تونس- الصباح
تؤدي اليوم رئيسة الحكومة الايطالية جوجيا ميلوني زيارة رسمية إلى تونس مرفوقة بوزير داخليتها ماتيو بيانتيدوسي، وذلك من أجل التباحث في تطورات موضوع مكافحة الهجرة غير النظامية، ومستجدات متصلة بالملف، مثل الإجراءات الجديدة التي اعتمدها مؤخرا الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة واللجوء، ومن بينها الاتفاق مع دول المنشأ والعبور على إنشاء مراكز متقدمة لفرز وترحيل للمهاجرين غير النظاميين.. وهو الأمر الذي رفضته تونس بشدة في عدة مناسبات..
وتعد زيارة ميلوني إلى تونس الثالثة من نوعها منذ تقلدها منصب رئاسة الحكومة الايطالية في سبتمبر سنة 2022.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد استبق زيارة ميلوني بتأكيد هذا الرفض من خلال تصريحين لافتين، فقد شدّد خلال اجتماع مجلس الأمن القومي أول أمس على أن تونس "لن تكون ضحية لمن دبّروا ولن تكون مقرّا للمهاجرين من جنوب الصحراء.. ولن تكون لا معبرا ولا مستقرا"، كما شدّد خلال لقائه قبل أيام وزير الخارجية نبيل عمّار على رفض أن تكون تونس ''معبرا ولا مستقرا'' للمهاجرين غير النظاميين.
وتزامنا مع زيارة ميلوني لتونس، من المقرر أن ينظم المجتمع المدني اليوم وقفة احتجاجية أمام مقر سفارة ايطاليا بتونس، دعا إليها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، سيشارك فيها نشطاء بالمجتمع المدني ومنظمات حقوقية، إلى جانب بعض ممثلي الأحزاب المعارضة على غرار حزب العمال..
وكان المنتدى قد دعا الأحد الماضي منظمات المجتمع المدني إلى المشاركة في التحرّك الاحتجاجي الذي يأتي ''تنديدا بما يتعرّض له المهاجرون التونسيون في إيطاليا من حجز ومعاملات غير إنسانية وموت مستراب في مراكز الاحتجاز، وللمطالبة بإيقاف عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين التونسيين من إيطاليا والكف عن الضغط على تونس لتتحوّل إلى شرطي يحرس السواحل الإيطالية''، حسب نص البيان.
كما نبّه المنتدى في بيان آخر صدر عنه أمس إلى أنّ ميلوني لا تنظر إلى تونس إلاّ كـ"نقطة حدودية متقدمة تستوجب تعزيز القبضة الأمنية لإيقاف عمليات الوصول إلى إيطاليا مهما كانت الكلفة الإنسانية، وتحتاجها اليوم كورقة انتخابية في إيطاليا وأوروبا لتسويق نجاح نموذج التعاون مع تونس لإيقاف الهجرة".
وعبّر المنتدى عن رفضه "جعل سياسات وقوانين وممارسات الأمر الواقع ضدّ المهاجرين في إيطاليا وتونس نموذجًا يحتذى"، وطالب بسياسات بديلة وحلول مستدامة تحمي حقوق المهاجرين..
وجدّد دعوته إلى "وقف مسارات التعاون غير العادل في قضايا الهجرة" والتي جعلت "حقوق وكرامة مواطنينا في إيطاليا وحقوق وكرامة المهاجرين في تونس في مزاد الدعم المالي والسياسي وفي المزاد الانتخابي".
كما اعتبر المنتدى أنّ قادة أوروبا الحاليين وخاصّة رئيسة الحكومة الإيطالية، لن يكونوا شركاء موثوقين و"هم ينتصرون للمقاربات العنصرية وللإبادة الجماعية في البرّ كما في البحر"، وفق نصّ البيان.
يذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، قال لدى إشرافه أول أمس على اجتماع مجلس الأمن القومي، "إن تونس فعلت ما يمكن أن تفعله بناء على القيم الإنسانية ما يتعلق بتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية وبناء على أن هؤلاء ضحايا"، وشدد رئيس الدولة، على أن تونس " لن تكون ضحية لمن دبروا لأن تكون مقرا للمهاجرين من جنوب الصحراء وأنها لن تكون لا معبرا ولا مستقرا''.
وأشار إلى "أن من دبروا أن تكون تونس مقرا لتوطين المهاجرين منذ 2017 وتقاضوا لقاء ذلك الملايين من العملة الصعبة مازالوا يتآمرون من الخارج على أمن البلاد"، داعيا المنظمات الناشطة في مجال الهجرة إلى عدم الاكتفاء بإصدار بيانات غير بريئة ومد يد المساعدة لحل هذه المسألة..
تجدر الإشارة إلى أن البرلمان الأوروبي صوّت الأسبوع الماضي لصالح عشرة نصوص تشكل "ميثاق الهجرة واللجوء" وذلك خلال جلسة عامة في بروكسل..
ويتعلق التصويت بمجموعة نصوص تشكل "ميثاق الهجرة واللجوء" الذي قدّمته المفوضية الأوروبية في سبتمبر 2020، لإعادة صياغة اللوائح الأوروبية، بعد سنوات من الانقسامات والتوترات بين الدول السبعة والعشرين.
وإلى جانب هذا الإصلاح الذي سيتم تطبيقه في عام 2026، سيعمل الاتحاد الأوروبي على زيادة الاتفاقيات مع بلدان المنشأ والعبور للمهاجرين (تونس وموريتانيا ومصر) في محاولة لتقليل عدد الوافدين إلى حدوده.
الملفت للانتباه أن الاتفاق ينص على ترحيل الأشخاص بسرعة أكبر في المستقبل إلى بلدانهم الأصلية أو بلدان العبور إذا كانت ضمن قائمة الدول الآمنة.
ولتحقيق هذه الغاية، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إبرام المزيد من الاتفاقيات مع دول ثالثة حتى تتمكن من استعادة المهاجرين المرفوضين..
وتربط تونس وإيطاليا عديد اتفاقيات التعاون والمتعلقة بمكافحة الهجرة غير النظامية، وآخرها اتفاقية موقعة بتاريخ 4 مارس 2024، تتعلق بـ"التصرف في تدفقات الهجرة" بين البلدين، وتهدف إلى فتح أبواب الهجرة الآمنة والنظامية والمنظمة والحد من تفشي ظاهرة الهجرة غير النظامية وضمان حقوق المهاجرين في عمل لائق وأجر عادل..
ووقعت تونس مع الاتحاد الأوربي مذكرة تفاهم بتاريخ 17 جويلية 2023 حول الشراكة الشاملة، لعبت ايطاليا دورا كبيرا في تحقيقها على اعتبار أنها تضم محورا لمكافحة الهجرة غير النظامية إلى جانب مجالات تعاون أخرى تجارية واقتصادية، مقابل حزمة من المساعدات المالية..
رفيق بن عبد الله