في زيارته إلى مقر الصندوق الوطني للتأمين على المرض دعا وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي أول أمس إلى ضرورة العمل على توحيد منظومة العلاج لكافة المواطنين، وهي خطوة دعا لها ـ حسب الوزير ـ "رئيس الجمهورية قيس سعيّد في رؤيته لتحسين جودة الخدمات المسداة للمواطن ضمن البناء الوطني الجديد".
خطوة لم تقدم في شأنها الوزارة أي توضيحات، وحتى محاولات "الصباح" في الاتصال بنادر العجابي مدير عام الضمان الاجتماعي من أجل الحصول على تفاصيل أكثر حول مشروع توحيد منظومة العلاج باءت بالفشل. حيث لم يرد العجابي الذي كان أحد مرافقي وزير الشؤون الاجتماعية في زيارته إلى "الكنام" عن أي من رسائلنا أو اتصالاتنا المتكررة.
وفي نفس الوقت وجد المقترح تقييمين متناقضين، ففي الوقت الذي تعتبر أصوات من الصندوق الوطني للتأمين على المرض أن إمكانيات تطبيقها ستكون مكلفة للغاية كما أنها ستطرح عديد الإشكاليات بالنسبة للتونسيين والتونسيات الذين تختلف منظومات علاجهم بين القطاع العمومي والقطاع الخاص. وتتباين من حيث الخصوصية والتكلفة والمسارات فبعد سنوات من إعداد المنظومات العلاجية المعتمدة حاليا والتي استغرقت وقتا كبيرا لتركيزها والترويج لها وكذلك كانت تكلفتها باهظة فصلا عن تطبيق هذه المنظومات لسنوات عديدة ستكون عملية التوحيد مكلفة أكثر للصندوق وستعرف عديد المطبات والصعوبات. .يري الطبيب المتقاعد، وعضو الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة، منصف بلحاج يحي، انها خطوة ايجابية للغاية ومطلب دعا له حوار وطني حول الصحة وعدد من المهتمين والمعنيين بعدالة صحية للجميع وبتحسين وتطوير الخدمات الصحية للتونسيات والتونسيين مهما كان مكان تواجدهم في المدن أو في الأرياف.
وفي إطار توضيح دعمه لمقترح المنظومة العلاجية التي أتى بها وزير الشؤون الاجتماعية، يفسر بلحاج يحي في تصريحه لـ "الصباح"، انه وحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء، لدينا نحو 10 مليون تونسي يتمتعون بالتغطية الاجتماعية في حين أن البقية والذين يمثلون تقريبا 18% من السكان لا ينضوون تحت أي منظومة.
ويتوزع المواطنون الذين يتمتعون بتغطية منظومات يقدمها الصندوق الوطني للتأمين على المرض، ومنهم من يتمتع ببطاقات العلاج التي تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية لذوي الدخل المحدود وهي البطاقة البيضاء، بمجانية كاملة والبطاقة الصفراء للتعريفة المنخفضة في قطاع الصحة العمومي.
وأضاف أن التغطية الاجتماعية في تونس تم تقييمها في أكثر من مناسبة، وحملت ايجابيات كما كان لها الكثير من سلبيات. فبداية يوجد نحو المليوني تونسي دون تغطية اجتماعية إضافة إلى أن حاملي البطاقات والمنضوون تحت منظومات "الكنام" لا يتمتعون بنفس الخدمات ولا الإمكانيات للعلاج في المؤسسات الصحية.
كما أن مصاريف العائلات في مجال الصحة، نسبتها تعتبر عالية، ففي آخر تقييم من قبل وزارة الصحة في 2014، في ما يعرف بحسابات الصحة، كانت في حدود الـ38% وحسب آخر بحث قام به معهد الإحصاء في علاقة باستهلاك العائلات في 2021، أفادت المعطيات أن نسبة المصاريف المباشرة للعائلات في مجال الصحة ارتفعت ووصلت الى 45% (من المهم الإشارة الى سنة 2021 هو سنة كوفيد 19). لكن في كل الأحوال هناك زيادة في مصاريف الصحة بالنسبة للتونسيين.
ويقول الدكتور منصف بلحاج يحي، أن التونسي بصدد صرف مبالغ كبيرة مقابل تحصيله للخدمات الصحية، وهو ما يعني أن التغطية الاجتماعية في مجال الصحة ليست في المستوى المطلوب ولا تفي بالحاجة.
