إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من العزل السياسي والتناصف والعتبة إلى تغيير شروط الترشح ونظام الاقتراع.. معارك كبرى في تاريخ القانون الانتخابي

 

تونس-الصباح

تواصل لجنة التشريع العام اليوم بمقر مجلس نواب الشعب النظر في المبادرة التشريعية الجديدة التي تقدم بها عدد من النواب بهدف تنقيح القانون الانتخابي وإتمامه في اتجاه إسناد اختصاصات النظر في نزاعات الترشح ونزاعات النتائج ومراقبة تمويل الحملة لمحاكم الحق العام عوضا عن المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات، وأثارت هذه المبادرة ضجة تحت قبة البرلمان واختلفت الآراء حولها بالنظر إلى تزامنها مع حملة الانتخابات الرئاسية 2024 من ناحية ولأنها جاءت بعد الخلاف الذي حدث مؤخرا بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الإدارية في علاقة بمآل الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية لهذه المحكمة لفائدة كل من منذر الزنايدي وعماد الدائمي وعبد اللطيف المكي.

وفي انتظار عرض تقرير اللجنة حول هذه المبادرة على الجلسة العامة المنتظر عقدها يوم الجمعة القادم في دورة استثنائية، وما ستقرره هذه الجلسة بشأنه يمكن الإشارة إلى أن ولادة القانون الانتخابي لم تكن يسيرة، بل جاءت بعد مخاض عسير ومعارك سياسية وقانونية كبرى عرفها المجلس الوطني التأسيسي برئاسة مصطفى بن جعفر ثم مجلس نواب الشعب برئاسة محمد الناصر فالمجلس المنحل برئاسة راشد الغنوشي، وتعلقت أبرزها بالعزل السياسي والتناصف الأفقي والعمودي والعتبة وتقسيم الدوائر الانتخابية وتغيير نظام الاقتراع وموانع الترشح، وحتى بعد 25 جويلية 2021، لم يخفت الجدل حول القانون الانتخابي إطلاقا حيث أسالت المراسيم الثلاثة الصادرة خلال فترة التدابير الاستثنائية لتعديله وإتمامه الكثير من الحبر القاتم بالنظر إلى تعاقبها ومساسها بأغلب أبوابه.

ففي فترة المجلس الوطني التأسيسي دارت أكبر معركة عرفها قصر باردو بعد معركة الدستور، حول القانون الانتخابي، خاصة بعد أن تقدم نواب من كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية في أفريل 2012 بمقترح قانون يقصي قيادات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل من الحياة السياسية حيث تم اقتراح منع أعضاء الحكومات المتعاقبة في عهد بن علي منذ عام 1987 وأعضاء بالصفة من الحزب من الانضمام إلى أحزاب أخرى للحيلولة دون ترشحهم للانتخابات، وبعد جدل طويل وساخن بين كتل الترويكا وبقية مكونات المجلس تم في نهاية المطاف الاقتصار على منع التجمعيين من عضوية مكاتب الاقتراع بتعلة الرغبة في تحصينها من التدليس ومازال هذا المانع قائما إلى اليوم إذ يشترط في المترشح لعضوية مكاتب الاقتراع ألا يكون قد تحمّل إحدى المسؤوليات التالية في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحلّ: رئيس أو عضو بالديوان السياسي، عضو باللجنة المركزية، المسؤولية السياسية بالإدارة المركزية: أمين قار أو أمين مساعد أو مدير ديوان أو أمين عام للاتحاد التونسي لمنظمات الشباب أو مدير مركز الدراسات والتكوين أو رئيس دائرة أو عضو المكتب الوطني لطلبة التجمع الدستوري الديمقراطي أو عضو لجنة تنسيق أو عضو جامعة ترابية أو مهنية أو رئيس شعبة ترابية أو مهنية.

كما كانت هناك خلافات كثيرة حول شروط الناخب وسجل الناخبين والتناصف وشروط الترشح ومنها تأمين مبلغ مالي قدره عشرة آلاف دينار لخزينة الدولة بالنسبة للمترشح للانتخابات الرئاسية ،حيث كان هذا الشرط محل عريضة طعن بعدم دستورية القانون الانتخابية رفعها مجموعة من النواب وفي مقدمتهم النائب بالمجلس الحالي هشام حسني للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، وقضت الهيئة بتاريخ 14 ماي 2014 بقبول الطعن شكلا ورفضه أصلا وعللت ذلك بأن هذا الشرط من شأنه أن يضمن جدية الترشح لهذه الانتخابات وبالتالي هو لا يخرق مبدأ التناسب وليس من شأنه أن يمس من جوهر الحق في الترشح.

