جدل كبير رافق سير مناظرة "السيزيام" يتعلّقٌ أساسا باختبار مادة الفرنسيّة..، بعد أن اعتبرت عديد الأوساط أن موضوع الاختبار صعب ولم يكن في مٌتناول التلميذ العادي..، في المقابل ارتفعت أصوات أخرى لتؤكد أن الامتحان المقترح كان في المتناول ولا يمكن مطلقا تصنيفه في خانة المواضيع الصّعبة.
هذا الجدل يٌحيلنا إلى المناظرات الوطنية وتحديدا إلى مناظرتي "السيزيام" و"النّوفيام" وطبيعة المواضيع المقترحة من ذلك هل تتماهى مع قدرات التلميذ العادي الذي يمتلك الحدّ الأدنى من المعارف والمهارات أم أن هذه المناظرات مخصصة "للصفوة" من التلاميذ؟..، لاسيما أنها ليست المرة الأولى التي تكون فيها المواضيع المقترحة في مناظرة "السيزيام" محلّ جدل واسع، ففي الدورة الماضية أيضا من مناظرة "السيزيام" كان الإنتاج الكتابي محل جدل واسع...
من هذا المٌنطلق تتعالى أصوات لتؤكد أنه حتى التلاميذ النخبة لم يعودوا قادرين على مجابهة هذه المٌناظرات في ظل تدنّي مستوى التلاميذ وتجاوزه في بعض الأحيان الخطوط الحمراء.. في حين يؤكد شقّ آخر أن الأزمة هي أزمة مٌكوّنين بالأساس خاصة فيما يتعلق بمسالة اللغات التي تحتاج إلى الكثير والكثير حتى تسترجع "عافيتها" خاصة وأن وزارة التربية وفي وقت ما أقرت بدورها أن من بين الأسباب لتدني وتهاوي المنظومة التربوية هي أزمة المكونين..
في هذا الخٌصوص يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ "الصباح" أن الامتحان المقترح في مناظرة "السيزيام" يعتبر صعبا للغاية ولا يتماشي مطلقا مع قدرات التلميذ العادي أو حتى المتوسط على اعتبار انه يتضمن مفردات عسيرة على الفهم تتجاوز درجة الفهم العادي للتلميذ المتوسط.
وردّا عن سؤال يتعلّق بأن هناك تقريبا شبه إجماع من قبل المٌختصّين من مٌربين وأساتذة لغة فرنسية على أن الاختبار ليس صعبا وإنما في المتناول، أورد مٌحدّثنا أن هنالك فئة من التّلاميذ لها الإمكانيات التي تسمح لها بالتمتّع بالدروس الخصوصية في مادة الفرنسية على مدار السنة، إلى جانب وجود أشخاص يعتبرون اللغة الفرنسية جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وبالتالي فمن البديهي أن يكون الامتحان بالنسبة إليهم يسيرا.
ووجّه مٌحدثنا أصابع الاتهام إلى المنظومة التربوية، معتبرا الاختبارات في المناظرات تعد صعبة في الوقت الراهن استنادا إلى الأداء الحالي للمنظومة التربوية التي تصر على اعتماد سياسة الانتقاء الآلي دون تقديم تحصيل معرفي يفضي إلى تصنيف التلميذ في مستوى معرفي معين. وأضاف رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ في الإطار نفسه أنه يكفي أن 72 بالمائة من التلاميذ لم يتقدموا لإجراء الاختبار أي أنهم يدركون سلفا أنهم غير قادرين على "اقتلاع" معدل 10 من 20..، وبالتالي توخوا سياسة المقاطعة في ظل عدم وجود تقييم جدي وفاعل قبل المحطة التقييمة "السيزيام"، قائلا:" بما أن المنظومة التربوية تعتمد وبوقاحة آلية الارتقاء الآلي دون تقييم جدي كانت المقاطعة خيار الأغلبية".
في المقابل لا يتبني كثيرون لاسيما من أهل الاختصاص وجهة نظر رئيس "الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ"، حيث تذهب فئة هامة من المربين إلى تراجع مهول في مكتسبات التلميذ المعرفية الأمر الذي جعله غير قادر على مجابهة نسق المناظرات. وهو ما يذهب إليه البيداغوجي سعيد الجديدي (معلم متقاعد في مادة الفرنسية) الذي أورد من منطلق تجربته المهنية إلى أن مستوى التلاميذ في اللغات بما في ذلك العربية: اللّغة الأم قد شهد تراجعا واضمحلالا كبيرا".