وهذا يتأكد أكثر إذا ما استندنا إلى مقاييس منظمة الصحة العالمية التي تقول أن في منظومة صحة متكاملة لا يجب أن تتجاوز المصاريف الجملية للمواطنين على الصحة فيها الـ 20% من المصاريف الجملية للصحة. هذا دون أن ننسى انه عندما تتجاوز مصاريف العائلة في مجال الصحة الـ 10% من دخلها تدخل في منطقة المصاريف الكارثية للصحة. والتونسيون يواجهون تصاعدا سريعا في مصاريف الصحة وحسب آخر أرقام رسمية تعود إلى سنة 2016 وتم إعدادها من قبل المعهد الوطني للصحة، هناك بين الـ 9 و10% من التونسيين تتجاوز مصاريف الصحة لديهم الـ 25% من دخلهم أي أنهم في منطقة مضاعفة للمصاريف الكارثية للحصة. ومن الأهداف المرسومة التقليص من هذه النسبة إلى حدود الـ 3%.
وطبقا للتشخيص المذكور كشف منصف بلحاج يحي أن خطوة التوجه نحو توحيد منظومة العلاج لكافة المواطنين، تعد خطوة ايجابية، وتم الدعوة لها من قبل الجمعية كما كان أحد أبرز مخرجات الحوار الوطني حول الصحة، أين تمت الدعوى إلى تركيز سياسة وطنية للصحة لا يواجه خلالها المواطن أي صعوبات في الولوج إلى خدمات الصحة ويتم خلالها توحيد التغطية الاجتماعية في ميدان الصحة، مع جعل طبيب العائلة نقطة ارتكازها الأساسية.
ويوضح عضو جمعية الدفاع على قطاع الصحة، أن طالب الخدمة الصحية ينخرط في المنظومة الصحية عبر طبيب العائلة، الذي يتكفل به ويكون أول من يستقبله ويقوم إما بعلاجه أو بتوجيهه إلى التخصص الذي يحتاجه سواء إلى المستشفيات العمومية أو الخاصة أو في الفحص التكميلي.. وفي ما يهم القطاعات للمواطن حرية اختيار التوجه إلى طبيب عائلة في القطاع العام أو في القطاع الخاص. ويشدد على أن كل مواطن سيكون له معرف وحيد، ويختار مدخل المنظومة الصحية التي يتمتع فيها بتغطية اجتماعية، وهو طبيب العائلة.
وينبه بلحاج يحي، إلى أن توحيد المنظومة العلاجية لكل التونسيين يقتضي ضرورة توحيد قائمة الأدوية بالنسبة للقطاع العام والقطاع الخاص وتحديد الخدمات الصحية الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كل مواطن سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. كما أن صندوق التامين على المرض مطالب بضبط آلية تواصل موحد مع جميع أطباء العائلة المتواجدين في القطاع العام والخاص على حد السواء، وحتى المصاريف التي يمكن أن يتحملها المواطن تكون في شكل مساهمات بسيطة.
وفي علاقة بكلفة تغيير المنظومة الحالية والمرور إلى توحيد منظومة العلاج لكافة المواطنين، أفاد منصف بلحاج يحي انه على عكس ما يقال هذه الخطوة ستمكن من ترشيد المصاريف الموجهة إلى تغطية منظومات علاج التونسيين والتونسيات بالإضافة إلى ما ستقدمه من عدالة صحية واجتماعية وتقليص واضح للمصاريف التي يتحملها التونسي في علاجه. وبين انه بالنسبة للفئة التي تنتفع بعلاج طبقا للبطاقات الصفراء والبيضاء فانه من المنتظر أن يتم دعم منظومة علاجهم عبر صندوق الصحة العمومية الذي تم إنشاؤه سنة 2014، وتجاوزت على الأغلب موارده الـ 100 مليون دينار وكان هدفه المعلن تمويل الأشخاص ذوي الدخل المحدود. وعبر الاتفاقيات التي ستتم بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ومسدي الخدمات في القطاع العام والقطاع الخاص يتم التكفل بكل التونسيين والتونسيات بنفس المنظومة العلاجية مع أهمية توفير وضمان ليونة في المرور بين القطاع العام والقطاع الخاص.
