تعيش تونس اليوم، على وقع الجلسة العامة الافتتاحية، للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، التي تنعقد فعالياتها، بعد مسار طويل من المحطات الانتخابية، انطلق منذ ديسمبر الماضي بانتخابات المجالس المحلية، وما رافقها من حملات انتخابية، قبل تركيز المجالس الجهوية، ومحطة انتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وما تطلبته من استعدادات لوجستية، في ظل تجاذبات وأوضاع متقلبة، وتطورات حملت الكثير من المستجدات داخليا وخارجيا، وتطلعات لبناء ديمقراطية تشاركية، يكون فيها المواطن صاحب قوة اقتراح وتغيير.
ومن البديهي، أن تتجه أعين التونسيين وكل المتابعين اليوم، إلى هذه الجلسة الافتتاحية، لرمزيتها وأهميتها التاريخية، في انعقاد الغرفة البرلمانية الثانية، وانتخاب أول رئيس لمجلس الأقاليم والجهات، ونائبيه الأول والثاني، وما قد يرافقه من مشاورات، ومفاهمات وتنسيقات، مثلما تعودنا عليه، في مثل هذه المحطات البارزة والمهمة، وما تقتضيه من روح مسؤولية، باعتبار أن صورة تونس في الميزان.
والواقع إن أهمية هذه المحطة التاريخية، والرمزية، تقتضي، أن يكون انتخاب الرئيس الأول للغرفة الثانية ونائبيه الأول والثاني، مدروسا ودقيقا، لا هامشيا، ولابد أن يكون الاختيار، مبنيا على معايير الكفاءة والنزاهة، والمعايير الموضوعية، بعيدا عن كل الحسابات، فلا للانسياق خلف المحاباة، ولا منطق الموالاة، ولا الجهويات، وهو ما يتطلب تحلي أعضاء هذا المجلس بالحكمة والمسؤولية، لاختيار "رئيس"، صاحب شخصية "كاريزماتية"، تتوفر فيه كل المواصفات المطلوبة، حتى يكون جديرا بهذا المنصب، باعتبار أهميته الاعتبارية.
ومما لاشك فيه أن كواليس هذه الجلسة الافتتاحية، تقتضي القطع كليا، مع ما عايشناه، وتابعناه، في الجلسات الافتتاحية لبرلمانات سابقة بعد 2011، من مناورات ومحاصصات و"مخاتلات"، لاختيار رئيس البرلمان ونائبيه، دون أن ننسى ما كان يتخللها من مزايدات، وحتى تهديدات، في مشاهد "سوداء"، وحقائق مُرّة، تعكس انتهازية مقيتة، ومصلحية وعقلية "غنائمية"، لا نريدها أن تطل برأسها من جديد، بأي شكل من الأشكال، وتحت أية ذريعة أو مبررات.
وإذا كان دستور2022 قد حدد مهام المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بممارسة صلاحيّات الرّقابة، والمساءلة في مختلف المسائل، المتعلّقة بتنفيذ الميزانيّة، والمصادقة على قانون الماليّة ومخطّطات التّنمية، وهي مهام كانت من مشمولات مجلس نواب الشعب، بما سيقلص صلاحياته، ويحصر مجال تدخلاته، فانه سيؤدي حتما إلى لبس في تداخل المهام والصلاحيات، بين الغرفتين النيابيتين.
وفي ظل هذا اللبس والتساؤلات التي تطرح حول هذا الغموض، ينبغي أولا الإسراع بوضع النصوص الترتيبية التي من شأنها تحديد العلاقة بين الغرفتين النيابيتين الأولى والثانية، وتوضيح العلاقة بين المجالس والبلديات، والسلطة التنفيذية، لاسيما ما يتعلق بالجوانب الرقابية والمساءلة، نظرا لأهميتها من جهة، وحساسيتها من جهة ثانية، بما يوضح الصورة، ويحدد المربعات"، ويجنب من "التناطح"، والوقوع في عديد الإشكاليات.
من المؤكد أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم، يمثل تتويجا لمحطات تركيز المنظومة التشريعية الجديدة في تونس بغرفتيها، وفق الرؤية التي أسس لها دستور 2022، لكن هذا المسار، لابد أن يكون في مستوى الانتظارات والتطلعات، ليساهم في تحقيق نقلة نوعية، لاسيما في المجالات التنموية، لتحريك المشاريع في الجهات المهمشة، ودفع الاستثمار، ومعالجة معضلة اختلال التوازن الجهوي.
التونسي اليوم يحتاج إلى تغيير ملموس، يخفف من معاناته، ويفتح له أبواب الأمل، ولا أمل دون نجاح في إعادة دوران عجلة الاقتصاد، ومعالجة الملفات التنموية، وتحريك المشاريع المعطلة، وهو ما قد تنجح الغرفة النيابية الثانية في الدفع نحو تحقيقه، إذا عملت منذ البداية، في تناغم وانسجام، وبالنجاعة المطلوبة.
