إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. المطالعة زمن مغريات "التكنولوجيا"

 

لا شك أن للتكنولوجيا فوائدها المتعددة، فهي تسهل جل مجالات العيش لكنها في الآن ذاته ليست الحل الأمثل لأن انعكاسات الإفراط في استعمالها والتعويل عليها وخيمة في غالب الأحيان باعتبارها تلغي هامشا مهما من عيش الواحد منا، فباعتبارها  تقوم على السرعة وتوفر المعلومة والحلول السهلة أصبحت ملكة المطالعة والقراءة مهددة بالاندثار.

فشبكات التواصل الاجتماعي  تأسر متابعها حتى يصبح مدمنا عليها، فقد أظهرت دراسة أعدّتها مؤسسة "امرود كونسيلتيغ" تحت عنوان: ''التونسي وقراءة الكتب''، تراجع قراءة الكتب من قبل التونسيين، رغم أنّها  نسبة ضعيفة بالأساس، بينما يرتفع الوقت الذي يخصّصه التونسي يوميا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. في المقابل تفيد دراسات سابقة أن التونسيين "أكثر" الشعوب ثرثرة على الهاتف حيث يقضي المواطن وقتا طويلا يوميا في الاتصالات الهاتفية مما يعني أن الأغلبية ودعت الكتاب مثلا ومختلف مجالات القراءة نحو عالم الرقمنة أين تتوفر المعلومة السريعة المكتوبة والمصورة .

وفي بلد أنجب كبار الكتاب والأدباء والشعراء على غرار علي الدوعاجي -البشير خريف - محمود المسعدي - الحبيب بولعراس - الطيب التركي -أبو القاسم الشابي ومنور صمادح.. لا يجد الكتاب ركنا في بيوت جل التونسيين وهو سلوك تتوارثه الأجيال حتى أننا نتحدث اليوم عن شبه "أمية" لدى تلاميذنا في اللغات وخاصة اللغة الأم، العربية وكذلك اللغة الفرنسية حيث لم يعد صادما الحديث عن إسناد مئات الاصفار في امتحانات اللغة الفرنسية في مناظرة الباكالوريا لأن الصدمة الأكبر هي تلميذ اليوم غير قادر على قراءة نص لغة عربية بطريقة صحيحة .

وقد نشر تقرير حديث نتائج صادمة تُعرض لأول مرة حول مخاطر استخدام الأطفال للأجهزة والألواح الذكية، وما تخلّفه من أضرار نفسية وجسدية.

والمؤكد أنه في ظل هذا الوضع الذي يتهدد تكوين التلميذ علميا ومعرفيا  لا بد من مقاربة عميقة للإصلاح التربوي تمنح الأولوية لمسألة التكوين الجيد في اللغات تماما مثل بقية المواد العلمية وتهتم بالمجال التكنولوجي في الآن ذاته من خلال محاولة تطويع الإمكانيات التي يوفرها لخدمة هذا التكوين الجيد مع التشجيع على ملكة المطالعة باعتبارها غذاء روحيا وإحدى المكونات الضرورية لتفتح الذهن والنضج، فقد كشف أيضا تقرير فرنسي أعده خبراء بتكليف من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لا ينبغي السماح للأطفال باستخدام الهواتف الذكية حتى يبلغوا 13 عاماً ومنعهم من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية مثل "تيك توك" و"إنستغرام" و"سناب تشات" حتى يبلغوا 18 عاماً، لحمايتهم من التكنولوجيا التي تهدف إلى الربح لجذب انتباه الأطفال، واستخدام جميع أشكال التحيز المعرفي لإبعاد الأطفال عن شاشاتهم والسيطرة عليهم.. وكذلك الحماية من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي.. وما إلى ذلك من انعكاسات سلبية على نفسية الأطفال وصحتهم والدراسة، وهذا ما يؤكد أن أزمة التكنولوجيا عالمية وتطرح نفس المشاكل في كل مجتمع لكن بتفاوت لان الأوروبيين يهتمون بالكتاب والمطالعة .

وقد بينت دراسة "امرود كونسيلتيغ" أن نسبة إقبال التونسيين على الكتاب في تراجع، ولا يتجاوز معدل قراءة الكتب 3 ساعات و20 دقيقة في الشهر، بينما يرتفع هذا الرقم إلى 67 ساعة في استخدام موقع "فيسبوك". وهنا يكمن الخطر الأكبر لأن سلوك العائلة تغير نحو الأسوإ حيث تفتقد للغذاء الروحي (المطالعة) والحال أن العائلة هي المدرسة الأولى للناشئة، وبالإضافة إلى المراجعة العميقة للإصلاح التربوي وإصلاح البرامج والتكوين، يجب على العائلة أن تستعيد دورها الريادي لحماية الأجيال .

