في وقت تضاءل فيه خيار عقد دورة نيابية استثنائية خلال ما تبقى من شهر سبتمبر الجاري، تلوح العودة البرلمانية بشكلها العادي المقررة خلال بداية شهر أكتوبر المقبل، مثقلة بنشاط تشريعي متنوع، وجدول أعمال مزدحم بأولويات لا تقبل التأجيل، منها مشاريع قوانين مستعجلة النظر لارتباطها بآجال دستورية محددة على غرار مشاريع ميزانية الدولة وقانون المالية للسنة المقبلة، ومشروع قانون يتعلق بالعلاقة بين المجلسين (البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم).
وإضافة إلى مشاريع القوانين التي استكملت مسارها التشريعي وهي عمليا جاهزة لعرضها على الجلسة العامة، يستعد مكتب البرلمان خلال الأيام المقبلة لاستقبال مشاريع قوانين أساسية مهمة للغاية بعضها ذات صبغة مالية، ستحيلها عليه رئاسة الحكومة، بعد أن ينظر فيها مجلس الوزراء ويوافق عليها، وستشكل أولوية العودة البرلمانية وعلى رأسها مشروع قانون المالية لسنة 2025، ومشروع قانون الميزانية العامة للدولة لسنة 2025، على اعتبار صبغتها الاستعجالية بما أن النظر فيها ومناقشتها والمصادقة عليها يجب ألا تتجاوز موعد 10 ديسمبر المقبل.
علما أن مشاريع القوانين المذكورة يفترض أن تكون على جدول أعمال الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء للمصادقة عليه قبل إحالته على مكتب البرلمان..
ضبط العلاقة بين المجلسين
ويعتبر وضع قانون أساسي يضبط العلاقة بين المجلسين، أي البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، من أوكد الأولويات التشريعية للفترة المقبلة، خاصة وأن المصادقة على هذا القانون تعتبر من الركائز الأساسية لنشاط الغرفة التشريعية الثانية التي تستعد للنظر في مشاريع القوانين التي تهم وظيفتها الدستورية والرقابية مثل تلك المتصلة بالشأن المالي والتنموي وعلى رأسها مشروعا قانون المالية وميزانية الدولة لعام 2025..
وتمارس الغرفة الثانية حسب الفصل 85 من الدستور، صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف القضايا، المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.
ولا يختلف اثنان اليوم، في وجود تأخر كبير وبيّن في مسار إعداد نص قانوني ينظم العلاقة بين الغرفتين التشريعيتين، ويتفق جل الخبراء في هذا الصدد على أنه كان من المفترض أن يكون النص جاهزا بالتوازي مع استكمال مسار انتخاب أعضاء الغرفة الثانية وقبل حتى تركيز إدارة مجلس الجهات والأقاليم وهياكله..
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قد جدد خلال اللقاء الذي جمعه يوم 22 أوت المنقضي بقصر قرطاج، بالسيّد كمال المدوري، رئيس الحكومة، تأكيده على ضرورة الإسراع في عرض "مشاريع النصوص التي تمّ إعدادها وسيتمّ عرضها على مجلس الوزراء للتداول فيها في أقرب الآجال"، ومن بينها على وجه الخصوص النصّ المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم، ومشروع تنقيح مجلّة الشغل "لوضع حدّ نهائي لما يُعرف بالمناولة والعقود المحدودة في الزمن، فضلا عن تسوية وضعية عمّال الحضائر"..
عموما، يتوقع أن يدخل البرلمان ولجانه في ما يشبه ماراطونا تشريعيا بالنظر إلى تزاحم مشاريع القوانين وكثرتها، وهو أمر من شأنه أن يخلق ضغطا كبيرا على جدول أعماله، وأيضا في علاقة بالعامل الزمني على اعتبار الآجال القانونية والدستورية التي يجب احترامها..
وتكتسي مشاريع قوانين المالية والميزانية العامة للدولة أهمية بالغة بالنظر إلى عامل الوقت والآجال الدستورية التي يضبطها دستور جويلية 2022 الذي حدّد في فصله الثامن والسبعين، يوم 10 ديسمبر من كل سنة كآخر أجل لمصادقة مجلس نواب الشعب على قانون المالية. علما أن نفس الفصل ينص على أن آخر أجل للحكومة لإحالة مشروع قانون المالية حدد ليوم 15 أكتوبر من كل سنة.
