شهدت غاباتنا في السنوات الأخيرة عديد التهديدات ولعل من أبرزها تواتر الحرائق التي تلتهم في كل سنة الآلاف من الهكتارات الغابية كما باتت تطرح عديد الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي تؤدي الى اندلاعها في كل مرة.
اذ اندلع خلال العام الماضي 436 حريقا، حرائق أتت أيضا على مساحات شاسعة من الزراعات الكبرى فكبدت الفلاح والمجموعة الوطنية خسائر فادحة في الوقت الذي تحتاج فيه تونس لكل حبة قمح على اعتبار أن بلادنا تورد قرابة 90% من حاجياتها.
ومع التغييرات المناخية أصبحت درجات الحرارة تصل الى مستويا ت قياسية وهو ما حذر منه خبراء المناخ خلال 2024 اذ نبهوا من ارتفاع غير مسبوق في الحرارة، وهو ما زاد في مخاوف الفلاحين خاصة وأن مناطق عدة شهدت اندلاع الحرائق خلال الأيام الأخيرة .
حيث اندلع حريقان في مساحتين للزراعات الكبرى بولاية جندوبة احدهما اندلع يوم الاثنين 6 ماي 2024، في منطقة أولاد مناع وهي مساحة مزروعة قمحًا وشعيرًا، ومن ألطاف الله أنه قد تمت السيطرة عليه حيث ولم يأت إلا على مساحة 250 م2.
كما اندلع بمنطقة الطارف حريقًا يوم الأربعاء 8 ماي الجاري، بمزرعة أتى على مساحة 250 م2 من القمح.
وفي ذات الوقت، تولت فرق الإطفاء التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بالكاف، التدخل لإخماد حريق بمساحة 8 هكتارات مزروعة شعيرًا بمنطقة أولاد عبيد من معتمدية الدهماني.
واندلع، خلال شهر افريل 2024، حريق في جبل برقو بولاية سليانة، وأتى على مساحات من غابة للصنوبر الحلبي وكذلك غابة شعراء بالمنطقة قدرت بهكتار ونصف الا أنّ أسباب الحريق بقيت مجهولة.
وفي ذات السياق جدّ حريق في الواحة القديمة فطناسة من معتمدية نفطة حيث أتت النيران على 80 من أصول النخيل ومساحة 1000 متر مربع من الأعشاب الجافة.
كما شبّ حريق بإحدى الغابات في عين دراهم من ولاية جندوبة، يوم الأحد 7 أفريل 2024، تمكنت فرق الإطفاء التابعة للحماية المدنية من السيطرة عليه قبل انتشاره.
لابد من حماية الصابة
وفي هذا الصدد افاد الضاوي الميداني رئيس النقابة التونسية للفلاحين "الصباح" أن الحرائق التي شهدتها تونس خلال السنوات الأخيرة كانت نتائجها كارثية على الغطاء الغابي كما امتدت نحو مساحات للزراعات الكبرى، وطالب رئيس نقابة الفلاحين مُختلف المتدخلين للتوقّي والحيلولة دون اندلاع الحرائق خلال صائفة 2024، والعمل على حماية المحاصيل الزراعيّة باعتبارها إحدى ركائز الأمن القومي.
واشار إلى انه من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الأطراف المعنية من أجل الاستعداد المسبق للموسم الصيفي والتقلبات المناخية وضرورة وضع كافة الإمكانيات البشرية والمادية واتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة للتوقي من الكوارث وضمان النجاعة والسرعة في التدخل لحماية الغابات والمحاصيل الزراعية والثروة الفلاحية وخاصة صابة القمح والشعير.
واعتبر الضاوي الميداني ان الوقت قد حان للقيام بعمليات تهيئة وتنظيف المسالك بالمناطق الغابية مع إعطاء الأولوية للمناطق الصعبة التي يتعذر الوصول إليها وذلك للحيلولة دون انتشار الحرائق في صورة اندلاعها.