وفسر محدثنا أن الأمر يعود إلى تركيز فئة هامة من التلاميذ ومنذ المرحلة الابتدائية على المواد العلمية كالرياضيات والإيقاظ العلمي على حساب بقية المواد، وهو ما يعتبر من وجهة نظر الجديدي خطأ جسيما له تداعياته لاحقا في المرحة الثانوية (أين تتحول الرياضيات من العربية إلى الفرنسية) ليجد بذلك التلميذ إشكالا كبيرا في فهم فحوى السؤال رغم انه متمكن من المادة وهو ما يمثل معضلة كبرى..
من جهة أخرى وحول الطرح الذي يشير إلى أن الأزمة اليوم هي أزمة مكونين بالأساس، أشار البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح لـ"الصباح" إلى أنه يتفق نسبيّا مع هذا الطرح مشددا على أنه لا يجوز وضع الجميع في سلة واحدة على اعتبار أن المدرسة العمومية مازالت تزخر بخيرة الكفاءات سواء على مستوى العاصمة أو في الجهات الداخلية الأمر الذي تعكسه نتائج الباكالوريا- في إشارة إلى أن ولاية الكاف هي الأولى على المستوى الوطني في نسب النجاح في شعبة الرياضيات- وأكد محدثنا في هذا الإطار أن مسألة اللغات مسألة متشعبة للغاية تتداخل فيها عديد الأطراف بدءا من التلميذ وصولا إلى المكون، داعيا في هذا السياق إلى إعادة تجربة المدارس الصيفية التي كانت مخصصة لأساتذة اللّغات أين يتلقون فيها دورات تكوينية.. كاشفا انه لا يمكن فيما يتعلق بمسألة اللغات إلقاء اللوم أو تحميل المسؤولية إلى طرف بعينه.. داعيا في هذا الخصوص سلطة الإشراف وكل مكونات ومنظمات المجتمع المدني إلى تسليط الضوء على مسألة اللغات من خلال تكثيف الدورات التكوينية للطرفين.
منال حرزي
تونس-الصباح
جدل كبير رافق سير مناظرة "السيزيام" يتعلّقٌ أساسا باختبار مادة الفرنسيّة..، بعد أن اعتبرت عديد الأوساط أن موضوع الاختبار صعب ولم يكن في مٌتناول التلميذ العادي..، في المقابل ارتفعت أصوات أخرى لتؤكد أن الامتحان المقترح كان في المتناول ولا يمكن مطلقا تصنيفه في خانة المواضيع الصّعبة.
هذا الجدل يٌحيلنا إلى المناظرات الوطنية وتحديدا إلى مناظرتي "السيزيام" و"النّوفيام" وطبيعة المواضيع المقترحة من ذلك هل تتماهى مع قدرات التلميذ العادي الذي يمتلك الحدّ الأدنى من المعارف والمهارات أم أن هذه المناظرات مخصصة "للصفوة" من التلاميذ؟..، لاسيما أنها ليست المرة الأولى التي تكون فيها المواضيع المقترحة في مناظرة "السيزيام" محلّ جدل واسع، ففي الدورة الماضية أيضا من مناظرة "السيزيام" كان الإنتاج الكتابي محل جدل واسع...
من هذا المٌنطلق تتعالى أصوات لتؤكد أنه حتى التلاميذ النخبة لم يعودوا قادرين على مجابهة هذه المٌناظرات في ظل تدنّي مستوى التلاميذ وتجاوزه في بعض الأحيان الخطوط الحمراء.. في حين يؤكد شقّ آخر أن الأزمة هي أزمة مٌكوّنين بالأساس خاصة فيما يتعلق بمسالة اللغات التي تحتاج إلى الكثير والكثير حتى تسترجع "عافيتها" خاصة وأن وزارة التربية وفي وقت ما أقرت بدورها أن من بين الأسباب لتدني وتهاوي المنظومة التربوية هي أزمة المكونين..
في هذا الخٌصوص يشير رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ رضا الزهروني في تصريح لـ "الصباح" أن الامتحان المقترح في مناظرة "السيزيام" يعتبر صعبا للغاية ولا يتماشي مطلقا مع قدرات التلميذ العادي أو حتى المتوسط على اعتبار انه يتضمن مفردات عسيرة على الفهم تتجاوز درجة الفهم العادي للتلميذ المتوسط.
