القبول بـ"الكارثة" التي حصلت في حج هذا العام لم يكن بالأمر السهل وتحميل المسؤوليات كان أمرا حتميا والبداية كانت بإعفاء وزير الشؤون الدينية بمجرد عودته من البقاع المقدسة إلى أرض الوطن.. إقالة الوزير لم تكن بالتأكيد بسبب الوفيات أو حالة الضياع باعتبار أنها شملت "الحجاج غير النظاميين"، بل بسبب سوء إدارة الموضوع وعدم الاهتمام وعدم إعطاء المسألة الأهمية اللازمة والتركيز على الجانب الشخصي وتلميع الصورة عبر مئات الصور المستفزة، في الوقت الذي كان فيه تونسيون على بعد أمتار منه إما متوفّون في عرفات ومنى ومزدلفة، وآخرون بحالة ضياع، وعائلات تونسية تتلظى وتتساءل عن مصير ذويها ممن انقطعت أخبارهم... وزاد الوزير استفزازا بما نشره في تدوينة أو بلاغ "فايسبوكي" حول حصوله على جائزة "لبيتّم" للتميز في خدمة ضيوف الرحمان رغم ما وصفه بلاغ الوزارة أو الوزير بأنها "لا تكترث بالخراصين.. ومثبطي العزائم.. والحملات البائسة..".
وبعيدا عن الوزير، فإن ما حصل في الحج تتحمله بالأساس أطراف أخرى أولها شركات الأسفار التي عملت عن قصد أو غير قصد على التحايل وبقاء آلاف الحاصلين على تأشيرات سياحية أو تأشيرة عمرة في الأراضي السعودية من أجل أداء مناسك الحج بصفة غير نظامية وقانونية، وساعدت على ذلك بعلمها المسبق وبحصولها على مقابل لذلك من خدمات مزعومة، أو أنها قصرت بعدم التبليغ والإعلام عمن تخلف عن العودة إلى تونس مع مجموعته، حتى تقوم السلطات التونسية والسعودية باللازم... وبالتالي فإن وكالات الأسفار المعنية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية ومن المفروض متابعتها ومحاسبتها وسحب التراخيص الممنوحة لها وتغريمها وإحالة مسؤوليها على انظار القضاء بتهمة "التحايل" لتسفير الحجاج بصورة غير نظامية.
المسؤولية يتحملها كذلك الحجاج الذين اختاروا الطريقة غير النظامية لأداء "فريضة" الحج التي قال الله ورسوله إنها واجبة على من استطاع إليها سبيلا، ولا نعتقد أن تعريض الحياة للخطر يدخل في باب الاستطاعة.. ولا "العيش" لأيام وحتى شهور في إطار التخفي وعدم السكينة يتماشى مع شرط الطمأنينة التي تعد من موجبات الحج وصحته.. ولا حتى محاولة القيام بالشعائر دون أدنى خدمات ضرورية كتوفر المبيت والنقل والماء والأكل في ظروف طبيعية جد قاسية ودرجة حرارة لا تطاق، يمكن أن تساعد على إتمام المهمة بسلام..
اللوم على من اختار "الحج غير النظامي" يبقى قائما مع الترحم على أرواح من توفوا، لكن في نفس الوقت وجب الالتفات إلى الأسباب التي جعلت البعض يختار هذا الحل وهو صعوبة بلوغ من نوى الحج مراده لمدة قد تصل العشر سنوات بسبب ضعف الحصة الممنوحة لبلادنا وهي حصص تمنح من قبل السلطات السعودية وفق عدد سكان كل دولة، ولكن السبب الأبرز هو ارتفاع تكاليف الحج التي تتجاوز العشرين ألف دينار للفرد الواحد وهي تكلفة مرتفعة جدا إذا ما قارناها ببعض الدول الأخرى ومن الواجب مراجعتها في السنوات القادمة.
وما يجب الإشارة إليه أن ما حصل في حج هذا العام لم يقتصر على الحجاج التونسيين بل تضرر منه عدد كبير من الحجاج غير النظاميين والذين لا يمكنهم التمتع بالخدمات التي تم توفيرها لـ1.8 مليون حاج حامل لتصاريح حج هذا العام. وقد بلغ عدد وفيات الحجاج هذا العام حسب السلطات السعودية الـ 1126 حاجا أكثر من نصفهم من مصر وعدد كبير آخر من اندونيسيا.
