_ أدب الطفل في الوطن العربي يواجه أزمة..ومخاطر وسائل التواصل الحديثة كارثية
لم نرتب لأي موعد، أو ننسق لأي لقاء، الصدفة وحدها ، جمعتنا ببيت الحكمة بالشارقة على هامش مهرجان الشارقة القرائي للطفل ، ليكون الحديث معه ممتعا وذو شجون، وهو الذي يحمل ذكريات جميلة عن تونس وأهلها.
انه الشاعر الأردني وعضو منظمة "الالكسو" محمد جمال عمر الذي جمعنا به لقاء ثري ، تطرقنا من خلاله إلى الشعر وهو شاعر الطفولة ، كما تحدث عن أزمة أدب الطفل في الوطن العربي ومخاطر وسائل التواصل الحديثة وغيرها من المسائل الهامة من خلال هذا الحوار:
مع تونس لك أكثر من حكاية ورواية، وأصدرت ديوان " في حب تونس"، كما كتبت قصائد لأكثر من رمز وأكثر من شخصية تونسية..فكيف انطلقت قصة هذا "العشق"؟
أنا فلسطيني الأصل، أردني الجنسية وتونسي الهوى، أحببت تونس وترددت على معارض صفاقس للطفل مشاركا في ندواته العلمية وأنشطته ومختلف فعالياته، ومن هنا انطلقت قصة عشقي لتونس وأهل تونس ، وأتذكر يوما كنت متنقلا في تونس وسألت السائق عن تمثال بصفاقس فاستغرب أني لم اعرفه لكني قلت له إني أردني، فقال لي هذا تمثال الزعيم حشاد، ومن هناك بحثت عن كل المعلومات حوله وكتبت عنه قصيدة وهذه القصيدة تولدت عنها قصائد حول الزعيم بورقيبة والرمز ابو القاسم الشابي وغيرهما وجمعت كل القصائد في ديوان أسميته "في حب تونس". وقد وقعته بـ"مهرجان صفاقس للطفل" في يوم مشهود ارتديت فيه الشاشية التونسية ، ومازلت احتفظ بكل اللباس التقليدي التونسي وتجمعني بالكثير من المثقفين وخاصة في مجال الطفولة صداقات قوية، وسأظل على العهد في حب تونس التي عشقتها حد النخاع.
- هل تعتقد أن أدب الطفل في العالم العربي يعيش أزمة في الظرف الراهن؟، وكيف تشخص مسبباتها وتبلور حلولها الممكنة؟
في الحقيقة يعاني أدب الطفل في الوطن العربي من مشمولات عدة بعضها يتصل بالقراءة والأهل والمربين وقسم مهم منها يقع على عاتق المؤسسات الرسمية والعامة.
وللتفصيل نقول بأن العلاقة بين الناشرين وكتاب أدب الطفل العربي علاقة ضبابية تعتريها مشكلات وشكاوى متبادلة بين الطرفين، الكاتب يشكو ضعف المردود المادي من الناشر والعقود المجحفة في بعض الأحيان، والناشر يشكو سوء التوزيع وضعف الإقبال على شراء الكتاب العربي وما إلى ذلك من قضايا.
أما ما يتصل بالأهل والمربين فهو ينطبق على المقولة "فاقد الشيء لا يعطيه" اذ ينبغي على الأهل والمربين أن يكونوا قراء ومحبين للكتب حتى يستطيعوا انشاء جيل من الأطفال يحب الكتاب والقراءة ويعدها فقرة أساسية في حياته اليومية. أما ما يتصل بالمؤسسات الرسمية والعامة فإنها تخلت عن دورها في دعم ثقافة الطفل العربي رغم وجود قوانين غير مفعلة في بعض الدول العربية بدعم تلك المؤسسات للمؤلف والناشر لشراء نسخ من كتابه حتى لو كانت تلك المؤسسات غير معنية بموضوع ذلك الكتاب وهو ما لم يعد يعمل به في أيامنا هذه التي تشهد أزمة قراءة.