ريم سوودي
تونس الصباح
في زيارته إلى مقر الصندوق الوطني للتأمين على المرض دعا وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي أول أمس إلى ضرورة العمل على توحيد منظومة العلاج لكافة المواطنين، وهي خطوة دعا لها ـ حسب الوزير ـ "رئيس الجمهورية قيس سعيّد في رؤيته لتحسين جودة الخدمات المسداة للمواطن ضمن البناء الوطني الجديد".
خطوة لم تقدم في شأنها الوزارة أي توضيحات، وحتى محاولات "الصباح" في الاتصال بنادر العجابي مدير عام الضمان الاجتماعي من أجل الحصول على تفاصيل أكثر حول مشروع توحيد منظومة العلاج باءت بالفشل. حيث لم يرد العجابي الذي كان أحد مرافقي وزير الشؤون الاجتماعية في زيارته إلى "الكنام" عن أي من رسائلنا أو اتصالاتنا المتكررة.
وفي نفس الوقت وجد المقترح تقييمين متناقضين، ففي الوقت الذي تعتبر أصوات من الصندوق الوطني للتأمين على المرض أن إمكانيات تطبيقها ستكون مكلفة للغاية كما أنها ستطرح عديد الإشكاليات بالنسبة للتونسيين والتونسيات الذين تختلف منظومات علاجهم بين القطاع العمومي والقطاع الخاص. وتتباين من حيث الخصوصية والتكلفة والمسارات فبعد سنوات من إعداد المنظومات العلاجية المعتمدة حاليا والتي استغرقت وقتا كبيرا لتركيزها والترويج لها وكذلك كانت تكلفتها باهظة فصلا عن تطبيق هذه المنظومات لسنوات عديدة ستكون عملية التوحيد مكلفة أكثر للصندوق وستعرف عديد المطبات والصعوبات. .يري الطبيب المتقاعد، وعضو الجمعية التونسية للدفاع عن الحق في الصحة، منصف بلحاج يحي، انها خطوة ايجابية للغاية ومطلب دعا له حوار وطني حول الصحة وعدد من المهتمين والمعنيين بعدالة صحية للجميع وبتحسين وتطوير الخدمات الصحية للتونسيات والتونسيين مهما كان مكان تواجدهم في المدن أو في الأرياف.
وفي إطار توضيح دعمه لمقترح المنظومة العلاجية التي أتى بها وزير الشؤون الاجتماعية، يفسر بلحاج يحي في تصريحه لـ "الصباح"، انه وحسب أرقام المعهد الوطني للإحصاء، لدينا نحو 10 مليون تونسي يتمتعون بالتغطية الاجتماعية في حين أن البقية والذين يمثلون تقريبا 18% من السكان لا ينضوون تحت أي منظومة.
ويتوزع المواطنون الذين يتمتعون بتغطية منظومات يقدمها الصندوق الوطني للتأمين على المرض، ومنهم من يتمتع ببطاقات العلاج التي تمنحها وزارة الشؤون الاجتماعية لذوي الدخل المحدود وهي البطاقة البيضاء، بمجانية كاملة والبطاقة الصفراء للتعريفة المنخفضة في قطاع الصحة العمومي.
وأضاف أن التغطية الاجتماعية في تونس تم تقييمها في أكثر من مناسبة، وحملت ايجابيات كما كان لها الكثير من سلبيات. فبداية يوجد نحو المليوني تونسي دون تغطية اجتماعية إضافة إلى أن حاملي البطاقات والمنضوون تحت منظومات "الكنام" لا يتمتعون بنفس الخدمات ولا الإمكانيات للعلاج في المؤسسات الصحية.
كما أن مصاريف العائلات في مجال الصحة، نسبتها تعتبر عالية، ففي آخر تقييم من قبل وزارة الصحة في 2014، في ما يعرف بحسابات الصحة، كانت في حدود الـ38% وحسب آخر بحث قام به معهد الإحصاء في علاقة باستهلاك العائلات في 2021، أفادت المعطيات أن نسبة المصاريف المباشرة للعائلات في مجال الصحة ارتفعت ووصلت الى 45% (من المهم الإشارة الى سنة 2021 هو سنة كوفيد 19). لكن في كل الأحوال هناك زيادة في مصاريف الصحة بالنسبة للتونسيين.
ويقول الدكتور منصف بلحاج يحي، أن التونسي بصدد صرف مبالغ كبيرة مقابل تحصيله للخدمات الصحية، وهو ما يعني أن التغطية الاجتماعية في مجال الصحة ليست في المستوى المطلوب ولا تفي بالحاجة.