تتالي التعديلات

وبعد الانتخابات 2014 تولى مجلس نواب الشعب تنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء في مناسبتين، كانت الأولى سنة 2017 وذلك بمقتضى القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017، ومن أبرز الخلافات التي حصلت بمناسبة نقاشه بالمجلس تلك المتعلقة بالعتبة حيث تم تقديم مقترح اعتماد العتبة وبعد صراع طويل تم إدراج عتبة في علاقة بالتمويل العمومي حيث نص القانون في صيغته النهائية على أنه لكل مترشح أو قائمة مترشحة، تحصلت على ما لا يقل عن 3% من الأصوات المصرّح بها بالدائرة الانتخابية، منحة عمومية تقديرية بعنوان استرجاع مصاريف انتخابية وذلك بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات شرط الاستظهار بما يفيد إيداع الحسابات المالية لدى محكمة المحاسبات وبعد التثبت من احترام المترشح أو القائمة المترشحة للواجبات القانونية المتعلقة بالحملة الانتخابية وتمويلها. كما وقع اقرار عتبة بثلاثة بالمائة في انتخابات المجالس البلدية والجهوية، ونص القانون عدد 7 لسنة 2017 على أن يجرى التصويت على القائمات في دورة واحدة، ويتم توزيع المقاعد في مستوى الدوائر على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا. إذا ترشحت على مستوى الدائرة أكثر من قائمة، يتم في مرحلة أولى توزيع المقاعد على أساس الحاصل الانتخابي.

 يتم تحديد الحاصل الانتخابي بقسمة عدد الأصوات المصرح بها على عدد المقاعد المخصصة للدائرة. لا تحتسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصلت على أقل من 3% من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة في احتساب الحاصل الانتخابي. لا تدخل في توزيع المقاعد القائمات المترشحة التي تحصلت على أقل من 3% من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة. ويسند إلى القائمة عدد مقاعد بقدر عدد المرات التي تحصلت فيها على الحاصل الانتخابي.

وتسند المقاعد إلى القائمات باعتماد الترتيب الوارد بكل منها. وإذا بقيت مقاعد لم توزع على أساس الحاصل الانتخابي، فإنه يتم توزيعها في مرحلة ثانية على أساس أكبر البقايا على مستوى الدائرة. وإذا تساوت بقايا قائمتين أو أكثر يتم تغليب المترشح الأصغر سنا.

وكان هناك خلاف حول رئاسة المجالس وتم في النهاية التنصيص على أن يترشح رؤساء القائمات الفائزة في الانتخابات لمنصب رئيس المجلس البلدي أو الجهوي وذلك في جلسته الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سنا من دون المترشحين.

وليس هذا فقط بل كانت هناك نقاشات ساخنة وخلافات كبيرة بين نواب كتلة النهضة من جهة وممثلي المحكمة الإدارية من جهة أخرى وذلك خلال النظر في الفصول المتعلقة بالنزاع الانتخابي والآجال المقترحة للبت فيها من قبل هذه المحكمة وبلغ الأمر بأحد نواب هذه الكتلة أن قال لكبار قضاة المحكمة الإدارية "القاضي الذي لا يريد القيام بدوره عليه أن يبقى في منزله" رغم أن ممثلي المحكمة أكدوا يومها على عدم توفر الظروف المناسبة للعمل بسبب محدودية الموارد البشرية وعدم توفر المقرات والتجهيزات.

 وكانت هناك خلافات شديدة حول تمكين الأمنيين والعسكريين من حق الاقتراع وتم أدراج فصل يسمح لهم بالاقتراع في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواها والفصل 6 مكرّر على أن يرسم بسجل الناخبين العسكريون وأعوان قوات الأمن الداخلي في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواهما.

ويذكر أن هذا الفصل تم إلغاؤه بموجب مرسوم صدر في فترة التدابير الاستثنائية بعد حل المجلس النيابي السابق.