عبد الوهاب الحاج علي

 

لا شك أن للتكنولوجيا فوائدها المتعددة، فهي تسهل جل مجالات العيش لكنها في الآن ذاته ليست الحل الأمثل لأن انعكاسات الإفراط في استعمالها والتعويل عليها وخيمة في غالب الأحيان باعتبارها تلغي هامشا مهما من عيش الواحد منا، فباعتبارها  تقوم على السرعة وتوفر المعلومة والحلول السهلة أصبحت ملكة المطالعة والقراءة مهددة بالاندثار.

فشبكات التواصل الاجتماعي  تأسر متابعها حتى يصبح مدمنا عليها، فقد أظهرت دراسة أعدّتها مؤسسة "امرود كونسيلتيغ" تحت عنوان: ''التونسي وقراءة الكتب''، تراجع قراءة الكتب من قبل التونسيين، رغم أنّها  نسبة ضعيفة بالأساس، بينما يرتفع الوقت الذي يخصّصه التونسي يوميا في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. في المقابل تفيد دراسات سابقة أن التونسيين "أكثر" الشعوب ثرثرة على الهاتف حيث يقضي المواطن وقتا طويلا يوميا في الاتصالات الهاتفية مما يعني أن الأغلبية ودعت الكتاب مثلا ومختلف مجالات القراءة نحو عالم الرقمنة أين تتوفر المعلومة السريعة المكتوبة والمصورة .

وفي بلد أنجب كبار الكتاب والأدباء والشعراء على غرار علي الدوعاجي -البشير خريف - محمود المسعدي - الحبيب بولعراس - الطيب التركي -أبو القاسم الشابي ومنور صمادح.. لا يجد الكتاب ركنا في بيوت جل التونسيين وهو سلوك تتوارثه الأجيال حتى أننا نتحدث اليوم عن شبه "أمية" لدى تلاميذنا في اللغات وخاصة اللغة الأم، العربية وكذلك اللغة الفرنسية حيث لم يعد صادما الحديث عن إسناد مئات الاصفار في امتحانات اللغة الفرنسية في مناظرة الباكالوريا لأن الصدمة الأكبر هي تلميذ اليوم غير قادر على قراءة نص لغة عربية بطريقة صحيحة .

وقد نشر تقرير حديث نتائج صادمة تُعرض لأول مرة حول مخاطر استخدام الأطفال للأجهزة والألواح الذكية، وما تخلّفه من أضرار نفسية وجسدية.

والمؤكد أنه في ظل هذا الوضع الذي يتهدد تكوين التلميذ علميا ومعرفيا  لا بد من مقاربة عميقة للإصلاح التربوي تمنح الأولوية لمسألة التكوين الجيد في اللغات تماما مثل بقية المواد العلمية وتهتم بالمجال التكنولوجي في الآن ذاته من خلال محاولة تطويع الإمكانيات التي يوفرها لخدمة هذا التكوين الجيد مع التشجيع على ملكة المطالعة باعتبارها غذاء روحيا وإحدى المكونات الضرورية لتفتح الذهن والنضج، فقد كشف أيضا تقرير فرنسي أعده خبراء بتكليف من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه لا ينبغي السماح للأطفال باستخدام الهواتف الذكية حتى يبلغوا 13 عاماً ومنعهم من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية مثل "تيك توك" و"إنستغرام" و"سناب تشات" حتى يبلغوا 18 عاماً، لحمايتهم من التكنولوجيا التي تهدف إلى الربح لجذب انتباه الأطفال، واستخدام جميع أشكال التحيز المعرفي لإبعاد الأطفال عن شاشاتهم والسيطرة عليهم.. وكذلك الحماية من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي.. وما إلى ذلك من انعكاسات سلبية على نفسية الأطفال وصحتهم والدراسة، وهذا ما يؤكد أن أزمة التكنولوجيا عالمية وتطرح نفس المشاكل في كل مجتمع لكن بتفاوت لان الأوروبيين يهتمون بالكتاب والمطالعة .

وقد بينت دراسة "امرود كونسيلتيغ" أن نسبة إقبال التونسيين على الكتاب في تراجع، ولا يتجاوز معدل قراءة الكتب 3 ساعات و20 دقيقة في الشهر، بينما يرتفع هذا الرقم إلى 67 ساعة في استخدام موقع "فيسبوك". وهنا يكمن الخطر الأكبر لأن سلوك العائلة تغير نحو الأسوإ حيث تفتقد للغذاء الروحي (المطالعة) والحال أن العائلة هي المدرسة الأولى للناشئة، وبالإضافة إلى المراجعة العميقة للإصلاح التربوي وإصلاح البرامج والتكوين، يجب على العائلة أن تستعيد دورها الريادي لحماية الأجيال .

عبد الوهاب الحاج علي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews