إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الوزير الأول الجزائري: تعزيز التبادل التجاري بين تونس والجزائر يجب أن يكون في مستوى الشراكة الاستثمارية

 
افاد الوزير الأول الجزائري سيفي غريب في افتتاح اشغال اللجنة الكبرى المشتركة التونسية-الجزائرية ان هذا الاجتماع يُمثل فرصة مواتية للوقوف معا على واقع علاقات التعاون والشراكة بين تونس والجزائر، وبحث راهنها ومستقبلها، وخاصة من خلال تقييم ما تم تجسيده منذ الدورة الأخيرة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون، بالجزائر يوم 4 أكتوبر 2023، والتي تُعْتَبَرُ الآلية المحورية لمتابعة ومرافقة الحركية الهامة التي تعرفها علاقات التعاون بين بلدينا الشقيقين.  
وعبّر عن أمله في ان تكون هذه الدورة محطة متميزة على درب تعزيز التعاون والشراكة والتضامن بين الجزائر وتونس، لترقى إلى مستوى الإرادة السياسية لقائدي البلدين، وتكون عند حسن ظن وتطلعات الشعبين الشقيقين. 
وقال: "لقد بلغت علاقات تعاوننا وشراكتنا درجة من النُّضْجِ والتجربة، تُمكننا أن نتخاطب كإخوة وجيران، بالموضوعية الضرورية، التي تضمن تعزيز وتكريس كل ما هو إيجابي ومفيد للطرفين، وتصويب وتقويم كل ما هو دون ذلك، من خلال وضع آليات مبتكرة ومُكيَّفة تسمح بتذليل أي عقبات تعترض تجسيد طموحاتنا المشتركة في مختلف المجالات".
ونوّه الوزير الأول الجزائري بالنتائج الايجابية والـمـُــرْضِيَة، وفق تعبيره، التي تحققت في العديد من قطاعات التعاون، مُشيرا الى التنسيق المتواصل والمكثف بين البلدين لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية، لاسيما في مجال تأمين الحدود المشتركة، من أجل الحد من مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة السرية والتهريب بمختلف أشكاله والاتجار بالمخدرات.
وواصل بالقول: "لا زال التعاون بين البلدين في هذا المجال يخطو خطوات ثابتة وتبعث على الارتياح، كما أكدته مخرجات الاجتماع الثاني للجنة الأمنية المشتركة المنعقدة بالجزائر يومي 14 و15 جويلية 2025، الذي تم خلاله تقييم الوضع الأمني بالمنطقة ودول الجوار وتداعياته على أمن البلدين". 
من جهة اخرى، أعرب عن الارتياح لتوقيع بلدينا مؤخرا على اتفاق للتعاون في المجال العسكري في أكتوبر 2025، والذي يشكل لبنة إضافية في صرح التعاون الثنائي في هذا المجال.   
وفي مجال الطاقة، الذي يمثل حلقة أساسية في التعاون الثنائي، قال الوزير الأول الجزائري: "نسجل بارتياح مساهمة الصادرات الطاقوية الجزائرية في تلبية الطلب الداخلي في تونس على الغاز الطبيعي والكهرباء، ونطمح إلى تعزيز التعاون في هذا المجال من خلال تجسيد المشاريع المهيكلة الرامية لتعزيز الربط الكهربائي الثلاثي".
 
 
حجم المبادلات التجارية بين البلدين
 
وفي سياق آخر، أفاد ان حجم المبادلات التجارية بين البلدين شهد ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ 2.30 مليار دولار سنة 2024، حيث يُـهَيْمِنُ قطاع المحروقات على تركيبتهِ السِّلَعِيَّة، مستدركا بالقول: "ورغم أن تونس تحتل المرتبة الثانية إفريقياً من بين الشركاء التجاريين للجزائر، إلا أن البيانات الإحصائية تُشير إلى أن المبادلات البينية تبقى دون مستوى قدرات البلدين". 
 