ولم يقتصر الأمر على هذه المعارك بل خضع القانون الانتخابي في نهاية المدة النيابية الأولى لمجلس نواب الشعب السابق لتعديل آخر تم بموجب القانون الأساسي عدد 76 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أوت 2019 وذلك في إطار تيسير تنظيم الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها سنة 2019 بعد وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. ولكن قبل ذلك اقترحت حكومة يوسف الشاهد مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون الانتخابي وجوبه هذا المشروع برفض نواب المعارضة لاعتماد العتبة ووصفوا التعديلات التي اقترحتها الحكومة بالساقطة أخلاقيا وسياسيا حيث عبر نواب كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية وكتلة الولاء للوطن عن رفضهم تعديل القانون الانتخابي قبل خمسة اشهر من موعد الانتخابات وفي قلب اللعبة الانتخابية.. ولم تتوصل الكتل البرلمانية الى توافق حول النقاط الخلافية وهي تتعلق بالعتبة والتمويل العمومي للحملة الانتخابية والحاصل الانتخابي وكيفية احتسابه ورفع التحجير على من انتموا الى التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل من عضوية أو رئاسة مكاتب الاقتراع ومنع السياحة البرلمانية. وتقدمت كتلة الائتلاف الوطني خلال جلسة التوافقات بمقترح يهدف إلى تعديل شروط الترشح للانتخابات في اتجاه فرض القيام بالتصريح السنوي بالضريبة على الدخل للسنة المنقضية في الآجال القانونية وتقديم بطاقة عدد 3 خالية من السوابق العدلية، وعدم قبول الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب بالنسبة الى كل شخص تبين للهيئة العليا المستقلة للانتخابات قيامه أو استفادته خلال السنة الانتخابية من أعمال يمنعها التشريع المتعلق بالأحزاب السياسية وخاصة تجاوز سقف جمع التبرعات والهبات والوصايا والتمويل الأجنبي والتمويل من قبل الذوات المعنوية والإشهار السياسي وتوزيع الإعانات وشراء أصوات الناخبين. وأثار هذا المقترح في ذلك الوقت ضجة كبيرة تحت قبة البرلمان، وقدمت كتلة نداء تونس وكتلة الولاء للوطن مقترح تعديل يهدف الى منع السياحة الحزبية. حيث اقترح النواب منجي الحرباوي ومحمد الفاضل بن عمران وحمد الخصخوصي وعدنان الحاجي ومحمد الحامدي وريم محجوب التنصيص في القانون الانتخابي على أن يفقد العضو المنتخب آليا عضويته في الهيكل المنتخب، إذا استقال من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته، أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه. وعلاوة على ذلك يعد شغورا نهائيا إذا استقال العضو المنتخب من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته، أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه.

صراعات سياسية

وفي يوم 13 جوان 2019 وفي أجواء سياسية ساخنة سادها الكثير من التشنج، وبعد مشاورات مكثفة تم تنظيم جلسته عامة للنظر في مشروع تنقيح القانون الانتخابي الذي تم تعليق النظر فيه يوم 19 فيفري 2019 ولكن بعد انتظار دام قرابة الساعتين تم رفعها لعدم اكتمال النصاب.. وفي يوم 18 جوان 2019 صادق مجلس نواب الشعب على مشروع القانون برمته وذلك بموافقة 128 نائبا واعتراض 30 واحتفاظ 14.

ولوحت انس الحطاب النائبة عن نداء تونس آنذاك بأن كتلها ستقدم طعنا فيه وشككت في نزاهة جهة المبادرة التشريعية وتحديدا حزب تحيا تونس وحزب حركة النهضة وقالت انه تم الضغط على النواب والسمسرة بهم ووصفت ما حدث تحت قبة البرلمان بالمشهد المفزع وذكرت أن من يقولون إنهم يريدون تنقية المناخ السياسي عليهم تطبيق ذلك على أنفسهم وفسرت أن حركة النهضة تستعمل الجمعيات الخيرية والمساجد وذكرت أنها ستطعن في مشروع القانون ولن تقف ضد أي منافس بل ستقف مع تونس ديمقراطية، ودعت الحطاب الجميع الى رفض ما أسمته بالمسار المزيف للديمقراطية وطالبت النواب بتحكيم ضمائرهم وقالت لمن دفعوا نحو تمرير مشروع القانون "ان الشعب سيرفضكم لأنكم سماسرة في العمل السياسي". ونص المشروع المصادق عليه على اعتماد عتبة بثلاثة بالمائة عوضا عن خمسة بالمائة في وقت اقترح فيه نواب النهضة عتبة بعشرة بالمائة كما تم إلغاء التحجير على التجمعيين من رئاسة وعضوية مكاتب الاقتراع وتم إقرار منع السياحة الحزبية من خلال التنصيص على أن يفتقد العضو المنتخب آليا عضويته في الهيكل المنتخب، إذا استقال من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه، وتم في نفس المشروع إدراج فصل ينص على أن لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال الاثني عشرة شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية وبالتالي تم سد منافذ تمويل الأحزاب من قبل الجمعيات التي تقوم بأنشطة خيرية وتم اعتبار هذا المقترح آنذاك قد جاء لضرب نبيل القروي، ورغم مصادقة المجلس النيابي على مشروع القانون فإنه لم ير النور لأن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي لم يقم بختمه والإذن بنشره في الرائد الرسمي.

