فيديوهات ومشاهد صادمة لحجيجنا خلال موسم الحج. العشرات إن لم نقل المئات شردوا في العراء دون مأوى أو زاد ودون ماء.. صور لن ينساها أي تونسي خاصة وأن العشرات راحوا ضحية التخاذل والمتاجرة بأحلام مواطنين كانت أكبر آمالهم أداء شعيرة الحج، لكن بأي تكلفة!؟ ومن يتحمل مسؤولية ما حصل!؟
الحج وما رافقه من مشاكل.. ومدى تورط عدد من وكالات الأسفار في ما حصل.. محاور طرحناها على الياس بن عثمان رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة الذي أكد لـ"الصباح" أن ما حصل لحجيج بيت الله الحرام مأساوي بكل المقاييس وأن العديد من الأطراف تتحمل المسؤولية.
"قشارة" و"سماسرة" الحج
وبين الياس بن عثمان أن "قشارة" و"سماسرة" الحج أو ما يطلق عليهم تسمية Les abatteurs "متصيدي الفرص" يتحملون مسؤولية ما حل بالحجيج حيث ادعوا، بالتعاون مع عدد من مرافقي العمرة، أن لهم من الخبرة والقدرة على تنظيم الحج ومرافقة الحجيج لأداء هذه الشعيرة التي تتطلب تنظيما محكما وإحاطة بالحجيج.
كما أكد محدثنا أن شركات الخدمات والتي يقارب عددها 5000 شركة، وهو القطاع الموازي لوكالات الأسفار، ضالعة أيضا في هذه الجريمة التي توفي على إثرها عدد هام من الحجيج.
وأشار إلى أن عمليات التصيد من قبل هؤلاء الانتهازيين تم التركيز فيها على الفارق الهام في السعر بين ما يقدمه هؤلاء وبين الحج المنظم من قبل وزارة الشؤون الدينية وشركة الخدمات الوطنية والإقامة، وأبرز أن أسعار "القشارة" تراوحت بين 7 آلاف و18 ألف دينار مقابل 19.400 ألف دينار للحج المنظم من قبل شركة الخدمات الوطنية والإقامة، كما استندوا أيضا على طول انتظار الحجيج لسحب أسمائهم ضمن عملية القرعة لاسيما وأنهم بقوا لسنوات ضمن قائمة الانتظار، وأوهموهم بتنظيم كل المسائل الحياتية من إقامة وتنقل وأكل في حين أنهم لم يجدوا عند وصولهم أي من هذه الوعود على أرض الواقع.
واعتبر محدثنا أن ما قام به "القشارة" "حرقة" بكل ما للكلمة من معنى حيث تحصلوا على تأشيرة سياحية تمتد لـ3 أشهر غادروا بفضلها تونس نحو المملكة العربية السعودية ليغادر البعض منذ شهر أفريل وآخرون خلال شهر ماي بواسطة رحلات جوية نحو المملكة وعبر كل شركات الطيران التي تنطلق من تونس نحو السعودية سواء عبر الخطوط التونسية أو المصرية أو التركية أو الأردنية.. وغيرها من شركات الطيران رغم علمهم أن هذه التأشيرات غير مصرح لها بالحج لكنهم أوهموا الحجيج عكس ذلك.
وأبرز رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة أنه إذا ثبت ضلوع بعض وكالات الأسفار وتورطها بأي شكل من الأشكال في الحج الموازي فإن الجامعة التونسية لوكالات الأسفار ستتخذ في شانها إجراءات ردعية حاسمة، هذا الى جانب العقوبات التي ستسلط عليها من قبل وزارة السياحة ووزارة الشؤون الدينية، مبينا أن عدد وكالات الأسفار يبلغ 1200 تشغل قرابة 100 ألف عامل.