_ أي مكانة اليوم لشعر الطفولة ؟، هل يجد الشاعر اهتماما ومكانة من دور النشر ؟ ، وما مدى شغف الطفل العربي اليوم بالشعر؟
بوصفي شاعرا للطفولة العربية فأنني أعاني كما يعاني زملائي من ضعف إقبال الناشرين على نشر وطباعة الدواوين الشعرية للأطفال بحجة أن الطفل لا يقبل عليها .وأظن أن هذه حاجة ينفيها الواقع ذلك أننا نقرأ للطفل القصائد الشهرة في الأنشطة التي نقيمها في المدارس وفي أماكن تجمعات الأطفال ونلمس قبول الأطفال لها وسعادتهم بها وإقبالهم عليها وتفاعلهم معنا في مضامينها.
وعلى الصعيد الشخصي قمت بإصدار عدة حكايات شعرية بهدف الجمع بين الجنسين الأدبيين الحكاية والقصيدة في محاولة مني لإقناع الناشرين بهذا اللون وقد لقيت هذه الحكايات قبولا طيبا.
نحن نعلم مكانة الشعر في أمتنا العربية قديما وحديثا إذ كانت القصيدة تحرك جيشا أو تشعل حربا أو تصنع سلما، ومن هنا علينا إعادة الاعتبار إلى القصيدة الشعرية الموجهة إلى الطفل العربي.
_إلى أي مدى يمكن المصالحة بين الطفل والكتاب رغم المنافسة القوية للوسائط الحديثة بهدف جذب وإبهار الطفل وما سببه ذلك من عزوف عن المطالعة والقراءة ؟
إن المنافسة القوية للوسائط الحديثة في ثقافة الطفل تفرض علينا جميعا وضع المشكلة نصب أعيننا ووضع الحلول المناسبة لها والتعاون كل من موقعه لإعادة الاعتبار للكتاب الورقي سعيا لتحبيب القراءة إلى الطفل .وهنا تبرز أهمية المؤسسات التي تقدم الكتب للأطفال من مكتبات عامة ومكتبات مدرسية ومكتبات منزلية والنظر فيما تحتويه تلك المكتبات ليس من الكتب فحسب وإنما من الأنشطة المرافقة والمصممة لتحبيب الطفل بالكتاب الورقي وإعادة الاعتبار إليه وأنا في ذلك مثال على المناهج البريطانية التي تم حوسبتها ،وأصبح التدريس على الألواح الالكترونية ثم أجريت اختبارات لمخرجات هذه التجربة فتبين أن التأثير السلبي لتلك الألواح والشاشات ليس فقط في بصر الطفل وإنما في أعصابه وتبين للقائمين على التعليم أن هناك خطورة هذا الوسيط فعادوا إلى الكتاب الورقي، وهذه ليست دعوة لرفض التطور والتقدم وإنما لتنظيم استخدام هذا التطور وهذا التقدم.
_أي مخاطر لوسائل التواصل الحديثة على الأطفال لاسيما أن الخبراء دقوا نواقيس الخطر حول تداعياتها الكارثية في زمن تعلق فيه الطفل بالهواتف الجوالة ومختلف الوسائل الحديثة ؟
إننا نرى تعلق الطفل اليوم بالهواتف الجوالة وما تحتويه من رسوم متحركة وألعاب جاذبة وما إلى ذلك من عناصر الجذب والإبهار من موسيقى ومؤشرات صوتية وغيرها الأمر الذي يدفعنا إلى أن ندق ناقوس الخطر وننظم تعامل الطفل مع هذه الوسائط من حيث تحديد المدة التي حددها التربويون بساعتين يوميا.
إننا بصدد موضوع على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة يفرض علينا جميعا التعاون في الوصول إلى الحلول المثلى التي تحقق الفائدة المرجوة لطفلنا العربي.
