لأن للوقاحة عنوان، فقد كان من المهم أن يتم تقديم الطلب الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية لنيل العضوية الكاملة أمام مجلس الأمن والوقوف مجددا على ما سيؤول إليه هذا الطلب الذي لا تريد له واشنطن أن يرى النور.. لسنا في إطار التنجيم أو قراءة الغيب ولكن نكاد نجزم أننا نعلم مسبقا أن التصويت في مجلس الأمن على الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة لا يمكن أن تتحقق لا في ظل الموقف الأمريكي المعارض لهذه الخطوة فحسب، ولكن أيضا في ظل سلاح الفيتو الذي ما انفكت واشنطن تلوح به كلما تم طرح المسألة على الأمم المتحدة.. وقناعتنا هذه المرة أيضا أن واشنطن لن تغير موقفها خلال التصويت الذي تم تأجيله أمس والمرتقب في جلسة اليوم.. ولكن سيكون من المهم متابعة هذه العملية للوقوف مجددا على الدور الأمريكي الغارق في الرياء والتزلف وبيع الأوهام للسلطة الفلسطينية ومواصلة عملية التخدير وربح الوقت لمنح الحليف الإسرائيلي فرصة تحقيق أهدافه على الأرض وسحب البساط أمام أي خطوة يمكن أن تدفع الى الضغط على الاحتلال أو إنهائه ..
وإذا كان الرئيس الأمريكي وكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية يصرون على التسويق لخطاب حل الدولتين ويعتبرونه المخرج من الصراع الطويل والمعقد في الشرق الأوسط فإنهم في المقابل لا يدخرون جهدا في إجهاض ومنع هذا القرار من أن يرى النور.. ولاشك أن في هذا الموقف الأمريكي ما يؤكد أن الإدارة الراهنة كما سابقاتها أسيرة للمطالب والشروط الإسرائيلية التي جعلت من حل الدولتين لعبة سياسية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية للمقايضة والابتزاز ومواصلة المخططات الاحتلالية التوسعية ولكن في المقابل دون أن تقدم لأصحاب الأرض أي تنازلات على ارض الواقع.. والحقيقة أن التجربة أظهرت على مدى أكثر من ثلاثة عقود منذ انطلاق مسار أوسلو أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجيد كل فنون المراوغة وتعرف كيف تخرج منتفخة الأوداج بعد كل مفاوضات.. كانت تلك سياسة غولدا مايير وشامير وبيريز وباراك وغيرهم بأنهم سيدوخون الفلسطينيين في مفاوضات لا تنتهي تدوم مائة عام ولن يمنحوهم شيئا..
من هذا المنطلق فإن الإعلان عن رفض رئيس السلطة الفلسطينية طلب تأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة خطوة منطقية والعكس كان سيثير سخط الفلسطينيين رغم أن أنظارهم واهتماماتهم متجهة الى ما يحدث من محارق في غزة وليست معنية بالمعارك في أروقة الأمم المتحدة التي لم تمنحهم شيئا ولم تستطع حتى حمايتهم من القصف والتجويع..
والحقيقة أن الرئيس الفلسطيني الغائب الحاضر عن المشهد الدموي في غزة، لا يملك رفاهية الخيار ولا يمكنه في خضم الحرب المسعورة المستمرة في حق غزة ونيرانها الممتدة الى الضفة الانصياع الى هذا الطلب الأمريكي الذي لا يخل من وقاحة معلنة.
تصر واشنطن في العلن على دعم حل الدولتين ولكنها تعمل في الخفاء ضد هذا الخيار وتعمد الى تقويضه بكل الأساليب المتاحة جهرا أو سرا بدعم جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتشجيعه على سرقة الأرض وتوسيع المستوطنات وبتر أحلام الفلسطينيين وتطلعاتهم لإقامة دولتهم.. التعويل على إدارة بايدن في هذه المرحلة كمن ينتظر أن تمطر السماء ذهبا.. لا بايدن مستعد لخسارة دعم اللوبيات اليهودية المتنفذة في الانتخابات لا حليفه نتنياهو يمكن أن يستجيب لمطالبه أو دعوته في هذا الاتجاه أي القبول بإعلان الدولة الفلسطينية التي يعتبرها إيذانا بزوال كيان الاحتلال ..