كما شدد على ضرورة العمل من أجل دفع التعاون والشراكة نحو المزيد من التكامل والاندماج، عبر توفير الشروط المناسبة لرفع التبادل التجاري خارج المحروقات، ولاسيما من خلال إزالة جميع المعوقات البُنْيَوِيَّة أو الظرفية التي تقف حاجزاً أمام تطوير وانْسِيَابِيَّة حركة المبادلات التجارية. 
وفي هذا الإطار، أكد بشكل خاص على أهمية عقد اجتماعات اللجان التقنية الفرعية لمرافقة التبادل التجاري ووضع الأطر التنظيمية المناسبة لتسهيل انسياب السلع والخدمات بين البلدين، وتكريس الثقة بين المتعاملين الاقتصاديين من الجانبين، معتبرا أن "تعزيز التبادل التجاري يجب أن يرتبط بحركية مشابهة على مستوى ترقية الشراكة الاستثمارية بين البلدين، وهو ما تتجلى معه الحاجة الـمُلِحَّة لتكثيف التواصل بين المستثمرين ورواد الأعمال من البلدين، ووضع أطر مؤسساتية وقانونية تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والتحولات الدولية، وتساهم في بعث ديناميكية فعلية للشراكة بين البلدين". 
 
 
وفي ذات السياق، قال الوزير الأول الجزائري إن وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدُها البلدان والفُرص الكثيرة التي يُتيحها التزامُهما ببناء شراكة متكاملة ومُندمجة، تُشَكِّل حافزا أساسيا للشروع في تجسيد العديد من المشاريع المشتركة، وأضاف: "لعل عدد المشاريع المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات ناهزت قيمتها 350 مليون دولار، ونوايا الاستثمار التي تكاد تقارب هذا المبلغ، كلها مؤشرات تبعث على التفاؤل بمستقبل الشراكة وتبعث على مواصلة العمل من أجل الدفع بها قدما". 
 
الآفاق الواعدة للشراكة
 
وفي هذا السياق، افاد أن الآفاق الواعدة للشراكة التي تم استعراضها يوم أمس خلال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي تؤكد حجم الفرص المتاحة للتعاون، ما يستوجب تكثيف التنسيق من أجل مرافقة المتعاملين المعنيين وتهيئة الظروف المناسبة لهم لتجسيد مشاريعهم ومنح علاقاتنا الثنائية المحتوى الاقتصادي الذي طالما شَدَّدَ قائدا بلدينا على أهمية الرقي به وتعزيزه". 
 
كما أكد ان العلاقات الجزائرية-التونسية تتميز بالترابط المتجذر بين شعبين تجمعهما الثقافة والتاريخ واللغة والدين، فضلا عن تاريخ نضالي مشترك وإيمان راسخ أيضا بالمصير المشترك... اذا يُشكل الجانب الإنساني جوهر هذه العلاقة المتينة، باعتباره الأساس الحقيقي والقوي للتواصل والتضامن بين البلدين الشقيقين.
وفي هذا المضمار، شدد على ضرورة مواصلة العمل من أجل تكييف وتطوير الإطار القانوني لتَنَقُّلِ وإقامة الأفراد بين الجانبين، وتشجيع التواصل الثقافي في مختلف أشكاله وصوره، وتكثيف التظاهرات العلمية والثقافية والرياضية، فضلا عن تعزيز التبادل الطُّلابي.   
 