مقترحات بقيت في الرفوف

 وبعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019 وانتصاب المجلس النيابي برئاسة راشد الغنوشي تمت العودة من جديد إلى القانون الانتخابي من خلال نقاش مبادرات تشريعية لتنقيحه وإتمامه تم تقديمها من عدة كتل وبادرت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي يرأسها النائب عن النهضة ناجي الجمل بتنظيم يوم دراسي بالأكاديمية البرلمانية وذلك يوم 11 جانفي 2021 وتم خلاله تقييم القانون الانتخابي وانتهى إلى التوصية بضرورة مراجعة المنظومة القانونية الانتخابية. وعلى هذا الأساس تمّ تبنّي مجموعة من المقترحات والتوصيات التي ساهمت في صياغتها ثلة من المنظمات والجمعيات المختصة في المسائل الانتخابية إلى جانب هيئة الانتخابات ومحكمة المحاسبات والمحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وتولت اللجنة لاحقا إدخال تعديلات جوهرية على القانون الانتخابي ولكن استحال عليها المصادقة على تقريرها الوارد في 42 صفحة وعرضه على جلسة عامة بالنظر إلى قرار رئيس الجمهورية القاضي بتعليق أعمال المجلس ليتم لاحقا حله.

مراسيم رئاسية

 وبعد غلق البرلمان، وبمقتضى الأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية اتخذ رئيس الجمهورية ثلاثة مراسيم تتعلق بتنقيح القانون الانتخابي وإتمامه كان أولها المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جوان 2022 ثم المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 فالمرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023، وكانت هذه التعديلات جوهرية وأدت إلى تغيير المشهد السياسي حيث تم إقرار نظام اقتراع وتوزيع جديد للدوائر الانتخابية كما كانت الكثير من الأحكام الواردة في تلك المراسيم محل انتقادات كبيرة من قبل طيف واسع من المجتمع المدني من أحزاب سياسية وجمعيات بسبب عدم عرضها على استشارة العموم وعدم الاستجابة إلى طلباتها بتنظيم حوار وطني حول القانون الانتخابي والإصلاحات التي يمكن التوافق عليها، وليس هذا فقط بل أثارت المراسيم الثلاثة احتراز العديد من أساتذة القانون خاصة في علاقة بتغيير شروط الترشح ومنها شرط التزكيات والجنسية أو بسحب الوكالة أو الجرائم الانتخابية التي اتخذت صبغة زجرية.. أما الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإنها تعرضت في تقريرها النهائي حول الانتخابات التشريعية الأخيرة الذي رفعته إلى رئيس الجمهورية إلى صعوبات مردها بعض أحكام القانون الانتخابي وأوصت الهيئة بمراجعة تلك الأحكام.

وبعد انتصاب مجلس نواب الشعب المنتخب بمقتضى دستور 2022 تداولت لجنة النظام الداخلي والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية حول مسألة تعديل القانون الانتخابي بهدف تجاوز مشكل الشغور المسجل على مستوى سبعة مقاعد بالمجلس تهم دوائر انتخابية بالخارج ولكن لم يقع تقديم أي مبادرة تشريعية من قبل النواب أو مشروع قانون من قبل رئيس الجمهورية لتجاوز هذا المشكل، أما اليوم فهناك نقاش ساخن تحت قبة البرلمان حول المبادرة التشريعية الجديدة المتعلقة بتنقيح القانون المذكور.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

من العزل السياسي والتناصف والعتبة إلى تغيير شروط الترشح ونظام الاقتراع..   معارك كبرى في تاريخ القانون الانتخابي

 