70 ألف حاج "حارق"
وكشف الياس بن عثمان رئيس لجنة الحج والعمرة أن الجامعة وقبل انطلاق موسم الحج تمكنت من إقناع عدد من الحجيج بالعودة الى تونس خوفا من تعريض أنفسهم للتهلكة فاستجاب البعض الذين عادوا عبر مطار جدة في حين أن عددا كبيرا من "الحارقين" تمت مداهمة أماكن إقامتهم من قبل السلط السعودية وحذروهم من مغبة البقاء الى الحج على اعتبار أن المملكة تستعد للموسم وفق عدد الحجيج المبرمج إلا أنها تفاجأت بأعداد كبيرة إضافية، مؤكدا أن هؤلاء لم يأخذوا هذه التحذيرات بعين الاعتبار.
وكشف محدثنا أنه تابع عملية الحج الموازي منذ انطلاق التحضير لها من قبل "السماسرة" مرجحا بلوغ عدد الحجيج "الحارقين" غير النظاميين من تونس 70 ألفا.
تحذيرات.. ولكن
وكشف رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار لـ"الصباح" أنه اتصل بوزير الشؤون الدينية في أكثر من مناسبة من أجل عقد جلسة قبل انطلاق موسم الحج لإشعاره بإمكانية حصول كارثة "إلا أن الوزير رغم وعوده بالاستجابة لهذا الطلب الذي تكرر لم يجلس معنا، وكانت حينها رحلات الحج الموازي على أشدها حيث غادر الآلاف نحو السعودية دون إعارة الجهات المعنية للموضوع أو لهذا العدد المهول الذي اتجه نحو المملكة أي أهمية."
وأكد محدثنا أن الجميع يتحمل مسؤولية ما حصل وخاصة وزارة الشؤون الدينية التي ورغم العدد المهول من التأشيرات المتحصل عليها نحو المملكة العربية السعودية والكم الهائل من الرحلات ومن المسافرين نحو هذه الوجهة لم تحرك ساكنا ولم تتحر في الموضوع، مشددا على أن "هناك جهات تريد التغطية على هذا الملف للإفلات من المحاسبة"، وفق تعبيره .
كما أشار محدثنا إلى الكم الهائل من المشاكل التي تعرض لها الحجيج النظاميون.
واعتبر أنه كان من المفروض أن تعقد اللجنة العليا للحج والعمرة من أجل الاستعداد لموسم الحج قبل انطلاقه وليس بعد حصول الكارثة، خاصة وأن وكالات الأسفار قادرة بما تتمتع به من خبرات ودراية على إيجاد الحلول.
لماذا لا يتم فتح الحج السياحي!؟
وشدد الياس بن عثمان رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة أن ما فتح المجال أمام "السماسرة" للمتاجرة بأحلام الحجيج هو غلق وزارة الشؤون الدينية الباب أمام وكالات الأسفار لتنظيم الحج السياحي خاصة بالنظر الى ما تتمتع به الوكالات من خبرة واسعة في مجال تنظيم العمرة ومعرفتها بالمسارات المتبعة والميدان وعلاقتها المتميزة بالجهات المعنية في السعودية، حيث يمكن لوكالات الأسفار تنظيم الحج بأسعار تفاضلية وبمنتوج وخدمات أفضل وفي وقت أقل لا يتجاوز الأسبوعين وليس كما هو اليوم في حدود الشهر.
وشدد أن استبعاد وكالات الأسفار من تنظيم الحج تحت إشراف الدولة وفي تعاون تام مع وزارة الشؤون الدنية شجع المارقين عن القانون للإقدام على الخطوة ما أدى إلى هذه النتيجة الكارثية، مؤكدا بالقول أن "الطبيعة تأبى الفراغ".
وأكدا أنه قد تمت المطالبة بتشريك وكالات الأسفار في تنظيم موسم الحج منذ سنوات إلا أن الوضع مازال على ماهو عليه، مشيرا إلى أن القطاع قادر على تقديم خدمات أفضل والترفيع في عدد الحجيج التونسيين وفق ما تطلبه الدولة من الجهات الحكومية السعودية، وأن عدد الحجيج الذين يمكن أن يقوموا بالحج السياحي عبر وكالات الأسفار يناهز 8 آلاف حاج .