والمميز في العودة البرلمانية المقبلة، أن الغرفة الثانية قد تكون مؤهلة قانونيا للنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية، بعد أن تكون الغرفة الأولى قد أنهت مسار الموافقة عليها، لكن ذلك يظل رهين استكمال عملية المصادقة على مشروع قانون ينظم العلاقة بين الغرفتين في آجال معقولة لا تتجاوز في جل الأحوال منتصف أكتوبر المقبل.
يذكر أن البرلمان حاليا في عطلة برلمانية تتواصل الى غاية 30 سبتمبر الحالي، لكن اللجان البرلمانية القارة واصلت أعمالها الأسبوعية خلال شهري أوت وسبتمبر، بحكم تعهدها بالنظر في مشاريع قوانين ومقترحات تشريعية، مثل مشروع تعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية المتعلق بالموظفين العموميين، ومشروع قانون الجمعيات، والفصل 732 من المجلة التجارية المتعلق بالحسابات البنكية، وغيرها..
وفي هذا الإطار، وفي سياق استعداد البرلمان لمناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل، شرعت لجنة المالية والميزانية في مناقشة تقرير حول تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى السداسي الأول من سنة 2024، والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، وهو تقرير سبق أن أحاله مكتب البرلمان على اللجنة المذكورة.
يذكر أن من أبرز توجهات ميزانية الدولة لسنة 2025 هي ذات صبغة تقشفية – على غرار السنوات السابقة- تهدف إلى التحكم في نسبة التأجير والنفقات وترشيد الانتدابات والتركيز على تنفيذ وبرمجة مشاريع تنموية بالجهات، مع مواصلة تكريس التوجه الاجتماعي للدولة عبر مواصلة نفقات الدعم وبرامج الإحاطة الاجتماعية الموجهة للفئات متوسطة ومحدودة الدخل.
كما ترتكز توجهات ميزانية الدولة لسنة 2025 على المحافظة على التوازنات المالية والتخفيض من عجز ميزانية الدولة والتقليص من اللجوء إلى التداين العمومي ومزيد التعويل على الذات..
وينتظر أن تحيل رئاسة الحكومة خلال الفترة المقبلة مشاريع قوانين مهمة مثل مشروع قانون مكافحة الإقصاء المالي، ومشروع مجلة الصرف، فضلا عن مشروع قانون يتعلق بتنقيح مجلة الشغل..
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
في وقت تضاءل فيه خيار عقد دورة نيابية استثنائية خلال ما تبقى من شهر سبتمبر الجاري، تلوح العودة البرلمانية بشكلها العادي المقررة خلال بداية شهر أكتوبر المقبل، مثقلة بنشاط تشريعي متنوع، وجدول أعمال مزدحم بأولويات لا تقبل التأجيل، منها مشاريع قوانين مستعجلة النظر لارتباطها بآجال دستورية محددة على غرار مشاريع ميزانية الدولة وقانون المالية للسنة المقبلة، ومشروع قانون يتعلق بالعلاقة بين المجلسين (البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم).
وإضافة إلى مشاريع القوانين التي استكملت مسارها التشريعي وهي عمليا جاهزة لعرضها على الجلسة العامة، يستعد مكتب البرلمان خلال الأيام المقبلة لاستقبال مشاريع قوانين أساسية مهمة للغاية بعضها ذات صبغة مالية، ستحيلها عليه رئاسة الحكومة، بعد أن ينظر فيها مجلس الوزراء ويوافق عليها، وستشكل أولوية العودة البرلمانية وعلى رأسها مشروع قانون المالية لسنة 2025، ومشروع قانون الميزانية العامة للدولة لسنة 2025، على اعتبار صبغتها الاستعجالية بما أن النظر فيها ومناقشتها والمصادقة عليها يجب ألا تتجاوز موعد 10 ديسمبر المقبل.
علما أن مشاريع القوانين المذكورة يفترض أن تكون على جدول أعمال الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء للمصادقة عليه قبل إحالته على مكتب البرلمان..
ضبط العلاقة بين المجلسين
ويعتبر وضع قانون أساسي يضبط العلاقة بين المجلسين، أي البرلمان والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، من أوكد الأولويات التشريعية للفترة المقبلة، خاصة وأن المصادقة على هذا القانون تعتبر من الركائز الأساسية لنشاط الغرفة التشريعية الثانية التي تستعد للنظر في مشاريع القوانين التي تهم وظيفتها الدستورية والرقابية مثل تلك المتصلة بالشأن المالي والتنموي وعلى رأسها مشروعا قانون المالية وميزانية الدولة لعام 2025..
وتمارس الغرفة الثانية حسب الفصل 85 من الدستور، صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف القضايا، المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية.