تونس-الصباح

تواصل لجنة التشريع العام اليوم بمقر مجلس نواب الشعب النظر في المبادرة التشريعية الجديدة التي تقدم بها عدد من النواب بهدف تنقيح القانون الانتخابي وإتمامه في اتجاه إسناد اختصاصات النظر في نزاعات الترشح ونزاعات النتائج ومراقبة تمويل الحملة لمحاكم الحق العام عوضا عن المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات، وأثارت هذه المبادرة ضجة تحت قبة البرلمان واختلفت الآراء حولها بالنظر إلى تزامنها مع حملة الانتخابات الرئاسية 2024 من ناحية ولأنها جاءت بعد الخلاف الذي حدث مؤخرا بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الإدارية في علاقة بمآل الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة القضائية لهذه المحكمة لفائدة كل من منذر الزنايدي وعماد الدائمي وعبد اللطيف المكي.

وفي انتظار عرض تقرير اللجنة حول هذه المبادرة على الجلسة العامة المنتظر عقدها يوم الجمعة القادم في دورة استثنائية، وما ستقرره هذه الجلسة بشأنه يمكن الإشارة إلى أن ولادة القانون الانتخابي لم تكن يسيرة، بل جاءت بعد مخاض عسير ومعارك سياسية وقانونية كبرى عرفها المجلس الوطني التأسيسي برئاسة مصطفى بن جعفر ثم مجلس نواب الشعب برئاسة محمد الناصر فالمجلس المنحل برئاسة راشد الغنوشي، وتعلقت أبرزها بالعزل السياسي والتناصف الأفقي والعمودي والعتبة وتقسيم الدوائر الانتخابية وتغيير نظام الاقتراع وموانع الترشح، وحتى بعد 25 جويلية 2021، لم يخفت الجدل حول القانون الانتخابي إطلاقا حيث أسالت المراسيم الثلاثة الصادرة خلال فترة التدابير الاستثنائية لتعديله وإتمامه الكثير من الحبر القاتم بالنظر إلى تعاقبها ومساسها بأغلب أبوابه.

ففي فترة المجلس الوطني التأسيسي دارت أكبر معركة عرفها قصر باردو بعد معركة الدستور، حول القانون الانتخابي، خاصة بعد أن تقدم نواب من كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية في أفريل 2012 بمقترح قانون يقصي قيادات حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل من الحياة السياسية حيث تم اقتراح منع أعضاء الحكومات المتعاقبة في عهد بن علي منذ عام 1987 وأعضاء بالصفة من الحزب من الانضمام إلى أحزاب أخرى للحيلولة دون ترشحهم للانتخابات، وبعد جدل طويل وساخن بين كتل الترويكا وبقية مكونات المجلس تم في نهاية المطاف الاقتصار على منع التجمعيين من عضوية مكاتب الاقتراع بتعلة الرغبة في تحصينها من التدليس ومازال هذا المانع قائما إلى اليوم إذ يشترط في المترشح لعضوية مكاتب الاقتراع ألا يكون قد تحمّل إحدى المسؤوليات التالية في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحلّ: رئيس أو عضو بالديوان السياسي، عضو باللجنة المركزية، المسؤولية السياسية بالإدارة المركزية: أمين قار أو أمين مساعد أو مدير ديوان أو أمين عام للاتحاد التونسي لمنظمات الشباب أو مدير مركز الدراسات والتكوين أو رئيس دائرة أو عضو المكتب الوطني لطلبة التجمع الدستوري الديمقراطي أو عضو لجنة تنسيق أو عضو جامعة ترابية أو مهنية أو رئيس شعبة ترابية أو مهنية.

كما كانت هناك خلافات كثيرة حول شروط الناخب وسجل الناخبين والتناصف وشروط الترشح ومنها تأمين مبلغ مالي قدره عشرة آلاف دينار لخزينة الدولة بالنسبة للمترشح للانتخابات الرئاسية ،حيث كان هذا الشرط محل عريضة طعن بعدم دستورية القانون الانتخابية رفعها مجموعة من النواب وفي مقدمتهم النائب بالمجلس الحالي هشام حسني للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، وقضت الهيئة بتاريخ 14 ماي 2014 بقبول الطعن شكلا ورفضه أصلا وعللت ذلك بأن هذا الشرط من شأنه أن يضمن جدية الترشح لهذه الانتخابات وبالتالي هو لا يخرق مبدأ التناسب وليس من شأنه أن يمس من جوهر الحق في الترشح.