الانحياز الأمريكي الى كيان الاحتلال في حرب الإبادة المستمرة تحت أنظار العالم منذ أكثر من ستة أشهر مسألة مفضوحة ولا تحتاج مزيد التوضيح.. حتى الإعلام الأمريكي تنازل عن كل الشروط والقيم المهنية ومعاني المصداقية وعمد الى تبنى الموقف الإسرائيلي الهمجي من الإبادة في غزة.. والواقع أن التحقيق الداخلي الذي قامت به صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حول تغطيتها المنحازة للاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة لم يكن مهما، فالنتائج واضحة وليست الأدلة هي التي تعوزنا في هذا الشأن.. الصحيفة الكبيرة جدا ألغت من قاموسها كل ما يمكن أن يسيء الى كيان الاحتلال ومنعت استخدام مصطلحات "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" خلال تغطية الهجمات على غزة، بل وعدم استخدام كلمة فلسطين إلا في حالات نادرة جدا الى جانب منع استعمال عبارة الأراضي المحتلة ومن المضحكات المبكيات أن عبارة مخيمات اللاجئين المعتمدة منذ أربعينات القرن الماضي ممنوعة وفق الخط التحريري للصحيفة والأمر ذاته ينسحب على "واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز"، وليس "نيويورك تايمز" فحسب، ومن شدة تمسك صحيفة "نيويرك تايمز" بأخلاقيات المهنة فقد استخدمت في تقاريرها، 53 مرة كلمة “مذبحة” للإشارة إلى الضحايا المدنيين الإسرائيلي، ومرة واحدة فقط للإشارة إلى الضحايا المدنيين الفلسطينيين، حسب ما ورد في التقرير.. وبالتالي سيكون من الغباء توقع موقف مؤيد من واشنطن لنيل عضوية الدولة الفلسطينية الكاملة..
آسيا العتروس
لأن للوقاحة عنوان، فقد كان من المهم أن يتم تقديم الطلب الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية لنيل العضوية الكاملة أمام مجلس الأمن والوقوف مجددا على ما سيؤول إليه هذا الطلب الذي لا تريد له واشنطن أن يرى النور.. لسنا في إطار التنجيم أو قراءة الغيب ولكن نكاد نجزم أننا نعلم مسبقا أن التصويت في مجلس الأمن على الاعتراف بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة لا يمكن أن تتحقق لا في ظل الموقف الأمريكي المعارض لهذه الخطوة فحسب، ولكن أيضا في ظل سلاح الفيتو الذي ما انفكت واشنطن تلوح به كلما تم طرح المسألة على الأمم المتحدة.. وقناعتنا هذه المرة أيضا أن واشنطن لن تغير موقفها خلال التصويت الذي تم تأجيله أمس والمرتقب في جلسة اليوم.. ولكن سيكون من المهم متابعة هذه العملية للوقوف مجددا على الدور الأمريكي الغارق في الرياء والتزلف وبيع الأوهام للسلطة الفلسطينية ومواصلة عملية التخدير وربح الوقت لمنح الحليف الإسرائيلي فرصة تحقيق أهدافه على الأرض وسحب البساط أمام أي خطوة يمكن أن تدفع الى الضغط على الاحتلال أو إنهائه ..
وإذا كان الرئيس الأمريكي وكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية يصرون على التسويق لخطاب حل الدولتين ويعتبرونه المخرج من الصراع الطويل والمعقد في الشرق الأوسط فإنهم في المقابل لا يدخرون جهدا في إجهاض ومنع هذا القرار من أن يرى النور.. ولاشك أن في هذا الموقف الأمريكي ما يؤكد أن الإدارة الراهنة كما سابقاتها أسيرة للمطالب والشروط الإسرائيلية التي جعلت من حل الدولتين لعبة سياسية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية للمقايضة والابتزاز ومواصلة المخططات الاحتلالية التوسعية ولكن في المقابل دون أن تقدم لأصحاب الأرض أي تنازلات على ارض الواقع.. والحقيقة أن التجربة أظهرت على مدى أكثر من ثلاثة عقود منذ انطلاق مسار أوسلو أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجيد كل فنون المراوغة وتعرف كيف تخرج منتفخة الأوداج بعد كل مفاوضات.. كانت تلك سياسة غولدا مايير وشامير وبيريز وباراك وغيرهم بأنهم سيدوخون الفلسطينيين في مفاوضات لا تنتهي تدوم مائة عام ولن يمنحوهم شيئا..