وكشف ان النقابة تقوم قبل انطلاق كل موسم بتحسيس الفلاحين بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة للتوقي من اندلاع الحرائق بمزارع الحبوب والعلف، حيث شدد على أهمية المبادرة بحرث جوانب المزارع في الإبان خاصة منها المتاخمة للغابات أو التي توجد مباشرة تحت الأسلاك الكهربائية أو المحاذية للسكك الحديدية وتقسيم المزارع الكبرى إلى قطع صغرى وحصادها مع تركيز عملة وجرار بمحراث وصهريج ماء للتدخل، كما تؤكد النقابة على أهمية صيانة وتفقد الآلات الحاصدة التي تكون أحيانا من بين أسباب اندلاع الحرائق في مزارع الحبوب خلال عملية الحصاد.
وزارة الفلاحة والحماية المدنية تستعدان
وللحد من ظاهرة الحرائق وتداعياتها الوخيمة على الغطاء النباتي ، أعدت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بالتعاون مع الديوان الوطني للحماية المدنية ووزارة التجهيز والإسكان خطة عمل خلال صائفة 2024 ، تضمنت جملة من الإجراءات العملية للوقوف على أهم الأسباب المؤدية لنشوب الحرائق .
وتتمثل هذه الإجراءات في تسخير جميع الإمكانيات المادية والبشرية وتقريب الآليات الثقيلة من المناطق الغابية لضمان استجابة أعوان الحماية المدنية وتدخلهم السريع لإخماد الحرائق حال اندلاعها وتطويقها ومنع انتشارها.
كما تتضمن الخطة التي تعمل الهياكل المعنية على تفعيلها خلال الصائفة المقبلة على تكوين فريق عمل يتكون من ممثلين عن الأسلاك الأمنية ومختلف الأطراف المتدخلة والقيام بتنظيف حواشي الطرقات وتهيئة المسالك الفلاحية ومراقبة المصبات المحاذية للغابات ومراقبة آلات الحصاد ومسالك خزن الحبوب وتحسيس الفلاحين بضرورة إتباع النصائح الوقائية والفنية لتأمين الصابة .
كما سيتم انطلاقا من الشهر الحالي العمل على تطوير آليات الرصد والإنذار المبكر لمراقبة المحاصيل الزراعية والغطاء النباتي والغابي وتبادل المعلومات والكشف المسبق لكل محاولة لإضرام النار عمدا والتصدي لها.
هذا وكشف المدير العام للغابات بوزارة الفلاحة، محمد نوفل بن حاحا في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء ان السلطات وضعت خططا مفصلة لحماية الغابات ومحاصيل الزراعات الكبرى.
وبين أن الإدارة العامة للغابات، وقعت اتفاقية مع إحدى الشركات الناشئة التي توفر منظومة لمراقبة الغابات عن بعد، وذلك باعتماد آلات لقياس الحرارة والرطوبة وغيرها من البيانات، مؤكدا على أهمية اللجوء الى التجديد التكنولوجي الذي اعتبره أحد الحلول التي تساعد على تعويض نقص العنصر البشري لمراقبة الغابات في تونس والتي تغطي تقريبا 5.7 ملايين هكتار.
وشرح ان هذه المعدات الذكية سترسل المعطيات الى الإدارة العامة للغابات بشكل حيني، بما يمكّن من الاستعداد الجيّد حال تسجيل تضافر العوامل التي يمكن ان تؤدي الى اندلاع حريق.
كما كشف عن وجود مشاريع أخرى لاستخدام التقنيات الحديثة، اذ يجري في الوقت الراهن، الإعداد لإطلاق مركز يقظة وإنذار مبكر من الحرائق سيدخل حيز الخدمة هذه الصائفة على مستوى الإدارة العامة للغابات، اذ يتميز هذا المركز، والذي يوفر حصص عمل مسترسلة على امتداد اليوم لمراقبة مختلف الجهات والتدخل عند الضرورة بمشاركة عديد الأطراف الأخرى على غرار السلطات الأمنية.