حنان قيراط
تونس-الصباح
فيديوهات ومشاهد صادمة لحجيجنا خلال موسم الحج. العشرات إن لم نقل المئات شردوا في العراء دون مأوى أو زاد ودون ماء.. صور لن ينساها أي تونسي خاصة وأن العشرات راحوا ضحية التخاذل والمتاجرة بأحلام مواطنين كانت أكبر آمالهم أداء شعيرة الحج، لكن بأي تكلفة!؟ ومن يتحمل مسؤولية ما حصل!؟
الحج وما رافقه من مشاكل.. ومدى تورط عدد من وكالات الأسفار في ما حصل.. محاور طرحناها على الياس بن عثمان رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة الذي أكد لـ"الصباح" أن ما حصل لحجيج بيت الله الحرام مأساوي بكل المقاييس وأن العديد من الأطراف تتحمل المسؤولية.
"قشارة" و"سماسرة" الحج
وبين الياس بن عثمان أن "قشارة" و"سماسرة" الحج أو ما يطلق عليهم تسمية Les abatteurs "متصيدي الفرص" يتحملون مسؤولية ما حل بالحجيج حيث ادعوا، بالتعاون مع عدد من مرافقي العمرة، أن لهم من الخبرة والقدرة على تنظيم الحج ومرافقة الحجيج لأداء هذه الشعيرة التي تتطلب تنظيما محكما وإحاطة بالحجيج.
كما أكد محدثنا أن شركات الخدمات والتي يقارب عددها 5000 شركة، وهو القطاع الموازي لوكالات الأسفار، ضالعة أيضا في هذه الجريمة التي توفي على إثرها عدد هام من الحجيج.
وأشار إلى أن عمليات التصيد من قبل هؤلاء الانتهازيين تم التركيز فيها على الفارق الهام في السعر بين ما يقدمه هؤلاء وبين الحج المنظم من قبل وزارة الشؤون الدينية وشركة الخدمات الوطنية والإقامة، وأبرز أن أسعار "القشارة" تراوحت بين 7 آلاف و18 ألف دينار مقابل 19.400 ألف دينار للحج المنظم من قبل شركة الخدمات الوطنية والإقامة، كما استندوا أيضا على طول انتظار الحجيج لسحب أسمائهم ضمن عملية القرعة لاسيما وأنهم بقوا لسنوات ضمن قائمة الانتظار، وأوهموهم بتنظيم كل المسائل الحياتية من إقامة وتنقل وأكل في حين أنهم لم يجدوا عند وصولهم أي من هذه الوعود على أرض الواقع.
واعتبر محدثنا أن ما قام به "القشارة" "حرقة" بكل ما للكلمة من معنى حيث تحصلوا على تأشيرة سياحية تمتد لـ3 أشهر غادروا بفضلها تونس نحو المملكة العربية السعودية ليغادر البعض منذ شهر أفريل وآخرون خلال شهر ماي بواسطة رحلات جوية نحو المملكة وعبر كل شركات الطيران التي تنطلق من تونس نحو السعودية سواء عبر الخطوط التونسية أو المصرية أو التركية أو الأردنية.. وغيرها من شركات الطيران رغم علمهم أن هذه التأشيرات غير مصرح لها بالحج لكنهم أوهموا الحجيج عكس ذلك.
وأبرز رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة أنه إذا ثبت ضلوع بعض وكالات الأسفار وتورطها بأي شكل من الأشكال في الحج الموازي فإن الجامعة التونسية لوكالات الأسفار ستتخذ في شانها إجراءات ردعية حاسمة، هذا الى جانب العقوبات التي ستسلط عليها من قبل وزارة السياحة ووزارة الشؤون الدينية، مبينا أن عدد وكالات الأسفار يبلغ 1200 تشغل قرابة 100 ألف عامل.