تتالي التعديلات

وبعد الانتخابات 2014 تولى مجلس نواب الشعب تنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء في مناسبتين، كانت الأولى سنة 2017 وذلك بمقتضى القانون الأساسي عدد 7 لسنة 2017 المؤرخ في 14 فيفري 2017، ومن أبرز الخلافات التي حصلت بمناسبة نقاشه بالمجلس تلك المتعلقة بالعتبة حيث تم تقديم مقترح اعتماد العتبة وبعد صراع طويل تم إدراج عتبة في علاقة بالتمويل العمومي حيث نص القانون في صيغته النهائية على أنه لكل مترشح أو قائمة مترشحة، تحصلت على ما لا يقل عن 3% من الأصوات المصرّح بها بالدائرة الانتخابية، منحة عمومية تقديرية بعنوان استرجاع مصاريف انتخابية وذلك بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات شرط الاستظهار بما يفيد إيداع الحسابات المالية لدى محكمة المحاسبات وبعد التثبت من احترام المترشح أو القائمة المترشحة للواجبات القانونية المتعلقة بالحملة الانتخابية وتمويلها. كما وقع اقرار عتبة بثلاثة بالمائة في انتخابات المجالس البلدية والجهوية، ونص القانون عدد 7 لسنة 2017 على أن يجرى التصويت على القائمات في دورة واحدة، ويتم توزيع المقاعد في مستوى الدوائر على أساس التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا. إذا ترشحت على مستوى الدائرة أكثر من قائمة، يتم في مرحلة أولى توزيع المقاعد على أساس الحاصل الانتخابي.

 يتم تحديد الحاصل الانتخابي بقسمة عدد الأصوات المصرح بها على عدد المقاعد المخصصة للدائرة. لا تحتسب الأوراق البيضاء والأصوات الراجعة للقائمات التي تحصلت على أقل من 3% من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة في احتساب الحاصل الانتخابي. لا تدخل في توزيع المقاعد القائمات المترشحة التي تحصلت على أقل من 3% من الأصوات المصرّح بها على مستوى الدائرة. ويسند إلى القائمة عدد مقاعد بقدر عدد المرات التي تحصلت فيها على الحاصل الانتخابي.

وتسند المقاعد إلى القائمات باعتماد الترتيب الوارد بكل منها. وإذا بقيت مقاعد لم توزع على أساس الحاصل الانتخابي، فإنه يتم توزيعها في مرحلة ثانية على أساس أكبر البقايا على مستوى الدائرة. وإذا تساوت بقايا قائمتين أو أكثر يتم تغليب المترشح الأصغر سنا.

وكان هناك خلاف حول رئاسة المجالس وتم في النهاية التنصيص على أن يترشح رؤساء القائمات الفائزة في الانتخابات لمنصب رئيس المجلس البلدي أو الجهوي وذلك في جلسته الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سنا من دون المترشحين.

وليس هذا فقط بل كانت هناك نقاشات ساخنة وخلافات كبيرة بين نواب كتلة النهضة من جهة وممثلي المحكمة الإدارية من جهة أخرى وذلك خلال النظر في الفصول المتعلقة بالنزاع الانتخابي والآجال المقترحة للبت فيها من قبل هذه المحكمة وبلغ الأمر بأحد نواب هذه الكتلة أن قال لكبار قضاة المحكمة الإدارية "القاضي الذي لا يريد القيام بدوره عليه أن يبقى في منزله" رغم أن ممثلي المحكمة أكدوا يومها على عدم توفر الظروف المناسبة للعمل بسبب محدودية الموارد البشرية وعدم توفر المقرات والتجهيزات.

 وكانت هناك خلافات شديدة حول تمكين الأمنيين والعسكريين من حق الاقتراع وتم أدراج فصل يسمح لهم بالاقتراع في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواها والفصل 6 مكرّر على أن يرسم بسجل الناخبين العسكريون وأعوان قوات الأمن الداخلي في الانتخابات البلدية والجهوية دون سواهما.

ويذكر أن هذا الفصل تم إلغاؤه بموجب مرسوم صدر في فترة التدابير الاستثنائية بعد حل المجلس النيابي السابق.