واعتبر أن إعادة تشغيل خط السكة الحديدية بين عنابة وتونس في أوت 2024، بعد انقطاع دام سنوات طويلة، يُشكل فرصة سانحة للتأكيد على أهمية تكثيف التعاون في مجال النقل وتَيْسيرِ التواصل بين البلدين، وتوفير شروط ديْمُومَتِه وتحسين الخدمات المرتبطة به. 
وأضاف أن موافقة الجانبين على إنشاء "مركز ثقافي" لكل بلد لدى الآخر، سيساهم في تعميق التقارب، ودليل إضافي على العناية التي توليها حكومتا البلدين للبعد الثقافي في علاقاتهما الثنائية. 
وفي نفس الإطار، قال إن هذه المحاور الاستراتيجية الواعدة لتعزيز العلاقات بين البلدين، تتطلب تبني خارطة طريق واضحة المعالم، يتم من خلالها وضع آليات عملية وفق برنامج زمني واضح لتجسيد مشاريع التعاون في القطاعات الحيوية وذات الأولوية، فضلا عن تلك التي تتيحها الفرص الهامة للشراكة والاستثمار، وخاصة تلك التي سبق اقتراحُها من قبل "لجنة التفكير والاستشراف"، خلال اجتماعها الأول، المنعقد بتونس في 8 مارس 2024، فيما يتعلق بالتعاون في مجالات الأمن الغذائي وإنتاج القمح وتحلية مياه البحر وتطوير النقل، وهي مشاريع جديرة أن يبدأ البلدان في تجسيدها.
كما أكد اهمية التفكير بجدية في تطوير آليات التعاون التقليدية من خلال النظر في ترشيد عملها وتكييفها وإعادة هيكلتها بما ينسجم مع الآفاق الاقتصادية في البلدين.
 
القضايا الإقليمية والدولية 
 
وقال: "إن هذا الزخم الذي تشهده علاقات التعاون والتضامن بين البلدين يجد أيضا سَنَدَهُ في التطابق التام لوجهات نظر البلدين إزاء العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتَمَسِّكِهِمَا بالدفاع عن المبادئ والقيم التي تُنَظِّم المجتمع الدولي وتحمي النظام متعدد الأطراف من الانهيار.. ففي ظل الأزمات والمآسي التي يعيشها العالم العربي، يقف البلدان بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة ومحاولات الإجهاز على قضيته من قبل الاحتلال الغاصب، ويُساندان نضاله لنيل حقوقه وبناء دولته المستقلة وعاصمته القدس. كما يتقاسم البلدان نفس الموقف إزاء ما يدور في لبنان وسوريا، البلدان الشقيقان اللذان مازالا يتعرضان لاعتداءات سافرة من الاحتلال الإسرائيلي.. هذا ويدعم بلدانا تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا الشقيقة، من خلال تمكين الأشقاء الليبيين أنفُسِهِم من تحقيق المصالحة الوطنية والإسراع في تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، تُفضي إلى بناء مؤسسات موحدة وشرعية وقوية، بما يحقق أمن واستقرار ووحدة هذا البلد الشقيق، بعيدا عن التدخلات الخارجية، وبما يحفظ ثرواته ويضمن تسخيرها في خدمة رفاهية الشعب الليبي الشقيق... كما يسعى البلدان إلى جانب مصر الشقيقة، لبعث المساهمة بشكل جماعي في مرافقة الأشقاء الليبيين على هذا الدرب، كما تم تأكيده جَلِيًّا خلال الاجتماع الأخير للآلية الوزارية الثلاثية بالجزائر يوم 6 نوفمبر 2025. 
وأوضح انه ضمن ذات التوجه، يتفق البلدان على أهمية استعادة الوئام في السودان الشقيق والحفاظ على وحدته وسيادته وحقن دماء أبناءه وحماية ثرواته... وعلى ضوء هذه التوافق والانسجام، يتعين تعميق التنسيق والتشاور حول مُجمل القضايا الإقليمية والدولية التي تَهُمُّ بلدينا، في عالم يمُوج بالتقلبات والتطورات المضطربة، قصد المساهمة في الحفاظ على استقرار منطقتنا وتعزيز مناعة بلدينا أمام مختلف التحديات والمخاطر".
عبير الطرابلسي 
 