محمد صالح الربعاوي
_ أدب الطفل في الوطن العربي يواجه أزمة..ومخاطر وسائل التواصل الحديثة كارثية
لم نرتب لأي موعد، أو ننسق لأي لقاء، الصدفة وحدها ، جمعتنا ببيت الحكمة بالشارقة على هامش مهرجان الشارقة القرائي للطفل ، ليكون الحديث معه ممتعا وذو شجون، وهو الذي يحمل ذكريات جميلة عن تونس وأهلها.
انه الشاعر الأردني وعضو منظمة "الالكسو" محمد جمال عمر الذي جمعنا به لقاء ثري ، تطرقنا من خلاله إلى الشعر وهو شاعر الطفولة ، كما تحدث عن أزمة أدب الطفل في الوطن العربي ومخاطر وسائل التواصل الحديثة وغيرها من المسائل الهامة من خلال هذا الحوار:
مع تونس لك أكثر من حكاية ورواية، وأصدرت ديوان " في حب تونس"، كما كتبت قصائد لأكثر من رمز وأكثر من شخصية تونسية..فكيف انطلقت قصة هذا "العشق"؟
أنا فلسطيني الأصل، أردني الجنسية وتونسي الهوى، أحببت تونس وترددت على معارض صفاقس للطفل مشاركا في ندواته العلمية وأنشطته ومختلف فعالياته، ومن هنا انطلقت قصة عشقي لتونس وأهل تونس ، وأتذكر يوما كنت متنقلا في تونس وسألت السائق عن تمثال بصفاقس فاستغرب أني لم اعرفه لكني قلت له إني أردني، فقال لي هذا تمثال الزعيم حشاد، ومن هناك بحثت عن كل المعلومات حوله وكتبت عنه قصيدة وهذه القصيدة تولدت عنها قصائد حول الزعيم بورقيبة والرمز ابو القاسم الشابي وغيرهما وجمعت كل القصائد في ديوان أسميته "في حب تونس". وقد وقعته بـ"مهرجان صفاقس للطفل" في يوم مشهود ارتديت فيه الشاشية التونسية ، ومازلت احتفظ بكل اللباس التقليدي التونسي وتجمعني بالكثير من المثقفين وخاصة في مجال الطفولة صداقات قوية، وسأظل على العهد في حب تونس التي عشقتها حد النخاع.
- هل تعتقد أن أدب الطفل في العالم العربي يعيش أزمة في الظرف الراهن؟، وكيف تشخص مسبباتها وتبلور حلولها الممكنة؟
في الحقيقة يعاني أدب الطفل في الوطن العربي من مشمولات عدة بعضها يتصل بالقراءة والأهل والمربين وقسم مهم منها يقع على عاتق المؤسسات الرسمية والعامة.
وللتفصيل نقول بأن العلاقة بين الناشرين وكتاب أدب الطفل العربي علاقة ضبابية تعتريها مشكلات وشكاوى متبادلة بين الطرفين، الكاتب يشكو ضعف المردود المادي من الناشر والعقود المجحفة في بعض الأحيان، والناشر يشكو سوء التوزيع وضعف الإقبال على شراء الكتاب العربي وما إلى ذلك من قضايا.
أما ما يتصل بالأهل والمربين فهو ينطبق على المقولة "فاقد الشيء لا يعطيه" اذ ينبغي على الأهل والمربين أن يكونوا قراء ومحبين للكتب حتى يستطيعوا انشاء جيل من الأطفال يحب الكتاب والقراءة ويعدها فقرة أساسية في حياته اليومية. أما ما يتصل بالمؤسسات الرسمية والعامة فإنها تخلت عن دورها في دعم ثقافة الطفل العربي رغم وجود قوانين غير مفعلة في بعض الدول العربية بدعم تلك المؤسسات للمؤلف والناشر لشراء نسخ من كتابه حتى لو كانت تلك المؤسسات غير معنية بموضوع ذلك الكتاب وهو ما لم يعد يعمل به في أيامنا هذه التي تشهد أزمة قراءة.