من هذا المنطلق فإن الإعلان عن رفض رئيس السلطة الفلسطينية طلب تأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة خطوة منطقية والعكس كان سيثير سخط الفلسطينيين رغم أن أنظارهم واهتماماتهم متجهة الى ما يحدث من محارق في غزة وليست معنية بالمعارك في أروقة الأمم المتحدة التي لم تمنحهم شيئا ولم تستطع حتى حمايتهم من القصف والتجويع..
والحقيقة أن الرئيس الفلسطيني الغائب الحاضر عن المشهد الدموي في غزة، لا يملك رفاهية الخيار ولا يمكنه في خضم الحرب المسعورة المستمرة في حق غزة ونيرانها الممتدة الى الضفة الانصياع الى هذا الطلب الأمريكي الذي لا يخل من وقاحة معلنة.
تصر واشنطن في العلن على دعم حل الدولتين ولكنها تعمل في الخفاء ضد هذا الخيار وتعمد الى تقويضه بكل الأساليب المتاحة جهرا أو سرا بدعم جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتشجيعه على سرقة الأرض وتوسيع المستوطنات وبتر أحلام الفلسطينيين وتطلعاتهم لإقامة دولتهم.. التعويل على إدارة بايدن في هذه المرحلة كمن ينتظر أن تمطر السماء ذهبا.. لا بايدن مستعد لخسارة دعم اللوبيات اليهودية المتنفذة في الانتخابات لا حليفه نتنياهو يمكن أن يستجيب لمطالبه أو دعوته في هذا الاتجاه أي القبول بإعلان الدولة الفلسطينية التي يعتبرها إيذانا بزوال كيان الاحتلال ..
الانحياز الأمريكي الى كيان الاحتلال في حرب الإبادة المستمرة تحت أنظار العالم منذ أكثر من ستة أشهر مسألة مفضوحة ولا تحتاج مزيد التوضيح.. حتى الإعلام الأمريكي تنازل عن كل الشروط والقيم المهنية ومعاني المصداقية وعمد الى تبنى الموقف الإسرائيلي الهمجي من الإبادة في غزة.. والواقع أن التحقيق الداخلي الذي قامت به صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حول تغطيتها المنحازة للاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة لم يكن مهما، فالنتائج واضحة وليست الأدلة هي التي تعوزنا في هذا الشأن.. الصحيفة الكبيرة جدا ألغت من قاموسها كل ما يمكن أن يسيء الى كيان الاحتلال ومنعت استخدام مصطلحات "الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" خلال تغطية الهجمات على غزة، بل وعدم استخدام كلمة فلسطين إلا في حالات نادرة جدا الى جانب منع استعمال عبارة الأراضي المحتلة ومن المضحكات المبكيات أن عبارة مخيمات اللاجئين المعتمدة منذ أربعينات القرن الماضي ممنوعة وفق الخط التحريري للصحيفة والأمر ذاته ينسحب على "واشنطن بوست" و"لوس أنجلوس تايمز"، وليس "نيويورك تايمز" فحسب، ومن شدة تمسك صحيفة "نيويرك تايمز" بأخلاقيات المهنة فقد استخدمت في تقاريرها، 53 مرة كلمة “مذبحة” للإشارة إلى الضحايا المدنيين الإسرائيلي، ومرة واحدة فقط للإشارة إلى الضحايا المدنيين الفلسطينيين، حسب ما ورد في التقرير.. وبالتالي سيكون من الغباء توقع موقف مؤيد من واشنطن لنيل عضوية الدولة الفلسطينية الكاملة..