 
الوزير الأول الجزائري: تعزيز التبادل التجاري بين تونس والجزائر يجب أن يكون في مستوى الشراكة الاستثمارية
 
افاد الوزير الأول الجزائري سيفي غريب في افتتاح اشغال اللجنة الكبرى المشتركة التونسية-الجزائرية ان هذا الاجتماع يُمثل فرصة مواتية للوقوف معا على واقع علاقات التعاون والشراكة بين تونس والجزائر، وبحث راهنها ومستقبلها، وخاصة من خلال تقييم ما تم تجسيده منذ الدورة الأخيرة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون، بالجزائر يوم 4 أكتوبر 2023، والتي تُعْتَبَرُ الآلية المحورية لمتابعة ومرافقة الحركية الهامة التي تعرفها علاقات التعاون بين بلدينا الشقيقين.  
وعبّر عن أمله في ان تكون هذه الدورة محطة متميزة على درب تعزيز التعاون والشراكة والتضامن بين الجزائر وتونس، لترقى إلى مستوى الإرادة السياسية لقائدي البلدين، وتكون عند حسن ظن وتطلعات الشعبين الشقيقين. 
وقال: "لقد بلغت علاقات تعاوننا وشراكتنا درجة من النُّضْجِ والتجربة، تُمكننا أن نتخاطب كإخوة وجيران، بالموضوعية الضرورية، التي تضمن تعزيز وتكريس كل ما هو إيجابي ومفيد للطرفين، وتصويب وتقويم كل ما هو دون ذلك، من خلال وضع آليات مبتكرة ومُكيَّفة تسمح بتذليل أي عقبات تعترض تجسيد طموحاتنا المشتركة في مختلف المجالات".
ونوّه الوزير الأول الجزائري بالنتائج الايجابية والـمـُــرْضِيَة، وفق تعبيره، التي تحققت في العديد من قطاعات التعاون، مُشيرا الى التنسيق المتواصل والمكثف بين البلدين لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية، لاسيما في مجال تأمين الحدود المشتركة، من أجل الحد من مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة السرية والتهريب بمختلف أشكاله والاتجار بالمخدرات.
وواصل بالقول: "لا زال التعاون بين البلدين في هذا المجال يخطو خطوات ثابتة وتبعث على الارتياح، كما أكدته مخرجات الاجتماع الثاني للجنة الأمنية المشتركة المنعقدة بالجزائر يومي 14 و15 جويلية 2025، الذي تم خلاله تقييم الوضع الأمني بالمنطقة ودول الجوار وتداعياته على أمن البلدين". 
من جهة اخرى، أعرب عن الارتياح لتوقيع بلدينا مؤخرا على اتفاق للتعاون في المجال العسكري في أكتوبر 2025، والذي يشكل لبنة إضافية في صرح التعاون الثنائي في هذا المجال.   
وفي مجال الطاقة، الذي يمثل حلقة أساسية في التعاون الثنائي، قال الوزير الأول الجزائري: "نسجل بارتياح مساهمة الصادرات الطاقوية الجزائرية في تلبية الطلب الداخلي في تونس على الغاز الطبيعي والكهرباء، ونطمح إلى تعزيز التعاون في هذا المجال من خلال تجسيد المشاريع المهيكلة الرامية لتعزيز الربط الكهربائي الثلاثي".
 
 
حجم المبادلات التجارية بين البلدين
 
وفي سياق آخر، أفاد ان حجم المبادلات التجارية بين البلدين شهد ارتفاعا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغ 2.30 مليار دولار سنة 2024، حيث يُـهَيْمِنُ قطاع المحروقات على تركيبتهِ السِّلَعِيَّة، مستدركا بالقول: "ورغم أن تونس تحتل المرتبة الثانية إفريقياً من بين الشركاء التجاريين للجزائر، إلا أن البيانات الإحصائية تُشير إلى أن المبادلات البينية تبقى دون مستوى قدرات البلدين". 
 