_ أي مكانة اليوم لشعر الطفولة ؟، هل يجد الشاعر اهتماما ومكانة من دور النشر ؟ ، وما مدى شغف الطفل العربي اليوم بالشعر؟
بوصفي شاعرا للطفولة العربية فأنني أعاني كما يعاني زملائي من ضعف إقبال الناشرين على نشر وطباعة الدواوين الشعرية للأطفال بحجة أن الطفل لا يقبل عليها .وأظن أن هذه حاجة ينفيها الواقع ذلك أننا نقرأ للطفل القصائد الشهرة في الأنشطة التي نقيمها في المدارس وفي أماكن تجمعات الأطفال ونلمس قبول الأطفال لها وسعادتهم بها وإقبالهم عليها وتفاعلهم معنا في مضامينها.
وعلى الصعيد الشخصي قمت بإصدار عدة حكايات شعرية بهدف الجمع بين الجنسين الأدبيين الحكاية والقصيدة في محاولة مني لإقناع الناشرين بهذا اللون وقد لقيت هذه الحكايات قبولا طيبا.
نحن نعلم مكانة الشعر في أمتنا العربية قديما وحديثا إذ كانت القصيدة تحرك جيشا أو تشعل حربا أو تصنع سلما، ومن هنا علينا إعادة الاعتبار إلى القصيدة الشعرية الموجهة إلى الطفل العربي.
_إلى أي مدى يمكن المصالحة بين الطفل والكتاب رغم المنافسة القوية للوسائط الحديثة بهدف جذب وإبهار الطفل وما سببه ذلك من عزوف عن المطالعة والقراءة ؟
إن المنافسة القوية للوسائط الحديثة في ثقافة الطفل تفرض علينا جميعا وضع المشكلة نصب أعيننا ووضع الحلول المناسبة لها والتعاون كل من موقعه لإعادة الاعتبار للكتاب الورقي سعيا لتحبيب القراءة إلى الطفل .وهنا تبرز أهمية المؤسسات التي تقدم الكتب للأطفال من مكتبات عامة ومكتبات مدرسية ومكتبات منزلية والنظر فيما تحتويه تلك المكتبات ليس من الكتب فحسب وإنما من الأنشطة المرافقة والمصممة لتحبيب الطفل بالكتاب الورقي وإعادة الاعتبار إليه وأنا في ذلك مثال على المناهج البريطانية التي تم حوسبتها ،وأصبح التدريس على الألواح الالكترونية ثم أجريت اختبارات لمخرجات هذه التجربة فتبين أن التأثير السلبي لتلك الألواح والشاشات ليس فقط في بصر الطفل وإنما في أعصابه وتبين للقائمين على التعليم أن هناك خطورة هذا الوسيط فعادوا إلى الكتاب الورقي، وهذه ليست دعوة لرفض التطور والتقدم وإنما لتنظيم استخدام هذا التطور وهذا التقدم.
_أي مخاطر لوسائل التواصل الحديثة على الأطفال لاسيما أن الخبراء دقوا نواقيس الخطر حول تداعياتها الكارثية في زمن تعلق فيه الطفل بالهواتف الجوالة ومختلف الوسائل الحديثة ؟
إننا نرى تعلق الطفل اليوم بالهواتف الجوالة وما تحتويه من رسوم متحركة وألعاب جاذبة وما إلى ذلك من عناصر الجذب والإبهار من موسيقى ومؤشرات صوتية وغيرها الأمر الذي يدفعنا إلى أن ندق ناقوس الخطر وننظم تعامل الطفل مع هذه الوسائط من حيث تحديد المدة التي حددها التربويون بساعتين يوميا.
إننا بصدد موضوع على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة يفرض علينا جميعا التعاون في الوصول إلى الحلول المثلى التي تحقق الفائدة المرجوة لطفلنا العربي.