70 ألف حاج "حارق"
وكشف الياس بن عثمان رئيس لجنة الحج والعمرة أن الجامعة وقبل انطلاق موسم الحج تمكنت من إقناع عدد من الحجيج بالعودة الى تونس خوفا من تعريض أنفسهم للتهلكة فاستجاب البعض الذين عادوا عبر مطار جدة في حين أن عددا كبيرا من "الحارقين" تمت مداهمة أماكن إقامتهم من قبل السلط السعودية وحذروهم من مغبة البقاء الى الحج على اعتبار أن المملكة تستعد للموسم وفق عدد الحجيج المبرمج إلا أنها تفاجأت بأعداد كبيرة إضافية، مؤكدا أن هؤلاء لم يأخذوا هذه التحذيرات بعين الاعتبار.
وكشف محدثنا أنه تابع عملية الحج الموازي منذ انطلاق التحضير لها من قبل "السماسرة" مرجحا بلوغ عدد الحجيج "الحارقين" غير النظاميين من تونس 70 ألفا.
تحذيرات.. ولكن
وكشف رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار لـ"الصباح" أنه اتصل بوزير الشؤون الدينية في أكثر من مناسبة من أجل عقد جلسة قبل انطلاق موسم الحج لإشعاره بإمكانية حصول كارثة "إلا أن الوزير رغم وعوده بالاستجابة لهذا الطلب الذي تكرر لم يجلس معنا، وكانت حينها رحلات الحج الموازي على أشدها حيث غادر الآلاف نحو السعودية دون إعارة الجهات المعنية للموضوع أو لهذا العدد المهول الذي اتجه نحو المملكة أي أهمية."
وأكد محدثنا أن الجميع يتحمل مسؤولية ما حصل وخاصة وزارة الشؤون الدينية التي ورغم العدد المهول من التأشيرات المتحصل عليها نحو المملكة العربية السعودية والكم الهائل من الرحلات ومن المسافرين نحو هذه الوجهة لم تحرك ساكنا ولم تتحر في الموضوع، مشددا على أن "هناك جهات تريد التغطية على هذا الملف للإفلات من المحاسبة"، وفق تعبيره .
كما أشار محدثنا إلى الكم الهائل من المشاكل التي تعرض لها الحجيج النظاميون.
واعتبر أنه كان من المفروض أن تعقد اللجنة العليا للحج والعمرة من أجل الاستعداد لموسم الحج قبل انطلاقه وليس بعد حصول الكارثة، خاصة وأن وكالات الأسفار قادرة بما تتمتع به من خبرات ودراية على إيجاد الحلول.
لماذا لا يتم فتح الحج السياحي!؟
وشدد الياس بن عثمان رئيس لجنة الحج والعمرة بالجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة أن ما فتح المجال أمام "السماسرة" للمتاجرة بأحلام الحجيج هو غلق وزارة الشؤون الدينية الباب أمام وكالات الأسفار لتنظيم الحج السياحي خاصة بالنظر الى ما تتمتع به الوكالات من خبرة واسعة في مجال تنظيم العمرة ومعرفتها بالمسارات المتبعة والميدان وعلاقتها المتميزة بالجهات المعنية في السعودية، حيث يمكن لوكالات الأسفار تنظيم الحج بأسعار تفاضلية وبمنتوج وخدمات أفضل وفي وقت أقل لا يتجاوز الأسبوعين وليس كما هو اليوم في حدود الشهر.
وشدد أن استبعاد وكالات الأسفار من تنظيم الحج تحت إشراف الدولة وفي تعاون تام مع وزارة الشؤون الدنية شجع المارقين عن القانون للإقدام على الخطوة ما أدى إلى هذه النتيجة الكارثية، مؤكدا بالقول أن "الطبيعة تأبى الفراغ".
وأكدا أنه قد تمت المطالبة بتشريك وكالات الأسفار في تنظيم موسم الحج منذ سنوات إلا أن الوضع مازال على ماهو عليه، مشيرا إلى أن القطاع قادر على تقديم خدمات أفضل والترفيع في عدد الحجيج التونسيين وفق ما تطلبه الدولة من الجهات الحكومية السعودية، وأن عدد الحجيج الذين يمكن أن يقوموا بالحج السياحي عبر وكالات الأسفار يناهز 8 آلاف حاج .