كما شدد على ضرورة العمل من أجل دفع التعاون والشراكة نحو المزيد من التكامل والاندماج، عبر توفير الشروط المناسبة لرفع التبادل التجاري خارج المحروقات، ولاسيما من خلال إزالة جميع المعوقات البُنْيَوِيَّة أو الظرفية التي تقف حاجزاً أمام تطوير وانْسِيَابِيَّة حركة المبادلات التجارية. 
وفي هذا الإطار، أكد بشكل خاص على أهمية عقد اجتماعات اللجان التقنية الفرعية لمرافقة التبادل التجاري ووضع الأطر التنظيمية المناسبة لتسهيل انسياب السلع والخدمات بين البلدين، وتكريس الثقة بين المتعاملين الاقتصاديين من الجانبين، معتبرا أن "تعزيز التبادل التجاري يجب أن يرتبط بحركية مشابهة على مستوى ترقية الشراكة الاستثمارية بين البلدين، وهو ما تتجلى معه الحاجة الـمُلِحَّة لتكثيف التواصل بين المستثمرين ورواد الأعمال من البلدين، ووضع أطر مؤسساتية وقانونية تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والتحولات الدولية، وتساهم في بعث ديناميكية فعلية للشراكة بين البلدين". 
 
 
وفي ذات السياق، قال الوزير الأول الجزائري إن وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي يشهدُها البلدان والفُرص الكثيرة التي يُتيحها التزامُهما ببناء شراكة متكاملة ومُندمجة، تُشَكِّل حافزا أساسيا للشروع في تجسيد العديد من المشاريع المشتركة، وأضاف: "لعل عدد المشاريع المسجلة لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمارات ناهزت قيمتها 350 مليون دولار، ونوايا الاستثمار التي تكاد تقارب هذا المبلغ، كلها مؤشرات تبعث على التفاؤل بمستقبل الشراكة وتبعث على مواصلة العمل من أجل الدفع بها قدما". 
 
الآفاق الواعدة للشراكة
 
وفي هذا السياق، افاد أن الآفاق الواعدة للشراكة التي تم استعراضها يوم أمس خلال المنتدى الاقتصادي الجزائري-التونسي تؤكد حجم الفرص المتاحة للتعاون، ما يستوجب تكثيف التنسيق من أجل مرافقة المتعاملين المعنيين وتهيئة الظروف المناسبة لهم لتجسيد مشاريعهم ومنح علاقاتنا الثنائية المحتوى الاقتصادي الذي طالما شَدَّدَ قائدا بلدينا على أهمية الرقي به وتعزيزه". 
 
كما أكد ان العلاقات الجزائرية-التونسية تتميز بالترابط المتجذر بين شعبين تجمعهما الثقافة والتاريخ واللغة والدين، فضلا عن تاريخ نضالي مشترك وإيمان راسخ أيضا بالمصير المشترك... اذا يُشكل الجانب الإنساني جوهر هذه العلاقة المتينة، باعتباره الأساس الحقيقي والقوي للتواصل والتضامن بين البلدين الشقيقين.
وفي هذا المضمار، شدد على ضرورة مواصلة العمل من أجل تكييف وتطوير الإطار القانوني لتَنَقُّلِ وإقامة الأفراد بين الجانبين، وتشجيع التواصل الثقافي في مختلف أشكاله وصوره، وتكثيف التظاهرات العلمية والثقافية والرياضية، فضلا عن تعزيز التبادل الطُّلابي.   
 