سفيان رجب
القبول بـ"الكارثة" التي حصلت في حج هذا العام لم يكن بالأمر السهل وتحميل المسؤوليات كان أمرا حتميا والبداية كانت بإعفاء وزير الشؤون الدينية بمجرد عودته من البقاع المقدسة إلى أرض الوطن.. إقالة الوزير لم تكن بالتأكيد بسبب الوفيات أو حالة الضياع باعتبار أنها شملت "الحجاج غير النظاميين"، بل بسبب سوء إدارة الموضوع وعدم الاهتمام وعدم إعطاء المسألة الأهمية اللازمة والتركيز على الجانب الشخصي وتلميع الصورة عبر مئات الصور المستفزة، في الوقت الذي كان فيه تونسيون على بعد أمتار منه إما متوفّون في عرفات ومنى ومزدلفة، وآخرون بحالة ضياع، وعائلات تونسية تتلظى وتتساءل عن مصير ذويها ممن انقطعت أخبارهم... وزاد الوزير استفزازا بما نشره في تدوينة أو بلاغ "فايسبوكي" حول حصوله على جائزة "لبيتّم" للتميز في خدمة ضيوف الرحمان رغم ما وصفه بلاغ الوزارة أو الوزير بأنها "لا تكترث بالخراصين.. ومثبطي العزائم.. والحملات البائسة..".
وبعيدا عن الوزير، فإن ما حصل في الحج تتحمله بالأساس أطراف أخرى أولها شركات الأسفار التي عملت عن قصد أو غير قصد على التحايل وبقاء آلاف الحاصلين على تأشيرات سياحية أو تأشيرة عمرة في الأراضي السعودية من أجل أداء مناسك الحج بصفة غير نظامية وقانونية، وساعدت على ذلك بعلمها المسبق وبحصولها على مقابل لذلك من خدمات مزعومة، أو أنها قصرت بعدم التبليغ والإعلام عمن تخلف عن العودة إلى تونس مع مجموعته، حتى تقوم السلطات التونسية والسعودية باللازم... وبالتالي فإن وكالات الأسفار المعنية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية ومن المفروض متابعتها ومحاسبتها وسحب التراخيص الممنوحة لها وتغريمها وإحالة مسؤوليها على انظار القضاء بتهمة "التحايل" لتسفير الحجاج بصورة غير نظامية.
المسؤولية يتحملها كذلك الحجاج الذين اختاروا الطريقة غير النظامية لأداء "فريضة" الحج التي قال الله ورسوله إنها واجبة على من استطاع إليها سبيلا، ولا نعتقد أن تعريض الحياة للخطر يدخل في باب الاستطاعة.. ولا "العيش" لأيام وحتى شهور في إطار التخفي وعدم السكينة يتماشى مع شرط الطمأنينة التي تعد من موجبات الحج وصحته.. ولا حتى محاولة القيام بالشعائر دون أدنى خدمات ضرورية كتوفر المبيت والنقل والماء والأكل في ظروف طبيعية جد قاسية ودرجة حرارة لا تطاق، يمكن أن تساعد على إتمام المهمة بسلام..
اللوم على من اختار "الحج غير النظامي" يبقى قائما مع الترحم على أرواح من توفوا، لكن في نفس الوقت وجب الالتفات إلى الأسباب التي جعلت البعض يختار هذا الحل وهو صعوبة بلوغ من نوى الحج مراده لمدة قد تصل العشر سنوات بسبب ضعف الحصة الممنوحة لبلادنا وهي حصص تمنح من قبل السلطات السعودية وفق عدد سكان كل دولة، ولكن السبب الأبرز هو ارتفاع تكاليف الحج التي تتجاوز العشرين ألف دينار للفرد الواحد وهي تكلفة مرتفعة جدا إذا ما قارناها ببعض الدول الأخرى ومن الواجب مراجعتها في السنوات القادمة.
وما يجب الإشارة إليه أن ما حصل في حج هذا العام لم يقتصر على الحجاج التونسيين بل تضرر منه عدد كبير من الحجاج غير النظاميين والذين لا يمكنهم التمتع بالخدمات التي تم توفيرها لـ1.8 مليون حاج حامل لتصاريح حج هذا العام. وقد بلغ عدد وفيات الحجاج هذا العام حسب السلطات السعودية الـ 1126 حاجا أكثر من نصفهم من مصر وعدد كبير آخر من اندونيسيا.