وردّا عن سؤال يتعلّق بأن هناك تقريبا شبه إجماع من قبل المٌختصّين من مٌربين وأساتذة لغة فرنسية على أن الاختبار ليس صعبا وإنما في المتناول، أورد مٌحدّثنا أن هنالك فئة من التّلاميذ لها الإمكانيات التي تسمح لها بالتمتّع بالدروس الخصوصية في مادة الفرنسية على مدار السنة، إلى جانب وجود أشخاص يعتبرون اللغة الفرنسية جزءا لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وبالتالي فمن البديهي أن يكون الامتحان بالنسبة إليهم يسيرا.
ووجّه مٌحدثنا أصابع الاتهام إلى المنظومة التربوية، معتبرا الاختبارات في المناظرات تعد صعبة في الوقت الراهن استنادا إلى الأداء الحالي للمنظومة التربوية التي تصر على اعتماد سياسة الانتقاء الآلي دون تقديم تحصيل معرفي يفضي إلى تصنيف التلميذ في مستوى معرفي معين. وأضاف رئيس الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ في الإطار نفسه أنه يكفي أن 72 بالمائة من التلاميذ لم يتقدموا لإجراء الاختبار أي أنهم يدركون سلفا أنهم غير قادرين على "اقتلاع" معدل 10 من 20..، وبالتالي توخوا سياسة المقاطعة في ظل عدم وجود تقييم جدي وفاعل قبل المحطة التقييمة "السيزيام"، قائلا:" بما أن المنظومة التربوية تعتمد وبوقاحة آلية الارتقاء الآلي دون تقييم جدي كانت المقاطعة خيار الأغلبية".
في المقابل لا يتبني كثيرون لاسيما من أهل الاختصاص وجهة نظر رئيس "الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ"، حيث تذهب فئة هامة من المربين إلى تراجع مهول في مكتسبات التلميذ المعرفية الأمر الذي جعله غير قادر على مجابهة نسق المناظرات. وهو ما يذهب إليه البيداغوجي سعيد الجديدي (معلم متقاعد في مادة الفرنسية) الذي أورد من منطلق تجربته المهنية إلى أن مستوى التلاميذ في اللغات بما في ذلك العربية: اللّغة الأم قد شهد تراجعا واضمحلالا كبيرا".
وفسر محدثنا أن الأمر يعود إلى تركيز فئة هامة من التلاميذ ومنذ المرحلة الابتدائية على المواد العلمية كالرياضيات والإيقاظ العلمي على حساب بقية المواد، وهو ما يعتبر من وجهة نظر الجديدي خطأ جسيما له تداعياته لاحقا في المرحة الثانوية (أين تتحول الرياضيات من العربية إلى الفرنسية) ليجد بذلك التلميذ إشكالا كبيرا في فهم فحوى السؤال رغم انه متمكن من المادة وهو ما يمثل معضلة كبرى..
من جهة أخرى وحول الطرح الذي يشير إلى أن الأزمة اليوم هي أزمة مكونين بالأساس، أشار البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح لـ"الصباح" إلى أنه يتفق نسبيّا مع هذا الطرح مشددا على أنه لا يجوز وضع الجميع في سلة واحدة على اعتبار أن المدرسة العمومية مازالت تزخر بخيرة الكفاءات سواء على مستوى العاصمة أو في الجهات الداخلية الأمر الذي تعكسه نتائج الباكالوريا- في إشارة إلى أن ولاية الكاف هي الأولى على المستوى الوطني في نسب النجاح في شعبة الرياضيات- وأكد محدثنا في هذا الإطار أن مسألة اللغات مسألة متشعبة للغاية تتداخل فيها عديد الأطراف بدءا من التلميذ وصولا إلى المكون، داعيا في هذا السياق إلى إعادة تجربة المدارس الصيفية التي كانت مخصصة لأساتذة اللّغات أين يتلقون فيها دورات تكوينية.. كاشفا انه لا يمكن فيما يتعلق بمسألة اللغات إلقاء اللوم أو تحميل المسؤولية إلى طرف بعينه.. داعيا في هذا الخصوص سلطة الإشراف وكل مكونات ومنظمات المجتمع المدني إلى تسليط الضوء على مسألة اللغات من خلال تكثيف الدورات التكوينية للطرفين.