ولم يقتصر الأمر على هذه المعارك بل خضع القانون الانتخابي في نهاية المدة النيابية الأولى لمجلس نواب الشعب السابق لتعديل آخر تم بموجب القانون الأساسي عدد 76 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أوت 2019 وذلك في إطار تيسير تنظيم الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها سنة 2019 بعد وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي. ولكن قبل ذلك اقترحت حكومة يوسف الشاهد مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون الانتخابي وجوبه هذا المشروع برفض نواب المعارضة لاعتماد العتبة ووصفوا التعديلات التي اقترحتها الحكومة بالساقطة أخلاقيا وسياسيا حيث عبر نواب كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية وكتلة الولاء للوطن عن رفضهم تعديل القانون الانتخابي قبل خمسة اشهر من موعد الانتخابات وفي قلب اللعبة الانتخابية.. ولم تتوصل الكتل البرلمانية الى توافق حول النقاط الخلافية وهي تتعلق بالعتبة والتمويل العمومي للحملة الانتخابية والحاصل الانتخابي وكيفية احتسابه ورفع التحجير على من انتموا الى التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل من عضوية أو رئاسة مكاتب الاقتراع ومنع السياحة البرلمانية. وتقدمت كتلة الائتلاف الوطني خلال جلسة التوافقات بمقترح يهدف إلى تعديل شروط الترشح للانتخابات في اتجاه فرض القيام بالتصريح السنوي بالضريبة على الدخل للسنة المنقضية في الآجال القانونية وتقديم بطاقة عدد 3 خالية من السوابق العدلية، وعدم قبول الترشح لعضوية مجلس نواب الشعب بالنسبة الى كل شخص تبين للهيئة العليا المستقلة للانتخابات قيامه أو استفادته خلال السنة الانتخابية من أعمال يمنعها التشريع المتعلق بالأحزاب السياسية وخاصة تجاوز سقف جمع التبرعات والهبات والوصايا والتمويل الأجنبي والتمويل من قبل الذوات المعنوية والإشهار السياسي وتوزيع الإعانات وشراء أصوات الناخبين. وأثار هذا المقترح في ذلك الوقت ضجة كبيرة تحت قبة البرلمان، وقدمت كتلة نداء تونس وكتلة الولاء للوطن مقترح تعديل يهدف الى منع السياحة الحزبية. حيث اقترح النواب منجي الحرباوي ومحمد الفاضل بن عمران وحمد الخصخوصي وعدنان الحاجي ومحمد الحامدي وريم محجوب التنصيص في القانون الانتخابي على أن يفقد العضو المنتخب آليا عضويته في الهيكل المنتخب، إذا استقال من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته، أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه. وعلاوة على ذلك يعد شغورا نهائيا إذا استقال العضو المنتخب من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته، أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه.

صراعات سياسية

وفي يوم 13 جوان 2019 وفي أجواء سياسية ساخنة سادها الكثير من التشنج، وبعد مشاورات مكثفة تم تنظيم جلسته عامة للنظر في مشروع تنقيح القانون الانتخابي الذي تم تعليق النظر فيه يوم 19 فيفري 2019 ولكن بعد انتظار دام قرابة الساعتين تم رفعها لعدم اكتمال النصاب.. وفي يوم 18 جوان 2019 صادق مجلس نواب الشعب على مشروع القانون برمته وذلك بموافقة 128 نائبا واعتراض 30 واحتفاظ 14.

ولوحت انس الحطاب النائبة عن نداء تونس آنذاك بأن كتلها ستقدم طعنا فيه وشككت في نزاهة جهة المبادرة التشريعية وتحديدا حزب تحيا تونس وحزب حركة النهضة وقالت انه تم الضغط على النواب والسمسرة بهم ووصفت ما حدث تحت قبة البرلمان بالمشهد المفزع وذكرت أن من يقولون إنهم يريدون تنقية المناخ السياسي عليهم تطبيق ذلك على أنفسهم وفسرت أن حركة النهضة تستعمل الجمعيات الخيرية والمساجد وذكرت أنها ستطعن في مشروع القانون ولن تقف ضد أي منافس بل ستقف مع تونس ديمقراطية، ودعت الحطاب الجميع الى رفض ما أسمته بالمسار المزيف للديمقراطية وطالبت النواب بتحكيم ضمائرهم وقالت لمن دفعوا نحو تمرير مشروع القانون "ان الشعب سيرفضكم لأنكم سماسرة في العمل السياسي". ونص المشروع المصادق عليه على اعتماد عتبة بثلاثة بالمائة عوضا عن خمسة بالمائة في وقت اقترح فيه نواب النهضة عتبة بعشرة بالمائة كما تم إلغاء التحجير على التجمعيين من رئاسة وعضوية مكاتب الاقتراع وتم إقرار منع السياحة الحزبية من خلال التنصيص على أن يفتقد العضو المنتخب آليا عضويته في الهيكل المنتخب، إذا استقال من الحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ترشح ضمن قائمته أو كذلك عند الاستقالة من الكتلة النيابية للحزب أو الحركة أو الائتلاف الذي ينتمي إليه، وتم في نفس المشروع إدراج فصل ينص على أن لا يقبل الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال الاثني عشرة شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال تمنعها الفصول 18 و19 و20 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية وبالتالي تم سد منافذ تمويل الأحزاب من قبل الجمعيات التي تقوم بأنشطة خيرية وتم اعتبار هذا المقترح آنذاك قد جاء لضرب نبيل القروي، ورغم مصادقة المجلس النيابي على مشروع القانون فإنه لم ير النور لأن الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي لم يقم بختمه والإذن بنشره في الرائد الرسمي.