محمد صالح الربعاوي
تعيش تونس اليوم، على وقع الجلسة العامة الافتتاحية، للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، التي تنعقد فعالياتها، بعد مسار طويل من المحطات الانتخابية، انطلق منذ ديسمبر الماضي بانتخابات المجالس المحلية، وما رافقها من حملات انتخابية، قبل تركيز المجالس الجهوية، ومحطة انتخابات المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وما تطلبته من استعدادات لوجستية، في ظل تجاذبات وأوضاع متقلبة، وتطورات حملت الكثير من المستجدات داخليا وخارجيا، وتطلعات لبناء ديمقراطية تشاركية، يكون فيها المواطن صاحب قوة اقتراح وتغيير.
ومن البديهي، أن تتجه أعين التونسيين وكل المتابعين اليوم، إلى هذه الجلسة الافتتاحية، لرمزيتها وأهميتها التاريخية، في انعقاد الغرفة البرلمانية الثانية، وانتخاب أول رئيس لمجلس الأقاليم والجهات، ونائبيه الأول والثاني، وما قد يرافقه من مشاورات، ومفاهمات وتنسيقات، مثلما تعودنا عليه، في مثل هذه المحطات البارزة والمهمة، وما تقتضيه من روح مسؤولية، باعتبار أن صورة تونس في الميزان.
والواقع إن أهمية هذه المحطة التاريخية، والرمزية، تقتضي، أن يكون انتخاب الرئيس الأول للغرفة الثانية ونائبيه الأول والثاني، مدروسا ودقيقا، لا هامشيا، ولابد أن يكون الاختيار، مبنيا على معايير الكفاءة والنزاهة، والمعايير الموضوعية، بعيدا عن كل الحسابات، فلا للانسياق خلف المحاباة، ولا منطق الموالاة، ولا الجهويات، وهو ما يتطلب تحلي أعضاء هذا المجلس بالحكمة والمسؤولية، لاختيار "رئيس"، صاحب شخصية "كاريزماتية"، تتوفر فيه كل المواصفات المطلوبة، حتى يكون جديرا بهذا المنصب، باعتبار أهميته الاعتبارية.
ومما لاشك فيه أن كواليس هذه الجلسة الافتتاحية، تقتضي القطع كليا، مع ما عايشناه، وتابعناه، في الجلسات الافتتاحية لبرلمانات سابقة بعد 2011، من مناورات ومحاصصات و"مخاتلات"، لاختيار رئيس البرلمان ونائبيه، دون أن ننسى ما كان يتخللها من مزايدات، وحتى تهديدات، في مشاهد "سوداء"، وحقائق مُرّة، تعكس انتهازية مقيتة، ومصلحية وعقلية "غنائمية"، لا نريدها أن تطل برأسها من جديد، بأي شكل من الأشكال، وتحت أية ذريعة أو مبررات.
وإذا كان دستور2022 قد حدد مهام المجلس الوطني للجهات والأقاليم، بممارسة صلاحيّات الرّقابة، والمساءلة في مختلف المسائل، المتعلّقة بتنفيذ الميزانيّة، والمصادقة على قانون الماليّة ومخطّطات التّنمية، وهي مهام كانت من مشمولات مجلس نواب الشعب، بما سيقلص صلاحياته، ويحصر مجال تدخلاته، فانه سيؤدي حتما إلى لبس في تداخل المهام والصلاحيات، بين الغرفتين النيابيتين.
وفي ظل هذا اللبس والتساؤلات التي تطرح حول هذا الغموض، ينبغي أولا الإسراع بوضع النصوص الترتيبية التي من شأنها تحديد العلاقة بين الغرفتين النيابيتين الأولى والثانية، وتوضيح العلاقة بين المجالس والبلديات، والسلطة التنفيذية، لاسيما ما يتعلق بالجوانب الرقابية والمساءلة، نظرا لأهميتها من جهة، وحساسيتها من جهة ثانية، بما يوضح الصورة، ويحدد المربعات"، ويجنب من "التناطح"، والوقوع في عديد الإشكاليات.
من المؤكد أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم، يمثل تتويجا لمحطات تركيز المنظومة التشريعية الجديدة في تونس بغرفتيها، وفق الرؤية التي أسس لها دستور 2022، لكن هذا المسار، لابد أن يكون في مستوى الانتظارات والتطلعات، ليساهم في تحقيق نقلة نوعية، لاسيما في المجالات التنموية، لتحريك المشاريع في الجهات المهمشة، ودفع الاستثمار، ومعالجة معضلة اختلال التوازن الجهوي.
التونسي اليوم يحتاج إلى تغيير ملموس، يخفف من معاناته، ويفتح له أبواب الأمل، ولا أمل دون نجاح في إعادة دوران عجلة الاقتصاد، ومعالجة الملفات التنموية، وتحريك المشاريع المعطلة، وهو ما قد تنجح الغرفة النيابية الثانية في الدفع نحو تحقيقه، إذا عملت منذ البداية، في تناغم وانسجام، وبالنجاعة المطلوبة.