حنان قيراط
تونس - الصباح
شهدت غاباتنا في السنوات الأخيرة عديد التهديدات ولعل من أبرزها تواتر الحرائق التي تلتهم في كل سنة الآلاف من الهكتارات الغابية كما باتت تطرح عديد الأسئلة حول الأسباب الحقيقية التي تؤدي الى اندلاعها في كل مرة.
اذ اندلع خلال العام الماضي 436 حريقا، حرائق أتت أيضا على مساحات شاسعة من الزراعات الكبرى فكبدت الفلاح والمجموعة الوطنية خسائر فادحة في الوقت الذي تحتاج فيه تونس لكل حبة قمح على اعتبار أن بلادنا تورد قرابة 90% من حاجياتها.
ومع التغييرات المناخية أصبحت درجات الحرارة تصل الى مستويا ت قياسية وهو ما حذر منه خبراء المناخ خلال 2024 اذ نبهوا من ارتفاع غير مسبوق في الحرارة، وهو ما زاد في مخاوف الفلاحين خاصة وأن مناطق عدة شهدت اندلاع الحرائق خلال الأيام الأخيرة .
حيث اندلع حريقان في مساحتين للزراعات الكبرى بولاية جندوبة احدهما اندلع يوم الاثنين 6 ماي 2024، في منطقة أولاد مناع وهي مساحة مزروعة قمحًا وشعيرًا، ومن ألطاف الله أنه قد تمت السيطرة عليه حيث ولم يأت إلا على مساحة 250 م2.
كما اندلع بمنطقة الطارف حريقًا يوم الأربعاء 8 ماي الجاري، بمزرعة أتى على مساحة 250 م2 من القمح.
وفي ذات الوقت، تولت فرق الإطفاء التابعة للإدارة الجهوية للحماية المدنية بالكاف، التدخل لإخماد حريق بمساحة 8 هكتارات مزروعة شعيرًا بمنطقة أولاد عبيد من معتمدية الدهماني.
واندلع، خلال شهر افريل 2024، حريق في جبل برقو بولاية سليانة، وأتى على مساحات من غابة للصنوبر الحلبي وكذلك غابة شعراء بالمنطقة قدرت بهكتار ونصف الا أنّ أسباب الحريق بقيت مجهولة.
وفي ذات السياق جدّ حريق في الواحة القديمة فطناسة من معتمدية نفطة حيث أتت النيران على 80 من أصول النخيل ومساحة 1000 متر مربع من الأعشاب الجافة.
كما شبّ حريق بإحدى الغابات في عين دراهم من ولاية جندوبة، يوم الأحد 7 أفريل 2024، تمكنت فرق الإطفاء التابعة للحماية المدنية من السيطرة عليه قبل انتشاره.
لابد من حماية الصابة
وفي هذا الصدد افاد الضاوي الميداني رئيس النقابة التونسية للفلاحين "الصباح" أن الحرائق التي شهدتها تونس خلال السنوات الأخيرة كانت نتائجها كارثية على الغطاء الغابي كما امتدت نحو مساحات للزراعات الكبرى، وطالب رئيس نقابة الفلاحين مُختلف المتدخلين للتوقّي والحيلولة دون اندلاع الحرائق خلال صائفة 2024، والعمل على حماية المحاصيل الزراعيّة باعتبارها إحدى ركائز الأمن القومي.
واشار إلى انه من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل الأطراف المعنية من أجل الاستعداد المسبق للموسم الصيفي والتقلبات المناخية وضرورة وضع كافة الإمكانيات البشرية والمادية واتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة للتوقي من الكوارث وضمان النجاعة والسرعة في التدخل لحماية الغابات والمحاصيل الزراعية والثروة الفلاحية وخاصة صابة القمح والشعير.
واعتبر الضاوي الميداني ان الوقت قد حان للقيام بعمليات تهيئة وتنظيف المسالك بالمناطق الغابية مع إعطاء الأولوية للمناطق الصعبة التي يتعذر الوصول إليها وذلك للحيلولة دون انتشار الحرائق في صورة اندلاعها.