مقترحات بقيت في الرفوف

 وبعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019 وانتصاب المجلس النيابي برئاسة راشد الغنوشي تمت العودة من جديد إلى القانون الانتخابي من خلال نقاش مبادرات تشريعية لتنقيحه وإتمامه تم تقديمها من عدة كتل وبادرت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية التي يرأسها النائب عن النهضة ناجي الجمل بتنظيم يوم دراسي بالأكاديمية البرلمانية وذلك يوم 11 جانفي 2021 وتم خلاله تقييم القانون الانتخابي وانتهى إلى التوصية بضرورة مراجعة المنظومة القانونية الانتخابية. وعلى هذا الأساس تمّ تبنّي مجموعة من المقترحات والتوصيات التي ساهمت في صياغتها ثلة من المنظمات والجمعيات المختصة في المسائل الانتخابية إلى جانب هيئة الانتخابات ومحكمة المحاسبات والمحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري وتولت اللجنة لاحقا إدخال تعديلات جوهرية على القانون الانتخابي ولكن استحال عليها المصادقة على تقريرها الوارد في 42 صفحة وعرضه على جلسة عامة بالنظر إلى قرار رئيس الجمهورية القاضي بتعليق أعمال المجلس ليتم لاحقا حله.

مراسيم رئاسية

 وبعد غلق البرلمان، وبمقتضى الأمر عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في 22 سبتمبر 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية اتخذ رئيس الجمهورية ثلاثة مراسيم تتعلق بتنقيح القانون الانتخابي وإتمامه كان أولها المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جوان 2022 ثم المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 فالمرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023، وكانت هذه التعديلات جوهرية وأدت إلى تغيير المشهد السياسي حيث تم إقرار نظام اقتراع وتوزيع جديد للدوائر الانتخابية كما كانت الكثير من الأحكام الواردة في تلك المراسيم محل انتقادات كبيرة من قبل طيف واسع من المجتمع المدني من أحزاب سياسية وجمعيات بسبب عدم عرضها على استشارة العموم وعدم الاستجابة إلى طلباتها بتنظيم حوار وطني حول القانون الانتخابي والإصلاحات التي يمكن التوافق عليها، وليس هذا فقط بل أثارت المراسيم الثلاثة احتراز العديد من أساتذة القانون خاصة في علاقة بتغيير شروط الترشح ومنها شرط التزكيات والجنسية أو بسحب الوكالة أو الجرائم الانتخابية التي اتخذت صبغة زجرية.. أما الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإنها تعرضت في تقريرها النهائي حول الانتخابات التشريعية الأخيرة الذي رفعته إلى رئيس الجمهورية إلى صعوبات مردها بعض أحكام القانون الانتخابي وأوصت الهيئة بمراجعة تلك الأحكام.

وبعد انتصاب مجلس نواب الشعب المنتخب بمقتضى دستور 2022 تداولت لجنة النظام الداخلي والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية حول مسألة تعديل القانون الانتخابي بهدف تجاوز مشكل الشغور المسجل على مستوى سبعة مقاعد بالمجلس تهم دوائر انتخابية بالخارج ولكن لم يقع تقديم أي مبادرة تشريعية من قبل النواب أو مشروع قانون من قبل رئيس الجمهورية لتجاوز هذا المشكل، أما اليوم فهناك نقاش ساخن تحت قبة البرلمان حول المبادرة التشريعية الجديدة المتعلقة بتنقيح القانون المذكور.

سعيدة بوهلال