ولا يختلف اثنان اليوم، في وجود تأخر كبير وبيّن في مسار إعداد نص قانوني ينظم العلاقة بين الغرفتين التشريعيتين، ويتفق جل الخبراء في هذا الصدد على أنه كان من المفترض أن يكون النص جاهزا بالتوازي مع استكمال مسار انتخاب أعضاء الغرفة الثانية وقبل حتى تركيز إدارة مجلس الجهات والأقاليم وهياكله..
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قد جدد خلال اللقاء الذي جمعه يوم 22 أوت المنقضي بقصر قرطاج، بالسيّد كمال المدوري، رئيس الحكومة، تأكيده على ضرورة الإسراع في عرض "مشاريع النصوص التي تمّ إعدادها وسيتمّ عرضها على مجلس الوزراء للتداول فيها في أقرب الآجال"، ومن بينها على وجه الخصوص النصّ المتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب ومجلس الجهات والأقاليم، ومشروع تنقيح مجلّة الشغل "لوضع حدّ نهائي لما يُعرف بالمناولة والعقود المحدودة في الزمن، فضلا عن تسوية وضعية عمّال الحضائر"..
عموما، يتوقع أن يدخل البرلمان ولجانه في ما يشبه ماراطونا تشريعيا بالنظر إلى تزاحم مشاريع القوانين وكثرتها، وهو أمر من شأنه أن يخلق ضغطا كبيرا على جدول أعماله، وأيضا في علاقة بالعامل الزمني على اعتبار الآجال القانونية والدستورية التي يجب احترامها..
وتكتسي مشاريع قوانين المالية والميزانية العامة للدولة أهمية بالغة بالنظر إلى عامل الوقت والآجال الدستورية التي يضبطها دستور جويلية 2022 الذي حدّد في فصله الثامن والسبعين، يوم 10 ديسمبر من كل سنة كآخر أجل لمصادقة مجلس نواب الشعب على قانون المالية. علما أن نفس الفصل ينص على أن آخر أجل للحكومة لإحالة مشروع قانون المالية حدد ليوم 15 أكتوبر من كل سنة.
والمميز في العودة البرلمانية المقبلة، أن الغرفة الثانية قد تكون مؤهلة قانونيا للنظر في مشاريع قوانين المالية والميزانية، بعد أن تكون الغرفة الأولى قد أنهت مسار الموافقة عليها، لكن ذلك يظل رهين استكمال عملية المصادقة على مشروع قانون ينظم العلاقة بين الغرفتين في آجال معقولة لا تتجاوز في جل الأحوال منتصف أكتوبر المقبل.
يذكر أن البرلمان حاليا في عطلة برلمانية تتواصل الى غاية 30 سبتمبر الحالي، لكن اللجان البرلمانية القارة واصلت أعمالها الأسبوعية خلال شهري أوت وسبتمبر، بحكم تعهدها بالنظر في مشاريع قوانين ومقترحات تشريعية، مثل مشروع تعديل الفصل 96 من المجلة الجزائية المتعلق بالموظفين العموميين، ومشروع قانون الجمعيات، والفصل 732 من المجلة التجارية المتعلق بالحسابات البنكية، وغيرها..
وفي هذا الإطار، وفي سياق استعداد البرلمان لمناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل، شرعت لجنة المالية والميزانية في مناقشة تقرير حول تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى السداسي الأول من سنة 2024، والفرضيات والتوجهات الكبرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، وهو تقرير سبق أن أحاله مكتب البرلمان على اللجنة المذكورة.
يذكر أن من أبرز توجهات ميزانية الدولة لسنة 2025 هي ذات صبغة تقشفية – على غرار السنوات السابقة- تهدف إلى التحكم في نسبة التأجير والنفقات وترشيد الانتدابات والتركيز على تنفيذ وبرمجة مشاريع تنموية بالجهات، مع مواصلة تكريس التوجه الاجتماعي للدولة عبر مواصلة نفقات الدعم وبرامج الإحاطة الاجتماعية الموجهة للفئات متوسطة ومحدودة الدخل.
كما ترتكز توجهات ميزانية الدولة لسنة 2025 على المحافظة على التوازنات المالية والتخفيض من عجز ميزانية الدولة والتقليص من اللجوء إلى التداين العمومي ومزيد التعويل على الذات..
وينتظر أن تحيل رئاسة الحكومة خلال الفترة المقبلة مشاريع قوانين مهمة مثل مشروع قانون مكافحة الإقصاء المالي، ومشروع مجلة الصرف، فضلا عن مشروع قانون يتعلق بتنقيح مجلة الشغل..