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي وتوفير الموارد المادية والبشرية، للقطب لكي يضطلع دون سواه بمهمة مكافحة الفساد.

م.ي