حضور باهت في منابر إعلامية.. خطاب أعرج ونقاش لا يغني ولا يسمن من جوع.. تنمر.. "كلاشات" دون وجه حق.. إعداد مسبق للخوض في أعراض شخصية.. لعب أدوار ضحية واستعطاف الجماهير.. كل ذلك في ظل غياب أهل الميدان وأصحاب الاختصاص لإنارة الرأي العام والرقي بالذائقة وإثرائها..
الغريب، بل الخطير هو ذلك الإصرار على مشاركة رموز التفاهة والابتذال حرصا على ارتفاع نسبة المشاهدة وإرضاء رغبات المستشهرين les sponsors المسؤولين الأوائل على البرمجة..
إذ كيف لمنشط تلفزي أن يعمد إلى استفزاز ضيفه بعرض صور شخصيات غالبا ما تنتمي الى نفس الميدان الفني هو، والسماح له بالخوض في معطيات شخصية، سرعان ما تتحول إلى "تراند" على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحصد ٱلاف "اللايكات" وتلبي رغبات "صيادي الفضائح والاتهامات"؟!!
فراغ المحتوى وافتقار تلفزات خاصة لمضامين هادفة يعززه كذلك غياب المختصين في علم الاجتماع والشأن السياسي كما المتمكنين من "الكرونيك" لا اولائك الدخلاء على الإعلام الذين ساهموا بشكل كبير في تبلد الفكر والتعود على التفاهة من خلال التأثير على الناشئة و"سيكولوجية" الجماهير عامة..
يكفي أن يتهجم "الكرونيكور" أو أحد "الفنانين" على هذا أو ذاك ويكون سليط اللسان من أجل التموقع، ليضمن حضوره في "البلاتوهات" ويصبح نجما من نجوم الإعلام والمؤثرين..
من المؤسف حقا أن نؤكد خطورة واستمرار ما يحدث في إطار تشكيل الرأي العام; ذلك أن الأمر من شأنه أن يزيد "الطين بلة"، والحال أننا مازلنا نشتكي فقدان مشاريع ثقافية حقيقية قادرة على تجاوز ما نحن فيه.. مما يستدعي الى مراجعات جذرية ومعمقة ناهيك أن تدني مضامين الانتاجات الاعلامية عامة يحيلنا بالضرورة الى كتاب "سيكولوجية الجماهير" لغوستاف لوبن إذ يورد في مؤلف أن " الخصائص المهمة للجماهير هي تلاشي شخصية الفرد التي تميزه حينما يكون جزءا من الجمهور" ذلك أن الفرد حسب لوبن مهما كانت عبقريته سيتحمس لردة أفعال الأغلبية، لدرجة أنه لا يمكنه القيام بأفعال يتداولها الأغلبية، إن كان وحيدا .. فالجماهير لا تبحث عن الأدلة والحجج والتعمق في تناول المواضيع وإنما تبحث عن السهل وتبسيط الأمور.. أهداف هي نتاج ذكاء أفراد استطاعت أن تتحكم في ميولات الجمهور..
علاقة حتمية أصبحت موجودة في أغلب الوسائل الاعلامية بالعالم لكن يبقى الفرق بين تأثر الجمهور العربي والجمهور الغربي واضحا وضوح الشمس باعتبار اختلاف الثقافتين..
وهو ما تفطن اليه أصحاب تلفزات خاصة خبروا علم نفس الجماهير، لينجحوا في مراحل متقدمة في عملية استقطاب "نماذج تافهة" من كل حدب وصوب الغاية الوحيدة هي تحقيق أرقام قياسية من حيث نسب المشاهدة في ظل غياب البرامج الثقافية والتوعوية ..
ونحسب أنه حان وقت الاستفاقة من سبات قد يتسبب في تدني المستوى الثقافي والأخلاقي عامة ..
وليد عبداللاوي
تونس-الصباح
حضور باهت في منابر إعلامية.. خطاب أعرج ونقاش لا يغني ولا يسمن من جوع.. تنمر.. "كلاشات" دون وجه حق.. إعداد مسبق للخوض في أعراض شخصية.. لعب أدوار ضحية واستعطاف الجماهير.. كل ذلك في ظل غياب أهل الميدان وأصحاب الاختصاص لإنارة الرأي العام والرقي بالذائقة وإثرائها..
الغريب، بل الخطير هو ذلك الإصرار على مشاركة رموز التفاهة والابتذال حرصا على ارتفاع نسبة المشاهدة وإرضاء رغبات المستشهرين les sponsors المسؤولين الأوائل على البرمجة..
إذ كيف لمنشط تلفزي أن يعمد إلى استفزاز ضيفه بعرض صور شخصيات غالبا ما تنتمي الى نفس الميدان الفني هو، والسماح له بالخوض في معطيات شخصية، سرعان ما تتحول إلى "تراند" على مواقع التواصل الاجتماعي، لتحصد ٱلاف "اللايكات" وتلبي رغبات "صيادي الفضائح والاتهامات"؟!!
فراغ المحتوى وافتقار تلفزات خاصة لمضامين هادفة يعززه كذلك غياب المختصين في علم الاجتماع والشأن السياسي كما المتمكنين من "الكرونيك" لا اولائك الدخلاء على الإعلام الذين ساهموا بشكل كبير في تبلد الفكر والتعود على التفاهة من خلال التأثير على الناشئة و"سيكولوجية" الجماهير عامة..
يكفي أن يتهجم "الكرونيكور" أو أحد "الفنانين" على هذا أو ذاك ويكون سليط اللسان من أجل التموقع، ليضمن حضوره في "البلاتوهات" ويصبح نجما من نجوم الإعلام والمؤثرين..
من المؤسف حقا أن نؤكد خطورة واستمرار ما يحدث في إطار تشكيل الرأي العام; ذلك أن الأمر من شأنه أن يزيد "الطين بلة"، والحال أننا مازلنا نشتكي فقدان مشاريع ثقافية حقيقية قادرة على تجاوز ما نحن فيه.. مما يستدعي الى مراجعات جذرية ومعمقة ناهيك أن تدني مضامين الانتاجات الاعلامية عامة يحيلنا بالضرورة الى كتاب "سيكولوجية الجماهير" لغوستاف لوبن إذ يورد في مؤلف أن " الخصائص المهمة للجماهير هي تلاشي شخصية الفرد التي تميزه حينما يكون جزءا من الجمهور" ذلك أن الفرد حسب لوبن مهما كانت عبقريته سيتحمس لردة أفعال الأغلبية، لدرجة أنه لا يمكنه القيام بأفعال يتداولها الأغلبية، إن كان وحيدا .. فالجماهير لا تبحث عن الأدلة والحجج والتعمق في تناول المواضيع وإنما تبحث عن السهل وتبسيط الأمور.. أهداف هي نتاج ذكاء أفراد استطاعت أن تتحكم في ميولات الجمهور..
علاقة حتمية أصبحت موجودة في أغلب الوسائل الاعلامية بالعالم لكن يبقى الفرق بين تأثر الجمهور العربي والجمهور الغربي واضحا وضوح الشمس باعتبار اختلاف الثقافتين..
وهو ما تفطن اليه أصحاب تلفزات خاصة خبروا علم نفس الجماهير، لينجحوا في مراحل متقدمة في عملية استقطاب "نماذج تافهة" من كل حدب وصوب الغاية الوحيدة هي تحقيق أرقام قياسية من حيث نسب المشاهدة في ظل غياب البرامج الثقافية والتوعوية ..
ونحسب أنه حان وقت الاستفاقة من سبات قد يتسبب في تدني المستوى الثقافي والأخلاقي عامة ..