واعتبر أن إعادة تشغيل خط السكة الحديدية بين عنابة وتونس في أوت 2024، بعد انقطاع دام سنوات طويلة، يُشكل فرصة سانحة للتأكيد على أهمية تكثيف التعاون في مجال النقل وتَيْسيرِ التواصل بين البلدين، وتوفير شروط ديْمُومَتِه وتحسين الخدمات المرتبطة به. 
وأضاف أن موافقة الجانبين على إنشاء "مركز ثقافي" لكل بلد لدى الآخر، سيساهم في تعميق التقارب، ودليل إضافي على العناية التي توليها حكومتا البلدين للبعد الثقافي في علاقاتهما الثنائية. 
وفي نفس الإطار، قال إن هذه المحاور الاستراتيجية الواعدة لتعزيز العلاقات بين البلدين، تتطلب تبني خارطة طريق واضحة المعالم، يتم من خلالها وضع آليات عملية وفق برنامج زمني واضح لتجسيد مشاريع التعاون في القطاعات الحيوية وذات الأولوية، فضلا عن تلك التي تتيحها الفرص الهامة للشراكة والاستثمار، وخاصة تلك التي سبق اقتراحُها من قبل "لجنة التفكير والاستشراف"، خلال اجتماعها الأول، المنعقد بتونس في 8 مارس 2024، فيما يتعلق بالتعاون في مجالات الأمن الغذائي وإنتاج القمح وتحلية مياه البحر وتطوير النقل، وهي مشاريع جديرة أن يبدأ البلدان في تجسيدها.
كما أكد اهمية التفكير بجدية في تطوير آليات التعاون التقليدية من خلال النظر في ترشيد عملها وتكييفها وإعادة هيكلتها بما ينسجم مع الآفاق الاقتصادية في البلدين.
 
القضايا الإقليمية والدولية 
 
وقال: "إن هذا الزخم الذي تشهده علاقات التعاون والتضامن بين البلدين يجد أيضا سَنَدَهُ في التطابق التام لوجهات نظر البلدين إزاء العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتَمَسِّكِهِمَا بالدفاع عن المبادئ والقيم التي تُنَظِّم المجتمع الدولي وتحمي النظام متعدد الأطراف من الانهيار.. ففي ظل الأزمات والمآسي التي يعيشها العالم العربي، يقف البلدان بقوة إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة ومحاولات الإجهاز على قضيته من قبل الاحتلال الغاصب، ويُساندان نضاله لنيل حقوقه وبناء دولته المستقلة وعاصمته القدس. كما يتقاسم البلدان نفس الموقف إزاء ما يدور في لبنان وسوريا، البلدان الشقيقان اللذان مازالا يتعرضان لاعتداءات سافرة من الاحتلال الإسرائيلي.. هذا ويدعم بلدانا تسوية سياسية شاملة للأزمة في ليبيا الشقيقة، من خلال تمكين الأشقاء الليبيين أنفُسِهِم من تحقيق المصالحة الوطنية والإسراع في تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، تُفضي إلى بناء مؤسسات موحدة وشرعية وقوية، بما يحقق أمن واستقرار ووحدة هذا البلد الشقيق، بعيدا عن التدخلات الخارجية، وبما يحفظ ثرواته ويضمن تسخيرها في خدمة رفاهية الشعب الليبي الشقيق... كما يسعى البلدان إلى جانب مصر الشقيقة، لبعث المساهمة بشكل جماعي في مرافقة الأشقاء الليبيين على هذا الدرب، كما تم تأكيده جَلِيًّا خلال الاجتماع الأخير للآلية الوزارية الثلاثية بالجزائر يوم 6 نوفمبر 2025. 
وأوضح انه ضمن ذات التوجه، يتفق البلدان على أهمية استعادة الوئام في السودان الشقيق والحفاظ على وحدته وسيادته وحقن دماء أبناءه وحماية ثرواته... وعلى ضوء هذه التوافق والانسجام، يتعين تعميق التنسيق والتشاور حول مُجمل القضايا الإقليمية والدولية التي تَهُمُّ بلدينا، في عالم يمُوج بالتقلبات والتطورات المضطربة، قصد المساهمة في الحفاظ على استقرار منطقتنا وتعزيز مناعة بلدينا أمام مختلف التحديات والمخاطر".
عبير الطرابلسي