وهذا يتأكد أكثر إذا ما استندنا إلى مقاييس منظمة الصحة العالمية التي تقول أن في منظومة صحة متكاملة لا يجب أن تتجاوز المصاريف الجملية للمواطنين على الصحة فيها الـ 20% من المصاريف الجملية للصحة. هذا دون أن ننسى انه عندما تتجاوز مصاريف العائلة في مجال الصحة الـ 10% من دخلها تدخل في منطقة المصاريف الكارثية للصحة. والتونسيون يواجهون تصاعدا سريعا في مصاريف الصحة وحسب آخر أرقام رسمية تعود إلى سنة 2016 وتم إعدادها من قبل المعهد الوطني للصحة، هناك بين الـ 9 و10% من التونسيين تتجاوز مصاريف الصحة لديهم الـ 25% من دخلهم أي أنهم في منطقة مضاعفة للمصاريف الكارثية للحصة. ومن الأهداف المرسومة التقليص من هذه النسبة إلى حدود الـ 3%.
وطبقا للتشخيص المذكور كشف منصف بلحاج يحي أن خطوة التوجه نحو توحيد منظومة العلاج لكافة المواطنين، تعد خطوة ايجابية، وتم الدعوة لها من قبل الجمعية كما كان أحد أبرز مخرجات الحوار الوطني حول الصحة، أين تمت الدعوى إلى تركيز سياسة وطنية للصحة لا يواجه خلالها المواطن أي صعوبات في الولوج إلى خدمات الصحة ويتم خلالها توحيد التغطية الاجتماعية في ميدان الصحة، مع جعل طبيب العائلة نقطة ارتكازها الأساسية.
ويوضح عضو جمعية الدفاع على قطاع الصحة، أن طالب الخدمة الصحية ينخرط في المنظومة الصحية عبر طبيب العائلة، الذي يتكفل به ويكون أول من يستقبله ويقوم إما بعلاجه أو بتوجيهه إلى التخصص الذي يحتاجه سواء إلى المستشفيات العمومية أو الخاصة أو في الفحص التكميلي.. وفي ما يهم القطاعات للمواطن حرية اختيار التوجه إلى طبيب عائلة في القطاع العام أو في القطاع الخاص. ويشدد على أن كل مواطن سيكون له معرف وحيد، ويختار مدخل المنظومة الصحية التي يتمتع فيها بتغطية اجتماعية، وهو طبيب العائلة.
وينبه بلحاج يحي، إلى أن توحيد المنظومة العلاجية لكل التونسيين يقتضي ضرورة توحيد قائمة الأدوية بالنسبة للقطاع العام والقطاع الخاص وتحديد الخدمات الصحية الأساسية التي يجب أن يتمتع بها كل مواطن سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص. كما أن صندوق التامين على المرض مطالب بضبط آلية تواصل موحد مع جميع أطباء العائلة المتواجدين في القطاع العام والخاص على حد السواء، وحتى المصاريف التي يمكن أن يتحملها المواطن تكون في شكل مساهمات بسيطة.
وفي علاقة بكلفة تغيير المنظومة الحالية والمرور إلى توحيد منظومة العلاج لكافة المواطنين، أفاد منصف بلحاج يحي انه على عكس ما يقال هذه الخطوة ستمكن من ترشيد المصاريف الموجهة إلى تغطية منظومات علاج التونسيين والتونسيات بالإضافة إلى ما ستقدمه من عدالة صحية واجتماعية وتقليص واضح للمصاريف التي يتحملها التونسي في علاجه. وبين انه بالنسبة للفئة التي تنتفع بعلاج طبقا للبطاقات الصفراء والبيضاء فانه من المنتظر أن يتم دعم منظومة علاجهم عبر صندوق الصحة العمومية الذي تم إنشاؤه سنة 2014، وتجاوزت على الأغلب موارده الـ 100 مليون دينار وكان هدفه المعلن تمويل الأشخاص ذوي الدخل المحدود. وعبر الاتفاقيات التي ستتم بين الصندوق الوطني للتأمين على المرض ومسدي الخدمات في القطاع العام والقطاع الخاص يتم التكفل بكل التونسيين والتونسيات بنفس المنظومة العلاجية مع أهمية توفير وضمان ليونة في المرور بين القطاع العام والقطاع الخاص.