وكشف ان النقابة تقوم قبل انطلاق كل موسم بتحسيس الفلاحين بضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة للتوقي من اندلاع الحرائق بمزارع الحبوب والعلف، حيث شدد على أهمية المبادرة بحرث جوانب المزارع في الإبان خاصة منها المتاخمة للغابات أو التي توجد مباشرة تحت الأسلاك الكهربائية أو المحاذية للسكك الحديدية وتقسيم المزارع الكبرى إلى قطع صغرى وحصادها مع تركيز عملة وجرار بمحراث وصهريج ماء للتدخل، كما تؤكد النقابة على أهمية صيانة وتفقد الآلات الحاصدة التي تكون أحيانا من بين أسباب اندلاع الحرائق في مزارع الحبوب خلال عملية الحصاد.
وزارة الفلاحة والحماية المدنية تستعدان
وللحد من ظاهرة الحرائق وتداعياتها الوخيمة على الغطاء النباتي ، أعدت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بالتعاون مع الديوان الوطني للحماية المدنية ووزارة التجهيز والإسكان خطة عمل خلال صائفة 2024 ، تضمنت جملة من الإجراءات العملية للوقوف على أهم الأسباب المؤدية لنشوب الحرائق .
وتتمثل هذه الإجراءات في تسخير جميع الإمكانيات المادية والبشرية وتقريب الآليات الثقيلة من المناطق الغابية لضمان استجابة أعوان الحماية المدنية وتدخلهم السريع لإخماد الحرائق حال اندلاعها وتطويقها ومنع انتشارها.
كما تتضمن الخطة التي تعمل الهياكل المعنية على تفعيلها خلال الصائفة المقبلة على تكوين فريق عمل يتكون من ممثلين عن الأسلاك الأمنية ومختلف الأطراف المتدخلة والقيام بتنظيف حواشي الطرقات وتهيئة المسالك الفلاحية ومراقبة المصبات المحاذية للغابات ومراقبة آلات الحصاد ومسالك خزن الحبوب وتحسيس الفلاحين بضرورة إتباع النصائح الوقائية والفنية لتأمين الصابة .
كما سيتم انطلاقا من الشهر الحالي العمل على تطوير آليات الرصد والإنذار المبكر لمراقبة المحاصيل الزراعية والغطاء النباتي والغابي وتبادل المعلومات والكشف المسبق لكل محاولة لإضرام النار عمدا والتصدي لها.
هذا وكشف المدير العام للغابات بوزارة الفلاحة، محمد نوفل بن حاحا في حوار مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء ان السلطات وضعت خططا مفصلة لحماية الغابات ومحاصيل الزراعات الكبرى.
وبين أن الإدارة العامة للغابات، وقعت اتفاقية مع إحدى الشركات الناشئة التي توفر منظومة لمراقبة الغابات عن بعد، وذلك باعتماد آلات لقياس الحرارة والرطوبة وغيرها من البيانات، مؤكدا على أهمية اللجوء الى التجديد التكنولوجي الذي اعتبره أحد الحلول التي تساعد على تعويض نقص العنصر البشري لمراقبة الغابات في تونس والتي تغطي تقريبا 5.7 ملايين هكتار.
وشرح ان هذه المعدات الذكية سترسل المعطيات الى الإدارة العامة للغابات بشكل حيني، بما يمكّن من الاستعداد الجيّد حال تسجيل تضافر العوامل التي يمكن ان تؤدي الى اندلاع حريق.
كما كشف عن وجود مشاريع أخرى لاستخدام التقنيات الحديثة، اذ يجري في الوقت الراهن، الإعداد لإطلاق مركز يقظة وإنذار مبكر من الحرائق سيدخل حيز الخدمة هذه الصائفة على مستوى الإدارة العامة للغابات، اذ يتميز هذا المركز، والذي يوفر حصص عمل مسترسلة على امتداد اليوم لمراقبة مختلف الجهات والتدخل عند الضرورة بمشاركة عديد الأطراف الأخرى على غرار السلطات الأمنية.